ليبيا... ديكتاتورية ميؤوس منها

احمد عقيل الجشعمي

 

شبكة النبأ: ظهرت دلائل عديدة وإثباتات قوية على ان الحكم في ليبيا لا يعتمد على نظام الحكم المتكون من نواب ومناصب وقيادات ووزارات او على قوانين او دستور ولكن على رجل واحد فقط وهو الرئيس الليبي ألقذافي، حيث جاءت هذه الدلالات من قبل عدة مصادر صحفية وإعلامية بالإضافة الى مصادر سرية كشفت عن وثائق كانت مخفية لتحمي بعض الأسماء.

ولعل ما تقوم به القوات الأمنية الليبية من حملات اعتقال وسجن بعض الشخصيات السياسية التي تحاول إيصال صوتها المعرض للسياسية في البلد لكونها تعتمد على ألقذافي فقط، حيث انه الوحيد الذي لديه الحق في الموافقة على السجن والإفراج حسب رغباته بدون الرجوع الى قوانين او دستور، كما وصف بعض المحللين السياسيين ان الوضع ميئوس منه إذا استمر على هذا الحال بالإضافة الى ان محاولات ليبيا للدخول في شراكة مع الاتحاد الأوروبي خلال الفترة الأخيرة لن تنجح لكون الإصلاح الداخلي فيها لا يسمح بذلك لأنها (ليبيا) تحتاج الى أكثر من ذلك لضمان وجودها على المسرح الدولي.

هذا ويوجد هناك خلافات وتنافس على الحكم من قبل عدد من المقربين للرئيس ألقذافي ويؤدي هذا الى نشوب مشاكل وانقسامات في الأحزاب وفي الشارع الليبي بين رفض وقبول ويخلق نوعا من الزعزعة في النظام.

ألقذافي بصحبة 200فتاة

حيث ذكرت وسائل إعلام ايطالية أن الزعيم الليبي معمر ألقذافي الذي يزور روما لحضور قمة الأمم المتحدة للغذاء قضى عدة ساعات بصحبة 200 ايطالية وحاول إقناعهن باعتناق الدين الإسلامي.

وقال إعلان نشرته وكالة هوستس ويب ونقلته صحيفة كورييري ديل سيرا "مطلوب 500 فتاة جذابة تتراوح أعمارهن بين 18 و35. الطول 70 ر1 متر على الأقل يتمتعن بحسن المظهر مع الابتعاد عن ارتداء التنورات القصيرة والثياب مفتوحة الصدر."

وحضر نحو 200 امرأة في فيلا بروما بعد ان ابلغن بأنهن سيحصلن على 60 يورو (90 دولارا) و"بعض الهدايا الليبية". وكانت من بينهن صحفية تابعة لوكالة الأنباء الايطالية (انسا) التقطت صورا ووصفت وقائع الأمسية.

وتقول انسا ان غالبية المشاركات توقعن حضور حفل لكن بدلا من ذلك طلب منهن الانتظار في قاعة ضخمة حتى وصول ألقذافي الذي حاضرهن عن ليبيا ودور النساء في الإسلام. واستغرقت المحاضرة نحو ساعتين وتضمنت أسئلة وأجوبة عبر مترجم واختتمت بدعوة من ألقذافي "لدخول الإسلام" وحصلت كل امرأة على نسخة من القرآن الكريم وكتاب من أقوال ألقذافي. بحسب وكالة الانباء البريطانية.

وقالت إحدى المشاركات لانسا "كان أبعد ما يكون عن حفل لعلية القوم كما توقعنا.. لم يقدموا لنا ولا حتى كوب ماء." وقالت أخريات إنهن شعرن بالاهانة لما اعتبرنه جوانب مناهضة للمسيحية في خطبة ألقذافي. وقال السفير الليبي لانسا ان ألقذافي يخطط لأمسيات مماثلة خلال زيارته التي تستغرق ثلاثة أيام لحضور القمة.

الفيصل الوحيد

بينما أظهرت جولة جديدة من الصراع الداخلي على السلطة في ليبيا بين الإصلاحيين والمدافعين عن الوضع الراهن أن الزعيم معمر ألقذافي هو الذي سيحدد المسار الذي ستسلكه البلاد لكنه ليس مستعدا بعد لاتخاذ قرار.

