الارهاب المنظم وخطر المرتزقة في العراق

 

شبكة النبأ: في الحادي والثلاثين من آب/أغسطس 2010، أعلنت الولايات المتحدة وضع نهاية للعمليات القتالية في العراق. ومع ذلك، شهدت الأشهر الأخيرة تصوراً عنيداً مفاده أن الأمن في العراق يعاني من تراجع وتدنٍ.

بيد، تكشف الأرقام الأولية عن عدد حوادث الأمن الشهرية عن انخفاض كبير في المقارنات على أساس سنوي. ويعود السبب الرئيسي للاختلاف الحاصل بين التصور والواقع هو تصاعد الحوادث الأمنية التي يطلق عليها "الهجمات الموجهة" والتي تجذب انتباه وسائل الإعلام.

وتشمل هذه الهجمات التي تلفت الكثير من الاهتمام أساليب قتالية مثل القيام بتفجيرات انتحارية بارتداء الأحزمة الناسفة، والتفجيرات الانتحارية بالسيارات المفخخة، وغيرها من الهجمات التي تهدف إلى إيقاع ضحايا جماعية. بحسب معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى.

فعلى سبيل المثال، في الفترة بين تشرين الأول/أكتوبر وكانون الأول/ديسمبر 2009، بلغ متوسط عدد الهجمات الموجهة التي أجريت محاولة للقيام بها أو اكتمل تنفيذها في العراق 15 هجوماً في الشهر. وبحلول الربع الثاني من عام 2010 (نيسان/أبريل- حزيران/يونيو) ارتفع هذا العدد إلى 23 هجوماً شهرياً، كما شهد شهر تموز/يوليو 34 هجوماً من هذا القبيل، وأدى إلى إعلان الحكومة العراقية بأن ذلك الشهر كان الأكثر دموية منذ أيار/مايو 2008.

وفي العراق يمكن النظر إلى ارتفاع وتيرة الهجمات الموجهة بطريقتين. فلبعض المحللين، تشير هذه الهجمات قيام صحوة جزئية لحركات مثل تنظيم «دولة العراق الإسلامية» [«التنظيم»]، ولآخرين، بمن فيهم المتحدثين باسم الحكومة العراقية والقادة العسكريين الأمريكيين، تمثل هذه الهجمات محاولات يائسة بصورة متزايدة من قبل هذه الجماعات لكي تثبت أنها ما زالت نشطة وذات أهمية استراتيجية.

وتبيّن هذه المقالة كيف تمت عرقلة حملة التمرد التي قام بها تنظيم «دولة العراق الإسلامية» في آذار/مارس 2010، عندما فقدت هذه المجموعة المتمردة أحد أبرز زعمائها. ونتيجة لذلك، أدت التفجيرات المتزامنة والواسعة النطاق التي كانت تحدث ضد الأهداف الإستراتيجية إلى إفساح المجال لقيام هجمات متفرقة - وغير مؤثرة أحياناً - ضد أهداف فردية. وبعد ذلك ستقوم هذه المقالة بتفكيك نسيج حركات التمرد المتشابكة في العراق لتحصل على فهم أفضل لدور وأهمية ومستقبل تطور الهجمات الموجهة في العراق.

عرقلة الحملة في بغداد

طوال عام 2009، اتبع تنظيم «دولة العراق الإسلامية» نمطاً واحداً في الهجوم تمثل بتفجير السيارات المفخخة على تجمعات المباني الحكومية في بغداد أربع مرات في العام الواحد (على فواصل زمنية تبلغ ثلاثة أشهر).

ففي التاسع عشر من آب/أغسطس 2009، تعرض مبنى وزارتي الخارجية والمالية لانفجار ألحق بهما أضراراً جسيمة، مما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 90 شخصاً. وفي الخامس والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر من العام نفسه، استهدفت سيارتان مفخختان مبنى وزارة العدل ومجلس محافظة بغداد، مما أودى بحياة 155 شخصاً.

