غابات تموت: الجشع يمزق رئة العالم

 

شبكة النبأ: تحتوي الغابات على ثروة كبيرة ومن نواحي عديدة، ولكن المشكلة هو كيفية استخدامها، بالإضافة إلى تسلسل أهمية الثروات، فمن تلك الثروات هو الاستفادة من الأشجار التي تكثر في الغابات للاستفادة من أخشابها، بالإضافة إلى بيعها للاستفادة من قيمتها المادية الكبيرة، كما ان المساحات التي تشغلها تعتبر كبيرة جدا ويمكن الاستفادة منها في العديد من الاستثمارات بعد حرقها، ولكن فائدتها الأكبر هي ما تنتجه من غاز الأوكسجين الذي يعد السبب الوحيد لبقاء استمرار الحياة على كوكب الأرض، وللحد من الأخطار التي تحيط بها من تلوث وتغييرات في الجو، ولكن هناك العديد من التجاوزات غير المشروعة عن طريق قطع الأشجار الى حرقها او بيعها، وذلك من قبل البعض من أولئك الذين لا يدركون الأهمية الأكبر وهم بذلك يهددون حياة الآخرين.

بالمقابل تعمل العديد من المنظمات التي تدافع عن حقوق الطبيعة باتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من هذه التجاوزات وبطرق حديثة.

غابات الأمازون

حيث تسمع صرير منشار كهربائي ثم تتساقط اغصان شجرة قبل ان يسقط جذعها على الأرض في غابات الامازون.

ربما تكون هذه مجرد شجرة أخرى من آلاف الأشجار التي تقطع كل عام في جزء من غابة بالبرازيل تعتبر أكبر غابات العالم باستثناء شيء واحد هو وجود شريحة الكترونية مثبتة على جذعها تتضمن بيانات عن مكانها وحجمها ومن قام بقطعها.

وبجهاز يحمله في يده يستخرج مهندس الغابات باولو بورخيس الإحصاءات المهمة الخاصة بالشجرة والتي تفيد بأن طولها 14 مترا واسمها "مانديوكاو" وقطعت بولاية ماتو جروسو عند الحافة الجنوبية للغابة التي تم إزالة جزء كبير منها لتوفير أراض للزراعة. إنه مشروع صغير رائد لكن القائمين عليه يقولون ان نظام الشرائح الدقيقة يمكن ان يكون خطوة كبيرة للأمام في المعركة التي تستهدف حماية غابات الأمازون.

وتسمح تلك الشرائح لمالكي الأرض الذين يتبعون الأساليب المستدامة لقطع الأشجار بالتمييز بين أخشابهم والأخشاب التي تأتي من أشجار تقطع بشكل غير قانوني مما يدمر مساحات شاسعة من أراضي الغابات سنويا. وتحكي كل شريحة قصة الشجرة بداية من تاريخ قطعها وحتى المصنع الذي قام بتصنيع أخشابها وبيعه وهي معلومات مهمة للمشتري الذي يريد ان يعرف من أين أتت قطعة الخشب.

وقال بورخيس من منظمة اكاو فيردي او التحرك الأخضر التي تدير المشروع " يتحدث الناس كثيرا هذه الأيام عن الأخشاب التي يكون مصدرها الممارسات المستدامة للغابات. هذا نظام يمكن ان يبين ذلك." وتتعرض البرازيل لضغوط دولية للحد من عمليات قطع الأشجار التي تدمر آلاف الأميال المربعة من غابات الأمازون كل عام وتجعل البرازيل واحدة من أكبر مصادر انبعاثات غازات الاحتباس الحراري .

والمشروع جزء من اتجاه متنام لإصدار شهادات تضمن لمن يشتري الأخشاب انها أنتجت دون إلحاق أضرار بالغابة التي قطع منها. وعلى عكس الممارسات غير القانونية لقطع وحرق الأشجار فان عمليات قطع الأشجار بصورة انتقائية يمكن أن تدر عائدات من بيع الأخشاب دون الإضرار بالغابات. كما يقول خبراء الغابات انها قد تزيد في بعض الحالات كمية ثاني اكسيد الكربون الذي تمتصها الغابة.

وتقول منظمة اكاو فيردي ان التوسع في استخدام الشرائح الالكترونية في الغابات سيسهم في القضاء على الفساد الذي يؤدي لقطع الأشجار بشكل غير قانوني وإصدار شهادات منشأ مزيفة لإخفاء المصدر ويساعد في حماية الغابات في البرازيل.

