متى نحطم جدار عدم الثقة؟

محمد علي جواد تقي

في إحدى المناطق السكنية دُعي المواطنون لاجتماع بهدف تشكيل مجلس محلّي لمنطقتهم يأخذ على عاتقه متابعة شؤون الخدمات والقضايا الامنية وغيرها مع مجلس المحافظة كما هو معروف، وحسب علمي فان الاجتماع الاول من نوعه في المنطقة، وبعد سلسلة من الاعلانات والابلاغات باللقاءات الشخصية على الطريق أو بطرق ابواب البيوت، حضر في الموعد المحدد حوالي اربعين شخصاً من مجموع سكان المنطقة التي يبلغ حوالي (1800) نسمة، فعمّ شعور بالاحباط بين الحاضرين لهذا التجاهل وعدم التفاعل، لكن اتفق الجميع على تعزيز الأمل بتحديد موعد آخر يكون يوم الجمعة، حيث لا عذر لأحد بالارتباط بعمل رسمي، وفي الموعد المحدد والجديد كانت المفاجأة أكبر حيث حضر نصف العدد الذي حضر في اليوم الأول! وبدلاً من ان يخوض الحاضرين في أمر انتخابات مجلسهم المحلي استغرقوا ولفترة ليست بالقصيرة في تبادل علامات الاستفهام عن سبب هذا التجاهل وعدم الحضور.

وبدلاً من أن يناقش الحاضرون الاسباب الكامنة وراء هذا الموقف من سكان المنطقة، بدأ البعض يستذكر ما بذله من وقت وجهد لتوزيع الغاز أو النفط أو امور أخرى وكيف قابله الناس بالابواب المغلقة وعدم التفاعل، والمثير فان الجميع اتفق على ان الهدف من الترشيح للمجلس المحلي هو خدمة الجميع! لكن ماذا عن الآلية؟ وكيف يتحقق ذلك؟

يتذكر الحاضرون في هذا الاجتماع الصغير كما يتذكر الجميع تجربة انتخابات مجالس المحافظات وبعدها الانتخابات البرلمانية، وكيف كانت دوافع المرشحين والناخبين للمشاركة في هذه التجارب الديمقراطية...؟ وفي تلك الايام قال لي احد الجيران – علماً انه لم يكن من بين الحاضرين في هذا الاجتماع- ان الكم الهائل من المرشحين الذين ملأت دعاياتهم جدران وأعمدة المدينة، تبين عدم فهم الناس للديمقراطية، لأن لو كانوا على معرفة كاملة بهذه النظرية لما هبّ كل هذا العدد الهائل من المرشحين لأن يجرب حظه في الوصول الى الكرسي.

 إذن، فاين اصبح (حكم الشعب) كما هو المعنى الشائع عن الديمقراطية؟ وهل يعقل أن يكون الشعب حاكما لنفسه وهو لايفقه ما يصنع؟ الاجابة حاضرة أمامنا اليوم، وهي ان المرشحين والنواب والمسؤولين هم الذين يفكرون ويقررون بدلاً عن الناس أو الشعب، وهي الحقيقة التي يبدو اصبحت واضحة لدى الجميع، ولذلك لا حاجة لأن يخرج الكثير من الافراد من بيوتهم ويتجشمون عناء السير الى اجتماع ما أو مركز انتخابي أو غيره للمشاركة في اختيار نائب عنهم سواءً لمجلس محلّي أو مجلس اتحادي أو حتى مسؤول على زقاق أو محلّة صغيرة، فالذي يتقدم بما لديه من مواصفات قيادية – بغض النظر عن صحتها او سقمها- هو الذي يسود، وقد قالها الكثير: (انظروا في الذي ترونه ولا مانع لدينا...)! ويبقى الناس في وادٍ والمسؤول او القائد في وادٍ آخر، وتستمر دوامة الصراع بين النائب أو المسؤول في المنطقة او المدينة او العاصمة وبين عامة الناس لتنتج المزيد من اللبنات لجدار عدم الثقة بين الجانبين.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 20/تشرين الأول/2010 - 12/ذو القعدة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م