
شبكة النبأ: في خضم الصراع المستمر
بين ايران والدول الغربية تسعى جميع الاطراف المتنازعة في ارغام
نظيراتها على القبول بالرؤية السياسية التي تتبناها، او النزول الى سقف
ادنى من التوافقات للإبقاء على خيار الدبلوماسية وسيلة في الحوار
بينهما، املا في استبعاد لغة الحرب عن المنطقة.
فالإصرار الغربي على اتهام برنامج ايران النووي بالعدائية والغموض
من جهة، والتعنت الايراني من جهة اخرى في حقها امتلاك تلك التقنية،
يدفع بالدول الغربية يوما بعد يوم الى تشديد العقوبات وسن قوانين اكثر
صرامة لترويض طهران املا في امتثالها للإرادة الدولية.
وعلى الرغم من نجاح تلك الحصار الاقتصادي المزدوج في الحاق الضرر
بالاقتصاد الايراني، وخصوصا في الوضع المعيشي السكان، وان كان بمستويات
طفيفة، الا ان ايران نجحت على الدوام في ايجاد ثغرات قانونية وغير
قانونية للتملص من وطئتها، وتعزيز موقفها الاقتصادي.
الا ان ذلك لم يمنع من بلورة مشاهد اجتماعية كانت محدودة حتى عهد
قريب في تلك الدولة النفطية، فاتساع دائرة الفقر والفجوة بين الطبقات
الاجتماعية بات سمة آخذه بالانتشار.
حيث يكافح المواطنون الايرانيون العاديون للعيش تحت وطأة العقوبات
الدولية وفي ظل غموض اقتصادي متزايد لكن الفجوة تتسع بينهم وبين هؤلاء
الذين يستطيعون السفر الى باريس لقص الشعر.
ولم يقلص الاثرياء الايرانيون من مظاهر البذخ والاسراف رغم العقوبات
القاسية التي تستهدف الجمهورية الاسلامية بسبب برنامجها النووي المثير
للجدل. وفتحت مراكز تسوق عديدة ذات متاجر فاخرة في طهران ومدن أخرى مثل
تبريز ومشهد.
ويعيش الاثرياء الجدد حياة مرفهة في ايران التي تتهمها الولايات
المتحدة وحلفاؤها بالسعي لامتلاك أسلحة نووية تحت غطاء برنامج نووي
للاستخدامات السلمية. وتقول ايران انها تحتاج الى التكنولوجيا النووية
لتوليد الكهرباء.
وتحول مركز القوة منذ انتخاب محمود أحمدي نجاد رئيسا للبلاد في 2005
من التجار ورجال الدين ذوي النفوذ الى النخبة من الحرس الثوري ورجال
الاعمال الذين يرتبطون بعلاقات مع الحكومة والحرس.
وقال رئيس شركة انشاءات طلب عدم الكشف عن هويته "تفوز الشركات التي
تربطها علاقات بالحرس الثوري بمناقصات المشروعات الكبيرة." وأضاف "جميع
الابواب مفتوحة أمامهم."
وبخلاف دول عديدة ترزح تحت عقوبات فان شوارع طهران تمتلئ بمتاجر
الملابس واعلانات ساعات رولكس وشانيل وأقلام دوبون وملابس ماسيمو دوتي
وجوتشي.
وقالت سميرة شفقت -38 عاما- وهي زوجة مستورد للمواد الغذائية طور
عملا ناجحا مستغلا صلاته بالحكومة "ايران هي أحسن بلد للعيش فيه. اعتدت
السفر الى باريس ودبي للتسوق لكن الان أستطيع شراء حقائب لويس فيوتون
هنا في طهران."
وقالت سميرة وهي تجلس في مطعم فاخر يتقاضى رسم دخول قدره 100 دولار..
ربع الراتب الشهري لمدرس..انها قلقة من أن تجعل العقوبات من الصعب
عليها السفر الى باريس في رحلتها الشهرية المعتادة لقص شعرها. بحسب
رويترز.
وتحاول الحكومة اصلاح الاقتصاد من خلال السماح بفتح مزيد من أنشطة
الاعمال الخاصة.
