فيضانات باكستان.. معاناة إنسانية وعواقب سياسية

 

شبكة النبأ: بعد ان دمرت المساكن وقضت على الأراضي الزراعية التي سببت أزمة غذائية صعبة، في الوقت الذي انتشرت فيها الأمراض المعدية والتي أودت بعضها الى الموت، ما زالت فيضانات باكستان مستمرة في تدمير المنازل وتهجير العديد من الباكستانيين، بالرغم من ان هناك بعض المناطق التي قل فيها منسوب الفيضان ولكن أصحاب المنازل وجدوا منازلهم محطمة ومحاصيلهم ميتة وخلال هذا تتصاعد موجة من الغضب من قبل الضحايا على الحكومة الباكستانية التي وكما يدعون انها لم تقم بواجبها في مساعدة الضحايا والحد من الدمار الذي خلفته الفيضانات.

ومع ان الجهود تتزايد وبشكل حثيث من قبل المؤسسات الخيرية ووكالات الإغاثة والمساعدات الطبية والغذائية لكن هذا لا يكفي بحسب القائمين هناك حيث تتزايد مخاوف انتشار الأمراض أكثر وحصول نقص في الدواء والغذاء وبذلك تبدأ مشكلة أخرى، كما يرى بعض المحللين والمتابعين ان الأمور اذا استمرت على ما هي عليه من نقص في الدعم وعدم الاهتمام من قبل الحكومة الباكستانية التي بدورها تقول ان الكارثة اكبر من ان نسيطر عليها، فهناك أزمة اقتصادية في المستقبل بالإضافة الى سخط الشعب الذي ستظهر في حالة من الاختلال الأمني والاستقرار السياسي.

مشردون

فقد يتحول ملايين الباكستانيين الذين شردتهم الفيضانات الى قضية متفجرة بالنسبة الى الحكومة التي تعاني من الضعف أصلا بعد كارثة سيستمر تأثيرها على اقتصاد البلاد لسنوات. وكانت باكستان تتعرض بالفعل لضغوط متزايدة لاحتواء ازمة نزوح مليون مواطن بسبب القتال بين جيشها وبين متشددي حركة طالبان الباكستانية في شمال غرب البلاد.

وينبغي لها الآن ان تضع استراتيجية شاملة للتصدي لأزمة أوسع تتمثل في عشرة ملايين نسمة باتوا بلا مأوى بسبب الفيضانات وهي ازمة قد تؤدي الى حالة من عدم الاستقرار السياسي في الوقت الذي تقوم فيه باكستان بدور مهم في الحرب على التشدد.

وقال كمران بخاري مدير شؤون جنوب اسيا في مؤسسة ستراتفور للمعلومات العالمية "ما لم يتم احتواء هؤلاء الناس على نحو ما وما لم يتم حل مشاكلهم من حيث توفير المسكن والمأكل والرعاية الطبية وإعادة التأهيل ومن حيث سبل الرزق فنحن امام اضطرابات اجتماعية يحتمل ان تكون هائلة."

وأضاف "فقدان المأوى في حد ذاته يمكن نظريا ان يسقط دول وحكومات." ولمعالجة المشكلة ينبغي للحكومة التي تعاني ضائقة مالية ان تدبر مبالغ ضخمة وان تتغلب على مشاكل النقل والإمداد المعقدة والاهم من ذلك ان تثبت ان بوسعها الاضطلاع بالمسؤولية بعد ان قام الجيش بمعظم العمل الشاق خلال عمليات الإغاثة والإنقاذ عقب الكارثة. ومن شأن ترك مشاكل النزوح بين يدي الجيش ايضا ان يزيد ضعف مصداقية الحكومة.

ويقول محللون ان من غير المرجح وقوع انقلاب عسكري لكن الجيش قد يميل الى القيام بخطوة محسوبة اذا تقاعست الحكومة تماما عن مساعدة نازحي الفيضانات خصوصا مع إمكان ان تسعى طالبان لتجنيد أعضاء من بين الضحايا الذين فقدوا اي أمل في الدولة. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وقال المحلل السياسي حسن عسكري رضوي "في وضع متأزم تفقد فيه الحكومة المدنية شرعيتها قد يكون من السهل على الجيش اما ان يتحكم في الحكومة من خارجها او ان يدفع رجاله بشكل غير مباشر ليحلوا محل الحكومة."

