مسلمو المانيا وتصاعد نزعة التطرف اليمين المسيحي

احمد عقيل الجشعمي

 

شبكة النبأ: تتصاعد حدة الموقف في ألمانيا بشأن تزايد عدد المسلمين فيها من المهاجرين أو الألمان الأصل، لاسيما وإنها تتبع تفاقم هذه الأزمة العالمية من قبل الدول التي سبقتها بذلك حيث يثير المسلمين مخاوفا وهمية كبيرة لدى المجتمع الأوربي وضعها من نهج تفكيره لا صحة لها وهذا بحسب المحليين السياسيين الذين أشاروا أيضا ان السبب وراء ذلك هو إن أكثر الهجمات الإسلامية كانت تنسب الى جهات إسلامية وهذا هو ما زاد الأمور سوء.

في حين وضح المتابعين ان هناك قلة معرفة من قبل الحكومات والمجتمعات الأوربية بتعاليم الإسلام وما يحمله من مبادئ شريفة ومسالمة، في الوقت الذي اعترفت فيه ألمانيا ان الإسلام يشكل جزءا كبيرا من الديانات الموجودة فيها، بينما الحال فيه مجال للأمل فقد قامت بعض الجامعات بتخصيص دراسات خاصة للمسلمين في خطوة لتقريب المسافات الكبيرة بين الثقافة الألمانية والإسلامية بالإضافة الى توجيه المسلمين الى إتباع قوانين البلد بعيدا عن الشريعة.

إطاعة الدستور لا الشريعة

فقد قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل انه يتعين على المسلمين أن يطيعوا الدستور لا الشريعة اذا أرادوا أن يعيشوا في ألمانيا التي تشهد نقاشا حول دمج أربعة ملايين مسلم يعيشون هناك.

وحث زعماء معتدلون من بينهم الرئيس الألماني كريستيان وولف الألمان على قبول حقيقة أن "الإسلام يخص أيضا ألمانيا" في سياق الضجة التي أثارتها تصريحات صريحة لمصرفي في البنك المركزي الألماني عن فشل المسلمين في الاندماج.

ويأتي الجدل على خلفية المخاوف الأمريكية والبريطانية بسبب المخاوف من هجمات يشنها متشددون إسلاميون يعيشون في ألمانيا بينما تقلل برلين من شأن هذه المخاوف. وتواجه ميركل مناقشات مماثلة في داخل حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي الذي تتزعمه بشأن ما اذا كانت محافظة بشكل كاف والتصريحات الأخيرة للزعيمة المنتمية الى يمين الوسط موجهة على ما يبدو لهؤلاء الذين يعتقدون أن وولف ذهب أبعد مما يجب في استرضاء المسلمين.

وخصص وولف الذي يعتبر منصب رئيس ألمانيا الذي يشغله شرفيا بالأساس جزءا من كلمة له بمناسبة مرور 20 عاما على إعادة توحيد ألمانيا بطريقة ديمقراطية ليحث على إدماج متناغم للمهاجرين الذين كانوا يعتبرون حتى عقد مضى "عمالا ضيوفا" سيعودون في النهاية الى بلادهم.

ولكن حيثما ركزت وسائل الإعلام على تصريحات وولف عن الإسلام قالت ميركل وهي ابنة قس بروتستانتي نشأت في ألمانيا الشرقية وتقود حزبا غالبية أعضائه من الكاثوليك ان وولف أكد "الجذور المسيحية واليهودية" لألمانيا. وقالت ميركل "من الواضح الآن أن لدينا أيضا مسلمين في ألمانيا. ولكن من المهم فيما يتعلق بالإسلام أن تتطابق القيم التي يمثلها الإسلام مع دستورنا. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وقالت ميركل ان ألمانيا تحتاج الى أئمة "متعلمين في ألمانيا ولديهم جذور اجتماعية هنا." غير أنها أكدت أن ثقافة ألمانيا "تقوم على قيم مسيحية ويهودية وظلت هكذا لمئات ان لم يكن لآلاف السنين."