وتستخدم مشروعات مماثلة في بوليفيا ونيجيريا تكنولوجيا مثل أجهزة قراءة الرقم الكودي او التعقب عن طريق الأقمار الصناعية للمساعدة في تتبع عمليات قطع الأشجار غير القانونية والحفاظ على النظام البيئي الهش. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

ويقول جاري دودج مدير العلوم والتوثيق في فورست ستيورادشيب كونسيل وهي منظمة لا تهدف للربح قادت حملة توثيق الأخشاب ان هذه التكنولوجيا يمكن ان تساعد في كشف حالات تحايل في تحديد منشأ الأشجار التي يتم قطعها. ويقول "إذا كان هناك تحايل من جانب مالك الغابة والمصنع فان الشريحة ستساعد كثيرا في مكافحة عمليات قطع الأشجار بصورة غير قانونية."

وذكر المجلس ان زيادة التكلفة احد عيوب أنظمة التعقب التي تعتمد على تكنولوجيا متطورة رغم ان تعزيز نظام التوثيق سيرفع سعر بيع الخشب في بعض الأسواق. وجمعت اكاو فيردي بيانات عن أشجار على مساحة 247 فدانا من الغابات في مزرعة كاراندا التي تنتج الصويا والذرة مع الإبقاء في نفس الوقت على النباتات الطبيعية على ثلث الأرض طبقا للقانون. ويثبت مهندسو الغابات شرائح تشبه بطاقات هوية الموظفين على جذع كل شجرة.

ويوفر هذا النظام لأصحاب الأرض وقتا طويلا يهدر في ملء استمارات ورقية ويقلص الحاجة لعمليات تفتيش من جانب السلطات البيئية التي اتسمت علاقاتها بقطاع الزراعة في المنطقة بالتوتر لسنوات طويلة. ويبدي المزارعون في ماتو جروسو -الذين شجعتهم الحكومة العسكرية في البرازيل في السبعينات على تحويل الغابات لأراضي زراعية- اهتماما بالحفاظ على البيئة ويرفضون الاتهامات بعدم الاهتمام بالطبيعة.

ويقول باتريك لوناردي "26 عاما" الذي سمحت أسرته بتنفيذ المشروع في مزرعتها "مازال الناس يعتقدون ان المزارعين من أمثالنا يدمرون البيئة. هذا غير صحيح ونريد ان نوضح ذلك." بل ان مشروع الشرائح الالكترونية لقي تأييدا حتى من قاطعي الأشجار الذي كان يعتقد إنهم آخر من يساند إجراءات حماية الغابات. وقال ارستيديس فيراري "52 عاما" الذي يعمل في قطع الأشجار "اعتقد إنها فكرة رائعة. لا نريد قطع كل أشجار الغابة. على العكس نريدها ان تبقى كي نواصل العمل."

الدخان يزعج الجيران

وفي بعض الأحيان تقوم بعض الدول باتخاذ طرق لمعالجة مشاكلها او سد نواقصها ولكنها لا تخطط اذا كان هناك ضررا على جاراتها من الدول او إزعاجا، وهذا ما أدته إشعال الحرائق لإزالة الغابات في جزيرة سومطرة الإندونيسية حيث ادت الى انبعاث ضباب دخاني انتقل عبر مضيق ملقة، متسببا في أسوأ تلوث للهواء منذ عام 2006 في سنغافورة وماليزيا المجاورتين لها، وفق ما ذكره مسؤولون في سنغافورة.

وبالرغم من تعهدات بمنع الحرائق، دفع الضباب الدخاني ماليزيا لتحذير السفن في مضيق ملقة من ضعف مستوى الرؤية أبعد من ميلين بحريين، ولإغلاق العديد من المدارس. وارتفع مؤشر تلوث الهواء في سنغافورة التي غطاها دخان كثيف إلى أعلى مستوى له منذ عام 2006, ولكن العمل في المطار والميناء يجري كالمعتاد.

وعاد الضباب الدخاني إلى المنطقة بعد أقل من أسبوع من اجتماع وزراء البيئة بمنطقة جنوب شرق آسيا في بروناي لمناقشة مسألة إحراق الأرض والغابات التي أثارت غضب الدول المجاورة. وقال وزير البيئة في سنغافورة يعقوب إبراهيم إن "هذه ليست المرة الأولى التي نبلغ فيها الإندونيسيين بأن عليهم الانتباه للنقاط الساخنة في سومطرة وبورنيو".

