ارتفاع قيمة الذهب... نهاية العملات ام فقاعة مرتقبة؟

احمد عقيل الجشعمي

 

شبكة النبأ: يستمر الذهب بصعوده على سلم الاقتصاد والوصول الى أعلى قيمه في السوق، لاسيما وانه يؤثر وبشكل كبير على حركة السوق العالمي ولذلك فهو يرتبط ارتباطا وثيقا بالدولار الأمريكي بالإضافة الى باقي العملات الأوربية حيث له دور فعال في زيادة الفوائد لهذه العملات او نقصها كما هو يؤدي بدور الى ثبات السوق العالمي او تخلخله.

وهذا ما جعل العديد من المحللين الاقتصاديين والمتابعين ان يحذروا الاقتصاديين وأصحاب القرار في الأسواق العالمية من حدوث أزمة اقتصادية اذا لم يؤخذ بعين الاعتبار نسبة تصاعد قيمة الذهب وانخفاضه ومدى تأثيره على الحركة الاقتصادية العالمية التي تقف عليها بلدان بحالها فإذا تخلخل الاقتصاد تخلخل النظام في تلك الدولة.

وبهذا اثبت المعدن الأصفر النفيس مكانته بين باقي المعادن ومدى حجم قيمته الكبيرة في التأثير على الاستثمارات والتعاقدات والبنى التحتية التي تحاول بعض الدول الكبرى والتي تملك اقتصادا كبيرا في مساعدة الدول النامية للصعود الى الأسواق المتوسطة للسيطرة على ثبات السوق وعدم تدهوره، كما فرض الذهب نفسه على الجميع عندما جعل بعض الاقتصاديين يفكرون في جعله مادة أساسية في التعاملات العالمية، وسيبين لنا المحللون أسباب القفزات التي يقفزها الذهب خلال هذه الفترة.

فقاعة الذهب وتأثيراتها

حيث دعا رئيس البنك الدولي، روبرت زوليك الدول التي تقود الاقتصاد العالمي إلى بحث إمكانية العودة لتبني الذهب كمعيار ذهب عالمي لتوجيه أسعار العملات، وذلك في مقال طرح يأتي قبل أيام على انعقاد قمة مجموعة العشرين التي ستبحث في ملفات شائكة، بينها ما يصفه الخبراء بـ"حرب العملات" الأساسية.

 وقال زوليك، في مقال خص به صحيفة "فايننشال تايمز" تحت عنوان "على مجموعة العشرين النظر إلى ما هو أبعد من اتفاقية بريتون وودز 2" إن على قمة العشرين المقررة في سيول الاتفاق على إصلاحات هيكلية، لا تهدف إلى إعادة التوازن بين العرض والطلب فحسب، بل تنمية الاقتصاد.

وأضاف زوليك إن على الدول الكبرى مساعدة الدول النامية لأنها تشهد حالياً تزايداً كبيراً في حجم الاستيراد يفوق بنسبة الضعف الدول المتقدمة، ما يوجب على الاقتصاديات المتقدمة مساعدتها في مجال تطوير بنيتها التحتية وقطاعاتها الزراعية والصحية، وتدريب اليد العاملة.

وتابع زوليك، الذي احتل في السابق عدة مناصب في الإدارات الأمريكية المتعاقبة، إن على دول مجموعة العشرين أن تضع أسس نظام صرف يقوم على أساس التعاون، ويمكن له أن يعكس أوضاع الأسواق النامية، وأضاف أن ذلك: "يتطلب على الأرجح إشراك الدولار واليورو والين والجنيه الإسترليني وعملة صينية تسير باتجاه التدويل ثم باتجاه حساب رأسمالي مفتوح." بحسب وكالة أنباء السي ان ان.

وشرح قائلاً: "على هذا النظام أن يدرس أيضاً استخدام الذهب كنقطة مرجعية دولية لتوقعات الأسواق حول التضخم والانكماش وقيمة العملات، ومع أن البعض قد ينظر إلى الذهب على أنه عملة قديمة، غير أن الأسواق ما تزال تستخدمه اليوم بمثابة أصول مالية بديلة."

يذكر أن مؤتمر بريتون وودز كان قد وضع أسس نظام صرف العملات بعد الحرب العالمية الثانية، وقام بتثبيتها بنظام خاص مرتبط بالذهب، وظل هذا النظام هو الحاكم للتداولات العالمية حتى عام 1971، عندما قام الرئيس الأمريكي الأسبق، ريتشارد نيكسون، بفك ارتباط الدولار بالذهب.

