
شبكة النبأ: تمر موسكو وباريس خلال
هذه الأيام بفترة لتقوية العلاقات وفي مختلف المجالات، حيث ان المشاريع
التنموية واضحة وبشكل كبير، وخاصة في المجال العسكري الذي يهتم به
الجانبان، لاسيما وان هذا الجانب له أهمية على حفظ امن ونظام روسيا
وفرنسا، في الوقت ذاته تناقش بعض المخططات التي تربط االدولتين بعلاقة
قوية من خلال وزارة الدفاع التي تمثلهما، بالإضافة الى ذلك فأن فكرة
تبادل الخبرات والمعدات بين الطرفين مطروحة للوصول الى هدف واحد وهو
القوة العسكرية الكبيرة والجاهزة بمعداتها وتقنياتها للدفاع عن امن
البلدين.
طائرات هليكوبتر
فقد قال سيرجي لافروف وزير خارجية روسيا ان بلاده مازالت تجري
محادثات حصرية مع فرنسا لشراء حاملتي طائرات هليكوبتر من نوع مسترال
رغم طرح مناقصة دولية في فترة سابقة.
وقال لافروف للصحفيين "لا يوجد تغيير في موقف الرئيس (ديمتري)
ميدفيديف في مارس عندما قال انه ستكون هناك محادثات حصرية (مع فرنسا)
بشأن مسترال." واضاف "المحادثات مستمرة وتحقق نتائج ملموسة.المفاوضات
تدور حول نقل التكنولوجيا." وتريد موسكو الحصول على سفن حربية من نوع
مسترال لتحديث أسطولها الذي بدا انه تقادم أثناء حربها ضد جورجيا عام
2008.
وقالت فرنسا انها راغبة في بيع هذه السفن لكن المحادثات تعثرت بشأن
نقل التكنولوجيا. وأبدى بعض الحلفاء في حلف شمال الاطلسي القلق بهذا
الشأن ودعوا باريس لعدم بيع أنظمة تكنولوجية متطورة لموسكو يمكن أن
تستخدمها ضد جيرانها من الدول الشيوعية السابقة. وكان لافروف يتحدث في
باريس بعد اجتماع وزيري الدفاع والخارجية بالبلدين لبحث أوجه التعاون
العسكري بين فرنسا وروسيا.
كما التقى وزيرا الدفاع والخارجية الروسيان بالرئيس الفرنسي نيكولا
ساركوزي وقال مكتب ساركوزي ان المحادثات بين الجانبين بشأن مسترال
مشجعة. وأضاف مسؤول بقصر الاليزيه للصحفيين "نواصل مناقشاتنا بقدر كبير
من الثقة."
وكانت روسيا في بادئ الامر تجري محادثات لعدة أشهر مع فرنسا بشأن
صفقة لشراء اثنتين من حاملات طائرات الهليكوبتر من نوع مسترال التي
تبنيها شركة (دي. سي.ان.اس.) البحرية الفرنسية. وقال ساركوزي في يوليو
تموز انه "متأكد" من بناء السفينتين. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.
لكن شكوكا حامت حول الصفقة في أغسطس اب بعد أن أعلن وزير الدفاع
الروسي أناتولي سيرديوكوف انه فتح الصفقة أمام الشركات العالمية. وقال
لافروف ان الاجراءات القانونية تقضي بطرح أي مشتريات ضخمة لحساب
الحكومة في عطاء.
وقالت روسيا انها لو كان لديها سفن من نوع مسترال أثناء حربها مع
جورجيا عام 2008 لكانت أنجزت هدفها العسكري في 40 دقيقة بدلا من 26
ساعة. الا أن امكانية بيع فرنسا واحدة أو أكثر من حاملات طائرات
الهليكوبتر التي يبلغ ثمن كل منها ما بين 400 و500 مليون يورو أثار قلق
واشنطن وبعض أعضاء حلف الأطلسي من دول أوروبا الغربية.
ولم يعلق أي وزير روسي أو فرنسي على اعتراضات محتملة من جانب واشنطن
أو حلف شمال الاطلسي كما لم يتم تحديد إطار زمني لتوقيع الاتفاق.