وقال صاحب متجر بنيتون للملابس في وسط طهران طالبا عدم الكشف عن
هويته "لدينا تراخيص. نستورد منتجاتنا بشكل قانوني وتمر خلال الجمارك."
وأضاف "من الافضل معرفة أشخاص أقوياء."
ويعد التسوق مصدرا للمتعة والترفيه في ايران الدولة الاسلامية ذات
الاغلبية الشيعية التي لا توجد فيها ملاه ليلية ومحظور فيها شرب الخمور
لكن ليس في استطاعة جميع الايرانيين الاستمتاع بالتسوق.
وقال صاحب متجر في مدينة مشهد شمال شرق البلاد ان بعض النساء ينفقن
600 الى 900 دولار شهريا على مستحضرات التجميل وحدها بينما ذكرت صحف ان
كثيرا من الايرانيين يعيشون تحت خط الفقر.
وقال دبلوماسي غربي رفيع في طهران ان اقتصاد ايران يواجه صعوبات
بالغة رغم أنه لم يصل بعد الى مرحلة الازمة.
ويبلغ المعدل الرسمي للبطالة نحو عشرة في المئة بينما يقول منتقدون
ان الرقم الحقيقي يقترب من 15 في المئة.
اكثر تشدد
الى ذلك تتردد في الاوساط الاعلامية نقلا عن ما يدور في اروقة
السياسة الغربية ان الولايات المتحدة والمجموعة الاوربية تعكف على
بلورة موقف اكثر تشددا تجاه ايران، فقد اوردت صحيفة نيويورك تايمز ان
الولايات المتحدة وحلفاءها الاوروبيين يعدون اتفاقا جديدا اكثر تشددا
بشأن الملف النووي الايراني، سيشكل اختبارا اوليا لتقييم وطأة العقوبات
الاقتصادية المشددة المفروضة على الجمهورية الاسلامية.
وبموجب هذا العرض، يتعين على ايران ارسال اكثر من 1995 كلغ من
اليورانيوم الضعيف التخصيب، بزيادة الثلثين عن الكمية التي نص عليها
عرض سابق قدمته الوكالة الدولية للطاقة الذرية قبل سنة ورفضته ايران،
وفق ما اوضح مسؤولون كبار للصحيفة.
فقد اوضح مقال نشر على الموقع الالكتروني لنيويورك تايمز وصدر في
عددها المطبوع الخميس ان هذه الزيادة في الكمية توازي زيادة مخزون
اليورانيوم المخصب الايراني عن السنة الماضية وتستجيب لحرص الولايات
المتحدة على منع ايران من امتلاك كمية كافية لصنع قنبلة نووية.
وقال مسؤول اميركي كبير للصحيفة "سيكون هذا اختبارا اوليا لمعرفة ما
اذا كان الايرانيين ما زالوا يعتقدون ان في وسعهم الصمود او انهم باتوا
على استعداد للتفاوض".
واضاف "علينا اقناعهم بان حياتهم ستصبح اسوأ وليس افضل ان لم يبدأوا
بتبديل موقفهم". وقال مسؤول كبير اخر ان الولايات المتحدة وشركاءها
الاوروبيين باتوا "على وشك التوصل الى اتفاق" يعرض على ايران.
واعلنت طهران استعدادها لبحث امكانية اجراء عملية تبادل وقود نووي
خلال المحادثات المقبلة، بعد فشل المشاورات التي جرت العام الماضي مع
مجموعة فيينا التي تضم فرنسا وروسيا والولايات المتحدة والوكالة
الدولية للطاقة الذرية.
ونص اقتراح الوكالة السابق على ان ترسل ايران اكثر من 1200 كلغ من
اليورانيوم الضعيف التخصيب لاستكمال تخصيبه في روسيا ثم تحويله في
فرنسا الى قضبان وقود لمفاعل الابحاث في طهران.
واكدت وزارة الخارجية الاميركية ان مجموعة الست المعنية بالملف
النووي الايراني عرضت على ايران استئناف المحادثات حول ملفها النووي في
16 و17 تشرين الثاني/نوفمبر وذكرت بانها ما زالت تنتظر "ردا رسميا" من
ايران.