الفرنك السويسري ينافس

بينما ينافس الفرنك السويسري الذهب على جذب أموال الأثرياء التي تبحث عن الأمان في لحظات الاضطراب أكثر من بحثها عن الأرباح، ولكنه يضر بالصناعات السويسرية. ويقول تجار سويسريون إن صناعاتهم الدقيقة من مجوهرات وساعات وآليات عالية التقنية باتت تحلق فوق القدرة الشرائية لزبائنهم.

كما أن الفنادق والمطاعم وأماكن التسوق التي كانت تعج بالمتسوقين الأوروبيين في عطلات الأسبوع لم تعد مزدهرة وسط الارتفاع الكبير في سعر صرف الفرنك السويسري مقابل العملات الرئيسية، خاصة اليورو. وتشير تقارير مالية إلى أن البنوك السويسرية تدير أكثر من 27% من إيداعات حسابات «الأوفشور» وأن الموجودات التي جذبتها خلال الأعوام الأخيرة ارتفعت على الرغم من الضغوط العالمية. وتدخل البنك المركزي السويسري منذ بداية العام مرارا بشراء اليورو وبيع الفرنك أملا في خفض سعر صرف العملة السويسرية، ولكنه لم يفلح تحت سيل التدفق الكبير للأرصدة الأجنبية الهاربة من سفينة الدولار إلى مرافئ أمان محافظ البنوك السويسرية. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وعلى الرغم من أن الفنادق الفخمة ومحلات الساعات والتحف والمجوهرات الثمينة في شارع «بوهان ستراسا»، أغلى شوارع التسوق في زيوريخ ورصيفاته في المدن الأخرى لم تتأثر؛ لأن معظم روادها من الأثرياء، فإن المحلات التجارية الأقل فخامة في جنيف وزيوريخ وبازل بدأت تخفض أسعارها في سبيل الاحتفاظ بالزبائن.

وفي فندق «بريزدنت ويلسون هوتيل» الفخم المطل على بحيرة جنيف، حيث يساوي سعر مبيت ليلة واحدة في جناحه الفاخر «ذي إمبريال سويت» 23 ألف دولار، لم يتأثر معدل إشغاله بارتفاع الفرنك، ببساطة لأن النزلاء في هذا الفندق القريب من مباني المنظمات التابعة للأمم المتحدة معظمهم من كبار السياسيين وإن لم يكونوا من السياسيين، فهم من المليارديرات الذين لا يهتمون بإنفاق الآلاف مثلما يهتمون بالراحة والأمن والوجبات الطيبة. ولكن معدلات الإشغال في الفنادق فئة الـ4 نجوم التي يرتادها ذوو الدخول المتوسطة بدأت تتأثر بقوة الفرنك. وحسب مسح «ميرسر هيومان روسورسز» للاستشارات في نيويورك الأخير الذي نشرته دورية «إيكونومست إنتيليجنس» البريطانية، فإن زيوريخ وجنيف من أغلى البلدان في العالم بالنسبة للمهنيين، حتى قبل ارتفاع الفرنك الأخير والآن أصبحت أكثر غلاء بعد أن ارتفع الفرنك إلى أكثر من 1.457 يورو.

وقالت وكالة «توماس كوك» البريطانية للسفر والسياحة: «زائرو سويسرا من ذوي الدخول الوسطى وفوق الوسطى من أوروبا وأميركا الذين اعتادوا على النزول إلى مدن الألب الساحرة للاستمتاع بالطبيعة السويسرية الخلابة، أو للتزلج، يترددون الآن في الذهاب إلى سويسرا، خاصة زوار دول العملات المنهارة». فسعر وجبة «ماكدونالدز» في زيوريخ بات يساوي قرابة 14 دولارا، وسعر الغرفة في الفنادق من فئة 4 نجوم لا يقل عن 300 دولار في المتوسط في مدن سويسرا الكبرى.

وهذا الغلاء، الذي يضرب سويسرا منذ بداية العام، يعود في الأساس إلى تحليق الفرنك السويسري مقابل اليورو والدولار إلى أعلى مستوياته، ففي ختام تعاملات

العملة الخضراء

فيما يُذكر أن البنك المركزي السويسري تدخل بقوة لإيقاف تقدم الفرنك في أعقاب خفض مؤسسة «ستاندرد آند بورز» للتصنيف الائتماني السيادي لليونان التي قاربت الإفلاس في الصيف الماضي.

