
الكتاب: منهج الغدير
الكاتب: من محاضرات آية الله السيد محمد رضا
الشيرازي
إعداد وتحقيق: مؤسسة الفقيه الشيرازي
الثقافية
اصدار: مؤسسة الفقيه الشيرازي الثقافية
عدد الصفحات: 160 صفحة من القطع المتوسط
قراءة: شبكة النبأ
شبكة النبأ: يوم الغدير... هو أعظم
الأعياد الاسلامية بتأكيد الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام،
تحول الى اهم حادثة تاريخية في ذاكرة المسلمين، حتى انبثق منها مفاهيم
ومبادئ يتعلق بها مصير الأمة في عقيدتها وأنظمتها الاجتماعية والسياسية
وحتى الاقتصادية، فهذا الحدث التاريخي والحضاري الفاصل وهتاف رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم يوم الغدير بـ (من كنت مولاه فهذا علي مولاه)،
قد صنع تاريخا جديدا لولا ما حصل من انحرافات كبيرة وعميقة بعد وفاته
صلى الله عليه وآله. فاذا كان الامر كذلك، فكيف كان يمكن ان يؤثر منهج
الغدير في حياتنا؟
هذا السؤال العريض يجيب عليه سماحة الفقيه المقدس آية الله السيد
محمد رضا الشيرازي (اعلى الله درجاته)، في باقة من محاضراته القيّمة
نشرت في كتاب تحت عنوان (منهج الغدير) وهي ست محاضرات، ورغم ان الحديث
عن هذا الموضوع ذو شجون، والبحث في المقاطع التاريخية المتعلقة بهذا
الحدث يتسم بالحساسية الشديدة، حيث يفتح جراحات عميقة، ويسترجع آهات
وتظلمات. لكن منهج الاستدلال العلمي والطرح الموضوعي هو ما اتخذه
الفقيه الشيرازي على طول الخط سبيلاً لإحقاق الحق وإزهاق الباطل. حيث
يقول في طيات حديثه: (إن الغدير يمثل الخط الفاصل بين الحق والباطل).
صحيح إن (الغدير) يوم عيد عظيم لنا، يتعلق بشخصية عظيمة هي الامام
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، لكن الحقيقة ان هذا اليوم
لا يمثل شخصاً واحداً كما تحاول ان تروج لذلك الثقافات المعادية، وان
القضية شخصية وقعت بين علي بن أبي طالب وعدد من معاصريه في تلك الفترة،
كما انها ليست قضية تاريخية بحتة، (إنما هي منهج متكامل أمام منهج
السقيفة والمناهج الأخرى) كما يشير الى ذلك سماحة الفقيه الشيرازي حيث
يقول (قدس سره): (ما دُمنا بحاجة إلى هذا المنهج فنحن بحاجة أيضاً إلى
الغدير).
ومن هنا كان لابد من تحديد معالم هذا المنهج الساطع لنكون على بينة
من أمرنا، وأي منهج نختاره في هذه البرهة الزمنية الحساسة حتى يتأكد
للجميع في العالم أحقية الامام علي بن أبي طالب (عليه السلام) ومكانته،
وأن (يوم الغدير) كان يمكن ان يكون بداية لتاريخ حافل بالرفاه والتقدم
والسعادة للبشرية جمعاء.
إن منهج (الغدير) هو الحرية والعدالة والرفاهية والقيم الانسانية
الفاضلة، أما منهج (السقيفة) الذي صار في الجهة المقابلة، فانه تميز
وبإقرار التاريخ، بالطغيان والاستبداد والاعتقالات والتعذيب والارهاب
والإلغاء والتزييف وكافة انتهاكات الكرامة والحقوق الانسانية.