وتشير استطلاعات الرأي الى ان كثيرا من الألمان يتعاطفون مع آراء تيلو سارازين عضو مجلس إدارة البنك المركزي الألماني (البوندسبنك) في كلماته وكتاب أصدره والذي اتهم المسلمين بامتصاص برامج المساعدات الاجتماعية ورفض الاندماج وتحقيق مستويات متدنية من التعليم.

وأساء سارازين الذي أجبر على الاستقالة من منصبه لليهود بحديثه عن تمتعهم بخصائص وراثية تميزهم. وحاولت ميركل التوفيق بين طرفي الجدل قائلة انه لا يجب أن تخشى الشرطة الدخول الى أحياء المهاجرين ولكن يجب على الألمان أيضا قبول أن المساجد أصبحت جزءا من المنظر العام للبلاد.

الإسلام جزء

بينما أظهرت استطلاعات للرأي أجرتها مؤسسة فريدريش ايبرت المقربة من الحزب الديمقراطي الاشتراكي أن 58 بالمائة ممن استطلعت آراؤهم يرون أنه يجب الحد بدرجة كبيرة من حقوق المسلمين في ممارسة شعائرهم الدينية في ألمانيا. وارتفعت المجموعة التي تتفق مع عبارة "أنا لا أحب العرب" من 44 في المئة في استطلاع عام 2003 الى 55 بالمائة هذا العام.

وذكرت الدراسة أن الآراء التي كانت ذات يوم مقصورة على النازيين الجدد بدأت الان تنتشر في أنحاء المجتمع الألماني على نطاق أوسع. وأضافت "يمكن رصد مستوى عال من الآراء اليمينية المتطرفة بين مجموعات مختلفة من السكان." واشتعل الجدل الحالي في أغسطس آب حين نشر تيلو ساراتسين عضو مجلس إدارة البنك المركزي كتابا يصور فيه المسلمين كبروليتاريا لا تتمتع بالكفاءة سيتكاثر أفرادها ليفوقوا السكان الأصليين في ألمانيا عددا. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

واستقال تحت ضغط من البنك لكن استطلاعات للرأي أظهرت ان الكثير من الألمان يدعمونه. والغلاف الأحمر الزاهي لكتابه "ألمانيا تلغي نفسها" هو إشارة تحذير على أرفف الكتب الأكثر مبيعا في المكتبات بشتى أنحاء ألمانيا.

واعترف الرئيس الالماني بحقيقة سكانية في خطابه حين قال ان الإسلام الآن جزء من ألمانيا بسبب هذا العدد من المسلمين الذين يعيشون هنا لكن العديد من الساسة سارعوا منذ ذلك الحين الى نفي هذا. ودعا هورست زيهوفر زعيم حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي في بافاريا التي يغلب عليها الكاثوليك الى إنهاء الهجرة من "ثقافات أجنبية" وأكد أن المجتمع الألماني قائم على "قيم يهودية- مسيحية" لا تتوافر في الإسلام.

وفي إشارة الى تقارير أفادت بأن بعض الشبان المهاجرين يتحرشون بتلاميذ ألمان في المدارس حذرت كريستينا شرودر وزيرة شؤون الاسرة من تزايد "رهاب المانيا" وهو تعبير جديد يهدف الى وصف نوع من العنصرية العكسية من قبل المسلمين ضد الألمان. وردت المستشارة انجيلا ميركل بتصعيد خطابها معلنة أن الشريعة لا يمكن أن تحل محل القانون الألماني -وهي قضية لا يناقشها احد تقريبا- وأن محاولة المانيا لتكوين مجتمع متعدد الثقافات "فشلت تماما."

وفي الحقيقة لم تحاول المانيا قط أن تصبح مجتمعا متنوع الثقافات ونفت لفترة طويلة أنها دولة هجرة بينما تزايد الوافدون الجدد والسكان ومن يطلق عليهم أصحاب "الخلفية المهاجرة" ليشكلوا خمس السكان.

ولا يمكن إنكار وجود بعض المشاكل في مجتمعات المهاجرين الفقيرة مثل التأخر في سداد الديون والمخدرات والفشل الأكاديمي فضلا عن مشاكل لغوية ويحتاج بعضها الى أن تضع الدولة سياسات أكثر صرامة لتصحيحه. وتعاني جماعة أخرى للمهاجرين من نفس هذه المشكلات وهم الألمان العرقيون الذين هاجروا من روسيا لكن موجة الغضب تغاضت عن هذه المجموعة من غير المسلمين.

