نووي إيران... خوف متنام من انقلاب في موازين القوى

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: تجهد القوى الغربية ومن ورائها إسرائيل بكل ما أوتيت من قوة لإفشال البرنامج النووي الإيراني وعرقلته بشتى السبل والوسائل المتاحة، بسياق شرعي او غير شرعي.

حيث ترى تلك البلدان في امتلاك إيران للتقنية النووية خطرا مباشرا على مصالحها الدولية وانقلاب في الموازين السياسية على صعيد المجموعة الدولية برمتها، وما سيكون لهذا الأمر من إسقاطات كبيرة في منطقة تسود فيها الصراعات السياسية والاثنية والقومية أيضا.

إلا إن تلك الجهود بحسب ما تردده إيران لم تثمر بنتيجة قادرة على كبح الطموح النووي او عرقلته بشكل جدي، ومشاريع الطاقة النووية تسير بحسب ما هو مخطط له وفق جداول زمنية محسوبة سلفا.

فيما تتردد إيران في تحذير المجموعة الدولية من مغبة محاولة وقف مشاريعها بالقوة او العنف، واضعة في الحسبان ما سوف يترتب على تلك المحاولات من تداعيات كارثية على مستوى العالم.

تفاقم الشكوك

وعلى الرغم من أن إيران تبرر أنشطتها الذرية بخطط لبناء شبكة من محطات الكهرباء النووية ولكن المحللين الغربيين يقولون ان الافتقار الى موارد طبيعية والعزلة الدولية المتزايدة تجعل تلك الطموحات بعيدة المنال على ما يبدو.

وقضية ما اذا كانت ايران قادرة على بناء ما يصل الى 20 مفاعلا نوويا في غضون العقدين القادمين من الزمن تمس جوهر خلاف دبلوماسي قائم منذ ثماني سنوات حول البرنامج النووي للدولة الاسلامية.

وتصر ايران على أنها تريد تخصيب اليورانيوم - وهو مادة يمكن أن تستخدم أيضا في انتاج أسلحة ذرية اذا تمت تنقيتها الى درجة أكبر - لتشغيل محطات للطاقة في المستقبل تستهدف توليد الكهرباء وتمكن البلاد من تصدير كميات أكبر من ثرواتها من الغاز والنفط.

وتقول ان أولى منشآتها في هذا الصدد وهي مفاعل قدرته ألف ميجاوات تبنيه روسيا بالقرب من مدينة بوشهر المطلة على الخليج سيبدأ انتاج الكهرباء في أوائل عام 2011 بعد سنوات من التأجيل.

لكن الولايات المتحدة وحلفاءها يعتقدون أن تخصيب اليورانيوم في ايران جزء من مسعى سري لانتاج أسلحة وفرضت عقوبات صارمة على طهران لاجبارها على وقف العمل.

وقال أوليفر ثرينرت وهو باحث كبير في المعهد الالماني للشؤون الدولية والامنية "ببساطة ان بناء هذا العدد من المفاعلات في هذا الوقت القصير أمر غير واقعي."

وتابع "ليس لدى الايرانيين الدراية ولا البنية الاساسية ومن المحتمل أنهم لا يمتلكون الاموال بسبب العقوبات."

وأبلغ علي أكبر صالحي رئيس هيئة الطاقة الذرية الايرانية الاجتماع السنوي للجمعية العمومية للوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا الشهر الماضي بقرار البرلمان الايراني بناء محطات للطاقة النووية لتوليد ما يصل اجمالا الى 20 ألف ميجاوات من الكهرباء بحلول عام 2030 .

وحث "جميع الموردين المحتملين على اغتنام هذه الفرصة للمشاركة في بناء محطات الطاقة الجديدة."

واستبعد مارك فيتزباتريك وهو مسؤول كبير سابق في وزارة الخارجية الامريكية ويعمل الان في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية وهو مركز أبحاث مقره لندن هذا القرار باعتباره "وهما" ليس له أي مغزى اقتصادي. وقال "الحديث عن طاقة قدرها 20 ألف ميجاوات عذر لتبرير برنامج التخصيب."

وقال ايان انتوني مدير برنامج الرقابة على الاسلحة ومنع الانتشار في المعهد الدولي لابحاث السلام في ستوكهولم ان بناء عدد محطات الطاقة الذي تريده ايران سيكون "مكلفا للغاية" لكنه ليس مستحيلا.

