نووي ايران ودنو الحرب المفتوحة

احمد عقيل الجشعمي

 

شبكة النبأ: بعد ان فرضت عليها العقوبات والحصار الاقتصادي بالإضافة الى سد مختلف الطرق عليها التي كانت تحصل من خلالها على دعمها المادي والذي بدوره يوفر لها المعدات الكافية في المضي قدما في مشروعها النووي للوصول الى غايتها والتي لا يعرفها لحد الآن الدول الأوربية، وهذا ما يثير مخاوفها ويزيد قلقها.

فأن إيران غير مهتمة بما سبق ذكره ولا بالتصريحات او الاتهامات التي تطلق عليها من قبل الآخرين ممن يخشونها كونها تقوم بتطوير أسلحة نووية تهدد امن الولايات المتحدة وحليفاتها من الدول الأوربية والتي تعدهم إيران من ضمن الدول المعادية لها، فهي مستمرة بين الحين والآخر بمفاجئة العالم من خلال ما تكشفه من أسلحة متطورة وبصنع محلي كخطوة بديلة بعد أن ألغيت التعاقدات العسكرية بينها وبين الدول الأخرى تحت ضغط العقوبات.

وهذا ما جعل الأمر الأكثر خوفا وقلقا من جانب الدول الأوربية حيث إنها وجدت ان ما فعلته وفرضته من محاربة اقتصادية على إيران لم يوقفها بل وحتى لم يؤخرها بحسب ما يراه المحللون السياسيون عن الاستمرار في العمل بملفها النووي، وعليه فبدأت بالتفكير بخطط وقائية اذا فاجأت الجمهورية الإيرانية الإسلامية هذه الدول وبدأت بهجومها النووي بين ليلة وضحاها.

الأزمة النووية وذروتها في 2011

فقد قال خبير دبلوماسي في المجال النووي إن النزاع بشأن البرنامج النووي الإيراني قد يتصاعد إلى درجة الأزمة المفتوحة العام القادم ما لم تبد طهران جدية في المفاوضات المتوقع استئنافها مع القوى الكبرى.

وقال مارك فيتزباتريك المراقب للشأن الإيراني في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن ان إيران قد تواجه المزيد من عقوبات الأمم المتحدة وانه من المحتمل أن يؤدي احتفاظ ايران بمخزونها من اليورانيوم إلى تعرضها لضربة عسكرية من عدوها اللدود إسرائيل. وقال فيتزباتريك "أعتقد اننا قد نشهد أزمة مفتوحة وصريحة خلال سنة."

وقال فيتزباتريك انه على الرغم من عدم تحديد مواعيد دقيقة فمن المتوقع أن يلتقي مفاوضون إيرانيون بممثلين للدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن وألمانيا أو ما يعرف بمجموعة الخمسة زائد واحد في فيينا. وأضاف الدبلوماسي الأمريكي السابق انه يعتقد أن اي مماطلة من جانب ايران في مناقشة كبح برنامجها النووي ستؤدي الى خطوات جديدة لفرض عقوبات اقتصادية جديدة من الأمم المتحدة على الجمهورية الإسـلامية. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وقد تشن إسرائيل ضربة عسكرية حتى قبل أن تتخذ إيران خطوة حاسمة تجاه تخصيب اليورانيوم الى درجة مناسبة لصنع أسلحة نووية. وقد يؤدي أي عمل عسكري من جانب إسرائيل أو الولايات المتحدة الى فتح المجال أمام حرب واسعة في الشرق الأوسط. وقال فيتزباتريك "أخشى ألا تعبر إيران الخط لكن ان تسئ حساب مدى قربها من تجاوز الشرارة الإسرائيلية."

وأضاف "لا أدري ان كانت إيران تعرف أين تقع الشرارة الإسرائيلية. ولا أدري ان كانت إسرائيل تعرف اين تقع شرارتها." ومضى يقول ان ايران غامرت مع هذه المخاطر لسنوات لكن هوامش الخطأ في هذا النوع من المغامرات اصبحت اضيق بشكل خطير.

