مصر ما بعد الانتخابات... احباط شعبي وعواقب غير معروفة

 

شبكة النبأ: في الإعادة إفادة، هذا ما كان يتأمله المصريون من الانتخابات الأخيرة التي اعتبرت إعادة او تصحيح للانتخابات الماضية التي سجلت العديد من عمليات الغش والتزوير في الأصوات.

ولكن هذا لأقول لم يفلح أيضا حيث سجلت في (الإعادة) ومن قبل الجمعيات المراقبة الدولية العالمية للانتخابات والعديد من المراقبين الدوليين، بالإضافة الى ان هناك الكثير من الاتهامات والنزاعات على الأصوات وصلت الى استخدام القوة للحصول عليها، بالإضافة الى ان هنالك كتل وجهات فقدت مناصبها التي كانت تظن انها ستحصل عليها مدعية ان ذلك بسب التزوير، وهذا ما دفع المحللين السياسيين من التخوف من عواقب هذه الأحداث كونها ستؤثر على نظام الحكم المنتخب والذي سيظهر بعد الانتخابات لأنه سيقوم بأخذ الثار من باقي الأحزاب والمنافسين والذي بدوره سيخلق ساحة حربا بين صد ورد يذهب ضحيتها الشارع المصري.

المنافسة على الحكم

فقد وقف مؤيدو مرشحين متنافسين في هدوء يتبادلون النكات خارج لجنة انتخاب في دلتا النيل. فلم تكن هناك منافسة في اللجنة. فكل من المرشحين ينتمي للحزب الوطني الديمقراطي الحاكم الذي يرأسه الرئيس حسني مبارك.

وبعد أسبوع من جولة أولى قال مراقبون انها اتسمت بالعنف والتجاوزات مضت الإعادة بقليل من الدراما وضمنت نصرا ساحقا للحزب الحاكم. وانسحبت من جولة الإعادة جماعتان سياسيتان في سخط.

وفي محاولة لمنع مرشحين من جماعة الإخوان المسلمين من الفوز في الجولة الاولى عن طريق تفتيت الأصوات دفع الحزب الوطني بأكثر من مرشح للمقعد الواحد في كثير من الدوائر. ولذلك فان المنافسة في تلك الدوائر دارت بين مرشحين عن الحزب الحاكم.

وقال عماد فايق الذي كان يقف أمام لجنة انتخابية في مدينة طنطا يمكن للناخبين أن يختاروا فيها مرشح الحزب الوطني الذي يؤيده أو المرشح الاخر عن الحزب "نحن اخوة.. كل منهما ينتمي للحزب الوطني. مرحبا بأي أحد يريد الدخول والاقتراع لأي منهما."

لكن محللين قالوا ان البرلمان الذي يخلو من المعارضة والناتج عن هذه الانتخابات سيجد صعوبة في كسب المصداقية برغم إصرار الحكومة على أن الانتخابات كانت حرة ونزيهة. وقال شادي حامد من مركز بروكينجز الدوحة "سيكون لديهم مجلس شعب جديد منتخب ليس له شرعية بسبب الانتهاكات والتقليص للمعارضة."

وانسحبت من الانتخابات جماعة الإخوان المسلمين التي تشغل نحو خمس مقاعد البرلمان الحالي وكذلك حزب الوفد ثاني أكبر جماعة معارضة في البلاد. وقال حامد "في عدم وجود أحد اخر لمناوئته قد يجد أعضاء مجلس الشعب من الحزب الوطني أنفسهم مضطرين لمناوئة بعضهم بعضا وهو أمر مرجح الحدوث حول انقسام داخلي بشأن من سيخلف رئيسهم المتقدم في السن."

وأجريت لمبارك (82 عاما) الذي يحكم مصر منذ عام 1981 عملية جراحية لاستئصال الحويصلة المرارية في ألمانيا في مارس اذار لكنه سرعان ما عاد الى نشاطه الكامل. ولم يقل مبارك انه سيرشح نفسه لفترة رئاسة سادسة يمكن أن تجعله يحكم مصر لمدة 36 عاما متصلة. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وقال المسؤول في الحزب الوطني محمد كمال في مؤتمر صحفي أذيع على التلفزيون انه أمر غير دقيق أن الحزب الوطني الديمقراطي ينافس نفسه في هذه الجولة.