وأضاف "إذا تفاقم الأمر فسنعبر عن مخاوفنا مرة أخرى ربما بعبارات أقوى لزملائنا الإندونيسيين, وقد تطلب سنغافورة عقد اجتماع آخر للوصول إلى إجراءات إضافية لاحتواء المشكلة". وصرح رئيس إدارة حرائق الأراضي والغابات في وزارة البيئة الإندونيسية بورواستو ساروبرايوجي بأنه يشتبه في أن هذا يأتي من الغابات التي أزيلت لإقامة مزارع نعتقد أنها ربما تكون من أجل زيت النخيل. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وأضاف "أن الضباب الدخاني نتج عن حرائق لتطهير الأراضي بصورة غير مشروعة في منطقتي دوماي وبينجكاليس في إقليم رياو شمال جزيرة سومطرة, ولإندونيسيا تاريخ طويل في ضعف تطبيق قانون الغابات، ويعد تطهير الأراضي بطريقة غير قانونية من جانب شركات زيت النخيل ممارسة شائعة".  وتطهر الحرائق الأرض بسرعة، وتقلل من حموضة التربة، لكنها تطلق كميات هائلة من الغازات المسببة لظاهرة الانحباس الحراري. 

الحفاظ على الغابات

وبعد ان نفذت معظم الخطط والإجراءات للسيطرة على التجاوزات التي تحدث في غابات العالم من قطع غير مشروع وحرقها، بدأت مجموعة من المدافعين عن الطبيعة في استحداث طرق جديدة.

حيث حاول مندوبون في اجتماع عالمي للأمم المتحدة بشأن الحفاظ على الموارد الطبيعية الاتفاق على سبل تخصيص نحو أربعة مليارات دولار نقدا لمساعدة الدول النامية على الحفاظ على الغابات الاستوائية.

وتهدف المحادثات في مدينة ناجويا اليابانية الى تحديد أهداف جديدة لعام 2020 لحماية الأنواع النباتية والحيوانية في بروتوكول لاقتسام الموارد الجينية بين الدول والشركات وزيادة التمويل لحماية الطبيعة ولاسيما الغابات.

وتقدر منظمة الامم المتحدة للأغذية والزراعة "الفاو" تراجع إزالة الغابات من 16 مليون هكتار سنويا في التسعينات الى 13 مليون هكتار سنويا خلال السنوات العشر الماضية مع تركز معظم الخسائر في الدول الاستوائية.  وقالت الفاو في تقرير في وقت سابق ان نحو 12 في المئة من غابات العالم تهدف أساسا الى حماية التنوع البيولوجي. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وتمتص الغابات كميات كبيرة من ثاني اكسيد الكربون وهو الغاز الرئيسي المسبب لارتفاع درجة حرارة الأرض وتساعد في الحد من سرعة التغير المناخي. كما ان هذه الغابات مجمعات رئيسية للماء وتساعد في تنظيف الهواء كما إنها تأوي عددا لا يحصى من الأنواع. وقالت ايزابيلا تيكسيريا وزيرة البيئة البرازيلية امام الاجتماع ان" غاباتنا تحتاج لعمل فوري."

ويركز الوزراء على شركة تطوعية تغطي نحو 70 دولة بهدف تعزيز برنامج تدعمه الأمم المتحدة يسعى الى مكافأة الدول النامية التي تحافظ على الغابات وتقوم بصيانتها. واجتذب هذا البرنامج الذي يعرف باسم "خفض الانبعاثات من إزالة الغابات والتآكل" تعهدات بالتمويل من دول غنية بهدف تطوير مشروعات رائدة للحفاظ على الغابات بالإضافة الى سبل لتحويل هذه الأموال بأسلوب شفاف.

بيع الغابات لسد العجز

بينما يحاول البعض من الحفظ على الغابات وأشجارها لما لها أهمية كبيرة ومؤثرة على حياة الإنسان والأرض بشكل تام، يقوم البعض الآخر باستغلال فرصة تواجد العديد من الغابات لاستخدامها في صفقات مادية.

فقد ذكرت صحيفة صنداي تليجراف البريطانية أن وزراء بريطانيين يخططون لعملية بيع ضخمة للغابات التي تمتلكها الحكومة البريطانية وذلك من أجل توفير مليارات الجنيهات الإسترلينية للمساعدة في تخفيض عجز الميزانية.

