التوازن في النوم... راحة اليوم تقي مرض الغد

 

شبكة النبأ: ينهمك العديد منا في عمله الذي يحاول جاهدا فيه للوصول الى مراده، مهملا بذلك أوقات الراحة الضرورية لديمومة الجهد الذي يبذل إثناء ذلك، لاسيما عندما تقل ساعات النوم والاسترخاء والتي تؤثر من جانبها على تركيز الشخص في عمله وقد تسبب في ذلك أمراض في المستقبل، وهذا ما اكتشفه العلماء والباحثين على ان النقص في النون او التعويض عنه في غير أوقاته يؤثر على صحة الإنسان ويسبب العيد من الأمراض، كما أنهم استطاعوا أن يجدوا علاج لبعض الأمراض التي تصيب المريض أثناء نومه.

الضرر بالدماغ

وجدت دراسة أمريكية أن النوم لأقل من أربع ساعات على مدى خمس ليال متتالية، قد يضر بالدماغ على نحو مشابه لتأثير الحرمان الكلي من النوم.

وتضيف نتائج الأبحاث التي أجريت على حيوانات، وقام بها باحثون من جامعة "ويسكنسون" الأمريكية، إلى الحقائق والأدلة المتوفرة بشأن الآثار السلبية لعدم أخذ قسط كاف من النوم، تأثيره على العقل والبدن.

وقام فريق العمل بدراسة موجات دماغ فئران عملوا على بقائها يقظة لمدة عشرين ساعة على مدى خمسة أيام، وجرى التركيز على نشاط الموجة البطيئة  (slow wave activity SWA، الذي يكشف عن حاجة الفرد للنوم، فضلاً عن عمق النوم الذي يلي فترة اليقظة.

وقال الباحثون، في الدراسة التي نشرت في دورية "الأكاديمية القومية للعلوم"، إن عدم الحصول على قسط كاف من النوم لعدة ليال، يمكن أن يؤثر على قدرة الفرد الإدراكية. كما ذكرت الدراسة أن معظم الدراسات الحديثة على البشر، أظهرت أن عدم النوم لساعات كافية لخمسة أيام، يؤدي للعجز التراكمي في اليقظة والإدراك. بحسب وكالة السي ان ان.

وقد تؤدي قلة النوم كذلك إلى زيادة مقاومة للأنسولين، مما قد يعرض لخطر الإصابة بالسكر.

وكشفت دراسة نشرت في يونيو/ حزيران الماضي، أن المراهقين الذين يعانون مشاكل في النوم ليلاً، ويذهبون إلى المدرسة في اليوم التالي متكاسلين، هم عرضة للاكتئاب، أكثر بثلاث مرات من زملائهم الذين يحصلون على حصة كافية من النوم.

ووجد بحث أمريكي آخر أن أخذ قيلولة قصيرة لمدة ساعة، قد تنعش الدماغ وتعزز القدرة على التعلم، وأن تقليل ساعات النوم يبطئ من حركة العقل. وقال واضع الدراسة، ماثيو ووكر، أستاذ علم النفس في جامعة كاليفورنيا، إن النوم وعلى مستوى الإدراك العصبي، "سينقلك إلى ما بعد حيث كنت ما قبل الغفوة.

تجنب النوبات القلبية

بينما أثبتت دراسة أميركية ان النوم أكثر او اقل من سبع ساعات ليليا يزيد من احتمالات الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية، وهي المسبب الأول للوفيات في الولايات المتحدة.

فالنوم اقل من خمس ساعات، بما في ذلك القيلولة، يزيد مخاطر الإصابة بالذبحة الصدرية وأمراض الشرايين التاجية والنوبات القلبية اكثر من الضعفين، وفقا لهذه الدراسة التي أجرتها كلية الطب في جامعة فرجينيا الشرقية ونشرت في مجلة "سليب" (نوم).

والأمر الأكثر إثارة للدهشة هو ان النوم بانتظام أكثر من تسع ساعات يزيد أيضا من احتمالات الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية، بمعدل مرة ونصف المرة مقارنة بالنوم سبع ساعات، وفقا للباحثين. بحسب وكالة فرانس برس.

والأشخاص الأكثر عرضة للخطر هم الذين لا يتجاوزون الستين من العمر وينامون اقل من خمس ساعات في الليلة، فاحتمالات إصابتهم بأمراض قلبية وعائية تضاعفت أكثر من ثلاث مرات مقارنة بالذين ينامون سبع ساعات. اما النوم ست او ثماني ساعات فلا يزيد احتمالات الإصابة بمرض قلبي وعائي الا قليلا.

