أمريكا وإيران... صراع ساخن خارج الأعراف الدبلوماسية

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: يبدو إن العلاقات المتشنجة بين إيران من جهة وأمريكا وحلفائها من جهة أخرى اخرج الأطراف المتصارعة من سياقات الأعراف الدبلوماسية والسنن المتعبة في التعامل بين الدول وقادتها السياسيين، حيث باتت الألفاظ النابية والسباب أسلوب متبع في الخطاب السياسي بشكل غير مسبوق، تستهدف شخوصا بعينها. بل تجاوز ذلك تنابز متبادل في توزيع الاتهام بالإجرام والقتل المتعمد، والتآمر والشر وخيانة الشعوب، وهو امر اثار استهجان الكثير من المتابعين واشكل معظمهم على مطلقيها، فيما علل البعض تلك السلوكيات بثقافة متوارثة تطل من كنف الاجيال بين الحين والاخر، وحسب شدة النزاع القائم.

نفاق

فقد اتهم الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد الولايات المتحدة بالنفاق لانتقادها حكم الاعدام الذي صدر ضد امرأة ايرانية بينما اعدمت امرأة في الولايات المتحدة.

وادينت سكينة محمدي اشتياني بجريمة الزنا الا ان المسؤولين الايرانيين علقوا في وقت سابق من هذا الشهر تنفيذ الحكم باعدامها رجما بعد اسابيع من الادانة من انحاء العالم.

وفي الولايات المتحدة ادينت تريسا لويس (41 عاما) بتدبير قتل زوجها وابنه من امرأة اخرى ونفذ فيها الحكم بطريقة الحقن بمواد قاتلة في ولاية فرجينيا. وكانت هذه أول عملية اعدام لامرأة في الولايات المتحدة منذ خمس سنوات. بحسب رويترز.

وقال أحمدي نجاد في مؤتمر صحفي في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة ان المرأة الايرانية اتهمت بالاشتراك في قتل زوجها وان القضية لا تزال امام القضاء.

بذاءة

من جهته ندد خوزيه راموس هورتا رئيس تيمور الشرقية الحائز على جائزة نوبل للسلام بتلميح الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الى ان الولايات المتحدة هي التي تقف وراء هجمات 11 سبتمبر ايلول بوصفه "بذاءة."

وكان هذا اقوي انتقاد حتى الان خلال الدورة الحالية للجمعية العامة للامم المتحدة لتأكيد احمدي نجاد في الجمعية بان معظم الناس يعتقدون ان واشنطن مسؤولة عن الهجمات التي وقعت بطائرات مخطوفة واسقطت مركز التجارة العالمي في نيويورك واصابت مبنى البنتاجون خارج واشنطن.

ووصف راموس هورتا تصريحات احمدي نجاد بانها "احدث تلفيقاته الفكرية" وقال ان " ما قاله الرئيس احمدي نجاد في هذا المنتدى فيما يتعلق بالهجمات الارهابية على مركز التجارة العالمي بذاءة.

"لقد تمادي مثلما فعل مرات كثيرة من قبل في هذه الجمعية وفي منتديات اخرى عندما شكك في حقائق المحرقة."

ومهاجمة الزعماء الاخرين بالاسم امر غير معتاد في الامم المتحدة على الرغم من ان نيك كليج نائب رئيس الوزراء البريطاني تحدث عن " تصريحات/احمدي نجاد/ الغريبة والهجومية واللافتة للانتباه" خارج الجمعية العامة للامم المتحدة كما وصف الرئيس الامريكي باراك اوباما هذه التصريحات بانها بغيضة وغير مبررة. بحسب رويترز.

وبشأن الشرق الاوسط وصف راموس هورتا حركة المقاومة الاسلامية/حماس/ المسيطرة على قطاع غزة وحزب الله اللبناني بانهما"حركتان شعبيتان حقيقيتان" وقال ان وصمهما بالارهاب ليس "سياسة سليمة" ولكنه دعا ايضا حماس الى الاعتراف باسرائيل. ووصف ايضا حركة طالبان الافغانية بانها"حركة شعبية."

وفي كلمة شاملة دعا راموس هورتا اوباما ايضا الى الافراج عن خمسة من عملاء المخابرات الكوبية معتقلين في الولايات المتحدة منذ عام 1998 ورفع الحصار الاقتصادي الامريكي عن كوبا.

