شبكة النبأ: الملح والسكر مادتان
أساسيتان للحياة، لا يستغني عنهما أبدا، ولا تطيب الحياة والصحة
دونهما.
إن المفهوم الخاطئ لاعتبارهما سموم البدن يرجع إلى ارتباطهما الوثيق
بمرضين خطيرين يؤرقان البشرية ويحصدان ملايين البشر سنويا وهما مرض
السكري ومرض ارتفاع ضغط الدم، ويعتبران من أكثر أسباب الوفيات في
العالم، وتنفق الدول أموالا تقدر بالمليارات لعلاج مثل هؤلاء المرضى،
بالإضافة إلى ما يفرضه من ميزانية خاصة وكبيرة على المريض. لا يتفق
المفهوم العلمي بتسميتهما بسموم البدن لأن السم عادة يكون خطيرا ومميتا
في حالة أخذه بجرعة معينة، لكن بالنسبة إلى السكر والملح فأن نقصهما في
الجسم يؤدي إلى أمراض خطرة لا يقل أذاها عن المرضين السابقين، لكن هذه
الأمراض ليست شائعة الوجود مثل مرضي السكر وارتفاع ضغط الدم.
التقرير التالي يكشف عن أهمية وفوائد هذين المادتين وخطورتهما عند
الأفراط باستخدامهما.
السكر وضغط الدم
يعرف الجميع أن تناول الملح بكثرة من شأنه أن يرفع ضغط الدم إلى
مستويات خطيرة، ولكن دراسة جديدة أعدها عدد من الأطباء أكدت أن الإفراط
في تناول السكر والحلويات قد يكون له تأثير مماثل، في تطور قد يبدل
النظرة نحو مرض ضغط الدم الذي يقلق مئات الملايين حول العالم.
وتشير الدراسة إلى أن تناول كميات كبيرة من الأغذية التي تحتوي على
سكر فروكتوز الموجود بكثرة في الفاكهة والذرة، أو شرب أكثر من عبوتين
من المشروبات الغازية يومياً يودي إلى تزايد خطر ارتفاع ضغط الدم بنسبة
30 في المائة، حتى وإن تناول المرء حمية غذائية خالية من الملح.
وقال الطبيب مايكل شونشل، كبير العاملين على الدراسة وأخصائي أمراض
الضغط في المركز الطبي التابع لجامعة كولورادو: المشكلة أن الفركتوز
منتشر بكثرة في الأطعمة، ولو دخلت اليوم إلى أي بقاله فستجد أن
المنتجات التي تحتويه في كل مكان. حسب سي ان ان
وقال شونشل إن نتائج دراسته جاءت بعد مسح شمل 4500 شخص من كل أنحاء
الولايات المتحدة، وجميعهم من بين الأصحاء الذين لا يعانون من أمراض
الضغط، واستمرت عمليات المراقبة الطبية لأولئك الأشخاص أربع سنوات
تقريباً.
وبحسب الدراسة، فإن الشخص البالغ يتناول يومياً 74 غراماً من
الفركتوز، ما يعادل كمية السكر الموجودة في علبتين ونصف من الصودا.
ولكن يتناول كميات أكبر من السكر معرض لارتفاع الضغط إلى حدود 14/9
بنسبة 30 في المائة، و16/10 بنسبة 77 في المائة، علماً أن مستويات ضغط
الدم الطبيعية هي 12/8.
من جهتها، شككت شاريل لافر، أخصائية الأمراض الباطنية في مركز جامعة
A&M للطب في تكساس بنتائج الدراسة، مشيرة إلى أنها لا تشرح الأسباب
الفزيولوجية التي تدفع السكر للتسبب بارتفاع الضغط.
وأضافت لافر أن خلاصة الدراسة قد تكون فسرت بصورة عكسية، إذ أن
المصابين بارتفاع ضغط الدم يقبلون على تناول السكر بعد الامتناع عن
تناول الملح، وبالتالي يزداد لديهم استهلاك الفركتوز، لكنهم يفعلون ذلك
بعد إصابتهم بالمرض، وبالتالي فإن السكر ليس له دور في رفع ضغط الدم.
وأدت الدراسة إلى ردة فعل غاضبة من شركة كورن ريفاينرز إحدى أكبر
الشركات المصنعة لأغذية الذرة الغنية بالفركتور، فردت في بيان بالقول
إن الدراسة غير دقيقة ولم تسجل بالكامل طبيعة الأنظمة الغذائية للأشخاص
الذين شملهم المسح، كما قالت إن إشارة الدراسة لوجود 74 غراماً من
السكر في كل علبتين ونصف من الصودا غير صحيح.