ويرى معارضو البرنامج النووي الايراني أنه لا يوجد أي مغزى تجاري لتخصيب اليورانيوم في ظل عدم وجود المحطات التي تستخدم الوقود. ولكنه قد يكون أكثر منطقية اذا كان لدى الدولة الكثير من محطات الطاقة الذرية.

وقال أنتوني ان السؤال هو ما اذا كانت خطة انشاء شبكة من محطات الطاقة الذرية "ترتيب لاحق على الحدث لتقليل الانتقاد لبرنامج التخصيب أو ما اذا كانت النية الصادقة لايران هي بناء هذه المحطات للطاقة."

ونظرا للعزلة السياسية والاقتصادية المتزايدة التي تواجهها ايران فمن غير المرجح أن تدخل شركات الطاقة النووية العالمية الجمهورية الاسلامية في وقت يتزايد فيه الطلب العالمي على محطات الطاقة النووية التي قد تصل تكلفة المحطة الواحدة منها الى أربعة مليارات دولار.

قال ايان هور-ليسي مدير الاتصالات العامة في الاتحاد النووي العالمي وهي هيئة تخص صناعة الطاقة النووية في العالم ان سوق الطاقة النووية "سوق للبائع. فالشركات الاجنبية لن تتسابق مع بعضها لان تكون لها استثمارات هناك (في ايران) في ظل الظروف الحالية."

وقال ان ايران تفتقر الى بعض قدرات البنية الاساسية لتصنيع بعض العناصر الاساسية بنفسها.

وقال مارك هيبس من مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي "لن يصدر أي موردين في أي مكان في العالم بما في ذلك الصين وروسيا مفاعلات الى ايران" طالما اعتبر ذلك انتهاك لقرارات الامم المتحدة.

وطرحت ايران التي تحصل في الوقت الحالي على 90 في المئة من الكهرباء من خلال الوقود الحفري مناقصات في عام 2007 لبناء مفاعلين بطاقة ألف و1600 ميجاوات بالقرب من بوشهر سيتم البدء في انشائهما في عام 2016 .

وقال الاتحاد النووي العالمي في موقعه الالكتروني ان ايران أعلنت أيضا عن خطط لبناء مفاعل طاقته 360 ميجاوات في دارخوفين في جنوب شرق البلاد.

وتقول ايران انه في اطار هذا المسعى للتوسع فانها ستبني عشر محطات أخرى لتخصيب اليورانيوم علاوة على محطتها الوحيدة العاملة في نطنز ومحطة أخرى قيد الانشاء في منطقة جبلية محصنة بالقرب من مدينة قم مما يزيد من مخاوف الغرب.

وقال ثرينرت "لديهم قدر من الاهتمام بالاستخدام السلمي للطاقة النووية. لكنني مقتنع تماما بأن دافعهم الاهم هو توفير بديل من الاسلحة النووية."

وقال أولي هاينونن الرئيس السابق للتفتيش على مستوى العالم في الوكالة الدولية للطاقة الذرية والذي يعمل الان في جامعة هارفارد ان ايران وحدها هي التي تعرف ما هي أهدافها النووية حقا.

وتابع قائلا "ان لها علاقة بمكانتها ولها علاقة بأمنها وبأن تكون لاعبا اقليميا.. انها أمر معقد. لنقل ان الامر لا يتعلق فقط بالاسلحة النووية أو بانتاج وقود لمفاعل بوشهر."

معركة الكمبيوترات

على صعيد متصل تنشر الديلي تلغراف تقريرا عن تحليل خبراء الكمبيوتر للفيروس الذي ضرب اجهزة الكمبيوتر الايرانية وتقديرهم ان اسرائيل وراء ذلك الهجوم الاليكتروني.

اذ وجدت اشارات من الكتاب المقدس في شفرة برنامج الفيروس ستاكسنت تدل على ان اسرائيل وراء الفيروس.

اذ وجدت كلمة "ميرتوس" في شفرة برنامج الفيروس وهي المصطلح اللاتيني لاسم شجرة الآس. وكان المعني العبري للآس، هاداسا، اسم الميلاد لملكة فارس اليهودية استر.