وانتهى أحدث خلاف والذي دار بين نجل الزعيم الليبي سيف الإسلام المؤيد للإصلاح والمؤسسة المحافظة القوية في الحكومة دون ان يتضح الطرف الفائز بل أصبح هناك مجرد جمود وتشوش إزاء مستقبل البلاد.

وبدأ الخلاف عقب شن مجموعة إعلامية مرتبطة بسيف الإسلام هجوما ضاريا على الحكومة. وردا على ذلك فيما يبدو تم احتجاز 20 صحفيا يعملون لدى المجموعة وتم تعليق صدور إحدى صحفها.

وانتهى هذا النزاع بتدخل من القذافي زعيم البلاد منذ أكثر من 40 عاما حين أمر بالافراج عن الصحفيين. وقال عاشور الشامس وهو كاتب ليبي ورئيس تحرير صحيفة أخبار ليبيا على الانترنت ان القذافي يحاول أن ينصب نفسه حكما. وأضاف أنه يعتقد أنه يستمتع أيضا بهذا الصراع.

وخلال السنوات الست الماضية تحولت ليبيا من دولة منبوذة على الساحة الدولية ذات اقتصاد راكد الى دولة تظهر بها المباني المكتبية والفنادق الجديدة كل شهر ويتدفق عليها المستثمرون الأجانب بحثا عن صفقات مربحة.

واستثمرت شركات بما في ذلك بي.بي واي.ان.اي في التنقيب عن النفط كما أن الشركات الهندسية تسعى الى مشاريع ضخمة للبنية الأساسية وتريد بنوك مثل اتش.اس.بي.سي وستاندرد تشارترد بدء عمليات هناك.

لكن الكثير من التغييرات سطحي. فمن الناحية النظرية ما زالت ليبيا ملتزمة بالمبادئ التي حددها ألقذافي في "الكتاب الأخضر" حيث تحكم البلاد اللجان الشعبية العامة طبقا لتوجهات اشتراكية.

غير انه من الناحية العملية فان صنع القرار في ليبيا التي بها أكبر احتياطي مؤكد للنفط في أفريقيا يتم من خلال شبكة متغيرة من التحالفات غير الرسمية والعلاقات الخاصة التي يقول البعض انها تؤدي الى تفشي سوء الإدارة والفساد.

على سبيل المثال في وسط طرابلس وعلى مقربة من فندق كورينثيا الذي تبلغ تكلفة الليلة فيه 350 دولارا تتناثر القمامة في الشوارع كما أن هناك منازل توشك على الانهيار. وقال محلل ليبي طلب عدم نشر اسمه "الفساد أثر على طبيعة حياة الناس العاديين لذلك أصبحوا يشكون أكثر الان... هذا أمر مخز... قبل 20 عاما كان حال الدولة أفضل."

ويحاول أنصار التغيير بزعامة سيف الإسلام أن يعينوا مسئولين من التكنوقراط تلقوا تعليما غربيا في المناصب الرسمية وهم يشنون حملة ضد الفساد ويريدون أن يوضح الدستور طريقة الحكم. ولدى معارضيه مجموعة مختلفة من الدوافع.. اذ يرغب البعض في التستر على الفساد.. بينما يمقت البعض تدخل أطراف خارجية. ويعتقد اخرون أنه سيتم التخلي عن مباديء الثورة أو يعتقدون أن الإصلاحات ستسبب اضطرابات في البلاد. بحسب وكالة الانباء البريطانية.

وكان الخلاف الذي ظهر في الفترة الاخيرة أحدث خلاف في سلسلة من الصراعات التي انخرط فيها سيف الاسلام. ولدى انتهاء الخلاف كان الطرفان متعادلان. اذ ان صحيفة أويا أبرز صحف مجموعة الغد الإعلامية عاودت الظهور في النسخة المطبوعة لكن تحت اسم جديد وتحت قيادة رئيس للتحرير نبذ مواجهات سلفه مع السلطات.

واستقال المسؤول التنفيذي لمجموعة الغد الاعلامية والذي كان شخصية معارضة سابقة أثار تعيينه في العام الماضي غضب المحافظين. ولم يعلن بعد عن مسؤول بديل. ومن ناحية أخرى كانت التوجيهات التي أصدرها القذافي للإفراج عن الصحفيين المحتجزين تمثل توبيخا للشخص الذي أمر باعتقالهم أيا كان. وفي الوقت ذاته ما زالت النسخة الالكترونية لصحيفة أويا بطبيعتها المتحدية تصدر وأشارت الى انها ستستمر على توجهاتها السابقة.