وفي قراءة مصرف «غولدمان ساكس» الأخيرة للعملات، التي حصلت عليها «الشرق الأوسط»، توقع المصرف الأميركي أن تشهد أسعار صرف الدولار المزيد من الضعف خلال الفترة المقبلة حتى تتضح آثار سياسة ضخ السيولة في الأسواق التي ينوي مصرف الاحتياط الفيدرالي تنفيذها خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وحتى تتضح كمية وحجم الموجودات التي سيشتريها البنك المركزي الأميركي من الشركات الأميركية وما ستتركه من آثار يعتقد مصرفيون أن تدفق أموال الأثرياء الهاربين من الدولار سيتواصل على الفرنك السويسري.

وتقدم سعر صرف الفرنك مقابل 12 عملة رئيسية في ختام تعاملات الفترة القليلة الماضية مستفيدا من ضعف الدولار وتصريحات محافظ البندسبانك «المركزي الألماني» أكسل ألفريد ويبر، التي قال فيها إنه يعارض الدعم المالي والنقدي لاقتصادات دول المجموعة الأوروبية، وويبر مرشح رئيسي لرئاسة البنك المركزي الأوروبي. وفسر محللو عملات في لندن تصريحات ويبر، على أن سياسات المجموعة الأوروبية النقدية ربما تصبح متشددة تجاه دعم الأعضاء الذين يواجهون صعوبات مالية. وقال محللون إن سعر صرف اليورو ربما يتعرض لانتكاسة في حال عجز بعض الأعضاء عن تسديد أقساط الديون السيادية أو خدمات هذه الديون.

ويلاحظ منذ بداية الأزمة المالية أن الفرنك بدأ يرتفع على الرغم من محاولات البنك المركزي السويسري التدخل في سوق الصرف وبيع الفرنكات وشراء الدولار واليورو. فأثرياء العالم، الذين كانوا يستثمرون في الدولار والموجودات الدولارية، يتخوفون من مستقبل «العملة الخضراء» التي ينحدر سعرها يوميا وتتآكل قيمتها الشرائية ويهربون من الدولار وموجوداته إلى «ملاذ آمن». ومنذ بداية الأزمة أصبح الفرنك السويسري والذهب والسلع والمعادن هي الملاذات الآمنة للاستثمار. ولكن الذهب ربما يواصل الارتفاع إلى 1500 دولار، يضع المستثمرون أمام مغامرة كبرى. ولكن كبار المستثمرين يتخوفون الآن من «فقاعة الذهب» في حال نجاح سياسة مجلس الاحتياط في إخراج الاقتصاد الأميركي من أنياب الركود والعودة إلى النمو. وفي حال حدوث مثل هذا السيناريو فإن المستثمرين سيعودون للاستثمار في الموجودات الدولارية على حساب الذهب. ويتخوف المستثمرون الآن من «فقاعة الذهب» التي تتضخم بسبب حرب العملات بين كبار مجموعة الـ7 التي تسيطر على جل التجارة العالمية.

تفادي المخاطر

وكما يبدو أن هناك إجماعاً عاماً من قبل كل المحللين الماليين والاقتصاديين على أن الأزمة العالمية ومفاعيلها ما تزال ترخي بثقلها، وان هذه الأزمة ما تزال تفرض نفسها بقوة، ذلك أن أي أمل بحدوث انتعاش واضح ما يزال مبكراً.

جاءت آخر البيانات المالية الصادرة من الصين و الهند و دول الاتحاد الأوروبي بمثابة الضوء الأحمر للآمال التي كانت تقول بأن النمو بدأ يعود إلى اقتصاديات هذه المناطق الأساسية. فقد توقع بنك ساراسين في أحدث تقرير حول الربع الرابع من العام 2010  "النظرة العالمية" تباطؤاً في وتيرة النمو الاقتصادي مع استمرار هيمنة الركود والانكماش على الأسواق المالية حتى نهاية العام الجاري. ومما سيزيد من هذه الحالة دون شك نفور المستثمرين من المخاطر وربما يكون له تأثير سلبي على مخاطر الاستثمارات. ومن المتوقع أن يحدث التباطؤ في نمو الأرباح وهذا يعني أن توقعات الأرباح المستقبلية ستنخفض بشكل ملحوظ في الفترة المقبلة.

وفي حالة الأسهم يفضل ساراسين القطاعات المستقرة نسبياً مثل السلع الاستهلاكية والرعاية الصحية والاتصالات. وبقدر ما نشعر بالقلق تجاه عائدات السندات فإن هذا يؤدي إلى تفاقم الاتجاه النزولي من ناحية، وخلق تقلبات هامة في الأرباح بسبب ارتفاع مستوى عدم اليقين الاقتصادي من ناحية أخرى.