ولكن شونشل دافع عن الدراسة بالقول إنها تنسجم مع دراسة مماثلة ظهرت
مطلع العام تشير إلى أن خفض كميات السكر المقدمة إلى فئران في المختبر
أدى إلى تراجع في مستويات ضغط الدم لديها.
تناول الملح إدمان
لا شك أن كثيرا من شعوب العالم يحبون تناول الأطعمة المالحة،
والأميركيون خصوصا يحبون الملح، لدرجة أن إدارة الرقابة على الغذاء
والدواء في الولايات المتحدة تفكر في الحد من كمية الصوديوم في الأغذية
المعلبة.
ومن المؤكد أن تخفيض كمية الصوديوم الموجودة في الملح ضمن الأطعمة
سيكون له أثر مهم على صحة السكان، إذ يستهلك المواطن الأميركي العادي
الصوديوم بنحو 50 في المائة أكثر مما يوصي به الخبراء، يأتي معظمها من
الأغذية المصنعة. حسب سي ان ان
ورغم انه يضيف النكهة، ويساعد في المحافظة على المواد الغذائية، إلا
أن الصوديوم الموجود في الملح يتسبب في ارتفاع ضغط الدم، ويزيد من خطر
الاصابة بالنوبات القلبية والسكتة الدماغية، ومشاكل صحية أخرى.
ويشار إلى أن الصوديوم هو أحد مكونات ملح الطعام، غير أنه يوجد في
مواد غذائية أخرى.
كيف نضبط غذائنا؟
ولكن هل يمكن التعامل مع تخفيض مفاجئ للملح؟ لا يبدو، إذ أن إذا
إدارة الغذاء والدواء لن تقلل من الصوديوم في الأطعمة بشكل كبير، لكنها
ستفعل ذلك تدريجيا، وذلك لأن الناس لا يمكنهم تحمل اختلاف نكهة الطعام
بشكل سريع.
ويقول الخبراء إن الأمريكيين باتوا معتادين على مستويات عالية من
الصوديوم والملح المضاف إلى الطعام، وإن السبيل الوحيد لللإقلاع عن هذه
العادة قد تكون في التعود التدريجي على تقليل استهلاكهما.
وتقول اختصاصية التغذية جيني غازانيغا مولو عندما نتوقف عن استخدام
الملح فجأة، فسيكون هناك فرق كبير في طعم الأغذية.. وبالنسبة لمعظم
الناس، فالطعم هو أهم سبب لتناول وجبة ما.. وإذا كنا خفض الصوديوم بشكل
مفاجئ جدا، فلن يأكلوا الطعام.
ولكن كيف نعرف إن كنا مدمنين على تناول الملح؟ فإلى جانب الحلو
والحامض والمر، فالملح هو واحد من النكهات الأساسية التي يعترف عليها
اللسان عند الإنسان. وكما أن بعض الناس لديهم رغبة في تناول الحلو،
فإن البعض الآخر يسعون للطعام للمالح أكثر من غيرهم.
إلا أنه رغم ذلك، فإن الخبراء لا يزالون يسعون الى فك العوامل التي
تؤثر على شهية الفرد للطعام المالح.
ويبدو أن بعض تلك العوامل بيولوجيي، إذ تشير الدراسات، على سبيل
المثال، إلى أن الأطفال الذين كانت امهاتهم يعانين من الغثيان الصباحي
وهن يحملنهم، يميلون إلى أن تناول الملح أكثر من غيرهم، لأن القيء
يستنزف مستويات الصوديوم في الجسم وعن الجنين.
وأشارت دراسات أخرى غير حاسمة إلى أن تفضيلا الأفراد فيما يتعلق
بالأطعمة لها صلة بالإجهاد، والقلق، أو حتى السمات الشخصية.
خفض ملح الطعام يقلل الذبحات وأمراض القلب
فوائد عظيمة
كشفت دراسة أمريكية أجريت مؤخراً بأن خفض كمية الملح في الطعام
بواقع نصف ملعقة صغيرة يومياً، يمكن أن يحقق مزايا وفوائد صحية، تواكب
تلك التي تتحقق عن خفض معدلات الكوليسترول، أو الإقلاع عن التدخين، أو
خفض معدلات السمنة والبدانة.
وأوضحت الدراسة أنه في حال تنفيذ ذلك، أي خفض كمية الملح بمقدار نصف
ملعقة صغيرة أو ما يعادل 3 غرامات (نحو 1200 ميلليغرام من الصوديوم)،
فإن عدد المصابين بالذبحات الصدرية في الولايات المتحدة، يمكن أن ينخفض
ليصل إلى 13 في المائة من عدد الأمريكيين.
