
شبكة النبأ: انطلقت الانتخابات
البرلمانية المصرية اليوم وسط يتخللها جدل وسجالات قد لا تخلو من
العنف، بحسب التجارب السابقة، ويضاف اليها جملة مخاوف تتعلق بالتجاوزات
الا قانونية التي قد تمارس اتجاه الناخبين، خصوصا في بعض الدوائر
الانتخابية المحددة، فيما يتبادر الى ذهن الكثير من المتابعين الخشية
الكبيرة من التزوير، وهو امر يجزم البعض على تأكيده.
وتراقب الدول والمنظمات عن كثب اجراءات الممارسة الديمقراطية وما
سوف يسفر عنها، خصوصا ان نتائجها سيتكون لها عواقب مصيرية على مستقبل
البلاد، سيما انها تستبق الانتخابات الرئاسية القادمة.
وتنشد العديد من القوى والاتجاهات المصرية التغيير عبر بوابة
الانتخابات وان كانت تقر اغلبيتها بتضاؤل آمالها بسبب الاجراءات
التعسفية التي تمارسها السلطات هناك.
المصريون ينتخبون
فقد بدأ أكثر من 40 مليون ناخب مصري، الإدلاء بأصواتهم لاختيار 508
ممثلاً لهم في مجلس الشعب من بين أكثر من خمسة آلاف مرشح، وسط توقعات
بفوز ساحق للحزب الوطني الديمقراطي الحاكم.
وبدأ نحو 6 آلاف عضو ينتمون لـ 76 منظمة من منظمات المجتمع المدني
ممن يحملون تصاريح لمراقبة العملية الانتخابية، فى متابعة الانتخابات
في كافة الدوائر الانتخابية منذ الصباح بموجب تصاريح صدرت لهم من
اللجنة العليا للانتخابات بالتنسيق مع المجلس القومي لحقوق الإنسان،
وفق موقع "أخبار مصر."
هذا وقد كثفت الجهات الأمنية المصرية تواجدها في جميع أنحاء
الجمهورية، خشية من وقوع اشتباكات، خاصة في الدوائر التي يطلق عليها
دوائر "الموت" في بعض المحافظات مثل سوهاج وأسيوط وقنا والمنيا، إضافة
إلى بعض دوائر القاهرة والجيزة والإسكندرية.
وإلى ذلك، قضت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، بوقف إجراء
الانتخابات في ست دوائر انتخابية بمحافظتي الجيزة والسادس من أكتوبر.
بحسب السي ان ان.
والدوائر التي قضت المحكمة بوقف الانتخابات فيها هي كل من: دائرة
الهرم - العمرانية - الحوامدية - مسغونة - أوسيم - أكتوبر الأولى والتي
تضم كرداسة والشيخ زايد وأكتوبر - دائرة "كوتة المرأة" بأكتوبر بأكملها،
وفق موقع "أخبار مصر."
وجاء الحكم في ضوء ما تبين للمحكمة من عدم تنفيذ الجهة الإدارية (اللجنة
العليا للانتخابات ووزارة الداخلية) الأحكام القضائية النافذة السابق
إصدارها عن قضاء مجلس الدولة، والتي كانت قد قضت بإدراج أسماء مرشحين
مستقلين في الكشوف النهائية الخاصة بأسماء المرشحين أو عدم تمكينهم من
استلام وتسلم أوراقهم الانتخابية.
وكان عدد من راغبي الترشيح في انتخابات مجلس الشعب قد أقاموا دعاوى
لإدراج أسمائهم في الكشوف النهائية للمرشحين الذين سيخوضون غمار
العملية الانتخابية، وقضت المحكمة فيها بوقف تنفيذ قرار الجهات
الإدارية التي تم اختصامها بالامتناع عن تلقي طلبات الترشيح.
