القاعدة والمسيحيين... اجندة ما وراء البحار

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: يذهب بعض المتابعين للشأن العراق وتحديدا نشاط الجماعات الارهابية المسلحة في رايهم حول تصعيد تنظيم القاعدة في استهداف مسيحيي العراق الى اجندات دولية لا يستبعد وقوف مخابرات دولية او اقليمية وراء ما يجري، خصوصا وبحسب المختصون ان هذا التنظيم الهلامي مخترق من قبل عدد من الاجهزة الاستخباراتية، وهي الموجهة وان كان بشكل ايحائي لقيادته، الامر الذي اقرته اعترافات العديد من اعضائه بعد القاء القبض عليهم.

الا ان المريب في الامر انطلاق بعد الدعوات المحرضة على هجرة المسيحيين من مواطنهم الاصلية الى بعد الدول الاوربية، بدلا من ان تقدم المساعدات للدولة العراقية في القضاء على هذا التنظيم المشبوه، وهي ممارسات عدها الكثير من المتابعين محاولات تنم عن اجندات سياسية تهدف الى افراغ الشرق الاوسط من المسيحيين، والعراق على وجه التحديد، في سيناريو قديم جديد، سبق وان نفذ بنجاح في اجبار يهود العرق على ترك موطنهم واللجوء الى اسرائيل.

التشجيع على هجرة

فقد دعا رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي خلال تفقده الكنيسة التي تعرضت لاعتداء في بغداد الاسبوع الماضي الى عدم التشجيع على هجرة المسيحيين من العراق.

وقال "ابعث من هذا المكان رسالة لكل الدول التي تفاعلت (...) ايجابيا من خلال تقديم الخدمات للجرحى وهذا موقف نبيل، لكن نطلب ان لا تكون هناك هجرة" في اشارة الى فرنسا التي تستقبل الجرحى وتمنحهم حق اللجوء.

واضاف المالكي بحضور رجال دين وشخصيات "اعزي بهذه الفاجعة المسيحيين في العراق والعالم، انها جريمة بشعة (...) هدفنا هو تحقيق العدالة والمساواة بين الجميع، والمسيحي من عمق الحضارة التي نفتخر بها، وعلينا تحمل المسؤولية تجاه المسيحيين".

ورافقه في الزيارة وزير الصناعة والمعادن فوزي فرنسوا حريري ووزيرة حقوق الانسان وجدان ميخائيل.

وتابع المالكي "طلبت من قداسة البابا خلال زيارتنا الاخيرة ان لا يدع الشرق يخلو من المسيحيين ولا الغرب يخلو من المسلمين، واكدنا ان تنظيم القاعدة الارهابي اظهر صورة بشعة ليست الصورة الحقيقية للاسلام".

ما بعد النكبة

من جهته قال المطران الكلداني شليمون وردوني في رده على بيان القاعدة في استهدافهم "هذا امر سلبي جدا وبالغ السوء لشعبنا (المسيحيون)". واضاف ان "هذا التهديد قد يعرضهم للاذى ويمكن أن يجبرهم ايضا على مغادرة البلاد". لكنه اضاف "يجب ان نكون اقوياء، وعلى استعداد لكل شيء".

وتعرضت مناطق متفرقة من بغداد الى سلسلة تفجيرات اسفرت عن مقتل اكثر من ستين شخصا.

شهدت العاصمة بغداد حركة اخف من الايام العادية اثر التفجيرات المنسقة التي خلفت كذلك نحو 360 جريحا.

واستهدفت الهجمات التي وقعت معظمها في مناطق ذات غالبية شيعية مطاعما ومقاهي شعبية بالاضافة الى سقوط عدد من قذائف الهاون، لكن لم يتضح ما اذا تتسببت في أي خسائر بشرية.

واعلن وزير الصحة العراقي صالح الحسناوي "مقتل 64 شخصا واصابة 360 في هجمات الليلة الماضية". ولم تتبن اي جماعة هجمات الثلاثاء، لكن تنظيم القاعدة في العراق يشن حربا على الحكومة العراقية والقوات الاميركية في البلاد.

