
شبكة النبأ: شيء ما يختمر في أوروبا
أدى إلى إثارة خوف المسؤولين عن مكافحة الإرهاب. ففي 3 تشرين
الأول/أكتوبر، أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية تحذيراً نادراً إلى
الأمريكيين حثتهم فيه على إظهار اليقظة أثناء رحلاتهم.
وخلال الأسابيع الماضية صعّد مسؤولو مكافحة الإرهاب الأوروبيون من
تدابيرهم الوقائية حيث تم إخلاء برج إيفل مرتين في الأسابيع الثلاثة
الأخيرة بسبب تحذيرات عن وجود قنابل، كما أن القوات الخاصة لمكافحة
الإرهاب كانت نشطة في الشوارع الفرنسية.
ويقال أن التهديد الذي يشمل فرنسا وبريطانيا وألمانيا يتعلق بشن
هجوم من قبل تنظيم «القاعدة» "على نمط هجمات مومباي". وكان الإرهابيون
قد ألحقوا الدمار بهذه المدينة المينائية الهندية عندما قاموا في تشرين
الثاني/نوفمبر 2008 بشن هجمات منسقة ضد فنادق ومطاعم ومواقع سياحية أدت
إلى مقتل 166 شخصاً. فهل يمكن أن يكون نفس هذا النوع من الرعب في طريقه
إلى باريس أو برلين أو لندن؟
وتوجد في كتاب "حروب أوباما" لمؤلفه بوب وودورد حاشية غير عادية
تلقي الضوء على المكمن الأصلي الذي تقع عنده المسؤولية عن وقوع هجوم
كهذا. وفي الواقع، إنها الحاشية الوحيدة الموجودة في الكتاب كله.
وتحدد الحاشية التي يذكرها وودورد خطاً إخبارياً مفاده أنه خلال 48
ساعة من هجمات مومباي أخبر مدير "وكالة الاستخبارات المركزية" ["الوكالة"]
في ذلك الحين مايكل هايدن، السفير الباكستاني في الولايات المتحدة حسين
حقاني بأن المعلومات المتوفرة لدى "الوكالة" لم تظهر [وجود] أي صلة
مباشرة بمديرية "جهاز المخابرات الباكستاني"، وهي وكالة التجسس
الرئيسية في البلاد. وتفيد التقارير أن هايدن قد أخبر حقاني قائلاً: "هؤلاء
أناس سابقون لم يعودوا [يعملون] كموظفين في الحكومة الباكستانية". بحسب
معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى.
ومع ذلك، من الواضح أن مجتمع الاستخبارات الأمريكي سيقوم بتعديل هذا
التقييم لأنه هناك كلمات في أسفل صفحة 46 من كتاب وودورد تقول: "تلقت 'وكالة
الاستخبارات المركزية' لاحقاً معلومات استخباراتية موثقة بأن 'جهاز
المخابرات الباكستاني' كان متورطاً بصورة مباشرة في تدريب [العناصر
التي هاجمت] مومباي."
وبعد مرور شهر، أقر الجيش الباكستاني بأنه كانت له اتصالات بأفراد
متورطين في ذلك الهجوم. وقد أطلع رئيس "جهاز المخابرات الباكستاني"
الجنرال أحمد شجاع باشا، المدير هايدن في مقر "وكالة الاستخبارات
المركزية" قائلاً بأن مخططي هجمات مومباي الذين تم تعريفهم بأنهم: "اثنان
على الأقل من ضباط الجيش الباكستاني المتقاعدين" كانا مرتبطين بـ "جهاز
المخابرات الباكستاني"، لكن العملية لم يتم إقرارها من قبل الجيش
الباكستاني.
لقد اعتُبر ذلك [كلام] مارق، كما كتب وودورد قبل أن يستشهد بكلام
باشا: "ربما كان هناك أشخاص مرتبطين بمنظمتي وكانوا على صلة بهذه [العملية].
لكن هذا أمر يختلف عن السلطة والاتجاه والسيطرة".
