ويكيليكس يكشف خفايا حرب ايران المستترة

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: جاءت وثائق ويكيليكس هذه المرة لتسلط الضوء على طبيعة الصراع الايراني مع دول الجوار العربية والولايات المتحدة الامريكية ايضا، واكتنفت طيات التسريبات الاخيرة العديد من القضايا المستترة في طبيعة ذلك الصراع، حيث كشفت جوانب مهمة من الحروب الخفية التي تدور بين تلك الاطراف، فضلا عن مستوى التجسس القائم على الداخل الايراني من قبل واشنطن واسرائيل.

ولكن التساؤل الذي يطرح نفسه هل كانت التسريبات فعلا كما تعلن امريكا بغير رضاها ام ان ذلك شكل من اشكال الحرب القائمة مع طهران، فضلا عن التساؤل الاخر الذي لا يقل اهمية عن السابق كيف استطاع الموقع الحصول على مثل هذه التقارير الاستخباراتية ولماذا سمحت له وكالة السي آي اي في الاستمرار بإعلانها، وما الغرض من ذلك.

مرض خامنئي بالسرطان

فقد قالت صحيفة لوموند الفرنسية ان البرقيات الدبلوماسية الامريكية التي نشرها موقع ويكيليكس الالكتروني المتخصص في تسريب الاسرار تضمنت تصريحات لمصدر عام 2009 تحدث عن اصابة الزعيم الاعلى الايراني اية الله علي خامنئي بسرطان في مراحله النهائية.

وطبقا للبرقية المؤرخة في اغسطس اب عام 2009 علم المصدر وهو رجل اعمال غير ايراني يعمل في اسيا الوسطى ويسافر كثيرا الى طهران "من أحد معارفه ان (الرئيس الايراني السابق علي أكبر) رفسنجاني أبلغه ان الزعيم الاعلى علي خامنئي مصاب بسرطان الدم في مراحله الاخيرة ويمكن ان يموت خلال بضعة أشهر."

وجاء في البرقية التي كتبها دبلوماسي امريكي ان رفسنجاني وهو من منتقدي الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد والذي عبر عن تعاطفه مع الحركة الاصلاحية قرر حين علم بمرض خامنئي ان يبدأ اعداد نفسه ليكون خليفته. بحسب رويترز.

وخامنئي هو الزعيم الاعلى لايران منذ عام 1989 وله القول الفصل في الجمهورية الاسلامية التي تخوض مواجهة مع الغرب بشأن طبيعة انشطتها النووية.

والوثيقة التي نقلت عنها لوموند هي واحدة من نحو 250 ألف برقية دبلوماسية نشرها موقع ويكيليكس تكشف عن اراء ومعلومات سرية من جانب دبلوماسيين أمريكيين في الخارج كانت ستظل في الاحوال الطبيعية طي الكتمان لعشرات السنوات القادمة.

وقالت لوموند وهي من بين عدد من الصحف على مستوى العالم اطلعت بشكل مبكر على البرقيات المسربة ان الوثائق المتعلقة بايران تظهر ان الولايات المتحدة تعتمد على شبكة تراقب ايران في الشرق الاوسط لالقاء الضوء على دولة تعتبرها واشنطن لغزا.

العرب وايران

اخيرا، كشفت البرقيات الدبلوماسية الأمريكية التي حصل عليها موقع "ويكيليكس" "قلقاً" واسعاً بين قادة دول الخليج بشأن البرنامج النووي الإيراني، بينما حذر العاهل البحريني من أن "ترك إيران تمضي قدماً ببرنامجها النووي يشكل خطراً أكبر من وقفها."

وهذه البرقيات الأمريكية، التي صنف الكثير منها باعتبارها "سرية"، تشكل جزءاً من مئات الآلاف من البرقيات التي حصل عليها موقع ويكيليكس، ونشرتها صحف غربية الأحد، من بينها صحيفتا الغارديان البريطانية ونيويورك تايمز الأمريكية.

وكان موقع "ويكيلكس" قد أفاد الأحد، بأنه يتعرض لعملية قرصنة إلكترونية، ما دفع مسؤولي الموقع إلى استخدام صفحته على موقع "تويتر" للتواصل الاجتماعي، للإعلان عن الهجوم الذي يتعرض له الموقع، قبل وقت قصير من الموعد المحدد لنشر المزيد من الوثائق المسربة.

