تكرم علينا فلان الفلاني، وهو من مراقبي الاتجاه اليعربي والعرباني،
فقال: في ليبيا حيث يوجد ملك الملوك، وأمير أمراء تحوم حولهم كل
الشكوك، جرت ترتيبات على قدم وساق وجسد مهلوك،واحتضنت سابقا قمة قيل
أنها عربية عربية من الأعماق، وقيل أنها الأولى من نوعها والعهدة على
الأوراق، وقيل والكلام ليس بحديث أسواق، أن العقيد الذي دوخ في دراسته
كل الأمم، افتتح أم وخالة وجدة وعميدة القمم، بحفل فني فريد تخللته بعض
النعم، واعطى بعد ذلك الكلمة لكل رئيس وزعيم وسلطان.
ولأنني واحد من بني عريبان، فقدت كما فقدت من قبلي ومن بعدي شعوب
وبلدان، كل أمل يرجى من زمرة الحكام، توجهت بعدما قرأت واستمعت لما
جادوا به على وسائل الإعلام، إلى حي فيه الفقير لا يضام، وكل رجائي أن
أجد ابن أبي الرعايه، كي أشفي بما لديه من قصة ورواية، غصة زعماء ما
لهم من نهايه، فنقبت على أثره بين الحلق والمجامع، وفتشت عنه بين أطراف
الكتاتيب والجوامع، فألفيته بعد جهد جهيد في منطقة المدامع، يتوسط
حلقية كثيفة العدد، وينادي بأعلى صوته: " مدد مدد مدد "، ويدعو الناس
لجعل الصبر غدة من الغدد، فلما كثر الوافدون عليه، مسح دمعة جرت من
عينيه، وعض بنواجذه على شفتيه، وقال: <<جمع القمة يا ناس قمامه،
والسرعة في الرد عندهم تجلب الندامه، وأف ثم أف من سياسات النعامه،
وإياهم أعني فابخلي بالسمع يا جاره، وغدا تأتيك أخبارهم وأخبارهم خساره،
فجحشهم تبرأ من أمه الحماره، وزعيمهم عقده لا تحصى ولا تعذ، حماقاته
فاتت كل حدّ، وخطاباته إليه بالتهكم عليه تردّ، وأخوه في الرياسة بلهجة
أهل الكنانه، في عروقه تجري دماء الخيانه، واسألوا " مرارته " ولا
تسألوا أصحاب الحصانه، وابن عمهم من مكة حجّ، وقد أقسم بأغلظ الأيمان
أنه لن يحتجّ، فالصمت عنده حكمة تلتقط في كل فجّ، وابن خالتهم من تونس
قام وارتحل، وفي فن التطبيع أنشد قصائد الغزل، ورثاء الموتى يتبعه يحكي
ما بأرضه فعل، والبقية الباقية من جماعة العقيد المهدود، أبناء أسود
ونمور وفهود، حفظوا عن ظهر قلب تعاليم التلمود، ومن القرآن قرؤوا بقلوب
جافّه، " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادخُلُوا فِي السِّلمِ
كَافَّه "، وجنحوا له فصنعوا لنا المنجزات الجافّه، فبالسلم ضيعت القدس
من زمان بعيد، وبه حاولوا خنق و بيع العراق بثمن زهيد، وبه تحولت أراضي
الصومال إلى أسواق للعبيد، وبه تركوا لبنان فريسة للذئاب، وبه أهدوا
السودان لأنياب الكلاب، وبه مزقوا اليمن وجعلوها تجري وراء السراب،
بالسلم أذلونَا، وبه قيدونَا، وبه استعبدونَا، فلا شاطر فيهم له اثر،
ولا بطل يرد عن مستصرخة شر الخطر، تساووا في الإثم فذرهم إنهم ليسو
ببشر، نمور هم لكن من قطع الورق، أسود علينا حمير يركبهم من بالدفع سبق.
