إيران وتفاقم الأزمات

الانكفاء على الداخل المضطرب والصراع مع العالم الخارجي

 

شبكة النبأ: بعد العقوبات التي شنتها الولايات المتحدة على إيران والحصار الذي فرضته بمساعدة عدد كبير من الدول إضافة الى الشركات العالمية التي أوقفت تعاملاتها وسحبت عقودها مع الشركات الإيرانية، لتضييق الخناق على السلطات الإيرانية وإضعاف الاقتصاد خلل دعم الملف النووي الإيراني الذي يثير مخاوف الغرب من انه يستخدم كسلاح لتدميرهم.

فكل هذا كان من الخارج، أما من داخل الجمهورية الإسلامية الإيرانية فهناك العديد من الخلافات في وجهات النظر بين مساند ومعارض للسياسة الإيرانية التي تتبعها للوقوف بوجه العقوبات، وحتى المعارضة فهي تعاني من انشقاقات داخلية مؤدية بذلك الى حدوث تضارب مصالح في الآراء واتخاذ القرارات، بينما يعاني الجانب الدبلوماسي من مشكلة كبيرة وهي تخلي بعض الدبلوماسيين عن مناصبهم ويظن المحللين السياسيين ان ذلك يعود الى وجود معارضة قوية ضد حكومة نجادي وعدم موافقة على الاتجاه الذي يتخذه في إصدار القرارات، من جانبها تؤكد الحكومة ان هذه المشاكل ليست بالضرورة تكون بسبب ما يتمر به إيران من مرحلة صعبة ولكنها إجراءات دبلوماسية تبدأ بفترة ما وتنتهي بأخرى.

ضغوط

حيث تكاثفت الضغوط على الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد في الداخل والخارج مع اتساع رقعة الخلاف بين حكومته والغرب.

وانتقد السياسي المخضرم أكبر هاشمي رفسنجاني أحمدي نجاد لفشله في التصدي لأثر العقوبات الاقتصادية في أحدث علامة على الانقسام في صفوف النخبة الحاكمة في إيران. وتأتي انتقادات رفسنجاني علاوة على اتهامات المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية للسلطات الإيرانية بعرقلة عمل الوكالة في مراقبة برنامج طهران النووي.

وفي إضافة الى التطورات السلبية بالنسبة الى احمدي نجاد أعلن دبلوماسي من السفارة الإيرانية في بلجيكا انه سيطلب حق اللجوء السياسي في النرويج. وهو ثاني مسئول بالخارجية الإيرانية يقفز من سفينة أحمدي نجاد وينضم الى المعارضة في الخارج. غير ان الرئيس اظهر علامات على التغلب على بعض منافسيه الداخليين عندما اطلقت ايران سراح واحدة من ثلاثة أمريكيين تحتجزهم بتهمة التجسس.

وأصبحت الانقسامات داخل النخبة الحاكمة واضحة على نحو متزايد في الشهور الأخيرة مع توقف احتجاجات المعارضة على انتخاب احمدي نجاد لفترة ثانية في يونيو حزيران 2009.

وتأتي انتقادات رفسنجاني الذي أبدى تعاطفا مع حركة الإصلاح الإيرانية بعد تصريحات مماثلة من جانب بعض المتشددين في البرلمان والسلطة القضائية.

وقال مارك فيتزباتريك وهو باحث كبير في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية "هذه الشروخ كانت موجودة قبل عام ولا تزال باقية. وهي الآن أكثر ظهورا وأكثر وضوحا." وقال رفسنجاني وهو رئيس مجلس الخبراء احدى مؤسسات الدولة الرئيسية ان الجمهورية الاسلامية تتعرض لضغوط عالمية لم يسبق لها مثيل وان الحكومة أخطأت بالتهوين من شأن العقوبات على أنها لا تمثل تهديدا للاقتصاد.

ولم يشر بالاسم الى الرئيس الذي وصف العقوبات بأنها "تدعو للرثاء" ولا تزيد في فعاليتها على "منديل مستعمل". لكنه أضاف في خطابه الافتتاحي في اجتماعات المجلس "أيها السادة عليكم توخي الحذر والحرص. لا تهونوا من شأن العقوبات... ينبغي عدم خداع الناس."

وتستهدف العقوبات الجديدة التي تقودها واشنطن الخدمات المالية وقطاع الطاقة الإيراني مما يجعل التعاملات الدولية أكثر صعوبة ويضر بقدرة إيران على استيراد البنزين والحصول على استثمارات أجنبية.