وذكر المركز الاميركي لمراقبة المواقع الاسلامية (سايت) ان بيان القاعدة الذي نشر على شبكة الإنترنت يبرر تهديد استهداف المسيحيين بسبب رفض الكنيسة القبطية الافراج عن امرأتين محتجزتين في احد الاديرة.

وقال التنظيم في بيانه "ليعلم هؤلاء المشركون وفي مقدمتهم طاغوت الفاتيكان الخرف ان سيف القتل لن يرفع عن رقاب اتباعهم حتى يعلنوا براءتهم مما يفعل كلب الكنيسة المصرية، ويظهروا للمجاهدين سعيهم الجاد للضغط على تلك الكنيسة المحاربة لاطلاق سراح المأسورات من سجون اديرتها وليلزموا بعد ذلك صوامعهم ويكفوا عن الاسلام". واضاف "والا (...) لنفتحن عليهم ابواب الخراب وبحور الدم".

وكانت سرت شائعات واسعة حول اعتناق وفاء قسطنطين وكاميليا شحاته وهما زوجتا قسين ينتميان الى الكنيسة القبطية، الاسلام الاولى في 2004 والثانية في تموز/يوليو 2010.

ويقول بعض الناشطين المسلمين انهما ممنوعتان من الخروج من محل اقامتهما الذي تعرفه الكنيسة وحدها منذ ان قامت اجهزة الامن باعادتهما ب"القوة" اليها.

ويؤكد الاقباط من جهتهم انه تم ارغام السيدتين على اعتناق الاسلام وان كلا منهما تركت منزل الزوجية بسبب خلافات اسرية شخصية.

بدوره، اعترف حازم جرجيس (45 عاما) الاستاذ في جامعة الموصل التي تعرضت فيها الطائفة المسيحية الى هجمات متكررة، بالشعور بالخوف من التهديدات الجديدة. وقال "نشعر بالخوف كمكون مسيحي من خلال عودة حملات الاستهداف، على ابناء شعبنا".

واضاف ان "هذا كله سببه عدم تشكيل الحكومة وعدم فرض القانون مما ولد ضعف في الاجهزة الامنية، وولد خروقات كبيرة، يصعب السيطرة عليها". واشار الى ان "حادثة الكنيسة تعد تحديا للحكومة والاجهزة الامنية واستهدافا لها قبل ان تكون استهداف للمسيحيين".

بدوره، قال النائب المسيحي يونادم كنا ان "الجميع هم هدف لتنظيم القاعدة. هذا البيان ليس شيئا جديدا بالنسبة لي، والقاعدة لم يكونوا يوما اصدقاءنا". واضاف "كانوا دائما ضدنا واذا لم تتخذ السلطات اجراءات امنية مشددة فان هجمات على طراز اعتداء الكنسية ستحدث مجددا". واكد ان "الارهابيين يخافون من الحرية والديموقراطية".

واضاف كنا ان الهجوم على الكنيسة اظهر ان الاجراءات الامنية ليست قوية بما يكفي لحماية الأماكن العامة ، بما في ذلك الكنائس ، وينبغي تحسينها.

مغادرة العراق

في سياق متصل دعا اسقف السريان الارثوذكس في لندن اثناسيوس داود الاحد مسيحيي العراق الى ترك بلادهم، بعد الهجوم الذي تعرضت له كنيسة في بغداد وتوعد القاعدة بمهاجمة المسيحيين.

وقال الاسقف العراقي في حديث مع "بي بي سي" من لندن "ان شعبنا في العراق يعيش اليوم في خطر ولا توجد اي حماية له ولا احد يكترث به". وتابع بعد ان دعا في عظة الاحد في كنيسة السريان الارثوذكس في لندن المسيحيين العراقيين الى مغادرة بلادهم "في حال بقي المسيحيون في العراق فسيقتلون الواحد تلو الاخر".

واضاف "ان شعبنا يحاول الهرب من العراق لانه يخشى الاضطهاد والقتل والتطهير العرقي. ان جميع الارهابيين يهاجمون اليوم شعبنا في العراق".

