ويكيليكس ينشر غسيل الجيش الامريكي

 

شبكة النبأ: مع اعلان موقع ويكيليكس نيته بنشر وثائق جديدة حول حروب الجيش الامريكي في افغانستان والعراق، اكد البيت الابيض والبنتاغون قيامهما باجراءات للحد من الاضرار الناجمة والعواقب المترتبة لبعض المعلومات الحساسة حسب بعض التصريحات الرسمية التي صدرت مؤخرا.

وتفيد معلومات صحافية ان ويكيليكس يستعد لنشر 400 الف وثيقة سرية حول الحرب في العراق. وتحدثت مجلة نيوزويك في ايلول/سبتمبر عن "اكبر عملية تسريب لمواد استخباراتية".

وتخشى الولايات المتحدة كما اعلنت بتداعيات خطيرة قد تنعكس على شكل تهديدات مباشرة تجاه جنودها المنتشرين في الشرق الاوسط.

وذاع صيت موقع ويكيليكس الذي اطلق عام 2006 حين نشر في نهاية تموز/يوليو الفائت مجموعة من 77 الف وثيقة سرية عن الحرب في افغانستان، ما اثار استياء البنتاغون. ويتوقع ان ينشر قريبا 15 الف وثيقة اخرى.

حمام الدم

فقد صرح جوليان اسانج مؤسس ويكيليكس لشبكة "سي ان ان" الاميركية ان الملفات الامريكية السرية التي كشفها موقعه تتحدث بالتفصيل عن "حمام الدم" الذي تمثله الحرب على العراق.

وردا على سؤال للشبكة الامريكية حول كشف هذه الوثائق، اكد اسانج ان الملفات صورة للوضع في العراق اكمل من الوثائق التي كشفت من قبل حول النزاع في افغانستان.

وقال ان "هذه الوثائق تكشف ست سنوات من النزاع بتفاصيل قادمة من الميدان - القوات المنتشرة وتقاريرها وما كانت تراه وتقوله وتفعله".

وتشير الملفات التي نشرت الى مقتل حوالى 109 آلاف شخص خلال سنوات - مقابل عشرين الفا في افغانستان كما كشفت الوثائق التي نشرها الموقع من قبل.

واضاف اسانج ان "عدد القتلى اكبر بخمس مرات في العراق ويمثل حمام دم حقيقي بالمقارنة مع افغانستان".

وتابع ان الوثائق "لا تقدم مجرد فرضيات مثل قتل كثيرون في الفلوجة بل تتحدث عن كل وفاة مع احداثيات جغرافية محددة والظروف التي قتل فيها الاشخاص".

واكد اسانج ان "الامر الجديد بالنسبة لنا هو ان هؤلاء الموتى الذين كانوا مجهولين لم يعودوا كذلك".

واضاف "اعتقد ان رسالة هذه الملفات اقوى وفهمها ربما اسهل من الوضع المعقد في افغانستان".

وجاءت تصريحات اسانج بعد ساعات من نشر موقع ويكيليكس حوالى 400 الف وثيقة سرية للجيش الامريكي حول حرب العراق. بحسب العرب أونلاين.

ويعد كشف هذه الكمية من الوثائق "اكبر عملية تسريب لوثائق عسكرية سرية في التاريخ".  وقال مؤسس ويكليكس في آب/ اغسطس "نريد تحقيق ثلاثة امور: تحرير الصحافة وكشف التجاوزات وانقاذ الوثائق التي تصنع التاريخ".

وبنشره 77 الف وثيقة عسكرية سرية حول افغانستان في 23 تموز/ يوليو اثار زوبعة اعلامية وسيلا من الانتقادات خصوصا من وزارة الدفاع الامريكية "البنتاغون" التي تتهمه باللامسؤولية وبتعريض حياة مدنيين وعسكريين للخطر.

وفي نهاية ايلول/ سبتمبر، دفع عن نفسه قائلا ان "هدفنا ليس التجريح بابرياء بل العكس تماما".

واصبح اسانج الرجل الذي يخيف وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي ايه" الامريكية، صائد التجاوزات ورسول الشفافية.  وقال "نواجه منظمات لا تخضع لاي قوانين. نحن امام وكالات استخبارات".