والهدف من العقوبات هو الضغط على ايران للحد من أنشطتها النووية التي يخشى الغرب ان يكون الهدف منها صنع قنبلة. وتقول ايران ان طموحاتها النووية سلمية تماما. وفي علامة على تدهور العلاقات بين ايران والوكالة الدولية للطاقة الذرية قال المدير العام للوكالة يوكيا امانو ان إيران لم تبد القدر الكافي من التعاون لتمكين الوكالة من التأكد من انها تستخدم كل ما بحوزتها من مواد نووية في أنشطة سلمية. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

كما قال الدبلوماسي الياباني الذي يتخذ موقفا أكثر شدة بشأن إيران من المدير السابق محمد البرادعي ان إيران تعوق عمل الوكالة برفضها دخول بعض المفتشين. وتقول إيران ان المفتشين اللذين منعتهما من دخول أراضيها في يونيو حزيران قدما معلومات زائفة بشأن نشاطها النووي.

وقال رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية علي اكبر صالحي ان امانو ارتكب "خطأ كبيرا" وان ذلك أمر بالغ الخطورة. وأفاد احدث تقرير لامانو بأن إيران تمضي قدما في نشاطها النووي في تحد للعقوبات المشددة.

وفي اوسلو قال دبلوماسي من السفارة الإيرانية في بلجيكا انه سيطلب حق اللجوء السياسي في النرويج بسبب الانتهاكات الانتخابية وانتهاكات حقوق الإنسان في إيران. ودعا الدبلوماسي فرزاد فرحنيان للإطاحة بأحمدي نجاد في مؤتمر صحفي كان يرافقه فيه قنصل إيراني سابق في النرويج انضم الى صفوف المعارضة في الخارج في يناير كانون الثاني.

وقال فرحنيان انه يضع ثقله وراء جماعة تطلق على نفسها اسم " السفارة الخضراء" وتتكون من دبلوماسيين إيرانيين مقيمين في الخارج. وقبل ذلك بيوم واحد أعلن مسئول كبير في السفارة الايرانية في هلسنكي انه سيطلب اللجوء السياسي في فنلندا.

وكان المسؤول حسين علي زاده قد استقال من منصب نائب رئيس البعثة واتهم احمدي نجاد بسرقة انتخابات يونيو حزيران 2009 من زعيم المعارضة مير حسين موسوي واضطهاد أعضاء المعارضة. وقال علي زاده "احمدي نجاد لم يعد الزعيم الإيراني ولم يعد يمثل إيران. انه لا يتمتع بشعبية بين الإيرانيين."

كما اغضب احمدي نجاد المتشددين بتعيين أربعة حلفاء مقربين في مناصب جديدة في مجال السياسة الخارجية متخطيا وزارة الخارجية ومتجاهلا مطالب إقالة كبير موظفيه وعينه مبعوثا للشرق الأوسط.

وقالت جالا رياني المحللة في اي.اتش.اس جلوبال انسايت ان استقالة الدبلوماسيين أمر محرج للغاية بالنسبة الى الحكومة. وأضافت النظام أصبح قمعيا بشكل صريح لدرجة ان الأشخاص الذين قضوا سنوات وعقود في خدمته يتركون السفينة."

صراع سياسي داخلي

بينما تعد قائمة أعداء الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد طويلة وتتفاوت بين حكومات غربية واصلاحيين في الداخل ومنافسين جدد داخل معسكره المحافظ. لكن الدعم الذي يلقاه من الحرس الثوري الايراني ومن الزعيم الاعلى اية الله علي خامنئي مازال يضمن له اليد العليا.

لم يكن الخلاف بين الحكام المحافظين في الجمهورية الاسلامية أكثر علانية مما هو عليه الان.

ولا يتعلق الصراع بخلاف إيران النووي مع الغرب أو بالمعارضة الموالية للإصلاح التي ترفض فوز أحمدي نجاد في انتخابات عام 2009 بفترة رئاسة جديدة على اعتبار انه تحقق بالتزوير. وتفاقم الخلاف الى درجة أن خامنئي نبه زعماء الفصائل الشهر الماضي وأصدر بيانا وهو محاط بأحمدي نجاد ومنافسيه الرئيسيين تحدث فيه عن الحاجة لتوحيد الصفوف.

