نفط العراق وزيادة التصدير... واقع الحال وفرط التفاؤل

احمد عقيل الجشعمي

 

شبكة النبأ: يشهد العراق وحسب ما يراه أكثر المسئولين والقائمين على متابعة الإنتاج النفطي تحسنا واضحا، لاسيما بعدما تم التعاقد مع العديد من الشركات العالمية المتخصصة في المجال النفطي، وكان ذلك عن طريق ما تم بناءه من مشاريع على ارض الواقع وما هو مخطط له في المستقبل وذلك لتحسين إنتاج النفط وزيادة كمياته، بالإضافة إلى الحفاظ على  المواد التي يراها بعض الخبراء المختصين في مجال النفط إلى إنها تذهب هدرا خلال عملية تكرار النفط ولابد من استغلالها في عدة أمور قد تحل أزمات خدمية عديدة ومنها الكهرباء.

ولكن يظن البعض ان الأمور لا تبقى على ما هي عليه إذا استمر العراق في أزمة تأخر تشكيل الحكومة وهذا متا لم يوافقه الآخرون حيث قال بعض المحللين إن ذلك لا يؤثر على إنتاج النفط وزيادته، لكن بالمقابل لابد من أن يعمل العراق بخطط جديدة وسياسة أفضل، من جانب آخر يرى آخرون إن الأرقام التي وضعتها الوزارة فيها تفاؤل كبير من جانبها رصدت الوزارة نسب كبيرة من النجاح في بعض التعاقدات.

زيادة كبيرة

حيث قال متحدث باسم وزارة النفط العراقية ان العراق سيعلن عن "زيادة كبيرة" في احتياطياته النفطية التي تقدر حاليا بواقع 115 مليار برميل.

واحتياطيات العراق من الخام هي ثالث أكبر احتياطيات في العالم. ووقعت الحكومة اتفاقات مع شركات عالمية لزيادة الطاقة الإنتاجية من 2.5 مليون برميل يوميا تقريبا حاليا إلى حوالي 12 مليون برميل.

وقال عاصم جهاد المتحدث باسم الوزارة ان وزير النفط حسين الشهرستاني سيعلن رقما جديدا أعلى للاحتياطيات وسيتضمن زيادة كبيرة مقارنة مع الرقم القديم البالغ حوالي 115 مليار برميل. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

ومن بين الشركات التي وقعت عقودا لتطوير حقول نفط كبيرة في العراق اكسون موبيل الامريكية وبي.بي البريطانية ورويال داتش شل ولوك اويل الروسية وايني الايطالية وسي.ان. بي.سي الصينية.

وقال جهاد ان الزيادة الكبيرة ستشكل حافزا وتشجيعا لشركات النفط الأخرى للعمل في العراق. وقالت الحكومة العراقية في الماضي إنها تعتقد أن الاحتياطيات الفعلية قد تصل إلى ثلاثة امثال الرقم الحالي. ونقل جهاد عن الشهرستاني قوله ان الرقم الجديد سيكون مهما جدا للعراق.

مسودة الاتفاق

من جانبه قال مستشار كبير للحكومة العراقية ان وزارة النفط أرجأت إبرام صفقة بمليارات الدولارات مع رويال داتش شل وميتسوبيشي اليابانية لحبس واستثمار الغاز الذي يجري حرقه حاليا في حقول النفط الجنوبية بسبب موضوعات قانونية تتعلق بالمشروع المشترك.

كان مجلس الوزراء العراقي وافق في يونيو حزيران على الاستثمار المزمع الذي تصل تكلفته الى 12 مليار دولار وتمتلك الحكومة فيه حصة 51 بالمائة لحبس الغاز الطبيعي المصاحب المنتج في حقول نفط جنوب العراق الواقعة قرب البصرة لكنه ينتظر الان أن تعيد وزارة النفط تقديم مسودة الاتفاق للمصادقة عليه.

وقال ثامر الغضبان وهو مستشار كبير لرئيس الوزراء الحالي نوري المالكي للصحفيين في مؤتمر باسطنبول ان الصفقة قد تشهد مزيدا من التأجيل اذا لم تستطع الوزارة إعادة مسودة الاتفاق قبل تشكيل الحكومة الجديدة. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وأضاف "الأمر متروك لوزير النفط لإبرام هذا الاتفاق وهم يقومون الآن بتعديل المسودة." ويحرق العراق مليار قدم مكعبة من الغاز يوميا في حقوله النفطية وهي طاقة يحتاجها لتوليد الكهرباء في بلد يعاني من انقطاع مزمن في التيار الكهربائي.

