مؤسسات اعلامية وصراع على البقاء او الاستحواذ

احمد عقيل الجشعمي

 

شبكة النبأ: لا يقتصر دور الإعلام على نقل الوقائع والأحداث او التقاط الصور او جمع المعلومات بل هو يتعدى ذلك بكثير، حيث يعتبر سلاح له أكثر من حدين وذلك لما يقوم به الإعلام ومن يعمل في هذا المجال من تأثير على الواقع الاجتماعي وتغيير الأفكار وتوضيح الأمور.

ويعتبر في أكثر الأحيان كوسيلة لزرع بعض الأفكار عن بواسطة طرق لا تبين لمن يستقبلها الغاية الحقيقية من ورائها بل تكون في أكثر الأحيان مبطنة وغير واضحة حتى يجعل المتلقي يغير من عاداته وأفكاره بل هو حتى يؤثر على قراراته في بعض الأحيان، بالإضافة الى انه يداعي بالحق ويدافع عن الحقوق ويكشف الأخطاء ويدعو للتصحيح، فهو بذلك وسيلة عالمية مؤثرة تدعو الى الرفاهية والمساواة وضمان الحقوق والسلام اذا كان من يستخدمه يبحث عن ذلك، ويصير عكس ذلك اذا وقع في أيدي من يريد استخدامه خدمة لمصالحه وغاياته الخاصة حتى ولو كان ذلك على حساب الآخرين.

لهذا نجد ان هناك سباقا مابين وسائل الإعلام حول العالم وتنافس، واختلافات وتضارب اراء ومصالح، كما يوجد هناك التصالح والتكاتف لمنع استخدام هذا السلاح بالصورة الخاطئة، وتصل الى درجة الاتهام ورفع القضايا.

الصحف البريطانية تتحالف

فقد ذكرت صحيفة «الغارديان» ان وسائل الإعلام البريطانية تكاتفت في مواجهة إمبراطور الإعلام الأميركي روبرت مردوخ معتبرة ان استحواذه على قناة تلفزيونية بريطانية جديدة امر يلحق أضرارا بالديمقراطية.

واضافت الصحيفة ـ في تقرير بثته على موقعها الالكتروني ـ ان اغلب المؤسسات والوسائط الاعلامية البريطانية اتخذت موقفا رافضا لاستحواذ مردوخ على قناة «بي سكاي» التلفزيونية من منطلق حماية الديموقراطية البريطانية من مخاطر الاحتكار الإعلامي.

ولاحظت «الغارديان» ان هذه المؤسسات الإعلامية الكبرى في بريطانيا قد نحت خلافاتها المعتادة جانبا لتتضافر بغية إجهاض صفقة شراء مردوخ لهذه القناة الفضائية التلفزيونية بمبلغ يصل الى 8 مليارات جنيه استرليني.

ومضت الصحيفة البريطانية في تقريرها لتقول ان مؤسسة الغارديان الصحافية وقفت جنبا الى جنب مع مؤسسات وشركات صحافية واعلامية تختلف معها سياسيا مثل الديلي ميرور والديلي تليغراف والديلي ميل وهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» بعد ان ايقنت ان الخطوة الجديدة لضم قناة بي سكاي للإمبراطورية الإعلامية لروبرت مردوخ تنطوي على تهديد خطير للتعددية الصحافية والإعلامية في بريطانيا. بحسب وكالة أنباء الشرق الأوسط.

وفيما تلقت اللجنة المعنية بمكافحة مخاطر الاحتكارات في بريطانيا رسالة جماعية من المؤسسات الرافضة لهذه الخطوة الجديدة ـ اعتبرت «الغارديان» ان القضية باتت تشكل تحديا للحكومة الائتلافية بين حزبي المحافظين والأحرار الديمقراطيين برئاسة دافيد كاميرون.

ومنذ نحو عام واحد كان حزب المحافظين المعارض حينئذ في بريطانيا قد نفى صحة مزاعم أفادت بوجود «اتفاق» بينه وبين إمبراطور الإعلام روبرت مردوخ ووصفها الحزب بأنها «هراء تام».

أرباح "واشنطن بوست"

بينما ذكرت مجموعة "واشنطن بوست" الإعلامية الأميركية ان أرباحها ارتفعت أكثر من ثلاثة اضعاف في الفصل الثالث من العام الحالي لتصل الى 60,9 مليون دولار، وان الصحيفة التابعة لها شهدت اقبالا متزايدا على الاعلانات. ويعود هذا الارتفاع في الارباح خصوصا الى النشاط الثقافي "كابلان" (التحضير للامتحانات والكتب الجامعية) الذي حقق ارباحا مضاعفة (99,1 مليون دولار).