ورجح مراقبون أن يتم تغيير حصة المعارضة في مجلس الشعب بحيث يحصل
حزب الوفد على النسبة الأكبر من مقاعد المعارضة في البرلمان على حساب
جماعة الاخوان المسلمين.
وتوقع الخبير بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، الدكتور عمرو
الشوبكي، حصول الحزب الوطني الحاكم على مقاعد الأغلبية في البرلمان،
يليه حزب الوفد بعدد يتراوح بين 20 إلى 25 مقعدا، وانخفاض حصة جماعة
الاخوان من 88 مقعد في الانتخابات التشريعية عام 2005 إلى 10 أو 15
مقعدا.
وأرجع الشوبكي تقليص حصة جماعة الإخوان لصالح الوفد لعدة أسباب،
أبرزها "تضييق الخناق عليها من قبل الحكومة، إضافة إلى فشلها في بناء
ثقة بينها وبين الرأي العام، وأدائها البرلماني الباهت بأن طرحت أفكار
وبرامج ضد المواطنة، وتمسكها بالشعار الديني الإسلام هو الحل."
ويُنظر إلى مستويات انتهاكات حقوق الإنسان خلال انتخابات مجلس الشعب
في نوفمبر/تشرين الثاني 2010 باعتبارها مؤشراً على ما يمكن أن يحدث
خلال الانتخابات الرئاسية المقررة عام 2011، وفق المنظمة المعنية
بالدفاع عن حقوق الإنسان. ويذكر أن مصر رفضت أي مراقبة دولية
للانتخابات بدعوى أنه تدخل في شؤونها الخاصة.
التمهيد للانتخابات الرئاسية
وقد تمثل الانتخابات التي يجري التنافس فيها على 508 مقاعد منها 64
مقعدا مخصصا للمرأة اختبارا لكيفية ادارة الحكومة للانتخابات الرئاسية
المهمة.
ولم يعلن الرئيس المصري حسني مبارك (82 عاما) الموجود في السلطة منذ
عام 1981 ما اذا كان سيخوض انتخابات الرئاسة القادمة. وبعد اجرائه
جراحة لاستئصال الحويصلة المرارية في مارس اذار تزايدت التكهنات بأنه
قد يتنحى.
وفي حالة تنحيه يعتقد مصريون كثيرون ان نجله جمال (46 عاما) رئيس
لجنة السياسات بالحزب الوطني الحاكم سيخلفه على الارجح.
ويضم حلفاء جمال قادة كبار في قطاع الاعمال يسعون الى مزيد من
التحرير الاقتصادي وهو ما يقاومه الحرس القديم في الحزب الوطني.
ويقول محللون ان الرئيس القادم سيكون من المؤمنين بمبادئ الحزب
الوطني الديمقراطي الذي سيتمسك بمعاهدة السلام مع اسرائيل ويحافظ على
علاقات وثيقة مع واشنطن مما يضمن مليارات الدولارات من المساعدات
الامريكية. بحسب رويترز.
ومع اعتبار أن نتيجة هذه الانتخابات البرلمانية تكاد تكون محسومة
فان السلطات قد تواجه تحديا قويا من القوة العاملة المحبطة في البلاد
بسبب تدني الاجور وتضخم أسعار الغذاء الذي بلغت نسبته الان 22 في المئة.
وقد تحولت الكثير من الاحتجاجات العمالية الى أعمال عنف في السنوات
القليلة الماضية.
البلطجة وصمة مألوفة
يتعين على المصريين الذين يفكرون في التصويت أن يأخذوا في حسبانهم
خطر المشاجرات التي تضم بلطجية استأجرهم المرشحون المتنافسون.
وأصبح استئجار تلك العصابات من الفتيان جزءا لا يتجزأ من المشهد
الانتخابي في مصر الى حد أن صحيفة يومية نشرت قائمة بالاسعار التي يحصل
عليها الرجال والنساء الذين يعتمدون على قوتهم العضلية.