كيفية الاستعداد لإيران؟

على صعيد متصل ذكر مصدر إسرائيلي أن وزير الخارجية الإسرائيلي افيجدور ليبرمان أمر بإعداد تقرير عن كيفية الاستعداد لمواجهة ايران مسلحة نوويا فيما تتزايد الشكوك بشأن فعالية اتخاذ اجراء وقائي.

وتعهدت اسرائيل علنا بحرمان الايرانيين من وسائل تصنيع قنبلة لكن حكومتها الوسطية السابقة وضعت ايضا خطط طواريء لمواجهة اليوم الذي يتجاوز فيه تخصيب طهران لليورانيوم السقف العسكري.

وفي ذلك الحين دعا بنيامين نتنياهو زعيم المعارضة اليميني وقتها اسرائيل الى بحث شن غارات وقائية على المواقع النووية لعدوتها اللدود. لكن نتنياهو الذي يرأس حكومة اسرائيل الان كبح جماح هذا الخطاب غير أنه لم يستبعد استخدام القوة.

وفي مؤشر على أن الحكومة تبحث كل الخيارات قال المصدر السياسي الاسرائيلي الرفيع الذي طلب عدم نشر اسمه لحساسية الموضوع ان ليبرمان وهو من اكثر صقور ائتلاف نتنياهو الحاكم تشددا أمر واضعي الاستراتيجيات بوزارة الخارجية بوضع مسودة خطة عن "ماذا نفعل اذا استيقظنا واكتشفنا أن الايرانيين يملكون سلاحا نوويا." ويعد مخططو وزارة الخارجية ايضا تقريرا عن الردود المحتملة اذا أعلن الفلسطينيون دولتهم من جانب واحد في جميع أنحاء الضفة الغربية المحتلة بعد أن أعاق استمرار النشاط الاستيطاني الاسرائيلي جهود السلام التي ترعاها الولايات المتحدة.

ويفترض على نطاق واسع أن اسرائيل تملك الترسانة النووية الوحيدة بالشرق الاوسط. وكانت طائراتها قصفت المفاعل النووي العراقي عام 1981 كما شنت هجوما مماثلا على سوريا عام 2007 .

لكن كثيرا من الخبراء المستقلين يعتقدون أن القوات الاسرائيلية لا تستطيع التعامل مع ايران وحدها. وحتى اذا استطاعت طائراتها الحربية التسلل لشن هجوم ناجح فان من شبه المؤكد أن ترد ايران على اسرائيل بوابل من صواريخها أسوأ من هجمات الصواريخ قصيرة المدى على الحدود التي نفذها نشطاء لبنانيون في حرب 2006 ونشطاء فلسطينيون في حرب غزة عام 2009 . بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وستكون هناك حسابات دبلوماسية أوسع نطاقا فالقوى العالمية ليست في عجلة لاشتعال حريق اقليمي اخر خاصة في ظل استمرار العقوبات ضد برنامج ايران النووي الذي تقول طهران انه سلمي.

وادارة التخطيط بوزارة الخارجية الاسرائيلية واحدة من عدة وحدات توجه استراتيجية الحكومة. ومن أبرز هذه الوحدات مجلس الامن القومي ومجلس الوزراء المصغر الذي يتألف من نتنياهو وستة وزراء كبار بينهم ليبرمان.

وأحجم مكتب نتنياهو عن التعقيب على مبادرة ليبرمان. وقال مسؤول اسرائيلي كبير "موقف الحكومة هو أنه يجب بذل كل المحاولات لمنع ايران من أن تمتلك سلاحا نوويا." وعبر الاسرائيليون عن ثقة حذرة في العقوبات لكنهم يعتقدون ايضا أن طهران قد تمتلك رأسا نوويا بين عامي 2012 و2014 وهو تقدير يتفق معه البعض في الغرب.

ووضع مسؤولو الدفاع الاسرائيليون أولوية لتحسين الدرع الصاروخي الاسرائيلي وتعزيز شبكة من المخابيء للمدنيين وهو وضع ربما يسمح لها بالصمود في وجه هجوم من ايران اذا امتلكت سلاحا نوويا او الاستعداد للعمليات الانتقامية اذا بدأت اسرائيل بضرب ايران.