وقال الشامس ان سيف الاسلام لم يزد قوة لكن مشاريعه استمرت. لكن ما يتضح من هذه الواقعة برمتها هو أن ما من أحد في ليبيا لديه قاعدة نفوذ تضاهي القذافي. ويقول بعض من يعرفون الزعيم الليبي ان سيف الاسلام الذي لا يتولى أي منصب حكومي يفتقر الى الشخصية القيادية والحنكة السياسية المتوفرة لدى والده.

وقال المحلل الليبي "لم تفرز المؤسسة ولا من يطلق عليهم الاصطلاحيون معسكرا خاصا بهم." ومضى يقول "المعسكرات تحتاج لفكر وبرنامج ورؤية وأفكار يؤمنون بها...المعسكرات الموجودة هي معسكرات القذافي وهو ما زال موجودا هنا لدعمها."

وقال تشارلز جوردون وهو خبير بالشؤون الليبية في ميناس اسوشييتس للاستشارات المقيم في لندن ان القذافي "يحدثه عقله قائلا نحتاج للتحديث.. أجل.. نحتاج أن يكون لنا طابع غربي وسيف هو وسيلة تحقيق ذلك. "بينما يحدثه قلبه قائلا ما زلت ثوريا. أنا هنا منذ 40 عاما اذا كان سيف سيتخلى عن كل شيء حققته خلال السنوات الأربعين الماضية فلن يكون لي ارث."

حقوق الإنسان

من جانبها قالت منظمة العفو الدولية في تقرير ان إعادة اندماج ليبيا في المجتمع الدولي لم تترافق مع تسجيل خطوات كبيرة الى الأمام في مجال الحريات، معتبرة ان وضع حقوق الانسان في هذا البلد "لا يزال ميئوسا منه".

الا ان المنظمة التي تتخذ من لندن مقرا، أقرت بان "ليبيا اليوم لم تعد الدولة المنبوذة كما كانت قبل وقت قصير" وان "مناخ الخوف والقمع الذي كان سائدا في ليبيا منذ اكثر من ثلاثة عقود يتراجع تدريجيا".

ومنذ 2003، تحاول طرابلس التي اعتبرها المجتمع الدولي لفترة طويلة بمثابة دولة مارقة تدعم الارهاب، ان تقطع مع ماضيها العدائي مع الغرب. فقد عملت على تطبيع علاقاتها مع الولايات المتحدة في 2006، وتتفاوض منذ أشهر حول اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي. لكن "بطء الإصلاح الداخلي في ليبيا يتناقض بقوة مع تعزيز وجودها على المسرح الدولي"، بحسب منظمة العفو الدولية.

وتأسف المنظمة في تقريرها المؤلف من 134 صفحة لان "وضع حقوق الانسان في ليبيا لا يزال ميؤوسا منه"، موضحة ان "المسؤولين عن انتهاكات خطيرة لحقوق الانسان يبقون فوق القانون وينعمون من إفلات تام من العقاب".

ولفتت المنظمة ايضا الى انه اذا لم تظهر طرابلس "إرادة سياسية حقيقية لإصلاح قوانينها، السياسية والتطبيقية، ومواجهة الإرث الثقيل من انتهاكات حقوق الإنسان، فان هناك القليل من الأمل لإقامة وترسيخ ليبيا الغد القائمة على احترام (هذه) الحقوق وسيادة القانون". وبحسب التقرير الذي يحمل عنوان "ليبيا الغد، اي امل لحقوق الإنسان؟"، فان "انتهاكات حقوق الإنسان لا تزال معممة في ليبيا" و"القوانين القمعية تحظر اي شكل فكري مستقل".

من جهة اخرى، تشير منظمة العفو الدولية بإصبعها الى خدمات وكالة الأمن الداخلي (الاستخبارات) "التي يبدو انها تعمل بعيدا عن أي رقابة قضائية"، متهمة إياها بالتورط في انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان. بحسب وكالة فرانس برس.