وأضاف أن غرف عمليات الحزب رصدت عددا من المستقلين ومرشحي حزب الوفد يخوضون جولة الإعادة. لكن النقص في عدد المرشحين المعارضين لم يمنع مرشحي الحزب الوطني من تبادل الاتهامات بالتزوير بحسب محللين يقولون ان كل طرف حريص على كسب النفوذ والهيبة في دائرته الانتخابية.

وقال أحمد سيف وهو مرشح عن الحزب الوطني في مدينة شبين الكوم ان منافسه سامر التلاوي وهو عضو أيضا في الحزب الوطني لكن لم يدرج في قائمة المرشحين الرسمية قدم رشى نقدية للناخبين واستأجر "بلطجية" محاولا إمالة العملية الانتخابية لمصلحته. لكن أحمد ابن عم التلاوي أنكر الاتهامات. وقال ان المرشحين تربطهما صلة قربى واذا فاز سيف "سأكون أول من يهنئه."

ويقول محللون ان الحزب الوطني قدم مرشحين متعددين للمقعد الواحد تجنبا لانقسامات بين القبائل والعشائر التي ينتمي لها مرشحون. وقال عمرو حمزاوي من مركز كارنيجي الشرق الاوسط في بيروت "كعضو في البرلمان يمكنك خدمة مصالحك ولديك حصانة وفرص ترقي مختلفة وهذا هو ما يغذي المنافسة بين مرشحي الحزب الوطني."

وقال مراقبون مستقلون ان تجاوزات واسعة وقعت في الجولة الاولى لكن اللجنة العليا للانتخابات قالت ان الانتخابات حرة ونزيهة وان هناك تجاوزات يجري التحقيق بشأنها لكنها لا ترقى الى وصم العملية الانتخابية بالبطلان. وظهرت في الجولة الثانية تجاوزات مماثلة لما ظهر في الجولة الاولى من حشو صناديق وتخويف للناخبين بحسب مراقبين.

وقالت الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية ان قوات الامن تدخلت لمصلحة مرشحين مستقلين. وقالت الجمعية انها نشرت مئات المراقبين في مختلف الدوائر. وقال مسؤول في حزب الجيل ان مرشحا مستقلا في محافظة الغربية انضم للحزب من أجل الفوز بمقعد بعد صفقة مع الحزب الوطني. وقال المسؤول رمضان أبو حامد ان الحزب الوطني يريد تمثيلا في مجلس الشعب لخمسة أو ستة أحزاب صغيرة. ونفى الحزب الوطني وحزب الجيل وجود صفقة.

الحيل القانونية 

بينما اثارت الانتخابات التشريعية المصرية الكثير من الجدل بشأن لجوء جهات حكومية مختلفة الى الحيل والمماطلة لتعطيل احكام القضاء الإداري وايضا بشأن نظام الانتخاب الفردي المعتمد في مصر.

فقد تواترت الاعتراضات التي تقدمت بها جهات ادارية اهمها وزارة الداخلية واللجنة الانتخابية امام محاكم مدنية لوقف تنفيذ احكام صادرة من القضاء الاداري لصالح مرشحين. وقال مجدي عبد الحميد رئيس الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية "هناك مئات الاستشكالات من وزارة الداخلية واللجنة الانتخابية معظمها بشأن الرفض او المماطلة في قبول ترشيحات وتغيير صفة ناخب ومنح توكيلات لمندوبي مرشحين".

واضاف القاضي احمد مكي نائب رئيس محكمة النقض "هناك معلومات متواترة ومنشورة في الصحف عن مئات الاحكام الصادرة عن محاكم القضاء الاداري وهي احكام واجبة التنفيذ غير انه يتم اللجوء الى خدعة ممجوجة ومعروف انها غير قانونية، لتعطيلها من خلال استشكالات امام المحاكم المدنية".

