الاكتئاب يتسلل... ثم يفتك بالإنسان

اعداد: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: تكتنف حياة الانسان العديد من التأثيرات العضوية والنفسية المتأتية من الظروف البيئية والاجتماعية المحيطة به، واكثر تلك التأثيرات اذى للإنسان هي الامراض النفسية بحسب العلماء والمختصين، خصوصا انها تؤدي في الكثير من الحالات الى امراض عضوية وجسدية تسبب تلف كبير لدى المرضى، فيما قد تقود الى الموت او الانتحار في بعض الاحيان.

ومن اشد تلك الامراض خطورة الآخذة بالانتشار هو داء الاكتئاب وفق معظم الدراسات العلمية في هذا الصدد، بعد ان كشفت حالات التشخيص والمراقبة ان لهذا الداء آثار متباينة على صحة الانسان.

واحد بين كل 10 أمريكيين مصاب

فقد كشفت دراسة استقصائية واسعة أعدتها "مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية" الأمريكية، أن عشرة في المائة من الأمريكيين يعانون من أعراض الاكتئاب، وأن بعض الولايات أكثر عرضة للإصابة به عن غيرها.

وتضم "ميسيسيبي" أعلى نسبة اصابات بالاكتئاب في الولايات المتحدة، تصل إلى 14.8 في المائة، إذ يعاني سكان الولاية من اثنين أو أكثر من أعراض المرض، وتتمثل في الإحساس باليأس، وصعوبة التركيز.

ومن بين الولايات الأخرى التي "تعاني" من الاكتئاب، ويست فيرجينيا (14.3 في المائة)، ألاباما (13 في المائة) أوكلاهوما (11.3 في المائة)، وجاءت "نورث داكوتا" في أدنى اللائحة بمعدل اكتئاب بلغ 4.8 في المائة، بحسب المسح الذي أجري في الفترة ما بين 2006 و2008. بحسب السي ان ان.

ولفت البحث إلى أن الولايات التي ترتفع فيها نسبة الاكتئاب ينتشر فيها، وبمعدل أعلى من المتوسط، السمنة وأمراض القلب والكثير من الأمراض المزمنة الأخرى، وهو ما قد لا يكون من قبيل المصادفة، وفق ليلا ماكنايت-إيلي، أخصائية علم النفس السريري وعلم الاوبئة في مراكز السيطرة على الأمراض.

وشرحت قائلة: ""الاكتئاب يمكن، وعلى حد سواء، أن يعجل ويفاقم أعراض الأمراض المزمنة.. فبالتأكيد هذه الأشياء مرتبطة ببعضها."

وساهم ارتفاع مستويات الفقر نسبياً، وعدم الحصول على الرعاية الصحية النفسية كذلك، في رفع معدلات الاكتئاب في الولايات الواقعة في جنوب شرقي البلاد. كما ساهم العامل الاقتصادي وارتفاع نسبة البطالة بدوره في زيادة حالات الإصابة به.

وتحتفل الولايات المتحدة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري باليوم القومي لفحص الاكتئاب، وحثت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية كل من قد يساوره الشك في إصابته بالاكتئاب، إجراء تقييم للذات عبر الإنترنت.

يُذكر أن منظمة الصحة العالمية كانت قد أعلنت منتصف سبتمبر/ أيلول الماضي أن المصابين باضطرابات نفسية واجتماعية، هم إحدى أكثر الفئات عرضة للتهميش في البلدان النامية، لافتة إلى أن ربع سكان العالم سيصابون بمرض نفسي في مرحلة ما من حياتهم.

وقالت المنظمة في تقرير على موقعها الإلكتروني بشأن الصحة النفسية والتنمية، إن "غالبية البرامج الإنمائية وبرامج التخفيف من وطأة الفقر، لا تشمل المصابين باضطرابات نفسية، واضطرابات نفسية اجتماعية."

وأضافت: "من الملاحظ، أن 75 إلى 85 في المائة من أولئك المرضى لا يستفيدون من أيّ شكل من أشكال العلاج النفسي.. وهناك علاقة بين تلك الاضطرابات وارتفاع معدلات البطالة إلى نسبة تناهز 99 في المائة في بعض الأحيان."

