قمع الحريات الدينية... غباء سلطات ام نزعة تاريخية

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: يتصاعد بشكل خطير في العديد من دول العالم وخاصة دول منطقة الشرق الاوسط، توترا طائفيا غير مسبوق، تخلل ارهاصاته مشاهد عنيفة وتجاوزات مؤلمة تسببت بسقوط الكثير من الضحايا، فضلا عن انتهاكات متكررة بحق الاقليات الدينية في تلك الدول.

فيما تزامن تقرير وزارة الخارجية الامريكية الذي صدر مؤخرا مع بعض الاحداث التي تشهدها المنطقة، في كل من مصر وايران والعراق واليمن والسعودية وبعض الدول الاسلامية الاخرى، فيما غض التقرير النظر عن بعض التجاوزات لأغراض سياسية، كما هو الحال في الحملة الشرسة التي تعرض لها الشعب البحريني قبيل الانتخابات البرلمانية.

وشملت الانتهاكات المرصودة خلال العام المنصرم بعض الدول الاوربية التي جهدت في التضييق على الاقليات المسلمة، ضمن حزم من التشريعات التي تصادر حقوقهم المدنية والدينية.

ويعتمد على مصادر تشمل صحفيين وأكاديميين ومنظمات غير حكومية وجماعات مدافعة عن حقوق الانسان وجماعات دينية قائمة طويلة بالانتكاسات والتحسنات في الحريات الدينية في أرجاء العالم. وقدم التقارير تفاصيل تبين كيف أن القمع الديني هو القاعدة في دول كثيرة.

وتعود ظاهرة قمع الحريات الدينية خصوصا في منطقة الشرق الاوسط الى جذور تاريخية واجتماعية تضافر معها غباء مطبق للسلطات الديكتاتورية التي تهيمن على المنطقة.

قمع الحريات الدينية

فقد اتهم تقرير الحريات الدينية دولا تتراوح من كوريا الشمالية إلى اريتريا بقمع تلك الحريات.

وقال التقرير إن احترام الحرية الدينية في الجمهورية الاسلامية تدهور وان وسائل الاعلام التي تخضع لسيطرة الحكومة شددت الحملات السلبية ضد الاقليات الدينية.

وأشار التقرير الى ان الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد "واصل حملة قاسية معادية للسامية وشكك في وجود وحجم المحارق (النازية") كما قال التقرير ان المسلمين الصوفيين تعرضوا لأعمال قمع متزايدة.

وأضاف التقرير "استمر استخدام القوانين التي تستند الى الانتماءات الدينية في تقييد حرية التعبير والانتماء بما في ذلك ما يحدث من خلال سجن الشخصيات العامة."

السعودية:

أشار التقرير إلى أن السعودية وهي حليف للولايات المتحدة لا تعترف بحرية الدين ولا تحميها لكنها تضمن حق الجميع -- بمن فيهم غير المسلمين -- في العبادة مع عدم الجهر بها.

وبينما بقيت القيود بصفة عامة على الانشطة الدينية قال التقرير انه رصد تحسينات اثناء فترة اعداد التقرير شملت "اجراءات انتقائية لمحاربة الايديولوجيات المتطرفة."

السودان:

قال التقرير ان دستور السودان يسمح بحرية الدين في شتى انحاء البلاد. لكن من الناحية العملية فان الاسلام هو الدين المفضل في الشمال الذي يغلب المسلمون على سكانه بينما في الجنوب شبه المستقل توجد بشكل عام حرية لممارسة الدين.

وقال التقرير انه على عكس فترة اعداد التقرير السابق فان بعض الكنائس في الشمال تمكنت من اقامة الصلوات بانتظام والاحتفال بالعطلات.

ميانمار (بورما):

قال التقرير إن الحكام العسكريين لميانمار تجاهلوا ضمانات دستورية عن حرية الدين وفرضوا قيودا منهجية على الجهود التي يبذلها رجال الدين البوذيون لتعزيز حقوق الانسان والحريات السياسية.