وتتردد تكهنات منذ اسابيع بشأن مصير الحكومة وشائعات تتناول كل شيء من انقلاب عسكري الى اقتراع بعدم الثقة. وقال الكاتب الباكستاني احمد رشيد وهو خبير في شؤون التشدد والعمل السياسي على المستوى الاقليمي ان الواضح هو ان الجيش "ضاق ذرعا بالحكومة" و"فاض به".

خيبة أمل

فيما تخشى وكالات الإغاثة من ان الأمراض ونقص الغذاء وسوء التغذية قد تخلق أزمات جديدة عندما يعود الناس الى بلداتهم وقراهم المدمرة لإعادة بناء منازلهم وحياتهم.

وقال عاشق حسين مالك المشرف الطبي على المستشفى الرئيسي بالمنطقة في مظفرجاره باقليم البنجاب "أيا كان مخزون الادوية الذي لدينا فانه على وشك النفاد وعدد المرضى سيتضاعف في الايام القادمة."

وقال "نحو 60 في المئة من المرضى يعانون من النزلات المعوية والإسهال وأمراض معدية بالجلد والعيون ويأتي المرضى الى هنا في حالة سيئة للغاية." وحذرت الأمم المتحدة من أمراض وشيكة تنقلها المياه من بينها حمى التيفود والزحار الأميبي والتهاب الكبد الوبائي ايه. واي. والملاريا وحمى الدنج.

وقال انتوني ليك المدير التنفيذي لصندوق الطفولة التابع للأمم المتحدة ان الفيضانات تمثل حالة طوارئ بالنسبة للأطفال. وقال في مؤتمر صحفي بعد القيام بجولة في المناطق التي غمرتها مياه الفيضانات "نحو 8.6 مليون طفل أي 50 في المئة من اجمالي السكان المنكوبين أصابتهم الفيضانات."

وقال "هؤلاء الأطفال في حاجة ماسة ويجب الوصول اليهم وتغذيتهم وتقديم الماء لهم وتحصينهم ضد الأمراض." وزاد غضب بعض الباكستانيين بسبب تباطؤ رد فعل الحكومة ويلجئون للجمعيات الخيرية الإسلامية وبعضها على صلة بالمنظمات المتشددة. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وقالت وزارة الخارجية الأمريكية انه تم إبلاغها بخطر ناجم عن متشددين إسلاميين ضد عمال الإغاثة الأجانب مما عقد المهمة البالغة الصعوبة بالفعل للإغاثة وإعادة الاعمار. وتحذر منظمات الإغاثة من انه نظرا لان المياه تغمر جزءا كبيرا من الأراضي الزراعية في بلد يعتمد اعتمادا كبيرا على الزراعة فان الكارثة في باكستان يمكن ان تستمر عدة أشهر.

ولحقت أضرار بنحو 7.9 مليون فدان على الأقل أي نحو 14 بالمئة من إجمالي الأرض المزروعة في باكستان. وقالت جوزيت شيرير المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي بعد زيارة المناطق المنكوبة بالفيضانات في جنوب البنجاب "من حيث الحجم والمدى فان هذه واحدة من أفدح الكوارث التي تعين على برنامج الأغذية العالمي التصدي لها." وقالت "ربما ننظر الى عام من نقص الأغذية وارتفاع أسعار الغذاء."

الجريمة تفاقم المأساة

بينما تلعب الجريمة وبيع مواد الإغاثة التي جرى التبرع بها دورا كبيرا في إضعاف جهود إغاثة ضحايا فيضانات باكستان. وفي بيشاور عاصمة إقليم خيبر بختون خوا تباع أجولة الدقيق (الطحين) وعبوات زيت الطعام التي تحمل شعار وكالات الإغاثة الدولية مثل برنامج الأغذية العالمي والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.

وقال عبد الغفور الذي يملك متجرا في جور ماندي في بيشاور "اشتريناها من الضحايا، يحصلون على المال ويشترون شيئا اخر يحتاجونه أكثر." وأضاف رحيم الله خان مالك متجر اخر "لا يمكن أن يحدث ذلك دون ضلوع مسؤولين في الامر... الضحايا لا يمكنهم جلب شاحنة مليئة بالإمدادات هنا."