إجراء شكلي
وفي السياق ذاته نقلت وكالة انترفاكس الروسية للأنباء عن مسئول
بالقوات البحرية قوله إن روسيا قررت بشكل نهائي تقريبا شراء سفينة
واحدة على الأقل من حاملات طائرات الهليكوبتر من فرنسا وان قيامها بطرح
مناقصة لشرائها سيكون مجرد إجراء شكلي.
وعزز التقرير -الذي استند لتصريحات مسؤول في اركان القوات البحرية
الروسية- مؤشرات على اعتزام روسيا شراء حاملات طائرات هليكوبتر من طراز
ميسترال فرنسية الصنع رغم دعوة آخرين لتقديم عروض في مناقصة عالمية.
بحسب وكالة الأنباء البريطانية.
ونقلت وكالة انترفاكس عن المسؤول قوله ان المناقصة المتوقعة الشهر
القادم "ستكون شكلية من حيث المبدأ." وقال ان الهدف الاساسي لهذه
المناقصة "لن يكون تحديد من سيوقع العقد ولكن لتقليل تكلفة الصفقة قدر
الإمكان." وتقوم شركة "دي سي ان اس" ببناء حاملة طائرات الهليكوبتر "ميسترال".
ورفض مسؤولو القوات البحرية الروسية التعليق على تقرير الوكالة.
خطة واعدة
فيما تقوم وزارتا الدفاع الروسية والفرنسية بتشكيل لجان من الخبراء
لوضع خطة شاملة للتعاون العسكري بين البلدين لعام 2011. صرح بذلك وزير
الدفاع الروسي أناتولي سيرديوكوف في ختام الاجتماع التاسع لمجلس
التعاون الروسي الفرنسي لشؤون الأمن الذي يضم في عضويته وزراء الخارجية
والدفاع من البلدين.
وقال سيرديوكوف: "سيتم بحث قضايا التعاون العسكري التقني في إطار
هذه اللجان التي ستضم مسؤولين يحق لهم اتخاذ قرارات بدرجة ما، أي قادة
أصناف القوات المسلحة وربما نوابهم". بحسب وكالة الأنباء الروسية.
والمقصود بذلك أيضا التعاون العسكري التقني بين البلدين، على حد
قوله. وأضاف وزير الدفاع الروسي: "اقترحنا أن نقوم بذلك عن طريق إقامة
شركات مشتركة بمصانعنا المتخصصة في أعمال تصليح التقنيات الحربية".
ويرى سيرديوكوف أن روسيا وفرنسا ستكتسبان خبرة التعاون في هذا
المجال، خاصة في حال توصل الجانبين إلى اتفاق بشأن حاملة المروحيات
الفرنسية "ميسترال". وتابع: "سنتعاون لاحقا في اتجاهات أخرى أيضا، بما
فيها طائرات بدون طيار. وقد تلقينا الاقتراح الفرنسي بهذا الشأن".
من روسيا الى فرنسا
بينما وصلت اول رحلات القطار الروسي الفخم، الذي يربط روسيا
بالريفييرا الفرنسية، الى مدينة نيس بعد رحلة استغرقت نحو 50 ساعة.
وقد أكمل القطار رحلته الأولى من موسكو الى نيس الساحلية الواقعة
جنوبي فرنسا بعد 52 ساعة من انطلاقه، بمعدلات سرعة متواضعة، قاطعا
مسافة تزيد على ثلاثة آلاف كيلومتر. وهذه اول رحلة قطار تربط روسيا
بفرنسا منذ بدء الحرب العالمية الاولى.
وقد دفع ركاب الدرجة الاولى من الأغنياء نحو 1600 دولار ثمنا
لرحلتهم الفخمة والبطيئة تلك. وقال احد الركاب المحظوظين انه تمتع
بمناظر ريفية خلابة خلال تلك الرحلة الطويلة، وانه لم يكن منزعجا من
طولها لأنه كان في إجازة، ولم يكن يهمه الوقت.
وتكون قطار الرحلة الاولى من 12 قاطرة ركاب، واحدة منها فقط كانت
للدرجة الثانية، وثمن تذكرتها نحو 350 دولار. وتم تزويد القاطرتان
اللتان خصصتا للمطعم بالأثاث الفاخر، من السجاد الى لوحات مقلدة من
أعمال فنانين معروفين مثل الرسام الفرنسي ماتيس. بحسب وكالة البي بي سي.