وتتمسك أقلية من المسلمين بإجبار الفتيات على زيجات وارتداء النقاب والتي لا تتلاءم مع المجتمع الغربي. وربما تزعج ممارسات دينية مثل أداء الصلوات الخمس يوميا أو تناول اللحم الحلال بعض الألمان لكنها لا تخالف أي قوانين. وكتبت ريم شبيلهاوس الخبيرة المتخصصة في الإسلام في صحيفة برلينج تاجيستسايتونج "أصبح المسلمون يرمزون الى كل المهاجرين لكن ليس كل المسلمين مهاجرين بل ليس نصف المهاجرين الى ألمانيا مسلمين."

جدل شعبي

فيما يزداد الجدل الشعبي المحموم في ألمانيا عن الإسلام سخونة بعد ان أخذ الساسة يتنافسون على الإدلاء بتصريحات اكثر صرامة من اي وقت مضى تنتقد المهاجرين المسلمين وتتهمهم برفض الاندماج في المجتمع.

وتفجر الخلاف المتصاعد حين نعت عضو بمجلس ادارة البنك المركزي الالماني المسلمين بأنهم أغبياء يستنزفون الإعانات الاجتماعية وخلط بين بعض المشاكل الاجتماعية وبعض العادات التي يتبعها المسلمون ليكون رؤيته الخاصة عن الإسلام بوصفه تهديدا يلوح في أفق المجتمع الألماني.

وحين حاول الرئيس الألماني كريستيان وولف مد الجسور بقوله ان الإسلام الآن جزء من المجتمع الألماني رد منتقدون بأن البلاد قائمة على "القيم اليهودية-المسيحية" وأنها يجب الا تقبل المزيد من المهاجرين من ثقافات أجنبية.

ووسط موجة الغضب وضع الكثير من الساسة ووسائل الإعلام نحو أربعة ملايين مسلم مقيم في ألمانيا من أتراك وعرب وأفغان ومعتنقي الإسلام وغيرهم وعدد كبير منهم يحمل الجنسية الألمانية في سلة واحدة والصقوا بهم مشاكل لا يعانيها كثيرون منهم. ويضج الجدل بتعبيرات صارخة مثل "إرهاب ألمانيا" و"رافضو الاندماج" مما ينم عن تنامي الإحباط من الصعوبات التي واجهتها ألمانيا مع من سمحت لهم بالتواجد في البلاد لكنها لم ترحب بهم في المجتمع. وكتب اندرياس بتسولد رئيس تحرير مجلة شتيرن الأسبوعية "الخطاب عن المسلمين في ألمانيا بدأ يأخذ أشكالا هستيرية تدريجيا.

"من المحبط جدا أن نرى هذه السلسلة من المناقشات التي في النهاية تركز كلها على الإسلام."

ويأتي معظم الانتقاد من الحزب الديمقراطي المسيحي الحاكم والحزب الديمقراطي الحر اللذين تراجعت شعبيتهما بشدة هذا العام بسبب مشاكل اقتصادية ويتهمهما خصومهما باستخدام الإسلام ككبش فداء.

وتزايدت المخاوف من المسلمين بعد أن أغلقت الشرطة مسجدا في هامبورج يتردد عليه متشددون له صلة بهجمات 11 سبتمبر ايلول 2001 على الولايات المتحدة وقد أصدرت عدة دول تحذيرات استندت جزئيا على خلايا إرهابية مشتبه بها في ألمانيا.

وقال مسؤولون في حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي المحافظ أنهم بحاجة الى معالجة هذه القضايا مسبقا حتى لا يظهر زعيم متطرف مثل خيرت فيلدرز في هولندا. وأعطت دراسة جديدة بعدا إحصائيا للجدل المحتدم حين بينت ما سمته "تزايدا في الآراء المناهضة للديمقراطية والآراء العنصرية... وزيادة طفيفة في الأفكار الدارونية الاجتماعية المتعلقة بعدم المساواة."