كذلك توقعت الدراسة، التي نشرت في الدورية الطبية المتخصصة
نيوإنغلاند جورنال أوف مديسن، أن ينخفض عدد حالات الإصابة الجديدة
بأمراض القلب والذبحات الصدرية، بنسبة 11 في المائة، و8 في المائة على
الترتيب. حسب سي ان ان
وأكدت الدراسة أن خفضاً بمعدل غرام واحد من ملح الطعام بصورة يومية،
سيقلل من عدد المصابين بأمراض القلب والذبحات الصدرية بصورة ملحوظة.
وقالت المشاركة في إعداد الدراسة، كيرستن بيبينز-دومينيغو، الأستاذة
بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، إن مجرد خفض كميات الملح في الطعام
بصورة يومية يمكنه أن يحقق فوائد كثيرة للأمريكيين.. وهذا هو أفضل تدخل
ممكن بالنسبة لأولئك المعنيين بالصحة العامة، نظراً لأن الأثر الناجم
عن ذلك سيكون كبيراً جداً.
الأمر المثير في الدراسة أيضاً أن تقليص مقادير ملح الطعام في الأكل
سينجم عنه كذلك خفضاً في تكاليف العلاج بمبالغ تتراوح بين 10 و24 مليار
دولار، وفقاً لكيرستن.
مخاطر على القلب
قال باحثون امريكيون ان تناول الكثير من السكر لا يجعلك بدينا فحسب
ولكن ربما يزيد ايضا من خطر الاصابة بمرض القلب.
وقالوا ان الذين يتناولون السكر المضاف الى الاطعمة والمشروبات بشكل
اكبر هم اكثر عرضة لان تكون لديهم عوامل اكثر خطورة للاصابة بامراض
القلب مثل الدهون الثلاثية وانخفاض مستويات البروتين الدهني عالي
الكثافة الذي يحمي الانسان او (اتش.دي.ال) كوليسترول.
وقالت الدكتورة مريم فوس من كلية طب ايموري التي شاركت في الدراسة
المنشورة في دورية رابطة الطب الامريكية في بيان "تماما مثلما يمكن ان
يرفع تناول طعام به دهون عالية مستويات الدهون الثلاثية وارتفاع
الكوليسترول فان تناول السكر يمكن ايضا ان يؤثر على تلك الدهون ذاتها.
حسب رويترز
وتزيد الدراسة من الضغط المتزايد على شركات الغذاء الامريكية لجعل
اغذيتها صحية اكثر اذ يحول اصلاح جديد للرعاية الصحية في الولايات
المتحدة تم اقراره تركيز البلاد الى سبل منع الامراض بدلا من معالجتها
فحسب.
واوصى تقرير للمؤسسة الطبية ذات التأثير القوي صدر بان تبدأ ادارة
الاغذية والدواء الامريكية في تنظيم مقدار الصوديوم في الاغذية.
وبحثت عدة ولايات من بينها نيويورك وكاليفورنيا فرض ضريبة على
المشروبات الغازية المحلاة لتخصيصها لتكاليف علاج الامراض المتصلة
بالبدانة.
وقالت فوس وزملاؤها ان اضافة مواد التحلية الى الاغذية سابقة
التجهيز والمشروبات في العقود الاخيرة زاد بصورة كبيرة الجرعة اليومية
للامريكيين من السكر والسعرات الحرارية بشكل عام.
خطران قائمان
يتفق باحثون على أن السكر والملح يضران بصحة الامريكيين من خلال رفع
ضغط الدم والكولسترول وقد يكون وضع قواعد منظمة السبيل الوحيد للمساعدة.
واستهدف تقريران نشرا المكونين الاكثر شعبية وينضمان الى اراء علمية
متزايدة تشير الى أن الامريكيين لن يستطيعوا تحسين عاداتهم الغذائية
لتكون اكثر صحية بدون مساعدة من صناعة الاغذية.
ويشير التقريران الى تناول الامريكيين المزيد والمزيد من السكر
والملح في العقود الاخيرة ومعظمها ليست مرشوشة على الطعام. انها في
أقراص البرجر والمياه الغازية والاطعمة المعالجة التي يلتهمها البالغون
والاطفال على حد سواء. حسب رويترز
وقالت لجنة بمعهد الطب ان جهود التعليم لمساعدة الامريكيين في خفض
كميات الملح التي يتناولونها لم تنجح وان على ادارة الاغذية والعقاقير
الامريكية أن تبدأ في وضع قواعد منظمة للصناعة للمساعدة في ازالته من
الاغذية.