أما على صعيد العملات فقد حدد بنك ساراسين من خلال تقريره عدد من الجبهات الهامة مثل الفرنك السويسري، والين الياباني والدولار الأمريكي حيث سيستمر الطلب القوي على هذه العملات. كما رجح التقرير عدم حدوث أي ارتفاعات في أسعار السلع الأساسية باستثناء الذهب. فيما يخص العقارات ذكر التقرير أن هناك اختلافات إقليمية جوهرية في سوق العقارات على الرغم من وجوب استفادة أسهم الشركات العقارية من انخفاض سعر الفائدة القياسي فمن المرجح أن تعاني هذه الأسواق أكثر عندما يبدأ المستثمرون بفقدان الشهية تجاه المخاطر.

كما أكدت التقارير المالية التي نشرت في الربع الثالث من العام 2010 بأن الأمل بحدوث انتعاش اقتصادي عالمي قد مرت ذروته. في حين أن التباطؤ الاقتصادي قد ضرب بالفعل الصين والولايات المتحدة الأمريكية، مع احتمال أن يتبعها الاقتصاد الأوروبي بتأخير قد يصل إلى نحو ربع واحد. وبالرغم من قوة البيانات الاقتصادية إلى حد ما إلا أن المؤشرات الاقتصادية قد بدأت تشير إلى تباطؤ في النمو. وبالرغم من أن الاستثمارات قد تم اختيارها فإن الطلب النهائي لم يتمكن من جمع الكثير من الزخم. ويبدو أن الطلب سيتخذ منحى نزولياً خلال نصف المدة في الولايات المتحدة الأمريكية.

بوادر الأمل

في حين هناك اتجاه ناشئ مماثل في بلدان أخرى حيث تم التلاعب في الاستهلاك خلال السنوات الأخيرة من خلال الفقاعة العقارية. ولان الاقتصاد الأمريكي هو الوحيد البعيد عن الانكماش والركود وفقاً لتقديرات بنك ساراسين فإن من المرجح أن يركز المستثمرون اهتمامهم بشكل متزايد على مناقشة الانكماش مع اقتراب نهاية العام. وحتى لو كانت الولايات المتحدة تعمل على تجنب الانكماش مع المزيد من التدابير المالية والنقدية فإن من المرجح أن يشكل معدل سبات النمو على مدى سنوات عديدة ضغطاً نزولياً على تقييم أسواق الأسهم.

وقد قال السيد جان أمريت بوزر، رئيس قسم الأبحاث وكبير الاقتصاديين في بنك ساراسين: "سوف يستغرق تجاوز فقاعة الائتمان واستيعابها تماماً بعض الوقت. ولن يكون هناك أي تحسن مستدام في الاقتصاد إلا إذا تحرر الاستهلاك من الأغلال. ولكي يتم ذلك يجب أن تستقر عمليات الإقراض وأسعار العقارات وأسواق العمل. وترجح أبحاثنا أن هذا لن يحدث قبل النصف الثاني من العام 2011 على أقرب تقدير. ويمكننا أن نتوقع بدء ظهور بوادر الانتعاش الأولى في الربع الثاني من العام 2011 وصاعداًَ".

من جانبه قال فليب إي. بايرتستشي، كبير الاستراتيجيين في بنك ساراسين: "في حين أن العديد من المتعاملين في أسواق البورصة ينظرون إلى انخفاض أسعار الفائدة على أنها أخبار طيبة بالنسبة للأسهم على أساس الخبرات المكتسبة على مر العقود الماضية، فإن من المرجح أن يغيروا من هذا المبدأ في ضوء التهديدات الانكماشية الحادة. ونحن نعتقد أن تدني العوائد في المستوى الحالي لا ينبغي أن يفسر على أنه فأل خير على أسواق الأسهم بل هو إشارة تحذير.

الذهب يبقى ذهب

بينما تسبب القفزات الحالية والمتتالية لأسعار الذهب الكثير من الحيرة في أوساط المحللين والاقتصاديين على مستوى العالم.

لكن معظم هؤلاء يرجحون أن سبب الارتفاع الكبير لأسعار المعدن الأصفر، هو في الواقع مجموعة أسباب وليس سبباً واحداً. فهناك أولاً حالة عدم الاستقرار أو الضبابية التي مستقبل التعافي الاقتصادي العالمي، وهناك مشكلة الديون السيادية التي ظهرت خلال الأشهر الأخيرة في أكثر من دولة، وما نتج عنها من دوامة تقلبات أصابت ليس فقط عملات الدول المدينة، بل عملات دول أخرى.

لقد برز الذهب بالفعل وعزز من دوره وأهميته كملاذ استثماري اًمن ضد التقلبات الاقتصادية وحالة عدم اليقين التي يمر بها الاقتصاد العالمي، رغم أن بعض المحللين يرون في ارتفاع أسعار الذهب، فقاعة جديدة لا بد وأن تنفجر، تماما كما انفجرت فقاعة العقار، ولو بعد حين.