وصدرت احكام بالسجن لفترات طويلة ضد الخمسة بسبب صلتهم باسقاط الطائرات العسكرية الكوبية طائرتين صغيرتين لكوبيين معارضين للحكم الشيوعي الكوبي يتخذون من فلوريدا مقرا لهم.

ويبلغ عدد سكان تيمور الشرقية الصغيرة والفقيرة نحو مليون نسمة. وظلت تيمور مستعمرة برتغالية لفترة طويلة ثم قامت اندونيسيا باحتلالها عام 1975 ولكنها نالت استقلالها عام 2002. وكان راموس هورتا فائزا مشتركا بجائزة نوبل للسلام عام 1996 لجهوده من اجل شعب بلاده.

قاتل ماهر

في ذات السياق هاجم الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد، رئيس الوزراء الإسرائيلي خلال مقابلة أجراها معه الإعلامي البارز في CNN، لاري كينغ، ووصفه فيها بأنه "قاتل ماهر"، يجب أن "يخضع للمحاكمة لقتله النساء والأطفال."

وأنكر الزعيم الإيراني أن تكون العقوبات المفروضة على طهران تؤذي بلاده، ورفض التعهد بلقاء الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، إذا ما أتيحت الفرصة لذلك.

وحول البرنامج النووي الإيراني، قال نجاد إن بلاده "غير مهتمة" بتصنيع قنبلة نووية، وأنه لا توجد أي دولة قلقة بشأن نوايا إيران، باستثناء "النظام الصهيوني والسلطات الأمريكية."

وقال نجاد: "نحن لا نسعى إلى الحصول على قنبلة (نووية)"، مضيفا "ليس لدي اهتمام بذلك، كما أننا لا نرى أنها مفيدة."

وتابع يقول: "ينبغي تجريد النظام الصهيوني والحكومة الأمريكية من الأسلحة.. إن التهديد الذي يواجهه العالم هو تلك القنابل (النووية) التي لدى الحكومة الأمريكية والنظام الصهيوني."

جاءت هذه المقابلة على هامش زيارة أحمدي نجاد إلى نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة.

وفيما يتعلق بمقابلة أوباما، قال نجاد، الذي غالباً ما تحدى الرئيس الأمريكي للمناظرة أمام وسائل الإعلام العالمية، رفض الرئيس الإيراني الالتزام بمحادثة نظيره الأمريكي، وقال إن ذلك "يعتمد على.."

وأضاف قائلاً: "أعتقد أنه سيكون من الملائم أن نجلس أمام زعماء دول أخرى، ووسائل الإعلام، ونناقش وجهات نظرنا في الأمم المتحدة.. أعتقد أن ذلك سيكون أمراً إيجابياً، بحيث أن الجميع يمكنه أن يسمع ما لدينا لنقوله، ويمكنه أن يساعد في حل العديد من المشكلات."

وحول اثنين من الأمريكيين المعتقلين في إيران، أنكر نجاد أن لديه النفوذ لإطلاق سراحهما، وقال إن فرص ذلك تعتمد على قرار من قضاة المحكمة.

أما بشأن إطلاق سراح زميلتهما سارا شورد، فقال نجاد إن ذلك جاء "لأسباب تتعلق بالرأفة والتعاطف، كما أنه لفتة إنسانية."

وألمح الرئيس الإيراني إلى أنه "اقترح" إطلاق سراحها، لكنه ليس لديه النفوذ على العملية القضائية والقانونية.

شرير عالمي

الى ذلك وصف رئيس مجلس الشورى (البرلمان) الايراني علي لاريجاني الرئيس الاميركي باراك اوباما بانه "شرير عالمي" وذلك بعد ان ابدى هذا الاخير دعم بلاده لتطلعات الشعب الايراني.

وقال لاريجاني في تصريحات نقلتها وكالة الانباء الطالبية ايسنا "كيف يجرؤ اوباما على اعلان انه يريد مساعدة الامة الايرانية؟ عليه ان يعلم انه شرير عالمي". واضاف "كان على اوباما ان يعلم اننا لسنا بحاجة الى رسالته".

وفي مقابلة بثتها الجمعة محطة "بي بي سي" الناطقة بالفارسية، اشار اوباما الى ان واشنطن تدعم التطلعات الديموقراطية للشعب الايراني.