الفقيه الشيرازي لا يقارن فقط بين هذا المنهجين على صعيد التاريخ،
إنما على صعيد الحاضر أيضاً، يقول: (إن منهج السقيفة، هو نفسه الذي
اتبعه نظام حكم صدام في العراق، لأنه كان امتداداً له)، وفي إحدى
محاضراته يستشهد بإحدى الأمثلة التاريخية وكيف ان احد المسلمين سأل (خليفة)
عن معنى آية قرآنية، فبعد ان بينها له أمر بأن يضرب بالسياط حتى كاد أن
يموت تحت العذيب لأنه أحرج (الخليفة) بسؤاله، ثم اعتقله لفترة من الزمن
حتى يبرأ ويطلق سراحه، وحتى لا يكررها ثانية!! وهذا ما تنقله كتبهم
وليست كتبنا. وعن هذا المنهج يقول سماحته: (إن هكذا منهج ومنطق في
التعامل إذا عرضناه على العالم اليوم وعلى الأمريكيين أو الأوربيين
فإنهم سيضحكون علينا)!
أما علي بن أبي طالب صلوات الله عليه، فانه أجاب عن مسألة فقهية
أمام عدد من الناس وكان بينهم أحد الخوارج فقال دونما خوف أو وجل او
تردد: (قاتله الله من كافرٍ ما أفقهه)! فوثب إليه الأصحاب ليأدبوه،
فقال صلوات الله عليه: (دعوه إنما هو سبٌ بسب أو عفوٌ عن ذنب وأنا أولى
بالعفو).
ويناقش الفقيه الشيرازي في بحوثه حول (يوم الغدير) أولئك الذي
يتحدثون على تطور الاوضاع السياسية والاجتماعية وأنه لابد من اتباع
اسلوب جديد ونهج آخر لمواجهة الآخر (لأن هنالك مخاطر كامنة)، حيث يقول:
(ألم تكن المخاطر في عهد النبي صلى الله عليه وآله؟ ثم ألم يكن مهدّداً
آنذاك؟ فقد كانت امامه أعظم إمبراطوريتين آنذاك وهما إمبراطورية الفرس
والأخرى إمبراطورية الروم، وطالما حاولوا اغتيال النبي الأكرم، كما كان
النبي محاطاً بالمشركين واليهود والمسيحيين، بل كان محاطاً بالمنافقين
أيضاً حيث تقول الآية الكريمة: (وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ
عَلَى النّفَاقِ) (التوبة /101)، مع ذلك – يقول سماحته- لم يغير النبي
الأكرم صلى الله عليه وآله منهجه في التعاطي السلمي وتحكيم القيم
الانسانية والاخلاقية في تعامله مع الجميع، فقد عفا عن أبي سفيان عندما
فتح مكة المكرمة).
ويتابع سماحته بالقول: (لقد عاش الإمام أمير المؤمنين (صلوات الله
عليه) في هكذا جو مشحون، مثل أجواءَ الجمل وصفين والنهروان، وكان يعدّ
للحرب الرابعة التي استشهد قبلها، مع كل ذلك، كان يأتي إلى صلاة
الجماعة كل يوم، ربما البعض منّا يحتجب عن الناس إذا حصل على منصب
صغير)! ويتساءل سماحته: هل يطبق هكذا منهج في عالم اليوم؟ وألا يُعد
هذا سبقاً في عالم السياسة على سائر المناهج؟
وكما عفا رسول الله صلى الله عليه وآله عفى عن أبي سفيان وسائر
المشركين الذي طالما آذوه في بداية دعوته الى الحق، كذلك فعل أمير
المؤمنين صلوات الله عليه في حرب الجمل عندما عفى عن عائشة وطلحة
والزبير وعبد الله بن الزبير الذي كان من ألدّ أعداء أهل البيت عليهم
السلام.
إن منهج أمير المؤمنين و(الغدير) هو منهج (التكفّل الكلي الشامل،
فهل يطبّق هكذا منهج في عالم اليوم، بحيث إذا أراد شخص أن يتزوّج، فإن
بيت المال يعطيه المال إذا كان فقيراً، فبعض الدول الغنية تعطي معونة
للعازمين على الزواج، ولكن ليس كل تكاليف الزواج، ولا التكفل بشكل كامل،
والإسلام ضمن ذلك، بل حتى إذا كان الإنسان مَديناً، فإن الدولة
الإسلامية تتكفل بسداد ديونه، فالدولة في الإسلام مثل الأب وموقفه إذا
سقط أحد أبنائه امام تراكمت الديون فإنه سيتكفل بديون ابنه...).