فحالة عدم اليقين التي يمر بها الاقتصاد العالمي حالياً، والتي فتكت باقتصادات دول كبرى، دفعت الكثيرين من بني البشر إلى الإقبال على شراء الذهب الأمر الذي أدى إلى ارتفاع أسعاره. كما أن قرار بنوك مركزية عالمية بالعودة إلى تبني مفهوم احتياطي الذهب، جعل من المعدن الأصفر سلعة ذات قيمة مضافة سعرياً.

أسباب نفسية

ومع ذلك يرى البعض أن القفزات المتتالية وغير المبررة لأسعار الذهب بسبب إقبال المستثمرين على شراءه، وأيضاً ربما لأسباب نفسية بسبب حالة الاضطراب التي تسود العالم، تعني أن هناك فقاعة في طور التشكل ليس فقط في سوق الذهب، بل أيضاً في سوق المعادن النفيسة الأخرى.

ويقول هؤلاء أن ظروف فقاعة الذهب تتمثل في زيادة مخاطر الاستثمار في أغلب القطاعات الاقتصادية بدءا من أسواق المال والعقار، وانتهاء بالاستثمار في القطاع المصرفي. وكل هذا برأيهم، أدى بالمحصلة إلى تفشي حالة قلق لدى المستثمرين أفراد ومؤسسات،  دفعتهم إلى الإقبال على الذهب كملاذ اَمن ضد مخاطر الاستثمار المختلفة ما ساعد في رفع أسعاره بشكل كبير وفي فترة زمنية قصيرة نسبياً، وهي فعلاً الظروف الملائمة لفقاعة في طور التشكل.

ويقول هؤلاء أنه إذا تم تطبيق قاعدة العرض والطلب على الذهب فإن الطلب المتزايد على الذهب كملاذ اًمن لحفظ القيمة مقروناً بتراجع إنتاج الذهب عالمياً، سيؤدي إلى ارتفاع أسعاره بشكل كبير على المدى القريب وربما المتوسط، ثم انهيارها نتيجة وصول الأسعار إلى مستويات قياسية تؤدي للتحول الكامل عن الذهب كملاذ استثماري.

عامل التضخم

وهناك من يقول أن ارتفاع أسعار الذهب يرجع في المقام الأول إلى عامل التضخم. ويرجع هؤلاء الارتفاع الراهن في أسعار الذهب، إلى النظم النقدية في الاقتصادات الحديثة التي تعتمد على التحكم في المعروض النقدي، سواء من قبل المصرف المركزي عن طريق طبع النقود، أو من قبل النظام المصرفي عن طريق نظام الاحتياط الجزئي، لمعالجة الظواهر الاقتصادية كالركود والبطالة الأمر، الذي أدى إلى ظاهرة أخرى أكثر خطورة وهي التضخم بسبب تفوق عدد الوحدات النقدية الدائم على عدد الوحدات المنتجة من السلع والخدمات وهو ما ينعكس بصورة زيادة مستمرة في أسعار السلع وأولها الذهب.

وجاء في تقرير أعدته وحدة البحوث والدراسات والتقارير في بنك بوبيان أن الملاحظة الأبرز أن الذهب ارتفع خلال شهر سبتمبر/أيلول الماضي وحده من 1246.5 دولارا إلى 1315.6 دولارا، أي  بنسبة  5.5 % زيادة عن بداية الشهر، وليحقق بذلك مكاسب بحوالي  21 % منذ بداية عام 2010.

قمم جديدة

ومع بداية الربع الرابع من العام الحالي واصل الذهب ارتفاعه، مسجلاً زيادة جديدة حين أغلق أول أيام الربع الأخير (1 أكتوبر 2010) عند 1318.6 دولارا، مؤكداً مواصلته رحلة الصعود.

ويعتقد كثيرون أن الذهب ماضٍ إلى قمم أخرى جديدة قبل نهاية هذا العام 2010، مستمراً في الارتفاع حتى بدايات 2011، ما لم تحدث تغيرات إيجابية واضحة على الاقتصاد العالمي وبالذات في أميركا تعيد إلى الدولار بعضاً من العافية، لأن ضعفه يمثل أحد الأسباب المهمة التي تقف وراء ارتفاع الذهب، بالإضافة إلى حالة عدم اليقين من تعافي الاقتصاد العالمي التي باتت هي السمة الغالبة على آراء معظم المحللين حول العالم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 10/تشرين الثاني/2010 - 3/ذو الحجة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م