وفي الكتاب المقدس ان استر اجهضت هجوما على السكان اليهود في بلاد فارس ثم اقنعت زوجها بشن هجوم استباقي قبل ان يتعرضوا هم للهجوم.

ومعروف ان اسرائيل هددت بشن هجوم استباقي على منشآت ايران النووية لمنع الجمهورية الاسلامية من امتلاك القدرة على تهديد وجود الدولة العبرية، كما تقول التلغراف.

ويقول الباحث الالماني رالف لانغنر ان الوحدة 8200، وهي شعبة استخبارات الاشارة في الجيش الاسرائيلي، هي التي شنت الهجوم بفيروس الكمبيوتر بتسريب البرنامج الى كمبوترات محطة بوشهر النووية.

وامضى خبراء الكمبيوتر اشهرا لتعقب مصدر فيروس ستاكسنت الذي ضرب انظمة التشغيل التي تنتجها شركة سيمنس الالمانية في انحاء العالم.

ويعتقد المبرمجون الذين درسوا الفيروس انه ربما نقل الى ايران عن طريق جهاز ذاكرة خارجي (يو اس بي) استخدمه احد العاملين في شركة روسية تعمل في بناء محطة بوشهر. ولدى الشركة ذاتها مشروعات في اسيا، وتحديدا في الهند واندونيسيا.

وتعرضت تلك المشروعات ايضا لهجمات الفيروس، الا ان الضرر الاكبر كان في ايران التي شهدت اكثر من 60 في المئة من هجمات الفيروس.

وقال خبراء امن المعلومات ان اسرائيل هي المدبر الاكثر احتمالا للهجوم وانها كانت تستهدف ايران، لكنها لم تخبر أي من حلفائها بخططها كي يتوخوا الحذر.

تشغيل محطة بوشهر الى اوائل 2011

من جانبه قال مسؤول كبير ان أول محطة لتوليد الكهرباء بالطاقة النووية في ايران ستبدأ في امداد البلاد بالطاقة في اوائل عام 2011 مشيرا الى تأخير بضعة أشهر بعد انتشار فيروس كمبيوتر عالمي يعتقد انه أثر بصفة أساسية على ايران.

وقال مسؤولون ايرانيون ان الفيروس ستاكسنت أصاب أجهزة الكمبيوتر الخاصة بموظفي محطة بوشهر النووية لكنه لم يؤثر على النظم الرئيسية هناك.

وعندما بدأت ايران تحميل الوقود في بوشهر في اغسطس اب قال مسؤولون ان الامر سيستغرق بين شهرين وثلاثة أشهر لكي تبدأ المحطة في انتاج الكهرباء وانها ستولد 1000 ميجاوات أي نحو 2.5 في المئة من استهلاك البلاد للطاقة.

ونقلت وكالة الطلبة الايرانية للانباء عن علي أكبر صالحي رئيس هيئة الطاقة الذرية الايرانية قوله "نأمل في نقل الوقود الى قلب محطة الطاقة النووية في بوشهر الاسبوع القادم وقبل النصف الثاني من الشهر الايراني مهر (7 اكتوبر)."

وقال "يجري تمهيد الارض في هذا الشأن باذن الله وسيتم تحميل الوقود في قلب المفاعل تماما بحلول أوائل نوفمبر وقلب محطة طاقة بوشهر سيبدأ العمل بحلول ذلك الوقت."

وأضاف صالحي "بعد شهرين الى ثلاثة أشهر ستضاف تلك الكهرباء الى الشبكات." وهذا يعني ان محطة بوشهر ستولد الكهرباء ابتداء من يناير كانون الثاني أو فبراير شباط. ويقول خبراء أمن ان الفيروس ستاكسنت ربما كان هجوما ترعاه دولة ضد البرنامج النووي الايراني وانه قادم من الولايات المتحدة أو اسرائيل العدوان اللدودان للجمهورية الاسلامية.

ويشمل البرنامج النووي الايراني تخصيب اليورانيوم - في عملية منفصلة عن بوشهر - ويشتبه زعماء الغرب في انه يهدف الى تطوير اسلحة نووية. وتقول ايران انها تقوم بتنقية اليورانيوم لاستخدام شبكة محطات توليد كهرباء تعمل بالطاقة النووية في المستقبل.

ويقول دبلوماسيون ومصادر أمن ان حكومات غربية واسرائيل يرون ان التخريب وسيلة لابطاء النشاط النووي الايراني.

