
شبكة النبأ: ازاحت الانتخابات النصفية
التي جرت مؤخرا في الولايات المتحدة الستار عن وضع جديد يعسر من اداء
الرئيس الديمقراطي باراك اوباما، خصوصا بعد فقدان حزبه الاغلبية في
الكونغرس، والاعلان المستمر لنواب الجمهوريين عن نيتهم في نبذ سياسة
واجراءات أوباما الاصلاحية، مما وبحسب رؤية المحللين سيجعل من المشهد
السياسي في تلك الدولة اكثر تعقيدا وصعوبة في التعامل مع مجمل القضايا
الساخنة.
فيما قد يكون لتداعيات الامر ايضا تأثير على مسار عملية السلام في
الشرق الاوسط بشكل خاص، سيما ان اسرائيل باتت تشعر براحة اكثر بعد فوز
حلفاؤها المقربون بالأغلبية وهو ما تعتبره وسيلة للتخلص بشكل كبير من
ضغوط التي يمارسها اتجاهها البيت الابيض.
اوباما في وضع الدفاع
فقد استيقظ الرئيس الأمريكي باراك أوباما اليوم الأربعاء على خريطة
سياسية مظلمة بعد أن عاقب الناخبون الديمقراطيين على ضعف الانتعاش
الاقتصادي ومنحوا الجمهوريين السيطرة على مجلس النواب.
وتمكن الديمقراطيون من الاحتفاظ بالسيطرة على مجلس الشيوخ وإن نجح
الجمهوريون في تعزيز مواقعهم به مما يؤذن بمواجهات تشريعية مطولة عندما
يبدأ الكونجرس الجديد أعماله في يناير كانون الثاني القادم.
فقد ضعفت قبضة أوباما على معالجة الكثير من القضايا من التخفيضات
الضريبة الى الإسكان. وسيكون عليه مواجهة محاولات لإلغاء إصلاحاته في
مجال الرعاية الصحية وول ستريت وسيواجه أيضا تيارا معاكسا قويا لسياسات
الادارة.
واصبحت تشريعات رئيسية جديدة مثل تغير المناخ والهجرة على الأرجح
غير مطروحة على الطاولة.
وقال جاريت سيبرج محلل السياسات بشركة واشنطن ريسيرش جروب
للاستشارات الاستثمارية "قدرة هذه الادارة على إنجاز برامج رئيسية
جديدة كانت محدودة بالفعل. ما حدث ينهي الأمر تماما."
وانتزع الجمهوريون ما لا يقل عن 60 مقعدا ديمقراطيا في مجلس النواب
وهو ما يزيد كثيرا عن 39 مقعدا كانوا يحتاجونها للحصول على اغلبية
سترفع جون بينر المحافظ الى مقعد رئاسة مجلس النواب ويضع نوابا
جمهوريين على رأس لجان المجلس. ومازالت سباقات كثيرة لم تحسم بعد. بحسب
رويترز.
وهذا أكبر تحول في السلطة منذ ان خسر الديمقراطيون 75 مقعدا من
مقاعد مجلس النواب عام 1948.
وصور الجمهوريون أوباما وفريقه من الديمقراطيين على أنهم ينفقون
ببذخ ويديرون بتهور عجزا هائلا ويوسعون دور الحكومة. ولقي هذا الاتهام
آذانا صاغية لدى ناخبين أنهكتهم موجة كساد هي الأشد من نوعها منذ
الثلاثينات.
وقال بينر للصحفيين في الكونجرس "من الواضح تماما ان الشعب الأمريكي
يريد منا أن نفعل شيئا بشأن خفض الانفاق هنا في واشنطن والمساعدة على
خلق بيئة يمكن من خلالها استعادة الوظائف."
وقال مساعد لبينر ان أوباما اتصل ببينر في وقت متأخر من مساء أمس
وهنأه وناقش معه سبل العمل معا لتوفير وظائف وتحسين الاقتصاد.
ويعقد أوباما مؤتمرا صحفيا اليوم الاربعاء الساعة الواحدة بعد الظهر
بتوقيت شرق الولايات المتحدة (1700 بتوقيت جرينتش) يتحدث فيه عن
التطورات التي طرأت على الخريطة السياسية بعد الانتخابات.