وتشير تقديرات المنظمة إلى أن الأمراض النفسية تتسبب في حدوث عدد كبير من الوفيات وحالات العجز، وهي تمثّل 8.8 في المائة، و16.6 في المائة من عبء المرض الإجمالي الناجم عن الاعتلالات الصحية في البلدان المنخفضة الدخل، والبلدان المتوسطة الدخل، على التوالي.

وقال تقرير المنظمة: "سيمثّل الاكتئاب ثاني أهمّ أسباب عبء المرض في البلدان المتوسطة الدخل، وثالث أهمّ تلك الأسباب في البلدان المنخفضة الدخل، بحلول عام 2030.

قدامى المحاربين في فرجينيا

كما أفاد تقرير أعده مختصون في فرجينيا تنشر نتائجه بالكامل يوم اثلاثاء بان أكثر من واحد من بين كل اربعة من قدامي المحاربين الامريكيين في حربي العراق وافغانستان في ولاية فرجينيا يقول ان اصابات في الرأس تتعلق بالمهام القتالية قد لحقت بهم وان ثلثين منهم اصيبوا بالاكتئاب.

وقالت ماري بيث دونكنبرجر وهي من كبار مديري البرامج في معهد السياسات والحكم الرشيد والمشرفة على هذا التقرير في معهد فرجينيا تك ان الارقام الحقيقية قد تكون أكبر كثيرا.

وقالت ان كثيرين من قدامى المحاربين في العراق وافغانستان في مجموعات منتقاة قالوا انهم كانوا يخشون من الاعتراف بمعاناتهم من اضطرابات ما بعد الصدمة خلال اجراءات تسريحهم من الخدمة العسكرية وذلك خشية ان يبعدهم ذلك عن اسرهم ويلحق الضرر بحياتهم العملية. بحسب رويترز.

واضافت "خلال اجراءات التسريح يتوق الجنود نوعا ما الى رؤية افراد اسرهم." ومضت تقول "واذا اعترفوا بانهم يعانون من اضطرابات ما بعد الصدمة فانهم يدركون انه قد تمضي بضعة اسابيع قبل ان يروا ذويهم لذا فانهم يميلون الى التقليل من حجم الاعراض التي يكابدونها."

وقالت "كما ان جنودا في الخدمة يعزفون عن البوح بما في نفوسهم لانهم يخشون ان يؤثر ذلك على مسيرتهم المستقبلية في الجيش." واضافت " كما ان اولئك العائدين الى الحياة المدنية يخافون الا يقبل احد توظيفهم اذا علم انهم يعانون من اضطرابات ما بعد الصدمة."

وتولى برنامج مصابي الحرب في فرجينيا تجميع مواد هذا التقرير ويقوم بتشغيل هذا البرنامج ادارة خدمات قدامى المحاربين في فرجينيا وتم تقديم التقرير الى رويترز قبل نشره.

وتوصل التقرير الى ان 66 في المئة من قدامى المحاربين في حربي العراق وافغانستان كانوا يعانون بدرجة ما من الاكتئاب وهم يلون في الترتيب مصابي حرب فيتنام. وافاد التقرير بان عشرة في المئة منهم يعانون من درجة عالية من الاكتئاب.

وقال 13 في المئة انهم يعانون من اضطرابات ما بعد الصدمة في حين قال 26 في المئة ان اصابات لحقت برؤوسهم تتعلق بالخدمة العسكرية. ويرجع الفضل الى حد كبير الى الدروع الواقية للجسم في حماية نسبة كبيرة من الجنود من الانفجارات والهجمات في هاتين الحربين بالمقارنة بحروب سابقة.

وقال تقرير اصدرته مؤسسة راند عام 2008 ان ما يقرب من ثلث اعداد الجنود العائدين من حربي العراق وافغانستان كانوا يعانون من اضطرابات ما بعد الصدمة واصابات الراس والاكتئاب. كما شاعت ايضا معدلات مرتفعة من حالات الانتحار بين قدامى المحاربين الامريكيين.