الاتحاد الاوروبي
وفي خطوة عدها اغلب المتابعين تلويح اوربي لساسة طهران بالصرامة
والحزم، بعد ان اتسم مواقف الدول الاوربية بالمرونة، مقارنة مع موقف
الولايات المتحدة الامريكية ونزعة اسرائيل العدائية، وافق وزراء
الخارجية الاوروبيون نهائيا على فرض عقوبات مشددة على ايران سبق
وقرروها مبدئيا في تموز/يوليو الماضي وتستهدف خصوصا قطاع الطاقة
والمصارف والشحن.
ويفترض ان تشدد هذه التدابير الضغط على النظام الايراني لكي يعتمد
الشفافية بشأن برنامجه النووي المثير للجدل.
وتحدد النصوص القانونية التي اعتمدت في لوكسمبورغ بالتفصيل
التكنولوجيات المستهدفة والمحتمل ان تستخدم في الصناعات الايرانية في
مجالات النفط والغاز.
وتحظر حزمة العقوبات الاوروبية خصوصا استثمارات ايران في استخراج
اليورانيوم والمجال النووي كما تحدد القيود على وصول قطاع المصارف
والتأمين الايراني الى خدمات التأمين وسوق السندات الاوروبية.
وتحظر اوروبا ايضا تحميل وتفريغ الشحنات على سفن تملكها او تستأجرها
شركة النقل البحري الايرانية او فروعها.
وهذه النقطة كانت موضع نقاشات محتدمة بين الدول الاوروبية لان قبرص
ومالطا واليونان الناشطة جدا في مجال الشحن البحري، عبرت عن تحفظاتها
بسبب وقع ذلك على نشاطاتها بحسب دبلوماسيين. لكن هذه الدول الثلاث
اضطرت في اخر المطاف للاصطفاف مع الموقف العام. بحسب فرانس برس.
وكان مجلس الامن الدولي تبنى في التاسع من حزيران/يونيو الماضي
قرارا جديدا يشدد العقوبات الدولية على ايران.
وهذا القرار السادس الذي يدين ايران منذ 2006، اتبع بعقوبات احادية
الجانب اكثر تشددا قررتها كل من الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي
واستراليا وكندا واليابان وكوريا الجنوبية.
لكن في الوقت نفسه تبقي الدول الكبرى المكلفة مناقشة البرنامج
النووي الايراني (الولايات المتحدة، روسيا، الصين، بريطانيا، فرنسا
والمانيا) على سياسة اليد الممدودة مع طهران.
وعرضت الممثلة العليا للسياسة الخارجية للاتحاد الاوروبي كاثرين
اشتون باعتبارها وسيطا لهذه الدول مؤخرا على ايران استئناف الحوار في
منتصف تشرين الثاني/نوفمبر المقبل في فيينا. وطلبت من طهران ردا "خلال
الايام المقبلة" على مبادرتها، لكنها لم تتلق بعد اي جواب.
تصدير النفط
على صعيد متصل تلوح في الافق بوادر معضلة قد تواجه ايران في حال
اقدمت بعض الاطراف على تنفيذها، حيث قالت مصادر في قطاع النفط ان بعض
الشركات الاوروبية تدرس ما اذا كانت ستواصل شراء الخام الايراني في
2011 وأرجعوا ذلك الى العقوبات التي صعبت المعاملات المالية مع
الجمهورية الاسلامية.
وهذا الامر قد يشكل ضربة قاصمة للتدابير الايرانية في الصمود امام
الضغط الغربي، وأضافت المصادر أن شركة النفط البرتغالية جالب وشركة
أوروبية أخرى تدرسان ذلك. وامتنع متحدث باسم جالب عن التعليق بشأن
موردي الشركة.
كانت جالب وهي مشتر صغير نسبيا للنفط الايراني قد قلصت مشترياتها في
وقت سابق من 2010. وفي حين أنه لم يصدر بعد قرار بمواصلة المشتريات في
2011 استبعد مصدر بالقطاع استئنافها.
