ما الفرق بين حيدر العراقي ومنتصر التونسي؟

زاهر الزبيدي

حيدر ومنتصر طفلان عربيان أحدهما في مشرق الوطن والآخر في مغربه.. وما يميزهما عن بقية أطفال العالم هو كونهما مختطفان.. فمنتصر أختطف في تونس العاصمة عندما انتزعه خاطفيه الثلاثة من يدي والدته في الشارع، أما حيدر فهو مفقود منذ فترة ولا أعرف عنه شيئاً سوى صورته البسيطة المعلقة على الكتل الكونكريتية عند الحاجز الأمني القريب من محل سكني وكل يوم تقع عيني بعينه وأدعوا الله أن يكون عاد لحضن أمه لينعم بالدفيء بعدما بدأت درجات الحرارة بالانخفاض والعام الدراسي يسير بشكل سريع وها نحن نقترب من منتصفه..

وحيدر لم تثار حوله ضجة كبيرة مثلما تلك التي أثيرت عن منتصر فقد بدأت حملات على المواقع الإلكترونية تناشد وتطالب وتجمعات شعبية على موقع الفيس بوك والفضائيات ولقاءات كثيرة جداً وتأسيس مواقع لمعرفة أخبار منتصر، وفضائيات تصبّر وتحث أهله على الصبر وتدعوا الله بعودة الابن لوالدته المنكوبة مثل ما نكبت أم حيدر في بغداد..

 مشاعر متشابهة ولكنها ليست متساوية فأم حيدر نكبتها أكبر ومصيبتها أعظم لكوننا في العراق نفاوض المختطفين ونسلمهم الفدية لنعثر على أطفالنا مرميين مع النفايات قتلى بلا رحمة ولا شفقة أو حتى قد نعثر عليهم مدفونين في حدائق الجيران !!.

وحيدر فتى في مقتبل العمر، خمس سنوات أو ست، يرتدي بدلة سوداء وربطة عنق صورته توحي إليك ببعض عظم مصيبة اهله به.. معلقة تلك الصورة ومعها الأمل وحولها الحزن يلف المكان والصحف تطالعنا كل يوم بالقبض على المختطفين والعثور على جثث من خطفوا قبل فترات طويلة، وحيدر لا توجد عليه ضجة إعلامية أو مواقع الفيس بوك أو حتى طرحت اسمه الفضائيات.. مجرد صورة بالأبيض والأسود وكل ما أشار إليه الإعلان هو فقدانه !!

أبشع الجرائم تلك التي تتم باختطاف أطفال في سبيل إستخدامهم كوسيلة ضغط مثلى للحصول على الفدية من أهليهم ولكون الأطفال هم نقطة ضعف مهمة لدى العراقيون فاختطافهم يكون بدافع الحصول على أكبر فدية ممكنة ناهيك عن عدم مقدرتهم، الأطفال، على المقاومة وإمكانية ارعابهم والسيطرة عليهم بسهولة أو حتى تخبئتهم في أصغر الأماكن وحتى أن دفنهم لايحتاج لمساحة كبيرة، مربع صغير يؤوي أجساداً طاهرة عزيزة على أفئدتنا ولما لا وهي فلذاته.

نوجه دعوة صارمة بتبني موضوع اختطاف الأطفال من قبل مؤسسة أمنية إجتماعية تبحث في الموضوع وتنسق مع خبراء الشؤون الداخلية لوضع الخطط الكفيلة بمنع هذه الهجمة البربرية على فلذات الأكباد وأتباع الأساليب الحديثة في الكشف عن الخاطفين وطرق المراقبة التي نسمع كثيراً عنها في تعقبهم والنيل منهم قبل أن ينالوا من براعمنا الفتية.

أسأل الله أن يكون حيدر ومنتصر قد عادا الآن لأهلهم بعد غيبة في دهاليز الاختطاف والحرمان والخوف المطبقة على قلوبهم الصغيرة.

[email protected]

 

 

 

 

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 8/كانون الأول/2010 - 2/محرم/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م