وتباع السلع فيما بعد بأسعار أرخص من المعتاد. وقال تاجر دقيق يدعى نجيب أحمد خان "يمكنني كسب 300 روبية باكستانية من كل جوال دقيق يزن 50 كيلوجراما. الزبون يفضل شراءه لان نوعيته أفضل وسعره أقل." ويحاول مسؤولون حكوميون علاج الوضع. وقال سراج أحمد المسؤول الحكومي بالمنطقة "شكلنا لجنة للنظر في هذه الأنشطة غير المشروعة ولكن من المحزن أن ذلك يحدث." بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

والى الجنوب في البنجاب يقول قرويون ان الناس الذين يعيشون خارج المناطق المتأثرة بالفيضانات سرقوا أشياء من منازل نزح عنها الضحايا. وقال رانا فرمان الله (27 عاما) وهو من سكان قرية محمود كوت ان اللصوص وصلوا في قوارب لنهب ممتلكات القرويين. واستطرد "أخذوا كل شيء... أخذوا كل شيء قيم والمعدات الكهربائية. سرقوا الغسالات والمراوح والبرادات والأدوات الكهربائية الصغيرة والحلي."

والى الشمال الشرقي في بلدة بهاكار على ضفاف نهر الاندوس الذي ارتفع منسوب مياهه قال صيادون انهم ينقلون ممتلكاتهم القيمة من الزوارق خشية أن تسرق.

قتال ضد المتشددين

من جانبه قال ريتشارد هولبروك المبعوث الامريكي الخاص لأفغانستان وباكستان ان محاربة اسلام اباد للمتشددين تأثرت بسبب الحاجة لإرسال قوات لمساعدة منكوبي الفيضانات المدمرة التي وقعت في البلاد مؤخرا.

وأضاف أنه لا يوجد دليل حتى الآن على أن اسلام اباد تعمل على تلبية مطالب واشنطن بالتحرك ضد شبكة حقاني وهي حليف لطالبان يشتبه مسؤولون أمريكيون بأن لها صلات بالمخابرات الباكستانية وقال ان السبب في هذا يرجع للفيضانات المدمرة التي اجتاحت باكستان.

وقال هولبروك "لديهم عشرات الآلاف من القوات التي تقوم بمهام اغاثة من الفيضانات. والجيش الباكستاني هو العامل الرئيسي حقا في جهود الإنقاذ ولا يمكنك فعل الأمرين على الفور." لكن المبعوث الامريكي رفض تلميحات بأن رد فعل حكومة باكستان المتردد لمكافحة كارثة الفيضانات يخلق حالة من انعدام الاستقرار في البلاد.

وأوضح مجددا هولبروك الذي عاد في الآونة الأخيرة من زيارة لباكستان أن اسلام اباد يجب أن تجد سبلا لتوفير عشرات المليارات من الدولارات اللازمة لإعادة البناء. حيث تسببت أمطار موسمية هطلت على باكستان في أواخر يوليو تموز في فيضانات قتلت أكثر من 1750 شخصا وأجبرت عشرة ملايين شخص على الأقل على ترك منازلهم وألحقت أضرارا قيمتها 43 مليار دولار. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وقال هولبروك "لن يتمكن المجتمع الدولي من تحمل فاتورة تتراوح بين 20 و30 مليار دولار أو أكثر. سنتحمل جزءا منها ... لكن الباكستانيين يجب أن يؤسسوا قاعدة ايرادات خاصة بهم."

وتوجد في باكستان واحدة من أقل نسبة ضريبة في العالم على الناتج المحلي الإجمالي وتصل الى نحو عشرة في المائة وقال هولبروك ان من المهم أن تتعامل اسلام اباد مع هذا التفاوت لتهدئة شكاوى محتملة من دول مانحة. وأضاف "نسب الضرائب التي يفرضونها على الأغنياء أقل بكثير من مثيلتها في الغرب .. عليهم حل هذا الامر."

