جائزة نوبل حدث سنوي تقوم فيه الاكاديمية السويدية للعلوم بتكريم
مجموعة من (الذين تعتبرهم) اهم المبدعين والمتميزين في شتى حقول الفكر
والمعرفة الانسانية كالطب والكيمياء والاقتصاد والفيزياء والاداب
والسلام.
اهمية الجائزة لاتنبع من قيمتها المادية البالغة عشرة ملايين كرون
سويدي اي ما يعادل او يزيد قليلا عن مليون دولار بقدرما تكمن في قيمتها
الاعتبارية التي يخلد بها اسم من تمنح له في سجل الخالدين ويشتهر ذكره
ويذاع صيته ويشار له بالبنان.
جائزة نوبل تشرأب لها الاعناق ويتطلع لها المتطلعون في كل عام
ويتباهى بها الفائزون مابقي لهم في العمر من اعوام.
هذه الجائزة استمدت اسمها من اسم الصناعي والكيميائي السويدي (الفريد
نوبل) ومن ثروته الطائلة التي خلفها بعده استمدت قيمتها المادية.
يقال ان نوبل والذي استمد شهرته التاريخية من اختراعه للدايناميت
وبسبب هذا الاختراع نال كل تلك الاموال، يقال انه وقبيل مماته قد شعر
بالذنب تجاه ماقدمت يداه تجاه البشرية بسبب اختراعه هذه المادة المميتة
التي كانت نقلة في عالم المقذوفات والمتفجرات والاسلحة الحربية ومات
بسببها مئات الالاف من الاشخاص فقرر وفي العام 1895 التبرع بكل ثروته
وما ينتج عن ريع املاكه الاخرى بشكل جوائز سنوية لاهم المكتشفين
والباحثين في مجالات العلوم المختلفة ممن قدموا واسسوا لاهم الانجازات
العلمية والحضارية في تاريخ البشرية.
وتقدم الجائزة وهي عبارة عن شهادة تقديرية وميدالية ذهبية ومبلغ
مالي يزيد قليلا عن مليون دولار للفائزين في حفل بهيج تقيمه الاكاديمية
السويدية للعلوم في العاشر من ديسمبر من كل عام بعد ان يتم اختيارهم
قبل ذلك من بين عشرات المرشحين الذين ترشحهم اللجنة المشرفة على
الجائزة بعد استشارة الهيئات العلمية والاكاديمية المتخصصة والمعاهد
البحثية ومراكز الدراسات والعلوم في السويد وفي بقية انحاء اوربا
والولايات المتحدة الامريكية.
هذه الجائزة تمنح للاحياء فقط وقد اقيم اول حفل لتوزيعها سنة 1901
وكانت في ذلك الوقت تعتبر جائزة سويدية وطنية وكان يتولى توزيعها الملك
بنفسه.
في ايام الحرب الباردة كان الاتحاد السوفيتي السابق ودول المعسكر
الاشتراكي يتهمون القائمين على جائزة نوبل بعدم الحيادية والابتعاد عن
المهنية في ترشيح المتنافسين ومن ثم اختيار الفائزين.
ومن يلاحظ ضآلة اعداد الفائزين من الدول الاشتراكية والدول الموالية
لها ودول عدم الانحياز ودول العالم الثالث مع كثرتهم من مواطني
الولايات المتحدة ودول المعسكر الغربي والدول الحليفة كاسرائيل
واليابان واستراليا وكوريا وغيرها يلاحظ ان هذا الزعم قدلايخلو من
الصحة وقد يكون مقبولا ايضا.
والواقع ان مصداقية الجائزة كانت محل نقاش منذ سنوات خلت وخصوصا في
مسالة الجائزة التي تسمى جائزة نوبل للسلام،ذلك ان هذه الجائزة يفترض
فيها ان تمنح لابرز الاشخاص الذين قدموا انجازات كبيرة في مجال احلال
الامن وتوطيد السلم العالمي ونبذ وابعاد شبح الحروب والنزاعات المسلحة
بما يحقق الامن والامان للبشرية جمعاء.