وتدير وكالة الأمن الداخلي في ليبيا سجنين كبيرين في طرابلس وعين زارة. وبحسب منظمة العفو، فان هذه الهيئة تسيطر أيضا "على عدد من أماكن الاحتجاز المجهولة التي هي خارج اي سلطة قضائية". وتدعو منظمة العفو الدولية طرابلس الى وضع كل مراكز الاحتجاز تحت سيطرة وزارة العدل، وإلغاء القوانين التي تعتبر حرية التعبير والتجمع جريمة، وإجراء تحقيقات مستقلة حول حالات تعذيب وحالات "اختفاء قسري".

وتطلب المنظمة خصوصا من السلطات ان تكشف ملابسات المجزرة التي وقعت في 1996 في سجن ابو سليم وقتل خلالها 1200 سجين على الأقل بيد قوات الأمن، ومحاكمة المسئولين عنها. وتدعو منظمة العفو الدولية ليبيا أخيرا الى تعليق العمل رسميا بالإعدامات تمهيدا لإلغاء عقوبة الإعدام، والى "وقف ممارسات التعذيب الجسدي فورا بما في ذلك الجلد".

سجناء الرأي

في حين دعت منظمة هيومن رايتس ووتش التي تعنى بحقوق الإنسان، ليبيا إلى استكمال خطوتها الأخيرة بالإفراج عن 88 متهماً بالانتماء إلى تنظيمات إسلامية من خلال إطلاق سراح جميع السجناء السياسيين، ومن قالت إنهم "احتجزوا ظلماً في السجون الليبية."

وذكرت المنظمة أن المفرج عنها مؤخراً، وأغلبهم في السجن منذ أواسط العقد التاسع من القرن الماضي إثر إدانتهم بمحاولة الانقلاب على الزعيم الليبي معمر القذافي تعرضوا لـ"محاكمات مجحفة" وقد أطلقت طرابلس سراحهم بعد إعلان التنظيمات التي ينتمون إليها، وخاصة الجماعة الليبية المقاتلة نبذ العنف في أغسطس/ آب 2009.

واعتبرت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة، أن إطلاق سراح هؤلاء السجناء "خطوة إيجابية،" وأضافت: "والآن على الحكومة أن تمضي قدماً وتحرر جميع السجناء السياسيين، وهم أشخاص سُجنوا لمجرد إبداء آراء ينتقدون فيها الحكومة، ويجب أن تطلق معهم سراح جميع المحتجزين ظُلماً".

وعددت المنظمة مجموعة من السجناء الذين قالت إن السجون الليبية ما تزال "تحف بعشرات" منهم،" جرى وضعهم خلف القضبان بسبب تعبيرهم عن آرائهم السياسية ومنهم عبد الناسر الرباصي، وهو يُمضي عقوبة بالسجن لمدة 15 عاماً جراء كتابته رواية عن الفساد، إلى جانب 200 سجين قالت المنظمة إن وزارة العدل أقرت بأنهم أنهوا عقوباتهم لكنهم محتجزون بأوامر الأمر الداخلي. بحسب وكالة أنباء السي ان ان.

وكانت مؤسسة خيرية يديرها سيف الإسلام القذافي، نجل الزعيم الليبي معمر القذافي، قد أعلنت أن السلطات في طرابلس أفرجت عن 88 من عناصر التنظيمات الإسلامية في البلاد، بينهم 45 من أعضاء "الجماعة الليبية المقاتلة" التي كان الرجل الثاني في تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري، قد أعلن انضمامها لتنظيمه.

وجاء في بيان نشرته "جمعية حقوق الإنسان بمؤسسة القذافي العالمية" أن 43 من المفرج عنهم ينتمون إلى "جماعات جهادية مختلفة،" كما أبدت المؤسسة "ارتياحها" لما أطلقته الجماعة الليبية المقاتلة من "دراسات تصحيحية حول مفاهيم الجهاد والحسبة والحكم على الناس."

العيش في خوف دائم

كما قالت منظمة العفو الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان ان ليبيا تتقاعس عن حماية حقوق المهاجرين اليها من الدول الإفريقية الواقعة جنوبي الصحراء وان قرارها طرد وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة من المرجح أن يفاقم محنتهم.