وتضمنت الدراسة التي اجراها معهد فرجينيا تك مقابلات مع أكثر من الفين من قدامي المحاربين في ولاية فرجينيا بما في ذلك محاربون قدماء من حربي فيتنام وكوريا. ومن بين 800 الف من قدامى المحاربين في الولاية خدم نحو 260 الفا منهم في العراق وافغانستان.

وتوصل التقرير الى ان بواعث القلق الرئيسية بين المحاربين القدماء كانت صعوبة الوصول الى الخدمات الطبية والعلاج لاسيما في المناطق الريفية والنائية.

وقالت دونكنبرجر "مبعث القلق الاكبر هو ان جميع المشاكل التي شوهدت حتى الان من اصابات الرأس واضطرابات ما بعد الصدمة والاكتئاب ربما تكون مجرد قمة جبل الجليد."

الفقراء أكثر عرضة

وفي دراسة جديدة إتضح أن معدل الفقر فى الولايات المتحدة الأميركية إرتفع إلى 14.3% وهو أعلى مستوى منذ عام 1994، ووفقا لتقرير مكتب الإحصاء السنوى فى الولايات المتحدة الأميركية تبين أن واحدا من كل سبعة أميركيين يعيش فى فقر، وقد أثرت هذه الظروف على الأحوال النفسية للناس وخاصة الذين يعيشون فى أحياء فقيرة، حيث أكدت الدراسات أن الأسر الفقيرة هي الأكثر عرضة للإكتئاب.

وقدمت (كارولين كوترونا) أستاذ ورئيس قسم علم النفس، دراسة تبين تأثير مكان المعيشة على الحالة النفسية مع مرور الوقت، ووضح(دانيال راسل) أستاذ التنمية البشرية والدراسات الأسرية فى مؤتمر عالمى فى أغسطس الماضى، معنى التوتر والقلق .

وفى دراسة للأسر الإفريقية فى أميركا تبين أن هناك 800 أسرة إفريقية يعيشون فى ولايتى أيوا وجورجيا، وأضافت كوترونا وراسل أن الروابط الإجتماعية لها تأثير كبير على صحة الفرد النفسية.

أما عن الأحياء التى يكثر بها الجرائم وأنشطة العصابات، فإن العلاقات الإجتماعية هناك أضعف بكثير، وقد لاحظ الباحثون أن الوحدة تسود بينهم، ويسعى الباحثون للحصول على دعم للمجتمع المحلى ورعاية أكبر للأطفال، والعديد من أشكال المساعدة الأخرى.

أما فى الأحياء حيث الإضطراب الإجتماعى أو التى تنعدم بها الروابط الإجتماعية، فإنها لا تخلو من المخاطر كما يتخيل الكثيرون، بل إن الإضطراب الإجتماعى والشخصية الصامتة لهما تأثير سلبى واضح على الصحة النفسية، ففرص الإكتئاب كثيرة فى مثل هذه الأحياء، أما الأحياء الأكثر إعتدالا فإن فرص الإصابة بالإكتئاب بها تكون أقل.

وقد تبين أن 62% من المشاركين فى هذه الدراسة إنتقلوا بين أحياء مختلفة بين عامى 1997-2005، أما فى الأحياء المترابطة إجتماعيا فإن معدل الإنتقال يكون أقل وقد يتراوح فى بعض الأحيان بين 22-90%، وأضاف الباحثون أن العنصرية عامل كبير جدا للإكتئاب بين الأميركيين وخصوصا الأفارقة.

وأكد الباحثون أن الأحياء الجديدة الأقل عنصرية تتسم بالأمن، وأن الإنتقال إلى الأحياء الأقل عنصرية يؤثر على مستويات الإكتئاب، وإهتم الباحثون بألا تقتصر عينة الدراسة على الأسر ذات الدخل المنخفض فحسب، بل إن حوالى 20% من الأسر التى شملهم الإستطلاع تحت خط الفقر وكذلك شملت الدراسة بعض الأسر اللتى تحصل على حوالى 200,000 دولار سنويا.