واوضح القاضي وهو وجه معروف من وجوه حركة استقلال القضاء في مصر ان "الاستشكال في القانون يوقف تنفيذ الاحكام المدنية المتعلقة بقضايا المال والاراضي مثلا لحين البت في الاستشكال، لكن ذلك ليس صحيحا بالنسبة لأحكام القضاء الاداري التي لا يمكن وقف تنفيذها من خلال استشكال امام المحاكم المدنية". واكد "يجب في حال الاستشكال ان يتم ذلك امام محاكم القضاء الاداري".

ولاحظ مما حصل في الانتخابات "ان البعض يستشكل امام محكمة مدنية على حكم صادر من محكمة ادارية بغرض وقف تنفيذ الحكم ثم بعد فترة تنظر المحكمة المدنية في الامر وتبت بعدم الاختصاص فيعاد الامر للقضاء الاداري، وفي الاثناء يحصل ما يحصل" اي يتكرس امر واقع انتخابي يصعب تغييره.

واشتكى العديد من مرشحي احزاب المعارضة مثلا من منع مندوبيهم من دخول اللجان الانتخابية رغم ان بحوزتهم احكاما لصالحهم صادرة عن محاكم القضاء الاداري. وكان الرد في اغلب الاحيان على احتجاجاتهم ان هذه الاحكام تم الاعتراض عليها ويجب الانتظار لحين البت في الاعتراض.

وواكبت الدور الاول من الانتخابات التشريعية المصرية انتقادات واتهامات عديدة للسلطات بارتكاب العديد من "التجاوزات" غير ان السلطات المصرية اكدت انه رغم وجود بعض "الاخلالات" فان ذلك لم يؤثر على نتيجة الاقتراع الذي حقق فيه الحزب الحاكم فوزا كاسحا.  من جهة اخرى وجهت انتقادات لنظام الانتخاب الفردي المعتمد في الانتخابات التشريعية المصرية باعتباره يؤدي الى سيطرة "نواب الخدمات واصحاب الاموال" على البرلمان. بحسب وكالة انباء فرانس برس.

وفي هذا السياق رأى نبيل زكي في مقال له في صحيفة "الوفد" المعارضة انه "لا مجال لإجراء انتخابات لمجلس تشريعي رقابي يضم نواب الامة مع استمرار نظام الانتخابات الفردي الذي يؤدي الى افراز نظام نواب خدمات بدلا من نظام نواب الامة".

وكتب انه في ظل استمرار هذا النظام الانتخابي "يسهل على مرشحي +الحزب+ الحاكم الاستعانة بعلاقاتهم بالدولة لتقديم وعود تدور حول هذه الخدمات  ويختفي الحديث عن السياسة ولا يعرف الناخب مدى قدرة النائب على التشريع والرقابة على الحكومة ولا توجد ادنى فرصة لمنافسة بين البرامج" المختلفة.

واضاف "في ظل نظام الانتخاب الفردي تبرز العصبيات وينشط دور العائلات وتلعب الاعتبارات الجهوية دورها في نتائج الانتخابات ويقوم المال بدور حاسم في نجاح المرشح بحيث تزداد فرص رجال الاعمال واصحاب الملايين والمليارات في دخول البرلمان واصدار التشريعات التي تحمي مصالحهم  وتتلاشى فرص اي حزب سياسي فقير لا يملك الملايين للانفاق الانتخابي".

بيد ان القاضي احمد مكي اكد ان "نظام القائمة هو نظام لا يستقيم الا في المجتمعات الديمقراطية، لأنه يستدعي حرية تكوين الاحزاب والجماعات والقوائم بحيث يستطيع اي حزب او جماعة او مجموعة اشخاص تشكيل قوائم لخوض المنافسة الانتخابية".