وبسبب غياب منهج (الغدير) فان الامة الاسلامية بل والعالم بأسره
يعيش فراغاً قاتلاً ملئته افكار ومناهج أخرى أذاقت العالم الويلات
والمعاناة، وليس أدلّ على ذلك ما نشهده من تحشيد وتعبئة لترويج ما يسمى
بـ (الرعب الاسلامي)، من خلال اثارة قضية (الارهاب)، وفي حين تحاول
وسائل الاعلام العالمية بكل وسائلها المتطورة وامكاناتها الهائل، إلصاق
تهمة (الارهاب) بالمسلمين كأفراد والاسلام كدين ومنهج في الحياة، يسلط
الفقيه الشيرازي الضوء على الزاوية المظلمة ويؤكد ان (الارهاب) صنيعة
القوى العالمية العظمى، والى جانب الجذور السياسية والاقتصادية
والاجتماعية التي يشير اليها سماحته فانه يشير الى الجذر الآخر والذي
يعده مهماً، وهو الجذر الديني، ويقول إن (هذا الإرهاب ليس إرهاباً
جديداً فمن الذي وطأ سعد بن عبادة في السقيفة بأقدامه وقال أقتلوه قتله
الله...)؟ وكان ذنب هذا الصحابي المعروف أنه اراد ان يطبق الديمقراطية
الصحيحة في ذلك العهد وقال: (منّا أمير ومنكم أمير...)، ثم تمت تصفيته
غيلة بسهمين في فؤاده لأنه لم يبايع!
كان علي بن أبي طالب صلوات الله عليه مع الشورى والانتخابات، ولكن
في ذلك الزمن وفي حادثة الشورى التي ضمّت ستة افراد، قال أحدهم بغلظة
وعنجهية: ليجلس هؤلاء في البيت، فإذا خالف اثنان واتفق أربعة فاضربوا
عنق الاثنين!! وأمثال هذه الديمقراطية المزيفة نجد الكثير منها في
بلادنا، وايضاً حرق البيوت والاعتداء على الحرمات، وقد حصل مثل ذلك
عندما هاجموا دار أمير المؤمنين صلوات الله عليه وأشعلوا فيها النار
ليأخذوا منه البيعة كرهاً.
وعن تصفية المعارضين وابادتهم، يستذكر الفقيه الشيرازي ما فعله صلاح
الدين الأيوبي بالشيعة عندما دخل في بلدة وأحرق خمسين ألف انسانا
بالنار، شيوخاً وأطفالاً، كباراً وصغاراً، وهذا ما لاحظناه في الوقت
الحاضر عندما يأتي شخص ويفجر نفسه بحزام ناسف أو بسيارة مفخخة وسط حفل
زواج، أو في سوق شعبي أو منطقة شعبية ويقتل ويجرح العشرات من الابرياء
، فهذا يعود الى ذاك المنهج المنحرف.
لكن لنلاحظ منهج أمير المؤمنين وهو منهج (الغدير)، فالإمام لم يُكره
أحداً على بيعته، فباب المبايعة مفتوح لمن يرغب ولا اكراه في القضية،
وقد قال الإمام صلوات الله عليه: لا تُكرهوا أحداً على البيعة، وأرادوا
أن يصلوا صلاة التراويح التي هي بدعة، فاحتج عليهم أمير المؤمنين ولم
يقبل بها، ثم قال لابنه الحسن صلوات الله عليه: قل لهم ليصلوا، فلا
إكراه، وهذه مفردة من مفردات المنهج الذي يحتاجه العالم اليوم.