وقال عامل الكهرباء في مدينة الاسكندرية عادل محمد (32 عاما) حين
سئل عما اذا كان سيدلي بصوته "انتخابات.. لا سأذهب الى عملي." وتابع
قائلا "الانتخابات لا تهم في مصر. المرشحون يختفون بمجرد الفوز بمقاعد
ولا تستحق كل هذا العنف."
وقال حافظ أبو سعدة الامين العام للمنظمة المصرية لحقوق الانسان ان
أربعة أشخاص قتلوا وأصيب 30 في الاضطرابات بين الفصائل السياسية قبل
الانتخابات. بحسب رويترز.
وأضاف "يحدث هذا بين الجماعات المختلفة ولا يقتصر الامر على الحكومة.
فمرشحو جماعة الاخوان المسلمون والمرشحون الاخرون من الحزب الحاكم
والاحزاب الاخرى يهاجمون بعضهم البعض." وأضاف قائلا "العنف سيكون شديدا
في هذه الانتخابات."
وسقط 14 قتيلا أثناء انتخابات عام 2005 وأفاد مراقبون مستقلون وشهود
عيان بحدوث ترويع واسع النطاق للناخبين الاسلاميين وناخبي أحزاب
المعارضة الاخرى من جانب قوات الامن.
ولا يساور أحد الشك في أن الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم الذي
يتزعمه الرئيس حسني مبارك سيفوز مرة أخرى في الانتخابات. وبالنسبة
لجماعة الاخوان المسلمون المحظورة التي يخوض مرشحوها الانتخابات
كمستقلين فمن المتوقع على نطاق واسع أن تتقلص مكاسبها بعد حضورها
المؤثر في انتخابات عام 2005 حين فازت بخمس مقاعد مجلس الشعب (البرلمان).
ورغم أن نتائج الانتخابات متوقعة الا أنها تخضع للتدقيق لتحديد الى
أي مدى أجريت بحرية ونزاهة وللبحث عن أي خيوط قد تحل لغز ما اذا كان
مبارك الموجود في السلطة منذ عام 1981 سيرشح نفسه لفترة سادسة في
انتخابات الرئاسة التي ستجرى العام القادم.
وأعلنت وزارة الداخلية أن قوات الامن ستتعامل بصرامة مع الجماعات
التي تسعى الى المصادمات وتنظم مظاهرات قد تؤدي الى أعمال شغب.
وقال مسؤول حكومي ان المنافسة الشديدة على مقاعد البرلمان دفعت
كثيرا من المرشحين لانفاق أموال طائلة على الدعاية ولجوء البعض الى
أساليب استخدام القوة.
وقال مجدي راضي المتحدث باسم مجلس الوزراء ان من يلجأ الى العنف هم
"المرشحون وليس فقط الاخوان المسلمون وانما المرشحون العاديون وخصوصا
في الصعيد."
وأفادت دراسة نشرتها صحيفة الوفد المعارضة بأن أسعار استئجار
البلطجية تبدأ من 800 جنيه (140 دولارا) وقد تصل الى 40 ألف جنيه حسب
نوع المهمة.
وقالت الدراسة التي أشرف علي? ?اجرائها اللواء رفعت عبد الحميد خبير
العلوم الجنائية ان أسعار البلطجية الذين يكلفون بالاعتداء على جماعات
كبيرة أو مرشحين تصل الى 25 ألف جنيه في اليوم. وتصل أتعاب المكلفين
بمقاومة السلطات الى ستة الاف جنيه.
وقالت الدراسة ان أسعار البلطجية تتضمن "سداد توابع ممارسات البلطجة
مثل تكاليف للعلاج وكفالة الحبس الاحتياطي والسجن." وأضافت "يعرض
البلطجية من الرجال والنساء تقديم تخفيضات هائلة للوزراء الحاليين
والسابقين ومرشحي الحزب الوطني ويرفعون السعر للمستقلين ومعارضي?