وقد حلل الباحثون بقيادة البروفسور انوب شانكار بيانات 30 الف راشد اجابوا في العام 2005 على لائحة اسئلة شاملة عن الصحة. من بين الذين اجابوا على الاسئلة، اكد 8% انهم ينامون اقل من خمس ساعات ليليا و9% انهم ينامون اكثر من تسع ساعات. وأخذ الباحثون بعين الاعتبار خصائص كل منهم، سنهم وجنسهم، وان كانوا يدخنون او يشربون، بدينين او نحيفين، رياضيين او خمولين.

لكن حتى بعد استثناء المصابين بداء السكري والاكتئاب وارتفاع ضغط الدم، خلص الباحثون الى وجود رابط قوي بين الأمراض القلبية الوعائية ومدة النوم.

ساعات النوم الإضافية

كما أظهرت دراسة أميركية جديدة أن مزيداً من النوم أيام العطلة للتعويض عن قلته خلال الأسبوع له تأثيره الجيد علينا لكنه ليس مثالياً.

وأفادت شبكة "" الأميركية أن باحثين من جامعة " بنسلفانيا للطب وجدوا أن لساعات النوم الإضافية أيام العطل تأثيراً مفيداً على من لا يتمتعون بساعات نوم منتظمة وكافية أيام الأسبوع، لكنهم قالوا إن ذلك ليس مثالياً لان بإمكانه إلحاق الأذى في النهاية بجهازنا العصبي في النهاية. بحسب وكالة السي ان ان.

وقد أجريت الدراسة على 150 شخصاً ينامون بطريقة سليمة وتتراوح أعمارهم بين 22 و45 عاماً، ووجد الباحثون بعد أن خفضوا ساعات نوم من شملتهم الدراسة إلى 4 ساعات لخمس ليال متتالية، ومن ثم التعويض بـ 10 ساعات نوم في الليلة السادسة، أنهم استعادوا قدرتهم على التركيز ومعدل انتباههم وسلوكهم العصبي.

وقال الطبيب المسؤول عن الدراسة ديفيد دينغس إن من يعانون من قلة النوم المزمنة هم بحاجة لفترة نوم للتعويض، مضيفاً أن قضاء معظم ساعات الليل خلال الأسبوع مستيقظين وبعدها النوم يوم العطلة لساعات طويلة لا يعد أمراً مثالياً، برغم الفوائد الصحية لتلك الساعات التعويضية. وأضاف "بالدرجة الأولى، لا تحرم نفسك من النوم.. فقد تؤذي جهازك العصبي بالنهاية.. فاجعل النوم أولوية لديك.

اضطراب النوم السلوكي

في حين اكتشفت دراسة جديدة أن طريقة نومنا الآن يمكن أن تنذر بإمكانية التعرض لمشاكل عصبية لاحقا في الحياة مثل الخرف.

فقد وجد باحثو مايو كليلنك أن حركة العين السريعة (rapid eye movement) اضطراب سلوكي اثناء النوم ربما يكون مؤشرا للإصابة بمرض باركنسن، الخرف أو ضمور نظام المخ المتعدد، والذي وجد في 24 مريضا في الدراسة.

الدراسة، التي نشرت على الإنترنت في مجلة الجهاز العصبي، حللت السجلات الطبية لعينة من 27 شخص أصيبوا باضطراب النوم ولاحقا بعد 50 سنة أصيب كل منهم بإحدى الحالات العصبية الثلاثة.

ويعتبر متوسط الوقت بين اضطرابات النوم وأعراض المشاكل العصبية 25 سنة، مع تطوير 13 مشارك الخرف، و 13 منهم مرض باركنسن بينما أصيب شخص واحد بضمور النظام المتعدد. بحسب وكالة يونايتد برس .

ويعاني المصابون بحالة اضطراب النوم السلوكي REM  من الحركة أثناء الأحلام، الأمر الذي يمكن أن يسبب لهم أو لشركائهم الأذى. يقول الدكتور تشارلز كانتور، مدير المركز الطبي للنوم في جامعة بنسلفانيا، عادة عندما يدخل الناس في مرحلة النوم، تصاب أذرعهم وأرجلهم بالشلل. وأضاف، " يمكن للشخص النائم ان يشعر بانقباض العضلات ولكن الله خلقنا بطريقة معينة بحيث نصاب بالشلل المؤقت خلال النوم وبالتالي لا يمكننا الحركة أثناء أحلامنا."

على أية حال، عندما تشتغل الخلايا العصبية بشكل غير اعتيادي، لا يمكن إعاقة نشاط العضلة، مثل حالة اضطراب النوم، فيتم العبث بمفتاح الأداء مما يؤدي الى إخفاق الإشارات المانعة من الدماغ إلى الحبل ألشوكي.

يقول الدكتور برادلي بويف، من مايو كلينيك في روتشيستر، مينيسوتا والأكاديمية الأمريكية لدراسة الجهاز العصبي، بأن بحث اضافي في الصلة بين إضطرابات النوم والحالات العصبية يمكن أن يؤدي الى علاج يساعد في إبطاء أو إيقاف تعاقب مثل هذه الأمراض قبل أن تظهر الأعراض.