وردا على سؤال حول ما اذا كان بدعوته هذه يلعب لعبة المتطرفين اجاب "ما هو افضل بالنسبة الينا ان نبقى ونقتل او نهاجر ونعيش بسلام"".

وتابع "ان الاتحاد الاوروبي يمنح اللجوء الى الكثير من الناس لماذا لا يقبل مسيحيين؟ نحن بحاجة لمساعدته".

ويقدر عدد المسيحيين في العراق بما بين 450 الفا و 500 الف نسمة، بينهم 300 الف يتبعون كنائس كاثوليكية متحدة مع الفاتيكان (مقابل 378 الفا العام 1980). ويشكل الكلدان 80% من الكاثوليك في العراق والسريان 20% منهم.

اما غير الكاثوليك، فان 80% منهم اشوريون والباقي سريان ارثوذكس او ارمن ارثوذكس.

فرنسا توطن الجرحى!؟

على الصعيد ذاته اعتبر وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير ان وضع المسيحيين في العراق المهددين من تنظيم القاعدة والذين يغادرون بكثافة منطقة كانوا متواجدين فيها على الدوام يطرح "مشكلة خطيرة جدا".

وقال كوشنير لاذاعة ار تي ال "نقدم مساعدتنا لكن ذلك لن يغير المشكلة، الحل يكمن في عدم دفع كل المسيحيين الى مغادرة الشرق الاوسط".

واضاف "هناك اضطهاد وصعوبات يواجهها كل مسيحيي الشرق. انهم مكون اساسي لهذا الشرق الاوسط الذي يشهد مشاكل جمة".

كذلك اعلن وزير الهجرة الفرنسي اريك بيسون استقبال مجموعة ثانية من 93 شخصا يجري حاليا اعداد لائحتهم، "خلال الاسابيع القادمة".

وقال بيسون بعد نقلهم الى المستشفيات سيحصلون على بطاقة موقتة لطالب لجوء صالحة لمدة ستة اشهر وقابلة للتجديد مع السماح بالعمل. وبامكانهم ان يتقدموا بطلب لجوء وهو سيمنح لهم".

واضاف بعد ان تحدث اليهم "ما اثر في نفسي هو ان العراقيين جميعا يريدون ان يتحدثوا عما حصل وكلهم قالوا +لا يمكنكم ان تتصوروا+" ما جرى في بغداد.

واوضح "ما آلمني هو الى اي درجة عانوا نفسيا" لانه في كنيسة بغداد "كانت هناك ست ساعات من الرعب المطلق وقد تعرضوا للارهاب".

وكان بيسون اعلن قبيل هبوط الطائرة ان "فرنسا، عندما تقوم بعمليات تضامن، لا تطرح على نفسها السؤال لا عن لون البشرة ولا عن الديانة".

وبعد الاعتداء الذي وقع في 31 تشرين الاول/اكتوبر، طلب اريك بيسون من اجهزة وزارته استقبال ما مجموعه 150 مسيحيا عراقيا. وسيتم نقل مجموعة اخرى من 93 عراقيا قريبا.

وقتل 44 مصليا وكاهنان في 31 تشرين الاول/اكتوبر عندما هاجم عدد غير معروف من المسلحين كنيسة سيدة النجاة للسريان الكاثوليك في حي الكرادة في بغداد.

وتندرج عملية الاخلاء اليوم ضمن اطار مبادرة اتخذتها الرئاسة الفرنسية في خريف العام 2007 لاستقبال عراقيين "ينتمون الى اقليات دينية ذات وضع حساس". واستقبلت فرنسا حوالى 1300 مسيحي منذ ذلك الحين.

وفي تطور لاحق قالت مصادر امنية عراقية ان مسلحين فجروا مساء الثلاثاء ثلاثة منازل تعود ملكيتها لمسيحيين في حي المنصور الراقي في غرب بغداد دون سقوط ضحايا.

واضافت ان "التفجيرات الحقت اضرارا بالغة في منازل تقع قرب مطعم الساعة ولم يعرف ما اذا كانت ماهولة ام لا" مشيرة الى "عدم وقوع جرحى او قتلى".