وجاء في التقرير ان الحكومة روجت بنشاط لبوذية ثيرافادا احدى فروع العقيدة البوذية لا سيما بين الاقليات ومارست ضغوطا على الطلاب والشبان الفقراء لاتباعها.

وقال التقرير "الجماعات المسيحية والمسلمة واصلت كفاحها للحصول على موافقة لاصلاح أماكن العبادة أو بناء أماكن جديدة" مضيفا ان اقلية الروهنجيا المسلمة تعرضت للتمييز من الناحية القانونية والاقتصادية مما أدى الى فرار كثيرين منهم الى دول مجاورة.

الصين:

قال التقرير ان الحكومة الشيوعية في الصين زادت من اساليب القمع في منطقة شينجيانغ خلال العام في اعقاب حملة لاخماد الاضطرابات بين المسلمين اليوغور في المنطقة في يوليو تموز 2009 . وقال ايضا ان القمع الديني ما زال يمارس بقسوة في التبت موطن الدلاي لاما الذي يعيش في المنفى في حين شددت الرقابة على جماعات دينية في اجزاء اخرى من البلاد خلال "فترات حساسة" مثل الذكرى الستين لتأسيس جمهورية الصين الشعبية. غير ان التقرير أشار الى بعض التطورات الايجابية التي توحي بتنامي الديانات الصينية التقليدية مثل البوذية الصينية وأن وسائل الاعلام الرسمية نشرت مقالات تناقش الحريات الدينية.

كوريا الشمالية:

قال التقرير انه غالبا ما يشار الى كوريا الشمالية على أنها واحدة من أسوأ منتهكي حقوق الانسان في العالم وهي أيضا تعارض بشدة الحرية الدينية.

وجاء في التقرير "لم يرصد اي تغيير فيما يتعلق باحترام الحرية الدينية من جانب الحكومة أثناء فترة اعداد التقرير واستمرت سياسة الحكومة في التدخل في قدرة الفرد على اختيار وممارسة دينه أو دينها."

وأشار التقرير الى ان القيود التي تفرضها الحكومة في البلد المنعزل جعلت من الصعب التحقق من الحالات الفردية لكن تقارير المنشقين تشير الى ان الحكومة زادت في السنوات الاخيرة من تحقيقاتها وأعمال القمع ومحاكمة الجماعات الدينية غير المسموح بها.

وقال انه يعتقد انه يوجد عدد يقدر بين 150 الفا و200 الف شخص محتجزين في معسكرات اعادة تثقيف بعضهم لاسباب دينية.

اوزبكستان:

قال التقرير إن الدولة الواقعة في اسيا الوسطى تقصر العديد من الحقوق على الجماعات الدينية المسجلة وتفرض عقوبات جنائية على انشطة مثل التحول من دين لاخر ونشر اديان جديدة وتراجع احترام الحريات الدينية بصورة مجملة.

وقال التقرير "حملة الحكومة ضد أعضاء الجماعات الدينية غير المسجلة استمرت وتم اعتقال الاعضاء المزعومين وصدرت عليهم أحكام مطولة بالسجن."

اريتريا:

قال التقرير ان هذا البلد الواقع في القرن الافريقي الذي ينقسم سكانه بين جماعات مسلمة ومسيحية متنوعة لم ينفذ حتى الان دستور 1997 الذي ينص على حرية العقيدة ويقاوم جهود دبلوماسيين امريكيين للتصدي لهذه القضية.

اوربا

في السياق ذاته أبدت الولايات المتحدة قلقها من تدهور الحريات الدينية في بعض البلدان الاوروبية حيث فرضت "تدابير قاسية" تحد من حرية التعبير الدينية.

وأعلنت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون عن صدور أحدث تقرير لوزارة الخارجية الامريكية عن الحريات الدينية في العالم الذي يصنف دول العالم.