كما شهدت الشبكات التلفزيونية ارتفاعا في الارباح بفضل عودة النشاط الى سوق الاعلانات، فانحسرت الخسائر على صعيد النشاط الصحافي للمجموعة الى 1,7 مليون دولار، بعدما بلغت 23,6 مليونا قبل عام. وارتفع رقم الاعمال في هذا المجال 5% ليصل الى 163,4 مليون دولار، لاسيما بسبب الارتفاع في المداخيل الاعلانية للمطبوعات الورقية لواشنطن بوست (72 مليون دولارا)، والموقع الالكتروني التابع للصحيفة، وموقع سلايت دوت كوم، وهي سجلت ارتفاعا بنسبة 21% في المداخيل الاعلانية (27,2 مليون دولار). بحسب وكالة انباء فرانس برس.

في المقابل، تراجع توزيع النسخ الورقية لصحيفة واشنطن بوست اكثر من 8%. وشهد الفصل الثالث، وتحديدا في ايلول/سبتمبر تخلي المجموعة عن مجلة نيوزويك الأسبوعية، بعدما فشلت في إعادة إطلاقها. وفي المجمل، حقق رقم الاعمال للمجموعة تقدما بنسبة 7% ليصل الى 1,19 مليار دولار.

مخاوف على استقلالية الصحافة

فيما يثير بيع صحيفة لوباريزيان/اوجوردوي الفرنسية الذي يطمح لشرائها سيرج داسو المعروف بانه مقرب من الرئيس نيكولا ساركوزي وصاحب الفيغارو، مخاوف من تنامي نفوذ السلطة على الصحافة الفرنسية. ويدرس مالك مجموعة داسو المتخصصة في الصناعات الجوية والدفاعية والسناتور عن الاتحاد من اجل حركة شعبية (الحزب اليميني الحاكم) احتمال شراء هذه الصحيفة الواسعة الانتشار وقد يقدم عرضا لذلك الى ماري اوديل اموري المالكة لغالبية الأسهم، على ما كشفت أوساط الصناعي في منتصف ايلول/سبتمبر.

وهناك مرشحون آخرون لشراء الصحيفة ابرزهم فانسان بولوريه المقرب ايضا من الرئيس الفرنسي، لكن ترشيح داسو هو الذي يثير أكثر التحفظات. وفي حال اشترى داسو لوباريزيان فسيسيطر في الواقع على ابرز صحيفتين يوميتين في فرنسا: الفيغارو التي أصدرت في 2009 حوالي 314 ألف نسخة كمعدل وسطي والباريزيان التي بلغ عدد نسخها 305 الاف يضاف اليها 177 الف نسخة لصحيفة اوجوردوي في فرنسا (نسختها خارج المنطقة الباريسية(. واعتبر الحزب الاشتراكي ان عملية الشراء المحتملة ستشكل "تهديدا خطرا لتعددية الإعلام".

وقال سكرتير الحزب الاشتراكي المكلف وسائل الاعلام على المستوى الوطني باتريك بلوش ان الصناعي "بنى هكذا، بمساعدة اموال عامة في الحقيقة، امبراطورية اعلامية وضعت في الواقع في تصرف الغالبية الرئاسية"، لافتا الى ان سيرج داسو يعد "صاحب مجموعة صناعية كبيرة تعيش من طلبيات الدولة". وأعلن خمسة نواب مقربون من رئيس الوزراء السابق دومينيك دوفيلبان الخصم الرئيسي لنيكولا ساركوزي في اليمين، التقدم بمشروع قانون لمنع عملية الشراء هذه.

اما الصحافيون العاملون في الصحيفة اليومية فعبروا من ناحيتهم عن حرصهم على الاستقلالية. وذكرت رابطة الصحافيين بأنها "صحيفة يومية إقليمية ووطنية بعيدة عن اي تحيز" و"لا يجوز ان تكون في خدمة رجل او جماعة او مؤسسة او حزب سياسي". كما أبدت نقابة القوة العاملة "قلقها" إزاء هذا الأمر. لكن وزير الاتصالات فريدريك ميتران رفض هذه الانتقادات مؤكدا ان عملية الشراء المحتملة هي "موضوع اقتصادي وليس قطعا موضوعا سياسيا".

