
شبكة النبأ: في كانون الثاني/يناير
2010، بدأ برنامج ستاين للاستخبارات ومكافحة الإرهاب في معهد واشنطن
السلسلة الرابعة لمحاضراته التي تحظى بتقدير كبير حول مكافحة الإرهاب.
وتتابع هذه المقدمة تطور سياسة مكافحة الإرهاب وحظر الانتشار النووي
في العام الأول لإدارة أوباما، قامت في أثنائه الإدارة بمناقشة وتطوير
وتصميم "استراتيجيتها الجديدة للأمن القومي" الأمريكي.
وفيما يلي نظرة حول نهج إدارة أوباما تجاه الأمن القومي مع تركيز
خاص على مكافحة الإرهاب وحظر الانتشار النووي، والقضاء على التهديدات
التي يتعرض لها الأمن الداخلي في الولايات المتحدة.
"استراتيجية أوباما للأمن القومي"
أوضحت "استراتيجية الأمن القومي" لعام 2010 تفاصيل رؤية الإدارة
الأمريكية الاستراتيجية لأمن الولايات المتحدة، وهي الرؤية التي تستقي
من جميع عناصر القوة الوطنية لضمان المصالح الأمريكية، بما في ذلك
اتباع نهج متعدد الجوانب يهدف إلى التعاطي مع شركاء خارجيين. ووفقاً
لهذه الوثيقة، سيتم استخدام القيادة العالمية للولايات المتحدة لمتابعة
قائمة طويلة من المصالح الأمريكية وعلى رأسها مكافحة الإرهاب والدفاع
عن الوطن. بحسب معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى.
وقد جاء فيها، "سوف نعطل ونفكك ونهزم تنظيم «القاعدة» والمنظمات
التي تدور في فلكه من خلال استراتيجية شاملة تحرمهم من الملاذ الآمن،
وتقوي الشركاء على الجبهة الأمامية، وتؤمن وطننا، وتسعى من أجل العدالة
من خلال مناهج قانونية متينة، وتواجه أجندة التطرف والاغتيالات المفلسة
بأجندة من الأمل والفرص".
وقد كانت أيضاً "استراتيجية الأمن القومي" لعام 2010 الأولى من حيث
دمج استخبارات الأمن القومي والداخلي. وبالنسبة للتحديات التي يثيرها
هذا النهج ذكر مساعد وزير الأمن القومي الأمريكي تود روزنبلوم أن "الميدان
الناشئ للأمن القومي" ومهمة "تزويده بدعم استخباراتي" يمثلان التزاماً
معقداً "يختلف بصورة جوهرية عن الاستخبارات الخارجية وتطبيق القانون
والأمن القومي التقليدي". وفي حين يقع الأمن القومي على عاتق مسؤولية
الحكومة الفيدرالية، يتطلب الأمن الداخلي تنسيقاً هائلاً بين الحكومات
المحلية وحكومات الولايات وتلك الفيدرالية، وكذلك القطاع الخاص،
بمشاركة كل منهما على قدم المساواة. فعلى سبيل المثال، يوجد الآن عملاء
من فرع "تحقيقات وزارة الأمن الداخلي التابعة لمصلحة تنفيذ قوانين
الهجرة والجمارك" في كل ولاية [أمريكية] وفي أربعة وأربعين بلد آخر، من
أجل تحسين التكامل بين وكالتي الأمن القومي والداخلي.
وفي هذه البيئة، فإن تبادل المعلومات بصورة فعالة وفي الوقت المناسب
من خلال التعاون بين الحكومات المحلية وحكومات الولايات والسلطة
الفيدرالية هو أمر بالغ الأهمية على وجه الخصوص. فسلطات الولايات
والأخرى المحلية هي في أفضل موقع للتعرف على أي نشاط مشبوه في قطاعاتها
السكانية، في حين أن السلطات الفيدرالية مجهزة بصورة مثالية لوضع هذه
المعلومات في سياق أوسع يتضمن دروس مستفادة من خلال الحوار الدبلوماسي
الخارجي وجمع المعلومات الاستخباراتية المتعلقة بقدرات ونوايا الجماعات
الإرهابية.