هذا وأضاف كانتور بأنه لا يوجد حاليا اختبار وراثي لفحص اضطراب النوم REM ، لكن يجب أن يعرف الناس بأن الحالة قابلة للعلاج. "بالرغم من أنك مصاب بالاضطراب وحتى لو لم يكن لدينا علاج وقائي لمرض الباركنسن، يمكن علاج الاضطراب السلوكي للنوم ونحن نتوقع تطوير عوامل وقائية."

وأكد كانتور بأن الصلة بين اضطراب النوم والحالات العصبية ليس حالة التأثير وسبب، لكنه مجرد إشارة أولية لاحتمال الإصابة بالخرف ومرض باركنسن. ليس كل شخص يعاني من اضطراب النوم السلوكي معرض للإصابة بالخرف أو باركنسن ولكنه احتمال وارد. حاليا تشير التقديرات الى ان الاحتمال هو 50 بالمائة.

علاج السير أثناء النوم

وفي السياق ذاته، تواجه الكثير من العائلات مشاكل عديدة في التعامل مع حالات تنتشر لدى الأطفال والمراهقين، وهي السير أثناء النوم، وتصل تلك المشاكل إلى مراحل حرجة إن كان السائر خلال نومه من النوع الذي يعمد بمغادرة المنزل أو استخدام أدوات كهربائية أو ذات طبيعة خطيرة دون أن يشعر.

ومن المعروف أن حالات السير خلال النوم تصيب 15 في المائة من الأطفال حول العالم، وتلعب العوامل الوراثية دوراً كبيراً في انتقالها من جيل إلى آخر داخل العائلة، وغالباً ما تحصـل في الفتـرات الأولـى من اللـيل، أي بعـد سـاعات قـليلة  من لـجوء الطـفل إلى فراشه. بحسب وكالة السي ان ان.

وينصح الأطباء كل العائلات التي تعاني من هذه المشكلة بإتباع بعض الخطوات التي تساعدهم في حماية أنفسهم وأطفالهم من التصرفات غير الواعية التي قد يقوم بها الشخص الذي يسير خلال نومه، ومنها وضع نظام للإنذار المبكر تتيح معرفة متى يخرج الشخص من غرفته خلال الليل، ومحاولة عزل الأماكن الخطرة، مثل برك السباحة.

كما ينصح الأطباء بتفقد الشخص المعتاد على السير خلال نومه في الساعات الأولى من الليل، باعتبار أن معظم حالات السير تحدث في ساعات النوم الأولى. كذلك أشار الأطباء إلى أن التعب خلال النهار يزيد من إمكانية حصول ظاهرة السير خلال النوم، لذلك يتوجب على الشخص الذي يعاني من هذه المشكلة الخلود إلى النوم في وقت مبكر إن كان قد أمضى نهاراً متعباً، والاعتياد على هذا الأمر حتى في عطل نهاية الأسبوع.

وفي الحالات القصوى، يشير الأطباء إلى إمكانية استشارة طبيب نفسي للتأكد من عدم وجود مشاكل توتر لدى الشخص المصاب تدفعه إلى السير خلال النوم، كما يمكن اللجوء إلى بعض الأدوية المسهلة للنوم مثل بينزوديازبين، واستخدامها يومياً على مدار شهر لتشجيع النوم المبكر.

الأرق وعدم النوم

بينما يعتقد البعض أن اكتمال دورة القمر وسطوع ضوئه يؤدي إلى حالة من الأرق وعدم النوم بين البشر. غير أن دراسة نمساوية حديثة أكدت عدم صحة هذا الاعتقاد بعد أبحاث استمرت لست سنوات.

وذكرت هيئة التأمين الصحي الألمانية (دي.أيه.كي) أن مجموعة من العلماء النمساويين المتخصصين في أمراض النوم أجروا اختبارات طويلة على العديد من الأشخاص وأتضح في نهاية الأمر عدم وجود أي علاقة بين عدم القدرة على النوم وحركة دوران القمر. بحسب وكالة الأنباء الألمانية.

يقول البروفسور يورجن تسولي أستاذ أمراض النوم بالمستشفى الجامعي في ريجنسبورج إن تولد القناعة لدى الشخص بوجود علاقة بين اكتمال القمر وقلة أو انعدام النوم يؤدي بطبيعة الحال إلى حدوث هذه الأمور. واستشهد البروفسور بوجود مصابيح لها قوة إضاءة أشد بكثير من تأثير ضوء القمر على الإنسان. في الوقت نفسه نصحت الهيئة بإسدال الستائر في الأيام القمرية المضيئة وعدم التفكير في أن ضوء القمر هو السبب وراء حالة الأرق.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 3/تشرين الأول/2010 - 23/شوال/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م