واضاف ميتران "لم تعط اي حكومة هذا القدر من الضمانات بشأن احترام تعددية الصحافة"، مستطردا "ان امتلاك صحيفة لا يعني ان تكتب هيئة تحريرها ما يشاء (المالك) ان يقرأ فيها". لكن سيرج داسو أثار الانفعال لدى الصحافيين عندما تساءل في اب/اغسطس 2007 "لماذا صاحب او مالك أسهم رئيسي لا يستطيع كتابة ما يفكر به في صحيفته؟" ولماذا حرية التعبير هي للصحافيين وليس المساهمين؟". بحسب وكالة انباء فرانس برس.

وصحيفة الفيغارو الكبرى المحافظة تعد اليوم الصحيفة الفرنسية الأكثر قربا من السلطة. ويأتي التعبير عن هذه المخاوف بعد نحو ثلاثة اشهر من شراء صحيفة لوموند العريقة والاستنكار الذي أثاره تدخل نيكولا ساركوزي في الملف. وكان الرئيس الفرنسي استقبل مدير الصحيفة اريك فوتورينو ليبلغه انه لا يفضل عرض ثلاثي يعتبر من اليسار، بيرجيه-نييل-بيغاس، الذي كانت الغلبة له في نهاية المطاف.

كذلك اثار ساركوزي جدلا بمنح نفسه صلاحية تعيين رؤساء الإذاعة والتلفزيون العامين. وقد استخدم هذه الصلاحية في تموز/يوليو الماضي لتعيين ريمي فليملان في مؤسسة تلفزيونات فرنسا. وفي الواقع يقيم الرئيس الفرنسي علاقة معقدة مع وسائل الإعلام حيث يملك شبكة هامة بالرغم من تعرضه لهجمات عديدة فيها. وفي الأشهر الأخيرة أطلقت الصحافة الأسبوعية خصوصا انتقادات شرسة لرئيس الدولة استهدفت خصوصا سياسته الأمنية مع سلسلة عناوين تميزت بلهجة حادة على صفحاتها الأولى.

مقدم يغادر قناته بسبب برنامجه

من جانب آخر، فصلت شبكة (سي.ان.ان) مقدم البرنامج الإخباري الكبير ريك سانشيز بعد يوم واحد من تعليقات مثيرة للجدل ادلى بها سانشيز عن اليهود في برنامج إذاعي.

وقال بيان مقتضب صادر عن شبكة (سي.ان.ان) ان "ريك سانشيز لم يعد مع الشركة. نشكر ريك على السنوات التي أمضاها في الخدمة ونتمنى له الخير." وقالت قصة على موقع شبكة (سي.ان.ان) ان سانشيز "ترك الشبكة على نحو مفاجئ."

وأدلى سانشيز بتصريحات خلال محادثة في برنامج إذاعي بيت دومينيك. ووصف جون ستيوارت مقدم "البرنامج اليومي مع جون ستيوارت The Daily Show with Jon Stewart" بالمتعصب. كما قال سانشيز وهو كوبي امريكي نشأ في عائلة مهاجرة فقيرة في منطقة ميامي ان "الصفوة اي الليبراليين في الإدارة بنورث ايست " ينظرون اليه بعين الازدراء.

وقال سانشيز "كل شخص يدير سي.ان.ان يشبه ستيوارت كثيرا وكثير من الأشخاص الذين يديرون جميع الشبكات الأخرى يشبهون ستيوارت كثيرا والتلميح بان الأشخاص في هذا البلد الذين يدينون باليهودية- أقلية مضطهدة." وفي وقت لاحق من المحادثة لطف التصريحات وتراجع عن مصطلح متعصب. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وكانت تلك احدث واقعة ينظر فيها الى تصريحات تدلي بها شخصية عامة على انها جارحة لمشاعر جماعة عرقية ويتم تضخيمها عبر وسائل الإعلام والانترنت. ومثل هذا الجدل أحاط من قبل بمقدم الإذاعة الشهير دون ايموس والسناتور الجمهوري السابق عن ولاية فرجينيا جورج الين ونائب الرئيس جو بايدن خلال حملته الرئاسية غير الناجحة.

"ناشونال انكوايرر" ستعلن إفلاسها

من جهة أخرى أفادت مجموعة "اميركان ميديا" التي تصدر الصحيفة الأسبوعية الفضائحية "ناشونال انكوايرر" ومجلات مثل "منز فيتنس" انها ستعلن إفلاسها لكي تتمكن من إعادة جدولة دينها.