وقالت كلينتون في مؤتمر صحفي "الحرية الدينية حق أساسي من حقوق الانسان وعنصر أساسي في أي مجتمع مستقر ومسالم ومزدهر."

والتقرير يشير كذلك الى بلدان مثل فرنسا التي أقر فيها مشرعون قوانين تحظر على المسلمات ارتداء النقاب وسويسرا حيث أقر الناخبون قانونا يحظر على المسلمين بناء مآذن.

وقالت كلينتون "فرض عدد من البلدان الاوروبية قيودا قاسية على حرية التعبير الدينية" وأضافت أن "الضرر المستمر الناجم عن عدم التسامح وانعدام الثقة" قد يلحق ضررا بالحريات الدينية مثلما تسببه أعمال الحكومات التسلطية أو الجماعات المتطرفة.

وقال مايكل بوزنر أكبر مسؤول في وزارة الخارجية الامريكية عن الديمقراطية وحقوق الانسان ان الصورة الاجمالية للحريات الدينية في العالم كانت مختلطة حيث يعادل القمع المتزايد في بلدان مثل ايران وميانمار التحسينات في دول مثل اندونيسيا.

وأضاف أن التوترات الدينية المتزايدة في أوروبا أثارت انزعاج المسؤولين الامريكيين الذين يحثون الحكومات الاوروبية على احترام حقوق المسلمين والاقليات الدينية الاخرى في ظل الخوف العام المتزايد من الاسلام في أوروبا. وقال بوزنر "من المؤكد أن هناك حساسية وتوترا متزايدين في أوروبا."

وأضاف أن ما "نحث أصدقاءنا الاوروبيين مرة أخرى على عمله هو اتخاذ كل اجراء لتهدئة ذلك التوتر."

وقال بوزنر ان المسؤولين الامريكيين تحدثوا بشكل محدد مع نظرائهم في سويسرا حيث قرر الناخبون في العام الماضي حظر بناء المآذن وفي فرنسا حيث صوت المشرعون في يوليو تموز الماضي على حظر ارتداء النقاب في الاماكن العامة.

وقد وردت تقارير موثوق منها أفادت ان حكومة الصين حاولت إرغام إعادة مسلمي الويغور وبوذيي التيبت من بلدان أخرى بسبب ما يقومون به من نشاطات دينية فيها أو إطلاق دعوات للحرية الدينية.

وعلى غرار ذلك واصلت حكومة اوزبكستان ترحيل أعضاء يزعم بأنهم أعضاء جماعات دينية اعتبرتهم متطرفين إسلاميين من بلدان أخرى، بالأخص روسيا، رغم أنه لم تحصل عمليات إبعاد خلال الفترة التي يغطيها هذا التقرير.

ايران تتهم واشنطن

من جهتها اتهمت ايران واشنطن بانها "اكبر منتهك للحقوق الدينية للمسلمين" وذلك بعد ان اتهمتها وزارة الخارجية الاميركية باساءة معاملة الاقليات الدينية.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية رامين مهمنبارست ان "الحكومة الاميركية تعرب عن القلق لوضع العقائد المزيفة التي اصطنعها المستعمرون البريطانيون والصهاينة في حين انها اكبر منتهك للحقوق الدينية للمسلمين".

وفي بيان بثته وكالة الانباء الايرانية اكد مهمنبارست "نفي ادعاءات وزارة الخارجية الاميركية" التي جاءت في تقريرها السنوي بشان الحريات الدينية. بحسب فرانس برس.

رفض مصري

على الصعيد ذاته قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية ان التقرير السنوي لوزارة الخارجية الاميركية حول وضع الحربات الدينية في العالم "مرفوض من حيث المبدأ لأنه يصدر عن جهة لا حق لها في اجراء مثل هذا التقييم".