وتعكس العديد من البرقيات "قلقاً واسعاً" بين زعماء وقادة الدول العربية من أطماع إيران الإقليمية.

فقد وصفت إحدى البرقيات لقاء للعاهل السعودي، الملك عبدالله بن عبدالعزيز، مع مستشار البيت الأبيض لمكافحة الإرهاب، جون برينان ومسؤولين آخرين في مارس/آذار عام 2009، وجاء في البرقية أن العاهل السعودي أبلغ المسؤولين الأمريكيين أنه قال لوزير الخارجية الإيراني، منوشهر متقي: "أنتم كفرس ليس من شأنكم التدخل في الشؤون العربية." واقتبس عن الملك عبدالله قوله لبرينان: "هدف إيران هو إثارة المشاكل."

كذلك انتقد العاهل السعودي رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، ونقل عنه قوله للأمريكيين الزائرين: "أنا لا أثق بهذا الرجل.. إنه عميل إيراني."

وتابعت البرقية تقول إن العاهل السعودي قال للرئيس الأمريكي السابق، جورج بوش، ونائبه ديك تشيني: "كيف يمكنني أن أقابل رجلاً لا أثق به؟"

ورحب العاهل السعودي بانتخاب باراك أوباماً رئيساً للولايات المتحدة، وقال "الحمد لله على انتخاب أوباما رئيساً"، ونقل عنه قوله أن انتخابه خلق "أمل كبيراً" في العالم الإسلامي.

وبحسب برقية أخرى، قال الملك البحريني، حمد بن خليفة للقائد العسكري الأمريكي، ديفيد بيتريوس إن إيران هي "مصدر الكثير من الاضطرابات في العراق وأفغانستان."

وأرسل البرقية السفير الأمريكي لدى البحرين في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2009، وفيها أيضاً أن ملك البحرين يجادل بقوة بشأن ضرورة "التصرف لوقف البرنامج النووي الإيراني بأي وسيلة ممكنة، إذ سيتبعها (إيران) دول أخرى، وستنتهي معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية."

وكانت هناك ملاحظات في هذا الخصوص من مصر أيضاً، ففي برقية أرسلت في فبراير/شباط عام 2009، قال السفير الأمريكي في القاهرة "الرئيس (حسني) مبارك قال للسيناتور (جورج) ميتشل خلال زيارته الأخيرة إنه لم يعارض محادثاتنا مع الإيرانيين، طالما 'أنكم' (الأمريكيون) تصدقون كلامهم."

وبحسب البرقية أيضاً أن مبارك لديه "كراهية كبيرة للجمهورية الإسلامية، بينما كان يشير إلى الإيرانيين وعلى نحو متكرر على أنهم 'كذابون' واتهم بالسعي لزعزعة استقرار مصر والمنطقة."

وقال السفير الأمريكي في سلطنة عمان في برقية أخرى، مقتبساً من قائد القوات المسلحة العمانية، الجنرال علي بن ماجد المعمري، قوله: "مع استمرار التوجه الإيرانية في المسألة النووية، فإن الوضع الأمني في العراق سيظل دون حل."

الحرس الثوري في لبنان

فيما جاء في احدى البرقيات الدبلوماسية الاميركية ان ايران استخدمت سيارات الاسعاف التابعة للهلال الاحمر الايراني لارسال الاسلحة وعناصر من الحرس الثوري الايراني الى حزب الله في لبنان خلال حرب عام 2006 بين اسرائيل والحزب.

وتعود هذه البرقية الى العام 2008 ومصدرها دبي، وهي تستند الى مصدر ايراني قال للدبلوماسي الاميركي كاتب البرقية ان الهلال الاحمر الايراني كان يستخدم كغطاء لعناصر الحرس الثوري للتسلل الى لبنان خلال النزاع.

وجاء في البرقية "ان سيارات الهلال الاحمر التي كانت تنقل المعدات الطبية كانت تنقل ايضا السلاح". بحسب فرانس برس.

واضاف المصدر نفسه ان عناصر من الهلال الاحمر الايراني شاهدوا في ايران "صواريخ تحمل في طائرات متوجهة الى لبنان الى جانب المعدات الطبية".