وعود على بدء يا من بذله غرق، أقول وقولي لمن يستفسر عن ضياع الهمم،
ما جدوى هذه القمامات المكناة بالقمم، هل ردت لنا أرضا بيعت في بورصة
القيم، هل ذادت لنا عن شبر من الحوض، وهل انتقمت لنا حين انتهك العرض،
وهل سمع لها ركز بالطول والعرض، لا هذا ولا ذاك، بل هي قمم وسفوح
للهلاك، يتلعثم فيها من بالقمع غطاك، فلا العربية فصحى تليق بمقام
القمه، ولا الأسلوب يكشر عن أنياب الهمه، ولا الوجوه يلتمس منها كشف
الغمه، ظلمات بعضها يحيط ببعض، هكذا هم لهم كل كره وبغض، وبعد التلعثم
في القراءة والعرض، إليك الإعراب يا ابن الأعراب والجيران، القدس عندهم
خبر لكان، والمبتدأ مفاوضات جديدة توضع على الميزان، والعراق جمع مذكر
بهم غير سالم، والتطبيع إسم موصول دائم، والحرب من حروف العلة والمرض،
إذا دخلت على الفاعل هلك وانقرض، هكذا نص المعاهدات قرر وفرض، والماضي
ما مضى في الماضِي، والمضارع بجعلنا مفعولا به راضِي، والمستقبل ذل وهو
حال هكذا قال القاضي، وللنخوة العربية حروف الجر قامت، ولأساليب الندبة
والإستغاثة والنداء أماتت، وجواب الشرط عندهم صمت عليه الأقوام سارت،
ليس فيهم من فتى مطيع، فاللعن عليهم يحفظه في المهد كل رضيع، والنعل
يختارهم من بين الجميع،...
وضعوا على رؤوس بعضهم أصفارَا، وأقبروا كل القضايا إقبارَا، ولو
نظروا حولهم لما كانوا كالحمار يحمل أسفارا، لو نظروا إلى طفل يدحض
الباطل بالحجاره، لو تأملوا فيما يقال عنهم من جملة وعباره، لو سألوا
الشعوب ماذا تريد من قمم " الحضاره "، لما كانوا أبطالا للتسويف أبدَا،
ولما قالوا أمامنا فندَا، ولما صنعوا لنا هما ونكدَا، لكن لا حياة لمن
تنادي، ولا حياء لمن تولوا أمرنا في أرض الهادي، ولا عزاء ولا ثمن
للشهداء في بلادي،...
فعفوا يا قدس وعذرا يا بغداد، ومعذرة منا إليك يا أمجاد الأجداد،
حكامنا ببسيط العبارة أوغاد أوغاد، قتل الشهامة فيهم القات والخيانة
والدعاره، ومن الكنيست اختاروا لنا قوانين وأحكامَا، فمن زاغ عنها
فالعذاب يلقاه سنينا وأعوامَا، وإليهم نقول وقد حال الجريض دون القريض،
شوارعنا بدماء المناضلين الأخيار تفيض، ونزولنا للشوارع سيقض مضجع كل
عدو بغيض، وموعدنا الشارع للتمييز بين المعافى وبين المريض، فكونوا
رجالا ولو لمرة واحده، وهيئوا لنا سبلا راشده، تكون عناوينها الساطعة
الصاعده، تحرير للأوطان من الصهيونيه، وتحرير للشعوب من السلطويه،
وتحرير للضمائر من التبعيه، فهذا الأمل وهذا النداء، والتاريخ لا يرحم
يا أيها الزعماء، فإما أن تكونوا مع الشعوب وإما أن تكونوا مع
الأعداء،...
وفي أيديكم أسلحة لو تعلمون كم هي عظيمه، وفي باطن أراضيكم أسلحة
أخرى ذات أهمية وقيمه، فكونوا أهلا للحق لا أهلا للعن و الشتيمه....اخوتنا
في العراق والعروبه كانت هذه المقامه العراقيه لاننا سمعنا ان العراق
سيستضيف القمه القادمه في بغداد او مدينة عراقية معذبة اخرى بسياط
اخوتها..جلاديها...انتظر..انا منتظرون.... |