وفي الثامن من كانون الأول/ديسمبر 2009، فُجرت خمس سيارات مفخخة داخل موقف للسيارات وأماكن عامة في الحي الحكومي خارج "المنطقة الدولية" في بغداد، مما أسفر عن مقتل 127 شخصاً. وفي الخامس والعشرين من كانون الثاني/يناير 2010، تعرضت ثلاثة فنادق دولية كبرى لهجوم في منطقة الكرادة بالقرب من "المنطقة الدولية" مما أودى بحياة 15 شخصاً.

وفي الحادي عشر من آذار/مارس 2010، تم عرقلة هذه الحملة عندما أُلقي القبض على مناف عبد الرحيم الراوي، أمير تنظيم «دولة العراق الإسلامية» في غرب بغداد. وعلى الرغم من حدوث هجوم آخر بهذا "المفهوم" على يد خط العمليات، إلا أنه لم تحدث أية هجمات منسقة كبرى ضد أهداف حكومية في بغداد منذ اعتقال الراوي.

وبدلاً من ذلك، نفذ تنظيم «دولة العراق الإسلامية» خليط من الهجمات الأصغر نطاقاً التي تلفت انتباه أقل. ورداً على وفاة كل من زعيم تنظيم «دولة العراق الإسلامية» أبو عمر البغدادي، وزعيم تنظيم «القاعدة في العراق» أبو أيوب المصري في 18 نيسان/أبريل 2010، شن تنظيم «دولة العراق الإسلامية» في 23 نيسان/أبريل، سلسلة من التفجيرات المتسرعة على مساجد شيعية في بغداد شملت خمس سيارات ملغومة ضربت حشود من المصلين أثناء تركهم صلاة الجمعة، مما أدى إلى مقتل ثمانية وخمسين شخصاً. وفي حزيران/يونيو وتموز/يوليو، سعى تنظيم «دولة العراق الإسلامية» إلى إذلال الحكومة من خلال اقتحام المباني الحكومية المحمية في العاصمة.

وفي 13 حزيران/يونيو، اقتحم مقاتلو «دولة العراق الإسلامية» البنك المركزي العراقي، باستخدامهم ثلاثة أحزمة ناسفة للتغلب على قوات الحرس ثم العبث فساداً في المبنى. وفي 20 حزيران/يونيو، أدى هجوم توأم بسيارتين مفخختين إلى مقتل 26 شخصاً كانوا مصطفين خارج مكتب حكومي للهجرة بالقرب من "المنطقة الدولية". وفي 26 تموز/يوليو، ادعى تنظيم «دولة العراق الإسلامية» بأنه قام بهجوم بسيارة مفخخة على شركة قناة تلفزيون "العربية" الممولة من قبل السعودية.

وفي 29 تموز/يوليو، اجتاحت قوة تابعة لتنظيم «دولة العراق الإسلامية» نقطة تفتيش للشرطة في الأعظمية، وهي منطقة شمال شرق بغداد ذات غالبية سنية، ومن ثم نصبت كمين لتعزيزات عسكرية حكومية من خلال تفجير سلسلة من العبوات الناسفة. إن الهجوم الذي تم شنه في 29 تموز/يوليو والذي قتل فيه عدد من أفراد الأمن، قد ولد دعاية على نطاق واسع نظراً لقدرة تنظيم «دولة العراق الإسلامية» على رفع علمه فعلاً في بغداد خلال ساعات النهار. وفي تموز/يوليو وآب/أغسطس استهدفت هجمات أخرى مقر قوات الأمن في بغداد.

التوغل جنوباً

لقد تمت الاستعاضة - إلى حد ما - عن انحسار نطاق ومجال الهجمات التي كان ينفذها تنظيم «دولة العراق الإسلامية» بسلسلة من الهجمات الملفتة للانتباه والتي تم شنها في العاشر من أيار/مايو والخامس والعشرين من آب/أغسطس عام 2010.