واضاف المتحدث في بيان ان التقارير التي تصدرها الخارجية الاميركية "تقدم من حيث المضمون صورة غير متوازنة عن اوضاع الحريات الدينية في مصر اتساقا مع ميلها للاعتماد اما على تقارير اعلامية او على مصادر غير حكومية تعوزها المصداقية دون ان تسعى لابراز وجهة النظر الاخرى".

وقال "نرفض قيام دولة بتنصيب نفسها وصيا على اداء دول مستقلة ذات سيادة دون مرجعية او سند" مشددا على ان "مصر معنية فقط بما يصدر عن الجهات التابعة للامم المتحدة".

وكانت الخارجية المصرية رفضت في بيان شديد اللهجة دعوة الولايات المتحدة الى مراقبة دولية للانتخابات التشريعية المصرية المقرر اجراؤها في 28 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري. وقالت وزارة الخارجية المصرية ان "المواقف الاخيرة للادارة (الاميركية) تجاه الشؤون الداخلية المصرية هي امر مرفوض بشكل قاطع من جانب مصر". واضاف البيان ان مصر "تعتز كل الاعتزاز بسيادتها واستقلال ارادتها الوطنية وانها لن تسمح لاي طرف كان بما في ذلك الولايات المتحدة بالتدخل في شأنها الداخلي تحت اي ذريعة".

وكانت دعوة الرئيس الاميركي السابق جورج بوش الى اجراء اصلاحات ديموقراطية في مصر، خصوصا خلال الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي جرت العام 2005، قد ادت الى توتر شديد في العلاقة بين البلدين. الا ان الاجواء تحسنت مع وصول باراك اوباما الى البيت الابيض حيث خففت ادارته من انتقاداتها الى مصر في مجال الديموقراطية.

مقتل شخص واصابة 51

الى ذلك قالت مصادر أمنية وطبية وبيان ان شخصا قتل وأصيب 51 اخرون في اشتباك بين مئات المتظاهرين المسيحيين وقوات مكافحة الشغب في مدينة الجيزة عاصمة محافظة الجيزة غربي القاهرة.

وقال مصدر أمني ان قوات مكافحة الشغب استخدمت العصي والقنابل المسيلة للدموع ضد المتظاهرين الذين كانوا يحتجون على أمر بوقف البناء في مبنى خدمات تابع لكنيسة السيدة العذراء والملاك ميخائيل بالمحافظة بينما رشق المتظاهرون القوات بالحجارة. في حين ذكر مصدر طبي أن هناك مصابين بالرصاص.

واتخذت الاشتباكات بعدا طائفيا عندما انضم عشرات المسلمين الى العنف. وأظهرت لقطات تلفزيونية أن بعض رجال الشرطة رشقوا المتظاهرين بالحجارة. وقال شهود عيان ان عشرات المسلمين ألقو حجارة على المتظاهرين المسيحيين.

وأضاف المصدر الامني ان الشرطة حاولت تفريق المتظاهرين بعد أن أغلقوا لنحو ساعتين شارع الاهرام المؤدي الى المنطقة الاثرية غربي القاهرة.

وقالت وزارة الداخلية ان الشرطة ألقت القبض على 112 على الاقل من المتظاهرين الذين قدرت وكالة أنباء الشرق الاوسط عددهم بما يصل الى ثلاثة الاف. لكن بيانا أصدره النائب العام عبد المجيد محمود الذي بدأ معاونوه التحقيق في الاحداث قال ان الشرطة ألقت القبض على 133 متظاهرا. ونظمت المظاهرة أمام مبنى محافظة الجيزة.

وقال المصدر الامني أن الشرطة ألقت القبض على عشرات المتظاهرين خلال الاشتباك. وأضاف أن الاشتباك بدأ بعد قيام متظاهرين بتحطيم مبنيين خشبيين صغيرين أحدهما تابع لشرطة المرور والاخر أمني وسيارة خاصة أمام مبنى المحافظة.

