هولندا والإسلام... حكومة مرتقبة ترتكز على العنصرية

الأحزاب المتطرفة تتفق على معاداة المسلمين

احمد عقيل الجشعمي

 

شبكة النبأ: تمر هولندا في هذه الأيام بحقبة جديدة لاسيما وان نظام الحكم يشهد تغييرا جذريا بسبب وجود أعضاء وقادة جدد وسرعان ما بدئوا بتنفيذ خططهم لتحقيق غاياتهم.

حيث بدأ العديد أصحاب المناصب الرفيعة في البرلمان الجديد من مساندة السياسي الجديد الذي استطاع ان يكسب شعبيته بين أفراد شعبه بعد ان حصل على دعم حزبه، عن طريق استخدامه لطرق التحريض على الكراهية ونشر التمييز ومحاربة المسلمين بل وصل به الأمر الى الاهانة وتشبيه القران بكتاب هتلر وذلك وبحسب رأيه لما يظنه انه يحوي على عنف وقتل.

وبالرغم من الدعم والائتلاف الذي حصل عليه من خلال الأحزاب البقية، لكن يرى بعض المحللين الى انه سيؤدي بذلك الى أزمة اقتصادية ونشوب نزاعات طائفية وعرقية في هولندا التي بدورها ستؤدي الى خلق حالة من الفوضى والنزاعات الداخلية بين الهولنديين، ومن جانبهم فقد قامت العديد من الجهات الإسلامية في هولندا بالاعتراض على ما بدر من تجاوزات على دينهم بالإضافة الى عدد من الهولنديين الرافضين لفكرة حظر النقاب ومحاربة المسلمين دعما لحقوق الإنسان وحرية الطوائف والأديان.

هذا وقد بدأت المحكمة الهولندية بتوجيه التهم للسياسي المزعوم ومطالبته بالوقوف أمام القضاء والذي بدوره استنكر ذلك وشكك في مصداقية القضاة وحكمهم.

الخوف من الإسلام

فقد صعد السياسي الهولندي صاحب الشعبية خيرت فيلدرز الى مركز يجعله قريبا من السلطة من خلال رسالته الى الناخبين بأن الإسلام دين عنف وان هجرة المسلمين الى أوروبا يجب أن تتوقف.

وبعد حصوله على 24 مقعدا من بين 150 مقعدا في مجلس النواب الهولندي في الانتخابات توصل حزب الحرية الذي يتزعمه فيلدرز الى اتفاق مع الحزبين الليبرالي والديمقراطي المسيحي يتيح له ممارسة النفوذ من خلف الستار على أول حكومة أقلية في هولندا منذ الحرب العالمية الثانية رغم انه يحاكم بتهمة التحريض على الكراهية.

وشبه فيلدرز الذي يرتدي أحيانا سترة واقية من الرصاص في الأماكن العامة ويعيش في حماية الشرطة بشكل دائم القرآن بكتاب "كفاحي" للزعيم النازي أدولف هتلر قائلا انه يحرض على العنف. ورغم عدم مشاركة حزب الحرية رسميا في الحكومة واكتفائه بدعمها داخل البرلمان لإقرار القوانين الا أن فيلدرز قال انه ستكون هناك "سياسة تاريخية مختلفة جدا بشأن مختلف القضايا" وان كان لا يعرف بعد ما هو التغيير الذي سيطرأ على السياسة الهولندية المرحبة بالهجرة.

صعد نجم فيلدرز (47 عاما) صاحب الشعر الأشقر الكث على الساحة السياسية الهولندية والدولية منذ انشقاقه عن الحزب الليبرالي عام 2004 معارضا محاولة تركيا للانضمام الى الاتحاد الاوروبي.

وقال فيلدرز في ابريل نيسان عندما قدم البرنامج السياسي لحزبه "الإسلام فكر عنيف استبدادي يجافي قيم الحرية والديمقراطية والتسامح. لا يمكن لهولندا أن تشهد المزيد من الاسلمة."

وأقام مدعون دعوى قضائية ضد فيلدرز لمحاكمته في اتهامات بالتحريض على الكراهية والتمييز ضد المسلمين.

وفي عام 2008 أذاع فيلدز فيلما مدته 15 دقيقة على الانترنت بعنوان "فتنة" يربط الإسلام بالعنف مما أثار احتجاجات في دول إسلامية مثل اندونيسيا.