وبعد ايام من هذه المقابلة اتهم جوليان اسانج في قضية اغتصاب في السويد. لكنه نفى تورطه نفيا قاطعا وتحدث عن "قضية مفتعلة".

تدمير ويكيليكس

كما اتهم مؤسس موقع ويكيليكس جوليان أسانغ وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) بالسعي لتدمير موقعه، ونفى أن يكون الموقع قد عرض حياة أشخاص أبرياء للخطر.

وقال أسانغ في محاضرة بجامعة لندن إن الموقع يواجه هجوما شرسا من البنتاغون بعد نشره آلاف الوثائق العسكرية الأميركية السرية عن الحرب في أفغانستان، معربا عن قلقه من خطورة الهجوم الذي تتعرض له مؤسسته الإعلامية.

وأضاف أن البنتاغون يطالب بتدمير وثائق الموقع السابقة، ومن بينها الوثائق المتعلقة بحرب أفغانستان.

ونفى تقارير تحدثت عن أن ممثل ويكيليكس في ألمانيا دانيل شميت -واسمه الحقيقي دانيل دومشايت بيرغ- أقيل من العمل بسبب انتقادات وجهها إلى طريقة إدارة الموقع، وقال إنه أقيل قبل نحو شهر لأسباب أخرى رفض الكشف عنها.

ويشار إلى أن دانيل شميت -الذي كان يعد الرجل الثاني في الموقع- قال لمجلة دير شبيغل إن أسانغ اتخذ قرارا أحاديا بإقالته واتهمه بعدم الولاء.

وتعد ألمانيا هامة لموقع ويكيليكس، إذ إنه يحصل على العديد من معلوماته بالألمانية، ويتلقى الدعم التقني من مجموعة ألمانية، كما أن جزءا كبيرا من الدعم المالي يأتيه من داخل ألمانيا.

وكان موقع ويكيليكس نقل خادم الإنترنت الخاص به إلى السويد عام 2007 للاستفادة من القوانين التي تحمي الصحافة في البلاد.

لكن النيابة العامة في هذا البلد أصدرت في أغسطس/آب الماضي مذكرة اعتقال بحق أسانغ بتهمة الاغتصاب، ثم عادت وسحبت المذكرة، في حين رد الموقع على ذلك بالقول إن هذه التهمة لم تكن سوى "حيلة قذرة" ذات أهداف معروفة.

تدارك العواقب

فيما قالت وزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) انها أعدت فريقا من 120 فردا لتقييم العواقب المحتملة لعملية تسريب ضخمة لنحو 500 ألف وثيقة عن حرب العراق والمتوقع ان ينشرها موقع ويكيليكس في وقت ما هذا الشهر.

وقال المتحدث باسم البنتاجون الكولونيل ديف لابان ان توقيت التسريب ما زال غير واضح لكن وزارة الدفاع مستعدة لاحتمال نشر الوثائق.

وعملية التسريب اذا تمت ستكون اكبر من عملية التسريب السابقة التي سجلت رقما قياسيا تمثل في نشر أكثر من 70 ألف وثيقة عن الحرب في أفغانستان في يوليو تموز والتي اثارت جدالا بشأن الصراع المستمر منذ تسعة اعوام لكنها لم تكشف عن اسرار ومعلومات كبيرة. وكانت هذه اكبر عملية خرق امني من نوعها في التاريخ العسكري للولايات المتحدة.

وقال لابان "انه نفس الفريق الذي شكلناه بعد نشر (وثائق حرب أفغانستان") مضيفا انه لم يتضح عدد الاشخاص الذين سيتم الاستعانة بهم من بين الفريق المؤلف من 120 فردا للمساهمة في تحليل عملية التسريب الخاصة بحرب العراق. بحسب رويترز.

وعلى الرغم من ان الصراع في العراق تلاشى من النقاش العام في الولايات المتحدة حديثا الا ان تسريب الوثائق يعيد ذكريات بعض الاوقات الاليمة في الحرب بما فيها فضيحة تعذيب المعتقلين في سجن ابو غريب. بحسب رويترز.

وقد يجدد ايضا النقاش بشأن العوامل الخارجية والداخلية التي تؤثر على العراق الذي يواجه صعوبات نتيجة الفراغ السياسي الذي يشهده منذ الانتخابات غير الحاسمة التي جرت في مارس اذار.