وقال "أرى أي استئناف للشراء شديد الصعوبة فيما يرجع في الاساس الى
الضغط السياسي."
والشركات الامريكية ممنوعة منذ فترة طويلة من معالجة النفط الايراني
في حين لا تواجه الشركات الاخرى نفس الحظر.
لكن بعض التجار يقولون انه بعد صدور عقوبات الامم المتحدة في يونيو
حزيران وعقوبات الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة ازدادت صعوبة سداد
ثمن الصادرات الايرانية بعملات مثل اليورو والدولار.
وقال مصدر في شركة نفط أوروبية تأتي ايران ضمن أكبر مورديها حاليا
ان مجلس ادارتها سيقرر ما اذا كان سيستأنف المشتريات في 2011.
وأضاف "لدينا بعض العقود حتى ديسمبر وننتظر حاليا توضيحا من الادارة
بشأن العام القادم."
وتابع يقول ان القرارات بشأن تجديد مثل هذه العقود تتخذ عادة على
مستوى منخفض في الشركة لكن العوامل الفنية والاقتصادية في حالة النفط
الايراني ما هي الا جزء من الصورة.
وقال "الحساسية الشديدة للوضع تشير الى قرار على مستوى رفيع للغاية.
انه ليس سهلا.. انه قرار سياسي."
ولا تزال أوروبا سوقا رئيسية لايران واشترت الشركات كميات كبيرة من
الخام هذا العام. الا أن هناك مؤشرات على أن صادرات الخام الايراني
لاوروبا ربما انخفضت عن مستواها المرتفع في يوليو تموز البالغ 1.2
مليون برميل يوميا.
وقال مصدر في القطاع ان كميات الخام الايراني المصدرة الى أوروبا
تراجعت الى حوالي 550 ألف برميل يوميا حتى الان في اكتوبر تشرين الاول
وهو مستوى اقل منه في سبتمبر وأغسطس اب في حين بدأت الامدادات الى اسيا
ترتفع.
ومن بين شركات النفط الاوروبية الكبرى واصلت رويال داتش شل تجارة
الخام مع ايران وحصلت على تمويل من بنوك صينية حسبما ذكر مصدر تجاري في
سبتمبر ايلول بينما قلصت بي.بي تعرضها للخام الايراني.
شركة بيجو
فيما جاء الرد الايراني حسب المثل القائل الصاع بالصاع، ففي مواجهة
التهديدات الاوربية على الصعيد الاقتصادي، قال النائب الاول للرئيس
الايراني محمد رضا رحيمي في تصريحات نقلتها وكالة الانباء الطالبية
ايسنا ان ايران تستطيع دفع شركة تصنيع السيارات بيجو الى اشهار افلاسها،
من خلال وقف شراء قطع السيارات من الشركة الفرنسية.
واضاف رحيمي "اذا ما قررنا ذلك، يمكننا دفع شركة بيجو الى اشهار
افلاسها. اذا ما اوقفنا غدا استيراد قطع سيارات بيجو، ستنخفض مبيعات
الشركة بواقع 2,5 مليار دولار". وتابع "اذا ما اظهرنا استياءنا، فإن
جزءا من صناعة السيارات الفرنسية سينهار".
وتنتج ايران حاليا سيارات بيجو من طراز 405 و206، بما يمثل نسبة
كبيرة من السيارات التي تسير على الطرقات الايرانية. وتستورد طهران
جزءا من القطع المستخدمة في تجميع هذه السيارات.
ومع اكثر من 1,4 مليون سيارة منتجة العام الماضي، تحتل ايران
المرتبة الاولى بين منتجي السيارات في الشرق الاوسط.
وتقوم الشركتان المحليتان سايبا وايران خودرو بانتاج سيارات
بالتعاون خصوصا مع الشركتين الفرنسيتين بيجو (شريكة ايران خودرو في
انتاج طراز 405 و206) ورينو (لانتاج السيارات من طراز لوغان)، انما
ايضا مع شركة كيا الكورية الجنوبية (شريكة سايبا في انتاج السيارات
الصغيرة من طراز برايد).
