شبكة النبأ: إن عملية نشر السلام بين
فلسطين وإسرائيل كان يظن الكثيرين إنها عملية طبيعية وسهلة وان ذلك
سيتم عن طريق إجراء المفاوضات السلمية بين الطرفين لتحديد مطالب كل
منهما ومناقشة المواضيع واتخاذ القرارات في آخرها، ولكن ما حدث هو
العكس تماما حيث ازدادت المشادات بينهما وأدى ذلك الى انقسامات داخلية
ونشوء اختلافات في الآراء.
حتى وصل الحال الى ازدياد الطلب من قبل العديد من الفلسطينيين على
الخروج من المفاوضات لما شهدوه من تقصير واضح من الجانب الإسرائيلي،
والأخير مازال ملتزما بعدة قرارات اتخذها وعلى ما أكدت عليه بعض
المصادر انه لا أمل في تغيير رأيه، والذي يؤدي هذا وبنظر بعض الباحثين
والمتابعين الى تزايد النزاعات والهجمات بين الطرفين وتصاعد عمليات
العنف بينهم كما وصفوها بعمليات الانتقام.
ينتقمون لأنفسهم
حيث أفاد باحثون بأن محاولة غير عادية لإحصاء النزاعات التي نشبت
بين الإسرائيليين والفلسطينيين تثبت أن الطرفين يقومان بالانتقام من
الهجمات العنيفة. وقالوا إن هذه الخلاصة تتحدى الفهم السائد بأن
الفلسطينيين يهاجمون بصورة عشوائية وتظهر أن الجانبين يضرون بمصالحهم
من خلال أعمال العنف.
وأفاد الباحثون الذين نشروا دراسة في مؤتمر للأكاديمية الوطنية
للعلوم " Proceedings of the National Academy of Sciences" بأنهم
يأملون في إلقاء بعض الضوء على النفسية التي تجعل الإسرائيليين
والفلسطينيين يشعرون أنهم ضحايا للصراع.
وقال يوهانيس هاوسهوفر من جامعة زوريخ الذي عمل في الدراسة "لقد
أصبنا بقليل من الإحباط جراء التعصب والتسييس الموجود في النقاش
المتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي." وأضاف هاوسوفر الذي يصف نفسه
بأنه أخصائي أعصاب واقتصادي "توجد الكثير من البيانات هناك في انتظار
من يفهمها."
وعمل هاوسهوفر مع نانسي كانويشر من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا
وأنات بيليتزكي من جامعة كينيبياك في كونيتيكت وهي عضو في منظمة بتسيلم
الإسرائيلية لحقوق الإنسان الفلسطيني. وقالت بيليتزكي في بيان "أظهرت
الأدلة السابقة أن الهجمات الإسرائيلية غالبا ما تكون ردا على اعتداء
فلسطيني بينما لم تتبين صحة ذلك مع الهجمات الفلسطينية." بحسب وكالة
الأنباء البريطانية.
وأضافت "هذا يشير الى أن الصراع من جانب واحد حيث يهاجم الفلسطينيون
إسرائيل والجيش لا يفعل شيئا الا الرد على ذلك الاعتداء. وتفيد النتائج
التي توصلنا إليها الى أن الوضع أكثر توازنا من ذلك." ودرس فريق البحث
الهجمات بصواريخ قسام بين عامي 2000 و2008 باستخدام وسيلة إحصائية تسمى
"التراجع الذاتي للمتجهات" لربط وفاة 4874 فلسطينيا و1062 اسرائيليا
بأعمال عنف مختلفة بما في ذلك الضربات الجوية والصاروخية وتدمير
المنازل. وقال هاوسهوفر "النتيجة الرئيسية هي أن الجانبين يشنان أعمالا
انتقامية."
وتوصل الفريق الى أنه حينما تقتل القوات الإسرائيلية خمسة فلسطينيين
فهي تزيد احتمال أن يموت إسرائيليون جراء هجمات فلسطينية في اليوم
التالي بنسبة 50 في المائة.
وأضاف هاوسهوفر أن صواريخ القسام نادرا ما تقتل أحدا ولكن من السهل
على الفلسطينيين إطلاقها وهي مفيدة في دراسة محاولات الانتقام. وتابع
قائلا " تثور ضجة إعلامية كلما حدث ذلك."