الحكومة ويزيدون في مغالاتهم للدوائر الملتهبة والمناوئين للحزب الوطني
وأجهزة الامن."
اسقاط مرشحي الاخوان بأسلوب مبتكر
في سياق متصل قال مسؤول كبير في الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم
بمصر ان الحزب قدم لانتخابات مجلس الشعب مرشحين أكثر من مقاعد المجلس
كأسلوب يساعد في اسقاط مرشحي جماعة الاخوان المسلمين.
وهذا الاسلوب المبتكر الذي يثير الاستغراب في معظم الديمقراطيات
تمثل في تقديم مرشحين أو ثلاثة عن الحزب الوطني للمقعد الواحد في كثير
من الدوائر بغرض تفتيت الاصوات والحيلولة دون فوز مرشحين اخوانيين من
الجولة الاولى.
وقدمت جماعة الاخوان المسلمين التي تشغل 20 في المئة من مقاعد مجلس
الشعب المنتهية مدته 130 مرشحا للمجلس المكون من 508 مقاعد تدور عليها
المنافسة وعشرة مقاعد يجري شغلها بأعضاء يعينهم مبارك. وفي انتخابات
عام 2005 قدمت الجماعة 165 مرشحا.
وجماعة الاخوان محظورة منذ عام 1954 بعد أن نسبت اليها محاولة
لاغتيال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لكن الحكومة تتسامح مع نشاطها
في حدود. ويتقدم أعضاء الجماعة للانتخابات العامة بصفة مستقلين تفاديا
للحظر.
وتقول الجماعة ان نحو 400 من أعضائها ما زالوا قيد الاحتجاز من
عمليات احتجاز متصلة بالانتخابات شملت أكثر من 1200 عضو. وتؤكد وزارة
الداخلية على أن الانتخابات ستكون نزيهة.
واتهمت جماعة الاخوان الحكومة بممارسة العنف ضد مرشحيها لانتخابات
مجلس الشعب بعد منع خمسة يشغلون مقاعد في مجلس الشعب المنتهية مدته من
الترشح.
وفي مؤتمر صحفي عقدته الجماعة قال حسين ابراهيم أحد الممنوعين من
الترشح "الانتخابات أصبحت باطلة قبل أن تبدأ."
السجن لـ 11 من الإخوان
على الصعيد ذاته قضت محكمة جنح الدخيلة في الإسكندرية بالحبس عامين
"على 11 من أعضاء الإخوان المسلمين" بتهمة رفع شعارات انتخابية "دينية"،
وهو أول حكم من نوعه يصدر ضد أعضاء الجماعة التي تعتبر قوة المعارضة
الرئيسية في مصر، حسبما أفاد مصدر قضائي أمس السبت.
وقال المصدر "إن ستة من بين هؤلاء حوكموا وهم محبوسون احتياطيا"، ما
يعني أنهم سينفذون الحكم بالسجن. وبموجب القانون المصري يحق لهؤلاء
الاستئناف أمام محكمة أعلى، إلا أنهم يظلون قيد الحبس إلى أن تصدر
الأخيرة قرارها. وأكد عبد المنعم عبد المقصود محامي جماعة الإخوان أن "الحكم
بالسجن عامين صدر ضد 11 شخصا، لكن خمسة منهم كانت النيابة أخلت سبيلهم،
وبالتالي لن ينفذوا الحكم بانتظار الاستئناف".
وأوضح أنه تم التقدم بطعن على هذا الحكم وستبدأ محكمة الاستئناف في
نظره في 14 كانون الأول (ديسمبر) المقبل.
وكانت اللجنة العليا للانتخابات حظرت قيام المرشحين بأي دعاية
انتخابية "دينية"، غير أن "الإخوان المسلمين" الذين يشاركون في
الانتخابات بنحو 130 مرشحا، اعتبروا شعارهم الرئيسي "الإسلام هو الحل"
هو شعار سياسي، وليس دينيا.