ويحظى أحمدي نجاد الضابط السابق بالحرس الثوري بدعم قوي من قادة الجهاز الامني ومن قوات الباسيج الامنية التي قمعت الاضطرابات المناهضة للحكومة عقب الانتخابات والتي كانت أعنف احتجاجات تشهدها إيران في نحو 30 عاما.

ويتهم بعض كبار رجال الدين أحمدي نجاد بتقويض الدور التاريخي للمؤسسة الدينية في الجمهورية الإسلامية التي أصبحت تعرف بشكل متزايد بسلطتها السياسية الفجة والشبكة الكثيفة من المصالح التجارية للحرس الثوري. وكان الحرس الثوري هو الفائز الاكبر من اضطرابات العام الماضي.

ولعب رجال الدين دورا رئيسيا في التعبئة العامة التي قادت الى قيام الثورة الاسلامية عام 1979. ويقول البعض ان دورهم أصبح مشكوكا فيه ليس صراحة ولكن حسب سير الأحداث.

ويقول كريم سجادبور من مؤسسة كارنيجي في واشنطن "جهاز ... الحرس طغى تدريجيا على المؤسسة الدينية فيما يتعلق بنفوذه الاقتصادي والسياسي وفي السياسة الخارجية."

وأضاف "أصبحت إيران الآن أقرب الى نظام الحكم العسكري المطلق." وكان خامنئي هو من عين كبار قادة الجهاز الامني الذي يدين دوما بالولاء للقيادة ولدعائم الثورة. وقال سجادبور "لا أذكر مثالا واحدا انتقدوا فيه خامنئي علنا."

وتتوقع المعارضة "عسكرة" الدولة عن طريق تنامي نفوذ الحرس الثوري الذي يتهمه الغرب بدعم برنامج نووي وصاروخي يهدف الى إنتاج سلاح نووي. وتقول طهران إنها تسعى للطاقة النووية فقط لتوليد الكهرباء. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وكان لجوء أحمدي نجاد للقضايا القومية قد أبعد بعض المحافظين لتعارضه مع المبادئ التي وضعها اية الله روح الله الخميني زعيم الثورة الراحل. غير أن محللين يقولون ان النهج القومي كان تكتيكيا لتوسيع قاعدة مؤيديه في الانتخابات البرلمانية المقررة العام المقبل.

وقال المحلل سيروس مشايخي "فقد تأييد المتشددين ... وكثير من الايرانيين لديهم حس عال بالهوية القومية." وأضاف "ويأمل أحمدي نجاد في كسب أصواتهم." وقال سجادبور ان الانتخابات الرئاسية وما أعقبها قوض " شرعية ونفوذ" القيادة العليا في إيران.

وتابع "لكن خامنئي مازال متربعا على قمة هرم السلطة في ايران...وأسلوب عمله كان ان يحكم (صفوة) من الناس يكرهون بعضهم البعض لكن يدينون له بالولاء."

وقال محلل سياسي طلب عدم نشر اسمه "الاستياء الشعبي يتزايد... حتى أن بعض المتشددين بدأوا يفقدون إيمانهم بالنظام." وعلى الرغم من كون ايران خامس أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم الا أنها بدأت في الفترة الأخيرة تشعر بوطأة الجولة الرابعة من العقوبات الدولية التي تهدف الى الضغط عليها للحد من طموحاتها النووية. وينتظر ان يواجه أحمدي نجاد استياء شعبيا من ارتفاع الأسعار والتضخم فضلا عن انتقادات من داخل المؤسسة لسياسات اقتصادية.

وقال محللون ودبلوماسيون في طهران ان نتائج الصراع الداخلي قد تغير من أسلوب ايران في التعامل مع العالم الخارجي. وقال دبلوماسي غربي بارز طلب عدم الكشف عن هويته "صعود نجم الحرس الثوري قد يشدد من موقف إيران في الخلاف النووي أو مسائل أخرى تتعلق بالسياسة الخارجية."

غير أن المحلل رضا سيهات يتوقع تغييرات في الحسابات السياسية وليس في الأهداف. وقال "لا يهم ما اذا كان الرئيس متشددا ام إصلاحيا... السياسيات الرئيسية ستبقى كما هي... لكن التكتيكات قد تتغير."