وفي تقرير يتناول بالتفصيل سجل ليبيا بشأن حقوق الإنسان قالت العفو الدولية ان المهاجرين لا تقدم إليهم أي حماية من الاستغلال والانتهاكات وان الكثيرين منهم يحبسون في مراكز احتجاز أو يرسلون الى دولهم دون النظر في طلباتهم للجوء.

وترفض السلطات الليبية الانتقادات لمعاملتها للمهاجرين قائلة ان أوروبا تضع على عاتقها عبئا غير عادل يتمثل في المسؤولية عن منع أعداد ضخمة من المهاجرين غير الشرعيين من العبور الى الاتحاد الأوروبي. وقال تقرير العفو الدولية إن "السلطات أخفقت في التقيد بالتزاماتها الدولية."

وكثيرا ما تدخلت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة بالإنابة عن المهاجرين في ليبيا لكن الحكومة الليبية قالت ان على المفوضية أن تغادر البلاد لان وجودها لا تنظمه اتفاقية مع الامم المتحدة. وقالت العفو الدولية في ديباجة التقرير ان هذه "خطوة من المرجح ان يكون لها اثر خطير على اللاجئين وطالبي اللجوء." ويأتي كثير من الأفارقة من الدول الواقعة جنوبي الصحراء الى ليبيا على أمل استخدامها كمعبر للوصول الى أوروبا.

وتناول التقرير الذي يقع في 133 صفحة بالتفصيل ايضا ما قال انها انتهاكات أخرى لحقوق الإنسان في ليبيا التي خضعت على مدى عقود لعقوبات دولية الى أن قرر زعيمها معمر ألقذافي التصالح المغرب. بحسب وكالة الانباء البريطانية.

وقالت العفو الدولية ان النشطاء السياسيين يواجهون التحرش والاعتقال وان مئات من السجناء يبقون في السجن بعد انتهاء فترات محكوميتهم وان عقوبة الإعدام تستخدم على نطاق واسع وان الإصلاح السياسي تعطل.

لكن التقرير أقر بحدوث بعض التحسينات. وقال "مناخ الخوف والقمع الذي ساد في ليبيا لأكثر من ثلاثة عقود ينحسر تدريجيا." وفي مارس آذار أطلقت ليبيا سراح مئات من المتشددين الإسلاميين السابقين من السجن. وأعلنت السلطات مؤخرا عن السماح لحوالي 300 سجين من النيجر بالعودة الى بلدهم.

مفهوم المجتمع المدني لا ينطبق على المجتمع الليبي

من جانبه اعتبر الزعيم الليبي معمر القذافي ان مفهوم المجتمع المدني لا ينطبق على المجتمع الليبي حيث يجري إعداد تشريع في القانون الجنائي لا يعاقب تأسيس منظمات أهلية غير حكومية يرعاه نجله سيف الإسلام، رئيس مؤسسة ألقذافي للتنمية.

وقال القذافي في كلمة امام مؤتمر الشعب العام (البرلمان) "نحن أعضاء في المؤتمرات الشعبية ونمارس السلطة في المؤتمرات الشعبية، لذا فإن هذه الثقافة البرجوازية والتقليد للغرب ما تمشي عندنا".

وأضاف في كلمته التي نقلها التلفزيون الحكومي ان منظمات المجتمع المدني تقليد للغرب الذي "عنده مجتمع رسمي حكومي وعنده مجتمع مدني فعلا .. مؤسسات المجتمع المدني التي هي ليست حكومية أما حين تكون أنت في مجتمع كله مدني وتقول مؤسسات المجتمع المدني، إذن أين هو الذي هو ليس مدنيا".

وأسس القذافي في 1977 الجماهيرية التي تقوم على المؤتمرات الشعبية ويجمعها مؤتمر الشعب العام المنعقد في طرابلس، وهو نظريا أعلى سلطة تشريعية في البلاد حيث يتخذ القرارات ويقر القوانين ويعين الأمناء الشعبيين أي الـوزراء. بحسب وكالة انباء فرانس برس.

وقال القذافي ان منظمات المجتمع المدني والنقابات أنشئت "للمحتاجين لمن يدافع عنهم، للغلابة.. هل المحامي محتاج من يدافع عنه". لكنه شجع في الوقت نفسه إنشاء جمعيات خيرية لمساعدة المحتاجين مثل اليتامى والمطلقات او مرضى السكري.