محللون يتوقعون أن يخسر الاسلاميون
الى ذلك يتوقع محللون أن تفقد جماعة الاخوان المسلمين أكثر من ثلاثة
أرباع مقاعدها البالغ عددها 88 مقعدا من بين 454 مقعدا مشيرين الى أن
السلطات تريد تخليص المجلس من أكبر المعارضين قبيل انتخابات الرئاسة
المقررة العام المقبل.
وقالت دينا شحاتة من مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالاهرام
"الدولة هي التي تقرر متى تدخل الاخوان البرلمان ومتى تخرج منه." لكن
دفع الاخوان خارج مجلس الشعب لن يضعف شبكتها المتوغلة في المجتمع.
وقالت دينا شحاتة "أهداف الاخوان للتغيير طويلة الامد. أعضاؤها
تغلغلوا في النقابات والمجتمع المدني وسيواصلون العمل حتى تأتي اللحظة
المناسبة للتغيير."
وحشدت الجماعة التأييد من خلال العمل الديني والخيري اذ تقدم خدمات
طبية واجتماعية للفقراء. وتقول الامم المتحدة ان نحو خمس سكان مصر
البالغ عددهم 79 مليون نسمة يعيشون بأقل من دولار في اليوم.
وتشعر الحكومة التي نجحت في التصدي لحملة شنها متشددون في تسعينات
القرن الماضي بالقلق منذ فترة طويلة من الجماعات ذات الاتجاهات
الاسلامية.
وفي قرية قرب الفيوم وهي منطقة نشط فيها المتشددون اثناء حملتهم في
التسعينات تتردد الشكاوى من الامن. وفي منتصف نوفمبر قال سكان ان 20
شخصا احتجزوا لمدة أسبوع للاشتباه في انهم من المتشددين رغم أنهم كانوا
من الملتزمين دينيا وحسب.
وقال أحد سكان القرية وهو في منتصف الاربعينات من عمره "أمن الدولة
يفعل ذلك كل فترة. يحتجزونهم لبضعة أيام ليروا ما اذا كانوا يقومون بأي
شيء ضد القانون."
وقبل عقود نبذ الاخوان العنف كسبيل لتحقيق تغيير سياسي في مصر لكن
كثيرا ما تحتجز السلطات أعضاء بالجماعة.
وتقول الجماعة ومنظمات مدافعة عن حقوق الانسان ان أنصار الاخوان
عادة ما يمنعون من دخول لجان الاقتراع للادلاء باصواتهم في الانتخابات
رغم تأكيد الحكومة على نزاهة عملية التصويت.
وقال محمد الكتاتني رئيس الكتلة البرلمانية للجماعة "نحن نعلم أن
الطريق الى السلطة مسدود."
وأضاف "ومن المواءمة السياسة عدم استفزاز النظام. في الوقت الحالي
نأخذ خطوات محسوبة وفي كل الاتجاهات نواصل جهودنا في المساعدات
الاجتماعية والمشاركة السياسية والدعوة."
وجماعة الاخوان المسلمين هي الجماعة المعارضة الوحيدة التي أمكنها
تنظيم مظاهرات بالالوف لكنها تتجنب الدخول في مواجهات مباشرة قد تثير
حملة ضدها.
وقال شادي حامد مدير مركز بروكنجز الدوحة "انها المنظمة السياسية
الوحيدة ذات العضوية الكبيرة في مصر لكنها نادرا ما تشارك في أعمال
سلمية مباشرة مثل المظاهرات الحاشدة أو العصيان المدني أو المقاطعة."
وأثار هذا الاسلوب غضب معارضين اخرين لحكومة الرئيس مبارك (82 عاما)
الذي تولى السلطة منذ عام 1981 بعدما اغتال متشددون اسلاميون الرئيس
الراحل محمد أنور السادات.