وقالت الدراسة "تفيد نتائجنا بأن عدد صواريخ القسام التي يتم
إطلاقها زاد بنسبة ستة في المائة في اليوم التالي من قتل فلسطيني على
يد إسرائيل.. ويزيد احتمال إطلاق أي صاروخ قسام بنسبة 11 في المائة
ويزيد احتمال قتل أي إسرائيليين على يد الفلسطينيين بنسبة عشرة في
المائة." وأضافت "في المقابل.. فبعد يوم واحد من مقتل اسرائيلي واحد
على يد الفلسطينيين يزيد عدد الفلسطينيين الذين تقتلهم إسرائيل بنسبة
تسعة في المائة وتزيد نسبة مقتل أي فلسطيني بنسبة 20 في المائة."
وتأزمت محادثات السلام التي تدعمها الولايات المتحدة بعد انتهاء
فترة تجميد الاستيطان التي أعلنتها إسرائيل لمدة عشرة شهور. وقال
هاوسهوفر "يميل كل جانب الى اعتبار نفسه ضحية.. واذا ما اعتبروا أنفسهم
ضحايا فإنهم لا يرون العنف الذي اقترفته أيديهم."
عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية
بينما يجتمع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس
الأمريكي باراك أوباما في واشنطن القادم حيث تحتل عملية صنع السلام مع
الفلسطينيين مكانا بارزا على جدول أعمالهما. وطالب نتنياهو - مرددا ما
تطالب به واشنطن - بأن تنتقل المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية الحالية
الى لقاءات مباشرة بدلا من المحادثات غير المباشرة التي تتحرك ببطء
والتي يتوسط فيها حاليا المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط جورج ميتشل.
وفيما يلي القضايا الأساسية المطروحة على طاولة المفاوضات:
حل الدولتين
تسعى إدارة اوباما للتوصل الى اتفاق لإقامة دولة للفلسطينيين في
الضفة الغربية وقطاع غزة الى جانب إسرائيل فيما يسمى بحل الدولتين
والذي يمثل محور الجهود الأمريكية للسلام بين الإسرائيليين
والفلسطينيين. ويقول نتنياهو ان أي دولة فلسطينية يجب أن تكون منزوعة
السلاح حتى لا تمثل تهديدا لإسرائيل. ولا يعترض الفلسطينيون على هذا
المطلب لكنهم يقولون انه يجب مناقشة ذلك في مفاوضات مع إسرائيل.
- المستوطنات الإسرائيلية
طالب الرئيس الفلسطيني محمود عباس بتجميد كامل للتوسع الاستيطاني
وفقا لتعهد اسرائيل بموجب "خارطة الطريق" التي أعلنت عام 2003 بتأييد
من الولايات المتحدة الى ان يتم التوصل الى اتفاق نهائي يحدد وضع
المستوطنات التي أقامتها إسرائيل في الضفة الغربية والقدس الشرقية
الأراضي التي احتلتها في حرب 1967. وتلزم خارطة الطريق السلطة
الفلسطينية بأمور من بينها "اتخاذ إجراءات ضد من يخططون أو ينفذون
هجمات ضد الإسرائيليين". بحسب وكالة الأنباء البريطانية.
وتقول الدول الغربية ان عباس ساهم في تحسين أمن إسرائيل ولكن
إسرائيل تقول ان هذا غير كاف. وأعلن نتنياهو في نوفمبر تشرين الثاني
التوقف لمدة عشرة أشهر عن إقامة وحدات سكنية جديدة في مستوطنات الضفة
الغربية لكنه لم يطبق هذا الإجراء على القدس الشرقية التي احتلتها
إسرائيل ايضا عام 1967 وكذلك على مناطق محيطة بها في الضفة الغربية
ضمتها اسرائيل الى المدينة. ويقول الفلسطينيون انه يجب إخلاء جميع
المستوطنات التي يعتبرونها غير شرعية وهو رأي تشاركهم فيه محكمة العدل
الدولية والقوى الكبرى.
وتعهد نتنياهو بالاحتفاظ بعدد من المستوطنات الكبرى في اي اتفاق
للسلام. وكانت الحكومات الإسرائيلية السابقة قالت انها قد تعوض
الفلسطينيين بأراض في أماكن أخرى.