وأضافت الصحيفة أن كارولين سبيلمان وزيرة البيئة يتوقع أن تعلن التخلص من حوالي نصف 748 ألف هكتار من أراضي الغابات التي تشرف عليها لجنة الغابات بحلول عام 2020 .  وسوف يمهد القرار المثير للجدل السبيل أمام عملية توسع ضخمة في عدد القرى الخاصة بالأجازات وملاعب الجولف وعمليات تقطيع الأخشاب في أنحاء بريطانيا حيث ستباع الأراضي إلى شركات خاصة. بحسب وكالة الأنباء الألمانية.

ومن المرجح تغيير التشريعات الحالية التي تحكم عمليات التعامل مع "الغابات القديمة" لإعطاء الشركات الخاصة الحق في قطع الأشجار. وتتضمن وثيقة الماجنا كارتا الصادرة في عام 1215 القوانين التي تحكم الغابات البريطانية وبعضها يعود لتواريخ أقٌدم من ذلك.

برك صغيرة تنتج الميثان

في حين كان يظن العلماء إن هناك أسبابا يخلقها الإنسان من خلال سوء استخدامه للموارد الطبيعية وطبيعة حياته، بالإضافة إلى إن إهماله في المحافظة على كوكب الأرض وجوها هي التي تتسبب في تلوث الهواء مما يؤدي الى خطر محدق بنظام الكون، ولكن ما ظهر مؤخرا بين ان ليس هو ذلك السبب الوحيد لتلوث بل هناك خطرا اخر.

حيث أكد علماء من ألمانيا وفرنسا أن أوراق بعض النباتات في الغابات المدارية الرطبة في الإكوادور تطلق كميات كبيرة من الميثان. وذكر علماء في الدراسة التي نشروا نتائجها في مجلة "نيتشر جيوساينس" البريطانية أن غاز الميثان الذي يعتبر أحد أهم الغازات التي تسبب ظاهرة الاحتباس الحراري ينبعث من بكتريا دقيقة وحيدة الخلية تعيش في "البرك النباتية الصغيرة" التي هي عبارة عن تجمعات مياه داخل أقماع نباتية. وأكد العلماء أنهم عثروا بذلك على مصدر لانبعاثات غاز الميثان مما يفسر تواجده بهذه الكثافة العالية التي رصدها العلماء فوق الغابات المدارية في المنطقة وهو ما كان يمثل لغزا حير العلماء.

وينتج نحو 40% من إجمالي غاز الميثان في الغلاف الجوي من مناطق رطبة في الكرة الأرضية مثل حوض الأمازون. كما تسبب المناطق الرطبة التي يصنعها الإنسان بنفسه مثل مناطق حقول الأرز في انبعاث كميات ملحوظة من الميثان في الجو. غير أن العلماء كانوا يعلمون أن كميات كبيرة من غاز الميثان تنبعث فوق غابات المنطقة المدارية في أمريكا الوسطى والجنوبية والمكسيك والكاريبي ولكن لا يمكن تفسيرها من خلال المصادر المعروفة للميثان مما دفع جونتارس مارتينسون و زملاءه في جامعة جوتنجن الألمانية للبحث عن مصدر الميثان في أشجار الغابات المدارية وركزوا أكثر على ما يعرف بالنباتات الأناناسية القمعية التي تنمو على أفرع الأشجار المدارية والتي تكون قمعا يتجمع فيه الماء والأوراق الذابلة التي يستخدمها النبات في عدة أغراض منها الغذاء. بحسب وكالة الأنباء الألمانية.

جمع الباحثون 167 من هذه النباتات و وجدوا أن جميعها يصدر غاز الميثان. وعثر الباحثون في هذه "البرك الصغيرة" على العديد من أنواع البكتريا وحيدة الخلية والتي تنتج الميثان.  وأظهرت الأبحاث أن الماء المتجمع في هذه الأقماع النباتية مشبع في الميثان وتبين لهم أن غاز الميثان لا ينبعث عبر سطح الماء ولكن في الدرجة الأولى عبر أوراق هذه النباتات.

وهناك تقدير حذر لكميات هذا الميثان الصادر من هذه "البرك" يصل إلى 1.2 مليون طن سنويا من هذا الغاز الاحتباسي في المناطق المذكورة. وعن نتيجة الدراسة قال جوزيف يافيت من جامعة كورنيل الأمريكية في تعليقه على الدراسة: بالتأكيد لا تفسر هذه الأقماع وحدها الكثافة المرتفعة للميثان فوق الغابات المدارية.. ولكن نأمل في أن يؤدي هذا الكشف إلى دفع البحث عن المزيد من المناطق الرطبة المختفية في غيرها من الأماكن النائية".

