المعدن الأصفر... احتياطي عالمي وملاذ أخير

احمد عقيل الجشعمي

 

شبكة النبأ: يعد الذهب من أهم المعادن وأغلاها على بقاع الأرض، لما يوفر لمالكه اختيارات عديدة في طبيعة استخدامه، بالإضافة الى انه يدخل في تحديد اقتصاد دول لاعتمادها على قيمته التي لا يفقدها في أي زمن وأي مكان، بينما يتأثر الدولار الأمريكي الذي يمثل اكبر عملة مستخدمة في الأسواق العالمية إذا حدثت أزمة اقتصادية او سياسية، وهذا ما جعل المعدن الأصفر يستمر بالصعود الى أرقاما قياسيا، من جانبهم أوعز المحللين الاقتصاديين سبب الارتفاع الى عمليات التطوير الذي يشهده العالم وفي جميع الدول لما دفع الحكومات الى بيع الذهب للحصول على الدعم المادي لاستخدامه، كما يعتبر البعض الآخر إن الذهب يظل الملاذ المثالي في مواجهة أي مشكلة اقتصادية خاصة عندما تفقد باقي العملات  قيمتها.

فيما تثير مخاوف من تصاعد أزمة اقتصادية عالمية إذا قامت الولايات المتحدة ببيع الذهب الذي تملكه ويقدر بأنه اكبر كمية احتياطي بين دول العالم.

اقتصاديون يتوقعون

حيث حلق الذهب إلى مستويات قياسية تجاوز بها حاجز 1300 دولار للأوقية (الأونصة)، وسط توقعات اقتصاديين استمرار التهافت على المعدن النفيس ما قد يدفعه لمواصلة التسلق نحو آفاق جديدة قد تصل بالأوقية إلى 2300 دولار.

فحين ينظر اقتصاديون للارتفاع المتواصل كفقاعة سرعان ما قد تتلاشى، يرى آخرون أن هناك أسباب قاهرة قد تدفع الذهب لمواصلة ارتفاعه. ويقول مستثمرون إن التزام مجلس الاحتياطي الفيدرالي (المصرف المركزي)  بشراء المزيد من سندات الخزانة يمكن ترجمته لارتفاع متوقع في معدل التضخم مستقبلاً ما قد يفسح المجال للمعدن الأصفر النفيس مواصل الصعود دون ضغوط التضخم.

وتتخوف فئة أخرى من الاقتصاديين من أن تباطؤ وانكماش الاقتصاد لما ينتهيا إلى دون رجعة في  أوروبا والولايات المتحدة، ما قد يعني ارتفاعاً في قيمة المعدن الأصفر الذي تتجه إليه الأنظار لتهدئة التوتر القائم.

وشرح فالنتين فان نيوينهوجزن، من شركة ING لإدارة الثروات، في لاهاي بهولنداً قائلاً" ""لم يعد الذهب ملجأً للتحوط من التضخم.. بل للتحوط من المخاطر النظامية.. فكل الصدمات في النظام المالي التي يمكن أن تخطر لك على بال، فهذه أسباب تدفع نحو شراء الذهب. ومع وضع ذلك قيد الاعتبار، قال الخبير الاقتصادي، إنه لن يفاجأ إذا ما واصل المعدن النفيس رحلة الصعود نحو ألأعلى خلال الأشهر الثلاثة أو الستة المقبلة."

ومن جانبه توقع  ستيفان ماريون،  الكبير المحللين الاقتصاديين في شركة "NBF المالية" في مونتريال بكندا، استمرار الاندفاع نحو  الذهب لفترة أطول. وشرح قائلاً إن الأوقية قد تكتسب  650 دولارً أضافية، ليصل سعرها إلى نحو  ألفي دولار، قبيل أن يرى المستثمرون بأن المعدن الأصفر باهظ الثمن. بحسب وكالة السي ان ان.