وقال مصدر مطلع على وثائق الحرب في العراق انها تحتوي على الارجح على اسرار عن القتلى المدنيين ولكن ليس من المتوقع ان تثير ضجة مثل التي سببها تسريب وثائق عن حرب أفغانستان.

الجندي المتهم بالتسريب

من جانب آخر نقل الجندي برادلي مانينغ، الذي كان يعمل في قسم تحليل الوثائق السرية، والمتهم الأساسي بتسريب الملفات للموقع قد جرى نقله من سجنه العسكري في قاعدة أمريكية بالكويت إلى الولايات المتحدة، وتحديداً في قاعدة بولاية فيرجينيا.

ومن المقرر أن يبقى مانينغ، الذي وجه الإدعاء العسكري الأمريكي له ثماني تهم جنائية، قيد التوقيف، ريثما يقرر القضاء العسكري كيفية السير بالدعوى ضده، علماً أن قرار اعتقاله كان قد اتخذ في يونيو/حزيران الماضي.

وجاء توقيف مانينغ، وهو متخصص بتحليل المعطيات الاستخبارية، بعدما كشف موقع إلكتروني هويته، مشيراً إلى أنه أكد لأحد قراصنة الانترنت بأنه هو المسؤول عن تسريب الشريط، إلى جانب مجموعة أخرى من الوثائق لموقع "ويكي ليك."

والقرصان المسؤول عن فضح مانينغ يدعى أدريان لامو، ويعيش في كاليفورنيا، وقد تحدث قائلاً إنه يتعرض لتهديدات تصل إلى حد التلويح بقتله، رداً على كشفه دور مانينغ بعد دردشة إلكترونية معه. بحسب السي ان ان.

وقال لامو إن التهديدات تصله على صفحته في موقعي "فيسبوك" و"تويتر،" وقال إنه توجه إلى السلطات لكشف هوية من يقوم بالتسريبات لشعوره بأن ما يجري قد يكون له أثر سلبي على حياة الناس.

وأضاف لامو: "ظهر لي أنه من المستحيل أن يسرب شخص ما هذا العدد من الوثائق دون تهديد حياة الناس، ولذلك أبلغت السلطات المعنية، ولو أنني لم أقم بذلك لكان الأمن القومي قد تعدد ولكان يمكن اعتباري ضمن أسوأ الجبناء على الإطلاق."

وقال لامو إنه مانينغ حصل على المعلومات بمفرده، ولكنه حظي بدعم فني من شخص آخر داخل الجيش، ما يرجح وجود المزيد من الأشخاص الذين لديهم دور في التسريبات، مشيراً إلى أن مانينغ قال له بأن الوثائق التي سربها للموقع يفوق عددها 260 ألف وثيقة وبرقية رسمية.

يشار إلى أن لامو هو أحد "نجوم" عالم القرصنة الإلكترونية، وقد سبق له أن اقتحم مواقع صحف مثل نيويورك تايمز، وشركات مثل مايكروسوفت، كما تسلل إلى الشبكة الداخلية لشركة "ياهو" محرك البحث الشهير.

مشاكل تقنية وتنظيمية

من جهة أخرى ذكر تقرير أميركي أن موقع ويكيليكس في حالة فوضى تقنية وتنظيمية وأن أعضاء أساسيين فيه يتحدثون عن الاستقالة.

ونقلت شبكة سي بي أس الأميركية عن دانيل شميت واسمه الحقيقي دانييل دومشايت بيرغ- الذي كان يعد الرجل الثاني في الموقع قبل أن يستقيل- أن الموقع يعاني من مشاكل تقنية وتنظيمية وأن الأعضاء الرئيسيين في المشروع يخططون لمغادرته.

وكان شميت المتحدث باسم الموقع في ألمانيا استقال الشهر الماضي، وقال إن مؤسس الموقع جوليان أسانغ أقاله بعد نزاعات حول كيفية إدارة الموقع.

وقال شميت إنه بسبب الضغط الكبير على الموظفين في الموقع بعد نشر الوثائق الأميركية العسكرية، لم تتمكن المنظمة المسؤولة عن الموقع من إعادة تنظيم نفسها كما يجب.