وكانت شركة كيا موتورز، ثاني اكبر مصنعي السيارات في كوريا الجنوبية،
اعلنت في ايلول/سبتمبر تعليق صادراتها الى ايران بعد اعلان سيول فرضها
عقوبات على طهران بسبب برنامجها النووي المثير للجدل.
وتؤمن صناعة السيارات وظائف بشكل مباشر او غير مباشر الى 500 الف
شخص في ايران، ما يجعلها ثاني الصناعات في البلاد خلف القطاع النفطي.
الطائرات الايرانية
وردا على ما تعتبره ايران تصعيدا من بعض الجهات الاوربية ذكرت وكالة
أنباء ايرانية أن وزير الخارجية الايراني منو شهر متكي حذر دولا
اوروبية من أن بلاده قد ترد بالمثل على امتناعها عن اعادة تزويد طائرات
ايرانية بالوقود بسبب العقوبات الامريكية.
ونقلت وكالة فارس شبه الرسمية للأنباء عن متكي قوله دون الخوض في
تفاصيل " وجهنا التحذيرات اللازمة وما لم يتم تصحيح الوضع الحالي في
بعض العواصم الاوروبية فأنها ستواجه بإجراء مماثل من جانب ايران."
وأكدت متحدثة باسم مطار هامبورج في يوليو تموز الماضي ان طائرتين
ايرانيتين أقلعتا من مطار ألماني دون اعادة التزود بالوقود وافادت
تقارير اخرى ان مطارات في المانيا وبريطانيا ودولة عربية خليجية رفضت
تزويد الطائرات الايرانية بالوقود.
وقالت شركات نفط كبرى منها رويال دتش شل انها ستلتزم بالعقوبات
الامريكية الجديدة ضد ايران.
فيما أعلنت الولايات المتحدة أسماء خمسة ايرانيين و36 شركة قالت
انها تساعد الخطوط الملاحية للجمهورية الاسلامية الايرانية في محاولة
لتفادي العقوبات.
وقالت وزارة الخزانة الامريكية ان "شركات تعمل كواجهة" مقرها
ألمانيا ومالطا وقبرص تسهل استخدام ايران لشركتها الوطنية للنقل البحري
في تحقيق تقدم في برنامجها غير المشروع الخاص بتطوير أسلحة دمار شامل
ولنقل شحنات عسكرية.
ومن شأن اعلان وزارة الخزانة أن هذه الشركات تساعد ايران أن يؤدي
الى عزلها عن النظام المالي والاقتصادي الامريكي حيث يصبح مواطنو
الولايات المتحدة ممنوعين من التعامل معها. كما يمكن مصادرة أي أصول
لتلك الشركات تقع في نطاق سلطة الولايات المتحدة.
ومن بين الشركات التي ذكرت أسماؤها 15 شركة ملاحية كل منها مسجلة
باسمها سفينة موضوعة بالفعل على قائمة وزارة الخزانة التي تضم أسماء
مواطنين وأشخاص يحظر التعامل معهم علاوة على 11 شركة قابضة تملك شركات
الملاحة.
وقال ستيوارت ليفي وكيل الوزارة لشؤون مكافحة الارهاب والمعلومات
المالية "سنواصل الكشف عن الهياكل والخطط المتقنة التي تستخدمها ايران
لحماية خطها الملاحي من التدقيق الدولي حتى تتمكن من مواصلة تسهيل
تجارة غير مشروعة."
وكانت وزارة الخزانة الامريكية قد أضافت شركة الخطوط الملاحية
للجمهورية الاسلامية الايرانية الى قائمة الحظر عام 2008 لتقديمها
خدمات النقل لهيئة حكومية ايرانية تشرف على برنامج طهران الخاص
بالصواريخ ذاتية الدفع.
وزعمت الوزارة أن الشركة استخدمت منذ ذلك الحين مجموعة من الشركات
كواجهة لتجنب تأثير العقوبات وتفادي التدقيق الدولي في أنشطتها.