تدريب الأئمة

من جانبها أعلنت ألمانيا إنها ستمول دراسات إسلامية في ثلاث جامعات حكومية لتدريب الأئمة ومدرسي الدين على ان يكونوا أكثر تناغما مع المجتمع الغربي من الأئمة الأجانب الذين يقدمون الخطب الدينية في معظم المساجد هنا.

وتشتهر جامعتا توبنجن ومونستر بكليات اللاهوت المسيحي بهما وتسميان البابا بنديكت الألماني المولد من بين أساتذتهما السابقين. أما الجامعة الثالثة وهي اوسنابروك فقد فتحت دورة دراسية للائمة التحق بها 30 طالبا. وتسعى عدة دول أوروبية منذ هجمات 11 سبتمبر ايلول في الولايات المتحدة الى إيجاد سبل لتعليم الأئمة في جامعاتها بدلا من الاستعانة بهم من دول إسلامية لا تسير على نفس خطى المجتمعات الحديثة والمتعددة الثقافات.

وتحتاج ألمانيا التي تضم مدارسها الحكومية فصولا دينية منفصلة للتلاميذ الكاثوليك والبروتستانت واليهود الى مدرسين مسلمين مؤهلين جيدا لتعليم الدين الإسلامي للمسلمين. وتوفر بعض الولايات بالفعل فصولا للدين الإسلامي في مدارسها وتعتزم المزيد من الولايات القيام بذلك.

وقالت وزيرة التعليم انيتا شافان "نريد ان يكون اكبر قدر ممكن من الأئمة المتعلمين في ألمانيا." وأضافت "الأئمة بناة جسور بين طوائفهم الدينية والمجتمعات التي توجد بها مساجدهم."

وكان ثيلو ساراتسين عضو مجلس إدارة البنك المركزي الألماني اجبر على الاستقلالية بعد نشر كتاب - سيصبح أكثر الكتب مبيعا- يتهم المسلمين باستغلال المساعدات الاجتماعية الحكومية وعدم بذل الكثير من الجهود للاندماج مع المجتمع الألماني. وكان من الصعب المضي قدما في الخطط الرامية لتعليم أئمة في الجامعات. فقد أقامت فرنسا برنامجها مع الجامعة الكاثوليكية بباريس بعد ان رفضت جامعة السوربون ذلك نظرا لاعتقاد أساتذتها بان هذا الأمر سيمثل انتهاكا لمبدأ فصل الكنيسة عن الدولة.

واختارت هولندا أيضا اللجوء الى مؤسسة تعليمية لها صلات بالكنيسة وهي الجامعة الحرة في أمستردام التي أسسها البروتستانت. ويعارض بعض المسلمين تدريب الأئمة في مدارس مسيحية. وفي الكثير من الحالات الأخرى فان تعليم الدين الإسلامي يدار بواسطة جماعات مسلمة ليس للسلطات الأكاديمية المحلية سوى سيطرة قليلة أو معدومة عليها. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

ومعظم الأئمة في المساجد التركية في أوروبا على سبيل المثال هم رجال دين أتراك أرسلتهم أنقرة بموجب تعاقدات لمدة أربعة أعوام. وقالت وزيرة التعليم الألمانية شافان للصحفيين في برلين ان ألمانيا ستحتاج الى 2000 من الأئمة والمدرسين اذا عرضت كل الولايات دورات لتعليم الدين الإسلامي.

وتقوم برلين وولاية لور ساكسوني بتدريس الإسلام للتلاميذ المسلمين في مدارسهما كما تعرض عدة مدن في ولايات أخرى فتح فصول بها. وتعتزم جامعتا توبنجن ومونستر افتتاح مراكزهما الدراسية في خريف 2011. والجامعتان بهما بالفعل فصول دراسية عن الإسلام ولكن كمواد أكاديمية وليست كدورات تدريبية.

جدلا جديدا بشأن الهجرة

في حين قوبل حليف محافظ من حلفاء المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بالاستنكار الواسع لإدلائه بتصريحات تنتقد المهاجرين المسلمين وتقول انه لا يوجد في ألمانيا مكان لأشخاص قادمين من "ثقافات غريبة".

