القاعدة ومصادر التمويل

 

شبكة النبأ: تقر معظم الاجهزة الاستخباراتية التابعة للدول الغربية انها عجزت عن الحاق هزيمة ساحة بتنظيم القاعدة، بالرغم من جهودها المضنية للحد من التهديدات الارهابية التي قد تستهدفها.

ويرى المتابعون لشؤون الجماعات الراديكالية المسلحة ان التمويل المستمر كان احد اهم الاسباب التي تقوض جهود مكافحة الارهاب في العديد من الدول العالم خصوصا افغانستان.

حيث لا تزال الاموال الكبيرة تتدفق على قيادات التنظيم، خصوصا من دول منطقة شبة الجزيرة العربية، والاضخم منها يأتي من السعودية تحديدا، بحسب تأكيدات التقارير الاستخبارية. عبر منظمات وجمعيات متطرفة تسهل جمع التبرعات واموال الزكاة وايصالها عبر طرق مختلفة لتنظيمات القاعدة.

الأموال السائلة

فقد أرسلت بنوك سعودية رسائل نصية في الفترة السابقة لملايين من مستخدمي الهواتف المحمولة لتحذرهم من قبول أموال في حساباتهم البنكية من مصادر مجهولة في حملة مكثفة للقضاء على تدفق الأموال على تنظيم القاعدة.

وتواجه الحملة التي تشنها السلطات السعودية على جمعيات متطرفة  يشتبه في تمويلها للقاعدة عقبة متغلغلة في منطقة الخليج هي استخدام التبرعات النقدية بشكل واسع النطاق مما يصعب من اقتفاء أثر الاموال التي تصل الى المتشددين.

وتمكنت السعودية من القضاء على خلايا القاعدة منذ أن شن التنظيم هجمات داخل المملكة خلال الفترة من 2003 الى 2006 . لكن محللين ودبلوماسيين غربيين يقولون ان اتخاذ اجراءات مشددة ضد تبرعات أفراد سعوديين أمر حيوي حتى تكون الحملة فعالة.

وقال الدكتور عبد الرحمن الهدلق مدير عام الادارة العامة للأمن الفكري بوزارة الداخلية في افادة هذا الصيف انهم أصبحوا مؤخرا يركزون بشكل متزايد على مسألة تدفق الاموال. وأضاف أنه في الماضي كان من الممكن وضع صندوق للتبرعات في أي مسجد لكن هذه العملية أصبحت غير ممكنة على الإطلاق في الوقت الراهن.

وتحت ضغوط غربية ضيقت الممكلة الخناق على الجمعيات الخيرية السعودية منذ هجمات 11 سبتمبر أيلول عام 2001 على الولايات المتحدة التي نفذها 19 شخصا منهم 15 سعوديا.

وتواجه الجمعيات الخيرية الان قواعد صارمة لكن التحذيرات التي وجهتها البنوك تذكر بأن المعركة لم تنته على الاطلاق.

نجاح محدود

وقال عاملون في البنوك مقيمون في السعودية ان المقرضين يريدون التأكد من أن المتبرعين الماليين المثيرين للريبة لن يستغلوا سلامة نية أصحاب الحسابات الذين يحتاجون الى الكشف عن هوياتهم لدى تحويل أموال في فروع البنوك.

وقال تيودور كاراسيك من معهد التحليل العسكري للشرق الأدنى والخليج في دبي "السعوديون حققوا النجاح مع الجمعيات الخيرية. حلوا المشكلة. لكن من الصعب السيطرة على الأفراد الأثرياء."

وأشادت واشنطن بالرياض لمساعدتها خلال الآونة الأخيرة على الكشف عن طردين ناسفين كانا مرسلين للولايات المتحدة واكتشفا في بريطانيا ودبي وأعلن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب المتمركز في اليمن مسؤوليته عنهما.

وأشار كاراسيك الى وجود مشكلة كبيرة متمثلة في ثقافة استخدام النقود. فالقاعدة لا تحتاج للكثير من الاموال لتدبير مؤامرات مثل الطردين الناسفين. كما أن هناك عمليات يمكن أن تقل تكلفتها عن 500 دولار.