ويتفق قائمون على وضع القواعد المنظمة وصناعة الغذاء على أن
الامريكيين لا يستطيعون التنازل عن الملح فجأة وسيتعين فطامهم عنه
تدريجيا. ويضيف الصوديوم نكهة للاغذية تجعلها مستساغة ويطيل مدة
صلاحيتها.
وفي دراسة أخرى وجدت ميريام فوس من كلية ايموري للطب في جورجيا
وزملاؤها أنه كلما يأكل الناس كميات اكبر من السكر كلما تسوء مستويات
الكوليسترول لديهم.
وقالت فوس في تصريح مثلما يمكن أن يزيد النظام الغذائي الذي يحتوي
على نسبة عالية من الدهون مستويات الدهون الثلاثية والكوليسترول العالي
فان تناول السكر ايضا يمكن أن يؤثر على نفس الدهون.
وأظهرت دراسات أن الامريكيين يتناولون كميات من السكر في الاغذية
والمشروبات اكثر من التي كانوا يتناولونها في الاعوام السابقة. ويمكن
الربط بشكل مباشر بين استخدام منتجات السكر المعالجة مثل شراب الذرة
الذي يحتوي على نسبة عالية من الفركتوز ومعدلات الاصابة بالسكري.
وتحشد صناعة الاغذية والمطاعم الدعم لوضع قواعد تنظيمية لنفسها
قائلة ان الامريكيين بحاجة الى السيطرة على عاداتهم الغذائية. لكن
العلم يظهر أن من الصعب اتباع نظام غذائي أمريكي تقليدي دون استهلاك
الكثير من الملح والسكر.
وكل هذا يشير الى شيء واحد هو الحاجة الى وضع المزيد من القواعد
المنظمة للاطعمة.
وفي حين أن اتخاذ خطوة للحد من استخدام السكر ليس وشيكا فان
السناتور توم هاركين عضو مجلس الشيوخ يقول ن المجلس سيضغط على ادارة
الاغذية والعقاقير لاتخاذ اجراءات صارمة للحد من استخدام الملح الذي
يسهم بشكل واضح في انتشار ارتفاع ضغط الدم على نطاق واسع.
وقالت اليس ليختنستاين من الجمعية الامريكية لامراض القلب عبر
الهاتف "ما نأمله جميعا هو وضع سياسة اتحادية بحيث يصبح هذا الزاميا.
أعتقد أن الطريقة المثلى هي التحرك ببطء وثبات.
وأضافت اذا أصبحت التخفيضات الشاملة للصوديوم في غذائنا قانونا
فأعتقد أن اتباع نهج تدريجي ربما يكون السبيل الافضل على المدى الطويل
لضمان حدوث هذا وتقبل الناس له.
وتعهدت نيويورك التي حظرت التدخين واستخدام الدهون الصناعية
المهدرجة بالمطاعم بخفض استخدام الملح في اغذية المطاعم والاغذية
المعلبة بنسبة 25 في المئة على مدار خمسة أعوام.
وبالنسبة للسكر اقترح السناتور دين فلوريز تشريعا في فبراير شباط
لفرض ضرائب على المشروبات الغازية وغيرها من المشروبات المحلاة بالسكر
واستخدام عائداتها في تمويل برامج لمكافحة السمنة المفرطة بين الاطفال.
كما فرضت كاليفورنيا قواعد تقضي بوضع المطاعم بيانات عن السعرات
الحرارية التي تحتوي عليها الاطباق التي تقدمها في قوائم الطعام وحظرت
استخدامها للدهون المهدرجة بالاضافة الى منع بيع المياه الغازية في
المدارس الحكومية.
وعارضت الرابطة الامريكية للمشروبات ومن أعضائها كوكا كولا وكرافت
للمنتجات الغذائية فرض ضرائب على المشروبات الغازية معارضة شديدة ونجحت
في هذا.
غير أن صناعة الاغذية كانت اكثر قابلية لتوفير أغذية تحتوي على نسب
اقل من الملح وتقول ادارة الاغذية والعقاقير الامريكية انها ستتعاون مع
المصنعين حتى يجري الانتقال بسلاسة.
وأظهرت ادارة الرئيس الامريكي باراك أوباما والكونجرس رغبة قوية في
وضع قواعد تنظيمية لصناعة الاغذية والمطاعم.
وينص تشريع اصلاح الرعاية الصحية على أن تضع سلاسل المطاعم الكبيرة
بيانات عن السعرات الحرارية التي تحتوي عليها أطباقها في قوائم الطعام. |