وفاقمت تصريحات هورست سيهوفر رئيس الاتحاد الاجتماعي المسيحي ورئيس وزراء ولاية بافاريا من حدة الجدل داخل معسكر ميركل بشأن منهج التعامل مع الهجرة ومع الإسلام وهو الجدل الذي يؤثر على زعامتها. وقال سيهوفر لجريدة فوكوس الإخبارية الأسبوعية "لا نريد المزيد من المهاجرين من ثقافات غريبة" وأضاف ان المهاجرين الأتراك والعرب كثيرا ما يواجهون صعوبة في الاندماج في المجتمع الألماني.

ووصف سياسيون معارضون التصريحات بأنها محرضة كما أن تصريحات سيهوفر استرعت انتقادات زعيم في الحزب الديمقراطي المسيحي وهو الحزب الأكبر في الائتلاف الذي يضم معه الاتحاد الاجتماعي المسيحي. واحتفظ سيهوفر بتصريحاته لتتزامن مع اجتماع ميركل برئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان مما سبب المزيد من الحركة في الجدل بشأن اندماج المهاجرين في المجتمع الألماني الذي بدأه تيلو سارازين المسئول السابق في البنك المركزي الألماني بانتقاده للمسلمين.

وقال رئيس حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي الذي واجه حزبه تراجعا متواصلا في التأييد في استطلاعات الرأي "لا أتعاطف بالمرة مع المطالب بالسماح بالمزيد من الهجرة من ثقافات غريبة." وقال سيهوفر في تجمع لحزبه في بافاريا "المجتمع متعدد الثقافات مات... لا يمكن أن يزداد موتا عما هو فيه." بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وقالت ميركل التي تقوم برحلة الى صوفيا في رد على سؤال حول تصريحات سيهوفر "ألمانيا دولة مفتوحة وسوف تظل دولة مفتوحة.  بينما قالت متحدثة باسم المستشارة الألمانية انه لا يوجد شقاق بين ميركل وسيهوفر لان الأخير كان يتكلم تحديدا عن المطالب الداعية الى تخفيف القواعد التي تضع قيودا على عدد العمال الأجانب الذين يفدون الى ألمانيا.

وأضافت سابينا هايمباخ المتحدثة باسم ميركل "لا شك أن الناس من الثقافات المختلفة هم محل ترحيب في ألمانيا." لكن ماريا بويمر التي تتولى مسائل الاندماج في المجتمع في الوزارة قالت انها "صدمت" بتصريحات سيهوفر. وقالت بويمر "من غير المقبول أن نضع الأشخاص الذين ينتمون لثقافة أخرى تحت الاشتباه العام. نحن لا نريد أن ننبذ الناس. هذا معاكس لجهود الاندماج التي نبذلها.

خط ساخن

كما أنشئ في برلين، وبتشجيع من السلطات، خط ساخن لمساعدة المسلمين الذين يعانون من عدم الاندماج في المجتمع او يواجهون مشاكل اجتماعية، وهي مبادرة فريدة من نوعها في ألمانيا. ويعمل هذا الخط الهاتفي يوميا من الظهر وحتى منتصف الليل. ويقوم عليه اثنان وأربعون متطوعا يعملون في مجالات مختلفة، فمنهم المهندس وسائق التاكسي، ومنهم الطبيب والتاجر، ومنهم الطالب وربة المنزل. لكنهم جميعهم مسلمون، وقد تلقوا 160 ساعة من التدريب وهم يجيدون اللغة الألمانية.

يقول عمران صغير (36 عاما) مدير هذه المجموعة "نرفض كل أشكال التطرف الديني، وفي الواقع نحن لا نقدم نصائح دينية، لكن كلا منا يعرف القرآن، هذا ضروري حتى يثق المتصلون بنا". ويضيف "هدفنا ان نفتح كوة في السجن الذي يعيشون فيه". وتبدو هذه الحاجة بالنسبة لعمران صغير ملحة في بلد يعيش فيه أربعة ملايين مسلم من أصل 82 مليونا يشكلون إجمالي عدد السكان.

ويقول "المسلمون غالبا ما يواجهون صعوبات في المانيا. كثيرون منهم لا يشعرون بأنهم أفراد في هذا المجتمع"، مؤكدا ان 80% ممن يتصلون بجمعيته لا يتصلون بأي رقم آخر في ألمانيا.