ولا تتوفر معلومات كثيرة بشأن حجم الضرر اذا كان قد حدث أي ضرر في البنية التحتية النووية والبنية الاوسع في ايران نتيجة لفيروس ستاكسنت وطهران لن تكشف على الارجح عن أي تفاصيل. بحسب رويترز.

ويعتقد بعض المحللين ان ايران ربما تعاني من تخريب أوسع استهدف ابطاء تقدمها النووي وأشاروا الى سلسلة من المشاكل الفنية التي ليس لها تفسير التي أدت الى تخفيض عدد أجهزة الطرد المركزي التي تعمل في وحدة تخصيب اليورانيوم في نطنز.

وبدأت شركة سيمنس الالمانية العمل في محطة بوشهر في السبعينات قبل الثورة الاسلامية في ايران لكنها تعرضت لتأخيرات.

وصممت روسيا المحطة وقامت ببنائها وستزودها بالوقود. ولتخفيف القلق من الانتشار النووي فانها ستسترد قضبان الوقود المستنفد الذي يمكن بدلا من ذلك ان يستخدم في صنع بلوتونيوم من الدرجة المستخدمة في صنع أسلحة. ويراقب بوشهر مفتشون من الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وانتقدت واشنطن موسكو لمضيها قدما في محطة بوشهر رغم التحدي الايراني بشأن البرنامج النووي.

شحنة غير مشروعة

من جهتها قالت وزارة الاقتصاد الهولندية ان السلطات الهولندية قد تتخذ اجراءات قانونية ضد أحد المصدرين لخرقه العقوبات التي يفرضها الاتحاد الاوروبي على ايران بنقله شحنة من المعدات الى ايران نيابة عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للامم المتحدة.

وقال متحدث باسم الوزارة ان الوكالة الدولية للطاقة الذرية أرسلت المعدات الى متلق محظور وهو هيئة الطاقة الذرية الايرانية في اطار اتفاق التعاون الفني مع الجمهورية الاسلامية.

وفي فيينا أكدت الوكالة انها طلبت كاشفا لتسرب الهيليوم لمشروع لمكافحة السرطان تديره في ايران لكنها قالت ان 35 دولة الاعضاء في مجلس محافظي الوكالة وافقت على هذا المشروع ومن بينها دول أوروبية عديدة في عام 2007.

وقال ايهان ايفرنسيل المتحدث باسم الوكالة الدولية للطاقة الذرية دون أن يعطي المزيد من التفاصيل "الهدف من هذا المشروع للتعاون التكنولوجي هو اعداد مصادر علاجية وجسيمات تصادمية مشعة ومواد مشعة لعلاج السرطان."

وبدا أن هذا الامر يسلط الضوء على التبعات غير المرغوب فيها لتشديد العقوبات الغربية على ايران بسبب نشاطها النووي الذي يشتبه الغرب في أنه يستهدف صنع أسلحة نووية وهي تهمة تنفيها طهران.

وقالت الوزارة الهولندية ان وقف المعدات كان سببه الاجراءات الاكثر تشددا من جانب الاتحاد الاوروبي التي تم الاتفاق عليها في يوليو تموز حتى على الرغم من أن الكاشف جهاز ليس بالضرورة من الاجهزة التي تستخدم في الانشطة النووية.

وقال المتحدث "في هذه الحالة فان الاستخدام لا يتعلق بنا. فالمتلقي - هيئة الطاقة الذرية الايرانية - مسؤول عن البرنامج النووي الايراني المتنازع عليه."

ولحشد الضغوط على ايران فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي اجراءات عقابية خلال الاشهر الاخيرة تزيد على أحدث جولة من جولات العقوبات التي فرضها مجلس الامن التابع للامم المتحدة على ايران في يونيو حزيران.

وقالت وزارة الاقتصاد على موقعها على الانترنت ان الضوابط التي يفرضها الاتحاد الاوروبي تضع قيودا على تصدير البضائع التي يمكن أن تستخدم في تصنيع وانتاج أسلحة دمار شامل كالاسلحة النووية والكيماوية والبيولوجية الى ايران.

وأضافت ان كاشف الهيليوم نقل بطريقة غير مشروعة عبر هولندا لكنها لم تعلن عن المصدر ولا عن دولة المنشأ.