كما أن مقاومة التهديدات الأخرى ذات الأولويات العالية مثل عرقلة
جهود إيران الساعية لاكتساب أسلحة محظورة تتطلب أيضاً تعاوناً وثيقاً
بين الوكالات. فعلى سبيل المثال، ذكر المنسق الوطني لأنفاذ قوانين
التصدير في وزارة العدل الأمريكية ستيفن بيلاك أن تبادل المعلومات
والموارد يساعد على خلق علاقات تبادلية تسهل مقاضاة شبكات مشتريات [الأسلحة
المحظورة].
لكن منسق وزارة الخارجية الأمريكية لمكافحة الإرهاب دانيال بنجامين
أشار إلى أن التحديات الأمنية اليوم لا تتطلب فقط تحسينات مستمرة في
استخبارات الولايات المتحدة وجهاز أمنها الداخلي وإنما أيضاً تعاون عبر
مجموعة متنوعة من محافل متعددة الأطراف.
وبالمثل أبرز مساعد وزير الخارجية الأمريكية لمكافحة المخدرات
الدولية وشؤون إنفاذ القانون ديفيد جونسون، الحاجة إلى "تخفيف ديناميكي
للتهديد" من خلال التعاون مع شركاء دوليين، من أجل التصدي للتهديدات
العابرة للحدود. ومن خلال العمل مع الأمم المتحدة، ومجموعة الـ 8 [الدول
الثمانية الصناعية الكبرى]، والاتحاد الأوروبي، والإنتربول، ومجموعة
العمل المالي الدولي وغيرها من الهيئات الإقليمية والدولية الأخرى فإن
واشنطن وحلفاءها "يحاربون الشبكات بالشبكات". ووفقاً لمساعد وزير
المالية الأمريكي ديفيد كوهين، تتمثل الانجازات الكبيرة لوزارة المالية
في العمل من خلال "آليات دولية رئيسية" كوسيلة "لتنسيق الجهود العالمية
ضد ممولي الإرهاب وميسريه".
ويضيف قائلاً: "نحن نقولها مراراً لكنها تستحق التكرار: مصالح أمننا
القومي تتعزز على أفضل وجه عندما يعمل معاً تحالف واسع النطاق من الدول
لمحاربة أولئك الذين يشاركون في أنشطة إرهابية".
التهديد المتنامي
عكست المحاضرات الأخيرة إجماعاً متنامياً في الآراء بأنه على الرغم
من أن تنظيم «القاعدة» يواجه ضغوطاً كبيرة، لايزال هو والمنظمات التي
تدور في فلكه راغبين وقادرين على تنفيذ الهجمات. وما يتبقى رؤيته هو ما
إذا كان تشتت التهديد الجهادي العالمي من قلب الشرق الأوسط إلى جنوب
آسيا وأفريقيا ينذر بانخفاض تنظيمي أو إحياء لتنظيم «القاعدة» نفسه
والأيديولوجية المتطرفة التي يتبناها.
وستكون الكيفية التي ستنظم بموجبها الحكومات والمجتمع المدني نفسها
لمكافحة هذا التهديد المتغير محورية في تحديد ما ستؤول إليه الأمور.
وفي غضون ذلك، فإن الجهود الهجومية المحسنة لمكافحة الإرهاب قد نقلت
المعركة مع تنظيم «القاعدة» إلى طول الحدود الأفغانية الباكستانية،
وبذلك قللت من قدرة «القاعدة» على تنفيذ هجماته المذهلة في الغرب، وحدت
أيضاً من قدرات المنظمات التي تدور في فلكه.
ووفقاً لبنجامين، ذكر كبار الشخصيات في الاستخبارات الأمريكية أن
تنظيم «القاعدة» ما يزال "تحت الضغط في باكستان" حيث عانى من "عدد من
الخسائر في قيادته" ويجد الآن صعوبة أكبر في العمل والتخطيط للهجمات.
وفي الواقع، أن مسؤولي مكافحة الإرهاب هم أكثر مهارة إلى حد بعيد في
جمع المعلومات الاستخباراتية عن الجماعة مقارنة بما كانوا عليه قبل
ثماني سنوات، كما أن الموارد البشرية والتغطية التقنية على حد سواء قد
تحسنت بشكل كبير.