وذهب ديفيد بيم، نائب رئيس قسم الأبحاث الاقتصادية بـ"بلانشارد وشركاءه" للاستثمارات، ومقرها "نيوأوليانز" بالولايات المتحدة، إلى توقع ارتفاع الأونصة إلى ما بين 2200 دولاراً و 2300 دولاراً، وذلك  عند احتساب نسب التضخم، منوهاً بأن الأسعار الحالية أقل بكثير عن تلك في مطلع  الثمانينيات من  القرن الماضي.

إلت أنه أقر قائلاً  بأن الذهب قد يتراجع قليلا في المدى، نظراً لتسلقه السريع للغاية في الآونة الأخيرة، لكنه عبر عن اعتقاده بأن كافة المكونات تشير إلى أن المعدن الثمين سيواصل تسلقه للأعلى على مدى الأعوام الثلاث أو الخمس المقبلة.

وأردف: لوقف الذهب من الارتفاع، هذا يعني تقدم الاقتصاد لدرجة يشعر فيها الاحتياط الفيدرالي بعدم الحاجة لطبع المزيد من الأموال، وازدياد قوة الدولار، ونهاية كافة مشاكل أوروبا.. ونحن لا نرى ذلك يحدث."

أونصة الذهب تواصل

بينما واصلت أسعار الذهب مسيرتها في تحطيم الأرقام القياسية، بعد أن كادت تقتحم حاجز الـ1300 دولار للأونصة، لكنها وقفت دونه بثلاثة دولارات ونصف الدولار.

فقد بلغ سعر أونصة الذهب للصفقات الآجلة، تسليم شهر ديسمبر/كانون الأول المقبل، 1296.5 دولاراً، وذلك في ساعات التعاملات الباكرة، لتحقق ارتفاعاً بأكثر من 22 دولاراً عن سعر الإغلاق في اليوم السابق، حيث أغلقت السوق على 1274.3 دولاراً للأونصة.

غير أن سعر الأونصة عاد في وقت لاحق ليتراجع إلى 1293 دولاراً.

وتعتبر الشكوك المحيطة بالاقتصاد الدافع الأساسي لهذا الارتفاع في سعر الذهب، وتوجه المستثمرين إليه، وبالتالي زيادة الطلب، بحسب رأي جونو ريمنغتون هوبس، المحلل لقطاع المعادن الثمينة في مؤسسة "ذابوليونديسك" في لندن.

وأشار جونو إلى أسباب أخرى وراء ارتفاع سعر الذهب، من بينها الهشاشة في أسواق العملات، كارتفاع سعر الين الياباني مقابل الدولار، واحتمال تراجع المستثمرين عن شراء السندات الحكومية الأمريكية. بحسب وكالة السي ان ان.

وفي مقابلة أجريت مع بونو في وقت سابق، قال إن هناك فرصة كبيرة لأن يقترب سعر الذهب من حاجز الـ1300 دولار للأونصة، خلال الشهر أو الشهرين القادمين. أما السعر القياسي السابق لأونصة الذهب فقد بلغ 1280.8 دولاراً، وسجله في العشرين من سبتمبر/أيلول الجاري.

وكان سعر الذهب قد ارتفع لأرقام قياسية في يونيو/حزيران الماضي، عندما عوّمت الصين عملتها اليوان لأول مرة، وحينها اكتسبت عقود الذهب الآجلة، خلال التعاملات التجارية في "غلوبكس" بآسيا، قرابة 6 دولارات للأونصة (الأوقية)، وفق "ماركتووتش."

وارتفعت عقود أغسطس/آب إلى 1264.50 دولار من 1258.30 دولار عند الإغلاق، وبمكاسب قدرها 5.70 دولار.

وكان الخبير الاقتصادي، توم باوليكي، المختص بالمعادن النفيسة في الشركة العالمية للمعادن الثمينة، قد قال في وقت سابق إن "سعر الذهب سيظل مرتفعاً بناء على النظرة المتعلقة بالتضخم."

وقال إن الذهب يظل الملاذ المثالي في مواجهة التضخم، وعندما يفقد الدولار من قيمته، فإن

الذهب يظل "العملة البديلة" لأنه يحتفظ بقيمته.