وجرت الموافقة لأول مرة على صفقة شل في 2008. وقال الغضبان ان وزارة النفط وشل تناقشان الآن تعديلات على المسودة النهائية لمعالجة ثغرة قانونية تحول دون قيام الوزارة بدور في تشكيل المشروع المشترك.

وأضاف "يعدلون المسودة حتى يكون التوقيع بين شل وشركة غاز الجنوب (الحكومية) بينما تضمن الوزارة الالتزامات الأخرى مثل إمدادات الغاز الخام لعمليات المنبع." ومضى يقول إن بعض أعضاء الحكومة كانوا يفضلون منح العقد من خلال عملية تنافسية.

تأخير الصفقة

وقال الغضبان "اذا جاء الوزير (بالعقد لمجلس الوزراء) قبل تشكيل الحكومة الجديدة فلا شك لدي في أن مجلس الوزراء سيوافق عليه. "أما اذا تأخر ونجح البرلمان في ترشيح رئيس للوزراء فسيكون هناك تأجيل."

وقال منير بوعزيز نائب رئيس شل للغاز والكهرباء خلال المؤتمر ان الشركة تنتظر أن تنتهي الوزارة من تفاصيل العقد مضيفا أن التأجيل بمثابة انتكاسة للمشروع في الوقت الذي يرتفع فيه إنتاج النفط.

وأضاف "كان من المنتظر توقيع هذا العقد منذ أكثر من عام لذا ستكون مهمة اللحاق بركب قطاع النفط صعبة للغاية." وأبرم العراق عدة صفقات مع شركات نفطية عالمية من شأنها أن تعزز طاقته الإنتاجية إلى 12 مليون برميل يوميا خلال سبع سنوات من 2.5 مليون برميل يوميا حاليا.

وقال بوعزيز ان العقود التي منحتها الحكومة للشركات النفطية لتطوير حقول الجنوب في مدينة البصرة قد تنتج ما يكفي من الغاز المصاحب لتوليد 30 جيجاوات من الكهرباء مضيفا أن الايثان المستخلص أثناء تسييل الغاز قد يساعد أيضا في تأسيس صناعة للبتروكيماويات في العراق.

تأخر تشكيل الحكومة العراقية

كما قال مسؤول تنفيذي في بي.بي ان شركة النفط البريطانية العملاقة لا تتوقع أي تأثير على أعمالها في أكبر حقل نفطي في العراق بسبب الازمة السياسية التي أدت الى تأخر تشكيل حكومة عراقية جديدة لأكثر من ستة أشهر.

وقال مايكل تاونشند رئيس بي.بي العراق ان الشركة تمضي قدما في تطوير حقل الرميلة النفطي فائق الضخامة وإنها قد تمنح عقودا جديدة للعمل في الحقل في وقت لاحق من العام الحالي. وأضاف "لم نواجه أي تعطيل في العقود يدفعنا لوقف أنشطتنا أو خفض حجمها."

وقال تاونشند ان معظم الأعمال التي تجري في الحقل لا تتطلب موافقة الحكومة العراقية مهونا بذلك من شأن مخاوف من أن يؤدي عدم وجود حكومة جديدة وعجز البرلمان عن إصدار تشريعات إلى تعطل جولات العطاءات.

وأضاف المسؤول أن اللجنة المشتركة لإدارة حقل الرميلة تراجع عقودا تتجاوز قيمتها 20 مليون دولار بينما تقوم شركة نفط الجنوب الحكومية بدراسة عقود تتجاوز قيمتها المئة مليون دولار.

ويعتبر حقل الرميلة الذي تقدر احتياطياته بحوالي 17 مليار برميل من الخام هو العمود الفقري لصناعة النفط العراقية اذ يضخ حوالي نصف اجمالي الانتاج العراقي البالغ 2.5 مليون برميل يوميا. ووقعت بي.بي وشريكتها الصينية سي.ان.بي.سي عقدا مدته 20 عاما لتطوير حقل الرميلة وتتوقعان زيادة الانتاج الى 2.85 مليون برميل يوميا وهو ما من شأنه أن يجعل الرميلة ثاني أكبر حقل نفطي في العالم بعد حقل الغوار السعودي.