وقد التقطت وسائل الإعلام الهندية اقتباس كلمة "المارق" في كتاب
وودورد لأنه يناسب الرواية المشهورة بين الكثيرين في الجارة الأكبر
لباكستان وهي أن المؤسسة العسكرية الباكستانية بصورة عامة و"جهاز
المخابرات الباكستاني" بصورة خاصة قد توقفا عن كونهما مؤسستين وطنيتين
خاضعتين للسيطرة القانونية أو الحكومية. وفي مقال نُشر هذا الأسبوع في
"آوتلوك إنديا"، وصف الكاتب سايكات داتا المنظمات الإرهابية
الباكستانية المسؤولة عن هجمات مومباي بأنها "دولة موازية تتم إدارتها
من قبل 'جهاز المخابرات الباكستاني' بكفاءة غير معلنة وعديمة الرحمة".
لدى الهنود وجهة نظر، وسيكونون حتى أكثر قناعة عندما يقرؤون حاشية
وودورد. وفي حين كان المسؤولون الأمريكيون قد طمأنوا نيو دلهي في الأصل
بأن هجمات مومباي لم تقرها إسلام أباد، وبذلك تفادوا قيام رد فعل
انتقامي عسكري هندي [ضد باكستان]، إلا أنه من غير الواضح ما إذا كانوا
قد أبلغوا نظراءهم الهنود حول وجهة نظرهم المعدلة أم تركوهم يقرؤون ما
في كتاب وودورد.
وحتى الآن، إن "الكلمة االتي تبدأ بحرف R - وهي Rogue - أي المارقة"
لم تدخل بعد المعجم الأمريكي العام. لكن يعرض كتاب "حروب أوباما" أيضاً
"كلمة أخرى تبدأ بحرف R -- وهي Retribution - أي الجزاء" التي تحمل
عواقب كبيرة على السياسة الأمريكية تجاه باكستان. ووفقاً لكلام وودورد،
حذر مستشار الأمن القومي الأمريكي الجنرال جيمس جونز الرئيس الباكستاني
آصف علي زرداري بأنه لو نجح المواطن الباكستاني الأمريكي فيصل شاه زاد
في تفجير سيارته رباعية الدفع في ميدان الـ "تايمز سكوير" في نيويورك
في أيار/مايو المنصرم، كانت الولايات المتحدة "ستضطر للقيام بأعمال لن
تروق لباكستان".
وسيشعر قراء الكتاب من الباكستانيين بالاستغراب عندما سيعلمون بأنه
"كان بإمكان" الرد الأمريكي "أن يتضمن شن حملة انتقامية تؤدي إلى تفجير
ما يصل إلى 150 من ملاذات الإرهابيين الآمنة والمعروفة داخل باكستان".
ويكتب وودورد بأنه منذ زمن إدارة الرئيس جورج دبليو بوش كان لدى
الولايات المتحدة بالفعل خطة "وحشية عقابية" (تم إبلاغ أوباما عنها)
وهي: "أن الولايات المتحدة ستقوم بتفجير أو مهاجمة كل المجمعات
المعروفة أو المعسكرات التدريبية التابعة لتنظيم «القاعدة» الموجودة في
قاعدة بيانات المخابرات الأمريكية".
لكن لا كلمة "وحشي" ولا كلمة "عقابي" تبدو إلى حد ما أنها رد مدروس
-- بيد، من الواضح من كتاب "حروب أوباما" بأنه ليست هناك خيارات كثيرة
لمحو التهديد الإرهابي الآتي من باكستان.
وفي أعقاب الورطة التي وقعت فيها الولايات المتحدة في العراق
وأفغانستان ليس بوسع واشنطن القيام بغزو دول أخرى، وبالتأكيد ليس بلاد
مثل باكستان التي تملك العشرات من الأسلحة النووية.
لكن هذا لا يعني أن باستطاعة الولايات المتحدة تحمل تجاهل الفوضى
المتنامية في جنوب آسيا. وعندما قام المحلل السابق في "وكالة
الاستخبارات المركزية" بروس ريدل، الذي أجرى المراجعة الاستراتيجية عن
أفغانستان وباكستان من أجل البيت الأبيض، بإطلاع الرئيس الأمريكي
أوباما [عن التطورات]، عندما كان معه على طائرة الرئاسة الأمريكية
المعروفة باسم "سلاح الجو واحد"، أخبره بأن "الشيء الثالث السيئ" الذي
يخشاه - علاوة على [تخيل] وقوع أحداث 11 أيلول/سبتمبر أخرى يمكن عزوها
إلى باكستان أو قيام حكومة جهادية في إسلام أباد - هو شن هجوم باكستاني
آخر على الهند "إما بصورة مباشرة أو غير مباشرة، أي إعادة [لهجوم]
مومباي". ومن شأن الهجوم القادم أن يثير رداً عسكرياً هندياً، "وهذا
يعني أنك تتحدث عن احتمال نشوب حرب نووية".