وقال ريد "نحن في حاجة لتجاوز محاولات الاعاقة والدخول في مناقشات
حقيقية بشأن إجازة القوانين التي تحتاجها البلاد."
وبينما يعمل الجمهوريون على دفع جدول أعمال يتضمن خفضا حادا في
الانفاق والغاء إصلاحات أوباما إلا أنهم سيواجهون صعوبة في التغلب على
حق النقض الذي يتمتع به الرئيس أوباما بشأن القوانين.
ويلوح في الأفق صدام بشأن عجز الميزانية الذي وصل العام الماضي الى
نحو تسعة في المئة من الناتج المحلي الاجمالي.
وقال اسرائيل كلين النشط في مجموعة بوديستا "الأمر غير الواضح هو ما
إذا كانت إدارة أوباما راغبة أم لا في عقد أي صفقات مع الكونجرس خلال
العامين القادمين."
نبذ أجندة أوباما
في سياق متصل تعهد الجمهوريون المنتشون بفوزهم بممارسة سلطتهم
الجديدة في الكونجرس لالغاء بعض من انجازات الرئيس الديمقراطي باراك
أوباما الرئيسية لكن أوباما الذي بدا واجما قال ان الناخبين يريدون أن
يبذل كلا الحزبين مجهودا أكبر للتوصل الى أرضية مشتركة.
وقال الجمهوري جون بينر المرجح أن يصبح الرئيس القادم لمجلس النواب
بعد فوز الجمهوريين بالاغلبية للصحفيين "من الواضح للغاية أن الشعب
الامريكي يريد حكومة أصغر ذات تكلفة أقل وأكثر قابلية للمحاسبة...
تعهدنا هو الاصغاء الى الشعب الامريكي."
وعاقب الناخبون الذين ينتابهم القلق ازاء الاقتصاد غير الراضين عن
قيادة أوباما الديمقراطيين بهزيمة ثقيلة في الانتخابات التي أجريت يوم
الثلاثاء والتي منحت السيطرة على مجلس النواب للجمهوريين وأضعفت أغلبية
الديمقراطيين في مجلس الشيوخ.
وقال بينر وزعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش مكونيل ان الناخبين
يريدون منهم العدول عن المبادرات التي مررها مجلس النواب أثناء سيطرة
الديمقراطيين على المجلس خلال العامين المنصرمين مثل الرعاية الصحية
واصلاحات مالية تنظيمية.
لكن من المرجح بدرجة أكبر ان تسبب الادارة المنقسمة حالة من الجمود
التشريعي عندما يبدأ الكونجرس الجديد دورته القادمة في يناير كانون
الثاني. ويمكن للديمقراطيين في مجلس الشيوخ أن يمنعوا تمرير مبادرات
مجلس النواب وما زال أوباما قادرا على الاعتراض على مشاريع القوانين
رغم تراجع قوة الديمقراطيين. ولم يظهر الجمهوريون البارزون ميلا يذكر
نحو الحلول الوسط.
وقال مكونيل "نحن مصرون على منع الاجندة التي رفضها الامريكيون
وتحويل اتجاه السفينة... سنتعاون مع الادارة عندما تتفق مع الشعب
وسنواجهها عندما لا تفعل."
وأظهرت استطلاعات اراء الناخبين بعد الادلاء بأصواتهم أنهم قلقون
بشدة على الاقتصاد اذ قال ثمانية من كل عشرة انه مبعث قلقهم الرئيسي.
ويعتقد نحو ثلاثة أرباع الناخبين أن أداء الحكومة لم يكن جيدا وقال
أربعة من كل عشرة أنهم يؤيدون حركة حزب الشاي المحافظة.
وتمكن الجمهوريون من الاطاحة بأكثر من 30 نائبا ديمقراطيا من مجلس
النواب منهم ايك سكيلتون رئيس لجنة القوات المسلحة وجون سبرات رئيس
لجنة الميزانية وجيمس أوبرستار رئيس لجنة النقل.
وقال أوباما ان "الحزن" خالجه لفقد هذا العدد من الديمقراطيين الذين
ساندوا اصلاح الرعاية الصحية وخطة التحفيز الاقتصادي ومبادرات أخرى.