وتابع المصدر ان الطائرة "كانت نصف مليئة قبل وصول المعدات الطبية" لنقلها الى الطائرة نفسها.

واضاف المصدر الايراني ان الاشراف على مستشفى للهلال الاحمر الايراني في لبنان نقل الى حزب الله بناء على طلب من الامين العام للحزب حسن نصرالله. ورفض مسؤول في حزب الله التعليق على هذه المعلومات.

وكانت الحرب في تموز/يوليو 2006 بين حزب الله واسرائيل اوقعت نحو 1200 قتيل لبناني غالبيتهم من المدنيين ونحو 160 قتيلا اسرائيليا غالبيتهم من الجنود.

قطع رأس الأفعي

كما ذكرت برقية دبلوماسية أمريكية تم تسريبها أن العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز حث الولايات المتحدة مرارا على "قطع رأس الافعى" بشن هجمات عسكرية لتدمير برنامج إيران النووي.

ونشرت نسخة من البرقية المؤرخة في 20 ابريل نيسان 2008 في موقع صحيفة نيويورك تايمز على الانترنت يوم الاحد بعد ان نشرها موقع ويكيليكس الالكتروني المتخصص في نشر الاسرار. واظهر الاتصال السري بين السفارة الامريكية في الرياض وواشنطن ان السعوديين يخشون من تزايد نفوذ ايران الشيعية في المنطقة ولاسيما في العراق المجاور.

وقالت الولايات المتحدة مرارا إن الخيار العسكري مطروح ولكن القادة العسكريين الامريكيين اوضحوا في نفس الوقت انهم يعتبرونه ملاذا اخيرا بسبب تخوفهم من ان يؤدي هذا الخيار الى اشعال صراع اوسع في الشرق الاوسط.

وذكرت برقية ابريل نيسان 2008 بالتفصيل اجتماعا عقد بين الجنرال ديفيد بتريوس قائد القوات الامريكية في الشرق الاوسط وسفير الولايات المتحدة في العراق في ذلك الوقت ريان كروكر والملك عبد الله وامراء سعوديين اخرين. بحسب رويترز.

وقالت البرقية ان عادل الجبير سفير السعودية لدى الولايات المتحدة "اعاد الى الاذهان (خلال الاجتماع) نصائح الملك المتكررة للولايات المتحدة بمهاجمة ايران ومن ثم وضع نهاية لبرنامجها للاسلحة النووية. "قال لكم اقطعوا رأس الافعى."

ولكن وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل حث على تشديد العقوبات بدلا من ذلك بما في ذلك فرض حظر على السفر ومزيد من القيود على الاقراض المصرفي على الرغم من عدم استبعاده الحاجة للقيام بعمل عسكري.

وقالت الصحيفة ان وثائق ويكيليكس تظهر ايضا اعتقاد وزير الدفاع الامريكي روبرت جيتس بان اي هجوم عسكري على ايران لن يؤدي الا الى تأخير سعيها لصنع سلاح نووي عاما او عامين.

وقالت صحيفة الجارديان البريطانية وهي واحدة من عدد من الصحف التي تسنى لها الاطلاع على البرقيات الدبلوماسية المسربة ان هذه الاتصالات اظهرت ايضا ان حلفاء عربا اخرين حضوا سرا على القيام بعمل ضد طهران بسبب برنامجها النووي المتنازع عليه.

وذكرت برقية اخرى مرسلة من السفارة الامريكية في المنامة في الرابع من نوفمبر تشرين الثاني عام 2009 بشكل مفصل اجتماعا عقد بين بتريوس والملك حمد بن عيسى ال خليفة ملك البحرين حيث مقر الاسطول الخامس للبحرية الامريكية .

وقالت البرقية ان الملك حمد جادل "بقوة من اجل القيام بعمل للقضاء على البرنامج النووي (الايراني) بأي وسيلة ضرورية كانت." ونقل عنه قوله"هذا البرنامج لا بد من وقفه. "خطر السماح باستمراره اكبر من خطر وقفه."

ووفقا لبرقية ارسلت من السفارة الامريكية في ابوظبي في ابريل نيسان 2006 اعربت دولة الامارات العربية المتحدة عن اعتقادها بان "التهديد الصادر عن القاعدة سيكون بسيطا اذا امتلكت ايران اسلحة نووية" ولكنها تحجم عن القيام بأي عمل ربما يثير جارتها.