وقال وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قرشي إن حكومته أنشأت مجلسا قوميا لمراقبة سبل مكافحة الكوارث يضم 15 شخصا " لضمان الشفافية الكاملة والمحاسبة بشأن توزيع المساعدات."

واعترف هولبروك بأن الفيضانات تعني أن يتحول عمل المزيد من القوات الحكومية الى الإغاثة بدلا من محاربة حركة طالبان الباكستانية وغيرها من الجماعات المتشددة مثل شبكة حقاني التي يعتقد أن لها صلات وثيقة بتنظيم القاعدة والتي دبرت العديد من الهجمات الكبرى في أفغانستان.

وقال "حول الجيش الباكستاني عددا كبيرا للغاية من قواته إلى جهود الإغاثة لكن النشاطات الأمريكية في أفغانستان وغيرها من النشاطات ضد من يمثلون تهديدا لنا لم تتضاءل."

خطر جديد

في حين قال مسؤولون باكستانيون انه بعد فترة طويلة من الفيضانات المدمرة التي اجتاحت باكستان ما زالت المياه التي تصب في بحيرة بجنوب باكستان تهدد عدة بلدات وتجبر عشرات الآلاف على الفرار من المنطقة.

وبينما تتجه مياه الفيضانات الى بحر العرب تغمر المياه بلدات جديدة في إقليم السند بعد أن أصبحت الحواجز التي بنيت لحماية المدن والبلدات في مناطق الفيضانات التقليدية توجه المياه الى مناطق جديدة بما في ذلك بحيرة مانتشار.

وفر عشرات الآلاف من بلدات في منطقة دادو بإقليم السند وقال مسؤولون ان السلطات طلبت من أعداد أخرى من السكان مغادرة المنطقة بعد أن وصل منسوب المياه المتدفقة من حاجز يسرب المياه الى نقطة خطيرة في البحيرة وهي أكبر بحيرة للمياه العذبة في باكستان. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وقال رياض أحمد سومرو مفوض الإغاثة "تركيزنا بالكامل الآن على منطقة دادو اذ لم يتبق سوى بوصات معدودة وتفيض مياه بحيرة مانتشار مما قد يهدد الكثير من البلدات." ويقول مسؤولون ان عدة بلدات حول البحيرة بما في ذلك بون وجينجيرا معرضة لخطر الغرق وهو ما يهدد نحو 250 ألفا من السكان.

وقال عبد الغني وهو مدرس غمرت المياه قريته الواقعة جهة المصب من بحيرة مانتشار "كل أشقائي السبعة وأسرهم يعتمدون علي الان لان جميعهم مزارعون وجرفت الفيضانات أراضيهم ومحاصيلهم."

وتقدر حكومة باكستان الخسائر بنحو 43 مليار دولار وتقول ان الناتج المحلي الإجمالي ربما يبلغ نحو 2.5 في المئة بعد أن كانت النسبة المستهدفة 4.5 في المائة للسنة المالية 2010_2011 .

العودة الى الدمار والأمراض

في السياق ذاته، وعندما جاء الفيضان فر الله يار مع أسرته لينجوا بحياتهم. والان بعد فترة طويلة عاد الرجل البالغ من العمر 67 عاما الى قريته ليتفقد ما تبقى من منزله. كل ما تبقى هو كومة من الطوب بينها أغصان جافة كانت تغطي السقف. وفي وسط الأنقاض بضع قطع من قماش ملون.

وقال الله يار بينما كان ينظر الى أطلال منزله ومنزلي أخويه وأسرتيهما في قرية جلال والا بجنوب البنجاب "لم ار قط فيضانا مثل هذا في حياتي." وأضاف "اضطررنا للإسراع والنجاة بحياتنا. لم يتح وقت لجمع أمتعتنا ولا حتى ملابسنا." وهو الان يأمل أن يبني مجرد جدار وسقف في الوقت الحالي ليستطيع أن يعيد بقية الأسرة الى القرية.

انها قصة تتكرر في أنحاء جنوب البنجاب أكثر المناطق تضررا بالفيضانات التي جاءت من الشمال الغربي ومرت جنوبا في اتجاه بحر العرب وغمرت بمياهها خمس المناطق الريفية في باكستان.