وتعمل لجنة قانونية حكومية على وضع مشروع قانون لا يعاقب وبالتالي يجيز تشكيل جمعيات مستقلة غير سياسية. ويعاقب القانون الليبي الحالي بالإعدام لكل من يؤيد او يؤسس او ينضم او يمول منظمة يحظرها القانون. ويحظر القانون الليبي الجمعيات التي يتم تأسيسها خارج إطار مؤسسات الثورة الليبية وأهدافها. وتتبع الجمعيات والنقابات المهنية القائمة للحكومة.

صديق للقذافي يرأس مؤتمر الشعب العام

فيما أصبح صديق مقرب من الزعيم الليبي معمر القذافي ساعد في إخراج ليبيا من العزلة الدبلوماسية رئيسا لأكبر هيئة تشريعية في البلاد.

وجاء محمد أبو القاسم الزوي الذي كان اول سفير ليبي لدى بريطانيا بعد ان استأنف البلدان العلاقات الدبلوماسية في عام 1999 محل مبارك عبد الله الشامخ في منصب أمين مؤتمر الشعب العام بعد إجراء انتخابات.

ويسمي مؤتمر الشعب العام أسماء أعضاء الحكومة وهو أعلى هيئة استشارية في نظام اللجان الشعبية الذي يحظر قيام الأحزاب السياسية. وتقوم الأمانة التي تم خفض عدد الأعضاء فيها الى سبعة من 12 عضوا لتسهيل عملية اتخاذ القرار بتنسيق جدول أعمال مؤتمر الشعب العام والمناقشات.

ويقول خبراء الشؤون الليبية انه من الناحية العملية لا يمكن تمرير قرارات مؤتمر الشعب العام بدون موافقة الزعيم. وكان الزوي زميل دراسة للقذافي وانضم اليه في الإطاحة بالملك إدريس في عام 1969 . بحسب وكالة الانباء البريطانية.

وفي عام 2001 أصبح أول سفير لليبيا لدى بريطانيا في 17 عاما وعمل عن كثب مع سيف الإسلام ابن القذافي لإقناع الحكومتين البريطانية والأمريكية بأن ليبيا تريد التخلص من برنامج الأسلحة المحظورة وإنهاء عزلتها. وداخل ليبيا ينظر الى الزوي على انه تكنوقراط ومعتدل نسبيا. وقال دبلوماسي غربي سابق طلب عدم الكشف عن اسمه "ينظر إليه على انه عملي. وله شهرة طيبة ونفوذ كبير وخلفية كبيرة في العمل الوزاري."

ويقول مراقبون ليبيون ان القذافي يفضل إبقاء رؤيته بشأن البلاد غامضة وإنهم يراقبون التعيينات في المناصب الكبيرة عن كثب بحثا عن معلومات عن الاتجاه الذي ستسير فيه الحكومة.

ماذا لو مات المقرحي في السجن؟

من جانب آخر، قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند إن الأعمال والمصالح البريطانية الأخرى كانت ستضار لو ان عبد الباسط المقرحي المدان في حادث لوكربي توفي في سجنه باسكتلندا بدلا من السماح له بالعودة الى ليبيا.

وأفرجت السلطات الاسكتلندية في أغسطس اب لأسباب إنسانية عن المقرحي وهو ليبي أدين في تفجير طائرة ركاب عام 1988 في حادث قتل فيه 270 شخصا. وأثار قرار الإفراج عن المقرحي المصاب بسرطان البروستاتا والسماح له بالعودة الى ليبيا غضب الحكومة الأمريكية وأقارب 189 أمريكيا قتلوا عندما انفجرت الطائرة التابعة لشركة بان أمريكان في رحلتها رقم 103 فوق لوكربي باسكتلندا.

وتنفي حكومة رئيس الوزراء جوردون براون أنها مارست ضغوطا على الحكومة الاسكتلندية التي تتمتع بالولاية على شؤونها القضائية للإفراج عن المقرحي للمساعدة في تحسين العلاقات التجارية مع ليبيا.

وقال ميليباند متحدثا أمام مجلس العموم البريطاني (البرلمان) عن قضية المقرحي ان الإفراج عن المقرحي او استمرار سجنه كان قرارا يخص السلطات الاسكتلندية الا ان الحكومة البريطانية كان عليها مسؤولية دراسة العواقب. بحسب وكالة الانباء البريطانية.