وقالت البرقية ان حكام الامارة ابلغوا المسؤولين الامريكيين انه يتعين عليهم عدم السعي للحصول على مساعدتهم الا "كملاذ اخير جدا. اذا استطعتم حل شيء ما دون اشراك دولة الامارات فارجوكم افعلوا ذلك."

وقال الاميرال مايك مولين رئيس هيئة الاركان الامريكية المشتركة في تصريحات نشرت يوم الجمعة ان الجيش الامريكي يفكر في الخيارات العسكرية بشأن ايران" منذ فترة زمنية كبيرة" ولكنه شدد على ان الدبلوماسية مازالت هي محل تركيز الجهود الامريكية.

رد السعودية

من جهتها اكدت الرياض انها "غير معنية" بالوثائق التي نشرها موقع ويكيليكس والتي تحدثت عن دعوة العاهل السعودي واشنطن الى مهاجمة ايران لوقف برنامجها النووي، فيما لزمت الدول الخليجية الاخرى الحليفة لواشنطن الصمت.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية السعودية اسامة النقلي ان الوثائق التي نشرها موقع ويكيليكس والتي تحدثت عن دعوة العاهل السعودي واشنطن الى مهاجمة ايران لوقف برنامجها النووي "لا تعني المملكة".

واضاف المتحدث "هذه الوثائق لا تعني المملكة العربية السعودية. والمملكة لم تلعب اي دور ايضا في نشرها"، في اشارة الى الوثائق الدبلوماسية الاميركية التي حصل عليها موقع ويكيليكس ونشرها مساء الاحد عدد من كبريات الصحف العالمية.

وتابع ان السعودية "لا تعلم شيئا عن صحتها. وبذلك، لا يمكن للسعودية التعليق عليها"، مشيرا الى ان "سياسة المملكة ومواقفها كانت دائما واضحة".

ولم تعلق اي دولة خليجية اخرى رسميا حتى الآن على الوثائق السرية التي نشرها موقع ويكيليس وتظهر خطابا مزدوجا لهذه الدول ازاء ايران.

وقال عبدالعزيز الصقر، مدير مركز الخليج للابحاث الذي مقره دبي ان "نشر هذه الوثائق يحرج حلفاء الولايات المتحدة ويتسبب خصوصا بخيبة امل" لدى هذه الدول.

واضاف المحلل السعودي ان "هذه المعلومات كان يفترض ان تكون محمية، وهذا سيدفع بهذه الدول للتساؤل الى اي مدى يمكنها ان تثق بالولايات المتحدة من الان فصاعدا".

وبحسب الصقر، فان هذه الوثائق التي نشرها موقع ويكيليكس ستدفع دول الخليج الى "اخذ احتياطاتها في المستقبل" ضمن علاقاتها مع الولايات المتحدة. بحسب فرانس برس.

واظهرت الوثائق السرية ان العاهل السعودي عبدالله بن عبدالعزيز كان الاكثر وضوحا في دعوته الولايات المتحدة الى ضرب ايران.

وبين الوثائق ال250 الفا التي نشرها موقع ويكيليكس، تفيد وثيقة بان العاهل البحريني حمد بن عيسى ال خليفة قال مطلع تشرين الثاني/نوفمبر 2009 للجنرال الاميركي ديفيد بيترايوس ان البرنامج النووي الايراني "يجب ان يتوقف" معتبرا ان "مخاطر السماح باستمرار (البرنامج) اكبر من مخاطر وقفه".

اما ولي عهد ابوظبي الشيخ محمد بن زايد ال نهيان، وهو نائب القائد الاعلى للقوات المسلحة في الامارات، فقال خلال لقاء مع وزير الخزانة الاميركي تيوثي غايتر في تموز/يوليو 2009 ان "حربا تقليدية مع ايران على المدى القريب افضل بشكل واضح من التداعيات الطويلة المدى لحصول ايران على السلاح النووي".

من جهته، قال مدير مؤسسة الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري رياض قهوجي "الثقة بين العرب (في الخليج) والولايات المتحدة ستصل الى ادنى مستوياتها".