«ببغاء أصلع» و«ضفادع سامّة»

أكثر من 1200 صنف من المخلوقات المختلفة تم اكتشافها في غابات الأمازون المطيرة على مدى العقد الماضي، وفقاً لتقرير علمي صدر أخيراً، لعل من أبرزها: الضفادع السامّة زاهية الألوان، صقر الغابات الملوّن الرأس، والأفاعي المختلفة من الأناكوندا، وبعض الأسماك والنباتات ودولفين النهر. ففي تقرير بعنوان ''الأمازون حيّا: عقد من الاكتشافات 1999 ـــ 2009'' ونشر عن ''صندوق الحياة البرية العالمي'' WWF، ونقله موقع شبكة cnn كشف عن تنوع استثنائي موجود في أكبر غابة مطيرة في العالم، والتي تمتد وتنتشر في ثماني دول من قارة أمريكا الجنوبية.

ببغاء أصلع

وتم العثور على 637 نوعاً جديداً من النباتات، خلال هذه الفترة، كما تم العثور على نحو 500 نوع جديد من السمك والبرمائيات، بما فيها 24 ضفدعاً سامّاً جديداً. ومن بين المخلوقات التي تم الكشف عنها أفعى الأناكوندا التي يبلغ طولها نحو أربعة أمتار، والموجودة في بوليفيا، وهي الأولى من فصيلتها بعد أن تم اكتشاف أول نوع منها في عام 1936، وهي واحدة من 55 فصيلة من الزواحف تم اكتشافها خلال العقد المذكور.

كذلك تم اكتشاف دولفين جديد في نهر بوليفيا، وهو واحد من نحو 39 نوعاً جديداً من الثدييات. ومن بين ما تم اكتشافه في غابات الأمازون المطيرة، الببغاء الأصلع ذو الألوان الزاهية، وهو واحد من بين 16 نوعاً من الطيور تم اكتشافها في العقد 1999-2009. وقال جيم ليب المدير العام لمنظمة ''صندوق الحياة البرية العالمي'': ''يهدف هذا التقرير حقيقة إلى الكشف عن مدى ثراء غابات الأمازون، ومدى ما يتوافر فيها من حياة.. إن الأمازون أحد أهم الأماكن في العالم من حيث التنوع البيئي، فهي تحتوي على 10 في المائة من الأنواع المعروفة عالمياً''.

والقائمة المذكورة للمخلوقات التي تم اكتشافها في الأمازون، تفوق ما تم اكتشافه في جزيرة بورنيو وحوض الكونغو وشرقي جبال الهمالايا مجتمعة، خلال الفترة نفسها، كما يشير التقرير. يُشار إلى أن نحو خُمس غابات الأمازون تعرضت للاجتثاث خلال السنوات الخمسين الماضية، وذلك بسبب الطلب العالمي على الصويا واللحوم والوقود الحيوي، بحسب جيم ليب. بحسب وكالة أنباء السي ان ان.

من جهة أخرى، أدّت موجة جفاف شديد إلى انخفاض مستويات المياه في شبكة نهر الأمازون بالبرازيل على مستويات قياسية. ويتماشى الجفاف مع نمط للطقس يزداد تطرفا في أكبر غابة مطيرة في العالم في السنوات القليلة الماضية، ويقول علماء إنه نتيجة متوقعة لارتفاع درجات الحرارة في العالم. وفي العام الماضي اجتاحت المنطقة فيضانات واسعة وفي 2005 شهدت جفافا مدمرا. وقالت هيئة المسح الجيولوجي البرازيلية إن مستوى المياه في ريو نيجرو ـ وهو أحد روافد الأمازون وأكبر نهر للمياه السوداء في العالم - انخفض إلى 63. 13 متر، مسجلا أدنى مستوى منذ بدء الاحتفاظ بسجلات في 1902. وفي العام الماضي سجل مستوى قياسيا مرتفعا بلغ 77. 29 متر.