إن وجود عدد أقل من العقول المدبرة للإرهاب يعني أن هناك نشطاء أقل
كفاءة يحاولون تنفيذ هجمات أكثر بساطة وحجماً -- لكنها أكثر تواتراً
على الأرجح. وقد أشار روزنبلوم في حديثه في حزيران/يونيو 2010، إلى أن
"عدد ووتيرة محاولات الهجوم ضد الولايات المتحدة على مدى الأشهر التسعة
الماضية قد تخطّيا عدد المحاولات التي وقعت في أية فترة زمنية سابقة
أخرى أمدها عام واحد". وقد حذر بأنه من المرجح زيادة المحاولات من هذا
القبيل.
وباختصار، لم يتضاءل التهديد الإرهابي بقدر ما اتسع ليشمل هجمات من
قبل كيانات أقل تنسيقاً وأكثر تشتتاً ومن إرهابيين محليين. ورغم اعتراف
المتحدثين بأن جوهر تنظيم «القاعدة» ما يزال [يشكل] "مجموعة عالية
القدرة والكفاءة وذات عزم وبأس شديدين" إلا إنهم أشاروا أيضاً إلى "التهديد
المنتشر على نطاق واسع والأكثر تنوعاً جغرافياً وعرقياً" الآتي من
الجماعات التي تدور في فلك تنظيم «القاعدة» و"أولئك الذين يستلهمون
رسالة تنظيم «القاعدة»". فعلى سبيل المثال، عند إشارته إلى قضية عمر
فاروق عبد المطلب، الانتحاري النيجيري الذي أرسله تنظيم «القاعدة في
شبه الجزيرة العربية» للهجوم على طائرة أمريكية حذر بنجامين بقوله، "لدينا
توقعات عالية بأننا سنسمع أكثر من تنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة
العربية»".
وفي الوقت نفسه، فإن أحد أكبر المخاوف التي تواجه مسؤولي مكافحة
الإرهاب الأمريكيين هو العدد المتنامي من المواطنين الأمريكيين
والمقيمين في الولايات المتحدة الذين أصبحوا متطرفين، حيث سافر بعضهم
إلى الخارج للانضمام إلى الجهاد العالمي. ولننظر مثلاً إلى الأمريكيين
الصوماليين الذين حاربوا مع جماعة حركة «الشباب» الإرهابية الصومالية،
فضلاً عن مواطني الولايات المتحدة الآخرين الذين سافروا إلى باكستان
وأفغانستان لأغراض مشابهة.
وقد استمد بعض الأفراد الإلهام أو التوجيه أو التدريب من الخارج
للتخطيط لهجمات في داخل الولايات المتحدة مثل الشخص الذي أطلق النار
على قاعدة "فورت هود" نضال مالك حسن، والمخطط لتفجير ميدان "التايمز
سكوير" فيصل شاه زاد، والشخص الذي خطط تفجير شبكة مترو أنفاق نيويورك
نجيب الله زازي.
وقد برز العديد من الأمريكيين على الساحة كقادة في تنظيم «القاعدة»
مثل المتحدث باسم قيادته المركزية آدم جادان، والمحركين الإقليميين مثل
عمر همامي (الصومال) وأنور العولقي (اليمن). ووفقاً لمسؤولين أمريكيين
فإن العولقي قد "ترقى في سلسلة الإمداد الإرهابي" بفضل نجاحه كمكتشف
للمواهب، وإيديولوجي متطرف.
وفي غضون ذلك، يمثل شراء الأسلحة غير المشروعة من قبل إيران تهديداً
ضاغطاً آخراً لمصالح الولايات المتحدة والأمن العالمي. ووفقاً لمساعد
وزير الأمن الداخلي ومدير «وكالة إنفاذ الهجرة والجمارك الأمريكية» جون
مورتون يسعى النظام الإيراني بقوة للحصول على قدرات نووية من شأنها أن
تغير ميزان القوى في الشرق الأوسط بصورة جذرية.
ورغم تنفيذ هذه الجهود من قبل شبكة من الوسطاء الدوليين، إلا أنه
يتم توجيهها إلى حد كبير من قبل طهران. ولحسن الحظ، تم إحباطها بصورة
كبيرة بإجراءات هجومية مستهدفة -- التي هي جزء من حملة مستدامة ومحسوبة
من قبل الولايات المتحدة والمجتمع الدولي لفرض قوانين الرقابة على
الصادرات. وقد قال بيلاك "أن تهديد شبكات المشتريات الإيرانية أمر واضح"
كما أشار إلى أن "باستطاعة عميل أجنبي الحصول على قطع الأسلحة من شركة
أمريكية، ونقلها بصورة غير قانونية إلى الخارج عن طريق بلد ثالث إلى
إيران، ثم تمريرها إلى ناشط في العراق الذين يمكن أن يستخدمها عندئذ
لصنع عبوة ناسفة تقتل جنود أمريكيين". وكما استنتج مورتون بعد أن سرد
أوجه التعاون المحلي والداخلي القوي للإدارة الأمريكية فإن "حجم ونطاق
التهديدات التي تواجه بلادنا لم يكونا أبداً أكبر مما هما عليه اليوم".