وقد شملت هجمات أيار/مايو القيام بتفجيرات منسقة باستعمال سيارات مفخخة في بغداد والحلة والإسكندرية (في محافظة بابل، جنوب بغداد)، والبصرة. وأما هجمات الخامس والعشرين من آب/أغسطس فقد كانت محاولات لتنفيذ تفجيرات تهدف إلى إيقاع ضحايا كبيرة في مدن الموصل وكركوك وتكريت والدجيل (بالقرب من مسقط رأس صدام حسين)، وبعقوبة، والمقدادية، والرمادي، والفلوجة، ومنطقتي الأعظمية والكاظمية شمال بغداد، بالإضافة إلى مدن كربلاء والكوت والبصرة في الجنوب.

وعلى الرغم من إعلان تنظيم «دولة العراق الإسلامية» مسؤوليته عن الحادث الأخير الذي وقع في الخامس والعشرين من آب/أغسطس، إلا أنه ربما كانت عناصر من داخل «التنظيم» قد شاركت في هاتين السلسلتين من الهجمات التي أودت جميعها بحياة 140 شخصاً على الأقل.

وكانت السمة المميزة لهذه الهجمات هو شملها للكثير من الأهداف الجنوبية وخاصة في البصرة، التي تبعد ما يقرب من 370 ميلاً براً عن أقرب المعاقل الكبرى للسنة العرب. وعلى الرغم من التركيز على الأهداف السهلة في أنحاء الجنوب - وعادة كان يتم استهداف التجمعات المدنية الشيعية بالكثير من السيارات المفخخة - فإن التنسيق الذي شملته الهجمات جدير بالملاحظة في الوقت الذي لا تزال فيه جماعة «دولة العراق الإسلامية» وغيرها من الجماعات تعاني استنزافاً كبيراً في كوادر قيادتها.

وهناك العديد من النظريات التي تفسر هذا التناقض. فقد لعب البعثيون وعناصر المرتزقة دوراً رئيسياً في التفجيرات التي أعلن تنظيم «دولة العراق الإسلامية» مسؤوليته عنها. وعلى جانب آخر، يشير البعض إلى أن المساندة الاستخبارتية الإيرانية قد سهلت تنفيذ بعض التفجيرات في محاولة منها لزعزعة [مصداقية] ادعاءات رئيس الوزراء نوري المالكي بتحسن الحالة الأمنية في العراق.

قد تكون هذه النظريات صحيحة، ولكن ليس من الصعب على تنظيم «دولة العراق الإسلامية» وغيره من الجماعات المتشددة اختراق الجنوب. "فأحزمة" بغداد الجنوبية - محافظتي بابل وواسط - كانت تُستخدم لفترة طويلة كقاعدة لشن هجمات ضد جماعات الشيعة وخاصة مواكب الحج التي تنتقل بين بغداد والمزارات في كربلاء والنجف.

وبالفعل، هناك حوادث سابقة موجهة كان هدفها إيقاع إصابات جماعية في "أقصى جنوب" العراق: ففي العاشر من حزيران/يونيو 2009، انفجرت سيارة مفخخة في إحدى أسواق مدينة شيعية غرب مدينة الناصرية. وقد اكتشف في وقت لاحق أن السيارة تعود إلى منزل آمن في مدينة البصرة حيث كانت قد اكتشفت - في وقت سابق - ألعاب أطفال مفخخة، في الثاني من أيار/مايو 2009.

تفكيك حركات التمرد المتشابكة

كانت على الأقل نصف (وعادة ما تكون نسبة أكبر) الهجمات الموجهة لإيقاع إصابات جماعية في أي شهر تحدث عبر أنحاء المحافظات العراقية بشكل غير منسق. كما أن وسائل الإعلام السائدة كانت تنسب هذه الحوادث على نحو خاطئ إلى الهجمات المنسقة لكي توحي عن وجود تمرد عربي سني موحد تقوده يد مسيطرة واحدة.

وفي الواقع، من الواضح أن هناك عدد من حركات التمرد الإقليمية التي تعمل بشكل كبير داخل العراق بمعزل عن بعضها البعض، وتستفيد كل واحدة منها - بطريقة تختلف عن الأخرى - بما تشنه من هجمات موجهة لإيقاع إصابات جماعية لتحقيق أهدافها الخاصة ولتعكس ظروفاً تكتيكية محلية.

