مهرجان الجواهري... ملاحظات لابد من قولها

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: على مدى سنوات متتابعة، لازلنا نتابع دورات مهرجان الجواهري التي انطلقت بعد نيسان 2003 حيث يتجمع شعراء عراقيون وعرب واصدقاء سنويا ليجعلوا من هذا المهرجان مناسبة ادبية تحفل بالقصائد والدراسات النقدية الحديثة، في محاولة لتقديم المشهد الشعري العراقي المعاصر بصورة أفضل، وهو جهد تعهد به في الغالب اتحاد الادباء والكتاب العراقيين و (أحيانا وزارة الثقافة)، ولكن ثمة دائما معوقات تظهر هنا او هناك سواء في التنظيم أو في الجوهر الادبي للفعاليات الادبية التي تتخلل المهرجان.

ومع أننا نطالب باستمرارية إقامة هذا المهرجان كونه يسهم في إلقاء الضوء على الشعر العراقي المعاصر وما وصل إليه في خضم التجاذبات والمتغيرات المتسارعة، سواء في المجال الادبي او السياسي او غيرهما، لكننا لابد أن نتخذ من هذه المناسبة منطلقا لتأشير النقاط التي لانجد بدّاً من قولها والتي تتعلق ببعض الملاحظات التي نرى أنها مهمة ومنها على سبيل المثال الاخطاء اللغوية التي يقع فيها بعض الشعراء أثناء إلقائهم لقصائدهم أمام الجمهور.

هذا الموضوع يقودنا الى القول بأن الاخطاء اللغوية في الكتابة واللفظ تبدو ظاهرة لايجوز تمريرها بصمت، او تجنب الخوض فيها، واذا كنا قد عايشنا مثل هذه الظاهرة بوضوح سافر في الوسط الطلابي حتى في مراحله المتقدمة (الجامعات وبعض كادرها التدريسي أيضا) فإن ولوج هذه الظاهرة في الوسط الادبي لاينبغي التعامل معه على أنه حالة يسيرة يمكن تجاوزها او حلها من دون الاشارة لها او التنبيه عليها.

قبل أربعة أعوام أتذكر أنني حضرت إحدى الندوات الثقافية التي أقامتها إحدى الجامعات العراقية المعروفة، وبدأت الندوة بكلمة لمعاون رئيس الجامعة حيث قرأها على مسامع جمع كبير من الحضور، وكان جلهم من طلبة الجامعة نفسها، (اي طلاب الرجل التدريسي معاون رئيس الجامعة) وقد حملت هذه الكلمة أخطاء لغوية عجيبة غريبة، فهل يُعقل أن مثل هذا التدريسي لا يعرف أن حرف الكاف يكسر ما بعده، فقد نطق هذا الاستاذ جملته آنذاك على النحو التالي (كقائدا متميزا وكبيرا) وحين أكمل كلمته ذهبت إليه وأخبرته بالاخطاء التي وقع بها ورجوته أن يضع علامات الاعراب فوق وتحت نهاية الكلمات التي ينطقها مراعاة لهيبته أمام طلابه أولا وحفاظا على هيبة اللغة التي نزل بها القرآن الكريم، واذا كان الكادر التدريس المتقدم يقع في مثل هذا الاخطاء فماذا يفعل الطلبة إذن؟

إن الشعوب كما هو متعارف تحترم لغاتها وتحافظ عليها، وأول من يتصدى لهذه المهمة هم المعنيون من التدريسيين والادباء، فهل يجوز أن يقع المعلم والاديب بهذا الخطأ؟

لقد ظهرت بعض الاخطاء في بعض القصائد والدراسات والكلمات التي شاركت في مهرجان الجواهري بدورته الاخيرة التي حملت اسم الاديب الراحل جبرا ابراهيم جبرا، وليس عيبا أن يحدث ذلك، لكن العيب أن يستمر الوقوع بمثل هذه الاخطاء، وهذا يعني غياب المتابعة والتصحيح وهي مهمة النقاد والادباء عموما، واذا كان ثمة عذر للشباب الجدد ممن دخلوا حلبة الادب، فهل يمكن أن نجد عذرا لمن سبقوهم إليها؟

لقد نجح مهرجان الجواهري وعلى حد قول أحد الشعراء (لايمكن أن يُقام مهرجان الجواهري بصورة أفضل مما ظهر عليه في الدورة الاخيرة، ضمن الامكانيات الراهنة) ولهذا لابد أن يستمر هذا المهرجان، ولكن لابد أيضا من متابعة الاخطاء وتصويبها من لدن المعنيين، لأن الجميع ينظر الى لغة الادباء ويسمعها ويتعامل معها على أنها الصراط اللغوي الصحيح الذي ينبغي أن يمشي عليه الجميع، فهل حدث هذا فعلا؟ أم لابد أن يكون الشعر والادباء عموما أكثر حرصا في هذا المجال.

نعتقد أن لغتنا الجميلة تتطلب منا حرصا أكبر، لاسيما الشباب الذين قد تفوتهم أهمية اللغة في أوائل مشوارهم الشعري والادبي عموما.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 26/تشرين الأول/2010 - 18/ذو القعدة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م