الحكومة الناجحة ونشر الثقافة السليمة

قبسات من أفكار المرجع الشيرازي

شبكة النبأ: هناك سلسلة من الاعمال والخطوات التي تلجأ إليها الحكومات من اجل النجاح في المهام الملقاة على عاتقها، فالنجاح السياسي يعتمد على القيادات المدربة، صاحبة الخبرات والمراس والحكمة في التعاطي مع صنع القرار، ولكن يصعب الوصول الى قيادات محنكة وناجحة في ظل محيط متخلف، بمعنى أن الامر يرتبط بطبيعة المجتمع، وثقافته ودرجة وعيه، وهذا بدوره يرتبط بالقدرات الاقتصادية وما شابه.

ولكن تبقى الثقافة الانسانية والوعي السليم، هما اللذان يقودان المجتمع الى النجاح في الميادين السياسية، والاقتصادية، والتعليمية، وغيرها من مجالات الحياة الاخرى، ولهذا تؤكد المبادئ والتعاليم الاسلامية على أهمية العلم والوعي والتثقيف الانساني المتواصل للفرد، لكي يكون محصنا ضد موطئ الزلل والكبوات والتراجع.

في هذا المجال، يقول سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله) في الكتاب الذي يحمل عنوان (من عبق المرجعية):

(يشجع الاسلام كل ما يؤدي لنشر الوعي، بين الناس، ويعمم الثقافة الانسانية، في الامة، ويحرم المفاسد والمغريات في هذه الوسائل). فالمهمة الاولى التي تقع على عاتق الحكومة، بعد توفير ما يسد الرمق، هو نشر الثقافة الانسانية بين الجميع، كونها الطريق الامثل لصنع القادة الناجحين في الميادين كافة، لهذا نرى في تجارب التأريخ، أن الامم والشعوب الاكثر ثقافة من غيرها، هي التي تنتج القادة السياسيين الأكثر نجاحا في خدمة أممهم وشعوبهم، وكذا الحال في الميادين الأخرى، فلا نجاح سياسي، او اقتصادي، او تعليمي او سواه، من دون حضور الثقافة الانسانية الرائدة والوعي السليم.

وهكذا تتوافر في الحكومة الاسلامة (كما أثبتت صفحات التأريخ الاسلامي في حلقاته المشرقة) على عوامل النجاح وأهمها إتاحة الاجواء الملائمة لحرأي الرأي والمشاركة في صنع القرار، وقد أكد سماحة المرجع الشيرازي في الكتاب نفسه حول هذا الجانب قائلا إن:

(الحكومة الاسلامية شعبية بالمعنى الصحيح للكلمة، فماذا يريد الناس غير المشاركة في الرأي، وغير الغنى، والعلم، والحرية، والامن، والصحة، والفضيلة، مما يوفرها الاسلام خير توفير؟).

 ومثل هذه الاجواء لابد أن تقود الى نجاحات كبيرة في عموم مفاصل الحياة، فالتأكيد الاسلامي على العلم والثقافة والوعي وضرورة نشره بين شرائح المجتمع، يقود الى صناعة الحرية وفروعها الاخرى، والى نشوء حالة التشارك بشكل عام، وهذا بدوره يجعل الحياة كما يقول سماحة المرجع الشيرازي في الكتاب نفسه:

)تزدهر بجميع ابعادها وجوانبها في ظل النظام الاسلامي العادل، فتُعمّر الديار، وتُبنى الدور، وتزرع الارض، وتتقدم الصناعة، وتتوسع التجارة، وتتراكم الثروة، ويستقر الناس في جوّ لا ظلم فيه ولا جور، ولا عنف ولا ارهاب، ولا قيود ولا اغلال، ولا سجن ولا تعذيب، ولا مشاكل ولا فقر، ولذا كان العمران والرقي والمحبة والثقة ابان تطبيق الاسلام امرا عاديا(.

ومع ذلك لايزال العالم ومنه الدول الاسلامية يعاني من الخلل الواضح في هذا الجانب، أي أننا يمكن أن نعثر على المتسولين في أغنى بلدان العالم، وهذا يعني أن ثمة خللا قائما في منظومة الوعي والثقافة الانسانية، إذ يتساءل سماحة المرجع الشيرازي بهذا الصدد:

(هل يوجد بلد في العالم يخلو من المتسولين؟ لو ذهبتم الى اغلى بلد في العالم لوجدتم فقراء ومتسولين).

وهذا دليل قاطع على اختلال التعامل الحكومي عالميا مع الثقافة الانسانية والوعي المطلوب، فالحكومات الناجحة كما سبق ذكره، هي التي تقوم على دعم الثقافة السليمة التي تقود بدورها الى النجاح في السياسة والاقتصاد في ظل الحضور التلقائي للفضيلة، ثم تحقيق السعادة المبتغاة، لذلك يؤكد سماحة المرجع الشيرازي على أن: (سعادة الدنيا والآخرة رهينة مثلث يشكل طرفاه الاقتصاد السليم والسياسة العادلة والطرف الثالث الفضيلة).

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 2/كانون الأول/2010 - 25/ذو الحجة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م