وفي ضوء ذلك يدعونا سماحة الفقيه الشيرازي الى ان نبذل قصارى جهدنا
لعرض قضية (الغدير) على العالم بأسره، وهو يؤكد ليس في هذه السلسلة من
المحاضرات، بل حتى في غيرها، على ان العرض الجيد والمنطقي والعلمي كفيل
بأن يكسب الملايين (لأن ليس هنالك عناد عند الغالبية)، وهذا يعني أن
العالَم إذا عرف الحقيقة وتعرف على منهج الإسلام وهو منهج (الغدير)
فإنهم يدخلون في دين الله أفواجاً.
اما عناوين المحاضرات فهي كالتالي:
1- يوم الغدير وتعيين المرجعية الدينية
2- منهج الغدير مقارنات تاريخية ومعاصرة
3- حديث الغدير وجدلية السند والدلالة
4- تعريف أمير المؤمنين عليه السلام للعالم عقائدياً وحضارياً
5- الإمام علي (صلوات الله عليه).. وارث الانبياء
6- لننشر ثقافة الغدير
وفي الخاتمة نشرت خطبة الغدير ومقتطفات من بعض كلمات الفقيه
الشيرازي حول مهنج الغدير منها:
* إن إسلاماً بلا غدير لا يرضاه الله سبحانه وتعالى، ولذلك فإن هذا
اليوم يُعد يوماً من أيام الله فينبغي تذكّره والتذكير به.
* يجب أن ندرس كلمات أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، وهي كلمات
تصنع الإنسان، فيجب أن نُطالعها وأن نفكّر فيها ونتأمّلها،
* إن الحاجة إلى المرجعية الدينية بعد رحيل النبي الأعظم (صلى الله
عليه وآله) هي نفس الحاجة إلى النبوات والرسالات الإلهية
* إن نهج البلاغة يجب أن يكون مفخرة، ويجب أن يُتلى في الفضائيات،
ذلك الأستاذ في جامعة (كمبردج) الامريكية يقول: لو طبق المسلمون ما جاء
في نهج البلاغة لسادوا العالم.
*إن الغدير يمثل الخط الفاصل بين الحق والباطل، وقضية الحق محورية
في حياتنا نحن البشر، كما أن معرفة الحق تمثل إحدى الحاجات الفطرية
الأساسية للإنسان كحاجته إلى الطعام والشراب.
* إن الغدير لا يمثل فرداً، كما أنها ليست قضية تاريخية بحتة، وإنما
هو منهج متكامل أمام منهج السقيفة والمناهج الأخرى، وما دُمنا بحاجة
إلى هذا المنهج فنحن بحاجة أيضاً إلى الغدير.
* إن أمير المؤمنين كان سبّاقا إلى طرح المفاهيم الإنسانية
الحضارية، إن مفاهيم مثل الحرية والعدالة وحرية المعارضة والضمان
الاجتماعي، وغيرها تشغل العالم اليوم، وهي مفاهيم كانت على عهد أمير
المؤمنين (صلوات الله عليه) وفي ظل حكومته.
* سجن وتعذيب وإبعاد هذا هو منهج السقيفة، وهذا هو نفس المنهج الذي
حكم به صدام في العراق، لأنه كان امتداداً لهذا المنهج.
* منهج الغدير منهج آخر، فالإمام لم يُكره أحداً على بيعته، فأي شخص
رغب في المبايعة، بايع، ومن لم يحب لم يبايع، فالقضية ليست فقط في قضية
علي ومعاوية وإنما هي قضية منهجين.
* يجب علينا أن نحاول أن نعمم ثقافة الغدير بالقلم والبيان والقدم
والمال وكل ما في إمكاننا حتى نكون ممن يشملهم دعاء النبي الأعظم (صلى
الله عليه وآله) حين قال في يوم الغدير (اللهم انصر من نصره).
لمعرفة المزيد يمكن مراجعة موقع مؤسسة الفقيه الشيرازي الثقافية على
الانترنت:
http://mr-alshirazi.com |