وبحسب قهوجي، فان التسريبات "ستخلق حاجزا كبيرا من انعدام الثقة بين الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة" ف"اذا الولايات المتحدة غير قادرة على ان تحمي وثائقها فان دول المنطقة سيكون لها موقف سلبي، فالاميركيين اثبتوا عجزهم عن حماية اللقاءات" التي تحصل بين الطرفين.

ويرى قهوجي ان دول المنطقة "ستفرض من الآن فصاعدا شروطا عند عقد اي لقاء مع المسؤولين الاميركيين".

ايران مكاسب كبيرة

الى ذلك قال مستشار سابق للامن القومي الاسرائيلي ان تسريبات موقع ويكيليكس عن الجهود الدبلوماسية التي تقودها الولايات المتحدة لكبح جماح البرنامج النووي الايراني تمثل مكاسب غير متوقعة على صعيد العلاقات العامة بالنسبة لاسرائيل.

وأظهرت البرقيات السرية التي سربها الموقع الالكتروني المتخصص في نشر المعلومات السرية يوم الاحد محاولة اسرائيل حث واشنطن -التي تساورها في بعض الاحيان الشكوك- على اتخاذ اجراءات اكثر صرامة مثل فرض العقوبات وقلب نظام الحكم وحتى شن هجوم عسكري ضد طهران بحلول عام 2011 .

وقال جيورا ايلاند الجنرال الاسرائيلي المتقاعد الذي عمل مستشارا للامن القومي لرئيسي الوزراء السابقين ارييل شارون وايهود أولمرت "هذه (التسريبات) لا تضر باسرائيل على الاطلاق ربما العكس."

وأضاف "لو كان هناك ما يتعلق بالمسألة الايرانية ففي رأيي أن هذا يفيد اسرائيل لان هذه التسريبات تظهر أن اهتمام دول عربية مثل السعودية بايران اكبر بكثير من اهتمامها بالصراع الاسرائيلي الفلسطيني على سبيل المثال."

وقال المعلق سيفر بلوتزكر الذي يكتب في صحيفة يديعوت احرونوت اكبر صحيفة اسرائيلية ان "صورة واحدة دقيقة وواضحة" ظهرت وهي أن "العالم بأسره وليس اسرائيل فحسب مرعوب من البرنامج النووي الايراني."

ويبدو أن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو حين تحدث قبل تسريبات ويكيليكس قد توقع الاحراج المحتمل للعرب السنة الذين يخشون من تزايد نفوذ الشيعة.

وقال نتنياهو "في هذه الامور (الدبلوماسية) تكون هناك عادة فجوة بين ما يقال في العلن وما يقال في السر. في اسرائيل الفجوات ليست كبيرة جدا لكن في بعض الدول الاخرى بالمنطقة تكون الفجوات كبيرة للغاية."

وتعتبر اسرائيل التي يعتقد على نطاق واسع أنها الدولة الوحيدة بالمنطقة التي تملك ترسانة نووية أنها هي الوحيدة المهددة باحتمال امتلاك ايران قنبلة نووية وهي تسعى منذ فترة طويلة الى حشد التأييد للتدخل الاجنبي.

ويعتقد بعض المحللين أن اسرائيل تفتقر الى القوة التسلحية اللازمة لشن هجوم وقائي وقد تحجم عن اثارة حرب جديدة بالشرق الاوسط مع ايران التي تنفي سعيها لامتلاك أسلحة نووية.

ويقول موقع ويكيليكس ان وزير الدفاع الامريكي روبرت جيتس سئل في اجتماع مغلق في فبراير شباط عن احتمال شن اسرائيل هجوما ورد قائلا "انه لا يعلم ان كان سينجح لكن اسرائيل يمكن ان تنفذ عملية."

وتورد برقية أخرى من مايو ايار 2009 ابلاغ وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك أعضاء الكونجرس الامريكي بأن هناك فرصة تتراوح بين ستة و18 شهرا لضرب ايران دون الحاق "أضرار جانبية غير مقبولة." واعترف ايلاند بأن موقع ويكيليكس عكس درجة من "المبالغة" الاسرائيلية لكن بلا تهور.

وقال "في الوقت الحالي على الاقل لم يتم الكشف عن سر من أسرار الدولة بشأن خطط العمليات او القدرات المخابراتية."