وأردف أوباما قائلا "انه أمر صعب وأنا أتحمل مسؤولية ذلك بكثير من
الاوجه... هناك أيضا الكثير من التساؤلات تراودني مثل.. هل كان من
الممكن أن اتبع طريقا مختلفا أو أن أبذل مجهودا أكبر ليبقى هؤلاء الناس
هنا؟"
وقال أوباما انه ربما يكون هناك مجال للاتفاق مع الجمهوريين في
مجالات مثل الغاز الطبيعي وقضايا الطاقة وخفض "المخصصات" أي خفض انفاق
المشاريع المحلية التي يمولها الكونجرس.
وقال مستثمرون انهم يتوقعون أن يكون الجمهوريون أكثر تعاطفا مع
مخاوف رجال الاعمال. وأغلق مؤشر ستاندرد اند بورز عند أعلى مستوى منذ
ستة اشهر محققا ارتفاعا بلغ 0.37 في المئة أمس الاربعاء بعد أن أعلن
مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الامريكي) خططا لمساعدة
الاقتصاد.
وصرح بينر بأن الاصلاح الجذري للرعاية الصحية والذي أقره
الديمقراطيون في مارس اذار سيدمر النظام الطبي ويفلس البلاد. وأردف
قائلا "هذا يعني أن علينا أن نبذل قصارى جهدنا لمحاولة الغاء مشروع
القانون هذا وأن نستبدله باصلاحات منطقية لخفض تكلفة الرعاية الصحية."
وقال أوباما انه لا يعتقد أن الانتخابات كانت رفضا لخطة اصلاح
الرعاية الصحية وانه سيكون مستعدا للتعاون مع الجمهوريين بشأن بعض
التعديلات.
وقالت بيلوسي وهي أكبر عضو ديمقراطي في مجلس النواب والتي أعيد
انتخابها في دائرتها بكاليفورنيا لفترة عامين لكنها فقدت رئاسة المجلس
يوم الثلاثاء انها لم تحدد بعد خطوتها التالية.
ويمكن لبيلوسي أن تبقى في مجلس النواب بل أن تسعى للبقاء في قيادة
الحزب الديمقراطي وربما تكون زعيمة للاقلية كما أن بامكانها التقاعد.
وينظر لثاني أكبر عضو من الديمقراطيين في مجلس النواب ستيني هويار
من ماريلاند على أنه خليفة محتمل.
مصلحة نتنياهو
فيما يبدو أن المنظر في كابيتول هيل مقر الكونجرس الامريكي لا يمكن
أن يكون أفضل من هذا بالنسبة لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وقد تعطي انتخابات التجديد النصفي بالكونجرس الامريكي التي فاز بها
الجمهوريون وينظر اليهم في اسرائيل كحلفاء أقوياء لرئيس الوزراء
الاسرائيلي حافزا أكبر لمقاومة ضغوط الرئيس الامريكي الديمقراطي باراك
أوباما لتقديم تنازلات في مفاوضات السلام بالشرق الاوسط بعد أن ضعف
موقف الرئيس في واشنطن.
وذكرت عدة مصادر سياسية اسرائيلية أن أعضاء بالدائرة المقربة
لنتنياهو سعدوا بالضربة التي تلقاها الرئيس الامريكي الذي هو على خلاف
شديد مع رئيس الوزراء الاسرائيلي اليميني بشأن البناء الاستيطاني في
الضفة الغربية المحتلة.
اما الفلسطينيون الذين أوقفوا المحادثات المباشرة التي جرت بوساطة
الولايات المتحدة مع اسرائيل في سبتمبر ايلول بعد أن رفض نتنياهو تمديد
تجميد محدود للبناء في مستوطنات الضفة الغربية فانهم يأملون أن يستمر
أوباما على مسار السعي لتحقيق السلام.
وقال يورام اتينجر الدبلوماسي الاسرائيلي السابق الذي خدم بالولايات
المتحدة "لا شك أن نتيجة الانتخابات قوت العناصر الموالية لاسرائيل
بشدة في الولايات المتحدة بوجه عام وفي مجلس النواب وفي مجلس الشيوخ
وفي أرجاء المؤسسة السياسية."