ومع انحسار الماء بدأت الاسر التي تستطيع العودة تتقاطر عائدة على أراض يابسة وسط المياه المنتشرة بأنحاء المنطقة في عربات مع أطفال وأغنام وتسوق ماشيتها أمامها. وما زال اخرون تقطعت بهم السبل يعتمدون على قوارب أو طائرات هليكوبتر لإمدادهم بالطعام والدواء.

وما زال الماء يغمر أجزاء من الطريق الى جلال والا لدرجة أن سكان القرى يستطيعون أن يصيدوا الأسماك فيه. وما زالت الأراضي حولها مغمورة بالمياه وتبرز منها أشجار وبضعة منازل وتتعفن تحتها المحاصيل. لكن يمكن الوصول الى القرية بشاحنة أو سيارة جيب ويحاول السكان الذين عادوا تحقيق أقصى قدر من الاستفادة من القليل المتاح.

أنقذت بعض الحبوب من أجولة ونشرت تحت الشمس لتجف فتنبعث منها رائحة تخمر قوية. وعادت الكهرباء كما تعمل شبكات الهاتف المحمول ويستطيع الله يار الاتصال بابنه في كراتشي ليبلغه بحجم الضرر. وخلف الماء المنحسر بحيرات كبيرة مياهها راكدة تنتشر منها الأمراض. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وفي قرية ليسوري خار القريبة أقام الجيش مركزا طبيا في مدرسة محلية يصطف أمامه نساء ورجال وأطفال في طوابير. ويحضر زهاء 700 شخص يوميا الى تلك المراكز. ولا تظهر عليهم أي علامات واضحة لسوء التغذية وما زال الأطفال يستطيعون رسم ابتسامة على استحياء على وجوههم. لكن الإصابة بالإمراض آخذة في الزيادة. إنهم يعانون من أمراض جلدية وإسهال والتهابات في الجهاز التنفسي وفي الإذن ومن فقر الدم والحمى والملاريا والاكتئاب.

وقالت طبيبة شابة من الجيش بينما كانت تقدم أدوية وإرشادات لمجموعة من النساء والفتيات "كل مريض مصاب بالاكتئاب." ويبكي رضيع صغير أطرافه تتحرك في عنف في حجر أمه لكنه أضعف من أن يعلو صوته بالبكاء. وترفع فتيات صغيرات أطراف سراويلهن ليكشفن عن لدغات حشرات تتحول الى بقع في سيقانهن. ويحضر معظم هؤلاء لمجرد الاطمئنان ويقدم لهم الأطباء عبوات أملاح للوقاية من الجفاف.

وتقول الطبيبة "يجب أن نعطيهم شيئا. اذا صرفناهم بغير شيء فسيجعلهم ذلك أكثر اكتئابا."

وما زال الوقت مبكرا لمعرفة عدد حالات الملاريا فلا يتسع وقت الأطباء حاليا الا لتشخيص الحمى لكنهم يقولون جميعا ان الملاريا هي الخطر الأكبر. ويضطر كثيرون ممن هدمت منازلهم للجلوس في العراء بجوار برك من الماء الآسن يتكاثر فيها البعوض.

وأضاف أن الناس لا يغلون الماء الذي يستخدمونه ولا يثقون في أقراص تنقية الماء حيث يعتقدون أنها جزء من برنامج لنشر العقم. وقال الطبيب "نحتاج لمزيد من الأطباء ومزيد من الأيدي العاملة ومزيد من الدواء لان عدد المرضى يتزايد." ولا يزيد عدد الوفيات على 20 في جنوب البنجاب سلة خبز باكستان الذي تروي أراضيه الخصبة في العادة فيضانات موسمية أصغر كثيرا.

لكن الدمار واسع النطاق ويمكن العثور على مناطق شاسعة مغمورة بالماء أثناء القيادة على مدى ساعات بأنحاء المنطقة. وفي جلال والا لا يأمل الله يار في مساعدة تذكر من الحكومة ويعتمد على نفسه في التخطيط لإعادة البناء. وقال "لا أستطيع أن أنتظر الحكومة. ماذا أستطيع أن أفعل. أيا كان ما يحدث فهي مشيئة الله."

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 28/أيلول/2010 - 18/شوال/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م