شبكة النبأ: من المعطيات الواضحة التي
أفرزتها وقائع وأحداث ما بعد نيسان 2003 تعدد وسائل الاتصال وانفتاح
العراق إعلاميا في الداخل والخارج عبر القنوات الفضائية التي تعددت
أسماؤها وتوجهاتها.
وقد انفتحت هذه القنوات الفضائية على عموم الانشطة الحياتية في
العراق، لكن هذا الانفتاح لم يأت متجانسا أو متساويا، لأن السياسة
واحداثها وتوابعها أخذت الحيز الاعلامي الاوسع، تليه الجوانب
الاقتصادية، ولم تحصل الثقافة على ما تستحقه من مساحة في هذه الفضائيات
لأسباب عديدة ناقش قسما منها الاعلامي والاديب ناظم السعود.
جرى ذلك في أمسية أقامها له اتحاد الادباء والكتاب في كربلاء، وقدم
فيها رؤية واضحة عن تعامل الفضائيات العراقية مع الواقع الثقافي الراهن،
وبدأت هذه الامسية بتقديم الشاعر سلام محمد البناي للسعود تناول فيه
نبذة عن مسيرته الابداعية وتنقله بين الهندية وبغداد ثم القاهرة وبغداد
ليرجع ثانية الى الهندية التي يسكنها الآن مفضلا الاقامة فيها على
الرغم من بعدها عن مركز الضوء الاعلامي في العاصمة.
وقال مقدم الامسية أن ابتعاد السعود عن العاصمة لم يثلم من نشاطه
متعدد الوجوه، ناهيك عن الوضع الصحي الذي يعانيه السعود منذ سنوات.
بدأ ناظم السعود محاضرته باستعراض تجربته مع الاعلام الثقافي مؤكدا
أنه عمل في الاعلام المرئي والمسموع والمكتوب معا، وقال أن هناك ما
يقارب الـ (55) فضائية عراقية الآن، وقد أشر السعود بعض نقاط الخلل
التي تتواجد في تعاطي الفضائيات العراقية مع الحركة الثقافية، قائلا
بأن هذا التعامل يفتقر الى التنظيم والاهتمام الجاد والحقيقي في توصيل
الجوهر الثقافي السليم الى المجتمع العراقي، مؤكدا على أن الفضائيات
تبدي اهتماما اكثر بالمجالات السياسية والاقتصادية والصحية وغيرها في
حين تتغافل او تغفل أهمية الدور الثقافي وقدرته على تأسيس وبناء أنشطة
مجتمعية سليمة ومتعددة الوجوه.
وقد عرف السعود الثقافة بثلاث مفردات فقط قائلا أن الثقافية هي (حصيلة
انتاج الشعب) مؤكدا على أن الثقافة تشمل الفنون كافة مع الآداب، مشيرا
الى انزلاق الاهتمام الاعلامي نحو الادب الشعبي بصورة لافتة للنظر، ولا
يعني هذا انتقاصا من هذا الادب ولكن ثمة مغالاة في القاء الضوء عليه من
لدن جميع الفضائيات، مع ظهور مواهب سطحية في هذا المجال، منتقدا غياب
الفضائية الثقافية المتخصصة، مشيرا الى بعض القنوات العربية الخاصة
بتناول المشهد الثقافي مثل قناة النيل.
ثم تطرق السعود الى بعض البرامج الراسخة التي كانت تقدم بخبرات
ابداعية لها باعها الطويل في مجال اعداد البرامج الثقافية مشيرا الى
بعض البرامج الثقافية التي حفرت لها مكانا في الذاكرة العامة والمتخصصة،
ومؤكدا على أهمية أن يكون المعد الثقافي عارفا ومطلعا ومنتميا في آن
للوسط الثقافي لكي يعرف المجال الذي يخوض فيه، ولا يصح أن تعتمد
المواهب المبتدئة في هذا المجال قبل صقلها وتدريبها واكتسابها للخبرات
المطلوبة.
أسهم في باب الحوار عدد من ادباء وفناني
كربلاء.
حيث تحدث الاستاذ علي كردي عضو مجلس محافظة كربلاء الذي حضر هذه
الامسية وخاطب جمهور الحاضرين من الادباء والفنانين قائلا بأننا
مسرورون بحضورنا مع نخبة من المثقفين الذين يعتمد عليهم تطور المجتمع
العراقي خاصة في هذه المرحلة، وقد أكد الاستاذ كردي على استعداد
الحكومة المحلية للتعاون مع ابناء كربلاء المقدسة من الادباء والمثقفين
للارتقاء بالواقع الثقافي والمجتمعي عموما من خلال تعاون السياسي
والمثقف في المرحلة الراهنة، وقد أعلن الاستاذ كردي عن دعم مادي لاتحاد
الادباء في كربلاء كي يتمكن من مواصل انشطته الثقافية، وشكر المحاضر
على محاضرته.
ودعا الناقد محمد علي النصراوي الى انشاء فضائية ثقافية متخصصة
بتمويل حكومي وحدد بعض المحاور الثقافية التي ينبغي أن تهتم بها
الفضائيات ومنها اهمية الانفتاح على الآخر والتلاقح الثقافي خاصة من
التجارب العالمية المهمة وعرج على تجارب بعض المفكرين العرب كأدورد
سعيد ومحمد اركون ومحمد عابد الجابري وغيرهم.
وأشار الفنان علي الشيباني الى نقطة واقعية هامة حين قال ان
الفضائيات تبحث عن الربح المادي وهي تشبة الشركات التي تتعامل ماديا مع
ما يظهر في شاشاتها، مشيرا الى ان القناة الفضائية الثقافية يجب أن
تحصل على الدعم والتمويل من الدولة او الحكومة كي لا تخضع للربحية التي
غالبا ما تميل الى كفة التسلية والدراما والتشويق وما شابه.
فيما أشاد الاديب أحمد حسون بناظم السعود واعتبره مشروعا اعلاميا
كبيرا ومهما وأكد على مثابرته وتميزه وقدرته على الابداع برغم الظروف
الصحية الصعبة التي يمر بها، كما أشاد حسون بما تقدمه الفضائيات الآن
من جهد اعلامي حيال الثقافة العراقية مشيدا ببعض البرامج المهمة
كبرنامج سيرة مبدع لعارف الساعدي وبرنامج ستار زكم أوراق وبرنامج أبواب
لمحمد غازي الأخرس وغيرهم.
وتحدث آخرون منهم الشاعر كاظم السعدي الذي أكد على أهمية التعاون
بين السياسي والمثقف في هذه المرحلة لتمكين الثقافة العراقية من اداء
دورها كما يجب. |