هل تبيع الولايات المتحدة؟

في حين يثير ارتفاع أسعار الذهب مؤخراً تساؤل الكثير من محللي الاقتصاد عن الخطوات التي يمكن أن تقوم بها الولايات المتحدة، خاصة وأن مصرفها المركزي (الاحتياطي الفيدرالي) يمتلك من الذهب ما يعادل ثلث الكميات الموجودة لدى كل حكومات العالم.

وتقدر قيمة الذهب الموجودة بحوزة واشنطن حالياً بأكثر من 300 مليار دولار بأسعار المعدن النفيس الحالية، وتخّزن الولايات المتحدة كمية كبيرة منه في أقبية تقع تحت مبنى الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك وبأماكن أخرى، ولكن الكمية الأكبر منه موجودة في قاعدة "فورت نوكس" بولاية كنتاكي.

ورغم حاجة الولايات المتحدة إلى السيولة حالياً بسبب الأزمة المالية، فإن احتمال أن تقدم على بيع الذهب الموجود لديها ضعيف، خاصة وسط الإقبال العالمي على الذهب، بدليل الإقبال على العرض الذي قدمه صندوق النقد الدولي عندما باع 400 طن متري منه قبل أسابيع. ويقول ناثان لويس، مؤلف كتاب "الذهب.. عملة الماضي والمستقبل" أن الإقبال على المعدن الأصفر يزداد مع تراجع قيمة الدولار والكثير من العملات الورقية الأخرى، باعتبار أن الذهب لا يفقد قيمته، وقد حافظ خلال القرون السبعة الأخيرة على قيمته الشرائية بشكل عام.

ويقول ديفيد جيرادين، الناطق باسم المصرف الاحتياطي الفيدرالي بنيويورك، إن واشنطن لديها أيضاً أماكن تخزين خاصة بالذهب المملوك لحكومات أجنبية، وهو ما يزال قيد الاستخدام في التجارة الدولية، ويقوم موظف متخصص بنقل سبائك الذهب من حجرة دولة إلى حجرة دولة أخرى لتسديد ديون تجارية. بحسب وكالة السي ان ان.

ويثير بعض الخبراء قضية أساسية تتعلق بقيمة الذهب الذي تمتلكه الولايات المتحدة، والمقدر بـ848 مليون أونصة، إذ أن سعره الرسمي في الموازنة الأمريكية هو 42 دولاراً للأونصة، وذلك وفق الأسعار المقدرة من قبل الكونغرس الأمريكي عام 1973.

ومع تجاوز الذهب حالياً عتبة 1100 دولار، يرى البعض أن على واشنطن إدراج التغيير السعري في موازنتها، وذلك لتكسب الفارق وتعزز مكانة إصداراتها وقيم أصولها، أو بيع كميات من الذهب للاستفادة من الأسعار الحالية.

ولكن جيفري نيكلز، المدير التنفيذي لشركة "المعادن الثمينة للاستشارات" رد بالقول إن إقدام الولايات المتحدة على عرض ذهبها للبيع سيمثل "إشارة إلى ضعف الدولار" وسيضر بالاقتصاد الأمريكي.

ويضيف أن الارتفاع القياسي للعجز المالي الأمريكي إلى حدود 1.7 ترليون دولار بسبب  المبالغ المخصصة لخطط الإنعاش الاقتصادي سيجعل من بيع الذهب أمراً عديم الفائدة بسبب الفارق الكبير من المتطلبات المالية والأرباح المتوقعة.

كما يشير إلى أن الولايات المتحدة تحاول حالياً ترويج سندات الدين الأمريكية وبيعها للمصارف المركزية حول العالم لتمويل العجز لديها، وبالتالي فإن طرحها لكميات الذهب الموجودة لديها في الأسواق العالمية سيدفع المصارف إلى إهمال السندات والانشغال بشراء الذهب المرغوب بشدة حالياً.