ولاحظ ان "قانون الاحزاب في مصر ينص على موافقة السلطات على الحزب او الجماعة او القائمة لتكون قانونية" مشيرا مثلا "الى ان هناك أحزاب تحت التأسيس منذ 20 عاما في مصر في انتظار موافقة السلطات على وجودها القانوني".

وصدر قانون الأحزاب المصري عام 1977 وأجريت اول انتخابات على اساس حزبي سنة 1979 ثم تم اقرار نظام الانتخاب بالقائمة الحزبية والتمثيل النسبي سنة 1983. وفي 1986 صدر قانون بتعديل نظام الانتخاب على اساس الجمع بين نظام القوائم الحزبية والنظام الفردي قبل ان يعلن في 1990 فشل التجربة والعودة للنظام الفردي.

عنف واتهامات بالتزوير

من جانبهم قال شهود عيان ان أعمال عنف وقعت في جولة الاعادة لانتخابات مجلس الشعب المصري في وقت أثيرت فيه اتهامات بعمليات تزوير لمصلحة مرشحين بعضهم معارضون.

وأجريت الاعادة دون مشاركة جماعة الاخوان المسلمين وحزب الوفد اللذين أعلنا مقاطعتها بعد الجولة الاولى التي قالا انها زورت بينما قالت الحكومة ان مخالفات محدودة وقعت بها لا ترقي لوصم الانتخابات بالبطلان.

وضمن الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم بجولة الإعادة التي خاضها مرشحون متنافسون منه غالبا أغلبية ساحقة في مجلس الشعب الجديد المكون من 518 مقعدا بالمقارنة بالمجلس الحالي المكون من 454 مقعدا.

وزاد المجلس الجديد 64 مقعدا خصصت للنساء لكن تلك الحصة لم تحجب حق النساء في المنافسة على باقي مقاعد المجلس. وقال شاهد ان مشاجرة وقعت أمام لجنة مدرسة سلمانة بدائرة بئر العبد في محافظة شمال سيناء أصيب فيها ضابط الشرطة أشرف حمدي محمد (23 عاما) وأربعة مواطنين اخرين.

وقال الشاهد ان الخمسة نقلوا الى مستشفى بئر العبد للعلاج. ونشب المشاجرات أمام اللجان في أحيان كثيرة بقصد ارهاب ناخبين ومنعهم من الوصول الى صناديق الاقتراع بحسب قول مراقبين من منظمات حقوقية. وقال منصور عبد الفتاح (22 عاما) في القاهرة "أنا مقاطع الانتخابات طبعا لأنها خدعة وهزلية وهذا واضح لأي أحد متابع الانتخابات."

وأضاف عبد الفتاح وهو من أنصار جماعة الاخوان المسلمين انه لن يعود في هذه الجولة الى موطنه الانتخابي مدينة المنصورة ليدلي بصوته. وتابع "أحيي قرار الاخوان بالمقاطعة وأيضا أحيي حزب الوفد." وقال عبد الله هيكل الذي يعمل في خدمة الاسعاف وهو في منتصف الاربعينات من العمر في مدينة المنصورة عاصمة محافظة الدقهلية بدلتا النيل "أنا لن أنتخب. أنا في طريقي الى العمل. الانتخابات ليست شغلي الشاغل لكنه العمل." ويعزو المحللون العزوف الى ضعف النزاهة في عمليات الاقتراع والفرز واعلان النتائج.

وقال شاهد أمام لجنة بقرية الدوير بمحافظة أسيوط إن شجارا نشب بين أنصار مرشحين ينتميان للحزب الوطني الديمقراطي الحاكم وان الشرطة ألقت القبض على ستة من الجانبين منهم أربعة لحقت بهم اصابات خلال الشجار. وأضاف أن أنصار أحد المرشحين اتهم أنصار المرشح الاخر بحشو صناديق الاقتراع في اللجنة لمصلحة مرشحهم مما حدا بهم لمحاولة اقتحام اللجنة.

وفي دائرة أجا بمحافظة الدقهلية أعلن مرشح الحزب الوطني انسحابه من الانتخابات احتجاجا على ما قال انه تزوير واسع في لجان اقتراع لمصلحة مرشح حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي المعارض رأفت سيف.