استفتاء على سياسات

من جانبه دعا زعيم المعارضة الإيرانية مير حسين موسوي الى استفتاء على ما وصفه بسياسات الرئيس محمود احمدي نجاد الاقتصادية والسياسية "المدمرة".

ولا يزال موسوي الذي خسر أمام أحمدي نجاد في انتخابات الرئاسة التي جرت في يونيو حزيران 2009 وطعنت فيها المعارضة الزعيم الرئيسي لحركة "الخضر" الإصلاحية. ونقل موقع "كلمة" الالكتروني التابع لموسوي عن الزعيم المعارض قوله مخاطبا قادة الدولة "من أعطاكم الحق في خلق هذا الوضع الاقتصادي والسياسي في البلاد.. لا تثنوا على أنفسكم. نظموا استفتاء لتروا ما اذا كان الناس يقبلون هذه السياسات المدمرة.

"النظام (الحاكم) اليوم لديه هلاوس خطيرة ويدمر كل الجسور الصغيرة والكبيرة وراءه." وكلام موسوي من أشد التصريحات التي صدرت علنا عن زعيم المعارضة منذ شهور. وكانت انتخابات الرئاسة قد أشعلت شرارة أسوأ اضطرابات تشهدها الجمهورية الإسلامية منذ نشأتها قبل نحو 30 عاما اذ كشفت عن الخلافات بين النخبة من السياسيين ورجال الدين في البلاد. ويقول زعماء المعارضة ان الانتخابات زورت في حين تقول السلطات إنها كانت الأكثر نزاهة في تاريخ الدولة. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

واندلعت احتجاجات بالشوارع عقب الانتخابات استخدمت قوات الأمن العنف لإخمادها. وأعقب ذلك اعتقالات واسعة ومحاكمات جماعية. وجرى إعدام شخصين بينما لا يزال العشرات معتقلين.

وصورت السلطات حركة المعارضة على أنها مؤامرة مدعومة من الخارج لتقويض المؤسسة الإسلامية كما سارع الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي الى دعم أحمدي نجاد في الانتخابات.

وأصر موسوي على ان الحركة لا زالت نشطة. لكن كثيرا من الإيرانيين يشعرون أن الحملة بدأت تفقد قوتها الدافعة في حين يفتقر موسوي وهو رئيس سابق للوزراء للإرادة السياسية لمواجهة المؤسسة التي خرج منها.

وجرى إغلاق 12 إصدارا مؤيدا للمعارضة وأغلب مواقعها على شبكة الانترنت منذ الانتخابات مما صعب على زعماء المعارضة التواصل مع العامة. وهاجمت قوات الأمن مكتب موسوي في سبتمبر ايلول وصادرت حواسبه الآلية في تحرك وصفته المواقع الالكترونية للمعارضة بأنها "موجة جديدة من الضغط والقيود" على الحركة الإصلاحية.

وتختلف إيران مع الغرب بشأن برنامجها النووي اذ تشتبه الدول الغربية في أنه ستار لصنع أسلحة نووية وهو ما تنفيه طهران. ويواجه الاقتصاد الإيراني الذي يقوم على النفط ضغوطا مالية بسبب العقوبات الدولية. وقال موسوي "ينبغي التوقف عن الأكاذيب حتى يقف الناس جميعا خلف المؤسسة الإسلامية ... لا يمكن لحكومة الدفاع عن نفسها في مواجهة أخطار هائلة إلا بتوحيد شعبها."

ترقب صعوبات اقتصادية

فيما قال رجل دين إيراني كبير ان الإيرانيين سيلقون صعوبات اقتصادية عندما تقلص الحكومة دعم الغذاء والوقود وهو ما يتناقض مع رؤية الرئيس محمود أحمدي نجاد بأن هذه السياسة لن تكون قاسية.

ويهدف إصلاح الدعم الذي وصفه أحمدي نجاد بأنه "أكبر خطة اقتصادية في السنوات الخمسين الماضية" الى الغاء تدريجي للدعم الذي يبلغ 100 مليار دولار وتدفعه الدولة سنويا للحفاظ على انخفاض أسعار السلع الأساسية. ومن المقرر إطلاق الخطة في الأسابيع القادمة.

ويقول محللون سياسيون ان الارتفاع المتوقع في تكاليف المعيشة وأسعار البنزين والغذاء قد يعيد إثارة الاضطرابات التي اندلعت عقب فوز أحمدي نجاد بولاية رئاسية ثانية العام الماضي.