إيران تعلن عن منظومة "أس 300" محلية

من جانبها أعلنت وزارة الدفاع الإيرانية عن تدشين منظومة صاروخية جديدة من طراز "مرصاد" المضاد للطائرات، والتي تقول طهران إنه قادر على إصابة طائرات حديثة تحلق على علو منخفض ومتوسط، مع قدرة عالية على الإصابة بدقة وتعقب الطائرات.

كما أشارت إلى عزمها القيام بإنتاج صواريخ "أس 300" بجهود الفنيين المحليين،" وذلك بعد أن امتنعت روسيا عن تسليم هذه الصواريخ الفائقة التطور لإيران بسبب العقوبات الدولية، التي حظرت تسليم أسلحة متفوقة من هذا النوع إلى إيران، خاصة وأنها قادرة على ضرب الطائرات بدقة وعلى علو مرتفع.

وقال وزير الدفاع وإسناد القوات المسلحة الإيرانية، العميد أحمد وحيدي، أن الجيل الجديد من "مرصاد" شهد "زيادة في الارتفاع والمدى وقدرة تدمير الأهداف، مضيفاً أن المنظومة الحديثة تتمتع بمدى "أكبر بكثير من الجيل الحالي الموجود لدى القوات المسلحة." ولفت وحيدي أن المنظومة "تمتاز بزيادة الارتفاع وبإمكانها استهداف الكثير من المواقع المنظورة في آن واحد."

ونقلت وكالة أنباء فارس شبه الرسمية أنه جرى وضع أول طاقم من المنظومة الجديدة "تحت تصرف مقر خاتم الأنبياء،" مع الإشارة إلى أن الإنتاج جرى "بصورة مكثفة." أما وكالة مهر شبه الرسمية، فقد نقلت عن وحيدي قوله إن إيران ستقوم "بجهود الفنيين المحليين،" بإنتاج منظومة صواريخ "أس 300" محلية قريباً، وذلك بعد أن امتنعت روسيا عن تسليم هذه الصواريخ الفائقة التطور لإيران بسبب العقوبات الدولية. بحسب وكالة انباء السي ان ان.

وأضاف وحيدي أن موضوع صناعة وإنتاج صواريخ "أس 300" ذات المدى البعيد "مدرج على جدول أعمال وزارت الدفاع." وحول قيام روسيا بإلغاء عقد بيع منظومة صواريخ من هذا الطراز إلى إيران قال وحيدي: "يجري حالياً إعداد المراحل القانونية لأخذ التعويضات من روسيا  بسبب إلغاء هذا العقد."

وكانت السلطات الروسية قد أعلنت في 22 سبتمبر/أيلول الماضي أنها لن تقدم أنظمة الصواريخ الدفاعية إلى طهران، لأنها تقع تحت العقوبات التي فرضها مجلس الأمن الدولي على الجمهورية الإيرانية، التي تصر على المضي قدماً في برنامجها النووي المثير للجدل.

يُذكر أن العقد حول تزويد إيران بأنظمة الصواريخ الروسية من طراز "س-300"، قد تم إبرامه في نهاية العام 2007، ويتعين على روسيا وفق بنود العقد توريد أنظمة الصواريخ الروسية بقيمة 800 مليون دولار، لتسليح 5 كتائب للدفاع الجوي بالقوات الإيرانية.

وتشير البيانات الصادرة عن المركز القومي لتحليل التجارة الدولية بالسلاح، في روسيا، إلى أن طهران بدأت في عام 2001 تحقيق برنامج "إعادة تسليح قواتها المسلحة"، الذي يستغرق 25 عاماً، وينص بشكل أساسي على "شراء أسلحة وتقنيات عسكرية روسية الصنع"، ويقدر إجمالي حجم تمويل المشروع بمبلغ قدره 25 مليار دولار.

وبحسب المركز فإن أنظمة الدفاع المضاد للصواريخ، تُعد من المجالات الواعدة للتعاون العسكري التقني بين روسيا وإيران، خاصة وأن صواريخ "أس 300" تعتبر أقوى الأسلحة المضادة للطائرات في العالم.

