ثلاثة + واحد

جواد العطار

بعد ثمانية أشهر، من الحوارات والمفاوضات والسجالات بين الكتل الفائزة توجت بمبادرة السيد مسعود البارزاني في اجتماعات الطاولة المستديرة بأربيل وبغداد لتنهي المخاض بتسمية الرئاسات الثلاثة مضافاً اليها رئاسة جديدة رابعة، جاءت الولادة بابرام اتفاق سياسي بين علاوي والمالكي بضمانة البرزاني.

 هذه الصفقة التي قرأها رئيس البرلمان الجديد أسامة النجيفي في جلسة الخميس المصادف 11/11، تضمنت الاتفاق على تشكيل مجلس وطني للسياسيات الاستراتيجية ليكون رئاسة رابعة الى جانب الرئاسات الثلاث: رئاستي الجمهورية والبرلمان، ورئاسة الوزراء... على أن يكون رئيس المجلس الوطني الجديد من نصيب الدكتور اياد علاوي زعيم القائمة العراقية.

أن خلفية تشكيل المجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية ما هي الا تعبير حقيقي عن مفهوم الشراكة الحقيقية في صنع القرار والتي ما فتئت تطالب به القائمة العراقية، ولطالما شكت من غيابها طيلة السنوات الاربع الماضية، وهي ذات الفكرة التي أطلقها نائب الرئيس الامريكي بايدن في وقت سابق خلال زياراته المكوكية الى بغداد، والذي طالب بتقاسم السلطة بين العراقية ودولة القانون، بمعنى تقاسم او توزيع الصلاحيات اذا صح التعبير.

وبعد ان انجزت القيادات السياسية مهامها، اصبحت الكرة في ملعب البرلمان، الذي تقع على عاتقه مسؤولية انجاز قانون تشكيل المجلس الوطني الجديد وتحديد صلاحياته ومهامه خلال شهر واحد من جانب...

ومن جانب آخر في ملعب السيد المالكي الذي هو الآخر مطالب خلال ذات الشهر بإنجاز مهمة تشكيل الحكومة، اذن الترابط بين المسألتين من الناحية الزمنية والجدلية والموضوعية سوف يحكم، بما لا يقبل الشك، مساري تكوين المجلس الوطني وتشكيل الحكومة على حد سواء. وإذا ما سارت الامور مرضية للعراقية ؛ وخاصة للدكتور اياد علاوي ؛ في تشكيل المجلس الوطني الجديد وصلاحياته، فسوف تنعكس ايجابياً على فعالياتها ومشاركتها في تشكيل الحكومة القادمة، والعكس صحيح.

ولو سلمنا، وهذا ما نتمناه، أن تسير الامور وفق ما تم الاتفاق عليه وانجز بين السياسيين، من تشكيل المجلس الوطني والحكومة في موعدها الدستوري، فنحن أمام مسارين خلال السنوات الاربع القادمة، وعلى النحو التالي:

المسار الاول: الانسجام والتعاون والتكامل بين الرئاسات الاربع، وخاصة بين المجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية ورئاسة الوزراء، وهذا ما سوف يترجم وينعكس بمزيد من الخدمات والاستقرار الامني والسياسي.

المسار الثاني: التنازع والتداخل بين الرئاسات الاربع ؛ وخاصةً بين رئاسة الوزراء والمجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية بما يحولها الى خنادق ومتاريس تنطلق منها المعوقات واسباب الخلاف ووضع العصي في عجلة الآخر، وبالتالي ينعكس الاداء سلبا على شعبنا بمزيد من الدماء والدمار والبطالة والعزلة السياسية وتراجع الخدمات.

ولكي لا نقع في المسار الثاني الذي لا يتفق مع آلية النظام البرلماني القائمة على التعاون والتكامل، يتطلب ما يلي:

1. سن قانون واضح وشفاف للمجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية، لا يحتمل التفسير والتأويل والاختلاف.

 2. توضيح اهداف وهيكلية المجلس الجديد والمهام والصلاحيات الموكلة إليه، وتنظيم علاقته بالرئاسات الثلاث.

3. اعتماد بث جلسات المجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية وبشكل مباشر، أسوة بجلسات مجلس النواب، لكي يكون للشعب والاعلام ومنظمات المجتمع المدني دورهم في المواكبة والتحفيز والتعبئة والمشاركة الفعالة في التحولات السياسية.

إن ما تبقى من السنوات الاربع للدورة الانتخابية الحالية، تعد ساحة اختبار للقوى السياسية برمتها، والرئاسات بمجموعها 3+1 لتقديم ما بجعبتها، بالتفاهم والتعاون والفصل بين السلطات وتقديم الخدمات والارتقاء بالممارسة السياسية الى الافضل، بعيدا عن التداخل والتنافر والصراع.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 27/تشرين الثاني/2010 - 20/ذو الحجة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م