وسيحصل الإيرانيون الفقراء على مدفوعات مباشرة لمساعدتهم في تحمل ارتفاع الأسعار وقال أحمدي نجاد ان هذه السياسة ستقلل الفقر ولن تزيده مؤكدا أن "حياة الناس ستتحسن من البداية." بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

لكن رجل الدين الذي خطب خطبة الجمعة في طهران -وهو حليف قوي للرئيس - قال انه ينبغي أن يستعد الناس لربط الأحزمة على البطون في الجمهورية الإسلامية. وقال آية الله أحمد جنتي أمام المصلين "سنواجه فترة من شبه التقشف." وأضاف "ينبغي أن تكون الحكومة حريصة على تخفيف التوترات والآثار السلبية على الفقراء."

وفي برنامج تلفزيوني مسائي كرر احمدي نجاد تفاؤله. وقال "لا عواقب سلبية لهذه الخطة وسيكون كل شئ ايجابيا حينما يحدث أمران." وقال انه ما دام الناس يحصلون على مدفوعات لمواجهة الصعوبات وتوجد روح التعاون فان كل شئ سيكون على ما يرام. وأضاف "إذا نشأ جو من عدم الثقة في هذا الشأن فسوف تحدث مشكلات."

ومن المقرر أن يبدأ الإلغاء التدريجي للدعم الذي أرجئ بالفعل ستة أشهر بسبب خلافات بين أحمدي نجاد والبرلمان في النصف الثاني من السنة الفارسية. لكن الحكومة لم توضح بالتحديد متي وأين سيجري خفض الدعم. وقال مسؤول رفيع ان دعم البنزين سيظل ساريا لمدة شهر آخر على الأقل وهو تأجيل قال محللون انه قد يعني أن الحكومة أصبحت محجمة.

وقال احمدي نجاد ان التوقيت الدقيق لتخفيضات الدعم لم يعلن لتفادي تكديس السلع ومشاهد الفوضى في محطات الوقود. وقال خلال مقابلة مع شبكة الأخبار التلفزيونية "اذا أعلنا مسبقا متي تبدأ الخطة فإنها قد تخلق مشكلات للناس."

وقال ان السلطات تقوم بتخزين بعض السلع ومنها منتجات غذائية ومنظفات لئلا يحدث نقص. وقال "أخذت الحكومة كل شئ في الحسبان ولذلك فعندما تبدأ الخطة فلن يواجه الناس مشكلات."

سحب التراخيص من حزبين معارضين

كما أعلن القضاء الإيراني "حل" حزبين من المعارضة الإصلاحية نهائيا بعدما جمد نشاطهما في نيسان/ابريل الماضي، حسب ما أعلن المتحدث باسم السلطة القضائية.

والحزبان هما جبهة المشاركة لإيران الإسلامية ومنظمة مجاهدي الثورة الإسلامية ويضمان بشكل خاص شخصيات إصلاحية مقربة من الرئيس السابق محمد خاتمي. وأعلن في التاسع عشر من نيسان/ابريل تجميد نشاط هذين الحزبين بانتظار القرار القضائي النهائي بشأنهما.

وتأخذ السلطات على هذين الحزبين قيامهما "بخرق القانون (حول نشاط الحركات السياسية) والمس بالوحدة الوطنية والسعي لبث الفرقة بين السكان". بحسب وكالة فرانس برس.

يذكر ان هذين الحزبين دعما ترشيح المعارض مير حسين موسوي خلال الانتخابات الرئاسية التي جرت في حزيران/يونيو 2009 وفاز بها الرئيس الحالي محمود احمدي نجاد. وقال المتحدث باسم السلطة القضائية غلام حسين محسني ايجائي "لقد رفعت قضية الحزبين الى المحكمة التي أمرت بحلهما ولم يعد يحق لهما القيام بأي نشاط".

ولم يوضح المتحدث ما اذا كان هناك إمكانية لاستئناف هذا الحكم. ومنذ إعادة انتخاب احمدي نجاد رئيسا للبلاد صعدت السلطات من ضغوطها على الأحزاب الإصلاحية المعارضة وعلى الصحف المعتدلة. وصدرت أحكام بالسجن بحق العديد من المسئولين السياسيين الإصلاحيين ينتمي بعضهم الى هذين الحزبين كما صدرت أحكام أخرى بحق صحافيين مقربين من المعارضة الإصلاحية وأغلقت عدة صحف.