وقال المتحدث باسم الوزارة الهولندية ان تحقيقا بدأ لمعرفة ما اذا كان هناك ما يكفي من الادلة لمحاكمة الجهة المصدرة للكاشف وكذلك الجهة المصدرة لشحنة أخرى من أجهزة قياس الضغط لصناعة النفط والغاز الايرانية.

وقالت مصادر دبلوماسية في فيينا ان كاشف تسرب الهيليوم يستخدم على نطاق واسع في مجال الصناعة ولا يمكن اعتباره من المواد "مزدوجة الاستخدام" والتي يمكن أن تكون لها استخدامات عسكرية.

منع المفتشين

الى ذلك قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا امانو ان حظر ايران دخول مفتشين نوويين من ذوي الخبرة الى اراضيها يعوق عمل الوكالة في الجمهورية الاسلامية لكن طهران رفضت الاتهام رفضا قاطعا.

وفي مؤشر على رغبة في استمرار العمل بالوكالة في وقت تشهد فيه العلاقات توترا مع طهران قال دبلوماسيون ان امانو عين خبيرا كبيرا في الشأن الايراني ومطلعا على اعمال الوكالة في منصب كبير المحققين فيها.

وسيخلف هيرمان ناكيرتس الذي يشرف على عمليات التفتيش في ايران ودول أخرى في الشرق الاوسط وفي جنوب اسيا وافريقيا أولي هاينونين في رئاسة الادارة بالوكالة التي تتحقق من انه لا يجري تحويل مسار البرامج النووية للدول بحيث تخدم أغراضا عسكرية.

وقال دبلوماسي على هامش اجتماع مغلق لمجلس محافظي الوكالة المكون من 35 عضوا حيث أبلغ المدير العام للوكالة يوكيا امانو المندوبين بتعيين ناكيرتس "لم يكن هناك أي اعتراض" على التعيين.

واستقال الفنلندي هاينونين من منصبه كرئيس لادارة الضمانات العالمية في يوليو تموز لاسباب شخصية بعد نحو 30 عاما في الوكالة النووية التي تتخذ من فيينا مقرا لها.

وسيتولى ناكيرتس (59 عاما) منصب كبير المفتشين وسط خلاف علني بسبب رفض ايران دخول بعض المفتشين.

وحظرت ايران في يونيو حزيران دخول مفتشين سبق لهما العمل في البلاد وابلغتهما انه لا يمكنهما العودة. ولم يكشف عن جنسيتيهما. كما ألغت طهران دخول مفتش رفيع المستوى من الشرق الاوسط في 2006 وسبق أن اعترضت أيضا على تعيين عدد اخر من المفتيشين.

وقال امانو "علمت بأسف شديد بقرار ايران الاعتراض على تكليف مفتشين أجريا عمليات تفتيش في ايران في الاونة الاخيرة."

واتهمت ايران المفتشين بتقديم "معلومات خاطئة" عن برنامجها النووي. لكن امانو عقد اجتماعا لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية المكون من 35 دولة اليوم وأعلن فيه ثقته الكاملة في "مهنية ونزاهة" المفتشين.

وقال الدبلوماسي الياباني المخضرم طبقا لنسخة من كلمة القاها في الاجتماع المغلق "لم توفر ايران التعاون اللازم للسماح للوكالة بالتأكد من ان جميع المواد النووية في ايران تستخدم في انشطة سلمية."

واضاف "اعتراض ايران المتكرر على تكليف مفتشين من أصحاب الخبرة بدورة الوقود النووي والمنشات في ايران يعيق عملية التفتيش."

وقال علي اصغر سلطانية سفير ايران لدى وكالة الطاقة الذرية للصحفيين "أرفض بشكل قاطع هذا البيان" الذي اصدره امانو والذي يفيد بأن طهران تعوق نشاط التفتيش.

واضاف سلطانية الذي انتقد احدث تقارير الوكالة بشأن ايران ووصفه بغير المتوازن وبالذي يضر مصداقيتها ان الوكالة تحت تصرفها 150 مفتشا يمكن ارسال ايهم الى ايران.

وذكر التقرير ان ايران تمضي قدما في نشاطها النووي في تحد لعقوبات اشد وعبر عن احباط متنام مما تراه الوكالة تقاعسا ايرانيا عن التصدي للمخاوف بشأن الابعاد العسكرية الممكنة لانشطتها.