وتابع أن المتظاهرين هرعوا الى شوارع جانبية بعد القاء قنابل الغاز المسيلة للدموع وأغلقوا أحدها وحطموا عددا من السيارات الخاصة قبل أن يتوجهوا الى مبنى حي العمرانية القريب ويحطموا واجهته الزجاجية وشاحنة صغيرة تابعة له.

وقال مصدر طبي ان أغلب المصابين نقلوا الى مستشفى أم المصريين القريب من مبنى محافظة الجيزة لعلاجهم وان جثة القتيل -وهو شاب مسيحي يدعى مكاريوس جاد شاكر (19 عاما) - نقلت الى مستشفى أم المصريين أيضا.

وأضاف أن باقي المصابين نقلوا الى مستشفيين اخرين موضحا أن عشرة من المصابين غادروا المستشفيات بعد تلقي اسعافات.

وتابع أن ثلاثة من الجرحى أصيبوا بالرصاص وفي حالة خطيرة وأن أحدهم ويدعى حربي مملوك اسرائيل (30 عاما) نقل من مستشفى أم المصريين الى مستشفى قصر العيني "بين الحياة والموت."

وقالت وزارة الصحة ان 35 شخصا أصيبوا بينهم 13 من رجال الشرطة لكن بيان النائب العام قال ان 51 أصيبوا بينهم سبعة ضباط شرطة وأحد عشر مجندا.

ووقع الاشتباك قبل أربعة أيام من انتخابات مجلس الشعب التي كانت هي الاخرى سببا في اشتباكات عنيفة.

وقال المحلل السياسي نبيل عبد الفتاح من مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ان هناك احتقانات طائفية ظاهرة في المجتمع المصري وأصبحت أكثر التهابا بسبب المعركة الانتخابية.

وأطلقت الشرطة المصرية قنابل الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين وأن المتظاهرين يردون عليها بالحجارة مرددين هتافا يقول "بالروح بالدم نفديك يا صليب". كما رددوا هتافات تؤكد الاصرار على اتمام المبنى.

وقال محافظ الجيزة سيد عبد العزيز ان نائب مدير الامن في المحافظة وقائد قوات الامن المركزي وضباطا أصيبوا.

وقال لوكالة أنباء الشرق الاوسط ان الكنيسة حاصلة على ترخيص بمبنى خدمات لكن المبنى الذي يجري انشاؤه هو كنيسة. وأضاف أن المحافظة رفضت بناء كنيسة بدلا من المبنى المرخص به.

وأضاف "عندما لاحظنا مظاهر تحويله الى كنيسة ببناء قبة أعلاه تحاورنا مع المسؤولين عن الكنيسة وقيادات مسيحية كثيرة لوقف هذه الاعمال لانها تحتاج لرخصة جديدة."

وتابع أنه أبلغ بعض القيادات المسيحية باستعداده الكامل لمساعدتهم على استخراج رخصة جديدة لهذا المبنى الخدمي "لكن عليهم (أولا) أن يوقفوا أعمال تحويله الى كنيسة." ويتكون المبنى من ثلاثة طوابق تعلوها قباب.

وقال جورج حلمي (55 عاما) الذي يسكن بالقرب من الكنيسة "انهم لا يسمحون بدخول المعدات الثقيلة لذلك جاء المسيحيون بخلاطات أسمنت صغيرة." وتقول الكنيسة ان لديها ترخيصا قائما وانها تواصل البناء بدون معدات. وبناء وترميم الكنائس مصدر للتوتر بين الاقباط والسلطات في مصر.

ويقول رجال دين مسلمون ومسيحيون ان هناك وئاما طائفيا في البلاد. لكن نزاعات دامية تنشب أحيانا بسبب تغيير الديانة أو علاقات بين رجال ونساء ليسوا من نفس الطائفة. ومن النادر تنظيم احتجاجات مسيحية على هذا النطاق الواسع في مصر.

