
شبكة النبأ: بعد ان سفكت دماء الآلاف
وهدمت منازل المساكين وقسمت القدس الى قسمين يتوجه سيل الدمار الى
الحقول والبساتين، حيث ان الزيتون الفلسطيني هو أيضا أصبح من ضمن أسلحة
الإرهاب المزعم (من قبل إسرائيل) استخدامها (من قبل فلسطين) في محاولة
لتهديد امن المستوطنين الإسرائيليين، لاسيما وان زراعة الزيتون مهنة
يزاولها اكبر عدد من الفلسطينيين وتحتل المرتبة الأولى ضمن عائدات
البلاد وسندا لكثير من العوائل الفقيرة وسبيل وحيدا لكسب لقمة العيش.
بينما تحولت مزارع الزيتون الى أزمة سياسية تدخلت فيها منظمات
عالمية إنسانية تحاول حل النزاع عليها وإيجاد حل وسط يرضي الطرفين ولكن
عنف المستوطنين الإسرائيليين وحسب ما يراه المحللون هو السبب وراء ذلك
لما يقومون به من صد واعتداء على المزارعين حينما يحاول قطف الثمار،
بالإضافة الى ان العائق الوحيد هو تمسك الجانب الإسرائيلي بموقفه الذي
يشدد على ان هذه البساتين قريبة من المستوطنات الإسرائيلية ما يشكل
خطرا عليهم، متسائلين ما هو الخطر الذي يشكله فلاح يحاول جمع المحصول.
قطف الزيتون
فقد دعت منظمة اوكسفام الإنسانية إسرائيل الى رفع القيود المفروضة
على انتاج زيت الزيتون في الضفة الغربية، وهي بادرة ستسهم في مضاعفة
عائدات المزارعين الفلسطينيين.
وقالت المنظمة ومقرها بريطانيا في تقرير "بفضل استثمارات محدودة
وتغييرات بسيطة في طرق الزراعة، فان مزارعي الزيتون الفلسطينيين قد
يضاعفون عائداتهم ويقدمون انتاجا منتظما من زيت الزيتون العالي الجودة
والتنافسي في الأسواق المحلية والأجنبية".
وقال جيريمي هوبس مدير عام اوكسفام ان مثل هذه الاستثمارات لا يمكن
ان تؤتي ثمارها "طالما تواصل إسرائيل تقييد وصول المزارعين الفلسطينيين
الى أراضيهم ووسائل عيشهم، وبالتالي الى الأسواق الأجنبية".
ويندد التقرير بالحواجز التي تعوق حركة التنقل في الضفة الغربية
وتمنع الإنتاج الزراعي الفلسطيني من الوصول الى الأسواق المحلية
والإسرائيلية والدولية في حين ان الزيتون يشكل مع مشتقاته احد أهم
الصادرات الفلسطينية.
وقال التقرير الذي نشر مع بدء موسم قطف الزيتون، ان العشرة ملايين
شجرة زيتون في الضفة الغربية تدر بحدود 100 مليون دولار (70 مليون يورو)
في السنة على المجموعات الريفية وقد تسهم في دفع الاقتصاد الفلسطيني
شرط التمكن من الاستفادة من كل طاقته.
وبين العقبات، تندد اوكسفام بوجود عدد كبير من المستوطنات
الإسرائيلية -- غير الشرعية بالنسبة الى المجتمع الدولي -- وأعمال
العنف المتكررة من جانب المستوطنين ضد المزارعين الفلسطينيين ولا سيما
في فترة القطاف. ويتم اقتلاع آلاف الأشجار خصوصا كل موسم. بحسب وكالة
فرانس برس.
وأكد الجيش الإسرائيلي انه يقوم بكل ما في وسعه لحماية المزارعين
الفلسطينيين من هذه الاعتداءات. وأخيرا، حض التقرير السلطة الفلسطينية
والجهات المانحة على زيادة استثماراتها في هذا القطاع الذي يعمل فيه
100 ألف مزارع.
وبلغ معدل الإنتاج السنوي خلال العقد الأخير 17 ألف طن (34 ألفا في
السنوات الاستثنائية وخمسة آلاف في السنوات السيئة) بحسب اوكسفام.
ويمثل قطاع الزيتون ما بين 15 الى 19% من الإنتاج الزراعي الفلسطيني.
رصاص المستوطنون
في حين لا توجد صلة عادة بين البنادق النصف آلية وحصاد الزيتون لكن
هنا في الضفة الغربية تقع مصادمات بين المستوطنين اليهود والمزارعين
الفلسطينيين كل عام.