القدس
يريد الفلسطينيون ان تكون القدس الشرقية التي تضم المدينة القديمة
والمواقع الدينية الإسلامية واليهودية والمسيحية عاصمة الدولة التي
يهدفون لإقامتها في الضفة الغربية وقطاع غزة. ويقول نتنياهو ان القدس
ستظل العاصمة "الموحدة والأبدية" لإسرائيل. ولا تحظى ادعاءات إسرائيل
بشأن القدس باعتراف دولي.
اللاجئون
يطالب الفلسطينيون منذ أمد طويل بعودة اللاجئين وعددهم الآن بضعة
ملايين لكن المفاوضين الفلسطينيين أشاروا الى إنهم سيقبلون بحل عادل
متفق عليه لمشكلة اللاجئين وفقا لقرار للأمم المتحدة يقضي بتعويض من
يستقر منهم في أماكن أخرى. وتقول إسرائيل إن أي توطين للاجئين
الفلسطينيين يجب أن يتم خارج حدودها.
تقليل نزعة التشدد
من جانبه قال مسؤول بالأمم المتحدة إن مشروع قانون مقترح يمنح
اللاجئين الفلسطينيين في لبنان حقوقا مدنية أساسية سيعزز إحساسهم
بالكرامة والعيش الكريم مما سيسهم في خفض نزعة التشدد في مخيمات
اللاجئين في لبنان.
وقال سلفادور لومباردو مدير وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين
التابعة للأمم المتحدة (أونروا) في لبنان إن التشريع المقترح ينص فقط
على منح الفلسطينيين حقوقا للإنسان وليس الدفع نحو تطبيعهم- وهي قضية
شائكة تثير مخاوف زعزعة استقرار طائفي هش.
ووجهت أصابع الاتهام لمتشددين فلسطينيين بشأن هجمات على قوات حفظ
السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان وإطلاق صواريخ من لبنان صوب
إسرائيل- وقع معظمها أثناء الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة-
وكذا تشكيل خلايا تتبنى فكر تنظيم القاعدة في مخيمات اللاجئين.
وتقدر سجلات أونروا عدد الفلسطينيين في مخيمات بلنبان بزهاء 425
ألفا تقوم اونروا بتوفير الخدمات لهم. ويعيش غالبية هؤلاء اللاجئين في
12 مخيما تتوزع على أنحاء مختلفة بالبلاد في ظروف وصفها لومباردو
بالمزرية والمأسوية. وهؤلاء اللاجئين هم أحفاد لعائلات فرت او أجبرت
على الفرار من ديارها خلال القتال الذي تزامن مع انشاء دولة اسرائيل
عام 1948.
ويتعرض الفلسطينيون في لبنان للتهميش منذ وقت طويل وكانت الحرب
الأهلية في لبنان بين 1975 و 1990 قد تفجرت بسبب نزاعات بين فصائل
فلسطينية ومسيحية لبنانية. وبسبب الرفض الذي يلقونه من جانب أصحاب
الأعمال وعدم السماح لهم بحيازة ممتلكات ومعانتهم من التمييز تقوقع
اللاجئون الفلسطينيون في شكل وجود مزري في مخيمات مزدحمة غير صحية.
وتنص مقترحات تتضمنتها مسودة قانون من المتوقع ان يناقشه البرلمان
في غضون فترة قليلة على منح الفلسطينيين حق تملك شقة سكنية وتقنين حقوق
العمل مثل الحق في الرعاية الصحية في حال حوداث العمل والحق في مكافأة
نهاية الخدمة. وقال لومباردو في مقابلة "لو ان لديك أناسا يعيشون تحت
خط الفقر... والاهم هو غياب حل سياسي واقتصادي لمشكلتهم ماذا تتوقع؟"
وبسؤاله عما اذا كان يعتقد أن القانون سيخفف نزعة التشدد قال
لومباردو "ما من شك في ذلك. ليس لدي من شك لو أوجدت نموذجا لمخيمات
يمكن للمرء أن يعيش فيها بكرامة وأن يكون للناس فيها أماني وأحلام
وتطلعات في حياتهم. عندها سيكون لديك سكان يلتزمون بقيم التسامح وحقوق
الإنسان." بحسب وكالة الأنباء البريطانية.
ويحظر على الفلسطينيين في لبنان العمل في عشرات المهن وإذا حدث
وقبلهم احد من أرباب العمل فانه يمنحهم أجرا اقل من نظرائهم اللبنانيين.