وراء احد المكاتب في الجمعية، تجلس فاطمة، وهي شابة في الثانية والثلاثين من عمرها ترتدي حجابا ملونا، وترد بهدوء على الاتصالات الهاتفية وما تحمله من قلق المتصلين.

واذا كانت فاطمة لا تكشف ما يجري في الاتصالات الهاتفية حفاظا على الخصوصيات، الا انها وبعد هذه المكالمة التي استغرقت نصف ساعة تبدو راضية ومسرورة وتقول "انه يوم جيد، لدي شعور بأني كنت مفيدة اليوم".

تراوح اعمار معظم الذين يتصلون بجمعية "موتيس" بين عشرين عاما واربعين، ومعظمهم يعانون من مشاكل عائلية. وثلث المتصلين من النساء. ومنذ تأسيس الجمعية في العام 2009، تلقت أكثر من 2400 اتصال، وأكثر هذه الاتصالات تستغرق ما بين نصف الساعة والساعة.

وتقول فاطمة "في بعض الأحيان يكون الأمر قاسيا، الناس غالبا ما يبكون وهم يتحدثون معنا"، مشيرة الى وجود مشاكل قاسية مرتبطة بالمآسي العائلية، والعنف، والكحول، والمخدرات، والاغتصاب، والاعتداء الجنسي على أطفال، وحالات الزواج القسري. بحسب وكالة فرانس برس.

في بعض الحالات المستعصية، تحاول الجمعية توجيه المتصلين بهدوء ولطف الى أهل الاختصاص. ويروي عمران صغير انه تأثر كثيرا بالاتصال الأول الذي تلقاه في هذا الإطار، ويقول "كانت شابة تعرضت للاغتصاب قبل عام أثناء الإجازة في بلدها الأصلي، كانت متدينة جدا ومصدومة، وكانت العطلة المقبلة على الأبواب، هنا اشتدت قناعتي بضرورة وجود هذه المبادرة".

يوضح عمران صغير انه إضافة الى الاستماع وتقديم المشورة باللغتين الألمانية والتركية، تعتزم جمعيته إضافة اللغة العربية، كما تعمل على ان تصبح خدماتها متوافرة على مدار الساعة. وعمران صغير ألماني من أصل هندي، وهو بذلك قادر على التحدث بلغة الاوردو، كما ان عددا من المتطوعين يقترحون إضافة اللغات الانكليزية والفرنسية والاسبانية. وتقول فاطمة قبل ان يحين موعد مغادرتها مقر الجمعية "في بعض الأحيان، يتصل البعض ليقولوا شكرا، انه شعور رائع".

مساواة

بينما أظهر استطلاع للرأي أن نسبة 71% من المواطنين الألمان تعتقد أن غالبية المسلمين المقيمين بألمانيا ليسوا على استعداد لمساواة المرأة مع الرجل. وذكرت نسبة 59% من الألمان أن غالبية المسلمين المقيمين في ألمانيا ليسوا على قناعة شخصية بقبول مواد القانون الألماني الأساسي.

وأعربت نسبة 68% من الألمان عن شكوكها في قدرة معظم المهاجرين المسلمين على تعلم اللغة الألمانية بشكل جيد في وقت قريب. وطالبت نسبة 69% من الألمان بضرورة تحدث أبناء المهاجرين باللغة الألمانية في المدارس ورفضت نسبة 69% من الألمان انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي ، مقابل موافقة نسبة 27% على انضمامها. بحسب وكالة الأنباء الألمانية.

الجدير بالذكر أن ألمانيا تشهد جدلا كبيرا حول دور الإسلام في المجتمع الألماني بالنظر إلى وجود نحو 4 ملايين مسلم في ألمانيا وعلى خلفية نظرة رئيس الجمهورية الألماني كريستيان فولف بأن الإسلام أصبح جزءا من المجتمع الألماني مثل المسيحية واليهودية. أجرى الاستطلاع معهد ايمند لقياس الرأي بتكليف من صحيفة "بيلد آم زونتاج" .

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 25/تشرين الأول/2010 - 17/ذو القعدة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م