ولايران الحق في رفض بعض المفتشين بموجب اتفاقها الخاص بمنع الانتشار النووي مع الوكالة. لكن دبلوماسيين غربيين قالوا ان الاعتراضات المتكررة تعرقل عمل ادارة الضمانات النووية لان المفتيشن سيخشون في اجراءات انتقامية اذا ابلغوا بصراحة عن بعض اوجة النشاط النووي الايراني.

واذا واصلت ايران رفض المفتيشين فقد تواجه عواقب دبلوماسية في وكالة الطاقة الذرية التي احال محافظوها ملف ايران الى مجلس الامن عام 2006 بسبب السرية النووية وغياب التعاون الكامل.

وتدهورت العلاقات بين ايران والوكالة منذ تولي امانو رئاسة الوكالة في ديسمبر كانون الاول.

ويتخذ امانو نهجا اكثر شدة بشأن ايران من سلفه محمد البرادعي قائلا في تقارير الى المجلس منذ ذلك الحين ان ايران تحاول تطوير صاروخ مسلح نوويا حاليا وليس في بعض الفترات في الماضي فحسب. وتتهم ايران امانو باصدار تقارير مضللة ومسيسة بشأن برنامجها النووي.

يورانيوم عالي التخصيب

وكان تقرير تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية صدر مؤخرا اكد ان ايران منذ تملك منتصف اب/اغسطس ما لا يقل عن 22 كلغ من اليورانيوم العالي التخصيب تؤكد طهران انه سيستخدم في مفاعلها الخاص بالابحاث. بحسب فرانس برس.

واعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقريرها المخصص لمجلس حكام الوكالة "ان ايران قدرت ان بين 9 شباط/فبراير 2010 و20 اب/اغسطس 2010 (...) تم انتاج حوالى 22 كلغ من اليورانيوم المخصب بنسبة 20%" في مركزها الاساسي للتخصيب في نطنز.

وفي الماضي لم تقم ايران بتخصيب اليورانيوم سوى بنسبة 5,0% في نطنز. وبدأ تخصيب اليورانيوم بنسبة تقارب 20% مطلع شباط/فبراير بهدف استخدامه كوقود لمفاعلها الخاص بالابحاث في طهران.

وقام برفع درجة تخصيب اليورانيوم الخبراء النوويون الايرانيون بالرغم من العقوبات التي فرضها مجلس الامن الدولي وتوصيات معظم الدول الغربية التي تعتبر انه مع انتاج اليورانيوم المخصب بدرجة 20% يقترب النظام الاسلامي من قدرة امتلاك قنبلة ذرية.

وبحسب التقرير الجديد للوكالة الدولية للطاقة الذرية فان ايران وضعت هذه المواد "في اسطوانة سعتها حوالى 25 كلغ وقد وضع تحت المراقبة".

تطوير رأس نووي

كما اتهمت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إيران بمواصلة تحدي قرار مجلس الأمن الدولي والاستمرار في تخصيب اليورانيوم، مضيفة أن طهران خصبت بشكل منخفض كميات من تلك المادة تكفي لتشغيل مفاعل نووي، أو لصنع أسلحة دمار شامل، إذا ما جرى رفع منسوب تخصيبها مستقبلاً.

وبحسب الوكالة، فإن منشأة "نتانز" الإيرانية شهدت خلال الفترة ما بين 23 نوفمبر/تشرين الثاني والسادس من أغطس/آب الماضي تخصيب ما مجموعه 995 كيلوغرام من اليورانيوم المنخفض التخصيب، بشكل يرفع موجوداتها الإجمالية من تلك المادة إلى 2803 كيلوغرامات.

وقال التقرير "بالاعتماد على التقييم الذي توصلت الوكالة إليه، مستندة لكامل المعلومات التي حصلت عليها، فإنها تشعر بالقلق حيال وجود نشاطات نووية، قديمة أو مستمرة، لم يتم الإفصاح عنها، تشارك فيها منظمات عسكرية، بما في ذلك العمل على تطوير رأس نووي يمكن حمله على صاروخ."