وفي المملكة يفضل كثيرون الدفع نقدا للفنادق وإيجار السيارات أو حتى عمليات الشراء بمبالغ أكبر. وفي المطارات السعودية لن يثير أحد الريبة اذا اشترى تذكرة طائرة ذهاب فقط نقدا. أما بالنسبة لأنظمة الدفع عبر الانترنت فإنها غير متطورة بسبب القيود المفروضة على الاتصال بالانترنت كما أن استخدام بطاقات الائتمان ليس بالقدر المستخدم في الولايات المتحدة أو أوروبا. بحسب وكالة الانباء البريطانية.

ويقول دبلوماسيون ان من طرق المساعدة على رصد عمليات تحويل أموال مشتبه بها توسيع قدرات أجهزة إنفاذ القانون السعودية. وفي سبتمبر أيلول عام 2009 قال مكتب المحاسبة الحكومي الأمريكي إن المملكة أحرزت تقدما كبيرا في محاربة القاعدة لكن منع التبرعات الفردية واستخدام أفراد في نقل النقود ما زال يمثل تحديا.

وقال التقرير في تقييم للجهود الأمريكية السعودية في محاربة الإرهاب "بينما يشير مسؤولون أمريكيون وسعوديون إلى إحراز تقدم قالوا لنا ان أجهزة إنفاذ القانون السعودية... يمكن أن تستفيد من زيادة التدريب والمساعدة الفنية."

وبدافع القلق إزاء التسلل عبر الحدود التي يسهل اختراقها والممتدة 1500 كيلومتر بين السعودية واليمن عززت المملكة من جهود محاربة القاعدة منذ أن حاول متشدد اغتيال الأمير محمد بن نايف مساعد وزير الداخلية المسؤول عن مكافحة الارهاب في أغسطس اب عام 2009 .

وعلى الرغم من أن مصدر الطردين الملغومين كان اليمن فقد تركز الاهتمام على السعودية اذ يعتقد مسؤولون أمريكيون أن السعودي ابراهيم حسن عسيري مشتبه به رئيسي في هذه المؤامرة. ويعتقد أن عسيري يختبيء في اليمن وهو واحد بين الكثير من السعوديين الذين يقومون بدور حيوي في القاعدة التي أسسها أسامة بن لادن السعودي المولد.

وفي إطار حملة لتبديد مخاوف الغرب بخصوص تمويل متبرعين سعوديين للقاعدة ألقت السلطات السعودية في مارس آذار القبض على امرأة كان يشتبه في جمعها تبرعات لصالح القاعدة في البريدة الى الغرب من الرياض.

قلب القاعدة

من جانبه قال وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس ان "قلب" تنظيم القاعدة لا يزال عند منطقة الحدود الأفغانية الباكستانية رغم ان نفوذها يمتد الى شبه الجزيرة العربية وشمال أفريقيا.

وقال غيتس لصحافيين خلال زيارته الى ماليزيا ان زعماء القاعدة يواصلون التحرك خارج المنطقة الحدودية "فهم يقدمون المشورة ويحددون الأولويات ويمنحون الشرعية لفروع القاعدة التي تنشط في مناطق اخرى بما فيها شبه الجزيرة العربية وخصوصا اليمن وفي شمال افريقيا في المغرب" العربي. بحسب وكالة أنباء فرانس برس.

واضاف غيتس ان الولايات المتحدة يمكنها الاعتماد على حلفاء اقوياء لمكافحة تنظيم القاعدة من ضمنهم فرنسا وماليزيا البلد ذي الغالبية من المسلمين. وقال "لسنا نحارب وحدنا. لدينا بعض الدول وهم أصدقاء أوفياء يرون ان من مصلحتهم الشخصية مكافحة الإرهاب. ولذلك انا واثق بأنه ستتوفر لدينا السبل والقدرة على مواصلة هذه المعركة".

وتابع "عندما نعاين الوضع في المغرب (العربي) نرى ان فرنسا ملتزمة بشكل كبير وعندما نتحدث عن آسيا فإنها إحدى المناطق التي تتعاون فيها الولايات المتحدة مع ماليزيا. لسنا نخوض الحرب لوحدنا".

احتواء القاعدة لا هزيمتها

كما قال الجنرال ديفيد ريتشاردز رئيس الأركان البريطاني ان الغرب يخوض حربا ضد تنظيم القاعدة وان قواته تستطيع احتواء التطرف الإسلامي لكنها لا يمكن أن تحقق انتصارا عسكريا تقليديا في هذه الحرب.