وتاتي التفجيرات بعد تسعة ايام من مجزرة كنيسة السريان الكاثوليك في حي الكرادة، وسط بغداد.

شر انعكس علينا خير

من جهته اعلن بطريرك الاقباط الارثوذكس البابا شنودة الثالث ان التهديد الذي وجهه تنظيم القاعدة في العراق الى الاقباط هو "شر" حوله الله "خيرا" اذ انعكس على طائفته تعاطفا من جهات دينية وسياسية وامنية.

وقال البابا شنودة ان "كل الامور تعمل معا للخير للذين يحبون الله، وربنا إما يمنع الشر او يحول الشر الى خير".

وفي تسجيل تبنى فيه الهجوم على كنيسة سيدة النجاة في بغداد، امهل تنظيم القاعدة في العراق الكنيسة القبطية المصرية 48 ساعة ل"اطلاق سراح" امرأتين قبطيتين مصريتين زعم انهما اعتنقتا الاسلام واعيدتا بالقوة الى الكنيسة.

وقالت القاعدة مخاطبة الاقباط انه في حال لم يفرج عن القبطيتين فان "القتل سوف يعمكم جميعا وسيجلب شنودة الدمار لجميع نصارى المنطقة".

واضاف البابا شنودة في عظته الاسبوعية في كاتدرائية القديس مرقس في القاهرة "تأكيدا لمبدأ +كله للخير+، ان الانذار الذي وصلنا جلب لنا تعاطفا من الازهر الشريف ومن كثير من الكتاب والصحافيين ومن وزارة الداخلية ورجال الامن".

وخلال الثماني والاربعين ساعة الاخيرة توالت المواقف المنددة بتهديدات القاعدة للمصريين الاقباط من قبل القوى السياسية والشعبية في مصر والتي دعت الى ضرورة الحفاظ على "الوحدة الوطنية". ولم يعلق البابا شنودة على المهلة التي منحته اياها القاعدة والتي انتهت الاربعاء.

فيما توالت المواقف المنددة بتهديدات القاعدة للمصريين الاقباط خلال من قبل القوى السياسية والشعبية في مصر التي دعت الى ضرورة الحفاظ على "الوحدة الوطنية".

ودان شيخ الازهر احمد الطيب، المقرب من الحكومة، كما نددت جماعة الاخوان المسلمين، اكبر حركات المعارضة، بالاعتداء على كنيسة سيدة النجاة في بغداد والتهديدات الصادرة من العراق ضد المسيحيين وخصوصا ضد الكنيسة القبطية المصرية.

وقال الإمام الاكبر للازهر مساء الثلاثاء انه "تلقى بأسف بالغ وانزعاج شديد نبا العدوان الآثم من جانب بعض المسلحين على بيت من بيوت العبادة للأخوة المسيحيين فى العراق".

واضاف ان "الاسلام يكفل حرية العبادة ويحرم العدوان على كنائس المسيحيين ودور عبادتهم وان هذا امر مقرر شرعا وثابت عملا منذ الفتح الإسلامى وطيلة التاريخ".

واعتبر شيخ الازهر ان هذه التهديدات مرفوضة ولا تخدم الا اولئك الذين يريدون اشعال الفتنة وضرب الوحدة الوطنية تحقيقا لمخططات خبيثة ونحن على ثقة من ان هذه التهديدات لن تؤثر على امن مصر وامن المسيحيين وكنائسهم واديرتهم".

وحرصت جماعة الاخوان المسلمين على ان تناى بنفسها عن تهديدات تنظيم القاعدة في العراق الذي كان امهل الكنيسة القبطية المصرية 48 ساعة ل"اطلاق سراح" سيدتين مسيحيتين مصريتين زعم انهما اعتنقتا الاسلام واعيتا بالقوة الى الكنيسة.

وقال تنظيم دولة العراق الاسلامية الموالي للقاعدة في بيان ان المهلة انتهت الاربعاء وبالتالي اصبحت "كل المراكز والمنظمات والمؤسسات المسيحية وكذلك القادة والمؤمنين المسيحيين اهدافا للمجاهدين".