وعندما حث محمد البرادعي المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة
الذرية أحزاب المعارضة على مقاطعة الانتخابات البرلمانية أيدت جماعة
الاخوان المسلمين دعوته من أجل التغيير لكنها رفضت مقاطعة الانتخابات.
بحسب فرانس برس.
ونزلت الجماعة الساحة بأكثر من 130 مرشحا وهو عدد قد تخفضه لجنة
انتخابية يمكنها استبعاد مرشحين لعدم استكمال أوراقهم أو عدم تأدية
الخدمة العسكرية. وفي عام 2005 كان للجماعة 165 مرشحا بعد تدقيق اللجنة.
وأحبط موقف الجماعة الحذر العديد من أعضائها الشبان الاصغر سنا ممن
نفد صبرهم انتظارا للتغيير والمتحمسين لتوجيه تحد أكثر مباشرة للدولة
وأجهزتها الامنية الضخمة.
وقال الباحث ابراهيم الهضيبي وهو عضو سابق في الجماعة في أواخر
العشرينات من عمره "الاخوان يخسرون جزءا من تأييدهم بين الشبان وبين
الذين يدركون مدى جهلهم بشأن الطريق الذي يتعين المضي فيه قدما."
وأضاف "الكثيرون يشعرون بالاحباط لان الاخوان يفتقرون لرؤية واضحة
ويخوضون انتخابات لا تقود الى شيء. وهذا ما يبعد الكثيرين."
وقال حامد ان اساليب الجماعة ابطأت أي دفعة أوسع نطاقا للاصلاح.
وتابع "بشكل ما خذلت الاخوان بقية أطراف المعارضة عندما اختارت عدم
مقاطعة الانتخابات."
وأثارت مسألة المقاطعة نقاشا داخليا ساخنا في الجماعة لكن فرص تغيير
الاسلوب تضاءلت بعد اختيار الجماعة لمرشد محافظ هو محمد بديع (66 عاما)
في وقت سابق هذا العام.
ورغم سلوك الاخوان الحذر يقول أعضاء ان الحكومة تستغل الجماعة في
مواجهة ضغوط دول غربية تدعو لمزيد من الديمقراطية في مصر لكنها تشعر
بالقلق عندما يفوز الاسلاميون في الانتخابات على نطاق واسع.
وقال الكتاتني "النظام كثيرا ما استخدم الجماعة كفزاعة لاقناع الغرب
أن .. جماعة الاخوان تشكل خطرا للديمقراطية."
العفو الدولية
من جهتها دعت منظمة العفو الدولية السلطات المصرية الى ضمان عدم
تعرض المرشحين والناخبين المشاركين في الانتخابات التشريعية المقرر
اجراؤها في 28 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري الى "مضايقات وترهيب من قبل
قوات الامن او مؤيدي الحزب الحاكم".
وقال مدير برنامج الشرق الاوسط وشمال افريقيا في منظمة العفو
الدولية مالكوم سمارت في بيان انه "يتعين على السلطات المصرية ضمان
الحق في التعبير والتجمع وضمان عدم تعرض من يقومون باحتجاجات سلمية
للاعتقال التعسفي او الاحتجاز".
كما اكد انه "ينبغي الحفاظ على حقوق كل المرشحين والمشاركين في
الحملات الانتخابية بلا تمييز". واضاف ان "الناخبين داخل مراكز
الاقتراع يجب ان يحظوا بحماية قوات الشرطة المصرية لا ان يتعرضوا
للمضايقات والترهيب من قبل هذه القوات كما حدث في الكثير من الحالات
خلال الانتخابات التشريعية الاخيرة عام 2005".
واشار بيان المنظمة الدولية المعنية بالدفاع عن حقوق الانسان الى ان
"المصريين الذين ينتقدون السلطات او الذين تعتبر السلطات انهم يمثلون
تهديدا للامن العام واجهوا الاعتقال والاحتجاز ووجهت اليهم تهم جنائية
كما انهم كانوا مهددين بالاعتقال الاداري من دون توجيه اتهام اليهم او
محاكمتهم بموجب قانون الطوارئ الساري العمل به في مصر منذ العام 1981".