وجاء العقد ضمن مجموعة من عقود التطوير وقعتها بغداد مع شركات نفطية عالمية لتطوير الاحتياطيات العراقية الضخمة من النفط. واذا حققت جميع المشروعات أهدافها المنشودة فقد تعزز الطاقة الانتاجية العراقية الى المستويات السعودية البالغة 12 مليون برميل يوميا. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وتشمل خطة تعزيز إنتاج الخام من حقل الرميلة برنامجا ضخما لحفر الابار النفطية يستمر في 2011. وحصلت شركات خدمة نفطية عالمية على عقود بقيمة 500 مليون دولار تقريبا لحفر 49 بئرا جديدة في الرميلة.

وقال تاونشند ان بي.بي وشركاءها يهدفون لتركيب أكثر من 50 مضخة كهربائية غاطسة هذا العام. بالإضافة الى ذلك سيجري تركيب مولدات جديدة كما أن العمل جار لتوصيل الابار القائمة بمحطات لفصل الغاز ولتجديد الابار وهو ما يقوم به حوالي 14 حفارا في الوقت الحالي.

وأضاف تاونشند "سنقوم باستبدال الحفارات التي عملت في عقد شركة نفط الجنوب في نهاية العام لكنني أتوقع في المجمل أن يظل العدد الإجمالي لمنصات الصيانة والحفر مستقرا تقريبا في العام المقبل. "بالإضافة الى هذه العقود علينا أن نكون مستعدين لبدء ترسية أعمال المسح السيزمي وبعض الاعمال الهندسية."

ويعتبر حفر آبار جديدة وتجديد القديمة وتركيب مضخات كهربائية غاطسة من سبل التغلب على التراجع الطبيعي للحقل وتعزيز الإنتاج. وقال تاونشند ان انتاج النفط الخام حاليا "أعلى قليلا من مليون برميل يوميا" لكنه رفض ذكر رقم محدد لحجم الإنتاج.

وأضاف أنه اذا ترك حقل الرميلة فسيتراجع إنتاجه بنسبة 15 بالمئة سنويا بسبب عوامل طبيعية. وفي مايو أيار قال صلاح محمد رئيس الإدارة المختصة بحقل الرميلة في شركة نفط الجنوب ان إنتاج الحقل يبلغ حوالي 1.045 مليون برميل يوميا وان من المتوقع أن يبلغ الإنتاج من الخام 1.150 مليون برميل يوميا بنهاية العام. وقال تاونشند "كل شيء رأيناه حتى الآن يظهر أن الحقل مازال قادرا على الإنتاج.

أربع مناقصات

وفي السياق ذاته قالت شركة لوك أويل ثاني أكبر منتج للنفط في روسيا في بيان صحفي انها طرحت مع شركاء أربع مناقصات جديدة لمشروعات تشييد وطاقة في إطار تطوير المرحلة الثانية من حقل غرب القرنة النفطي في العراق.

وتتضمن المناقصات بناء أنبوب لتصدير النفط ومجمع صهاريج ومحطة لتوزيع الطاقة الكهربائية ووحدة لمعالجة الغاز ونظام لتجميع النفط ومنشات معالجة مركزية ونظام امداد بالمياه. وحددت لوك أويل مع شريكتها في المشروع العراقي شتات أويل النرويجية موعدا نهائيا للشركات لتقديم عروضها النهائية. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وأبرمت لوك أويل وشتات أويل اتفاقا مدته 20 عاما في مناقصة في ديسمبر لتطوير المرحلة الثانية لحقل غرب القرنة النفطي جنوب العراق الذي يحوي 12.9 مليار برميل مع تعهد بزيادة طاقته الإنتاجية الى 1.8 مليون برميل يوميا. وقال مسؤول رفيع من شتات أويل في ابريل نيسان ان إنتاج غرب القرنة سيصل الى 120 ألف برميل يوميا في 2012.

ويأتي عقد لوك أويل في إطار سلسلة صفقات وقعها العراق مع شركات نفط عالمية في محاولة لرفع طاقته الإنتاجية من النفط الخام إلى 12 مليون برميل يوميا في سبع سنوات من 2.5 مليون برميل حاليا.