واكد الاخوان المسلمون في بيان نشر على موقع الجماعة على شبكة الانترنت ان "حماية" المسحيين مسؤولية الاغلبية المسؤولية واصفين تهديدات القاعدة ب "الحمقاء".

وفي الصحف كذلك، نشرت العديد من المقالات التي تدعو الى حماية الاقباط وضرورة الحفاظ على الوحدة الوطنية بينما كان الجدل عنيفا بين المسلمين والمسيحيين منذ اسابيع قليلة وكان الاحتقان الطائفي ظاهرا في المقالات الصحفية.

وقال الكاتب عماد العريان في صحيفة الاهرام ان "تهديدات القاعدة الاخيرة الموجهة الى الاقباط المصريين هي في الوقاع تهديد لكل المصريين".

واكد رئيس حزب الوفد الليبرالي المعارض سيد بدوي في صحيفة الحزب التي تحمل الاسم نفسه "اننا جميعا مصريون ولا يمكن ان نقبل اي تهديد لهويتنا الوطنية".

ونددت الحكومة باعتداءات بغداد معربة عن تضامنها مع السلطات العراقية وان كانت رفضت ضمنيا الرد على مهلة القاعدة.

وقالت وزارة الخارجية المصرية الاثنين ان مصر ترفض "الزج باسمها" في ما يجري في العراق.

غير ان الرئيس المصري حسني مبارك ارسل برقية عزاء الثلاثاء الى نظيره العراقي جلال طالباني وهي بادرة تعكس اهتماما خاصا اذ لم يعتد مبارك التعزية في ضحايا الاعتداءات المتكررة في العراق. وعززت السلطات بشكل غير ملحوظ الاجراءات الامنية حول الكنائس.

ويشكل الاقباط المصريون ما بين 6% و10% من ال 80 مليون مصري وفقا للتقديرات، وتعد اكبر طائفة مسيحية في الشرق الاوسط.

مسيحيو مصر

من جهة أخرى ربما يكتسب المتشددون جرأة بسبب التهديد الذي وجهه تنظيم القاعدة للمسيحيين المصريين على الرغم من ان التنظيم قد يجد صعوبة في تنفيذ هجوم من هذا النوع.

وفي حين أنه لا توجد بوادر على ظهور حركة للاسلاميين المتشددين من جديد على غرار تلك التي كانت في التسعينات فان مصر لا تزال في حالة تأهب لكل ما من شأنه اثارة التوتر الطائفي الذي يشتعل احيانا بسبب قضايا مثل العلاقات بين رجال ونساء من الطائفتين والتحول من ديانة لاخرى.

وأخمدت مصر حركة للاسلاميين المتشددين في التسعينات ويقول مسيحيون ومسلمون انه يجب أن تساعدها هذه التجربة في مواجهة اي تهديد جديد.

وسارعت السلطات المصرية الى التنديد بتهديد تنظيم القاعدة وتشديد الاجراءات الامنية المحيطة بالكنائس في البلاد التي يمثل المسيحيون فيها نسبة عشرة في المئة من سكانها البالغ عددهم 78 مليون نسمة وهي اكبر طائفة مسيحية في الشرق الاوسط.

وقال الاب عبد المسيح بسيط من كنيسة الاقباط الارثوذكس اكبر طائفة مسيحية في مصر ان هذا "التهديد ليس موجها فقط للمسيحيين في مصر بل هو موجه أيضا للدولة المصرية. (أجهزة) الامن في مصر قضت على الارهاب في التسعينات والدولة لا زالت قادرة اليوم على القضاء على هذه التهديدات الجديدة."

واستهدف هجوم العراق كنيسة كاثوليكية. وتم توجيه التهديد للطائفة الارثوذكسية بمصر حيث اتهمها تنظيم القاعدة باحتجاز امرأتين اعتنقتا الاسلام.

وقال وسيم بديع الشماس بالكنيسة الارثوذكسية "أعتقد أن المسؤولين عن القتل في العراق كانوا يبحثون عن مبرر لما قاموا به بربط الموضوع بالكنيسة المصرية."