كما زودت كابينات النوم بحمامات وأجهزة تلفزيون وما إليها من الأمور
التي تشغل وتلهي الراكب. وقد مر القطار عبر 22 محطة بعدة دول أوروبية
منها بولندا وجمهورية التشيك والنمسا وايطاليا، قبل ان يصل إلى المحطة
النهائية، حيث تقع البيوت الفخمة للأثرياء الروس على ساحل الريفييرا
الفرنسية.
فرنسا وأمريكا ومنافسة القمح
من جانب آخر، تحتدم المعركة التجارية بين المصدرين الفرنسيين
والأميركيين في سوق القمح العالمية، للفوز بالحصة التي تركتها روسيا
التي اضطرت الى الانسحاب بعد موجة الحر التي دمرت محاصيلها.
وقد باعت روسيا، المصدر العالمي الثالث، اكثر من 18 مليون طن من
القمح في 2009، فأمنت بذلك 14% من المبادلات العالمية. وهي حصة يسعى
الأميركيون والفرنسيون للفوز بها، قبل وصول منافسين كنديين واستراليين.
ويعتقد كل طرف انه سيفوز. فالولايات المتحدة، المصدر العالمي الاول،
تأمل بان تبيع 34 مليون طن من القمح هذه السنة على الصعيد الدولي، في
مقابل 24 مليون طن العام الماضي. اما فرنسا، المنتج والمصدر الأول في
الاتحاد الأوروبي، فتأمل "على الأقل" ببيع 11 مليون طن في مقابل 9,6
ملايين طن، وهي كمية قياسية.
والواقع انه لا يمكن تلبية كل الطلبات. فانسحاب روسيا في بداية آب/اغسطس
بث الخوف في نفوس الشارين الذين يزيدون استدراجات العروض في كل
الاتجاهات لتأمين ما يحتاجون اليه. ومثال ذلك مصر، المستورد العالمي
الاول (7 ملايين طن) التي تقدم طلبا او طلبين كل اسبوع في مقابل طلب
شراء شهري واحد في السنة العادية.
لذلك فان الاميركيين والفرنسيين هم القادرون وحدهم في الوقت الراهن
على تزويد السوق العالمية وتلبية الطلب. وفي الولايات المتحدة، تتجاوز
المبيعات مليون طن منذ خمسة اسابيع متتالية، في حين يكفيها 720 الف طن.
وفي اوروبا، تحتكر فرنسا اكثر من نصف ال 4,3 ملايين طن من شهادات
التصدير التي منحتها بروكسل منذ الاول من تموز/يوليو.
وفي مواجهتها مع الاميركيين، تملك فرنسا على ما يبدو أوراقا مهمة،
وخصوصا تراجع سعر صرف اليورو الذي يجعلها اكثر تنافسا على المسرح
الدولي، وكلفة شحن اضعف لنقل البضاعة الى مرافئ الشرق الأوسط وبلدان
المغرب حيث يزداد الطلب على الحاجات هذه السنة. بحسب وكالة فرانس برس.
وعلى الصعيد الأوروبي، تخلصت فرنسا من منافسة القمح الألماني
المعروف بجودته العالية، لكنه يعاني رطوبة كبيرة، وسيخصص القسم الأكبر
منه للعلف الحيواني.
وقال ريمي هاكين رئيس مجلس الحبوب في مصلحة فرانس اغري مير الرسمية
ان "هدفنا الأولي بتصدير 11 مليون طن يمكن ان يزداد في الفترة
القادمة". وأضاف "يمكننا ان نصدر 7 الى 8 اطنان قبل نهاية كانون الاول/ديسمبر،
وخصوصا الى مصر".
ومنذ الحظر الروسي، تصدرت فرنسا مبيعات القمح الى مصر مع عقود تقضي
ببيعها أكثر من مليون طن. وارتفع كثيرا سعر القمح في الأسابيع الأخيرة
في المرافئ الفرنسية متأثرا بتدفق الطلبات.
واذا كان الارتفاع الحالي لأسعار الحبوب يصب في مصلحة تجار الحبوب
الفرنسيين، فانه يقلق المزارعين الذين يضطرون الى مواجهة ارتفاع كلفة
التموين. وأعرب منتجو القمح الفرنسين الذين يدركون "التأثير المدمر"
لتقلبات الأسعار، عن تأييدهم إجراء مناقشات لضبط أسعار الحبوب المخصصة
للعلف الحيواني. |