واشنطن تشتبه بشركات صينية

بينما تشتبه الولايات المتحدة بان شركات صينية تساعد ايران على تحسين تقنيتها على صعيد برنامجها الصاروخي وعلى تطوير أسلحة نووية، وقد طلبت من بكين التحرك لمنع ذلك، على ما ذكرت صحيفة واشنطن بوست.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول أميركي كبير لم تذكر اسمه ان هذا الطلب الاميركي نقل الى بكين خلال زيارة قام بها وفد اميركي برئاسة المستشار الخاص لوزارة الخارجية لشؤون منع الانتشار النووي ومراقبة الاسلحة روبرت اينهورن. وسلم اينهورن المسؤولين الصينيين "لائحة طويلة" بشركات ومصارف تشتبه واشنطن بأنها تخالف العقوبات الدولية المفروضة على طهران بدون اذن من الحكومة الصينية، بحسب الصحيفة.

وتعتقد اجهزة الاستخبارات الاميركية ان عددا من الشركات الصينية زودت البرامج العسكرية الايرانية بتقنيات وتجهيزات محظورة واجرت صفقات مولتها مصارف صينية. واشارت الصحيفة الى ان معظم الصفقات تتعلق بالبرنامج الصاروخي الإيراني. بحسب وكالة أنباء فرانس برس.

وذكرت مسؤولا كبيرا في وكالة استخبارات غربية افاد ان بعض الشركات الصينية باعت ايران كمية من الياف الكربون العالية النوعية لمساعدتها على بناء طاردات مركزية تعمل بشكل أفضل تستخدم لتخصيب اليورانيوم. وفي 2008 على سبيل المثال، حصلت إيران من شركة صينية على 108 أجهزة لقياس الضغط تعتبر أساسية في عمل أجهزة الطرد المركزي، بحسب الصحيفة.

وقبل ذلك بسنة قامت شركة صغيرة في مدينة داليان الساحلية الصينية بإمداد ايران بمجموعة من المواد الحساسة مثل الغرافيت وسبائك النحاس والتنغستين ومسحوق التنغستين وسبائك الألمنيوم الشديد المقاومة والحديد الشديد المقاومة، كل ذلك لبرنامجها النووي. ويشتبه بحسب الصحيفة بان إيران دفعت لهذه الشركة عبر مصارف أميركية. وقال وانغ باودونغ المتحدث باسم سفارة الصين في واشنطن للصحيفة "ان حكومتي سوف تحقق في المسائل التي طرحها الطرف الأميركي.

مجموعة سنية تؤكد خطف موظف

من جانب آخر أعلنت جماعة جند الله السنية المسلحة أنها خطفت موظفا يعمل في موقع نووي إيراني وهددت بنشر المعلومات التي انتزعتها منه في حال لم يتم الإفراج عن سجنائها. وأعلنت جماعة جند الله مسؤوليتها عن عملية الخطف على موقعها الالكتروني. وأكدت السلطات الإيرانية عملية الخطف لكنها قللت من أهميتها.

وبحسب الجماعة، فان الموظف المخطوف يدعى امير حسين شيراني ويعمل في موقع نووي في اصفهان (وسط). وقالت الجماعة ان "شيراني يملك معلومات مهمة خصوصا حول خبراء نوويين إيرانيين. وان نشر هذه المعلومات سيضر كثيرا بالنظام الإيراني"، من دون تحديد تاريخ خطفه.

وتطالب جماعة جند الله طهران بالإفراج عن أكثر من 200 من أعضائها وسجنائها السياسيين مقابل عدم نشر هذه المعلومات. وحذرت من انه في حال لم يفرج عن السجناء فإنها "ستنشر المعلومات التي حصلت عليها من امير حسين شيراني ما يسمح للعالم اجمع بمعرفة الأنشطة النووية السرية للنظام الإيراني بشكل أفضل". بحسب وكالة أنباء فرانس برس.

ونقلت صحيفة "فرهنغ اي اشتي" الإيرانية عن متحدث باسم المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية حميد خادم قائم تأكيده لعملية الخطف، لكنه اعتبر ان "لها طابعا شخصيا وهي غير مرتبطة بالملف النووي". واكد ان شيراني "عمل سائقا لفترة قصيرة في إحدى الشركات المتعاقدة" مع المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية وانه لم يعد يعمل لحسابها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 4/تشرين الثاني/2010 - 27/ذو القعدة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م