وكان محتجون مصريون قد قالوا ان المرأتين اللتين ذكر تنظيم دولة العراق الاسلامية اسميهما هما زوجتان لقسيسين اعتنقتا الاسلام وتحتجزهما الكنيسة. ونفى قس هذا وقال انهما في ديرين حرصا على سلامتيهما.

وعلى الرغم من أن التنظيم العراقي ليس له حلفاء او شبكة في مصر لتنفيذ تهديده قال البعض انه قد يحفز الاسلاميين المتطرفين على التحرك ضد الطائفة المسيحية.

ويقول ايسندر الامراني المحلل السياسي المقيم في القاهرة "هذه النوعية من النداءات تجد اذانا صاغية في مصر لكنها لن تجد الاذان الصاغية للتنظيمات القائمة القادرة على الهجوم على المستوى المتقدم الذي نراه في العراق."

ومضى يقول ان النداء قد يلقى استجابة من أتباع المنهج السلفي الذين انتقدوا الكنيسة القبطية بشدة في الخلاف بشأن اعتناق زوجتي القسيسين الاسلام.

وقال الانبا مرقس أسقف شبرا الخيمة "المجزرة (العراقية) لن تؤدي الى تصاعد فتنة طائفية في مصر ولكنها قد تحفز محاولات خطيرة من قبل المتطرفين."

وقال يوسف سيدهم رئيس تحرير صحيفة وطني الخاصة بالطائفة القبطية الارثوذكسية ان المتشددين يستخدمون تقنيات تختلف عن تلك التي كانت الجماعات المصرية تستخدمها في التسعينات.

وأضاف "التعامل مع التهديدات والتكنولوجيا الجديدة يتطلب مستويات أعلى من المراقبة والتدقيق الامنيين."

ومضى يقول "هذه الجماعات ترى أنها اخترقت أماكن مثل العراق وتظن أنها تستطيع اختراق مصر."

وأشار الى العثور على طردين مفخخين الاسبوع الماضي في بريطانيا ودبي كانا مرسلين الى الولايات المتحدة. بحسب رويترز.

وعلى الرغم من أن محللين يقولون ان تهديد المتشددين في مصر انخفض فان التوترات بين المسلمين والمسيحيين تظهر من ان لاخر.

وتعكس عمليات التمشيط الامنية المتكررة التي تستهدف اي نشاط للاسلاميين المخاوف الرسمية من أنه اذا تم التخلي عن الحذر فان المتشددين قد يعيدون تنظيم صفوفهم في مصر مسقط رأس الكثير من المفكرين الاسلاميين البارزين وايضا الرجل الثاني في تنظيم القاعدة ايمن الظواهري.

ويشير محللون الى أن التفجيرات المتفرقة مثل ذلك الذي أسفر عن مقتل سائحة في القاهرة عام 2009 هي المرجحة.

وقتل 1200 شخص على الاقل بينهم نحو 100 أجنبي في الحملة التي شنها المتشددون في التسعينات واستهدفت السائحين الاجانب والبنوك والوزراء وكبار المسؤولين بما في ذلك محاولة لاغتيال الرئيس حسني مبارك عام 1994 .

وكان أجرأ هجوم عام 1997 حين قتل متشددون مسلحون بالسكاكين والاسلحة الالية 58 سائحا معظمهم من المانيا وسويسرا واليابان في معبد حتشبسوت الشهير بالاقصر.

وبعد تهديد الجماعة العراقية تم تشديد الاجراءات الامنية المحيطة بعدة كنائس في القاهرة وغيرها.

لكن بعض المسيحيين الذين يشتكون كثيرا من أنهم يعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية في مصر لا يرون ان الدولة تبذل جهدا كافيا لحمايتهم.

وقالت مسيحية طلبت الاكتفاء بذكر لقبها جرجس "لم أسمع عن مجزرة العراق... لكن لو تذكرتي المجزرة التي وقعت في نجع حمادي. هذا دليل كاف" على مدى حماية الكنائس في مصر.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 11/تشرين الثاني/2010 - 4/ذو الحجة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م