وإتفق الباحثون أن الأسر ذات الدخل المنخفض والذين يعيشون فى أحياء أكثر سلبية، هم الأكثر عرضة للإكتئاب لفترات طويلة، حيث أن مثل هذه الأحياء الفقيرة لا يتوفر بها الموارد اللازمة للتأمين الصحى والرعاية الصحية العقلية، كذلك لا يمكن لشخص أن يحصل على دعم من حوله، كل هذه الأسباب تؤدى إلى الإكتئاب.

وقد أرسل الباحثون تقريرا عن هذه الحالات ليتلقوا تمويلا من المعهد الوطنى للصحة العقلية بالتعاون مع جامعة أيوا وجامعة جورجيا وذلك لدراسة العوامل الوراثية ودور البيئات الحية فى الإكتئاب.

اربعة ملايين الماني

على صعيد متصل، رغم مرور نحو عام على انتحار الحارس السابق للمنتخب القومي الألماني لكرة القدم روبرت انكه إلا أن الحديث عن أمراض الاكتئاب وما يمكن أن تؤدي إليه بما في ذلك الانتحار لا يزال غير كاف في ألمانيا.

والنتيجة أن واحدة من كل ثمان حالات اكتئاب تقريبا هي التي تعالج بشكل صحيح في حين تعالج معظم الحالات بشكل غير كاف أو لا يتم تشخيصها أصلا. وعن ذلك قال البروفيسور الألماني ديتليف ديتريش من مستشفى "أميوس" في مدينة هيلدسهايم  لا يزال الكثيرون يفسرون اضطرابات الاكتئاب على أنها ضعف في الشخصية أو ضعف الحافز الشخصي على تغيير شيء".

ويقدر عدد المصابين بالاكتئاب في ألمانيا والذين يحتاجون للعلاج النفسي بنحو أربعة ملايين شخص ولكن 40% منهم فقط هم الذين تم تشخيص حالتهم بالفعل على أنها مرضية واجبة العلاج "ثلثهم هم الذين يعالجون بشكل صحيح وطويل بشكل كاف" وهو ما يراه البروفيسور ديتريش العنصر المهم مضيفا "ويتطلب العلاج النفسي بالعقاقير المضادة للاكتئاب صبرا وقوة تحمل لأن التطور الإيجابي لا يبدأ إلا بعد أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع من بدء العلاج".

وأشار ديتريش إلى أن المرضى يحتاجون في علاجهم إلى دعم الطبيب والمحيطين بهم مضيفا:؟تتراوح نسبة تأثير العقار بين 50 إلى 70% وإلا كان من الضروري استبدال الدواء المستخدم بمستحضر آخر.. كما أن سير هذا العلاج بشكل متزامن مع العلاج النفسي يتطلب المداومة عليه حتى يكون ناجحا وحتى يحمي من الإصابة بأمراض أخرى". بحسب الوكالة الالمانية للانباء.

وأرجع ديتريش بعض أسباب تزايد عدد أشكال الاضطرابات الناتجة عن الاكتئاب في ألمانيا إلى تزايد الضغط العصبي وعدم الإحساس بالأمان وضغوط العمل "فإذا كانت لدى شخص ما قابلية للتأثر بهذه الضغوط فإن ذلك يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بأحد أمراض الاكتئاب.. ولكن يجب ألا ننسى أن البطالة تكون عادة عنصرا قويا يسبب الاكتئاب.. في حين أن العمل الذي يؤديه المرء بحب ويكون نافعا له تأثير قوي مضاد للاكتئاب.

البرتغاليون وتناول لعقاقير

أكد التقرير الأخير للمفوضية الأوروبية بشأن الصحة النفسية لمواطني الدول الاعضاء في الاتحاد الأوروبي أن سكان البرتغال هم أكثر الشعوب الأوروبية ميلا لتناول العقاقير المضادة للاكتئاب.

وبحسب التقرير الذي يعد مؤشرا على الصحة النفسية الأوروبية، لجأ 15% من البرتغاليين للعقاقير الطبية خلال الأشهر الإثني عشرة الماضية لمعالجة الضغوط النفسية التي يتعرضون لها وهو ما يمثل ضعف المتوسط الأوروبي، الذي لا يتجاوز 7%.