هرب الدبلوماسيين

فيما قالت إيران ان هرب دبلوماسيين في عواصم أجنبية لا يرجع الى دوافع سياسية برغم وجهات النظر التي ترى انه يبرز خلافات تزداد عمقا في صفوف النخبة الحاكمة في البلاد. ولجأ ثلاثة دبلوماسيين إيرانيين الى دول اوروبية هذا العام اثنان منهم في الفترة الأخيرة فيما قالوا انه احتجاج على مخالفات انتخابية وانتهاكات لحقوق الإنسان.

ولكن المتحدث باسم وزارة الخارجية رامين مهمان باراست قال ان ما فعلوه يرجع الى "مصالح شخصية". وأضاف في مؤتمر صحفي أسبوعي "لم يكن تحركهم خطوة سياسية... لقد فعلوا ما فعلوه لأسباب تخص مصالحهم العائلية والشخصية. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

"كانت مهمتهم قد انتهت بالفعل ومن ثم فزعمهم أنهم استقالوا قبل انتهاء مهمتهم زعم كاذب."

وفي 14 سبتمبر ايلول صرح فرزاد فرحنيان الذي كان دبلوماسيا في السفارة الايرانية في بلجيكا وطلب اللجوء في النرويج في مؤتمر صحفي بأنه يدعم مجموعة تعرف باسم "السفارة الخضراء" وتتألف من دبلوماسيين إيرانيين سابقين يقيمون في الخارج. وكان الدبلوماسيان الآخران اللذان فرا هذا العام يعملان في النرويج وفنلندا.

استقالة دبلوماسي

كما أعلن الرجل الثاني في السفارة الإيرانية في فنلندا والقائم بأعمالها سابقا حسين علي زادة انه استقال من منصبه للانضمام الى معارضي الرئيس محمود احمدي نجاد.

وقال الدبلوماسي في اتصال هاتفي معه في هلسنكي "لقد اتخذت هذا القرار بمفردي وأنا مصمم عليه". وأوضح الدبلوماسي انه قدم استقالته وان سبب قراره هو "الانتخابات غير العادلة" التي جرت في حزيران/يونيو 2009 في إيران "عندما تم فرض احمدي نجاد على الإيرانيين".

وأضاف "انه يمثل خطرا كبيرا على الجميع، ليس على العالم والمنطقة وحسب، وإنما أيضا على الإيرانيين". وعلي زادة الذي لم يشأ توضيح ما إذا كان يعتزم طلب اللجوء السياسي الى فنلندا، أشار الى انه "خائف جدا" على سلامته وانه تلقى تهديدات عبر البريد الالكتروني.

وعلي زادة البالغ من العمر 45 عاما والمتزوج ولديه ثلاثة أطفال، يمارس العمل الدبلوماسي منذ 21 عاما وشغل مناصب في بلغاريا ومصر خصوصا. وأكد الدبلوماسي الذي يعمل في وزارة الخارجية الإيرانية منذ 21 عاما، ان الدبلوماسيين الإيرانيين "معارضون للنظام في غالبيتهم". وهو الدبلوماسي الإيراني الثاني في شمال أوروبا الذي يستقيل من منصبه بعد استقالة قنصل إيران في أوسلو محمد رضا حيدري في كانون الثاني/يناير الماضي. بحسب وكالة فرانس برس.

وفي طهران، أكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية رامين مهنبراست ان مهمة حسين علي زادة في فنلندا انتهت في العشرين من آب/أغسطس وانه كان يشغل منصب الملحق الاقتصادي في السفارة حتى ذلك التاريخ.

وأضاف المتحدث بحسب ما نقلت عنه وكالة فارس "في ختام مهمته، طلب علي زادة البقاء في هلسنكي بسبب امتحانات أولاده. ونحن في صدد دراسة هذا الطلب".

برلمانيون إيرانيون يشيدون

في حين ذكرت صحيفة إيرانية أن أعضاء البرلمان الإيراني أشادوا بالسلطة القضائية لقرارها وقف مدعي طهران السابق سعيد مرتضوي عن العمل فيما يتصل بوفاة ثلاثة محتجين نتيجة تعرضهم للتعذيب أثناء اعتقالهم بعد انتخابات الرئاسة في العام الماضي.