وأضافت الوكالة أن على إيران: "تعزيز تعاونها مع الوكالة لتوضيح نواياها من برنامجها النووي، كما عليها كذلك السماح لمفتشي الوكالة بالوصول إلى كافة المواقع والتحقق من جميع المواد والمعدات والأشخاص،" مشددة على أن طهران "لم تقم بالخطوات التي تضمن التأكد من سلمية نشاطاتها النووية."

وسارعت إيران إلى التعليق على تقرير الوكالة، قائلة إنه "لا يظهر أدلة على انحراف البرنامج النووي الإيراني صوب أغراض عسكرية."

وقال سفير إيران لدي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية: "هذا التقرير نقل بعض عبارات قرار مجلس الأمن بالنص، لذلك فقد أساء للمكانة الفنية والاختصاصية للوكالة الدولية للطاقة الذرية وسمعتها."

واوضح سلطانية، أن "بعض أجزاء هذا التقرير تمت الإشارة فيه إلى عمليات التفتيش المتواصلة للمنشآت النووية الإيرانية حيث أنها حملت مدلولين وهما أن كافة النشاطات العلمية والتكنولوجية وعمليات تخصيب اليورانيوم في إيران كانت ناجحة تماما، وأن كافة هذه النشاطات تمت بإشراف الوكالة الدولية بصورة كاملة."

وتابع المسؤول الإيراني: "الأجزاء التي ضمت عبارات سلبية بزعم عدم تعاون إيران ترتبط بمطالب مجلس الأمن غير القانونية والخارجة عن إطار معاهدة حظر الانتشار النووي."

جواسيس مفترضون

من جانب آخر اعلن وزير الاستخبارات الايراني حيدر مصلحي ان السلطات الايرانية اعتقلت بضعة جواسيس مفترضين يعملون عبر الانترنت على تخريب انشطة البرنامج النووي الايراني.

وقال ان ايران منعت بذلك "الاعداء من القيام بعمل تخريبي". ولم يحدد عدد الاشخاص المعتقلين ولا متى اعتقلوا، كما اوضح موقع التلفزيون الرسمي على شبكة الانترنت.

واضاف مصلحي "اؤكد لجميع المواطنين ان الاجهزة الامنية تؤمن رقابة تامة على الانترنت ولن تسمح بتسريب اي معلومة تتعلق بالبرنامج النووي الايراني ولا تخريب هذه الانشطة".

واشار الوزير الى ان ايران "اضطرت دائما الى مواجهة النشاط التخريبي ... لأجهزة" تجسس الدول الغربية، واتخذت مختلف انواع التدابير "لمواجهتها".

فيما اعلنت جماعة جند الله السنية المسلحة انها خطفت موظفا يعمل في موقع نووي ايراني وهددت بنشر المعلومات التي انتزعتها منه في حال لم يتم الافراج عن سجنائها.

واعلنت جماعة جند الله مسؤوليتها عن عملية الخطف على موقعها الالكتروني. واكدت السلطات الايرانية عملية الخطف لكنها قللت من اهميتها.

وبحسب الجماعة، فان الموظف المخطوف يدعى امير حسين شيراني ويعمل في موقع نووي في اصفهان (وسط). وقالت الجماعة ان "شيراني يملك معلومات مهمة خصوصا حول خبراء نوويين ايرانيين. وان نشر هذه المعلومات سيضر كثيرا بالنظام الايراني"، من دون تحديد تاريخ خطفه.

وتطالب جماعة جند الله طهران بالافراج عن اكثر من 200 من اعضائها وسجنائها السياسيين مقابل عدم نشر هذه المعلومات.

وحذرت من انه في حال لم يفرج عن السجناء "خلال اسبوع" فانها "ستنشر المعلومات التي حصلت عليها من امير حسين شيراني ما يسمح للعالم اجمع بمعرفة الانشطة النووية السرية للنظام الايراني بشكل افضل". بحسب فرانس برس.

ونقلت صحيفة "فرهنغ اي اشتي" الايرانية الاحد عن متحدث باسم المنظمة الايرانية للطاقة الذرية حميد خادم قائم تأكيده لعملية الخطف، لكنه اعتبر ان "لها طابعا شخصيا وهي غير مرتبطة بالملف النووي".

واكد ان شيراني "عمل سائقا لفترة قصيرة في احدى الشركات المتعاقدة" مع المنظمة الايرانية للطاقة الذرية وانه لم يعد يعمل لحسابها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 12/تشرين الأول/2010 - 4/ذو القعدة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م