إعصار العقار يهدد المجتمع الخليجي

علي ال غراش

تعيش شعوب المنطقة الخليجية أسوأ الأوقات نتيجة الارتفاع المخيف في عدد ونوعية الجرائم المروعة والغريبة، وحتما لبعض أبناء المجتمع الخليجي دور في ذلك بتحولهم إلى أداة تدمير من خلال سيطرة حب الذات والأنانية وعدم التفكير بالمصلحة العامة.  ومن أحد الأسباب لذلك وتدمير الأمن الاجتماعي يعود لجشع بعض العقاريين من خلال رفع أسعار إيجارات المساكن إلى مستويات غير طبيعية، بحيث لا يستطيع المواطنون تحملها لاسيما ان اغلبهم يعيشون في منازل مستأجرة نتيجة الفقر الذي يقف حاجزا لشراء ارض أو مسكن!.

انقل لكم القصة الحقيقية التالية: احد المواطنين كان يعيش في حي يتميز بالهدوء، وكان يدفع أكثر من ثلث راتبه على الإيجار وبالكاد يستطيع ضمان احتياجات منزله وأفراد عائلته، فجأة طلب منه المؤجر رفع قيمة الإيجار نحو 30 في المئة تقريبا، شرح المستأجر وضعه، فقال له صاحب العقار إذا كنت لا تستطيع الدفع عليك الخروج، وبدأ بالتضييق على المؤجر بإطفاء الكهرباء وإغلاق الماء، اخذ الرجل يبحث عن سكن يناسب دخله لم يجد إلا في أحياء متواضعة جدا، انتقل مجبرا وهو خائف على أفراد عائلته لأنه حي تكثر فيه المشاكل والأعمال المنافية للأخلاق والسرقات والعمالة الأجنبية غير القانونية، بعد فترة من السكن تغيرات سلوكيات أبنائه نحو الانحراف، وأصبحوا ينتقمون من المجتمع وجشع البعض الذي ساهم في انحرافهم.

من جهة أخرى ان صاحب العقار الذي طرد المستأجر عرض عقاره بسعر مرتفع لم يتقدم احد بسبب الارتفاع الفاحش إلا شخص ليس بالسوي، بعد فترة بدأ المستأجر الجديد نشر سمومه في الحي الهادئ وبدأ الأهالي والجيران يشتكون فلم يستمع لهم المؤجر، وبعد ذلك أصبح أبناء المؤجر ضحايا سقطوا في فساد المستأجر، فطلب المؤجر من المستأجر الخروج لعدم دفعه للإيجار وتراكم المبالغ (لان قيمة الإيجار مرتفعة جدا «جنونية») ولم ينفع تهديدات المؤجر، ووصلت القضية للشرطة والمحاكم، وبعد سنوات خرج المستأجر، ولكن بعد الخراب.

من الذي رمى عائلة المستأجر البسيط إلى حي الفساد وضياع عائلة كريمة محافظة وصناعة جيل من المجرمين، ومن استقدم أشخاص مفسدين إلى حي هادئ محافظ متماسك؟. انه الابتزاز والجشع لدى بعض العقاريين الذين يهمهم فقط المال لا غير. بلا شك ان الجهات الحكومية، سبب في الأزمة بصناعة جيش كبير من المواطنين بدون امتلاك مساكن رغم ان الله انعم على بلادنا بالأموال الطائلة والمساحات الشاسعة، ومن الأسباب الأخرى غياب أي قانون حكومي في بعض البلدان يحمي المؤجر والمستأجر وضبط سوق العقار وعدم تركه لنظرية العرض والطلب وترك المستأجر للأمر الواقع بالرضوخ مجبرا لجشع العقاريين امام البديل وهو الشارع!.

هل ستتدخل الجهات الحكومية مؤقتا لتنظيم سوق العقار للمحافظة على الاستقرار العائلي والأمن الاجتماعي، أما ستترك الحبل على القارب الذي يعني استمرار هذا الحال السيئ، والمزيد من تدمير المجتمع والكثير من النزاعات لعدم القدرة على الدفع. فالحل الجذري ان يحصل كل مواطن على سكن آمن يحميه ويحمي أفراد عائلته، لاسيما ان حكوماتنا تبذل مساعي حثيثة لبناء مدن نموذجية في بلدان أخرى, فابن البلد أولى.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 28/أيلول/2010 - 18/شوال/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م