وفي بعض المناطق العربية السنية، يقل استخدام الهجمات الموجهة لإيقاع إصابات جماعية. وكان تنظيم «دولة العراق الإسلامية» والجماعات المماثلة قد تخلت بشكل كبير عن استخدام السيارات المفخخة ضد الأهداف المدنية ولجأت عوضاً عن ذلك إلى العقاب الجماعي وإرهاب جماعات السنة العرب. وبدلاً من ذلك، تحاول مثل هذه الجماعات إعادة بناء ملاذات حماية ومناطق تجنيد باستخدامها أدوات أكثر انتقائية مثل "رسائل ليلية" (تحذيرات)، وعمليات اغتيال، ورشوة تستهدف أعداداً كبيرة من أبرز زعماء المجتمع وأفراد قوات الأمن. وعندما يتم تنفيذ الهجمات الموجهة لإيقاع إصابات جماعية، تميل هذه الجماعات إلى استهداف قوات الأمن.

فعلى سبيل المثال، وقع 22 هجوماً من الهجمات الموجهة لإيقاع إصابات جماعية في شرق الأنبار (ممر الرمادي - الفلوجة - أبو غريب) منذ آب/أغسطس 2009. وقد استهدفت 12 من تلك الهجمات قواعد ونقاط تفتيش تابعة لقوات الأمن، في حين ركزت اثنتان منها فقط على أهداف مدنية. وتأتي هذه الطريقة على النقيض تماماً من استخدام تنظيم «القاعدة في العراق» للسيارات المفخخة بغاز الكلور لإكراه المواطنين في المنطقة نفسها في عامي 2007 و2008.

وعلى الرغم من أن أبو عمر البغدادي وزعيم تنظيم «القاعدة في العراق» أبو أيوب المصري قد لقيا حتفهما في تكريت، لم يشكل "وادي نهر دجلة" مسرحاً كبيراً للهجمات الموجهة التي تهدف إلى إيقاع إصابات جماعية في العام الماضي. ومرة أخرى يتم استخدام طرق أكثر حنكة لزيادة مساحة العمليات التي تقوم بها الجماعات المتمردة حيث يخلق انسحاب الولايات المتحدة فرصاً للتأثير على جماعات غامضة من العرب السنة.

ولا يزال "وادي نهر دجلة" وسفوح جبال حمرين إلى الشرق تشكل منطقة لوجستية ووسيلة تنقل ومكان للراحة والاستجمام للمتمردين السنة. وتقع أحداث الاستخدام الفاعل الوحيد للسيارات المفخخة في "وادي نهر دجلة" بين بغداد وبيجي، في مناطق جنوب مدينة بلد حيث تم استخدام ثماني سيارات مفخخة في العام الماضي لشن هجمات ضد نقاط تفتيش تابعة للجيش العراقي وقوافل الولايات المتحدة على "طريق الإمداد الرئيسي تامبا نورث (الطريق السريع رقم 1)".

ويشكل "وادي نهر ديالى" مسرحاً أكثر نشاطاً لشن الهجمات الموجهة التي تهدف إلى إيقاع إصابات جماعية. وتعرف ديالى باسم "العراق الصغير" لأن هذه المحافظة تعكس الطبيعة الجبلية للمنطقة الكردية العربية في شمال شرقي البلاد ومركزها السني الشيعي الخصب وكذلك الجنوب. ولا تزال ديالى تمثل مسرح حرب داخل حرب، بما في ذلك شن هجمات موجهة تهدف إلى إيقاع إصابات جماعية كان قد سقط فيها 40 ضحية في العام الماضي. واستمر "وادي نهر ديالى" يشكل مقر عمليات تنظيم «القاعدة في العراق» - على الأقل طوال السنوات الثلاث الأولى من الاحتلال، ولا يزال يشهد ارتفاعاً في مستويات أعمال العنف في مناطق مثل عاصمة المحافظة بعقوبة، وخالص، والمقدادية، وقرى بحيرة حمرين في جلولاء، والسعدية وقره تبة. وفي بعقوبة، التي شهدت 16 هجوماً من الهجمات الموجهة التي تهدف إلى إيقاع إصابات جماعية في الاثني عشر شهراً الماضية، كانت خمس من تلك الهجمات قد استهدفت وبصورة دقيقة بعض زعماء المحافظة، في حين استهدفت خمس هجمات أخرى مدنيين من الشيعة، بينما كانت قوات الأمن هدف باقي الهجمات. وتعكس هذه النسب في جميع أنحاء المحافظة، انقسام الجهود بين المناوئين الرئيسيين لتنظيم «دولة العراق الإسلامية».