وفي أول أيام موسم الحصاد الرسمي هرب فلسطينيون مكلفون بجمع المحصول
فزعين حين أطلقت عدة رصاصات وظهر ثلاثة او أربعة مستوطنين يهود يحملون
بنادق يجرون ويقبعون بين أشجار الزيتون.
واستدعيت القوات الإسرائيلية المتأهبة لمثل هذا الصدام الى مستوطنة
الون موريه بعدما أطلقت أعيرة نارية قرب المستوطنة الواقعة شرقي نابلس
في الأراضي التي تحتلها إسرائيل.
وسردت روايات متباينة من جانب الفلسطينيين والمستوطنين وتبادلا
الاتهامات بشأن من هو البادئ بأعمال العنف. ولم ترد أنباء عن وقوع
إصابات فيما القي القبض على فلسطيني.
وقال جيرشون ميسيكا من مجلس مستوطني السامرة "كل عام في موسم حصاد
الزيتون يأتي نشطاء يساريون متطرفون من إسرائيل والعالم ويحاولون إثارة
استفزازات وصراعات لتشويه اسم إسرائيل." وذكر ان نشطاء من خارج المنطقة
أثاروا مشاكل وان الفلسطينيين هاجموا مستوطنا. وقال الفلسطينيون ان
المستوطنين أبعدوهم من البستان وهم يطلقون الرصاص في الهواء.
وعلى مقياس ريختر للحوادث في الضفة الغربية فان هذه الحادثة مجرد
هزة بسيطة. ولكن وقوع أعمال عنف مميتة خطر كامن في هذا الموسم حين يجمع
فلسطينيون الزيتون من بساتين يعتقد مستوطنون يهود انها قريبة من
منازلهم أكثر من اللازم مما يقوض شعورهم بالأمن. ومن المعتاد ان تشهد
أسابيع الحصاد رشقا بالحجارة ومعارك بالأيدي وحرق أشجار وإطلاق رصاص
لدرجة تدفع الجيش ووحدات الشرطة الإسرائيلية للاستعداد لهذه الفترة
بشكل خاص.
عنف مستمر
وذكر تقرير لمنظمة اوكسفام الخيرية صدر في القدس "هجمات المستوطنين
وتحرشهم بزارعي الزيتون امر شائع" ويتزايد وقت الحصاد. ويوجد أكثر من
مئة مستوطنة في الضفة الغربية والقدس الشرقية حيث يعيش نصف مليون يهودي
بجوار 2.5 مليون فلسطيني. ولا تقبل إسرائيل بحكم محكمة دولية بعدم
شرعية المستوطنات رغم إنها تعتبر مساكن أقامها يهود متطرفون في مواقع
استيطانية غير مشروعة.
ويقاوم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مطالب فلسطينية
وضغطا أمريكيا لتمديد قرار تجميد جزئي لأنشطة الاستيطان انتهي في 26
ستبمبر أيلول بعد ان تم العمل به على مدار عشرة أشهر. ولا زالت مفاوضات
السلام معلقة بسبب هذا الخلاف. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.
وذكر تقرير اوكسفام ان زيت الزيتون يحقق عائدا يصل الى 100 مليون
دولار سنويا لأفقر الأسر الفلسطينية ويمكن أن يزيد الرقم الى المثلين
باستثمارات متواضعة وتغييرات بسيطة في أساليب الزراعة. وقالت اوكسفام
"تقوض العديد من العقبات - منها نقص الاستثمارات في الممارسات الزراعية
الى تأثير عنف المستوطنين - الإمكانات الحقيقية."
وقال زبن (60 عاما) ولديه ستة أبناء انه تلقى إخطارا إسرائيليا
بإمكانية حصاده بستانه المتاخم لمستوطنة يتسهار تحت حماية الشرطة
والجيش الإسرائيليين. لكن الأشجار تقع أسفل المستوطنة مباشرة ولا يجرؤ
احد على الذهاب الى هناك. لذا يقوم زبن وابنه بحصاد المحصول بمفردهما
مدركين ان الحماية لن تتوافر الى الأبد.
وقال ضابط بالجيش الإسرائيلي في الحقل رفض ذكر اسمه لأنه غير مسموح
له بالتحدث الى وسائل الإعلام "لا يمكننا حماية المنطقة بأسرها." ورفض
دافيد ها عبري المتحدث باسم المستوطنين شكاوى "منظمات أجنبية" التي قال
إنها تقوم بأعمال استفزازية للفت انتباه وسائل الإعلام وتصوير
المستوطنين على إنهم "مجموعة من العصابات العنيفة" ويظهرون في صورة من
يهبون الى نصرة "المقهورين". |