"هذه المقالة تأتي شهادة لما يمتلكه الوطن من نماذج ناجحة قررت خوض
غمار الانتخابات البرلمانية الحالية رغم وجود وانتشار ثقافة المرشح
الانتهازي والباحث عن الامتيازات. وكيف يلعب المال السياسي ( إمكانيات
المرشح المالية ) دورا في حرمان نماذج ربما لم تحظى بسمعة وشهرة محلية
لكونها تعمل كجندي مجهول ولكنها كسبت احترام وتقدير العالم ابتداء من
هيئة الأمم المتحدة ومرورا بأغلب دول العالم المتطورة .
يزخر الأردن بالعديد من المرشحين الأكفاء والمميزين والجديرين بثقة
الناخب ليس فقط لتمثيله وتبني مطالبه داخل قبة البرلمان , بل ولتمثيل
الأردن في المحافل الدولية والإقليمية نظرا لعطائهم اللامحدود وخبرتهم
الكبيرة ولما تحتويه سيرتهم الذاتية من انجازات وخدمات.
فالصورة السلبية للمرشحين والمترسخة في أذهان المواطنين لا تعكس
بالضرورة صورة كاملة وصحيحة لأغلب المرشحين وذلك ما تلمسته شخصيا عند
قراءتي لأحد البروشورات الدعائية التي تروج لأحد المرشحين , ولا اخفي
كم أصابني من الذهول والاستغراب عند قراءتي لسيرته الذاتية المختصرة
والحافلة بالانجازات والشهادات والعضويات لأكثر من هيئة ومنظمة واتحاد
دولي لدرجة أني وصلت إلى قناعة بان وجود مثل هذا النموذج الناجح في
الحياة في مجلس النواب يعتبر نوع من التحجيم له ويعمل على حرمانه من
خدمة وتمثيل الأردن بشكل أفضل وليس تشريفا له كما يذهب اغلب تفسير
المرشحين والمواطنين.
فهذا النموذج الناجح كمواطن يمتلك أعلى الشهادات العملية , ساهم في
بناء نهضة الأردن والترويج له بوجوده إلى جانب شخصيات عالمية أكاديمية
وبعمله كخبير ومستشار لعدد من برامج الأمم المتحدة وإدراج اسمه في
سلسلة المتميزين في العالم وعضوا في عدد من المؤسسات المحلية
والإقليمية والدولية في مجال البيئة وباحث دولي في مجال المياه.... الخ
من الانجازات والعطاء ولن ننسى أن هذا النموذج الناجح لم يرفع شعار
مكافحة الفساد والأسعار في برنامجه الانتخابي ,,, لأنه وبكل بساطة كان
من مؤسسي هاتين الدائرتين اللتين تعملان على حماية المواطن الأردني.
فكم من الفرق بين نموذج مرشحنا الناجح والذي عبر عن برنامجه
الانتخابي بطرق بسيطة بعيدة عن الإسراف والبذخ ولعل عدم توفر المال
السياسي هو السبب وبين مرشح اكسبريس يصنف على كونه رجل أعمال يمتلك
المال السياسي وعضو في بضعة جمعيات خيرية ؟؟؟
فالخلل لا يكمن في وجود كلا المرشحين ضمن المنافسة والزوبعة
الانتخابية فهو حق دستوري مكفول لأي مواطن ولكن الخلل يكمن في قانون
الانتخاب الحالي , كيف لا وقد تم إعداده من قبل رجلين بلغا العقد
السادس من عمرهما ولم يراعيا كم من الحداثة والتمدن قد طرأت على كوكبنا
الأرضي.
ومصدر خلل قانوننا الانتخابي الحالي هو بعدم اعتماد مرشحي الوطن إلى
جانب مرشحي الدوائر بحيث دمج القانون الحالي الصالح بالطالح مما يعمل
بلا شك على ابتكار مجلس نيابي مكون من نماذج لا تتساوى قدرا وفهما
وعطاءا تحت ذريعة المساواة بين أشخاص مكنهم المال من شراء المقعد
النيابي وبين أشخاص مكنهم سعيهم وعملهم الدؤوب من نيل المقعد النيابي
وشتان ما بين النموذجين.
إن الدعوة بات ملحة وجادة لإعادة النظر بقانون الانتخابات الحالي
بعد انتهاء الدورة الحالية فالوطن يحتاج إلى وجود نماذج ناجحة تستطيع
خدمته لا بوجود نواب يعتبر وجودهم كعدمه فالدورات البرلمانية الستة عشر
لم تكن ذات جدوى ولم تخدم المواطن والوطن بشيء وميزتها الوحيدة أنها
أعطت انطباعا لدى الرأي العام الدولي والمحلي بوجود حياة برلمانية
وممارسة ديمقراطية.
نعم. فوجود قانون انتخابي يسمح بوجود مرشحي وطن وتمثيل لجميع فئات
المجتمع المنسية من معاقيين ومؤسسات مجتمع مدني وبعيد عن صنع وتدخل
معالي وزيري الداخلية والتنمية السياسية الذين أثر عليهما التقدم بالسن
وما زالا يرددان مصطلحات القرن الماضي , سيعمل على تمكين الشخص المناسب
من نيل حظوظا أوفر والتواجد في مجلس لن نرضى إلا بوصفه بالمجلس النيابي
الناجح. حينها لن نجد دعوات تنادي بالمقاطعة ولن نجد فتاوى تحذر من بيع
الأصوات لأنه وبكل بساطة لن يكون هنالك مرشحون مستوزرين ولن يكون هنالك
مرشحون انتهازيين ولن يكون هنالك مجلس رجال أعمال تحت مسمى مجلس
النواب.
فالأردن أكبر من أن تحجم قضية الانتخابات إلى نزاع إسلامي – حكومي
وأكبر من موضوع إقرار أو عدم إقرار نظام الصوت الواحد.. فالأردن بني
وتطور خلال فترة قياسية وحقق العديد من المكاسب والانجازات... فنحن
الآن أمام قضية بعيدة كل البعد عن النفاق والانتماء المبطن.... من
سيحافظ على إنجازات الأردن ؟ أهو مجلس لوردات عشائري أم مجلس وطن
حقيقي. |