شبكة النبأ: يشهد التلفزيون تطورا
سريعا وكبيرا على صعيد البرامج التي يقدمها وطبيعة التمثيل والمعدات
المتقدمة التي تستخدم في التصوير، بالإضافة إلى المزايا التي تؤثر
بالكثير ممن هم مدمنين عليه ويعتبرونه أساسا في حياتهم، لاسيما وان
الكثيرين وبحسب ما بينته الدراسات يتعلمون منه الكثير من الأمور التي
يمارسونها في حياتهم اليومية كأساليب التواصل أو التفكير وحتى اتخاذ
القرارات المهمة.
وأوضح الأطباء النفسيون إن الاعتماد على الدراما التلفزيونية
الوهمية لتأدية اعمال حياتية واقعية هو شيء خطير ويؤدي ذلك الى ظهور
سلبيات كبيرة في المجتمع التي تؤدي بالتالي الى ظهور خلل في نمط الحياة.
أطباء التلفزيون
فقد حذر تقرير علمي من انعكاسات البرامج التلفزيونية التي تتناول
معلومات طبية وعلمية، خاصة وأنها تكون غير دقيقة في الكثير من الأحيان،
ما ينعكس في الواقع على المصابين بأمراض حقيقة وعلى طلاب الطب الذين
يتابعونها بشغف.
وقال التقرير إنه جرى تسجيل 179 حالة طبية عرضت على برنامج شهيرة،
مثل "هاوس" و"غري أناتومي،" اتضح فيها أن الأطباء خالفوا القواعد
المتعارف عليها في 57 في المائة منها، كما قاموا في 22 مرة بتصرفات
مقصودة هددوا فيها سلامة مرضاهم، وبينها على سبيل المثال إلحاق ضرر
كبير بقلب أحد الأشخاص بهدف تحسين فرصته في الحصول على عملية قلب مزروع.
كما اتضح أن خمسة في المائة فقط من الحوارات التي تجري في البرامج
بين الأطباء والمرضى تتوافق مع ما يجري في الحياة الواقعية، في حين أن
النسبة الباقية ليست مختلقة فحسب، بل إن بعضها يتضمن مخالفات جنسية
لأصول المهنة.
وتنبع خطورة هذه البرامج على الصحة العامة من واقع أن مسحاً جرى عام
2008، أظهر أن 65 في المائة من طلاب التمريض و76 في المائة من طلاب
الطب يتابعون برنامج "هاوس،" في حين يتابع 80 في المائة من الفئة
الأولى و73 في المائة من الفئة الثانية برنامج "غريس هاسبيتل،" إلى
جانب برامج أخرى مثل "غراي أناتومي." بحسب وكالة أنباء السي ان ان.
وبحسب التقرير، فإن المحاكم الأمريكية على سبيل المثال تشهد ما بات
يعرف بـ"تأثيرات CSI" نسبة إلى البرنامج الشعبي الذي يحمل الاسم عينه،
ويدور حول كيفية توفير أدلة جنائية علمية، إذ ثبت أن الشغف بالبرنامج
واعتقاد أنه انعكاس للحياة الواقعية دفع المحلفين إلى الطلب من
المحامين تقديم المزيد من الأدلة الجنائية بقضاياهم.
ولفت التقرير الذي نشر في العدد الأخير من مجلة "أخلاق مهنة الطب،"
إلى أن البرامج قد تلعب أحياناً دوراً إيجابياً، كما جرى في حلقة من
برنامج "غرفة الطوارئ" ER التي شخص فيها الأطباء إصابة شابة بارتفاع
ضغط الدم، ونصحوها بتناول الخضار والفاكهة. فقد أدى ذلك، بحسب مجلة "تايم"
إلى زيادة التوعية بالمرض والإقبال على المأكولات المفيدة وتجنب زيادة
الوزن.
المشاكل النفسية
كما ذكرت دراسة أجرتها جامعة بريستول البريطانية أن الأطفال الذين
يمضون أكثر من ساعتين يوميا أمام جهاز الكمبيوتر أو التليفزيون أكثر
عرضة من الآخرين للمشاكل النفسية وفقا لتقرير نشرته صحيفة الجارديان
البريطانية.
وتوصل الباحثون القائمون بالدراسة إلى أن الأطفال في سن الحادية
عشرة الذين يمضون عدة ساعات أمام الشاشة يوميا يحققون نتائج سيئة في
الاختبارات المخصصة لقياس الصحة النفسية بغض النظر عن حجم التمارين
الرياضية التي يقومون بها. وقالت أنجي بادج التي قادت فريق البحث في
الدراسة إن الآباء كإجراء إحتياطي يجب أن يضعوا في اعتبارهم الحد من
الفترة التي يقضيها أطفالهم أمام الشاشة بحيث لا تزيد عن ساعتين يوميا.