وأضاف "سيقيد هذا بشدة قدرة الرئيس (الامريكي) على المناورة والذي
عادة ما ينتقد اسرائيل ويتعامل بسلبية تجاهها. وهو ما سيتطلب من الرئيس
من وجهة نظري الحد من ضغوطه على اسرائيل."
لكن بعض المصادر السياسية قالت ان نتنياهو الذي تلقى تعليمه في
الولايات المتحدة يتخذ موقفا اكثر حذرا تجاه تأثير انتخابات الثلاثاء
على السياسة الخارجية لاوباما واحتمالات توليه رئاسة الولايات المتحدة
لفترة ثانية.
وقالت المصادر ان نتنياهو يعي جيدا أن الرئيس الديمقراطي الاسبق بيل
كلينتون الذي حاول ايضا تحقيق السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين
تعافى من اكتساح الجمهوريين لانتخابات التجديد النصفي عام 1994 وفاز
بانتخابات الرئاسة لولاية ثانية بعد ذلك بعامين.
وفي ظل الضغوط الدولية من المعتقد أيضا ان يعكف نتنياهو على تمديد
محتمل للتجميد الجزئي لبناء المساكن في مستوطنات الضفة الغربية مقابل
حزمة من الحوافز المتصلة بالأمن من واشنطن.
وقد يساعد قرار جديد بالتجميد نتنياهو على تجنب ابعاد أوباما اكثر
من هذا فيما تبحث اسرائيل والولايات المتحدة سبلا للتعامل مع برنامج
ايران النووي الذي يعتقد الغرب أنه يهدف الى تصنيع أسلحة نووية وهو ما
تنفيه طهران.
ويتوقع على نطاق واسع بعد أن انتهت الانتخابات أن يعزز أوباما جهود
الولايات المتحدة الدبلوماسية لاحياء محادثات السلام الاسرائيلية
الفلسطينية.
والوقت آخذ في النفاد فقد أمهلت الجامعة العربية في التاسع من
اكتوبر تشرين الاول الولايات المتحدة شهرا - وهي فترة كانت الانتخابات
الامريكية خلالها في أوجها - لاقناع اسرائيل بوقف البناء الاستيطاني
والا تجازف بانهيار المحادثات.
وسيقوم نتنياهو بقراءة للمشهد بعد الانتخابات بنفسه خلال زيارة
تستمر خمسة أيام للولايات المتحدة يلقي خلالها كلمة أمام مؤتمر يهودي
امريكي ويلتقي بنائب الرئيس جو بايدن لبحث عملية السلام المتعثرة.
ويعتزم رئيس الوزراء الاسرائيلي اجراء عدة مقابلات مع وسائل الاعلام
وقال مسؤولون انه يحاول ترتيب اجتماع مع وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون.
وسيكون أوباما في زيارة لاسيا في هذا الوقت.
وعبر ياسر عبد ربه مفاوض السلام الفلسطيني عن ثقته في أن انتصارات
الجمهوريين لن تؤثر على سياسة البيت الابيض في الشرق الاوسط.
وقال لاذاعة صوت فلسطين "المصلحة الامريكية في المنطقة لا تتغير
نتيجة انتخابات التجديد النصفي."
لكن جورج جقمان استاذ العلوم السياسية الفلسطيني يرى أن ادارة
أوباما أظهرت ضعفا شديدا في الوقوف في وجه اسرائيل بشأن البناء
الاستيطاني.
وحين واجه البيت الابيض اسرائيل العام الماضي بشأن خطط للتوسع
الاستيطاني على أراض يريدها الفلسطينيون لاقامة دولتهم استغل
الجمهوريون الخلاف كمؤشر على ضعف أوباما على صعيد القضايا الامنية وعلى
أنه يضغط على حليف موثوق به دون وجه حق.
وقال جقمان "من الممكن أن يكون هناك فترة انتظار لمعرفة ما اذا كانت
الادارة الامريكية تخطط لعمل جدي لكن يوجد هناك قدر كبير من الاحباط
واليأس."
وأضاف أنه في كل الاحوال "لدينا فقط سنة واحدة" قبل أن يكرس أوباما
اهتمامه لحملة انتخابه لولاية ثانية في انتخابات الرئاسة لعام 2012 .