خزانين نفطيين

بينما ذكر مدير عام شركة نفط ميسان، ان شركة محلية باشرت بإنشاء خزانين نفطيين بكلفة أكثر من ملياري دينار عراقي ، شرقي العمارة .

وأوضح المهندس علي معارج إن “ شركة شمس الصباح للمقاولات العامة باشرت بإنشاء خزانين نفطيين في مجمع البزركان النفطي ( 75 كم شرق العمارة)”. مشيرا الى ان “الكلفة الإجمالية للمشروع بلغت مليارين و585 مليون دينار عراقي” .

وأضاف معارج ان“ سعة كل خزان 30 الف متر مكعب وبفترة انجاز تصل الى 540 يوما وهي ضمن خطة الشركة لاستيعاب كميات النفط التي يتم استخراجها من حقول البزركان وابو غرب والفكة في السنوات المقبلة ”. بحسب وكالة أصوات العراق.

يذكر أن الرقعة الجغرافية لمحافظة ميسان تضم ستة حقول منتجة هي البزركان، أبي غرب، الفكة، الحلفاية، العمارة بالإضافة إلى حقل مجنون المشترك مع شركة نفط الجنوب، كما تضم خمسة حقول مستكشفة وغير منتجة هي الحويزة، الرافعي، رافدين الشرقي، الدجيلة وكميت.

وتقع مدينة العمارة، مركز محافظة ميسان، على مسافة 390 كم جنوب العاصمة بغداد.

منصات تصدير نفط عائمة

في حين وافقت الحكومة العراقية المنتهية ولايتها على إحالة مشروع مد أنابيب وتشييد منصات عائمة لتصدير النفط الخام على شركة سنغافورية بقيمة 733 مليون دولار، بحسب بيان رسمي.

واعلن المتحدث باسم الحكومة علي الدباغ "الموافقة على طلب وزارة النفط بإحالة مشروع مد أنابيب ونصب وحدات التصدير الأحادية العائمة إلى شركة +لايتون اوفشور+ السنغافورية بمبلغ قدره 733 مليون دولار بفترة تنفيذ 15 شهرا".

وأضاف ان المشروع "نقطة تحول في عملية تصدير النفط الخام من خلال فتح منافذ جديدة فالعراق مقبل على نقلة نوعية في مجال الصناعة النفطية من حيث الإنتاج والطاقات التصديرية".

وأوضح ان "المشروع على مرحلتين تتضمن الأولى الوصول إلى طاقة تصديرية مقدارها حوالي مليوني برميل يوميا مع إمكانية التوسع ثلاثة ملايين برميل في المرحلة الثانية".

وكان المتحدث باسم وزارة النفط عاصم جهاد قال قبل ايام "علينا إنشاء منظومة ذات طاقة تصميمية تتناسب مع الزيادة المتوقعة في الإنتاج التي من المحتمل ان تبلغ بين 10 و12 مليون برميل خلال الأعوام الست المقبلة". بحسب وكالة فرانس برس.

وأضاف "هناك مشروع لتشييد أربع منصات للتصدير في الموانئ الجنوبية، وثلاثة أنابيب بحرية بحيث سيكون حجم التصدير في الجنوب أربعة ملايين برميل يوميا وستبدأ الخدمة نهاية العام المقبل".

وينتج العراق 2,4 مليون برميل يوميا من النفط، لكن هذه المعدلات لا تزال أدنى من مثيلاتها أواخر الثمانينات قبل غزو الكويت. يشار الى ان النفط يشكل 94 في المائة من عائدات البلاد.

وقد وقعت الوزارة عقودا مع شركات أجنبية لتطوير عشرة حقول بحيث يتوقع ان يصل الإنتاج إلى حوالي 12 مليون برميل يوميا في غضون ست سنوات. ويملك العراق ثالث احتياطي من النفط في العالم يقدر بنحو 115 مليار برميل بعد السعودية وإيران.

عقود الشركات

فيما أبرمت شركة الزوراء العامة مجموعة عقود مع تشكيلات القطاعين النفطي والصناعي بقيمة 4.35 مليار دينار (نحو 3.6 مليون دولار) خلال الفترة السابقة، بحسب بيان لوزارة الصناعة والمعادن.

