إن التعدد في الزوجات هي عادة قد وجدت منذ القَدَّم قبل الإسلام..
لم يكن الإسلام هو الذي ابتكرها وأنشأها.. فقد كانت في العالم قبل
الإسلام بقرون وبصورة شائعة منتشرة.. و تلك العادة تحتوي على أنواع
عديدة من التعدد...
وعند ظهور الإسلام وتشريع الأحكام لم يصدر حكم ينهي عن التعدد في
الزوجات.. وإنما حدد التعدد بنسبة معينة.. لأنه يرى الإسلام في بطلان
التعدد تعرض مشكلات للمجتمع ينحصر حلها في التعدد بالزوجات.. ومن أسباب
التعدد الأكثر انتشاراً في المجتمع الشرقي.. هي عدم تحقق السعادة
والانسجام مع الزوجة الواحدة.. والرجل من طبعه يطمح للوصل إلى السعادة
وبالخصوص في حياته الزوجية.. وهذا سبب من أسباب عديدة تؤدي إلى التعدد
لكي ينال الرجل السعادة في حياته.. وغيرها من المشكلات تعرض في الحياة
بين الرجل والمرأة..
والإسلام عندما شَرَعَ التعدد وعدم النهي عنه مقابل هذا التشريع..
أصلح عادة التعدد بوضع أنظمة وقوانين جعل فيها التعدد محدداً.. ووضع
أول إصلاح في قانون تعدد الزوجات.. هو التحديد العددي في الزوجات..
وجَعلَ الإسلام مع هذا التحديد قيد ونظام هو ((العدالة)).. الذي وضعها
في حال الجمع بين الزوجات في وقت واحد..
والتعدد في الزوجات يختلف باختلاف المجتمعات وفي بعض المجتمعات غير
مقبول وفي الأخرى سائد في العرف الاجتماعي ويختلف كذلك بين المجتمعات
الغربية والشرقية..
وللتعدد دوافع عديدة منها دافع الرغبة الجنسية وعدم الاكتفاء
بالزوجة الواحدة.. ومنها كذلك عدم الاستقرار والانسجام مع الزوجة
الواحدة.. والفراغ العاطفي الذي أكثر الأزواج يفتقروا إليه من قِبّل
زوجاتهم.. ومن الدوافع إلى التعدد كذلك تفوق نسبة النساء على الرجال
هذا ما يؤدي إلى سهولة الحصول على الزوجة..
ومن أكثر الدوافع في المجتمعات الشرقية بالخصوص.. هو الانفتاح على
الغرب والانجذاب إليه واتخاذ المبادئ الغربية... وقول الغرب إن من
أسباب التعدد بالزوجات والدافع على نظرية بعض علماء الاجتماع الغربيين..
وهو طبع الرجل يقتضي التنوع.. وهذا ليس بصورة عامة إنما هذا يختص
بشريحة قليلة من الرجال.. ويكثر هذا النوع من الطبع في الغرب.. وكما
قال احد علماء الاجتماع الغربيين ((إن الرجل خلق ومن طبعه أن يعدد
الزوجات وان الاقتصار على الزوجة الواحدة خلاف طبيعته )) وقال احد
الفلاسفة من الغربيين (( إن الرجل طبع على تعدد الزوجات ولا يمكن أن
يفرض عليه نظام الزوجة الواحدة، إلا بواسطة أقسى القيود الأخلاقية
ودرجة معينة من الفقر والعمل الشاق والمراقبة الدائمة من الزوجة ))..
هذا ما يتوقعوا الغربيون إن في حال وضع هكذا قيود تمنع من التعدد!!
وقول البروفيسور الألماني اشميدت (( كان الرجل طوال التاريخ خائنا
والمرأة على أثره في الخيانة فحتى في القرون الوسطى تجد أن 90 % من
الشبان كانوا يتبادلون الرفيقات بين الحين والآخر و 50% من المتزوجين
يخونون زوجاتهم )).. وكتب روبرت كينزي الباحث الأمريكي الشهير في
تقريره المعروف ((تقرير كينزي)) إن الأمريكيين والأمريكيات قد فاقوا كل
شعوب العالم بالخيانة..... وقال إن المرأة بخلاف الرجل تنفر من التلون
والتنوع في الحب واللذة.. أما الرجل يرى في التنوع لذة فهو ينحرف
بسهولة، والمهم عنده اللذة الحسية لا اللذة العاطفية والروحية.. فلا
ينظر بالحب العاطفي والروحي إلا حينما يجده فرصه للوصول إلى اللذة
البدنية.
وتوجد الكثير من قبيل هذه النظريات و الآراء عند العلماء الغربيين
في علم الاجتماع المتعلقة بقضية التعدد في الزوجات..
ومن رأى ان التعدد هو من طبع الرجل فإن هذا الوصف ليس شامل لطبيعة
الرجل بصورة عامة.. هذا الرأي غير صحيح على الإطلاق.. وان رأي هؤلاء
المفكرين نابع من خصوصيات محيطهم الاجتماعي لا من حيث اقتضاء طبع الرجل..
وما نراه نحن إن المرأة تماثل الرجل تماما.. وهذا على ضوء علم النفس
والأحياء.. والاختلاف بينهما كونه جسما وروحاً هذا لغرض يريده الخالق
عز وجل..
أما من حيث موقف المرأة والرجل من وحدة الزواج وتعدده.. فهما لا شك
مختلفان فالمرأة تميل إلى وحدة الزوج بطبعها.. والتعدد لا ينسجم مع
نفسيتها.. أما الرجل ليس كما يرى الغرب انه من طبع الرجل التعدد بل
التعدد لا يتعارض مع طبعه ولكن ليس يعني من طبعه..
ونعارض من يقول أن الزواج الواحد يتعارض مع نفسية الرجل.. وكذلك من
يقول إن الوفاء صعب على الرجل وان المرأة قد خلقت لرجل واحد والرجل لكل
النساء... كلها نظريات غير صائبة في الواقع.. صحيح إن التعدد له وجود
ولكن تحت نظام وقانون ليس كما وجد في الغرب عشوائياً..
وبالنسبة للخيانة هي ليست من طبع الرجل.. ولكن تنبثق هذه الخيانة من
خلال الجو الاجتماعي المنحرف.. هو الذي يفسح المجال للخيانة.. وبهذا
يكون المسؤول على خيانة الرجل هو جوه الاجتماعي لا طبعه.
هذا ما وضحتهُ نسب التغير في المجتمع.. والتغير في العرف
الاجتماعي.. قبل رواج العادات الغربية في دول الشرق الإسلامية.. كانت
نسبة الرجال الذين يقتصرون على زوجة واحدة 90% علماً بأنه ليس لأي رجل
منهم أية عشيقة أو علاقة رفيقة وما شاكل ذلك وكان نظام الزوجة الواحدة
هو السائد من الناحية العملية في أكثر البلدان الشرقية.
وهذا يدل على إن الانفتاح على الغرب سبب بتغيير الكثير من الأعراف
الاجتماعية.
Hosain.iraq@yahoo.com |