وعلى النقيض من ذلك، كان الألمان واليونانيون أقل سكان القارة تناولا لمثل هذه العقاقير، بواقع 3% لكل منهم، يليهم البلغار (4%). وأشار معدو الدراسة إلى أن معظم أسباب تعاطي هذه العقاقير على مستوى دول الاتحاد الأوروبي هي "الاكتئاب والتخوف".

وتبين أن تناول هذه العقاقير يتم يتزايد بين النساء والعاطلين وأصحاب الدخل المنخفض والأشخاص الذين يعيشون بمفردهم بالإضافة إلى الذين خضعوا للعلاج النفسي بسبب معاناتهم من مشاكل عاطفية. كما كشفت الدراسة التي أجريت في مارس 2010 عن تباين في مستوى الشعور بالسعادة بين شمال أوروبا، ذي الدخل المرتفع حيث سجلت الدراسة فيه أقل نسبة من المصابين بالاكتئاب، والمناطق الافقر، جنوب ووسط القارة وشرقها، حيث المواطنين الأكثر بؤسا.

وتبين من خلال الدراسة أن 90% من السويديين لم يشعروا "أبدا" بالبؤس لدرجة تضطرهم لتعاطي العقاقير، أو "نادرا" ما يعتقدون أنهم محبطون لدرجة لا يصلح معها سوى تعاطي هذه العقاقير لتحسين حالتهم النفسية. وفي المقابل، تنخفض النسبة الى 56% في اليونان ورومانيا و 57% في ليتوانيا وإيطاليا حيث تبين لمعدي الدراسة أنها الأكثر سلبية بين الدول الأوروبية.

ورغم ارتفاع نسبة من يتعاطون مضادات الاكتئاب في البرتغال، فإن نسبة من يشعرون بالسعادة في البلاد وصلت إلى 73% ، إي دون المتوسط الأوروبي (74%) بقليل.

الاكتئاب الوسواسي

عانى جون أودونوغ من اختلال "الاكتئاب الوسواسي" منذ ان كان في سن السابعة عشرة وحاليا هو يساعد في أكبر دراسة عن هذا المرض النفسي الخطير.

وقال أودونوغ لمراسل صحيفة الغارديان اللندنية إن بدايات المرض كانت خلال السبعينات من القرن الماضي حينما كان في سن السابعة عشرة بعد وفاة والده. كان آنذاك في سن الرابعة عشرة مما جعله ينتقل إلى عائلة تبنته في السنة اللاحقة. ومنذ ذلك الوقت وأودونوغ يعاني من المرض مما جعله يتنقل من مستشفى إلى آخر حتى بلغ الثامنة والعشرين.

إذ حين سماعه بدراسة تدور حول اختلالات المزاج اتصل بالمنظمين لها مباشرة. وتم تشخيص إصابته باختلال الاكتئاب الوسواسي او الاختلال "ذي القطبين" وهو عادة يصيب 1% من عدد السكان.

وهناك أدلة تشير إلى وجود آصرة ما بين الابداع والاختلال "ذي القطبين"(مرض الاكتئاب الوسواسي) فالدكتورة كاي ردفيلد جامسيون التي تعد حجة في هذا الميدان قد تعقبت أعراض المرض ووجدت أن هناك صلة بين الإبداع واختلالات المزاج في دراستها التي حملت عنوان " ممسوس بالنار".

فحسب جاميسون كان الشاعر روبرت لويل والرسام جاكسون بولوك والشاعرة سيلفيا بلاث قد عانوا من هذا المرض. فهو مرض مثير للفضول يجمع ما بين آلام مروِّعة وموهبة إبداع متميزة.

وإذا كان الانهيار العصبي مؤذيا فإن "الانهيار الاجتماعي" قابل لأن يكون مشلا للمصابين بمرض الاكتئاب الوسواسي فهو يشمل الانقطاع عن العمل وانهيار العلاقات العاطفية بل وحتى الإفلاس وهذا ما يؤدي إلى التشرد. كذلك تبلغ نسبة الانتحارات بين الأشخاص المصابين بهذا المرض 15% أكثر من غيرهم.