ونقل البيان عن المدير العام للشركة رعد حسين خضير، قوله إن الشركة “تعاقدت مع شركة نفط الشمال لتجهيزها بقواطع دورة 11KV بمبلغ أكثر من 146 مليون دينار”، مشيرا إلى أن الشركة أبرمت خلال افترة نفسها “عقدا يقضي بتجهيز محطة كهربائية لمضخات المياه الصناعية لمعامل الألمنيوم التابعة لشركة أور العامة للصناعات الهندسية بقيمة إجمالية  تفوق الـ 84 مليون دينار”.

وأضاف خضير، بحسب البيان، أن عقود الشركة التي أبرمت خلال شهر آب أغسطس الماضي “تضمنت تجهيز شركة مصافي الوسط بمحطة كهربائية 33KV بقيمة إجمالية تفوق الأربعة مليارات دينار إضافة إلى عقد لتجهيز معمل سمنت المثنى التابع للشركة العامة للسمنت الجنوبية بستة Shock Blowers بمبلغ أكثر من 120 مليون دينار”. بحسب وكالة أصوات العراق.

وأوضح أن شركة الزوراء العامة “تعد من الشركات المتخصصة بالأعمال الكهربائية الصناعية إذ تقوم بإنتاج منظومات التوزيع الكهربائية ذات الجهد الواطئ والجهد المتوسط  ولوحات السيطرة على المحركات إضافة إلى صناديق حماية المحولات وصناديق إنارة الشوارع مع مجهزات القدرة الصناعية وشاحنات البطاريات والدوائر المطبوعة.

تفاؤل مفرط

من جانبه وصف الخبير النفطي نزار أحمد أرقام الإنتاج التي أعلنت عنها وزارة النفط العراقية بـ”المتفائلة” ولا يمكن الوصول إليها بالإمكانات المتاحة حاليا، مرجحا ان لا يتمكن العراق من إنتاج ستة ملايين برميل يوميا قبل العام 2016.

وقال مدير قسم البحوث في شركة دي ي اي للطاقة  نزار احمد ان العراق “يحتاج إلى زيادة إنتاجه إلى ستة ملايين برميل يوميا كحد أدنى ولعشر سنوات”، وذلك  قبل ان “يسترد عافيته وتعمر بنيته التحتية ويكتمل جانبه الخدمي والصحي، ويواكب التقدم الحاصل في دول المنطقة”.

ويرى الخبير النفطي ان الخلل المركزي في الاقتصاد العراقي بعد العام 2003 يكمن في “عدم التركيز على زيادة إنتاجية النفط  منذ اليوم الأول عن طريق التعاقد مع شركات النفط العملاقة لتطوير القدرة الإنتاجية”، وذلك دون “إضاعة الوقت في استخدام القدرة العراقية او الاستثمار الخارجي”.

إضاعة الوقت التي يتحدث عنها احمد رافقتها عدة مظاهر غير ايجابية وهي “تحول السوق العراقية الى سوق استهلاكية زائدا زيادة رواتب الموظفين الحكوميين والذي خلق تضخما عاليا”، رافقه “إهمال البنية التحتية وتحسين مجالات الخدمات كالكهرباء مثلا”.

معتبرا ان الحديث عن وصول العراق إلى إنتاج 12 مليون برميل سنويا امر “تفاؤلي”، وأرقام تصدير النفط التي ترد في الإعلام “لا يمكن تحقيقها في ظل الوضع الأمني المتردي وضحالة مهنية وخبرة وإمكانية الكوادر المحلية الداعمة لشركات الاستثمار الأجنبية”، فضلا عن ” ضعف استيعاب السوق النفطية للزيادات لفي ظل الركود الاقتصادي العالمي وعدم توفر منافذ التصدير”. بحسب وكالة أصوات العراق.

ويرى الخبير النفطي ان “زيادة حصة العراق الإنتاجية الى أربع ملايين برميل يوميا يمكن احتوائها من خلال تقليص تجاوزات دول أوبك عن حصصها الرسمية والتي تقدر بمليوني برميل يوميا”.

ولكن أية زيادة بعد ذلك بحسب الخبير “مرتبطة بانتعاش السوق العالمية والذي لا يتوقع حدوثه قبل خمسة أعوام على اقل تقدير”، وفي حالة استعادة الاقتصاد العالمي لمعدلات نمو ايجابية فأن السوق العالمية “بحاجة إلى ما يقارب عشرة إلى عشرين مليون برميل إضافية وربما أكثر”.

