شبكة النبأ: يشهد العالم ازدياد معدل
نسب الفقر والجوع ويعود هذا وبحسب ما يراه المحللون الاقتصاديين الى
الارتفاع الحاصل في المواد الغذائية الذي يمنع أصحاب المستوى الضعيف
الحصول على ما يكفيهم من الغذاء.
ورغم المجهود الذي تقوم به عدد من الجمعيات الإنسانية والتي تحاول
القضاء على المجاعة في العالم فأن ذلك لا يكفي وبحد قولها على إشباع
العالم ولكنها سجلت من خلال إحصائيات نسب تحسن في عدد الجياع في بعض
الدول، في الوقت ذاته أثارت بعض الجمعيات مخاوفها من حدوث أزمة غذائية
عالمية تؤدي بحيات الملايين مسببين ذلك الى النزاعات والاضطرابات
السياسية التي تملئ العالم.
معدلات "مقلقة"
حيث كشف تقرير المؤشر العالمي للجوع الذي يصدر سنويا عن معدلات "مقلقة"
في 25 دولة. وأوضح التقرير الذي يصدره معهد دراسات استراتجيات الغذاء
العالمي أن عوامل الفقر والنزاعات والاضطراب السياسي أدت معاناة نحو
مليار شخص من الجوع معظمهم أطفال في أفريقيا وآسيا.
ومن بين الدول التي شملها التقرير (122 دولة) هناك أربع دول افريقية
وصف الوضع فيها بأنه "أكثر إثارة للقلق". واعتبر التقرير جمهورية
الكونجو الديمقراطية الأسوأ وفقا للمؤشر العالمي الذي اعتمد على أرقام
للفترة ما بين عامي 2003 و2008.
وتشير الإحصائيات إلى أن حوالي ثلاثة أرباع سكان الكونجو لا يحصلون
على غذاء كاف، كما تعاني البلاد من واحد من أعلى معدلات وفيات الأطفال
في العالم. وقد استخدمت ثلاثة عوامل لقياس المؤشر العالمي للجوع هي
نسبة السكان الذين يعانون من سوء التغذية، وعدد الأطفال الذين تقل
أوزانهم عن المعدل، ونسبة وفيات الأطفال.
ويشير التقرير إلى أن النزاع المسلح الذي شهدته الكونجو منذ نهاية
عقد التسعينات أدى إلى "انهيار اقتصادي ونزوح المواطنين بأعداد كبيرة
وحالة مزمنة من انعدام الأمن الغذائي". وصنف التقرير الدول وفق مقياس
من 100 نقطة؛ بحيث يكون الصفر هو الدرجة الأفضل والمائة هي الأسوأ، لكن
لم تصل أي دولة إلى أي من هاتين الدرجتين.
ووفقا لهذا التصنيف تشير الدرجات التي تفوق 20 إلى الحالات "المقلقة"
والدرجات فوق 30 إلى "الأكثر إثارة للقلق". وكانت جمهورية الكونجو
البلد الوحيد الذي حصل على أكثر من 40 درجة مما يشير إلى تأزم الوضع
فيها.
والدول الثلاثة الأخرى التي صنفت الأوضاع فيها على أنها "أكثر إثارة
للقلق" هي بوروندي وارتريا وتشاد وتعاني جميعها من الصراعات المستمرة
والتوتر لعدة سنوات. وفيما عدا هاييتي فإن كل الدول الـ25 التي صنفت
على أن الأوضاع فيها "مقلقة" تقع في آسيا أو أفريقيا جنوب الصحراء.
والدول الـ25 هي نيبال، تنزانيا، كامبوديا، السودان، زيمبابوي،
بوركينافاسو، توجو، غينيا بيساو، رواندا، جيبوتي، موزمبيق، الهند،
بنجلاديش، ليبريا، زامبيا، تيمور الشرقية، النيجر، انجولا، اليمن،
أفريقيا الوسطى، مدغشقر، جزر القمر، هاييتي، سيراليون، اثيوبيا.
وكشف التقرير عن أن بوروندي والكونجو وارتريا وجزر القمر وهاييتي هي
الأعلى من حيث نسبة السكان الذين يعانون من سوء التغذية والتي بلغت
أكثر من 50 في المائة. أما بنجلاديش والهند وتيمور الشرقية واليمن فهي
الأعلى من حيث عدد الأطفال دون الخامسة التي تقل أوزانهم عن المعدل.