كما يحظر عليهم الاستفادة من الخدمات الاجتماعية والصحية العامة
ويواجهون قيودا في الجامعات والمدارس اللبنانية. وفي الوقت الحالي لا
يستطيع الجيش اللبناني دخول المخيمات الفلسطينية وتشهد بعض المخيمات
المتشددة والمسلحة بشكل جيد مثل عين الحلوة في الجنوب مصـادمات
فلسطينية فلسطينية بشكل دوري.
وخاض متشدون من مخيم نهر البارد في الشمال يتـبنون فكر تنظيم
القاعدة معركة مع الجيش اللبناني استمرت 15 أسبوعا أودت بحياة ما يزيد
على 440 شخصا بينهم 170 جنديا لبنانيا. وقال لومباردو "دعونا لا ننسى
أن ذلك سيكون له مردود كبير على استقرار لبنان، لبنان سيستفيد. سيكون
لديه قوة عاملة ستستثمر هنا."
واشاد لومباردو بحكومة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري لالتزامها
بإدراج الحقوق الفلسطينية على جدول الأعمال وتضمينها في بيان السياسة
العام الماضي. لكن المقترحات واجهت عقبات في البرلمان بسبب مخاوف
النواب المسيحين من أن يؤدى منح حقوق للاجئين الفلسطينيين الى حصولهم
على الجنسية في النهاية.
والقضية واحدة من الموضوعات الحساسة في لبنان الذي يخشى فيه ساسة من
زعزعة استقرار طائفي هش لاسيما وان غالبية الفلسطينيين من المسلمين
السنة.
الانسحاب من المفاوضات
في حين اظهر استطلاع للرأي نشره مركز فلسطيني ان ثلثي الفلسطينيين
في الضفة الغربية وقطاع غزة يؤيدون قرار الانسحاب من المفاوضات
المباشرة مع الجانب الإسرائيلي في ظل تجدد الاستيطان.
أشارت نتائج الاستطلاع الذي أجراه (المركز الفلسطيني للبحوث
السياسية والمسحية) في الضفة الغربية وقطاع غزة وذلك في الفترة ما بين
30 سبتمبر أيلول والثاني من أكتوبر تشرين الاول من عام 2010 أن "66 في
المائة يعتقدون أن على الطرف الفلسطيني الانسحاب من المفاوضات المباشرة
الآن بعد عودة البناء الاستيطاني فيما تقول نسبة 30 في المائة أنه
ينبغي عدم الانسحاب من المفاوضات. نسبة المطالبة بالانسحاب من
المفاوضات تبلغ 62 في المائة في قطاع غزة و68 في المائة في الضفة
الغربية."
وأعلنت القيادة الفلسطينية ان المفاوضات المباشرة مع إسرائيل لن
تستأنف حتى يتوقف النشاط الاستيطاني في الضفة الغربية. وأوضح المركز في
بيان صحفي صادر عنه انه تم إجراء المقابلات وجها لوجه مع عينة عشوائية
من الأشخاص البالغين بلغ عددها 1270 شخصا وذلك في 127 موقعا سكنيا
وكانت نسبة الخطأ ثلاثة في المائة." بحسب وكالة الأنباء البريطانية.
وأظهرت النتائج "أن نصف الفلسطينيين يعتقدون أن عملية حماس المسلحة
(التي أدت الى مقتل أربعة مستوطنين عشية انطلاق المفاوضات المباشرة) قد
هدفت لإجهاض هذه المفاوضات المباشرة." وفيما يتعلق بإجراءات السلطة بعد
هذه العملية مثل الاعتقالات في صفوف حركة حماس أشار الاستطلاع الى ان
الأغلبية عارضت هذه الإجراءات وقد بلغت 76 في المائة وأيدتها نسبة
عشرين في المائة فقط.
ودعت الحكومة الفلسطينية برئاسة سلام فياض بعد اجتماعها الأسبوعي
الى تعزيز المقاومة السلمية وقالت في بيان صادر عنها "أنه في ظل
المواقف الإسرائيلية المتعنتة فان الجهود الفلسطينية إضافة الى العملية
السياسية يجب أن تركز على تعزيز الصمود وتعزيز المقاومة السلمية ضد
الاحتلال والتي أعادت الاعتبار لنضالنا الوطني ولحقوق شعبنا المشروعة." |