وكانت السلطة القضائية أعلنت في وقت سابق وقف ثلاثة من كبار المسؤولين الفضائيين لم تعلن أسماؤهم ممهدة بذلك السبيل لمحاكمتهم بشأن حالات الوفاة التي وقعت في مركز كهريزاك للاحتجاز.

وجاء في بيان وقعه 216 من بين 290 نائبا ونشرته صحيفة شرق "ان وقف المدعي السابق وقاضيين اخرين متهمين في هذه القضية يبعث على الارتياح... ما حدث في كهريزاك... فطر قلب... زعيمنا الأعلى (آية الله علي خامنئي)."

وأغلق مركز كهريزاك للاحتجاز في يوليو تموز بناء على أوامر خامنئي بعد وفاة ثلاثة أشخاص على الأقل القي القبض عليهم خلال الاضطرابات التالية للانتخابات. وكان بين المحتجزين الثلاثة الذين توفوا ابن مستشار للمرشح الرئاسي الخاسر في الانتخابات محسن رضائي. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وهذه هي المرة الأولى في تاريخ القضاء الإيراني الذي وضعت دعائمه في عام 1908 التي يتم فيها وقف قضاه بارزين عن العمل بحسب ما ذكرت الصحفية. وطبقا لقوانين الشريعة الإسلامية في إيران لا يمكن محاكمة قاض إلا بعد وقفه عن العمل.

وقال محام طلب عدم ذكر اسمه "الآن بعدما صار مرتضوي والقاضيان الآخران من دون حصانة يمكن محاكمتهم عن جرائمهم." وفي يناير كانون الثاني خلص تحقيق برلماني الى تحميل مرتضوي المسؤولية عن إرسال المحتجين الى معسكر اعتقال كهريزاك جنوبي طهران وطالب بمعاقبته.

الإضرار بأمن البلاد

بينما اتهم وزير الاستخبارات الإيراني حيدر مصلحي شركة مستحضرات التجميل السويدية اوريفليم بالسعي الى الإضرار بأمن الجمهورية الإسلامية بعد توقيف خمسة من موظفيها بشبهة التجسس.

ونقل موقع الكتروني عن مصلحي قوله للصحافيين عند ضريح الإمام الخميني في طهران ان "اوريفلام كان تعتزم محاربة النظام الإيراني وليست هناك أي أهداف اقتصادية للشركة". وأضاف "أدركنا من الأدلة التي في حوزتنا ان قوى الاستكبار واجهزة الاستخبارات سعت الى إثارة مشاكل أمنية في البلاد عبر هذه الشركة". وفي ستوكهولم، نفى المدير المالي لشركة اوريفليم غابرييل بينيت اي نشاط سياسي للشركة. وقال "نحن شركة لمستحضرات التجميل، نبيع منتجاتنا بطريقة البيع المباشر. لسنا بطبيعة الحال منخرطين في أي نشاط سياسي في البلاد. من الصعب للغاية بالنسبة إلينا التعليق على هذه الاتهامات".

وأغلقت السلطات الإيرانية في 22 اب/اغسطس مكاتب الشركة في طهران واعتقلت خمسة من موظفيها بينما تحدثت معلومات في طهران عن تورط اوريفلام في عمليات احتيال وتلقيها دعما محتملا من احد أجهزة الاستخبارات. بحسب وكالة فرانس برس.

ويحمل احد المعتقلين الخمسة الجنسيتين السويدية والإيرانية. وقالت اوريفيام إنها لم تحصل على أي معلومات عن سبب إغلاق مكتبها او توقيف موظفيها. وصرح بينيت "من الصعب جدا التعليق على ذلك لأننا لا نعرف لماذا اعتقل زملاؤنا ونحتاج الى مزيد من المعلومات لنعرف سبب هذا الوضع الذي نواجهه قبل الإدلاء بأي تعليق".

وأضاف "نسعى الى إقامة حوار مع السلطات لكننا بحاجة لمعرفة المزيد ونبذل ما في وسعنا لحل المسالة خصوصا في ما يتعلق بزملائنا المعتقلين". وبحسب الشركة، فان ثلاثة من الموظفين ومستشارين اثنين للمبيعات اعتقلوا، من بينهم سويدي واجنبي آخر. وذكرت صحيفة كيهان المحافظة ان مقر اوريفليم في طهران "فتش وختم بالشمع الأحمر".