ولفت إلى أن هذا الأمر خلق وضعا لم يتمكن فيه أعضاء الموقع من العمل بشكل صحيح، وألمح إلى أنه قد يطلق موقعا منافسا.

وتعد ألمانيا هامة لموقع ويكليكس، إذ إنه يحصل على العديد من معلوماته بالألمانية، ويتلقى الدعم التقني من مجموعة القرصنة الألمانية كايوس كمبيوتر كلوب وجزءا كبيرا من الدعم المالي من داخل ألمانيا.

القلب المظلم

الى ذلك قامت وزارة الدفاع الأمريكية، بنتاغون، بشراء وتدمير آلاف النسخ من مذكرات ضابط احتياط الجيش، عمل بأفغانستان، بعنوان "عملية القلب المظلم"، بدعوى احتواء الكتاب على معلومات قد تضر بأمن الولايات المتحدة الأمريكية.

وبرر البنتاغون، وعلى لسان المتحدثة باسمه، العميد إبريل كانينام، الخطوة قائلاً: "قررت وزارة الدفاع شراء الطبعة الأولى من الكتاب لاحتوائه معلومات قد تضر بالأمن القومي."

وأوضحت كانينام أن مسؤولين من البنتاغون أشرفوا الأسبوع الماضي على عملية تدمير قرابة 9500 نسخة من كتاب العقيد أنطوني شافر.

ومن جانبه وصف شافر، إجراء البنتاغون بأنه "انتقام" مضيفاً: "لشخص أن يشتري نحو 10 ألف كتاب لقمع قصة في هذا العصر الرقمي أمر  مثير للسخرية."

وقالت دار النشر، سانت مارتن بريس، إن طبعة ثانية منقحة من الكتاب قد صدرت عقب إدخال بعض التغيرات التي اقترحتها الحكومة لمعلومات صنفت على أنها سرية.

وتقول "وكالة الاستخبارات الدفاعية" إن الكتاب يحوي معلومات سرية مهمة يتوقع أن تؤدي، حال الكشف عنها، لأضرار خطيرة على الأمن القومي للولايات المتحدة. بحسب السي ان ان.

وقال العميد رونالد بيرغس من "وكالة الاستخبارات الدفاعية"، إن الوكالة فشلت، ولقرابة شهرين،  في الحصول على مسودة الكتاب، الذي قال إنه تضمن معلومات عن أنشطة سرية لقيادة العمليات الخاصة الأمريكية ووكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي أيه) وجهاز الأمن القومي، وفق مذكرة داخلية تحصلت عليها الشبكة بتاريخ 6 أغسطس/آب.

وفي المقابل، قال مارك زيد، محامي شافر، إن رؤوساء موكله راجعوا الكتاب قبيل طبعه في مطلع هذا الشهر، منوهاً: "تلقينا ضوء أخضر من قيادة احتياط الجيش."

وأوضح شافر أن البنتاغون أبلغ دور النشر بقلقه حيال المعلومات السرية الواردة في الكتاب بعد طباعة النسخة الأولى منه.

ويتحدث شافر في "عملية القلب المظلم" عن مذكراته في أفغانستان حيث قاد فريق العمليات السوداء إبان عهد الرئيس الأمريكي السابق، جورج بوش.

ولفت الضابط الحائز على الميدالية البرونزية، أن أكبر الأخطاء التي ارتكبها الرئيس السابق هو سوء فهم ثقافة المنطقة.

ويأتي نشر الكتاب بعد أزمة أثارها نشر موقع "ويكي ليكس" الإلكتروني لآلاف الوثائق السرية عن الحرب الأمريكية في أفغانستان.

ونشر الموقع  نحو 76 ألف وثيقة تتعلق بحرب أفغانستان، ووعد بنشر 15 ألف وثيقة جديدة في وقت آخر، في خطوة حذر وزير الدفاع الأمريكي، روبرت غيتس،  من  عواقب نشرها  الوخيمة على حياة الجنود الأمريكيين في أرض المعارك، وإمكانية أن تضر بعلاقة الولايات المتحدة مع حلفائها في المنطقة.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 23/تشرين الأول/2010 - 15/ذو القعدة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م