وقالت غادة عبد الحافظ الصحفية في جريدة المصري اليوم المستقلة في اتصال هاتفي "يظهر أن الحكومة تواجه أزمة معارضين في البرلمان." وأضافت "اذا كانت عمليات التزوير لمصلحة مرشح التجمع وقعت فعلا تكون هناك رغبة في وجود عدد من المعارضين في مجلس الشعب."

خسائر وانسحاب

فيما لم تحقق جماعة الاخوان المسلمين أي مكسب في الجولة الاولى وتخلت عن فرص الفوز بمقاعد في الجولة الثانية بانسحابها. وكان 27 من مرشحيها مؤهلين للاعادة. وفي انتخابات مجلس الشعب عام 2005 شغلت الجماعة 88 مقعدا في المجلس مثلت نحو خمس المقاعد وبرزت كأقوى قوة معارضة في البلاد منذ نحو نصف قرن.

ويخوض مرشحو الجماعة الانتخابات العامة مستقلين تفاديا لحظر مفروض عليها منذ عام 1954 بعد محاولة نسبت اليها لاغتيال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر. ولم ينجح الا مرشحان من حزب الوفد في الجولة الاولى من بين نحو 175 مرشحا وطالب الحزب شاغلي المقعدين بالتخلي عنهما والا فصلهما من عضويته.

وقال شهود في دائرة نبروه بمحافظة الدقهلية ان هناك حشوا للصناديق لمصلحة المرشح القيادي في حزب الوفد فؤاد بدراوي الذي قال أنصار له انه يخوض الانتخابات مستقلا. ويخوض ثمانية مرشحين عن حزب الوفد مؤهلين للإعادة من بين تسعة جولة الإعادة لكن بصفة مستقلين. بحسب وكالة الانباء البريطانية.

وقال معتز صلاح الدين المتحدث باسم رئيس حزب الوفد ان الحزب سيفصل من عضويته كل من يخوض انتخابات الاعادة من أعضائه. وفي الجولة الأولى لم يفز سوى 12 من خارج الحزب الوطني أغلبهم مستقلون. وحصل الحزب الوطني على 209 مقاعد.

وفي قرية أبو جلال بنفس المحافظة قال شهود عيان ان أهالي قرية حطموا 17 صندوق اقتراع ومزقوا بطاقات الانتخاب احتجاجا على ما قالوا انه حشو الصناديق لمصلحة مرشح عن الحزب الوطني ينافس مرشحا اخر عن الحزب. وجرى التنافس على 283 مقعدا في جولة الإعادة من بين 508 مقاعد يتم شغلها بالانتخاب في مجلس الشعب ويعين رئيس الدولة عشرة أعضاء. واكتسح الحزب الوطني الجولة الاولى.

وتنافس مرشحون عن الحزب الوطني في العديد من الدوائر فيما كان أسلوبا اتبعه الحزب لتفتيت الأصوات في الجولة الأولى وتفويت فرصة الفوز خلالها على جماعة الإخوان المسلمين كما قال مسؤولون في الحزب.

وقال محللون ان الدفع بالعديد من المرشحين لمقعد واحد من الحزب الوطني استهدف الحيلولة دون انشقاق أبناء قبائل وعشائر ينتمي اليها مرشحون على الحزب وقيامهم بدعم مرشحين مستقلين أو اخوان.

وقال عمرو حمزاوي من مركز كارنيجي للشرق الاوسط في بيروت "المصالح والمنافع الشخصية هي الدوافع الرئيسية وراء الانضمام للحزب الوطني. هناك دائما تنافس بين مرشحين من الحزب يصل الى حد استعمال العنف."

تهميش الإسلاميين ينطوي على تهديد لمصر

في حين اضحت جماعة الاخوان المسلمين رسميا على هامش الحياة السياسية في مصر بعد انتخابات وصفتها الجماعة بأنها مزورة في خطوة ربما تعطي ذخيرة لمتطرفين يقولون انه لا يمكن إقامة دول إسلامية دون اللجوء للقوة.