ويلاحظ وجود فرق دقيق في محافظتي نينوى وكركوك، حيث أن تنظيم «دولة العراق الإسلامية» و«أنصار السنة» غالباً ما يستهدفان قوات الأمن الكردية والمدنيين الأكراد. وتكشف الأعداد الأولية عن وقوع 63 هجوماً من الهجمات الموجهة التي تهدف إلى إيقاع إصابات جماعية في محافظة نينوى و12 هجوماً آخر في محافظة كركوك، وذلك منذ آب/أغسطس 2009. وفي كلتا المحافظتين، يندمج المتشددون الإسلاميون بصورة أكثر بين قوات المقاومة الأوسع المناوئة للأكراد والمعادية للولايات المتحدة.

ويقوم التمرد في مدينة الموصل بشن نفس العدد الشهري تقريباً من تفجيرات السيارات المفخخة والتفجيرات الانتحارية التي تشمل ارتداء أحزمة ناسفة، كما فعل في العام الماضي. هذا، وإن الهجمات الموجهة التي تهدف إلى إيقاع إصابات جماعية والتي تنفذ خمس أو ست مرات شهرياً في المحافظات، تمثل مجموعة فرعية من الهجمات الكبيرة - التي يبلغ عددها 90 أو ما يقرب - التي يشنها المتمردون في المحافظتين (مجتمعتين).

وأما في مواجهات المدن التي تحدث ضد القوات الاتحادية وقوات الأمن التي يتزعمها الأكراد، فلا يزال يتم استخدام السيارات المفخخة والقيام بتفجيرات انتحارية تشمل ارتداء الأحزمة الناسفة كأسلحة ثقيلة لمواجهة القواعد ونقاط التفتيش المحصنة. ولا تزال الهجمات الانتحارية الأسلوب المتبع في محافظتي نينوى وكركوك - إلى حد أكبر من أي جزء آخر في العراق. وفي حين يُعد تفجير السيارات والشاحنات المفخخة عن بُعد الطريقة المحددة بالدرجة الأولى في نصف الهجمات الموجهة تقريباً والمعدة لإيقاع إصابات جماعية في جميع أنحاء البلاد في العام الماضي، إلا أنها تمثل فقط 12 بالمائة من الهجمات التي تقع في محافظتي نينوى وكركوك.

وقد أتاح هذا لعمليات التمرد في هذه المحافظات القدرة على الاستهداف الحيوي للأهداف المتحركة المدرعة (مثل الأفراد المقصودين بالاغتيال) وأيضاً لتحقيق التفجير الأمثل للسيارات المفخخة أثناء الهجمات على نقاط التفتيش المحصنة.

وتمتد تقريباً ربع الهجمات الموجهة لإيقاع إصابات جماعية على طول الممر الذي يربط الموصل بالحدود السورية، والتي تضم مدينة تلعفر التي يقطنها التركمان والتي تضررت بصورة كبيرة وأُصيبت بثلاثة تفجيرات انتحارية خلال مباراة لكرة القدم في الرابع عشر من أيار/مايو 2010. ويأتي على رأس المستهدفين بالهجوم قوات الأمن التي يتزعمها الأكراد والأقليات العرقية التي ينظر إليها المتمردون كويكلة للأكراد في المنطقة.

الخاتمة

لقد كانت سلسلة الهجمات الموجهة لإحداث إصابات جماعية التي وقعت في العاشر والخامس والعشرين من آب/أغسطس 2010 بمثابة انتصارات كبيرة من ناحية التنسيق، إلا أنها لا تمثل سوى جزءاً من صورة أوسع.