تصويت المسلمين
من جانب آخر عززت الأسهم مكاسبها اليوم الأربعاء بعد أن حققت
ارتفاعات على مدى أشهر في ظل احتمال أن يؤدي زيادة نفوذ الجمهوريين الى
وجود كونجرس أقل اندفاعا. وحتى على الرغم من أن وجود كونجرس منقسم يمكن
أن يدعم أسعار الأسهم -لأنه سيجعل إقرار قوانين جديدة أمرا أكثر صعوبة
ويقلل من حالة عدم اليقين لقطاع الأعمال- إلا أن المستثمرين سيتطلعون
الى مؤشرات على توافق بين الديمقراطيين والجمهوريين.
وقال جون كانالي المحلل الاستراتيجي في مجال الاستثمار بشركة
إل.بي.إل. فاينانشيال في بوسطن "الجمود أمر جيد لكن هناك قضايا ينبغي
التعامل معها مثل خلق وظائف وتحسين مناخ الاقتصاد".
وقال كليف يونج من معهد ابسوس لاستطلاعات الرأي ان الجمهوريين الذين
يتطلعون لتحدي أوباما في الانتخابات الرئاسية عام 2012 يجب ألا يبالغوا
في قراءة نتائج هذه الانتخابات.
وصدم نشطاء محافظون يتحالفون مع جماعة حفلة الشاي -وهي جماعة ضغط
مختلفة التوجهات- الحزب الجمهوري في وقت سابق العام الحالي عندما
أسقطوا عددا من مرشحي الحزب الذين اعتبروهم غير محافظين بما يكفي
واستبدلوهم بمرشحين اقل خبرة وأكثر التزاما بفكر الحركة.
وفاز مرشحون تدعمهم جماعة حفلة الشاي في فلوريدا ويوتا وكنتاكي مما
يؤكد زيادة نفوذ الآراء المحافظة في مجلس النواب.
لكن الجماعة ربما حالت دون انتخاب مرشحين جمهوريين في مجلس الشيوخ
بعد أن رفض الناخبون مرشحين تدعمهم الحركة في نيفادا وديلاوير وويست
فرجينيا.
واظهرت استطلاعات رأي الناخبين عند مراكز الاقتراع قلقا دفينا بشأن
الاقتصاد وقال ثمانية من كل عشرة ان هذا هو قلقهم الرئيسي. وقال أربعة
من كل عشرة انهم يؤيدون جماعة حفلة الشاي المحافظ بينما رأي نحو ثلاثة
ارباع ان الحكومة لم تؤد اداء جيدا.
رئاسة مجلس النواب
من جهته غالب جون بينر دموعه يوم الثلاثاء حين تذكر كيف بدأ حياته
السياسية قبل 20 عاما ليقترب الآن من أن يصبح رئيس مجلس النواب
الأمريكي.
ويميل بينر -الذي يسخر فنانو الكوميديا كثيرا من لون سمرته "البرتقالي"
وينتقده خصومه بوصفه مدينا بالفضل للشركات الكبيرة- الى البكاء في
اللحظات المهمة لكن تردد أنه غير راض عن نفسه بسبب ذلك.
وبالتالي لا عجب في أن يطلق بينر الهاديء عادة العنان لمشاعره فتكاد
تغلبه حين فكر في انه سيتولي منصبا من أقوى المناصب السياسية الامريكية.
وقال بينر أمام حشد تجمع للاحتفال بفوز حزبه الجمهوري بالسيطرة على
مجلس النواب من الديمقراطيين الذين ينتمي اليهم الرئيس باراك أوباما "بدأت
بمسح الارضيات وخدمة الطاولات وتقديم المشروبات في مطعم والدي."
وأضاف منفعلا "وضعت قلبي وروحي في مشروع صغير" ومضى يقول "وحين رأيت
كيف فقدت واشنطن التواصل ... تقدمت ورشحت نفسي."
ومن المرجح أن يصبح بينر - الذي انتخب لعضوية مجلس النواب للمرة
الاولى عام 1990 وزعيم الجمهوريين منذ عام 2007 - رئيسا للمجلس حين
يجتمع الكونجرس في يناير كانون الثاني. بحسب رويترز.
