الصين واليابان... تنافس محموم وثأر مبيَت

احمد عقيل الجشعمي

 

شبكة النبأ: تتصاعد موجة النزاعات بين القوتين الأسيويين في المنطقة، حيث تستمر سلسلة التصريحات والتهديدات ما بين الصين واليابان لاسيما بعد المشكلة الأخيرة التي زادت من حدة الموقف وهي احتجاز سفينة صينية من قبل اليابان في منطقة استمر النزاع عليها من قبل الطرفين ولم يتوصل احدهما الى حل وسط.

وبدوره أدى ذلك الى تنظيم تظاهرات كبيرة مطالبة بإطلاق سراح قبطان صيني، في حين يرى المحللين والمتابعين ان هذه الأزمة الدبلوماسية خطيرة على الطرفين لما يمثله الاثنان كأكبر اقتصاديين في آسيا، من جانب آخر بدأت الحكومة الصينية تتخذ قرارات تجاه هذه المسألة موجهة بذلك رسالة تنبيه الى اليابان كتحذير لها بخصوص سياستها التي تتعامل بها مع الصين.

الصين تحذر

فقد حذرت الصين اليابان من أن الروابط بين البلدين ربما تتضرر اذا أساءت اليابان التعامل مع نزاع حول سفينة صينية تم احتجازها في منطقة متنازع عليها في تصاعد لصراع على جزر ربما يعمق الخلاف بين أكبر اقتصاديين في آسيا.

وقالت الصين ان اليابان قامت بلعبة خطيرة عندما ألقت القبض على ربان السفينة التي تصادمت مع زورقين يابانيين لخفر السواحل قرب جزر صغيرة متنازع عليها في بحر الصين الشرقي.

وقالت جيانغ يو المتحدثة باسم الخارجية الصينية "النزاعات على السيادة على أراض تمثل حساسية بالغة. اذا تم التعامل معها بشكل غير ملائم فيمكن أن تضر بالعلاقات الصينية اليابانية الأوسع نطاقا."

وصرحت في مؤتمر صحفي "جزر دياويو هي أرض لا يمكن فصلها عن الصين وتطبيق الجانب الياباني للقانون المحلي على قوارب الصيد الصينية التي تعمل في هذه المنطقة سخيف وغير مشروع وغير سليم ولن تقبل الصين ذلك أبدا." وتابعت "نتمنى أن يدرك الجانب الياباني مدى خطورة الوضع وجديته." بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وتتسم العلاقات بين بكين واليابان منذ سنوات طويلة بالريبة المتبادلة والمرارة الصينية بسبب احتلال اليابان لأغلب الصين قبل الحرب العالمية الثانية وخلالها. وحذرت وسائل إعلام صينية من أن هذا الاعتقال سيثير غضب الرأي العام الصيني.

وقالت صحيفة تشاينا ديلي الرسمية في مقال افتتاحي "تستعر أيضا موجة من الغضب في المجتمع الصيني والتي قد تتطور الى إدانة عامة كبرى اذا استمرت السلطات اليابانية في اتخاذ موقف متشدد من الواقعة." وقدمت اليابان أيضا احتجاجات لدى الصين بشأن الواقعة ودعا كبير المتحدثين باسم الحكومة اليابانية الى التحلي بالهدوء.

وقال هوانغ دا هوي وهو خبير في شؤون العلاقات الصينية اليابانية بجامعة رنمين في بكين "من الممكن أن تتسبب هذه القضية بسهولة في تصاعد التوترات وتشعل الرأي العام الصيني.

وأضاف "سيشعر الجمهور الصيني بأن من الخطأ تقديم أي تنازلات وكذلك الرأي العام الياباني وربما يؤدي هذا الى تكون نقطة احتكاك صعبة." ومنذ أن أدت احتجاجات عامة كبيرة ومناوشات دبلوماسية مريرة الى تدهور العلاقات في 2005 و2006 بذل البلدان جهدا واضحا لتحسين العلاقات. لكن التوتر الأوسع نطاقا حول البحار المتنازع عليها يمكن أن يسبب تزعزع العلاقات بين الدولتين.