وأشار ريتشاردز الى هدف بريطانيا بإنهاء دورها القتالي في أفغانستان بحلول عام 2014-2015 لكنه لم يحدد المدة التي ستحتاج قوات الأمن الأفغانية فيها لدعم قوات التحالف. وقال ريتشاردز لصحيفة صنداي تليجراف "أولا يجب أن تسأل.. هل نحن بحاجة الى هزيمته (تطرف الإسلاميين) بمعنى انتصار واضح.. سأجادل بأن هذا غير ضروري ولن يتحقق أبدا."

واستطرد قائلا "لكن هل نستطيع احتواءه الى حد أن نعيش حياتنا نحن وأبناءنا بأمان.. أعتقد أننا نستطيع. " تأتي تصريحات رئيس الاركان البريطاني ضمن مجموعة من التصريحات التي صدرت عن قادة عسكريين وساسة يمهدون الطريق لانسحاب قوات التحالف من أفغانستان على مدى السنوات القادمة على الرغم من أن متشددي طالبان ما زالوا يمثلون تهديدا للأمن هناك. بحسب وكالة الانباء البريطانية.

ويأمل الرئيس الامريكي باراك أوباما ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون البدء في سحب القوات العام القادم. وقال الجنرال الذي أصبح قائدا للقوات المسلحة البريطانية انه يجب تحقيق الاستقرار للمنطقة قبل إكمال أي انسحاب. وأضاف "لدينا رؤية واضحة بأن علينا دعم العملية بعد ذلك لضمان بقاء ما أنجزناه."

وعلى صعيد منفصل قال ريتشاردز انه سيساند الأمير هاري اذا أراد العودة الى الجبهة في أفغانستان لكنه أضاف ان على شقيقه الأكبر الأمير وليام وهو الثاني في ترتيب تولي العرش البريطاني أن يتجنب الصراع على الأرجح. وقال "أنصح... بأنه يجب الا يفعل في الوقت الحالي. انه غير مدرب على الذهاب الى هناك ..."

وأضاف "لكن بالنسبة للأمير هاري الذي قضى عشرة أسابيع في هلمند عام 2008 ويعرف عنه حرصه على العودة الى الجبهة فهذه مسألة أخرى." ويقاتل الجنود البريطانيون في أفغانستان منذ عام 2001 في إطار قوة تقودها الولايات المتحدة.

المقايضة

بينما كشفت صحيفة «ديلي تلغراف» ان زعيم القاعدة أسامة بن لادن عيّن قائداً جديداً للعمليات الدولية التي يشنها التنظيم ضد الغرب، كانت تحتجزه إيران قبل ان تقايضه بدبلوماسي اختطفه التنظيم في باكستان.

وقالت الصحيفة ان القائد الجديد المعروف لدى أجهزة الاستخبارات الغربية عبر اسمه الحركي (سيف العدل) «يُعتقد أنه المسئول عن موجة التهديدات الأخيرة التي أثارت ذعراً أمنيا في أوروبا، فضلاً عن مؤامرة لتفجير طرود بريدية مفخخة في الجو».

وأضافت نقلاً عن مصادر أمريكية وباكستانية ان سيف العدل «يقوم حالياً بإدارة عمليات مماثلة كجزء من حرب استنزاف تهدف الى إقناع الرأي العام الغربي بأن الحرب ضد الإرهاب لا يمكن الفوز بها، لتمهيد الطريق أمام تنظيم القاعدة للاستيلاء على السلطة في الدول الهشة مثل الصومال واليمن». بحسب وكالة انباء الشرق الاوسط.

ونسبت الصحيفة الى سيد سليم شاهزاد الخبير الباكستاني بشؤون تنظيم القاعدة قوله «ان إستراتيجية سيف العدل تقوم على شن عمليات إرهابية صغيرة متعددة باستخدام موارد الجماعات الحليفة والموالية للقاعدة حيثما كان ذلك ممكنا».

وأشارت الصحيفة الى ان سيف العدل، الذي يُعرف أيضاً باسمي محمد المكاوي وابراهيم مدني، وُلد في مصر وتردد بأنه خدم في قواتها الخاصة برتبة عقيد وأُلقي القبض عليه عام 1987 الى جانب العديد من الجهاديين.