وأعلنت المجموعة في بيان ان "اعادة تنظيم الشركة يستند الى استبدال الدين باسهم مع مجموعة من دائنيها الذين أعطى 80 % منهم موافقته". وأكدت المجموعة في البيان "مع إعادة الهيكلة هذه ستخفف الشركة من ديونها وستحسن السيولة المتوافرة لها" مشددة على انها لا تتوقع ان يؤثر ذلك على عملياتها. وتصدر "اميركان ميديا" ما مجموعه 6,8 ملايين نسخة شهريا مع 10 ملايين زائر منفرد شهريا على مواقعها الالكترونية. بحسب وكالة انباء فرانس برس.

أشهر منشوراتها، "ناشونال انكوايرر" التي تباع خصوصا في السوبرماركت، معروفة بعناوينها المثيرة وبالشائعات غير المؤكدة دائما التي تنشرها. وسرت شائعات العام الماضي مفادها ان هذه الصحيفة الأسبوعية ستحصل على جائزة بوليتزر اعرق جوائز الصحافة الأميركية، لأنها كانت أول من كشف عن الخيانة الزوجية للمرشح السابق لمنصب نائب الرئيس الأميركي جون ادواردز. والى جانب ذلك تصدر المجموعة "منز فيتنس" و "ستار" و"شيب" و "فيت براغنانسي" و "نتشرال هيلث".

الشرطة تستجوب

في حين استجوبت الشرطة اندي كولسون السكرتير الصحفي لرئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بشأن مزاعم عن تشجيعه صحفيين على التنصت بصورة غير مشروعة على هواتف عندما كان رئيسا لتحرير صحيفة شعبية.

وقال مكتب كاميرون إن كولسون مدير إدارة الإعلام برئاسة الحكومة البريطانية التقى طوعا مع ضباط يحققون في مزاعم بأن صحفيين في صحيفة نيوز اوف ذا وورلد اكثر الصحف البريطانية مبيعا اعترضوا رسائل هاتفية بطريقة غير مشروعة للحصول على قصص اخبارية. وقال متحدث باسم مجلس الوزراء إن كولسون يتمتع بدعم كاميرون الكامل ولكن حزب العمال المعارض قال إن الوقت قد حان لإعادة النظر في مستقبل كولسون.

وقال المتحدث "حضر اندي كولسون اجتماعا مع ضباط شرطة العاصمة طوعا في مكتب (محامي) في لندن .جرت مقابلة السيد كولسون الذي عرض أولا لقاء الشرطة قبل شهرين كشاهد ولم يتم تحذيره أو ألقاء القبض عليه." وكان كولسون قد استقال في 2007 من عمله كرئيس تحرير صحيفة نيوز اوف ذا وورلد التابعة لمجموعة نيوز كورب المملوكة لروبرت ميردوك. وعينه كاميرون الذي تولى منصبه في مايو أيار كأحد ابرز معاونيه في نفس العام. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وجاءت استقالته بعد سجن الصحفي كليف جودمان الذي كان يغطي أخبار العائلة المالكة أربعة اشهر بعد كتابة قصص اخبارية مبنية على معلومات استقاها من مخبر خاص تمكن بطريقة غير قانونية من الوصول إلى رسائل البريد الصوتي لمساعدين في القصر. وقيل أن من بين الضحايا سياسيين وشخصيات أخرى رفيعة المستوى مثل المشاهير والشخصيات الرياضية. وكثيرا ما نفى كولسون انه كان على بينة بالممارسة ولكن قصة نشرتها صحيفة نيويورك تايمز في سبتمبر أيلول قالت انها كانت على نطاق واسع وقال صحفي سابق لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) ان رئيس تحرير سابق طلب منه التنصت على الرسائل الهاتفية.

ودفعت التقارير إلى اجراء الشرطة تحقيق جديد وأدت الى دعوات لكاميرون لإقالة كولسون الذي يتقاضى راتبا يبلغ 140 الف جنيه استرليني (225900 دولار) سنويا. وقال المتحدث باسم مجلس الوزراء ان من المتوقع أن تكون مقابلة كولسون مع الشرطة نهاية الأمر ولكن حزب العمال أشار الى انه لن يترك الأمر يتوارى.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 15/تشرين الثاني/2010 - 8/ذو الحجة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م