وبالمقابل تعاني أفغانستان وانجولا وتشاد والصومال من المعدلات
الأعلى لوفيات الأطفال، حيث يتوفى 20 في المئة من الأطفال قبل بلوغ سن
الخامسة. وكانت كوريا الشمالية واحدة من الدول التسع التي ارتفع فيها
مؤشر الجوع بصورة ملحوظة، حيث ازداد من 16.2 عام 1990 إلى 19.4 عام
2010. أما الدول ألثمان الأخرى فجميعها من أفريقيا جنوب الصحراء.
تهديد الأمن الغذائي
فيما رأت منظمة الأغذية والزراعة (فاو) التابعة للأمم المتحدة في
اجتماع استثنائي ان التقلب الحالي لأسعار المواد الغذائية يشكل "تهديدا
اكبر" للأمن الغذائي، لكنها أكدت إنها لا تتوقع حدوث أزمة.
والتقى خبراء من حكومات أكثر من 75 بلدا لمناقشة الارتفاع الحالي في
أسعار المواد الغذائية بعد قرار روسيا وقف تصدير الحبوب اثر موجة
الجفاف والحرائق التي دمرت ربع محاصيلها. وقالت الفاو في بيان انه "ليست
هناك مؤشرات على أزمة غذائية عالمية قريبة" على الرغم من ارتفاع أسعار
القمح بما بين ستين وثمانين بالمائة منذ تموز/يوليو وأسعار الشعير
حوالي أربعين بالمائة.
وأوضحت الفاو التي تتخذ من روما مقرا لها ان العرض والطلب "متوازنين
بدرجة كافية" كما يبدو، مشيرة الى ان "السياسات الوطنية والمضاربات" هي
المسئولة عن الارتفاع الأخير في الأسعار. بحسب وكالة فرانس برس.
وأوصى المشاركون "بالبحث عن آليات جديدة لتحسين الشفافية وإدارة
المخاطر المرتبطة بأسباب تقلب الأسعار في الأسواق" مثل غياب المعلومات
او عمليات الشراء التي تنم عن حالة هلع. وتحاول روسيا تجاوز خسائر هذا
الصيف التي دفعت الحكومة الى حظر تصدير الحبوب لحماية مخزوناتها
الوطنية.
وساهم هذا القرار في ارتفاع أسعار القمح ومواد غذائية أخرى وأثار
مخاوف من حدوث أزمة في الاحتياطات الغذائية العالمية مثل تلك التي حدثت
في 2007 و2008 عندما أدى نقص في هذه المواد الى اضطرابات في عدد من
الدول النامية.
انخفاض بسيط
كما أفادت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) أن ارتفاع
مستويات الدخل في الدول الآسيوية أدى إلى خفض عدد الجياع في العالم في
عام 2010، ولكن خبراء الاقتصاد يحذرون من أن تذبذب أسعار القمح يؤثر
على محاصيل الحبوب الأساسية الأخرى مثل الذرة والأرز، مما قد يؤدي إلى
حدوث انتكاسات.
وتراجع عدد الجياع هو دليل على أن الدول النامية مستمرة في التعافي
من أزمة ارتفاع أسعار الغذاء التي شهدها العالم في عام 2008 عندما كان
أكثر من مليار شخص يعانون من نقص في التغذية. غير أن ديفيد داوي، وهو
اقتصادي بارز لدى منظمة الأغذية والزراعة، أفاد أن عدد الجياع الحالي
المتمثل في 925 مليون شخص ما يزال مرتفعاً جداً. بحسب شبكة الأنباء
الإنسانية "إيرين".
وقد وردت هذه الأرقام في تقرير "حالة انعدام الأمن الغذائي في
العالم" الذي ستصدره الفاو في أكتوبر. وأوضح داوي أن منطقة آسيا
والمحيط الهادئ قد سجلت انخفاضاً قدره 80 مليون شخص من أصل 98 مليون
يعانون من نقص التغذية. ولكن هذا الانخفاض هو بالأساس انعكاس للتعافي
الذي شهدته المنطقة من أزمة ارتفاع أسعار الغذاء عام 2008. وأضاف أن "معدل
انتشار [نقص التغذية] عاد إلى 16 بالمائة ... أي المستوى الذي كان عليه
في عام 2005/2006 والذي يعتبر مرتفعاً إلى حد كبير."
ويحدد كل من مستوى الدخل والأسعار فرص الحصول على الغذاء، حيث أوضح
داوي أن "الناس تعرضوا في عام 2009 لضربة مزدوجة تمثلت في انخفاض الدخل
بسبب الركود الاقتصادي وبطء التراجع في أسعار المواد الغذائية بعد
الارتفاع الذي شهده عام 2008، إلا أن الاقتصاد العالمي يتعافى الآن
وخاصة اقتصادات الدول الآسيوية بسبب ارتفاع مستويات الدخل".