ويبدو أن سقوط ضحايا بين القيادة قد عرقل من تكثيف سلسلة الهجمات التي يقوم بها تنظيم «دولة العراق الإسلامية» ضد الحكومة العراقية في بغداد وحولت الجماعة إلى مسار آخر: استهداف أهداف مدنية سهلة في مناطق الشيعة.

وأما معظم الهجمات الأخرى الموجهة لإيقاع إصابات جماعية في العراق، فلا يتم التنسيق بينها وتقوم بها خلايا محلية لأسباب تكتيكية. وتندمج هذه الهجمات - في بعض المناطق - بصورة تامة مع وسائل المقاومة العسكرية الأخرى، كما ظهرت حركة أخرى بعيدة عن ضربات الإصابات الجماعية القسرية التي تستهدف المدنيين السنة.

ويبقى المدنيون من الشيعة والأكراد والأقليات العرقية الهدف السهل لجميع جماعات الجهاد الإسلامية السنية تقريباً.

وفي معظم أنحاء العراق، أدى استخدام الأعداد المتزايدة للسيارات المفخخة التي يتم تفجيرها عن بُعد ضد أهداف سهلة، إلى السماح بتنفيذ أعداد كبيرة من الهجمات ومنح الخلايا قابلية الاستمرارية والبقاء لفترة أطول من تلك التي تتمكن تحملها الشبكات المتخصصة في العمليات الانتحارية. ولا ينبغي الخلط بين ذلك وبين تجدد التمرد. ويمكن القول بأن فاعلية الهجمات الموجهة التي تهدف إلى إيقاع إصابات جماعية آخذ في الانحسار.

ويتناقص حجم الأجهزة التي تحملها السيارات؛ ففي السنوات الماضية كان المعدل الطبيعي لحجم هذه الأجهزة يفوق 800 رطلاً من المتفجرات الحربية ولكنها تبلغ الآن عادة 50-150 رطلاً من المتفجرات المحلية الصنع أو التي تجمّع في سيارة ذات اثنين أو أربعة أبواب أو حتى دراجة نارية.

أما المتفجرات الأكبر حجماً فيندر وجودها يوماً بعد يوم ويصعب نقلها بسبب كثافة نقاط التفتيش. وبالمثل، أصبح شراء ونقل الذخائر العسكرية أكثر صعوبة، مما أدى إلى تحول الجهود الجزئية الناجحة - التي تقوم بها خلايا كثيرة - باتجاه استخدام زيت وقود نترات الأمونيوم لتجهيز متفجراتها الرئيسية، وهو ما أدى بالحكومة أيضاً إلى النظر [في سَن] أولى أنظمتها الأمنية بشأن المتفجرات والمتعلقة بمبيعات الأسمدة. وعوضاً عن ذلك، ما تزال التفجيرات الانتحارية التي تشمل ارتداء أحزمة ناسفة هي الهجمات الأكثر فاعلية في العراق، وخاصة عندما تقوم بها عناصر نسائية أو ينفذها اثنان من المفجّرين يعملان بطريقة منسقة.

نبذة عن معهد واشنطن

الجدير بالذكر ان معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى بحسب موقعه الالكتروني أسس عام 1985 لترقية فهم متوازن وواقعي للمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط. وبتوجيه من مجلس مستشارين بارز من كلا الحزبين من اجل توفير العلوم والأبحاث للإسهام في صنع السياسة الأمريكية في هذه المنطقة الحيوية من العالم.

وينقل موقع تقرير واشنطن الالكتروني إن الهدف من تأسيسه كان دعم المواقف الإسرائيلية من خلال قطاع الأبحاث ومراكز البحوث وان لجنة العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية المعروفة بإيباك كانت المؤسسة الأم للمعهد حيث أن مديره المؤسس هو مارتن إنديك رئيس قسم الأبحاث السابق باللجنة. وتزعم المنظمة أنها اختارت مصطلح "الشرق الأدنى" لتعريف الهوية الذاتية للمعهد (بدلا من "الشرق الأوسط) لأنه المصطلح المعترف به في الخارجية الأمريكي لوصف العالم العربي والدول المجاورة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 2/تشرين الثاني/2010 - 25/ذو القعدة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م