وسيضع هذا المنصب بينر في المرتبة الثانية في خلافة الرئيس الامريكي
بعد نائب الرئيس وفي وضع يسمح له بكبح جماح جدول أعمال أوباما
الليبرالي.
ولا بأس بهذا بالنسبة لوول ستريت (حي المال والاعمال في نيويورك)
التي تقدم الكثير من المساهمات لبينر وتعارض الكثير من اجراءات أوباما
ومن بينها تشديد القواعد المنظمة للقطاع المالي التي يريد بينر الغاءها
او على الاقل تقليصها.
وقال كريس كروجر من (كابيتال كونسبت) وهي شركة خاصة ترصد الاوضاع في
واشنطن من أجل المؤسسات الاستثمارية "الشارع متعطش لشخص له تجربة
حقيقية في واشنطن وجون بينر يلائم هذا الغرض."
وقال دان ريب من شركة برادلي وودز وشركاه في نيويورك وهو محلل اخر
متخصص في شؤون الكونجرس "في حين أن بينر لا بأس به فانه ليس مبعث الهام."
والمؤكد أن بينر ليس متحدثا موهوبا او صاحب كاريزما.
لكنه مشرع بارع وسياسي قوي.
تسلق سلم القيادة بسرعة بعد انضمامه لمجلس النواب. انزلق اثناء صراع
على السلطة عام 1998 لكنه قفز وصعد من جديد.
وخلال خطبه أثناء الحملة الانتخابية خص أوباما بينر بالذكر بوصفه
واجهة العرقلة لدى الجمهوريين.
ونجح بينر في الحفاظ على ترابط أعضاء حزبه في وجه اجراءات أوباما
التي فرضها مجلس النواب الذي قاده الديمقراطيون في العامين الماضيين
بما في ذلك الاصلاح التاريخي لنظام الرعاية الصحية وخطة لتحفيز
الاقتصاد قيمتها 814 مليار دولار.
ويصور أوباما بينر على أنه يتمتع بعلاقة وثيقة مع الشركات الكبيرة
ويدعم السياسات التي دفعت الاقتصاد الامريكي الى الكساد في عهد الرئيس
السابق جورج بوش.
لكن بينر رد باتهام أوباما بدفع سياسات مالية فاشلة أسهمت في رفع
معدل البطالة بالولايات المتحدة الى 9.6 في المئة.
وتواصل بينر مع حركة حزب الشاي وهو ائتلاف فضفاض من جماعات من مختلف
أرجاء البلاد قام بتنشيط الجمهوريين رغم انتقاده للحزبين.
وقال كريس ليتلتون زعيم حزب الشاي في اوهايو وهي دائرة بينر
الانتخابية انه التقى بالزعيم الجمهوري العام الماضي وانتقده هو وغيره
من الجمهوريين لاسرافهم في الانفاق وتدخلهم الاتحادي في عهد ادارة بوش.
وتذكر ليتلتون "انتقدناه بشدة... اعترف بارتكاب أخطاء." قال "ضللنا
طريقنا. هو محق. ضلوا طريقهم."
ولم يتضح بعد ما الذي يمكن أن يتفق عليه أوباما وبينر ان كان هناك
شيء. لكن المواجهات بشأن الانفاق مؤكدة.
وقال بينر انه يعتزم بذل كل ما في وسعه "أعني كل شيء" لالغاء اصلاح
نظام الرعاية الصحية الذي أجراه أوباما وهو هدف رئيسي لحركة حزب الشاي.
لكنهم قد يكونون مستعدين للحديث عن أمور أخرى مثل اتفاقات التجارة
الحرة المعطلة منذ فترة طويلة واجراءات اعادة بناء الطرق وتشريع لتجديد
مشروع قانون مهم للتعليم ساعد بينر في تمريره عام 2001 بدعم من الحزبين
الجمهوري والديمقراطي.
وتلقى بينر مكالمة من أوباما بعد انتخابات يوم الثلاثاء هنأه فيها.
وقال مساعد جمهوري "ناقشا العمل معا للتركيز على أبرز الاولويات
بالنسبة للشعب الامريكي التي حددها بينر بأنها توفير فرص عمل وخفض
الانفاق." ونقل المساعد عن بينر قوله للرئيس "هذا ما يتوقعه (الشعب)." |