وقال "أجرينا تقييما مفاده انه رغم ان القرار لم يكن يخص الحكومة البريطانية الا ان المصالح البريطانية -- بما فيها مصالح البريطانيين والأعمال البريطانية وربما التعاون الأمني -- كانت ستضار ربما بدرجة كبيرة لو ان المقرحي مات في سجن اسكتلندي وليس في ليبيا." وأضاف "في ضوء مخاطر رد فعل ليبي غير موات أوضحنا لهم انه من ناحية القانون والعرف فان القرار لا يخص الحكومة البريطانية وانه من ناحية السياسة فإننا لا نسعى لموت المقرحي رهن الاحتجاز في اسكتلندا."

وتمسك ميليباند بتأكيدات الحكومة السابقة بأنها لم تبرم أي اتفاق مقابل الإفراج عن المقرحي.

وللشركات البريطانية نشاط كبير في التنقيب عن النفط في ليبيا منذ رفع عقوبات الأمم المتحدة في عام 2003. وندد براون بالترحيب الحار بالمقرحي لدى عودته الى طرابلس لكنه لم يذكر ان كان يوافق على قرار الإفراج عنه.

الإسلاميون يؤيدون

كما أكد علي الصلابي الشخصية المقربة من التيار الإسلامي الليبي ان قادة الجماعات الإسلامية وعلماء ومشايخ ليبيا يؤيدون مشروع الإصلاح الذي يقوده سيف الإسلام نجل الزعيم معمر ألقذافي ويدعون الى تضافر الجهود الوطنية لتمكينه من تحقيقه.

وجاء في بيان نقلا عن علي الصلابي الذي قاد الحوار مع الجماعات الإسلامية المقاتلة، "ان قادة الإخوان المسلمين في داخل ليبيا وقيادات الجماعات الليبية المقاتلة وعلماء ومشايخ ليبيين يدعمون المشروع الإصلاحي الذي يقوده سيف الإسلام من أجل بناء دولة القانون والمؤسسات".

وأضاف الصلابي "إن قادة الإخوان أبلغوه بأنهم ممتنون لجهود سيف الإسلام، التي بذلها لطي ملفهم، بدءا من إخراجهم من المعتقلات رغم الأحكام العالية التي تراوحت بين الإعدام والسجن المؤبد في حق أغلبهم، وانتهاء بجهوده في إرجاعهم للجامعات ووظائفهم وتعويضهم"

وبحسب الصلابي، فان قادة الجماعة الإسلامية المقاتلة الموجودة حاليا بالسجن دعوا سيف الإسلام الى "استكمال جهوده حتى يتم الإفراج عنهم وينالوا حريتهم، ويتمكنوا من المساهمة والمشاركة في بناء ليبيا الغد".

وشدد الصلابي، الذي يقيم في قطر، على ان "الإصلاح لا يمكن أن يقوم به فرد واحد، وسيف الإسلام لا يملك عصا سحرية، ولا بد من تضافر كل الجهود الوطنية من حوله، بلا إقصاء". وأطلقت ليبيا مطلع تشرين الاول/اكتوبر سراح 88 إسلاميا ينتمون لتنظيم القاعدة او مقربين منه، من بينهم 45 أعضـاء في الجماعة الإسـلامية المقاتلة. بحسـب وكالة انباء فرانس برس.

ورشحت القيادات الاجتماعية الشعبية التي تضم وجهاء القبائل والمناطق الذين يعدون نظريا أصحاب أعلى سلطة تنفيذية في ليبيا، سيف الاسلام القذافي "منسقا عاما" لها ليتولى رئاستها. وجاء ترشيح سيف الإسلام لهذا المنصب الذي يعادل منصب رئيس للدولة يتمتع بصلاحيات تمكنه من الإشراف على البرلمان والحكومة، بعدما طالب والده بإيجاد منصب رسمي له لتنفيذ برنامجه الإصلاحي الذي يقوده منذ سبع سنوات، الا انه تعثر لأنه لا يشغل أي منصب رسمي يتيح له المضي بهذا البرنامج. ويفترض ان يصادق مؤتمر الشعب العام (البرلمان) على تعيين سيف الإسلام في هذا المنصب.