واكدت منظمة العفو الدولية في بيانها انه مع اقتراب الانتخابات
التشريعية "اتخذت السلطات المصرية اجراءات للحد من حرية حصول الرأي
العام على المعلومات وللاضرار بالمعارضة السياسية".
وتابعت المنظمة ان "الصحف التي تعتبر تقاريرها حساسة سياسيا صودرت
او دمرت، وتقول مصادر اعلامية مصرية ان 12 قناة فضائية تلفزيونية اوقف
بثها، كما ان ناشطين من احزاب سياسية او من حركات مثل الجمعية الوطنية
للتغيير التي تدعو الى اصلاحات سياسية تسمح بانتخابات حرة ونزيهة
واجهوا مضايقات من قبل السلطات وتم في بعض الاحيان احتجازهم".
وقال مالكوم سمارت "ان العيون ستكون مفتوحة على سلوك السلطات
المصرية خلال هذه الانتخابات وهي فرصة لها لتظهر ان مصر يمكن ان تكون
مكانا يتم فيه احترام حقوق الانسان". وشدد على ان "الوقت حان تماما
لالغاء حالة الطوارئ التي طالما سهلت انتهاكات حقوق الانسان في مصر".
لا للرقابة الدولية
من جهة اخرى أعربت الخارجية المصرية عن "بالغ الاستياء" لاستقبال
واشنطن ناشطين مصريين، على خلفية الانتخابات المقبلة في البلاد، بينما
أكد مفيد شهاب، وزير الشؤون القانونية والمجالس النيابية المصرية، أن
القاهرة "ليست في حاجة إلى صك دولي لإثبات نزاهة الانتخابات البرلمانية"
القادمة المقررة في 28 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، و"لا توافق على
الرقابة الدولية،" رداً على دعوة واشنطن لوجود مراقبين دوليين للإشراف
على عملية الاقتراع.
وعن قبول معظم الدول بهذه الرقابة قال شهاب "إذا أحصينا عدد الدول
التي تقبل الرقابة الدولية أو المراقبين الدوليين نجدها قليلة جدا وإن
عددا كبيرا من هذه الدول لها ظروف استثنائية غير طبيعية، فمثلا بلاد
مثل العراق والسودان والصومال يوجد فيها انقسامات واضطرابات فلابد من
وجود رقابة دولية أما الدول المستقرة التي يسودها النظام وبها دساتير
تكفل هذه الضمانات فلا تقبل بهذا."
وأشار شهاب، في لقاء تلفزيوني نقلت تفاصيله وكالة أنباء الشرق
الأوسط الرسمية، إلى وجود نظام جديد سيتبع ويطبق في انتخابات مجلس
الشعب القادمة لأول مرة وهو اللجنة العليا للانتخابات التي من حقها أن
تسمح لمنظمات المجتمع المدني بأن تقوم بالمراقبة.
وفي سياق متصل، أعرب مصدر رسمي في وزارة الخارجية المصرية عن "بالغ
الاستياء إزاء استقبال مسؤولين أمريكيين رفيعي المستوى لعدد من
الأمريكيين الذين يطلقون على أنفسهم اسم 'مجموعة عمل مصر' وناقشوا معهم
أموراً تتعلق بالشؤون الداخلية المصرية."
وقال المصدر: "هذا الإجراء يعبر عن مواقف أمريكية غير مقبولة إزاء
التحفظات المصرية القوية والمبررة تجاه تعامل الإدارة الأمريكية مع
الشأن الداخلي المصري عموماً، ومع تلك المجموعة التي تدعى اهتماماً
بهذا الشأن علي وجه الخصوص". بحسب السي ان ان.