مكافحة تمويل التهديد العابر للحدود
وبالمثل، لا تزال الأسس المالية للنشاط الإرهابي بعيدة عن أن تكون
ثابتة. وكما أكد كوهين فإن تنظيم «القاعدة» ربما يكون الآن في "أسوأ
وضع مالي كان عليه في سنوات"، لكن الجماعة "ليست عاجزة ولا مفلسة كما
أن تقدمنا في خلخلة قوتها المالية لن يستمر بدون جهود حثيثة ومتواصلة".
وذكر قائلاً، وبعكس تنظيم «القاعدة» "لا تعاني حركة طالبان من ضائقة
مالية كبيرة".
وفي الواقع، تتكيف الجماعات الإرهابية وتتطور جزئياً استجابة
للإجراءات المضادة المتخذة ضدها. وفي الوقت الذي تغير فيه التهديد،
تغيرت أيضاً الوسائل التي تعمل من خلالها الجماعات الإرهابية على جمع
وخزن ونقل الأموال، مما يعيق غالباً جهود الحكومة لمنع الأنشطة
الإرهابية.
وتُظهر الدراسات أن هذه الجماعات تتعلم من بعضها البعض وتتبادل
المعلومات حول التقنيات الجديدة وتتقاسم الابتكارات. وهذه القدرة على
التكيف واضحة اليوم بشكل خاص، حيث تتحول المزيد من الجماعات الإرهابية
إلى الجرائم، لتحقيق مكاسب مالية وشعبية على حد سواء.
وقد أشار كوهين إلى أنه "استجابة للحالة المالية لمركز تنظيم «القاعدة»
أصبح أولئك الذين يدورون في فلكه في إفريقيا وشبه الجزيرة العربية
يعتمدون بصورة أقل على الدعم القادم من شبكة تنظيم «القاعدة» عند
قيامهم بتخطيط وشن هجمات إرهابية.
وبدلاً من ذلك قام أولئك الذي يدورون في فلك «القاعدة» بأنشطة
مستقلة لجمع الأموال لإعالة أنفسهم، بما في ذلك تهريب المخدرات، والخطف
لطلب الفدية، والابتزاز".
وقد يبدو من النفاق لمن يفترض بأنهم إرهابيين متدينين أن يسعوا إلى
اتباع طريق النشاط الإجرامي-- وفي الواقع، يعترف العديد من تلك
الجماعات بهذا التناقض ويحاولون تبرير أفعالهم. وقد أشار جونسون إلى
حالة عضو مدان من طالبان قال إن الهدف العام هو تحويل "جميع الكفار إلى
جثث" سواء "بالأفيون أو بإطلاق النار عليهم".
وعلى الرغم من أنه من وجهة نظر الولايات المتحدة إن هذا التوجه هو
بالتأكيد مجرى خطير، إلا أنه يمثل أيضاً فرصاً لصناع السياسة. وفي حين
تنمو الرابطة بين الإرهاب والجريمة بصورة أكثر نشاطاً سيصبح استهداف
أنشطة الإرهابيين الإجرامية، استراتيجية فعالة على نحو متزايد.
فقد أصبحت الشبكات الإرهابية أكثر عبوراً للحدود من ذي قبل، ويكمن
التحدي الرئيسي في مواجهتها في زيادة التعاون الدولي.
وتستطيع الحكومات استخدام الاستراتيجيات الحالية للتعاون الدولي
والمشاركة الدبلوماسية على كلا الجبهتين لكسب دعم أكبر لجهودها، من
خلال اتخاذ إجراءات ضد الجماعات الإجرامية والإرهابية حيثما يقتربان.