وأضافت ان السلطات الإيرانية أوقفت "أربعة مسئولين كبار (في الشركة) متهمين ب250 الف حالة احتيال" تقدر قيمتها الإجمالية بسبعين مليون دولار عبر المبيعات الهرمية التي تعتمد على زيادة عدد المنضمين الجدد الى شبكة البيع.

وجاء إعلان مصلحي بعدما اتهم شركات مثل اوريفليم بتلقي دعم من اجهزة استخبارات. وقال ان "هذه الشركات تعمل بدعم خارجي وليست منخرطة في أنشطة اقتصادية. إنها خاضعة لسيطرة وكالات تجسس".

وكان بينيت صرح ان موقف إيران من الشركة قد يكون مرتبطا بطريقة عملها. وقال "نبيع مستحضرات تجميل ونوفر لنحو أربعين ألف إيراني، غالبيتهم من النساء، إمكانية كسب المال عبر البيع المباشر". ووصف بينيت اتهام الشركة بالاحتيال ب"المهزلة".

وكانت وزارة الخارجية السويدية عبرت عن استيائها من إغلاق مكتب الشركة واعتقال موظفين فيها. وتطرقت الوزارة أيضا الى قضية الإيرانية سكينة محمدي اشتياني (43 عاما) المحكومة بالرجم حتى الموت في إيران بتهمة القتل والزنا. وأكدت إيران مجددا إنها علقت تنفيذ عقوبة الرجم حتى الموت بحق اشتياني بانتظار قرار قضائي "نهائي".

الأمم المتحدة تحث إيران

من جانبها قالت هيئة للدفاع عن حقوق الإنسان تابعة للأمم المتحدة ان على إيران أن تحمي بشكل أفضل أقلياتها العرقية مثل العرب والأكراد والبلوخ.

وقالت لجنة القضاء على التفرقة العنصرية وهي مجموعة من 18 خبيرا مستقلا من خبراء حقوق الإنسان ان إيران تفتقر الى البيانات بشأن أعداد الأقليات على الرغم من الإحصاء الذي أجرته عام 2007 لكن مشاركة مثل هؤلاء الناس في الحياة العامة يبدو أنه أقل مما يمكن توقعه.

وهناك عدد من الجماعات المسلحة الناشطة التي تعارض الحكومة في إيران وأكثرها من الأكراد في الشمال الغربي والبلوخ في الجنوب الشرقي والعرب في الجنوب الغربي. وقالت المنظمة في تقرير عن المراجعة الدورية لالتزام إيران بالمعاهدة الدولية لحظر العنصرية الموقعة عام 1969 "تعرب اللجنة عن قلقها بشأن الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية المحدودة التي تتمتع بها... المجتمعات العربية والاذرية والبلوخية والكردية وبعض مجتمعات غير المواطنين."

وقال ديليب لاهيري عضو اللجنة ان اللجنة وجدت أن التفرقة "متفشية" ضد البهائيين وهم أقلية دينية تعتبر الحكومة الإيرانية الشيعية عقيدتها هرطقة منشقة عن الإسلام. كما حثت اللجنة إيران على مواصلة جهودها لتمكين المرأة وتعزيز حقوقهن مع توجيه اهتمام خاص للنساء اللاتي ينتمين الى أقليات عرقية. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وقال لاهيري العضو الهندي في اللجنة ان بعض معتقدات الشريعة الإسلامية تضر بالمرأة الإيرانية. وقال في مؤتمر صحفي "من ناحية أخرى فقد حدث تقدم ملحوظ جدا في إيران فيما يتعلق بتعليمهن وحصولهن على وظائف."

وأعربت اللجنة عن قلقها تجاه تقارير عن إجراء خاص لاختيار المسئولين والموظفين الإداريين في إيران يتطلب منهم إظهار الولاء للجمهورية الإسلامية الإيرانية ولدين الدولة وهو ما من شأنه أن يضيق من فرص الأقليات العرقية والدينية.

وقالت اللجنة ان قلة الشكاوى لا تعني غياب التفرقة العنصرية حيث قد لا يكون لدى الضحايا ثقة في الشرطة أو السلطات القضائية لتولي هذه الشكاوى. ودعت اللجنة إيران إلى إنشاء مؤسسة وطنية مستقلة لحقوق الإنسان ترفع إليها تقريرا في بداية عام 2013 عن كيفية تعاملها مع توصيات اللجنة ومصادر قلقها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 11/تشرين الأول/2010 - 3/ذو القعدة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م