ولكن نظرة فاحصة لمن منحت لهم هذه الجائزة هذا العام والاعوام التي
خلت يوضح لنا كيف ان الجائزة اصبحت اداة سياسية لتكريم اشخاص معينين
دونما استحقاق او للتاثير على سياسات بعض الدول التي لا تسير في ركب
امريكا وحلفائها وقد لاتتوافق او ربما تتقاطع مصالحها مع مصالحهم
ورغباتهم.
نوبل للسلام هذه السنة منحت للمنشق والسجين الصيني(ليو تشياو بو)
ومع اننا لسنا مع القبضة الحديدية القاسية التي يحكم بها الشيوعيون
مليارا ونصف المليار من البشر مصحوبة بقمع الحريات الاساسية وتكميم
الافواه وانتهاك حقوق الانسان الا اننا مع ذلك نستغرب اختيار شخص مغمور
لايعرف عنه شيء و لم يسمع به قبل ذلك ولم يعرفه العالم الا من خلال
الفضائيات وقت اعلان اسمه فائزا بالجائزة.
ياترى لو كان هذا المنشق من سجناء الجيش الجمهوري الايرلندي في
بريطانيا او من سجناء منظمة ايتا في اسبانيا او من سجناء جماعة الالوية
الحمراء في ايطاليا هل سيكون له مطمع في نيل هذه الجائزة.... لا اظن
ذلك.
وياترى لو كان هذا المنشق سعوديا اوكويتيا او تركيا او بحرينيا
كوريا جنوبيا اويابانيا او من اية دولة اخرى حليفة للغرب هل سيكون له
حظ فيها... لا اظن ذلك.
واذا نظرنا الى قائمة باسماء من نال هذه الجائزة خلال الثلاثين عاما
الماضية لوجدناها زاخرة بمن خانوا شعوبهم وخانوا قضاياها وتواطئوا مع
اعداءها وبالقتلة ومجرمي الحروب وكبار السفاحين.
انظروا الى قائمة تضم السادات ومناحيم بيغن وعرفات وبيريز واوباما
الذي نال الجائزة في العام الماضي.
ومن الغريب ان تمنح جائزة نوبل للسلام لشخص مثل باراك اوباما, هذا
الرجل الذي تهدد جيوش بلاده السلام والامن في كل ارجاء المعمورة, الرجل
الذي يقود دولة تحتل جيوشها العراق وافغانستان وتحاصر وتهدد سيادة عدة
دول اخرى وتقود حلفا عسكريا يضم معظم دول اوربا وتمتلك ترسانة مهولة من
الاسلحة النووية واسلحة الدمار الشامل وتنتشر قواعدها العسكرية في
عشرات البلدان وتجوب بوارجها الحربية واساطيلها كل بحار الارض وتحلق
طائراتها المسيرة وبدون استئذان لتقتل الابرياء والمدنيين في مواقع عدة
في العراق وافغانستان وباكستان واليمن والصومال والسودان وغيرها من
الدول.
من العجيب حقا ان تمنح جائزة نوبل للسلام لشخص هو زعيم الحرب الاول
في العالم كله، فاي مفارقة هذه؟
ومن يعلم فلربما سياتي اليوم الذي نجد فيه ايهود باراك وبنيامين
نتنياهو ووزير خارجيته المنبوذ ليبرمان وبقية القتلة والمجرمين من
امثالهم على منصة التتويج بالفوز.
من الطريف ان (موردخاي فعنونو) العالم النووي الاسرائيلي الشهير
الذي قضى سنوات طويلة في السجن بتهمة افشاء اسرار المشروع النووي
الاسرائيلي وقضى سنوات اخر تحت الاقامة الجبرية في بيته, من الطريف انه
رفض ان يتم ترشيحه لنيل جائزة نوبل للسلام وقال(لايشرفني ان انال جائزة
قد اعطيت قبلي لمجرم وقاتل مثل شمعون بيريز).
الله يرحمك يا نوبل، اردت شيئا واراد القائمون على جائزتك شيئا اخر,
اردت ان تكفر عن ذنوبك بان تهب ثروتك التي جمعتها من صنع ادوات القتل
والدمار الى من يكرسون علمهم وابداعهم خدمة للبشرية وارادوا ان يزيدوا
اثاما الى اثامك بان يمنحونها لكبارالقتلة والمجرمين فشتان بين ما اردت
وما يريدون. |