مصطلح الابتزاز... مفردات من القاموس السياسي المعاصر

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: في تصريح منسوب لعضو ائتلاف دولة القانون حيدر الجوراني وصف تهديد القائمة العراقية بعدم المشاركة في حكومة يرأسها السيد المالكي عبارة عن ورقة ضغط و(ابتزاز سياسي)، مشددا على إنه لا يوجد سياسي او قوى سياسية لديها نضوج سياسي يجعل من المقاطعة وسيلة لتحقيق مطالبه.

لا يكاد يمر يوم الا وانبثقت عبر وسائل الإعلام العراقية عدة مصطلحات جديدة او قديمة بعاد أحياؤها والتشدق بها أمام الكاميرات بحثا عن نجومية زائفة او محاولة للإثارة او نوع من الضغط السياسي على الفرقاء الآخرين.

وهي تتردد كثيرا على السنة السياسيين بمجرد ان يتم ابتكارها او استعارتها من مجالات حياتية او ثقافية أخرى وتسييسها، ثم تنزوي بعيدا أمام مصطلح جديد او مفردة مغايرة.

بعض المصطلحات لا فضل للساسة العراقيين في إيجادها بل هي موجودة على مستوى العمل السياسي العراقي او الدولي..وكل ما هناك قيام سياسيينا باستعارتها ووضعها على ألسنتهم، ولكنها بعد (عرقنتها) اي جعلها عراقية تأخذ معاني ودلالات جديدة لم تكن في حسبان من وضعها للدلالة على حالة معينة  او صكّها لغرض التوصيف او التسمية.

الابتزاز السياسي مارسه صدام حسين أنجاه خصومه والمعارضين له وحتى أقطاب نظامه، ولكن لا يعرف حجم هذا الابتزاز نتيجة لضعف وسائل الإعلام في تلك الفترة وشحت ما يرشح من معلومات لا يتم التصريح عنها الا خارج حدود العراق وكثيرا ما تكون على لسان الذين يتم ابتزازهم لتتحول الى شهادة مجروحة يتم نسيانها بعد فترة من الزمن.

يعرّف الابتزاز بأنه: محاولة الحصول على مكاسب مادية او معنوية عن طريق الإكراه من شخص او أشخاص او حتى مؤسسات ويكون ذالك الإكراه بالتهديد بفضح سر من أسرار المبتز.

وهو أيضا: مفردة مزعجه وتجلب معها قدر كبير من المشاعر السلبية فهي تجسيد حي لواحد من أحط الخصال التي يمكن أن يتحلى بها الإنسان حين يستغل قوته مقابل ضعف إنسان آخر سواء كان هذا الضعف مؤقتا او دائما.

ويعرّف الابتزاز السياسي بانه نوع من الضغط المادي أو المعنوي المباشر الذي يقوم به شخص متنفذ أوصاحب سطوة في أي موقع من مواقع الدولة ضد مسؤولين آخرين، بهدف الحصول على مواقع أو امتيازات أو غيرها.

و هو كذلك قيام المسئول السياسي، مهما كان موقعه أو منصبه (نفوذ اقتصادي، أو أمني، أو حزبي، أو... الخ). بالاستفادة من الأموال أو الممتلكات العمومية أو غيرها بطرق غير قانونية، ويمكن مقارنة الابتزاز بالاتجار بالمنصب.

ففي كثير من الدول تقوم فئات ذات قوة مادية أو معنوية في المجتمع من أصحاب النفوذ من نخبة الحكم السياسي أو الأمني… بالتعاون والتعاضد مع بعضها البعض لإيصال هذا المرشح أو ذاك، أو إسقاط هذا الحزب أو ذاك، باستخدام المال والنفوذ والحظوة والمكانة، و… الخ.

وفي هذا الصدد يقول عالم النفس البروفيسور مارتن كاروثر: (إن الشخص الذي يتعامل بجريمة الابتزاز غالباً ما يكون شخصاً فاقداً لمعاني العاطفة النبيلة في أسرته؛ ولذا يلجأ لممارسة مثل هذا العمل، حيث يلجأ لاستعباد ضحاياه ليفرض عليهم ما يتوجب عليهم عمله من جانبه).

وهناك عدة انواع من الابتزاز منها مثلا، الابتزاز العاطفي ويستخدم لتحقيق سيطرة عاطفية ونفسية على الآخرين، ولجعل الآخر يشعر أنه مدين أو مذنب في حق الشخص الذي يبتزه. والابتزاز المادي. وهناك نوع جديد وهو الابتزاز الالكتروني، وتعد الصور أهم وسيلة في يد المبتزين، يأتي بعدها الصوت.

وتستخدم إسرائيل سلاح المرأة والإغراء كوسيلة من وسائل الابتزاز لخصومها، ففي فلم (السفارة في العمارة) يضطر الفنان عادل إمام إلى سحب دعواه المقامة ضد السفير الإسرائيلي بعد تصوير شريط جنسي له مع إحدى النساء في الموساد... وتستخدم إسرائيل أيضا هذا السلاح رسميا كوسيلة دعائية لمشروعها، ومما يؤكده ذلك اتفاق وزارة الخارجية الإسرائيلية - في مارس من العام الماضي- ممثلة في سفارة إسرائيل بنيويورك مع مجلة 'ماكسيم' الإباحية علي إرسال فريق من خبراء التزيين ومصوري المجلة للقيام بالتقاط صور عارية للمجندات الإسرائيليات بدعوى تغيير الانطباع السائد حول دولة إسرائيل وارتباطها بالصراعات.

بعد انتشار الانترنت في أوساط الكثير من العراقيين ظهر في المجتمع العراقي نوع جديد من الابتزاز وهو الابتزاز الالكتروني وهناك تخوف من ان يتحول الى ظاهرة كالكثير من الظواهر لانشغال الجميع بالسعي وراء المكاسب السياسية او الوظيفية.

ولا توجد حتى الآن حسب علم الكاتب تشريعات قضائية في القانون العراقي يمكن ان تحد من هذه الأفعال في بدايتها.

والابتزاز السياسي احد انواع الفساد حبن يقوم المسئول السياسي شخصياً بالاستفادة من الأموال العامة بطرق غير قانونية. ويمكن مقارنة الابتزاز بالاتجار بالمنصب. لقد أدعى جورج واشنطن بلنكيت ممثل نيويورك في مجلس الشيوخ إدعاءه الشهير بأن هناك اختلافا بين الابتزاز "الشريف" و الابتزاز "غير الشريف". فأي نوع من أنواع الابتزاز الذي تمارسه الكتل السياسية في العراق ضد بعضها البعض؟

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 7/تشرين الأول/2010 - 27/شوال/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م