وجعلت المياه الضحلة جزءاً من النهر غير صالح للملاحة. وتعتمد الحياة في شبكة نهر الأمازون الواسعة إلى حد كبير على النقل بالقوارب. وقال روسيفال دياس الذي يعمل منسقا مع مؤسسة أمازوناس سوستنابل البيئية والتي زارت المناطق المتضررة ''الناس يفتقدون الغذاء لأن السمك يموت في المياه الدافئة. جميع السفن تقريبا رابضة .. الصغيرة منها فقط هي التي تستطيع الإبحار في المياه.'' وأضاف قائلا ''عملت في المنطقة لنحو 30 عاما ولم أر قط شيئاً مماثلاً في السنوات القليلة الماضية. هذا كله نتيجة التغيرات المناخية''. وقالت ولاية أمازوناس إن حالة الطوارئ شملت 62 ألف شخص في 38 بلدة وإن 600 طن من المساعدات الغذائية جرى توزيعها بواسطة الطائرات والقوارب. وأعلنت الحكومة البرازيلية صرف مساعدات طارئة بقيمة 5. 13 مليون دولار.

غابات الأمازون تصنع أمطارها بنفسها

في حين أكدت دراسة دولية أن غابات الأمازون المدارية تعد "مفاعلا حيويا مستقلا" يصنع أمطاره بنفسه وبدون أي تدخل من الإنسان. وتطلق الغابات غبار اللقاح وحبيباته والكثير من الجزيئات الدقيقة في الهواء فتعلق بها بلورات الماء وقطراته الدقيقة ثم تتجمع في السماء مكونة سحابة ثم تسقط على شكل مطر.

ونجح فريق من الباحثين الدوليين في دراسة عملية تكون المطر في سماء غابات الأمازون دون تدخل من الإنسان. ويعد هواء الأمازون من أنقى الهواءات في العالم خلال موسم المطر. وستساهم نتائج الدراسة بشكل كبير في إعداد نماذج لمناخ الأرض والعوامل التي تدخل فيه. وتتلوث الجزيئات العالقة في هواء المناطق المأهولة بالسكان بالسخام وجزيئات أملاح النترات وغير ذلك من الجزيئات الدقيقة.

لذلك قام الباحث أولريش بوشل و زملاؤه بمعهد ماكس بلانك الألماني للكيمياء بأخذ عينة من مكونات الهواء في غابات الأمازون شمال مدينة ماناوس البرازيلية بعيدا عن المناطق الصناعية. أقام الباحثون وسط حوض الأمازون برجا عاليا جمعوا من خلاله جزيئات عالقة بهواء الغابات. وظل الهواء الذي أخذت عينة منه يحلق في سماء غابات الأمازون على مدى يومين مع اتجاه الريح السائد مما أدى إلى تنقيتها جراء المطر من الجزيئات التي علقت بها قادمة من مسافات بعيدة عن الأمازون حسبما أوضح الباحثون في العدد الأخير من مجلة ساينس. بحسب وكالة الأنباء الألمانية.

عثر الباحثون على بعد 1600 كيلومتر من المنشآت الصناعية على جزيئات غبار دقيق "ضبيب" تكون بدون أي تدخل من الإنسان وحللوا تركيبته الكيميائية بميكرسكوب الكتروني وجهاز قياس مطيفاية الكتلة الذي يحدد العناصر المكونة لأي مادة. وفوجئ العلماء بمدى رقة سمك طبقة "الايروزول" الجزيئات المنتشرة في هواء غابات الأمازون مقارنة بجزيئات هواء المدن الكبيرة التي تصل إلى عدة آلاف في كل واحد سنتمتر مكعب. كما أن أكثر من 80% من الجزيئات المنتشرة فوق سماء الأمازون تتكون مواد عضوية.

ويحدث في الغابات المدارية ما يشبه دورة حياة حيث تتبخر الرطوبة من الغابات وتلتصق بالجزيئات العضوية الهائمة في الهواء ثم تنزل مرة أخرى للأرض مطرا تروي به النباتات التي تطلق بدورها لدى نموها جزيئات عضوية هائمة في الهواء. وعن ذلك قال بوشل:"يمكن تخيل الغابات المدارية في البرازيل في موسم الأمطار وكأنها مفاعل حيوي مستقل" مما مكن الباحثين من تخيل كيفية تكون الأمطار بدون تأثير الإنسان ومعرفة تأثير الإنسان على تكون السحب والمطر. ويأمل الباحثون من وراء هذه المعلومات في إعداد نماذج أفضل لتصوراتهم عن تطور المناخ والعوامل المؤثرة فيه.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 4/تشرين الثاني/2010 - 27/ذو القعدة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م