اكتشاف منجم

من جانبها أعلنت وزارة المناجم والطاقة الإثيوبية اكتشاف منجم يحتوي على أكثر من 40 طنا من الذهب في البلاد كما أوردت وكالة الأنباء الإثيوبية الرسمية.

وأوضحت الوزارة انه "تم اكتشاف منجم يحتوي على اكثر من 40 طنا من الذهب تقدر قيمته ب1,7 مليار دولار" مؤكدة ان هناك "مناجم اخرى في مناطق مختلفة من البلاد". واضافت الوكالة استنادا الى دراسة تشرف عليها "شركة بريطانية للتنقيب عن الذهب خلال السنوات الخمس الأخيرة" ان "مئتي مليون دولار مبلغ ضروري لاستثمار هذا المنجم لفترة تراوح بين 5 و10 سنوات". وأضاف النص ان "دراسات جيولوجية تشير الى انه يمكن إيجاد حتى 500 طن من الذهب في البلاد. بحسب وكالة فرانس برس.

وخلص النص "حاليا هناك 44 شركة ناشطة في قطاع التنقيب عن الذهب. وتكسب البلاد نحو 105 ملايين دولار بفضل صادرات الذهب".وتملك اثيوبيا التي تعد من أفقر البلدان في العالم، ثروات منجمية لم تستغل عمليا حتى الآن.

بيع 200 طن من الذهب إلى الهند

فيما أعلن صندوق النقد الدولي بيع الهند 200 طن متري من الذهب، وتمثل قرابة نصف 403.3 أطنان قرر المجلس التنفيذي للصندوق بيعها لتمويل عملياته.

وبلغت قيمة البيع لـ"مصرف الهند المركزي"، التي تمت على دفعات يومية من الفترة 19 حتى 30 أكتوبر/تشرين الأول، بسعر السوق، 6.7 مليار دولار، وفق بيان صحفي نشر في الموقع الإلكتروني للصندوق.

وكان المجلس التنفيذي للصندوق قد وافق في 18 سبتمبر/أيلول الماضي على بيع نسبة محدودة من حيازات الذهب، تصل إلى 403.3 أطنان مترية، مؤكداً أنه سيتبع منهجاً في بيع يتجنب إحداث اضطراب في سوق الذهب الدولية.

وتساعد حصيلة البيع في تمويل نموذج جديد لدخل الصندوق، ويضم 186 بلداً عضواً، يحد من اعتماده على عائد قروضه في تغطية منصرفاته التي تشمل الرقابة على السياسات الاقتصادية والمالية في الدول الأعضاء، كما سيوجه جانباً من حصيلة البيع لزيادة التمويل المخصص لإقراض البلدان منخفضة الدخل بشروط ميسرة.

وقال المدير العام لصندوق النقد الدولي، دومينيك ستراوس-كان، إن عملية البيع هذه ستعزز مالية صندوق النقد الدولي "وستتيح لنا زيادة القروض إلى الدول الفقيرة." بحسب وكالة السي ان ان.

ولفتت المؤسسة النقدية الدولية، ثالث أكبر حائز رسمي للذهب بعد الولايات المتحدة وألمانيا، أن عمليات البيع ستتم على مراحل زمنية متدرجة، وأكد الصندوق اتخاذه عدداً من الإجراءات الاحتياطية لمنع اضطرابات السوق.

وفي أعقاب تعديل اتفاقية تأسيس الصندوق عام 1987، أصبح للمؤسسة النقدية الحق في بيع الذهب مباشرة شريطة أن يتم ذلك بأسعار السوق السائدة، أو الحق في قبول الذهب سداداً لالتزامات أي بلد عضو بسعر متفق عليه، يقوم كذلك على أسعار السوق السائدة في وقت القبول.

وتتطلب هذه المعاملات موافقة أغلبية من الأعضاء تمثل 85 في المائة من مجموع القوة التصويتية. وخلال الفترة من 1979 إلى 1989، باع الصندوق حوالي ثُلث حيازاته من الذهب، وبلغت 80 مليون أوقية، آنذاك، عقب موافقة الدول الأعضاء على تقليص دور الذهب في النظام النقدي الدولي.