ولا يزال هذا الرقم أعلى بكثير من الهدف الإنمائي للألفية المتمثل
بخفض نسبة الأشخاص الذين يعانون من نقص التغذية في الدول النامية من 20
بالمائة في الفترة بين عامي 1990 و 1992 إلى 10 بالمائة بحلول عام
2015.
غير أن داوي أوضح أننا "لن نشهد تكراراً لأزمة ارتفاع أسعار الغذاء
عام 2008 عندما كان المخزون العالمي من الحبوب منخفضاً، فالآن يوجد
لدينا مخزون كبير".
حقائق "حالة انعدام الأمن الغذائي في العالم"
• عدد الأشخاص الذين يعانون من نقص التغذية في عام 2010: 925 مليون
نسمة
• عدد الأشخاص الذين يعانون من نقص التغذية في عام 2009: 1.023
مليار نسمة
• المنطقة التي تضم أكبر عدد من الأشخاص الذين يعانون من نقص
التغذية: آسيا والمحيط الهادئ، 578 مليون نسمة.
• المنطقة التي شهدت الانخفاض الأكبر في عدد الأشخاص الذين يعانون
من نقص التغذية خلال عام 2010: آسيا والمحيط الهادئ، 80 مليون نسمة.
• المنطقة التي سجلت أعلى معدلات انتشار نقص التغذية: إفريقيا جنوب
الصحراء الكبرى، 30 بالمائة.
المصدر : منظمة الأغذية والزراعة
ويوافقه الرأي ماكسيمو توريرو، رئيس شعبة الأسواق والتجارة
والمؤسسات في المعهد الدولي لأبحاث سياسات الغذاء في الولايات المتحدة
الذي يرى أنه لا حاجة للشعور بالذعر.
وأضاف توريرو أن "التشابه الواضح بين ارتفاع أسعار القمح الذي نشهده
اليوم وأزمة ارتفاع أسعار الغذاء في 2007/2008 ليس حقيقياً.
والاقتراحات المضادة تؤدي إلى رفع الأسعار وإلحاق الضرر بالفقراء الذين
ينفقون جزءاً كبيراً من دخلهم أو معظمه على الغذاء. فالفقراء ليسوا
بحاجة إلى أسواق متوترة أو لإجراءات حماية خاصة تؤدي إلى تفاقم الأزمات
الغذائية كما حدث في الماضي".
وأوضح توريرو في بيان له أنه "لابد لأسعار القمح العالمية أن تبقى
مرتفعة لفترة طويلة حتى تتسبب في رفع سعر الخبز. ففي عام 2007 ارتفعت
الأسعار بشكل مستمر ولشهور متواصلة قبل أن يتأثر بها المستهلكون". بحسب
شبكة الأنباء الإنسانية "إيرين".
وكتب توريرو في البيان أن "عدم استقرار الأسعار ليس كالتضخم... فقد
ظل التذبذب في الأسعار ضمن المعدل الطبيعي منذ نهاية أزمة أسعار الغذاء
الأخيرة – بل في الواقع، وعلى الرغم من الزيادات الأخيرة، فإن الاتجاه
السائد هو ثبوت الأسعار أو اتجاهها نحو الانخفاض قليلاً. لذا لن يكون
هناك تداعيات لذلك".
وأشار عباسيان إلى أنه "من الصعب جداً التنبؤ برد فعل الأسواق على
المدى الطويل؛ فالأسواق تتأثر بالأحاسيس السائدة في الوقت الحالي
وتتفاعل مع مجموعة مختلفة من العوامل كل يوم". وأضاف أن روسيا أعلنت
مؤخراً أنها مددت الحظر الذي تفرضه على صادرات القمح حتى عام 2011،
الذي أثر بدوره مرة أخرى على الأسواق.
وقال داوي وتوريرو أنه قد تم ربط أحداث الشغب الأخيرة نتيجة لارتفاع
أسعار المواد الغذائية في موزمبيق بسعر القمح العالمي وهذا غير صحيح.
وأوضح توريرو أن الحكومة الموزمبيقية رفعت "أسعار المواد الغذائية
الأساسية والمواد غير الغذائية لتعكس ارتفاع تكلفة الاستيراد من جنوب
إفريقيا، المورد الرئيسي للسلع في موزمبيق. وقد أصبحت هذه السلع أغلى
ثمناً مع انخفاض قيمة العملة الموزمبيقية، الميتيكال، مقابل الراند
الجنوب إفريقي بنسبة 21 بالمائة منذ يناير 2010 وبنسبة 47 بالمائة منذ
سبتمبر 2009".
ومن شأن توفير معلومات أفضل أن يؤدي إلى المزيد من الشفافية، مما قد
يساعد في السيطرة على تذبذب الأسعار. |