ويقول محللون ان على الدولة أن تستجيب لمطالب مسيحية مثل تسهيل بناء وترميم الكنائس في الوقت الذي يقوم فيه المسلمون ببناء وترميم المساجد بسهولة نسبية.

الحقوق الشخصية

من جهتها أدانت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بشدة استخدام قوات الأمن للعنف المفرط ضد متظاهرين أقباط أثناء احتجاجهم على وقف أعمال بناء كنيسة في منطقة الطالبية بمحافظة الجيزة، وهو ما أسفر عن مصرع متظاهر مسيحي واحد على الأقل وإصابة عشرات آخرين من بينهم بعض أفراد الأمن.

وطالبت المبادرة المصرية النائب العام بالإعلان الفوري عن نتائج التحقيقات في الأحداث ومقاضاة المسئولين عن إطلاق الرصاص على تجمعات الأقباط.

وقال حسام بهجت، مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية: "إن أحداث اليوم تمثل تصعيداً خطيرا في تعامل الدولة مع مواطنيها المسيحيين، فنحن لا نتحدث عن عنف مجتمعي على خلفية بناء كنيسة وإنما عن قوات أمنية تفتح نيرانها على متظاهرين يطالبون بممارسة حقهم الدستوري في ممارسة شعائرهم دون تعسف أو تمييز".

وأضاف بهجت: "بافتراض أن أقباط المنطقة سعوا إلى تحويل مبنى خدمي إلى كنيسة لإقامة شعائرهم، فإن ذلك لا يمكن أن يبرر تلك الدرجة من العنف الأمني وإطلاق الرصاص على المتظاهرين بدعوى مخالفة تصريح بناء!"

وشددت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية على ضرورة تنفيذ الدولة لالتزاماتها وتعهداتها بإزالة التمييز في القواعد المنظمة لإقامة دور العبادة في مصر وممارسة الحق الدستوري في حرية إقامة الشعائر الدينية.

وقال إسحق إبراهيم، الباحث ببرنامج حرية الدين والمعتقد في المبادرة المصرية "إن أحداث اليوم المفجعة لم تكن لتقع إلا في ضوء استمرار انتهاك الدولة لالتزامها بكفالة حرية الدين والمعتقد لكافة المواطنين دون تمييز".

الكويت وتقرير الفتنة

كما انتقدت صحيفة "القبس" الكويتية بشدة السفيرة الأمريكية بالكويت ديبورا جونز على خلفية التقرير الأخير الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية حول الحريات الدينية الذي انتقد الكويت، واصفة إياه بأنه تقرير الفتنة ومسيء للتعايش السلمي بين أطياف الشعب الكويتي.

وقالت الصحيفة تحت عنوان "سعادة السفيرة.. كفى اتهامات مضللة.. لتبرهنوا أنكم شرطي العالم" إن الكويتيين، الذين فتحوا أبواب بيوتهم للسفيرة الأمريكية، ديبورا جونز، ما كانوا يتوقعون يوما أن وزارة الخارجية الأمريكية التي تتلقى تقاريرها أولا بأول منها بشأن الكويت، ستنتقل من اتهام للبلاد إلى آخر، وهذه المرة حاول التقرير صب زيت الطائفية على نار الوضع في المنطقة، في خطوة لا يمكن وصفها إلا بتقرير فتنة، كما وصفه رئيس مجلس الأمة الكويتي جاسم الخرافي".

وكانت الخارجية الأمريكية قد انتقدت الكويت في تقريرها السنوي عن حرية الأديان، وقالت إن الحكومة الكويتية وضعت حدودا بدرجة ما على ممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين، كما أن الأقليات الدينية شعرت بقدر من التفرقة بسبب السياسات الحكومية.

وقال التقرير إن نسبة تمثيل المواطنين الشيعة في الجيش والشرطة كانت جيدة، إلا أنهم كانوا أقل في الحرس الوطني، وقد أعرب بعضهم عن أن هناك حاجزا من زجاج يحول دون توليهم مناصب قيادية.