ولم تسكت تهديدات بالقتل صوت فيلدرز الذي يقول انه ليس لديه شيء ضد المسلمين بل ضد "فكر" الإسلام فقط. وتزايد الدعم لحزب فيلدرز بين الناخبين الذين أذكى مخاوفهم تزايد الوجود الإسلامي في هولندا حيث يعيش نحو مليون مسلم من بين إجمالي عدد السكان البالغ 16.5 مليون نسمة. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وبعد أن حمل فيلدرز الراية من السياسي المناهض للهجرة بيم فورتوين الذي اغتيل عام 2002 تابع طريقه بسلسلة من الحملات الجريئة. وشكك فيلدرز الذي كان موظفا وسياسيا في الحزب الليبرالي قبل ان يدخل البرلمان عام 1998 في ولاء أول وزراء مسلمين في هولندا. ودعا الى فرض حظر على النقاب وعلى هجرة المسلمين وبناء المساجد.

ويقول فيلدرز ان ما يدفعه لذلك هو رغبته في الحفاظ على الحريات التقليدية في هولندا مثل حرية التعبير وسعيه لتغيير الثقافة السياسية. ورغم انه يضرب بجذوره السياسية في اليمين المعتدل الا انه جذب المزيد من الناخبين الذين يميلون الى اليسار قليلا في يونيو حزيران عندما عارض رفع سن التقاعد الى 65 عاما وزيادة مساهمات الرعاية الصحية الخاصة.

عمل فيلدرز في مزرعة تعاونية إسرائيلية (كيبوتس) وعمره 17 عاما. وتقول وسائل إعلام محلية ان زوجته تحمل جنسية مجرية هولندية مزدوجة. ولد فيلدرز في فينلو على الحدود الهولندية الألمانية وهو الابن الأصغر لأسرة كاثوليكية. وكان والده مخرجا في شركة طباعة محلية.

حظر النقاب

كما أعلن غيرت فيلدرز، زعيم الحزب اليميني المتطرف المعادي للإسلام ان الحكومة الهولندية الجديدة ستحظر النقاب. وجاء كلامه في مؤتمر صحافي عقده في لاهاي عرضت خلاله الإجراءات الرئيسية التي يعتزم اتخاذها الائتلاف الحكومي بين الليبراليين والمسيحيين الديموقراطيين والذي يحظى بدعم فيلدرز. وقال فيلدرز "سيتم حظر النقاب".

واضاف زعيم حزب الحرية وهو يقف الى جانب زعيم الحزب الليبرالي مارك روتي المرجح ان يتولى رئاسة الوزراء، ومكسيم فرهيغن زعيم المسيحيين الديموقراطيين ان "رياحا جديدة ستهب على هولندا".

واضاف فيلدرز الذي حل حزبه ثالثا في الانتخابات التشريعية المبكرة التي أجريت في التاسع من حزيران/يونيو الماضي "نريد وقف الاسلمة" في هولندا. واتفق الزعماء الثلاثة على برنامج الحكومة وعلى دعم حزب فيلدرز للائتلاف الحكومي المقبل. بحسب وكالة فرانس برس.

واعتبر فيلدزر ان تشديد القوانين حول الهجرة وإقامة الأجانب سيتيح خفض عدد المهاجرين القادمين من خارج اوروبا الغربية الى النصف.

واقرت فرنسا قانونا حول حظر النقاب في الأماكن العامة في الرابع عشر من ايلول/سبتمبر. وكانت المجموعتان البرلمانيتان التابعتان للحزب الليبرالي ولحزب الحرية وافقتا بالإجماع على نص الاتفاق الذي تم التوصل إليه.

ويعقد الحزب المسيحي الديموقراطي مؤتمرا في ارنهم في غرب البلاد لمناقشة مشروع الائتلاف الحكومي وفي حال موافقتهم عليه، تكلف الملكة مارك روتي تشكيل الحكومة.

خفض الميزانية

في حين وافق حزبان سياسيان من يمين الوسط على حظر النقاب في هولندا ثمنا لدعم حزب الحرية المناهض للإسلام في البرلمان لحكومة أقلية يشكلانها.