وأضاف المصدر، وفقاً لبيان الخارجية المصرية، إلى أن المواقف
الأخيرة للإدارة الأمريكية تجاه الشؤون الداخلية المصرية "هي أمر مرفوض
بشكل قاطع من جانب مصر،" مشيراً إلى أن رفض هذا السلوك الأمريكي "يأتي
بغض النظر عن أية حجج أو ذرائع يمكن أن يسوقها البعض لتبرير هذا الأمر."
وأكد المصدر في هذا الإطار على أن مصر "تعتز كل الاعتزاز بسيادتها
واستقلال إرادتها الوطنية وأنها لن تسمح لأي طرف كان، بما في ذلك
الولايات المتحدة، بالتدخل في شأنها الداخلي تحت أي ذريعة، لكن يبدو أن
الجانب الأمريكي يصر على عدم احترام خصوصية المجتمع المصري بتصرفات
وتصريحات تستفز الشعور الوطني المصري، وكأن الولايات المتحدة تحولت إلى
وصي على كيفية إدارة المجتمع المصري لشؤونه السياسية."
وكان الناطق باسم الخارجية الأمريكية، فيليب كراولي، قد قال
للصحفيين في واشنطن إن بلاده "ستراقب الانتخابات المصرية بشكل لصيق
لضمان توافقها مع المعايير والمتطلبات الدولية."
وتابع كراولي قائلاً: "لقد شجعنا مصر على وجود مراقبين محليين
ودوليين يتمتعون بالكفاءة لمراقبة الانتخابات المقبلة، ونحن لا نعتبر
هذا الأمر تدخلاً بالشأن المصري، وإنما نحن نشجع دولة صديقة ومقربة من
أمريكا على أن تنجز انتخاباتها الفائقة الأهمية بالشكل الذي يرغب به
شعبها."
جمال مبارك والطموحات الشخصية
من جهته أكد نجل الرئيس المصري، "جمال مبارك"، أنه ليس له طموحات
شخصية تتعلق بالرئاسة، كما ذكرت الصحافة المصرية.
و"جمال مبارك" (46 عاماً) القريب جداً من أوساط رجال الأعمال، هو
أحد أبرز قادة الحزب الوطني الديمقراطي، ويعتبر منذ بضع سنوات خليفة
محتملاً لوالده البالغ من العمر 82 عاماً والذي يتولى الرئاسة منذ
1981.
وكتبت صحيفة "الأهرام" الحكومية على صفحتها الأولى "جمال مبارك: ليس
لدي طموح شخصي"، وكانت الصحيفة تنقل تصريحات لجمال مبارك خلال مقابلة
مع التلفزيون المصري.
وبحسب صحيفة "المصري اليوم" قال "جمال مبارك" رداً على سؤال بشأن
مشروعه السياسي الشخصي، "ليس لي طموحات شخصية رغم ما يدور في ذهن
الناس".
وأضاف: "أريد دوراً أساعد به الحزب والدولة على التغيير.. وأريد أن
أساعد مرشح الحزب على تنفيذ برنامجه"، وقال موجهاً كلامه إلى مقدم
البرنامج: "أمامنا مهام مهمة في العامين المقبلين.. وألمح في عينيك عدم
تصديق لكن أمامنا تحد كبير".
ولم تصدر عن الرئيس "مبارك" أي إشارة إلى نياته الشخصية حول
الانتخابات الرئاسية في 2011، لكن مسؤولين كباراً في الحزب الوطني
الديمقراطي أكدوا في الآونة الأخيرة أنه سيكون مرشح الحزب لولاية جديدة
من ست سنوات.
وفي أغسطس/آب، أطلقت حملة غير مسبوقة من الملصقات والتواقيع المؤيدة
لجمال مبارك التكهنات حول خلافة "وراثية" على رأس الدولة المصرية، وسرت
شائعات مختلفة عن المنظمين الحقيقيين لهذه المبادرة، ونفى الحزب الوطني
الديمقراطي وقوفه وراءها. |