مؤخرا، التقى مدير "وكالة الاستخبارات المركزية" ليون بانيتا
بالجنرال باشا في إسلام أباد. وقد ذكر زميل وودورد في صحيفة "واشنطن
بوست" ديفيد إغناتيوس نقلاً عن مسؤول في "جهاز المخابرات الباكستاني"
بأن الرجلين "ناقشا كل شيء ممكن"، وأنه قد تم "طمأنة" بانيتا حول "الدعم
الباكستاني لجهود الولايات المتحدة في أفغانستان". نأمل حدوث ذلك.
ونأمل أيضاً أن تظهر قيادات أكثر حكمة في باكستان. وحسب ما كتبه
وودورد لا يمكن الاعتماد على رئيس أركان الجيش الجنرال أشفق كياني (الذي
كان رئيساً لـ "جهاز المخابرات الباكستاني" سابقاً)، الذي باستطاعته
أيضاً سرد نصف الأخبار فقط. كما أن الحكومة المدنية لا توفر الكثير من
الطمأنة: ووفقاً لوودورد "لا يعلم زرداري أي شيء عن إدارة الحكم" حسب "تقييم
صريح خاص" قدمته السفيرة الأمريكية في إسلام أباد آن باترسون. كما لا
يستحق ذكر رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني في "مجموعة
الشخصيات" التي أشار إليها وودورد [في كتابه] أو حتى في فهرسه.
لذلك إن أوروبا هي في حالة تأهب تحسباً لوقوع هجمات إرهابية تخرج
على الأرجح من باكستان ويتم التحكم بها من باكستان، وهما السمتان
المميزتان لهجمات مومباي عام 2008. وحتى صدور كتاب وودورد، ربما كان
المراقبون يفترضون - بأنه خلال السنتين الفاصلتين - كان بإمكان
الولايات المتحدة أن تنجح في الضغط على باكستان لوضع "جهاز المخابرات
الباكستاني" تحت رقابة أشد. بيد، لم يعد بوسعنا التمسك بهذا الافتراض.
وربما علينا أن نسأل: لماذا لا يزال الجنرال باشا رئيساً لـ "جهاز
المخابرات الباكستاني"؟ إن الواقع العملي هو أنه قد تم تعيين الجنرال
باشا قبل شهر من وقوع هجمات مومباي التي ربطها وودورد في حاشية كتابه
بصورة قوية بـ "جهاز المخابرات الباكستاني."
سايمون هندرسون هو زميل بيكر في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى.
وكان قد عمل مندوباً مقيماً من قبل "هيئة الإذاعة البريطانية" ومراسل
صحيفة "فاينانشيال تايمز" في باكستان في الفترة بين عامي 1977 و 1978.
نبذة عن معهد واشنطن
الجدير بالذكر ان معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى بحسب موقعه
الالكتروني أسس عام 1985 لترقية فهم متوازن وواقعي للمصالح الأمريكية
في الشرق الأوسط. وبتوجيه من مجلس مستشارين بارز من كلا الحزبين من اجل
توفير العلوم والأبحاث للإسهام في صنع السياسة الأمريكية في هذه
المنطقة الحيوية من العالم.
وينقل موقع تقرير واشنطن الالكتروني إن الهدف من تأسيسه كان دعم
المواقف الإسرائيلية من خلال قطاع الأبحاث ومراكز البحوث وان لجنة
العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية المعروفة بإيباك كانت المؤسسة الأم
للمعهد حيث أن مديره المؤسس هو مارتن إنديك رئيس قسم الأبحاث السابق
باللجنة. وتزعم المنظمة أنها اختارت مصطلح "الشرق الأدنى" لتعريف
الهوية الذاتية للمعهد (بدلا من "الشرق الأوسط) لأنه المصطلح المعترف
به في الخارجية الأمريكي لوصف العالم العربي والدول المجاورة. |