وقالت صحيفة "القبس" الكويتية إنه كان حريا بالسفيرة الأمريكية في الكويت ديبورا جونز، التي تنتقل يوميا بكل أريحية وكل ترحيب من منزل إلى آخر أن تقول لوزارتها إن الكويت برغم السقف العالي للحريات ما زالت أسرة واحدة، وأن الأحداث الكبيرة التي عصفت بها كانت خير شاهد على تلاحم هذا الشعب، وفي مقدمتها محنة الغزو.

كما كان حريا بالسفيرة جونز أن تقول لكتاب التقارير، إن المنطقة لا تحتمل مزيدا من التأجيج، وإن تحذيرات بلادها من خطورة الأوضاع بالمنطقة وضرورة التهدئة كانت في واد وحقيقة النوايا في واد آخر.

وخاطبت الصحيفة جونز قائلة "سعادة السفيرة الأمريكية.. كان من الأجدر بكم أن تنقلوا لقياداتكم أن الكويتيين يرفضون بقاء أبنائهم في سجن أكبر دولة ديمقراطية في العالم، وأن الكويتيين بدأوا يشكون في نوايا السياسات الأمريكية التي تقوم على المصالح لا على تعزيز الروابط، كما تعكس المواقف الرسمية".

يذكر أنه كان هناك أربعة معتقلين كويتيين في معتقل جوانتانامو الأمريكي، تم الإفراج عن اثنين منهم هما خالد المطيري في التاسع من شهر أكتوبر الماضي وفؤاد الربيعة في التاسع من شهر ديسمبر الماضي والذي عاد بالفعل إلى الكويت بعد قضائه ثماني سنوات في المعتقل بتهمة الانتماء لتنظيم القاعدة ومساعدة مقاتلي طالبان أثناء الحرب الأمريكية على أفغانستان عام 2001 فيما يتبقي معتقلان كويتيان هما فوزي العودة وفايز الكندري لم يتم الإفراج عنهما ومعرضان للسجن مدى الحياة.

وتابعت الصحيفة: "أنه كان حريا بالسفيرة الأمريكية أن تقول لبلادها بدلا من صب زيت الطائفية على أوتار بلادي أن الكويتيين، كل الكويتيين، قلقون من نوايا أمريكا في نسج خريطة علاقات جديدة بالمنطقة تقوم أولا على تحقيق مصالح الشركات الأمريكية، وان كان على حساب أبناء المنطقة أبناء بلدي في المقام الأول رغم كل التضحيات التي قدمتها الكويت لأمريكا وفي أحلك الظروف".

الملخص التنفيذي لتقرير الحريات الدينية السنوي

يوثق تقرير الحرية الدينية وضع الحريات الدينية (في العالم)، ويتمحور اهتمام التقرير الأساسي على إجراءات حكومية رسمية تؤدي إلى القمع الديني أو تتساهل حيال العنف ضد الطوائف الدينية، وتدابير تعمل على صون الحرية الدينية وتشجيعها. ويحتوي كل تقرير عن كل دولة بمفردها أقساما وفقرات حول الديمغرافية الدينية للبلاد؛ واحترام حكومة ذلك البلد للحرية الدينية (بما في ذلك الإطار القانوني والسياسي، والقيود على الحرية الدينية، والإساءة للحرية الدينية، والتحسينات والتطورات الإيجابية)؛ واحترام المجتمع للحرية الدينية، وسياسات الحكومة الاميركية وإجراءاتها في هذا الشأن.

ويمكن تقييد الحرية الدينية بعدة طرق، العلنية منها والضمنية. والفئات الخمس أدناه تقدم أطرا تحليلية للتعرف على طائفة القيود على الحرية الدينية:

1) الحكومات المتسلطة: إن أخطر الإساءات تتم في ظل حكومات متسلطة تسعى للسيطرة على كافة أشكال الفكر والتعبير الديني، كجزء من تصميمها الأكثر شمولية لضبط كافة نواحي الحياة السياسية والأهلية. وتعتبر تلك الحكومات بعض الجماعات الدينية أعداء للدولة لانها تحتفظ بمعتقدات دينية قد تتحدى الولاء للحكام. وتستحضر الحكومات الإهتمام بالأمن السياسي كأساس لقمع الممارسة الدينية السلمية.