وشارك في هذه الدراسة الميدانية 3000 شخص تم خلالها استجوابهم ومن بينهم كان هناك الممثلان  البريطانيان ستيفن فراي وكيري كاتونا. وحسب بروفسور علم النفس في جامعة كارديف بويلز الذي ترأس فريق الباحثين إن "الهدف هو إيجاد أفضل طرائق مقارَبة لتشخيص المرض والتحكم فيه. نحن نحاول فهم العلاقة ما بين الميل الجيني ومرض الاكتئاب الوسواسي وهذا يسمح لنا بالحصول على الحمض النووي والسعي لتشخيص التحولات الجينية المشتركة".

وأضاف جون أودونوغ أن "كل مشاكلي وقعت حينما كنت أصغر سنا على الرغم من أني عانيت في الصيف الماضي من ارتداد للمرض. مع ذلك فإني أبقيت في المستشفى وعولجت هناك. أنا أحمل كل الأعراض التي غطاها الاستجواب. ستيفن فراي تكلم عن المرض واصفا إياه بأنه غريب مقيت يأتي إلى حياته ليعرقلها ويحرفه عن وضعه السوي. لكنني الآن تعلمت كيف أعيش مع هذا الحيوان الذي لا يكف عن نصب كمائن لضحاياه، وطالما أنني لم أتمكن من ترويضه بعد فإن ظهوره في حياته سيتكرر لاحقا.

الرياضة أفضل من الأدوية

الى ذلك اكد باحث اميركي ان التمارين الرياضية هي افضل من الادوية لعلاج الاكتئاب النفسي الذي يصيب مئات الملايين من الأشخاص في العالم.

وقال أخصائي الطب النفسي الأميركي، جاسبر شميت الذي يطور نظاماً جديداً للعلاج النفسي الخاص بمكافحة الاكتئاب انه يحاول من خلاله تجنب النتائج الجانية للأدوية العادية التي تؤدي إلى تبدلات في الوزن وأنماط النوم، وذلك من خلال التركيز الرياضة البدنية فحسب للتغلب على المرض.

وذكر أن الأبحاث التي يجريها لا تؤكد قدرة التمارين الرياضية بمفردها على معالجة الاكتئاب الراهن فحسب، بل يمكن أن يكون لها دور أساسي في عدم عودته مستقبلاً.

وقال شميت الذي يعمل من عيادته في دالاس، أنه يعتمد على بيانات سبق وظهرت في دراسة أجرتها جامعة "ديوك" عام 1999، أكدت خلالها أن المكتئبين الذين انضموا لبرنامج تمارين سويدية تحسنوا بنفس مقدار المرضى الذين تناولوا عقار "زولوفت" الذي تبلغ مبيعاته السنوية ثلاثة مليارات دولار.

وأضاف شميت وفقا لما نقلت عنه مجلة " تايم " واوردتها السي ان ان الاخبارية قائلا منذ أن بدأت في دخول هذا المعترك والذهول يزداد لدي حيال عدم وجود علماء يدرسون هذه النتائج بجدية.

وتشير الأبحاث إلى أن التمارين تدفع الدماغ إلى القيام بنفس العمل الذي تقوم أقراص الدماء، فبعد أسابيع من التمارين المنتظمة تظهر في الجسم تبدلات جينية معينة تؤدي إلى ارتفاع إفراز الدماغ لمادة "غالانين" التي ثبت أن لها الدور الأساسي في الحد من التوتر العصبي.

كما تؤكد الاختبارات التي جرت على الفئران أن الرياضة تخفف من وطأة الصدمات العصبية الناتجة عن التعرض لأمور غير معتادة، فقد تمكنت الفئران التي خضعت لبرنامج رياضي من التعامل بهدوء مع ظروف صعبة مثل الوقوع المفاجئ في مياه شديدة البرودة.

ويقول شميت إن الرياضة لمدة ثلاثين دقيقة متواصلة في اليوم يحسن الشعور النفسي ويرفع المعنويات بشكل كبير، مضيفاً أنه لاحظ تزايد رضا الناس عن أدائهم كلما تزايدت سرعة دقات قلوبهم.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 13/تشرين الثاني/2010 - 6/ذو الحجة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م