وتوصلت الدراسة التي ضمت 1013 طفلا في منطقة بريستول إلى عدم وجود
دليل على أن الجلوس أمام الشاشة يسبب حقيقة مشاكل تتعلق بالصحة العقلية.
إلا أن النتائج قد تكون ناجمة من أطفال يعانون مصاعب نفسية مثل الخجل
الشديد حيث من الأرجح أنهم يختارون التليفزيون أو ألعاب الكمبيوتر على
الأنشطة الاجتماعية الأخرى. بحسب وكالة الأنباء الألمانية.
وقالت الدكتورة بادج لصحيفة الجارديان إنه ليس هناك دليل بشكل أو
أخر ولكنها أضافت بأن بعض الأطفال الأصحاء قد يواجهون خطر تزايد
المشاكل النفسية في حالة زيادة فترة مشاهدتهم للتليفزيون أو الجلوس
أمام الكمبيوتر. ويشرح فريق البحث الذي نشرت دراسته في مجلة طب الأطفال
بأنه في حين أن الأطفال الذين لا يمارسون قدرا كبيرا من التمارين قاموا
بأداء جيد في التقييم النفسي فإن الذين يمضون وقتا أطول أمام
التليفزيون والكمبيوتر حققوا درجات تقييم سيئة.
ووفقا للدراسة فإن الأطفال الذين يمضون أكثر من ساعتين يوميا أمام
الشاشة معرضون بنسبة 60% أكثر للمشاكل النفسية عن الأطفال الذين يمضون
فترات أقل من ذلك. وتزيد الخطورة بنسبة طفيفة على الأطفال الذين لا
يمارسون التمارين الرياضية. وكانت دراسات سابقة أثارت مخاوف من أن
مشاهدة التليفزيون لفترات كبيرة يمكن أن تؤثر على سلوك الأطفال في
مراحل لاحقة من حياتهم.
الركود
فيما أظهرت الإحصاءات ان معدل مشاهدة البريطانيين للتلفزيون زاد نحو
ساعتين ونصف الساعة أسبوعيا هذا العام اذ اجبر نقص السيولة النقدية
الناس على البقاء في المنزل لفترة أطول وأيضا لان هناك الكثير من
الأشياء لمشاهدتها.
وأظهرت إحصاءات رسمية للجنة القياس المعدل لمجلس بحوث جمهور البث
الإذاعي والتلفزيوني ان البريطانيين شاهدوا التلفزيون لمدة 30 ساعة و4
دقائق أسبوعيا خلال الشهور الثلاثة الأولى من العام او ما يزيد عن أربع
ساعات يوميا.
وعزيت الزيادة الى اتساع مدى الاختيار في ظل استطاعة 94 في المائة
من أصحاب المنازل الآن الدخول على التلفزيون الرقمي والزيادة في خدمات
طلبات المشاهدين التي تسمح للناس بمشاهدة البرامج التي فاتتهم والركود
الاقتصادي. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.
وقالت تيس البس الرئيسة التنفيذية للهيئة التسويقية للتلفزيون
التجاري في بريطانيا (ثينكبوكس) "من يشكك في الأهمية المستمرة وشعبية
البث التلفزيوني في المملكة المتحدة يجب ان يقتنع بعد هذه النتائج
الجديدة." وأضافت "على أي حال من غير المحتمل ان تستمر هذه الأرقام
القياسية. اقتربنا من الذروة اذا لم نكن قد بلغناها بالفعل. عندما
ينتهي العمل بالإشارات التناظرية في 2012 من المرجح ان تستقر الأرقام
ولكن نأمل ان تظل عند هذه المستويات المرتفعة."
أكثر من شريكات حياتهم
بينما كشفت دراسة جديدة نشرتها صحيفة 'ديلي إكسبريس' أن البريطانيين
يفضلون التلفزيون على شريكات حياتهم. ووجدت الدراسة أن واحداً من بين
كل عشرة بريطانيين مدمنين على مشاهدة التلفزيون فضلوا الانفصال عن
شريكات حياتهم بدلاً من الابتعاد عن الشاشة الفضية، فيما أقر ثلث
البريطانيين بأنهم يحتفظون بالتلفزيون من أجل الرفقة حتى لو أنهم لا
يشـاهدون برامجه.
وقالت الدراسة إن 11' من البريطانيين يشعرون بأمان أكبر بوجود
التلفزيون في وضع التشغيل، لاعتقادهم بأنه يبعد اللصوص ويثنيهم عن
الإقدام على سطو منازلهم. وأضافت أن أكثر من نصف البريطانيين اعترفوا
بأن التلفزيون يشكّل جزءاً مهماً في حياتهم لا يستطيعون العيش من دونه.