2) العداء تجاه جماعات الأقليات الدينية وغير التقليدية. تحصل إساءات خطيرة حينما تستعدي الدولة جماعات الأقليات الدينية وغير التقليدية. وفي حين لا تمارس بعض الحكومات سيطرة تامة على هذه الجماعات فإنها تلجأ لترهيب ومضايقة طوائف دينية وتتساهل حيال إساءات ضدها من قبل المجتمع. وفي بعض الحالات الخطيرة قد تطلب الحكومات أن يتخلى أتباع ديانات عن إيمانهم أو تجبرهم على الإنتقال من البلاد أو الفرار منها. والتقرير الحالي يلتفت بعناية إلى الأواصر بين الهوية الدينية والخلفية الإثنية لا سيما في الحالات التي تهيمن فيها على الحكومة جماعات غالبية أثنية او دينية وتقمع التعبير الحر للأقليات. ويتضمن هذا التقرير عددا من الحالات حيث استعدت الحكومات جماعة دينية بسبب العقيدة أو الإنتماء السياسيين الحقيقيين أو المفترضين لهذه الجماعة.

3) الإحجام عن معالجة عدم تسامح المجتمع. تحجم بعض الدول عن معالجة قوى عدم التسامح أو التعصّب ضد جماعات دينية معينة. في هذه البلدان قد تثني القوانين المرعية أفرادا عن التمييز الديني أو الإضطهاد الديني لكن المسؤولين فيها يمتنعون عن منع الهجمات والمضايقة أو أية افعال مؤذية ضد افراد أو جماعات دينية معينة. والذود عن الحرية الدينية يقتضي أكثر من مجرد إصدار قوانين أو إرساء سياسات حميدة. إذ تقع على عاتق الحكومات كذلك مسؤولية العمل على جميع المستويات والأصعدة لمنع الإساءات وتقديم مرتكبي جرائم العنف أو ممن يتورطون في التمييز المخل بالقوانين إلى العدالة، وتوفير سبل رفع التظلم عن الضحايا حينما يكون ذلك مناسبا ولتشجيع مناخ يسوده الإحترام لجميع الناس والتسامح تجاههم.

4) التحيز المؤسساتي: أحيانا تقيد الحكومات الحريات الدينية من خلال سنها تشريعات أو اتخاذها تدابير أساسية تحابي ديانة أو اكثر ضد اخرى. وغالبا ما تؤول هذه الظروف إلى هيمنة تاريخية من قبل جماعة دينية معينة يمكن أن تؤدي إلى تحامل مؤسساتي ضد جاليات وديانات حديثة العهد او مقموعة تاريخيا. يسلط هذا التقرير اضواء على حالات حيث تتبنى حكومات تأويلا معينا لمبادئ ديانة مما ينتج عنه من قيود على أتباع تلك الديانة ممن يتمسكون بتأويلات مغايرة.

5) عدم الشرعية. تميز بعض الحكومات ضد جماعات معينة، مشددة على حقيقة أنها غير مشروعة أو خطرة بالنسبة لأفراد أو نظام مجتمعي. وتصف هذه الحكومات جماعات من هذا القبيل بفرق أو طوائف دينية، وبالتالي يؤدي ذلك إلى ديمومة إضفاء العار على تلك الجماعات وتشجيع، أو التغاضي ضمنيا، عن أعمال عنف ضدها. وهذه الممارسة شائعة نسبيا حتى في بلدان تحترم فيها الحرية الدينية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 25/تشرين الثاني/2010 - 18/ذو الحجة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م