وتوقع الخبير “حصول زيادات تدريجية بطيئة في صادرات العراق النفطية لتصل إلى ثلاثة ملايين برميل يوميا في منتصف عام 2012، وأربعة ملايين برميل في منتصف عام 2014″، كما إنها “سترتفع إلى  ستة ملايين برميل في منتصف عام 2016، وعشرة ملايين برميل عام 2020 إذا سمح سوق النفط بذلك”.

وعليه فعلينا “الأخذ بالواقعية وترك التمنيات جانبا والتفكير بكيفية إنعاش الاقتصاد العراقي وبناء البنية التحتية مع سقف إنتاج مقداره أربع ملايين برميل يوميا”.

العقلية المركزية

بينما قال خبير قانوني متخصص بشؤون النفط إن الوقت قد حان لاستثمار الثروات الطبيعية بعيدا عن الهيمنة الإيديولوجية والمركزية والتداعيات السياسية، مطالبا بضرورة إقرار قانون النفط والغاز وتشكيل المجلس الاتحادي الأعلى للنفط والغاز وشركة وطنية قابضة للنفط وتمكين إقليم كردستان والمحافظات المنتجة للنفط من إدارة ثرواتها الطبيعية بمرونة.  

جاء ذلك خلال محاضرة للمستشار النفطي في معهد العراق للطاقة واجد شاكر، نظمت ضمن الموسوم الثقافي لمركز تطوير الأعمال في منظمة التفاوض والدراسات الإستراتيجية، بمقر المنظمة في بلدة عنكاوة شمال غربي مدينة أربيل.

وأضاف شاكر أن العراق “خسر المليارات من الدولارات والكثير من الفرص لبناء اقتصاد مزدهر لأنه لم يتمكن من استثمار ثروته النفطية بنحو سليم وبناء صناعة تفيد من هذه الثروة وتحقق القيمة المضافة المطلوبة”، مشيرا إلى أن الإيديولوجية والتداعيات السياسية التي شهدها ويشهدها العراق “ألقت بظلالها الثقيلة والمؤذية على القطاع النفطي وشكلت عقبة في طريق الإفادة منه لبناء اقتصاد وطني مزدهر”.

وأوضح أن البعض في العراق “ما يزال يفكر من منظور مركزي شمولي بشأن طريقة إدارة الثروات الطبيعية وفي مقدمتها النفط برغم أن البلاد اختارت النظام الفدرالي ووضعت دستورها على أساسه”، مبيناً أن الدستور الذي وضع عام 2005 “يتيح للأقاليم والمحافظات غير المنتمية لإقليم المنتجة للنفط بحسب مواده 111- 112- 114 المرونة في استثمار ثرواتها الطبيعية بعامة والنفط بخاصة بنحو يعود بالفائدة على العراقيين في المحافظات كافة”.

وأفاد شاكر أن هنالك “ثلاثة أسس رئيسة تشكل خارطة طريق للارتقاء بالقطاع النفطي”، شارحا أن أولها “يتعلق بالبنية القانونية التي لا بد من استكمالها من خلال تشريع قانون النفط والغاز وتشكيل المجلس الاتحادي الأعلى للنفط والغاز بمشاركة المركز وإقليم كردستان والمحافظات المنتجة للنفط فضلا عن شركة نفطية وطنية قابضة تحت مظلة هذا المجلس باعتباره من يرسم السياسات النفطية تكون مستقلة عن هيمنة وزارة النفط ويتكون مجلس إدارتها من ممثلي الوزارات ذات الصلة في المركز والإقليم بمشاركة القطاع الخاص”.

وتابع أن ثاني الأسس الرئيسة للحل يتمثل بأن “تؤمن الجهات المعنية كافة بالفدرالية وما جاء في المواد الدستورية 111- 112- 114 التي منحت الأقاليم والحكومات المحلية في المحافظات المنتجة للنفط صلاحيات مهمة لإدارة ثرواتها الطبيعية والنفطية وعلى وفق إستراتيجية مشتركة تنظم شؤون القطاع النفطي”، وأردف أن سلطات إقليم كردستان “مارست صلاحياتها في هذا الشأن استنادا إلى المادة 117 من الدستور والفقرة الأولى من المادة 121 بشأن استثمار بعض موارد الطاقة الموجودة في الإقليم وفقا لما نص عليه الدستور على أن تأول الإيرادات للخزينة الاتحادية لتوزيعها بحسب المادة 112 وتطبيقا للمادة 111 من الدستور أيضا”.