حقائق رئيسية عن السوق والطرق المختلفة للاستثمار في الذهب

السوق الفورية:

بوجه عام يشتري كبار المشترين والمؤسسات الذهب من البنوك الكبرى.

ولندن هي مركز السوق العالمية الفورية للذهب اذ تتم تسوية تعاملات بنحو 30 مليار دولار عبر نظام التسوية في لندن يوميا. ولتجنب مخاطر التكلفة والمخاطر الأمنية لا يجري نقل الذهب عادة وتتم تسوية الصفقات من خلال تحويلات ورقية.

وهناك أسواق فورية رئيسية أخرى للذهب هي الهند والصين والشرق الأوسط وسنغافورة وتركيا وايطاليا والولايات المتحدة.

أسواق العقود الآجلة:

بإمكان المستثمرين أيضا دخول السوق من خلال بورصات العقود الآجلة حيث يتداول المستثمرون عقودا لبيع أو شراء سلعة معينة بسعر ثابت وموعد تسليم معين في المستقبل.

وسوق كومكس في بورصة نيويورك التجارية نايمكس هو أكبر سوق في العالم لعقود الذهب الآجلة من حيث حجم التداول. وبورصة طوكيو للسلع التي تشتهر باسم توكوم هي أهم سوق للعقود الآجلة في آسيا.

وأطلقت الصين أول بورصة صينية لعقود الذهب الآجلة في التاسع من يناير كانون الثاني 2008. كما جرى إطلاق بورصات للعقود الآجلة في عدة بلدان أخرى من بينها الهند ودبي وتركيا.

الصناديق المتداولة:

جذبت التغطية الإعلامية واسعة النطاق لأسعار الذهب المرتفعة أيضا استثمارات في الصناديق المتداولة وهي التي تصدر أوراقا مالية مدعومة بالمعدن الأصفر. ويتيح هذا للمستثمرين الاستفادة من إمكانيات سوق الذهب دون استلام المعدن نفسه.

وتراجعت حيازات الذهب لدى صندوق اس.بي.دي.ار جولد تراست وهو أكبر صندوق متداول مدعوم بالذهب الى 1300.521 طن في 24 سبتمبر ايلول من 1301.433 طن في اليوم السابق. وسجلت الحيازات مستوى قياسيا عند 1320.436 طن في 29 يونيو حزيران.

ومن بين الصناديق الأخرى المتداولة المدعومة بالذهب صندوق اي شيرز كومكس جولد تراست وصندوق جولد بوليون سيكيوريتيز التابع لشركة اي.تي.اف سيكيوريتيز وصندوق اي.تي.اف.اس فيزيكل جولد وصندوق فيزيكل جولد التابع لبنك زوريخ كانتونال.

السبائك والعملات:

يمكن للمستثمرين المحليين شراء الذهب من تجار المعادن الذين يبيعون السبائك والعملات في متاجر متخصصة أو على الانترنت. ويدفعون علاوة سعرية ضئيلة مقابل المنتجات الاستثمارية تزيد ما بين خمسة الى 20 بالمائة على سعر السوق الفورية بناء على حجم المنتج ومستوى الطلب.

المحركات الرئيسية للأسعار:

- المستثمرون:

لا يزال تنامي اهتمام صناديق الاستثمار بالسلع الأولية بما فيها الذهب في السنوات الأخيرة عاملا رئيسيا وراء ارتفاع أسعار المعدن النفيس الى مستويات تاريخية. وجذب الأداء القوي للذهب في السنوات الأخيرة مزيدا من المستثمرين كما زاد التدفقات النقدية الى السوق بشكل عام.

- الدولار الأمريكي:

بالرغم من التراجع الحاصل مؤخرا في الارتباط القوي المعتاد بين الذهب وسعر صرف اليورو أمام الدولار فان أسواق الصرف مازالت تلعب دورا رئيسيا طويل الأجل في تحديد اتجاه الذهب. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

ويمثل الذهب عادة وسيلة تحوط جذابة ضد ضعف العملات. ويجعل ضعف العملة الأمريكية أيضا الذهب المقوم بالدولار ارخص بالنسبة لحائزي العملات الأخرى والعكس صحيح.