الحلفاء الجدد
من جانب آخر تعزز ايران بشكل دؤوب علاقاتها مع الحلفاء الجدد كما
بات يطلق عليهم، في كل من انقرة وفنزويلا، فيما شكل الاندفاع غير
المسبوق لتلك الدول في دعم طهران عرقلة واضحة لجهود الدول المناوئة لها،
وهو ما اعتبره البعض وضع العصى في دواليب العقوبات الدولية والغربية
المفروضة مؤخرا، وعلى الرغم من الضغوطات الامريكية التي تمارس ضد كلا
من اردوغان وشافيز الا ان الاثنان ماضون في توجهاتهم.
فقد ورحب احمدي نجاد بدعم فنزويلا للجمهورية الاسلامية في مواجهة
هذه العقوبات خلال محادثاته مع تشافيز الذي كان يقوم بزيارته التاسعة
لايران في اطار جولة الى اوروبا الشرقية والشرق الاوسط.
وقال الرئيس الايراني في تصريحات نقلها الموقع الرئاسي ان "موقف
فنزويلا الواضح والودي الذين يدين العقوبات المفروضة على الامة
الايرانية من قبل الدول المهيمنة يثبت عمق وقوة علاقاتنا الثنائية".
واضاف المصدر نفسه ان تشافيز قال ان "فنزويلا ستقف الى جانب ايران
في جميع الظروف". وتابع ان "التعاون مع ايران مسألة مقدسة" لكراكاس
معتبرا ان "الامم المستقلة من خلال توحيد وسائلها ستكون اقوى في مواجهة
امبريالية" الدول العظمى.
وذكرت وسائل الاعلام الايرانية ان المحادثات بين الرئيسين التي
استمرت لساعات تناولت توطيد التعاون في مجال التجارة والطاقة.
وتأثر هذان المجالان منذ الصيف بسبب العقوبات الغربية المشددة بسبب
برنامج ايران النووي والتي تطال النشاط المصرفي والقطاع النفطي الذي
تحصل ايران بفضله على اكثر من 80% من مواردها من العملات.
وقال موقع شبكة برس تي في الايرانية الناطقة بالانكليزية ان طهران
وكراكاس تسعيان خصوصا الى تطوير تعاونهما في مجالات النفط والغاز
والبتروكيمياء.
ومن بين المشاريع المطروحة مشروع انشاء شركة بحرية لنقل النفط،
ومشاركة فنزويلا في تطوير حقل جنوب فارس الايراني العملاق.
وايران وفنزويلا هما من جهة اخرى عضوان نافذان في منظمة الدول
المصدرة للنفط (اوبك) التي ستتولى طهران رئاستها في الاول من كانون
الثاني/يناير المقبل للمرة الاولى منذ الثورة الاسلامية في 1979.
وترتبط ايران وفنزويلا العدوتان اللدودتان لواشنطن، بعدد كبير من
اتفاقات التعاون - يناهز عددها الاجمالي 80 حسب سفير فنزويلا في طهران
- خصوصا في مجالات الطاقة والمصارف والصناعة.
ولا يوفر تشافيز، زعيم اليسار الراديكالي في اميركا اللاتينية،
مناسبة للتذكير بالعلاقات التي تجمع بلاده بايران.
وقد تقربت فنزويلا كثيرا من ايران في السنوات الاخيرة فكانت في عداد
البلدان القليلة التي دافعت عن البرنامج النووي الايراني المثير للجدل.
وزار احمدي نجاد فنزويلا في تشرين الثاني/نوفمبر 2009.
وبعد ايران، سيزور الرئيس الفنزويلي سوريا وليبيا. وزار حتى الان
روسيا وبيلاروسيا واوكرانيا.
وقد وقع تشافيز في موسكو مجموعة من الاتفاقات في مجال الطاقة تنص
خصوصا على ان تبني روسيا اول محطة نووية في فنزويلا. واكدت الولايات
المتحدة انها تنوي مراقبة هذا الاتفاق "عن كثب".