نقد عراقي

في السياق ذاته اظهرت وثائق نشرها موقع ويكيليكس ان واشنطن قامت بالتدقيق في الدبلوماسيين الايرانيين الراغبين بدخول العراق قبل منحهم التاشيرات اللازمة.

واوضحت الوثيقة، وهي واحدة من مئات الالاف نشرها الموقع، ان التدقيق الذي اجرته الولايات المتحدة يؤكد ان خمس طالبي التأشيرات لديهم علاقات محتملة بالحرس الثوري ووزارة الاستخبارات.

واضافت الوثيقة المؤرخة في نيسان/ابريل 2009، والصادرة عن السفارة الاميركية في بغداد، ان "وزارة الخارجية العراقية تقوم منذ عام 2008، بتزويد السفارة باسماء الدبلوماسيين الايرانيين طالبي تأشيرة الدخول بغرض التدقيق فيها".

واكدت ان "التدقيق كشف احتمال ارتباط حوالى عشرين بالمئة من طالبي التاشيرة بالحرس الثوري ووزارة الاستخبارات، وابلغتنا وزارة الخارجية عدم منحها تأشيرات لضباط المخابرات المشتبه بهم، لكننا لم نتحقق من صحة ذلك".

وتابعت "في كانون الثاني/يناير 2009، قبل ان البدء بعملية التدقيق، زودتنا الخارجية العراقية بقائمة تضم 35 اسما لدبلوماسيين ايرانيين دخلوا العراق، وبين هؤلاء ثمانية يرتبطون بالحرس الثوري ووزارة الاستخبارات والامن".

ولم تكشف الوثيقة تفاصيل حول المدة الزمنية لعملية التدقيق، او استمرار تطبيقها لكنها اكتفت بالاشارة الى انها بدأت العام 2008.

من جهته، انتقد وزير الخارجية هوشيار زيباري نشر الوثائق وقال لوكالة فرانس برس ان عملية "النشر لا تساعد على الاطلاق".

واضاف "نمر بفترة حرجة (في العراق)، ونحاول تشكيل الحكومة التي طال انتظارها، نأمل بانها لن تسمم الاجواء بين السياسيين العراقيين". واشار الى انه لم يطلع على الوثائق التي نشرها الموقع. بحسب فرانس برس.

بدوره، نفى وكيل وزارة الخارجية لبيد عباوي وجود اي تدقيق اميركي في اسماء الدبلوماسيين الايرانيين واصفا الوثيقة بانها "غير دقيقة".

الى ذلك، قال المتحدث باسم السفارة الاميركية آرون سنايب ان "وزارة الخارجية لا تعلق على مواد، وضمنها وثائق مصنفة سرية، قد تكون تم تسريبها".

واضاف "اي كشف غير مصرح به للمعلومات المصنفة سرية من جانب ويكيليكس يعرض للخطر الاشخاص الوارد ذكرهم، والالتزامات بين الدول".

وختم سنايب قائلا "نظرا لتاثيرها المحتمل، فاننا ندين الكشف غير المصرح به عن المعلومات، ونحن بصدد اتخاذ كل كل ما يلزم لمنع اي اختراق في المستقبل".

من جهة اخرى، تشير وثيقة صادرة بتاريخ 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2009 الى جهود طهران قبل اشهر قليلة من الانتخابات التشريعية العراقية للتاثير في نتائجها "بهدف زيادة الاتكال على مساعدتها حتى لدى اطراف سنية".

وتضيف ان "الارقام ليست معروفة بالتحديد، لكن مساعدات ايران لعملائها العراقيين تقدر بين مئة ومئتي مليون دولار سنويا بينها سبعون مليونا للمجلس العراقي الاسلاي الاعلى ومنظمة بدر".

كما توضح الوثائق ان الحرس الثوري الايراني "ينشط بشكل فاعل" في العراق حيث يقوم بعمليات "تجسس تقليدية" ويدعم المجموعات "الاكثر عنفا".

وتؤكد ان "العراقيين وحكومتهم اظهروا في الاعوام المنصرمة المزيد من النوايا في رفض النفوذ الايراني".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 1/كانون الأول/2010 - 24/ذو الحجة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م