لكن هذا الارتباط ينهار أحيانا في الأوقات التي تتعرض فيها الأسواق المالية لضغوط على نطاق واسع مع استفادة الذهب والدولار معا من العزوف عن المخاطرة. وسجل الارتباط بينهما نطاقا ايجابيا في أواخر 2008 وفي 2009 بعد أزمة بنك ليمان براذرز الامريكي وفي وقت سابق من هذا العام بسبب أزمة ديون منطقة اليورو.

- أسعار النفط:

ارتبط الذهب ارتباطا تاريخيا قويا بأسعار النفط الخام اذ يمكن استخدام المعدن النفيس كوسيلة للتحوط ضد التضخم الذي يشكل النفط سببه الرئيسي. ويعزز ارتفاع أسعار الخام الاهتمام بالسلع الأولية كأصل من الأصول.

- التوترات المالية والسياسية:

يعتبر الذهب على نطاق واسع ملاذا آمنا في أوقات عدم اليقين.

وغالبا ما تؤدي الهزات التي تصيب السوق المالية كما حدث في أعقاب انهيار بنك ليمان براذرز في 2009 وفي وقت أقرب كما في حالة مشكلات ديون منطقة اليورو المتفاقمة الى تعزيز التدفقات النقدية على الذهب.

وقد تؤدي الأحداث الجيوسياسية الكبرى ومن بينها التفجيرات والهجمات الإرهابية والاغتيالات الى ارتفاع الأسعار.

- احتياطيات البنوك المركزية من الذهب:

تحوز البنوك المركزية الذهب كجزء من احتياطياتها. ويمكن أن يؤثر شراء أو بيع البنوك للذهب على الأسعار.

وفي السابع من أغسطس اب 2009 اتفقت مجموعة من 19 بنكا مركزيا أوروبيا على تجديد اتفاقية للحد من مبيعات الذهب كانت قد وقعت في عام 1999 وجرى تجديدها لخمس سنوات أخرى في 2004.

وتنص الاتفاقية على أن الحد الأقصى للمبيعات السنوية هو 400 طن انخفاضا من 500 طن في الاتفاقية الأخرى التي انتهى أجلها أواخر سبتمبر أيلول. ومازالت المبيعات في ظل الاتفاقية الجديدة منخفضة.

- التحوط:

في بداية القرن الحادي والعشرين عندما كان الذهب يرزح قرب مستوى 300 دولار للأوقية باع منتجو الذهب جزءا من إنتاجهم المنتظر على وعد بتسليم الذهب في تاريخ اجل. لكن حينما بدأت الأسعار ترتفع تكبدوا خسائر وحدث توجه نحو إعادة شراء مراكزهم التحوطية للاستفادة بالكامل من أسعار السوق المرتفعة فيما يعرف بتصفية مراكز التحوط.

ويمكن أن يؤدي الإقبال الكبير على تصفية مراكز التحوط من جانب المنتجين الى تعزيز معنويات السوق ودعم أسعار الذهب. لكن معدل تصفية مراكز التحوط تباطأ بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة مع انكماش حجم التحوط العالمي.

- العرض والطلب:

بوجه عام لا تلعب عوامل العرض والطلب دورا كبيرا في تحديد أسعار الذهب بسبب ضخامة المخزونات التي جرى استخراجها والتي تقدر الآن بنحو 160 ألف طن أي أكثر من 60 مثلا من الإنتاج السنوي للمناجم. ولا يجري استهلاك الذهب مثل النحاس والنفط.

وتسبب ذروة مواسم الشراء في البلدان المستهلكة الرئيسية مثل الهند والصين بعض التأثير على السوق لكن عوامل أخرى مثل الدولار وأسعار النفط تشكل تأثيرا أكبر.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 3/تشرين الأول/2010 - 23/شوال/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م