في حين كشف مسؤول ألماني رفيع أن زعيم تنظيم القاعدة، أسامه بن لادن، راقب قصف القوات الدولية لملاذه الجبلي في منطقة "تورا بورا" بأفغانستان أثناء الغزو الأمريكي أواخر 2001، وأن للتحالف الدولي سبب وجيه للندم لإضاعة فرصة حقيقية لاعتقال زعيم تنظيم القاعدة الذي تجعل منه قدراته للقيادة والتخطيط أكثر خطورة في الوقت الراهن من أي وقت مضى، وفق تقديراته.

وقال أغسطس هانيغ، الذي رأس جهاز الاستخبارات الأجنبية الألماني إبان الغزو الأمريكي لأفغانستان: لقد شاهد القصف.. أعلم ذلك" دون الإدلاء بالمزيد من التفاصيل. وأوضح هانينغ أنه تلقي معلومات من جواسيسه عن تحركات بن لادن بعد هروبه من الجبال في ديسمبر/كانون الأول 2001، إلا أن تلك المعلومات لم تترجم إلى عمل استخباراتي ملموس يتيح للأجهزة الغربية التحرك ضد زعيم القاعدة.

وأضاف قائلاً: "حصلنا دائماً على معلومات عن مكانه، وكانت هذه المشكلة... لقد كان حاضراً هناك..  فهو لم يغادر المنطقة." ولفت إلى أن فرار بن لادن من "تورا بور" جعل من مهام مطاردته أكثر صعوبة، مضيفاً: " كانت هناك فرصة في أفغانستان.. قبيل تورا بورا وفي داخلها.. كانت هناك فرصة حقيقية لاقتناصه، وفي باكستان أصبح الأمر صعباً للغاية."

وذكر هانينغ أن قدرات بن لادن القيادية قد تجعل منه اليوم أكثر خطورة من السابق، مضيفاً: "رغم أنه ليس بناشط لكني أعتقد أنه يعرف الأساسيات.. هو يتخذ القرارات الإستراتيجية، وبالطبع هو رمز وشخصية مهمة." بحسب وكالة انباء السي ان ان.

وأيد المسؤول الذي عين كوزير دولية بوزارة الداخلية الاتحادية الألمانية في 2005، ويعد من أبرز مسؤولي مكافحة الإرهاب في ألمانيا، وتقاعد العام الماضي، تصريحات مسئول رفيع في حلف شمال الأطلسي "ناتو" عن اعتقاده أن زعيم تنظيم القاعدة على قيد الحياة ويقيم في باكستان.

ومضي: "هناك الكثير من المؤشرات عن تواجده في باكستان، ووفق تقديراتي فهو في منطقة القبائل بالقرب من مدينة "بيشاور" المجاورة للحدود مع أفغانستان." وفي سبتمبر/أيلول الماضي، قال مسؤول استخباراتي أوروبي سابق، أن أجهزة الاستخبارات الغربية توصلت إلى وضع صورة جديدة ومفصلة حول تحركات زعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، في السنوات اللاحقة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول عام 2001، واقتربت من القبض عليه أو قتله، وفقاً لما كشفه مسؤول استخباراتي أوروبي سابق.

وقال المسئول ألاستخباراتي الأوروبي، الذي رفض الكشف عن هويته، إنه في العامين 2003 و2004 قدم مخبر على الحدود الأفغانية الباكستانية، وعلى صلة مع كبار قادة تنظيم القاعدة، معلومات مفصلة ودقيقة حول تحركات بن لادن، غير أن هذه المعلومات لم تكن حديثة بما فيه الكفاية لأجهزة الاستخبارات الغربية بحيث تتمكن من اصطياد بن لادن.

ورغم أن بن لادن يعتبر المطلوب الأكبر والأشهر، إلا أن التقارير ذات المصداقية التي وصلت لأجهزة الاستخبارات الغربية، بشأنه تظل قليلة جداً، إلا أن الإجماع بشأنه هو أنه موجود حالياً في المناطق الجبلية الحدودية في باكستان.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 1/كانون الأول/2010 - 24/ذو الحجة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م