وسحق منتقدي الحكومة الاسلاميين في مجلس الشعب يغلق متنفسا اخر يعبر من خلاله المصريون عن مشاعر الاحباط تجاه احتكار الحزب الحاكم للسلطة وارتفاع الاسعار الذي يرهق عددا كبيرا من مواطني البلد البالغ تعداده 79 مليون نسمة.

وقالت المحللة سارة حسن في اي.اتش.اس جلوبال انسايت "سياسة الحكومة الحالية خطيرة جدا وربما تأتي بنتيجة عكسية." وأضافت "ان جيلا اصغر اكثر تشددا من الاسلاميين متحالفا مع الجناح المتشدد للجماعة ربما يشكك في هذه الاستراتيجية (نبذ العنف من جانب الاخوان)."

وقال محمد بديع المرشد العام لجماعة الاخوان المسلمين ان استبعاد الجماعة بآرائها المعتدلة يهدد بظهور حركات اسلامية عنيفة.

ورغم ان الجماعة محظورة قانونا في اطار حظر على تشكيل احزاب دينية الا انها تمكنت من الالتفاف حول القيود المفروضة عليها من خلال العمل الاجتماعي والتقدم بمرشحين مستقلين في الانتخابات البرلمانية في ظل هدف معلن هو العمل سلميا من اجل تأسيس دولة اسلامية ديمقراطية.

وفي الوقت الذي سحقت فيه جماعة الاخوان المسلمين قد لا يفوز ثاني أكبر حزب معارض وهو حزب الوفد الليبرالي بنفس عدد المقاعد التي كان يحتلها في البرلمان المنتهية ولايته وعددها 12 مقعدا. وفازت الاحزاب الاخرى مجتمعة بحفنة من المقاعد. بحسب وكالة الانباء البريطانية.

وقال باراك سينر من معهد رويال يونايتد سيرفسيز في لندن "لا ينبغي اعتبار تقليص تمثيل الاخوان المسلمين والوفد في البرلمان تعزيزا للسلطة ولكنه رد فعل لاستياء متنام كامن تحت السطح." وقال محللون ان حجم الهزيمة فضح قلق السلطات قبل سباق الرئاسة في عام 2011 . وقال شادي حامد بمركز بروكينجز الدوحة "هذا يشير الى ان النظام قلق بشان الانتقال المنتظر للسلطة ولا يرغب بالمخاطرة والسماح بأي هامش خطأ."

المجهول المختار

ويجعل الدستور من المستحيل على اي شخص ان يخوض الانتخابات دون دعم من الحزب الحاكم وهو ما يعني ان اي زعيم جديد سيتم اختياره خلف الابواب المغلقة من جانب شخصيات بارزة في المؤسسة الحاكمة وليس عن طريق صناديق الاقتراع.

وتجاهل مستثمرون الى حد كبير عدم اليقين بشأن القيادة المستقبلية حتى الان في ظل اغراء النمو الاقتصادي القوي واصلاحات تصب في صالح قطاع الاعمال. وقال جابرييل ستيرن الاقتصادي في اكسوتيكس للسمسرة "نعموا بالاستقرار السياسي لآلاف السنين لن يدعوه يفلت الان."

وتشير مصادمات بين المسلمين والاقلية المسيحية تتضافر مع التوترات بسبب تضخم اسعار الغذاء بلغت نسبته 22 في المئة حاليا الى توازن اجتماعي هش في بلد تقول الامم المتحدة ان خمس مواطنيه يعيشون على اقل من دولار في اليوم. وقالت سارة حسن "المخاوف باقية... الاقتراع غير الشرعي سيكون بمثابة عامل يسرع مزيدا من العنف فيما تضاف التوترات الطائفية وتنامي الفقر ومشاعر التهميش لمزيج فتاك متنام بالفعل."

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 9/كانون الأول/2010 - 2/محرم/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م