حقوق المرأة بين الشعار والتطبيق

قبسات من أفكار المرجع الشيرازي

شبكة النبأ: من إشكالات الحياة التي يعانيها الانسان أنه يقع ضحية لميول يجهل عواقبها، منها ميوله لتفضيل المظهر على الجوهر، واعتماده على القول المجرد من الفعل والتطبيق، هذه الاشكالية غالبا ما تجعله يعيش نوعا من التناقض الصارخ، بين ما يقوله ويفعله، ما يؤدي بالنتيجة الى خلل في البنى التي تسهم ببناء الانسان فردا أو مجتمعا.

فهو - للأسف- يقول ما لا يفعل، ويفعل ما لا يقول، وكأن عجلة الحياة الكبيرة تسير بالاتجاه الخاطئ، الذي يزيد من تخلف وجهل الانسان، ويحط من قيمته وكرامته وطريقة عيشه، ويمكن أن نكتشف هذه الاشكالية، في نظرة الرجل الى المرأة، وطريقة تعامله معها، فهو يقول أن المرأة كائن مهم وضروري لبناء الحياة، ويدعو (بالقول) الى احترامها وحماية حقوقها، وما الى ذلك من كلام مزوّق وجميل، لكن الحقائق التي تحصل على الارض، تفضح تلك الأقوال و(الشعارات) التي لا تعدو كونها كلام منمّق وجميل، لكنه يخلو من الروح والجوهر.

فيما ترى التعاليم والمبادئ الاسلامية غير ذلك، كما نقرأ في كتاب (من عبق المرجعية) إذ يقول سماحة المرجع الديني، آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله) حول حقوق المرأة في الاسلام ورؤيته لهذه الحقوق وقيمتها وأهميتها:

إن (حقوق النساء على الرجال مماثلة لحقوق الرجال على النساء) وفي هذا القول تكافؤ واضح وصريح للحقوق بين الطرفين، بيد أن المشكلة التي تتمثل باختلاف القول مع التطبيق تبقى قائمة، إذ يقول سماحة المرجع الشيرازي بهذا الصدد:

(نلاحظ أن الشعارات التي ترفع باسمها –المرأة- ليست سوى ظواهر وضجيج فارغ، فتحرير المرأة مثلا كلمة جميلة ولكن عندما تنبش قلب هذه الكلمة لكي تعرف حقيقتها والواقع الذي تعيشه المرأة المعاصرة في ظلها تكتشف أن فيها تقييد المرأة وإذلالها وليس حريتها كما يزعمون).

والاهم في العلاقة بين الرجل والمرأة أنهما مكملان لبعضهما وإن اختلفا في التكوين البايولوجي والنفسي والعاطفي، أي رغم اختلافهما في بعض الجوانب المادية والتكوينية، إلا أنهما لا يستطيعان الاستغناء عن بعضهما الآخر سواء في التواصل الفردي أو الجمعي في آن، وفي هذا المجال يمثّل سماحة المرجع الشيرازي علاقة الرجل بالمرأة قائلا:

(مثل الرجل والمرأة في الحياة مثل العظم والغضروف في بدن الانسان) ولكن هناك من يلصق السلوك العاطفي حصرا بالمرأة ويلصق العقل حصرا بالرجل وهو تصور غير صحيح، إذ يؤكد سماحة المرجع الشيرازي على أن:

(الحياة مزيج من العقل والعاطفة، فإن الحياة لا تبنى بالعقل وحده ولا بالعاطفة وحدها، فلو أن الحياة سلب منها العقل عادت فوضى لا نظام فيها، ولا وجدت مجلسا بعض يتكلم وبعض يستمع، فإن العقل هو الذي يحدد العاطفة ويؤطرها).

ويضيف سماحة المرجع الشيرازي قائلا في هذا المجال:

(مثل المرأة والرجل في الحياة كمثل العاطفة والعقل، ولا يعني ذلك أن المرأة عاطفة بلا عقل، وأن الرجل عقل بلا عاطفة، بل بمعنى أن المرأة كيان عاطفي تترجح فيه كفة تأثير العاطفة، خلافا للرجل، في الغالب، فهو كيان يتغلب فيه العقل على العاطفة).

ومع هذا التكافؤ بين الطرفين إلا أن ما يحدث حيال النساء يلغي حالة التكافؤ المذكورة، وهو أمر يؤكد تفوّق الكلام على الفعل، بمعنى أن الشعارات التي يطلقها الرجال القادة وغيرهم لا تتجاوز مجالها اللفظي، في حين يكمن الصحيح في التطبيق العملي للأقوال، وهكذا نلاحظ غيابا في التعامل الذكوري مع المرأة، إذ يؤكد سماحة المرجع الشيرازي على هذا التعامل المختلّ من لدن الرجل تجاه المرأة فيقول سماحته:

(لقد صعدوا بالمرأة من جانب، ونزلوا بها من جانب آخر، فتولدت المشاكل).

وهذا ما يثبت حقيقة زيف التعامل الذكوري مع المرأة، فهم يقولون شيئا ويعملون خلافه، وكثير من الوقائع تؤكد هذا القول، إذ نرى المرأة في الغرب وقد تحولت على يد الرجل الى سلعة تباع وتشترى، وقد تم استغلالها بأبشع الطرق، وهو ما يؤكد التناقض بين الشعار والعمل، بل هناك تعامل مسيء للمرأة في المجتمعات الاسلامية التي تحمل من الاسلام اسمه وتفتقد لجوهره.

لذا ينبغي العمل على التطابق بين القول والعمل تجاه المرأة، وهذا ما يتوجب الانتباه له من لدن المعنيين جميعا، لأن المرأة، كفة لا تقل حجما ولا وزنا اعتباريا عن كفة الرجل.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 11/تشرين الثاني/2010 - 4/ذو الحجة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م