واستطرد أن الأساس الثالث يتعلق بضرورة “السماح للشركات الأجنبية بالعمل والاستثمار في القطاع النفطي بموجب ضمانات قانونية واضحة ومحددة تؤمن لها الاطمئنان المطلوب”، مستدركا أن عقود الخدمة التي وقعتها وزارة النفط الاتحادية “غير كافية ولا تؤمن الحل الأمثل لتطوير القطاع النفطي وزيادة إنتاجه كونها عقود مشاركة إنتاج متخفية بغطاء الخدمة”، بحسب رأيه ودون أن يدلي بمزيد من التفاصيل. بحسب وكالة أصوات العراق.

ومضى الخبير القانوني واجد شاكر قائلا إن العقود التي تمخضت عنها جولات التراخيص التي نظمتها وزارة النفط الاتحادية “لا بد أن تعرض على مجلس النواب للمصادقة عليها كي تكتسب الصفة التشريعية السليمة”، موضحا أنه استنادا لأحكام الدستور فإن القوانين السابقة التي لا تتعارض مع أحكامه “لا تزال سارية المفعول وملزمة إلى أن تعدل أو تحل محلها قوانين أخرى ومنها قانون رقم 97 لسنة 1967″.

وقال إن قانون 97 “يلزم بعرض أي اتفاق أو عقد مع شركة أجنبية على السلطة التشريعية للمصادقة عليه”، لافتا إلى أن النظام السابق “عرض الاتفاقية التي أبرمها مع شركة لوك أويل النفطية الروسية على المجلس الوطني للمصادقة عليها في حينه”.

من جانبه قال رئيس مجلس أمناء منظمة التفاوض والدراسات الإستراتيجية د.صائب الكيلاني، على هامش المحاضرة، إنها تأتي “ضمن الموسم الثقافي الذي وضعته المنظمة منذ أكثر من سنة ونصف الذي يتضمن إقامة محاضرة في الخميس الأخير من كل شهر”، مشيرا إلى أن هذه المحاضر واجد شاكر “خبير في الشؤون القانونية المتعلقة بالقطاع النفطي وشدد على ضرورة الاستثمار الأمثل للثروة النفطية لبناء اقتصاد وطني مزدهر مع مراعاة حقوق الإقليم والمحافظات غير المنتمية لإقليم المنتجة للنفط وحصصها بما يكفل نمو البنية التحتية فيها”.

وأوضح أن النظام السابق كان “يركز على دعم المركز ويعطيه الحصة الكبرى قياسا بالمحافظات”، منوها إلى أن دستور 2005 “جعل من الجميع سواسية في الحقوق والواجبات مع أفضلية للمحافظات والأقاليم التي تمتلك ثروات طبيعية لتكون لها حصة إضافية مقابل ما تتحمله من تبعات التلوث والاندثار البيئي المصاحب لاستثمار هذه الموارد”.

وذكر أن المحاضر “استعرض جوانب عديدة واكبت اكتشاف النفط في العراق عام 1907 في منطقة نفط خانة ومن ثم في حقل بابا كركر عام 1927 ودور الشركات العالمية في هذه العملية والمفاوضات معها معرجا على مرحلة التأميم مرورا إلى مرحلة الحروب والحصار وانتهاء بدستور 2005 الذي حدد كيفية استثمار الموارد الطبيعية وتوزيعها”.

وأفاد أن الرسالة التي خلصت إليها المحاضرة تتمثل بضرورة “وجود تخطيط إستراتيجي بعيد الأمد يراعي محورين أولهما يؤمن الاستثمار الأمثل للموارد الطبيعية في بناء اقتصاد مزدهر ومن ثم التهيئة لمرحلة ما بعد نضوب الثروات النفطية أو الموارد الطبيعية من خلال اقتصاد بديل قائم على دولة مؤسسات ومصان بتشريعات قانونية متطورة ومرنة”. وحضر الندوة عدد من المستشارين في حكومة الإقليم، والخبراء النفطيين وأكاديميين ومهتمين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 11/تشرين الأول/2010 - 3/ذو القعدة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م