الصراع على السلطة

الى ذلك، حدث صدام بين الإصلاحيين بقيادة نجل الزعيم الليبي معمر القذافي سيف الإسلام المؤيد للإصلاح والمؤسسة المحافظة القوية مما أدى الى احتجاز 20 صحفيا لفترة قصيرة ومنع صدور صحيفة.

فيما يلي الأحداث الرئيسية التي وقعت هذا العام حتى الآن في هذا الصراع على السلطة القائم بين سيف الإسلام ومن يعارضون محاولاته الإصلاحية.

يناير 2010 - قالت صحيفتا أويا وقورينا وهما جزء من مجموعة الغد الإعلامية التي أسسها سيف الإسلام ألقذافي إنهما أجبرتا على الامتناع عن الصدور تحت ضغط من مسئولين غير راضين عن طبيعة تغطيتهما الصحفية. ونفى مسئولون أنهم حجبوا الصحيفتين. وكانت الصحيفتان تسعيان لزيادة حرية الصحافة في ليبيا من خلال نشر مقالات تنتقد الحكومة. ولم تتأثر النسخة الالكترونية لكل منهما.

يوليو - عاد صدور الصحيفتان. وقال رئيس تحرير أويا ان الصحيفتين عادتا بعد تسوية مشكلات مالية وتلقيهما دعما من أوساط رسمية.

سبتمبر - خلال زيارة لمعرض اكسبو الدولي في مدينة شنغهاي الصينية شن سيف الاسلام هجوما على الجناح الليبي. وقال للصحفيين "مشاركة ليبيا في معرض شنغهاي الدولي أضعف وأسوأ مشاركة" منتقدا الحكومة التي لم تهتم حتى ولو بإرسال موظف صغير لحضور يوم ليبيا. وقال ان هذا يظهر أنه لا توجد دولة في ليبيا.

4 نوفمبر - وقف صدور النسخة المطبوعة من صحيفة أويا مرة أخرى. ونقلت وسائل اعلام محلية عن مكتب رئيس الوزراء البغدادي علي المحمودي قوله انه هو الذي أمر بتعليق الصحيفة لكنه لم يذكر سببا لهذا القرار. وجاء القرار عقب نشر أويا مقالا يدعو الى شن هجوم أخير على الحكومة التي قال انها لم تتمكن من معالجة الفساد.

وقالت وسائل اعلام جزائرية ان سيف الاسلام وصل الى الجزائر. وزار بلدات واقعة على الطرف الشمالي من الصحراء الكبرى ورافقه كبار المسئولين الجزائريين. وبقى في الجزائر حتى السابع من نوفمبر تشرين الثاني. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

7 نوفمبر - قالت وكالة ليبيا برس للأنباء وهي جزء أيضا من مجموعة الغد الإعلامية ان جهاز الامن الداخلي ألقى القبض على عشرة من صحفييها. ولم يرد تعقيب من المسئولين على هذه الاعتقالات.

8 نوفمبر - قالت وكالة ليبيا برس للأنباء في بيان ان عدد الصحفيين المحتجزين ارتفع الى 20 . ومن بين المحتجزين فوزي بالتمر نائب المدير العام لمجموعة الغد.

9 نوفمبر - أفرج عن الصحفيين المحتجزين بعد أن قالت وكالة الجماهيرية للانباء ان الزعيم معمر القذافي أصدر توجيهات بالإفراج عنهم وأمر بإجراء تحقيق.

10 نوفمبر - استقالة سليمان دوغة الشخصية المعارضة السابقة الذي تم تعيينه قبل عام لإدارة مجموعة الغد الإعلامية. وقال انه استقال لأنه لم يتمكن من مساعدة الصحفيين بالمجموعة لدى اعتقالهم.

11 نوفمبر - عاودت صحيفة أويا الصدور لكن تحت اسم جديد ورئيس جديد للتحرير. وقال مقال افتتاحي بالصحيفة ان الفريق السابق كانت لديه أوهام بشأن التعرض لغضوط رسمية. ولم تتأثر النسخة الالكترونية لصحيفة أويا بهذه التغييرات ونشرت كلمة جاء فيها ان لا علاقة لها بالصحيفة الجديدة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 8/كانون الأول/2010 - 2/محرم/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م