ويدعو الاتفاق الى تخفيضات قدرها 18 مليار يورو (24 مليار دولار) في الميزانية ويهدف الى خفض العجز الى الحدود المقبولة في الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2013. كما يشدد القواعد المتعلقة بالهجرة ويزيد عدد ضباط الشرطة ويجعل المقاهي أندية مغلقة.

وسيتم تقليص حجم البرلمان ومجلس الشيوخ بمقدار الثلث وتقليل عدد الوزارات ومستويات الحكم المحلي والإنفاق على الثقافة والإذاعة العامة. وقال زعيم حزب الحرية خيرت فيلدرز ان هذه الإجراءات ستؤدي الى خفض الهجرة غير الغربية بمقدار النصف.

ولا يزال الاتفاق بحاجة الى موافقة مؤتمر الحزب الديمقراطي المسيحي بعد فشل الحزب خلال محادثات استمرت 15 ساعة في وقت سابق في حل الخلافات بشأن مدى صواب الاعتماد على دعم حزب الحرية المناهض للإسلام.

واذا رفض الحزب الديمقراطي المسيحي صفقة الائتلاف فمن شأن ذلك ان يؤدي الى إطالة أمد الأزمة السياسية الخاصة بطريقة خفض عجز الميزانية الذي تبلغ نسبته 5.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وعارض أعضاء بارزون في الحزب الديمقراطي المسيحي علنا العمل مع فيلدرز الذي يحاكم بتهمة التحريض على كراهية المسلمين لكن البعض يتوقعون الآن أن يوافق مؤتمر الحزب على الصفقة لكن النتيجة غير مؤكدة.

وقال رئيس وزراء هولندا السابق دريس فان أخت لصحيفة دي فولكسكرانت "أخاف كل الخوف أن يوافق المؤتمر." وحث اب كلينك وزير الصحة السابق وعضو الحزب الديمقراطي المسيحي أعضاء حزبه على التصويت برفض الاتفاق.

وكان كلينك انسحب من المحادثات بسبب مخاوف بشأن موقف حزب الحرية من الهجرة. وقال لوسائل الإعلام الهولندية ان الاتفاق "ليس جيدا للديمقراطيين المسيحيين ولا للبلاد" إلا أنه أضاف أنه يعتقد أن الحزب سيوافق عليه.

وقال زعيم الحزب مكسيم فرهاجن الذي يتوقف مستقبله السياسي على الموافقة على الاتفاق الذي ساعد في التوسط في التوصل إليه انه واثق من انه ستتم الموافقة على الاتفاق "بأغلبية ساحقة".

ائتلاف حكومي يميني

وقد تم التوصل الى اتفاق في هولندا على تشكيل ائتلاف حكومي بين الليبراليين والمسيحيين الديمقراطيين بدعم من الحزب المعادي للإسلام بزعامة غيرت فيلدرز، كما أعلن زعيم الليبراليين مارك روتي.

وقال روتي الذي يرجح ان يتولى رئاسة الحكومة قريبا أمام صحافيين في لاهاي "لقد وضعنا اللمسات الأخيرة على الاتفاق".

وتوصل روتي وماكسيم فرهيغن زعيم الحزب المسيحي الديموقراطي وغيرت فيلدرز زعيم الحزب من اجل الحرية الى اتفاق حول برنامج للحكومة وعلى دعم حزب فيلدرز للائتلاف الحكومي المقبل. ولم يحصل الليبراليون او الحزب المسيحي الديموقراطي سوى على 52 مقعدا من أصل 150 في مجلس النواب الا إنهما يملكان اغلبية مع تأييد حزب الحرية الذي يتزعمه فيلدرز.

ورحب فيلدرز بالاتفاق قائلا "انه يوم جيد لهولندا"، مضيفا ان "اليسار ليس في الحكم، وأخيرا سيحصل شيء في هولندا". وسيعرض الاتفاق الذي لم يفصح عن مضمونه على الكتل النيابية للأحزاب الثلاثة. وسيعقد الحزب المسيحي الديمقراطي المنقسم حول تعاونه مع حزب فيلدرز مؤتمرا تتخلله عملية تصويت استشارية.بحسب وكالة فرانس برس.

وكانت جولة أولى من المفاوضات بدأت في التاسع اب/اغسطس بين زعماء الليبراليين والمسيحيين الديمقراطيين وحزب الحرية، توقفت في الثالث من ايلول/سبتمبر بسبب انسحاب فيلدرز. الا إنها استؤنفت في 13 منه.