ومن المرجح أن يزيد هذا التقارب حتى بصورة أكثر في السنوات القادمة،
نظراً للتحول الملفت للإرهابيين للاتجار بالمخدرات. وكما أوضح مدير
عمليات "إدارة مكافحة المخدرات الأمريكية" مايكل براون في خطابه في
تموز/يوليو 2008 في معهد واشنطن، "غالباً ما تعتمد" المنظمات الإرهابية
وعصابات المخدرات "على نفس غاسلي الأموال" وشبكات الظل. إن استهداف
مجموعة كاملة من غاسلي الأموال والمتاجرين بالمخدرات ومزوري المستندات
والمجرمين الآخرين يمكن أن يثبت فعاليته في مكافحة التهديد الإرهابي
الذي نراه هذه الأيام.
وفي الوقت نفسه، لا تزال إيران أبرز دولة راعية للإرهاب في العالم،
وتسعى بقوة لشراء تقنيات حساسة لبرامجها العسكرية والنووية.
وقد قام وكلاء شراء الأسلحة المختلفين ورجال الأعمال والناقلون في
إيران بتطوير شبكة من الشركات الوهمية والشركاء الراغبين [في التعاون]
بهدف الحصول على التقنيات العسكرية المحظورة والأخرى ذات الاستخدام
المزدوج، وبذلك عكسوا الممارسات المالية الخادعة التي يقوم بها القطاع
المصرفي الإيراني. ويأتي الكثير من هذه المواد من الولايات المتحدة.
ووفقاً لمورتون ففي السنة المالية 2009، بدأت وكالته بإجراء 1313
تحقيقاً جنائياً عن صادرات غير قانونية محتملة، تركز أغلبيتها على تدفق
التكنولوجيا الأمريكية الرئيسية إلى إيران. بيد، تتجاوز جهود الجمهورية
الإسلامية لشراء الأسلحة [حدود] الولايات المتحدة. فإذا نظرنا مثلاً
إلى التقرير السنوي لـ "خدمة أمن المعلومات التشيكية" لعام 2009 نجد
أنه يكشف بأن إيران قد استخدمت شركات وهمية في جمهورية التشيك للحصول
على مواد يمكن أن تسهل إنتاج أسلحة الدمار الشامل.
وباختصار، إن التهديد الذي تشكله شبكات معادية -- سواء من
الإرهابيين أو من ناشري الأسلحة النووية -- يعتمد إلى حد كبير على
قدرتها على جمع الأموال. وكما حذر كوهين، فإن نجاح الولايات المتحدة ضد
هذه الشبكات يتوقف بصورة كبيرة على "المدى الذي نستطيع فيه التعاطي مع
شركائنا الدوليين في جهد تعاوني" ضد مصادر تمويل هذه الشبكات.
مواجهة التطرف العنيف
ووفقاً لبنجامين فإن أحد المجالات التي تتطلب إبداعاً أكبر هو جهد
واشنطن لمعالجة "العوامل السياسية والإقتصادية والإجتماعية التي
تستغلها المنظمات الإرهابية"، فضلاً عن "الأيديولوجية التي [يستخدمونها]
كأداة رئيسية لدفع الأفراد الضعفاء نحو العنف". وقد ثبت أن مواجهة هذه
الأيديولوجية يمثل مهمة غير مريحة للإدارة حتى الآن.
وقد وصفت "استراتيجية الأمن القومي" لعام 2010 بصورة دقيقة
أفغانستان وباكستان باعتبارهما "خط المواجهة" للحرب "ضد شبكة مترامية
من الحقد والعنف". بيد، لم تعالج هذه الاستراتبيجية على وجه التحديد
التهديدات الآتية من جماعات إرهابية أخرى تستخدم العنف لدعم أيدلوجية
بغيضة مشابهة.
وفي الواقع، تَرَكز جزء كبير من النقاش الذي أعقب محاضرة روزنبلوم
على إصرار الإدارة بأنه ينبغي على الولايات المتحدة أن لا تصف هؤلاء
الأعداء كـ "جهاديون" أو "إسلاميون". وبالتأكيد، يجب أن نحرص على عدم
استخدام لغة يمكن أن تفسر بأنها هجوم على الإسلام كدين.