فيما قال مسؤول تركي ان البنوك التركية اصبحت مترددة بعض الشئ في
التعامل مع ايران لكن تركيا تركت لها حرية القرار في مسألة الانسحاب في
اعقاب العقوبات الامريكية والاوروبية.
وقال نائب رئيس الوزراء علي باباجان انه لا يعتقد ان العقوبات ستجبر
ايران على تغيير موقفها بشأن برنامجها لتخصيب اليورانيوم الذي تقول
طهران انه يهدف الى توليد الكهرباء لكن واشنطن تشتبه بأنه ستار للسعي
لصنع أسلحة نووية.
وقال باباجان ان تركيا ستمتثل لقرارات مجلس الامن الدولي لكن حكومته
لم تصدر توجيهات ارشادية للقطاع المصرفي بشأن كيفية التعامل مع
العقوبات المالية التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي.
واضاف باباجان قوله للصحفيين "اننا لا نؤمن بالعقوبات. ولا نعتقد ان
ذلك سيجعل الايرانيين في النهاية يتصرفون كما هو متوقع منهم. ولذلك
فلماذا نفعل أشياء لا نؤمن بها.. هذا هو خلاصة القول."
وقال باباجان "كبلد يعيش منذ قرون مع الايرانيين جنبا الى جنب فانه
من الصعب للغاية توقع ان يتصرفوا لا لشئ الا لانهم تحت ضغط. وكلما زاد
الضغط زادت صعوبة أن يتحركوا."
واضاف قوله "اننا نلاحظ بعض التردد. بعضها يجد سبلا لاجراء معاملات
وبعضها ربما توقف ويحاول أن يقرر ماذا يفعل لكن من الواضح انه يوجد بعض
التردد."
ويفرض قانون امريكي صدر هذا الصيف عقوبات على المؤسسات المصرفية
الدولية التي تتعامل مع الحرس الثوري في ايران أو برنامجها النووي أو
ما تسميه واشنطن مساندتها للنشاط الارهابي.
ويحرم القانون في الواقع البنوك الاجنبية من امكانية استخدام النظام
المالي الامريكي اذا تعاملت مع بنوك ايرانية مستهدفة او الحرس الثوري.
وقد قام ستوارت ليفي وكيل وزارة الخزانة الامريكية لشؤون الارهاب
والاستخبارات المالية بزيارة تركيا لمناقشة عقوبات الولايات المتحدة
والامم المتحدة مع القطاع الخاص. ومن المقرر ان يجري مباحثات مع
مسؤولين اتراك يوم الخميس.
ولم يتضح مقدار ما سيلقاه من تجاوب من جانب الحكومة التركية ولا
سيما في مسألة ما اذا كان ينبغي لها تشجيع البنوك التركية على الالتزام
بالعقوبات الامريكية.
وقال باباجان "ليس لدينا اي ارشادات محددة للشركات التركية. ما
نقوله لهم هو أن هذه هي القوانين ادرسوها ... والقرار قرارهم."
وتتمتع تركيا العضو في حلف شمال الاطلسي والتي تتطلع الى الانضمام
الى الاتحاد الاوروبي بعلاقات اقتصادية ومالية متنامية مع ايران وهي
أحد مورديها الرئيسيين بالطاقة.
وابلغ رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان مجموعة من رجال الاعمال
التقى بهم مع النائب الاول للرئيس الايراني محمد رضا رحيمي الشهر
الماضي ان حجم التبادل التجاري بين البلدين وصل 10 مليارات دولار في
عام 2008 وقد يزداد الى ثلاثة امثال في خلال خمس سنوات.
ويقول دبلوماسيون ان الجانب الاكبر من هذه التجارة يمر عبر القنوات
الشرعية ولكن اذا اصبحت تركيا ملاذا امنا فعليا للانشطة المصرفية
الايرانية فانه سيكون الايسر على طهران تفادي العقوبات.
وقال باباجان ان تركيا لا تزال تأمل مضاعفة تجارتها مع طهران الى
ثلاثة امثال خلال خمسة اعوام لكنه أقر بان "العقوبات ستزيد من صعوبة
مهمتنا." |