وردا على سؤال لصحافي حول موقفه من نضال الشعب الايراني في اتجاه مزيد من الحريات، اجاب اوباما "الى من يتوقون لاسماع صوتهم، وللمشاركة في ديموقراطية تعترف بكرامتهم الانسانية، نقول اننا سنقف دوما الى جانبهم".

واكد اوباما في المقابلة نفسها ان الحل الدبلوماسي للملف النووي الايراني المثير للجدل لا يزال ممكنا.

وقال "نفضل بوضوح حل هذا الملف بطريقة دبلوماسية. اعتقد ان هذا يصب في مصلحة ايران وفي مصلحة المجتمع الدولي". واضاف "اعتقد ان هذا لا يزال ممكنا، الا انه سيتطلب تغييرا في طريقة تفكير الحكومة الايرانية".

وعززت الولايات المتحدة في السنوات الاخيرة مع حلفائها الغربيين العقوبات الاقتصادية التي تستهدف النظام الايراني لحمله على التفاوض بشان برنامجه النووي، مدعومة بقرارات صادرة عن مجلس الامن الدولي ساهمت واشنطن في تمريرها.

وتتهم قوى غربية عدة ايران بالسعي الى امتلاك السلاح الذري تحت ستار برنامجها النووي المدني، الامر الذي تنفيه طهران.

خيارات مفتوحة

على صعيد متصل قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما إن هناك "مجموعة من الخيارات" المتاحة أمام الولايات المتحدة وحلفائها إذا فشلت العقوبات على إيران في كبح طموحاتها النووية.

واضاف في مقابلة مع بي.بي.سي الفارسية أنه يفضل حلا دبلوماسيا للأزمة النووية مع طهران لكن هذا سيتطلب أن تغير الحكومة الإيرانية نهجها.

واستخدم الرئيس الأمريكي الموجود حاليا في نيويورك لحضور اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة القناة الناطقة بالفارسية لتوجيه رسالة إلى ايران التي تتحدى قيادتها جهود واشنطن لكبح برنامجها النووي.

وكرر أوباما رغبته في الحوار الدبلوماسي وقال "نرغب في التواصل ... مع الحكومة الايرانية والشعب الايراني."

ونجحت ادارة اوباما مؤخرا في دفع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى فرض جولة جديدة من العقوبات على ايران كما فرضت من جانبها عقوبات عليها. وقال اوباما "نعتقد أن العقوبات تزيد التكلفة على الحكومة."

وسئل الرئيس الأمريكي عن الإجراءات الممكنة إذا لم تفلح العقوبات فقال "هناك مجموعة من الخيارات. وهذه الخيارات ستطبق بالمشاورة مع المجتمع الدولي."

وقال اوباما الذي لم يوضح طبيعة الخيارات المتاحة التي يقصدها ان الحل الدبلوماسي ما زال ممكنا "لكنه سيتطلب تغييرا في عقلية ... الحكومة الايرانية."

وتشتبه الولايات المتحدة والقوى الغربية في ان إيران تسعى لصنع أسلحة نووية. لكن طهران تقول انها ترغب فقط في امتلاك التكنولوجيا النووية من أجل توليد الكهرباء.

وأبدى الرئيس الأمريكي احترامه للتراث الإيراني ووصف ايران بأنها مهد للحضارة لكنه قال إن الحكومة الايرانية لا تخدم الشعب الايراني جيدا.

وسئل أوباما عما إذا كان سيمنع اسرائيل إذا قررت قصف مواقع نووية ايرانية فقال انه "لن يتعامل مع فرضيات". ولم تستبعد اسرائيل امكانية التحرك عسكريا ضد إيران.

وفي اشارة لتصريحات ادلى بها الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد قال اوباما "تشعر إسرائيل بقلق بالغ من إعلان رئيس دولة .. دولة كبيرة بالقرب منها بأنها يجب أن تمحا من على وجه الأرض."

وقال اوباما ان ايران يمكن ان تلعب دورا بناء في إرساء الاستقرار في افغانستان المجاورة وان الولايات المتحدة ترغب في العمل مع طهران لتحقيق هذا الهدف.

لكنه قال ايضا "وراء الكواليس .. نرى أدلة على أنهم أحيانا .. (بل) ساعدوا بالفعل متمردين بطرق تؤذي قواتنا (في افغانستان)."

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 3/تشرين الأول/2010 - 23/شوال/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م