لكن إذا فشلت الإدارة الأمريكية في التعبير بوضوح عن التهديد الذي
تفرضه أيديولوجية التطرف الإسلامي، فعندئذ فإن جهود الحكومة الأوسع
سينقصها التركيز الاستراتيجي وستغفل بذلك عن الأسباب الجذرية المتنوعة
للتطرف الداخلي والخارجي. وهكذا فإن التعبير عن هذا التهديد دون تشويه
سمعة الدين الإسلامي بأي شكل من الأشكال هو هدف يمكن تحقيقه.
وفي الواقع، فبالنسبة لجميع النجاحات التكتيكية لمكافحة الإرهاب
الموثقة في تلك المحاضرات، لا يزال النجاح الاستراتيجي في مكافحة
الإرهاب بعيد المنال. ورغم فقدان الملاذات الآمنة ومواجهة صعوبات مالية،
فإن تنظيم «القاعدة» والذين يدورون في فلكه وأتباعه ما يزالون قادرين
على تجنيد جنود مشاة وتنفيذ الهجمات. غير أن السياسات والبرامج المحددة
التي تهدف بحق إلى مواجهة التصور الراديكالي ما تزال قليلة ومتباعدة
حتى في ظل زيادة حادة في المخططات الإرهابية، وحالات التطرف المحلي.
ومن البديهي أن الولايات المتحدة لا تستطيع ببساطة أن تعتمد على
استراتيجية الأسر أو القتل كمخرج من المشكلة، بل يجب أن تبحث عن وسيلة
للتعامل المباشر مع الأيديولوجية المتطرفة. ويختتم بنجامين كلامه بقوله:
"بكل بساطة، نحتاج إلى القيام بعمل أفضل للحد من تجنيد الإرهابيين".
الخاتمة
في الوقت الذي يستمر فيه كبار مسؤولي الأمن القومي الأمريكيين في
العمل بلا كلل لحماية الأمريكيين والمصالح الأمريكية من تهديدات فعلية
جداً، فإن "استراتيجية الأمن القومي الجديدة" للإدارة سوف تكون بمثابة
مرشد لهم.
إن تركيزها على التعاون الدولي وتبادل المعلومات بين الوكالات إنما
يدل على النجاح المستمر في مكافحة الإرهاب ومواجهة الانتشار النووي،
وخاصة في المجالات التكتيكية التي تميل الحكومة فيها إلى التفوق. وما
يتبقى رؤيته هو فيما إذا كانت الرؤية الاستراتيجية للإدارة الأمريكية
ستُترجم إلى نجاح استراتيجي أم لا.
ونظراً لظهور العديد من التهديدات الخطرة -- بما في ذلك البرنامج
النووي الإيراني والجماعات الإرهابية التي تمكنت من تجنيد نشطاء في
الداخل والخارج -- فإن التحدي ضخم بالفعل. إن هدف "استراتيجية الأمن
القومي" المتمثل بإعادة تشكيل البيئة الاستراتيجية الراهنة هو هدف هائل
وصعب، لكن كما أوضحت هذه المحاضرات فإن القيادة الأمريكية لا تزال
قادرة على أداء تلك المهمة. فالتحليل المضبوط في الوقت المناسب
والأفكار الخلاقة أمران حاسما الأهمية في الوقت الذي يعمل فيه
المسؤولون الأمريكيون بجهد لمواكبة تكتيكات خصوم الولايات المتحدة
المتغيرة باستمرار.
نبذة عن معهد واشنطن
والجدير بالذكر ان معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى بحسب موقعه
الالكتروني أسس عام 1985 لترقية فهم متوازن وواقعي للمصالح الأمريكية
في الشرق الأوسط. وبتوجيه من مجلس مستشارين بارز من كلا الحزبين من اجل
توفير العلوم والأبحاث للإسهام في صنع السياسة الأمريكية في هذه
المنطقة الحيوية من العالم.
وينقل موقع تقرير واشنطن الالكتروني إن الهدف من تأسيسه كان دعم
المواقف الإسرائيلية من خلال قطاع الأبحاث ومراكز البحوث وان لجنة
العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية المعروفة بإيباك كانت المؤسسة الأم
للمعهد حيث أن مديره المؤسس هو مارتن إنديك رئيس قسم الأبحاث السابق
باللجنة. وتزعم المنظمة أنها اختارت مصطلح "الشرق الأدنى" لتعريف
الهوية الذاتية للمعهد (بدلا من "الشرق الأوسط) لأنه المصطلح المعترف
به في الخارجية الأمريكي لوصف العالم العربي والدول المجاورة. |