وكان فيلدرز أعلن آنذاك انه فقد الثقة في المسيحيين الديمقراطيين بعد ان أعرب عدد منهم عن مخاوفهم من تعاون محتمل مع حزبه. كما انسحب وزير الصحة آب كلينك والعضو في حزب المسيحيين الديمقراطيين من منصبه في مجلس النواب مما حمل فيلدرز على إعادة النظر في موقفه.

تأجيل محاكمة فيلدرز

فيما أرجأ القضاة محاكمة السياسي الهولندي المناهض للإسلام خيرت فيلدرز لاتخاذ قرار بخصوص مخاوف أثارها دفاع فيلدرز فيما يتعلق بمدى حياد القضاة. وكان فيلدز مثل أمام المحكمة في وقت سابق.

وفيلدرز متهم بثلاث وقائع من التحريض على الكراهية والتمييز ضد المسلمين في تصريحات أدلى بها لوسائل الإعلام وبأهانة المسلمين لتشبيهه القران بكتاب "كفاحي" للزعيم النازي أدولف هتلر. وفيلدرز تحت حراسة الشرطة لمدة أربع وعشرين ساعة بسبب تهديدات بالقتل تلقاها.

وقال فيلدرز في مستهل الجلسة "قلت ما قلت ولن أسحب ولو كلمة واحدة" مضيفا أمام المحكمة انه سيستخدم حقه في التزام الصمت.

وقال القاضي ان الآخرين يتهمون فيلدرز بتجنب المشاركة في نقاش. وأضاف "مسألة أننا سنواصل طرح الأسئلة عليك لا تهدف الى مضايقتك." وقال محامي فيلدرز ان تصريحات القاضي يمكن اعتبارها تحيزا.

وتأتي المحاكمة في وقت غير مناسب لفيلدرز الذي يقترب حزبه من القيام بدور قوي في إدارة البلاد من خلال دعمه لحكومة أقلية تتألف من الحزب الليبرالي والحزب الديمقراطي المسيحي.

وبعد الانتخابات التي أجريت في يونيو حزيران أصبح نصيب الحزب الليبرالي والحزب الديمقراطي المسيحي من البرلمان المؤلف من 150 مقعدا هو 52 مقعدا فقط. وبدعم من فيلدرز يمكنهم الحصول على الحد الأدنى من الأغلبية وهو 76 مقعدا.

وقال محمد ربيع من المجلس الوطني للمغاربة "انه يسبب انقساما.. انه يسبب كراهية.. انه يحدث صراعا بين الناس. البعض لا يمكنهم قبول هذا. اخرون يمكنهم قبول هذا." وقبل أن يستخدم فيلدرز حق التزام الصمت قال ان هذه "أيام غريبة" لأنه اضطر للمزج بين محادثات الائتلاف "المضنية" واستعداده للمحاكمة.

وقال فيلدرز في موقع للتواصل الاجتماعي في إشارة الى عدد الأصوات التي حصل عليها حزب الحرية الذي ينتمي له في انتخابات التاسع من يونيو حزيران "حرية تعبير 1.5 مليون شخص على الأقل تمثل أمام المحكمة معي." وأضاف أن اليوم سيكون " يوما مروعا".

وفي حالة إدانته فان أقصى عقوبة هي السجن لمدة عام واحد أو الغرامة لكنه سيتمكن من الاحتفاظ بمقعده في البرلمان.

ومن الناحية النظرية يمكن للمحكمة أن تصدر حكما يمنعه من السعي لإعـادة انتخـابه لكـن الخبراء القانونـيين يعتبـرون هذا الحـكم الجذري غير مرجح بصـورة كبـيرة. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وتجمع عدد صغير من المحتجين المناهضين لفيلدرز أمام المحكمة التي تلقى حراسة مشددة في أمستردام. وقال المحامي البارز جيرارد شبونج لاذاعة بي.ان.ار الهولندية "لم يحدث قط أن يصبح عضو بارز في البرلمان وزعيم سياسي مضطرا للرد على اتهامات أمام محكمة جنائية لتصريحات تحرض على الكراهية." وستعقد المحاكمة على مدى عدة أيام في أكتوبر ومن المتوقع صدور حكم في الرابع من نوفمبر تشرين الثاني.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 9/تشرين الأول/2010 - 29/شوال/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م