بحسب وكالة يونايتد برس.
وحذّرت الدراسة من أن التلفزيون يسبب الآن الكثير من المشاكل
للعائلات البريطانية كونه أصبح جزءاً أساسياً منها يحظى على تصديق
البعض وخاصة الرجال، وكراهية شديدة من بعضها الآخر وخاصة النساء كونه
يجذب انتباه رجالهن لفترات طويلة.
القطعة المفضلة
في حين أظهر استطلاع للرأي أجري مؤخرا في ألمانيا تفوق جهاز
التليفزيون على الكنبة الوثيرة أو أرفف الكتب على قائمة الأولويات
المفضلة في حجرة معيشة المواطن الألماني. وأشارت نتائج الاستطلاع إلي
إن الرجال هم الذين يستحوذون عادة على حق السيطرة على أزرار التحكم عن
بعد (الريموت كنترول) داخل البيت.
وأوضحت نتائج الاستطلاع الذي أجراه معهد (تي إن إس إمنيد) لقياس
استطلاعات الرأي لصالح شركة التسويق (أي بي) في ألمانيا على مختلف
شرائح المجتمع أن الألمان يقضون يوميا 226 دقيقة أمام الشاشة الصغيرة
داخل حجرة المعيشة. بحسب وكالة الأنباء الألمانية.
وأشارت نتائج الاستطلاع إلى أن الألمان يفضلون غالبا شاشات
التليفزيون المسطحة الحديثة علي الشاشات القديمة، وأوضحت أن حوالي 46 %
من البيوت الألمانية صار لديها الآن شاشات مسطحة. وذكر التقرير أن
مشاهدة التلفاز تمثل حدثا جماعيا، حيث بلغ متوسط عدد المقاعد المحيطة
بالتلفاز 2ر5 مقعدا في حجرة المعيشة الألمانية.
تقليل مشاهدة التلفزيون
وقال الباحثون إنه من كان يودّ أن يحيا أطفاله نشطين ولا يعانون من
السمنة، أو التقصير في تحصيلهم العلمي، فيتعين عليه أن يقلل من أوقات
مشاهدتهم للتلفزيون خلال السنوات الأولى من عمرهم. ووجدت الدراسة أن
الأطفال الذين يشاهدون التلفزيون لأکثر من ساعتين يوميا، يكونون أکثر
ميلا للكسل ولقلة الحرکة عندما يبلغون العاشرة، إذ يكونون عرضة للإصابة
بالبدانة.
كما أشارت الدراسة، التي نُشرت نتائجها في مجلة "أرکايفز أوف
بيدياتريك آند أدولسينت ميديسن" الأمريکية المتخصصة بطب الأطفال
والمراهقة، أن 11 بالمائة من الأطفال من فئة الثانية من العمر و23
بالمائة من فئة الرابعة من العمر شاهدوا التلفزيون أكثر من المعدل
الأقصى الذي يُنصح بعدم تجاوزه، أي لمدة ساعتين في اليوم.
مرحلة هامة
وقالت الدكتورة ليندا بجاني، الباحثة في جامعة مونتريال الكندية
والمشرفة على الدراسة: "الطفولة المبكرة مرحلة هامة للغاية لتطور
الدماغ ولتكوُّن السلوك." الفطرة السليمة تشير إلى أن التعرُّض
للتلفزيون هو بديل للوقت الذي يمكن قضاؤه بالانخراط بأنشطة وواجبات
تغني عملية التطور وتعزِّز محرِّك التطور السلوكي والذهني.
وأضافت بقولها: "المعدلات العالية من استهلاك (أي مشاهدة) التلفزيون
خلال هذه الفترة تؤدي إلى اكتساب عادات غير صحية في المستقبل." وأردفت
قائلة: "الفطرة السليمة تشير إلى أن التعرُّض للتلفزيون هو بديل للوقت
الذي يمكن قضاؤه بالانخراط بأنشطة وواجبات تغني عملية التطور وتعزِّز
محرِّك التطور السلوكي والذهني."
نمو الدماغ
وختمت بالقول إن الطفولة المبكِّرة هي فترة نمو الدماغ ونشأة السلوك
لدى الأطفال، وبالتالي لا بد من استغلالها بالشكل الأمثل. وقامت
الدكتورة باجاني وفريقها من الباحثين من مرکز أبحاث مستشفى جامعة سان
جوستين الکندية وجامعة ميشجان الأمريکية بمراقبة تطور الأطفال
المشاركين في الاختبارات التي أُجريت بمقاطعة کويبك الکندية.
وبعد أعوام طويلة طلب الباحثون من الآباء والأمهات کتابة تقارير
مطولة عن سلوك أولادهم الذين وصلوا في تلك الأثناء الى عمر العاشرة وعن
إنجازاتهم المدرسية. |