تظاهرة معادية

في الوقت ذاته، تظاهر أكثر من مئة صيني قرب السفارة اليابانية في بكين في أجواء من التوتر بسبب حادث بحري في المياه المتنازع عليها تحول الى أزمة دبلوماسية بين البلدين. وتجمع المتظاهرون أولا أمام السفارة اليابانية قبل ان يغلق حوالي خمسين شرطيا الشارع، مما اضطرهم للسير بسرعة في الحي الدبلوماسي.

وردد المتظاهرون هتافات "تسقط اليابان" و"تذكروا 18 أيلول/سبتمبر" ذكرى بدء الاجتياح الياباني لمنشوريا في 1931. وكانت معلومات على مواقع على الانترنت تحدثت في الأيام الأخيرة عن تظاهرة معادية لليابان. واستدعت الصين خمس مرات وبدون جدوى سفير اليابان في بكين للمطالبة بإطلاق سراح قبطان مركب صيد صيني اعترضنه طوكيو في السابع من أيلول/سبتمبر في منطقة يطالب بها البلدان في البحر الأصفر.

وردد المتظاهرون "اعيدوا لنا القبطان" و"أعيدوا لنا دياو" الاسم الصيني للجزر التي تسميها اليابان سنكاكو واعترضت السلطات اليابانية مركب الصيد قربها. وتقع هذه الجزر في منتصف المسافة الفاصلة بين تايوا واوكيناوا. بحسب وكالة فرانس برس.

وبدأ المتظاهرون يجرون فجأة عندما أوقفت الشرطة امرأة كانت تريد التقدم بشكوى الى سفارة اليابان في إطار نزاع عقاري. وكانت سفارة اليابان في بكين دعت اليابانيين في الصين الى التزام الحذر مع انتشار الأنباء على الانترنت عن التظاهرة.

وقال ناطق باسم السفارة "دعونا برسائل الكترونية وعلى مواقعنا المواطنين اليابانيين المقيمين في الصين والذين يسافرون اليها او يقومون بزيارة لها الى اليقظة لضمان أمنهم".

من جهتها، أكدت الشرطة الصينية على موقعها على الانترنت انها "ستبذل ما بوسعها لضمان امن اليابانيين". وكانت تظاهرات معادية لليابان شهدت أعمال عنف في بعض الأحيان، جرت في الأزمة الدبلوماسية السابقة بين البلدين في 2005 و2006.

الأمطار تقلل من حدة الموقف

بينما طالب نحو مئة محتج صيني اليابان بالإفراج عن قبطان سفينة صيد صيني الا أن الإجراءات الأمنية المشددة والإمطار حالت دون إظهار أكبر للغضب بسبب مسألة زادت من التوترات الإقليمية بين القوتين الاسيويين.

وتحت هطول الأمطار تجمع المحتجون ومعظمهم في العشرينات من العمر أمام السفارة اليابانية في بكين ورفعوا لافتات ورددوا هتافات تشجب احتجاز القبطان. واحتجز خفر السواحل الياباني القبطان بعد تصادم بين سفينته وزورقين تابعين لخفر السواحل قرب جزر صغيرة في بحر الصين الشرقي يطالب بها الجانبان. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وأحاطت بالمحتجين مئات من قوات الشرطة والأمن والتي انتزعت لافتات من بعض المحتجين كانوا يسعون للاحتجاج وقامت بدفع المتظاهرين مع تزايد عددهم. وصرخت مجموعة من المحتجين "أعيدوا قبطان سفينتنا.. أطلقوا سراحه الان... تسقط الامبريالية اليابانية... أيها الأمريكيون اخرجوا من اسيا."

وبكين وطوكيو على خلاف بشأن الحقوق الإقليمية في البحار خاصة ما يتعلق بمجموعة جزر غير مأهولة يطلق عليها دياويو في الصين وسنكاكو في اليابان. وقال هو تشو أحد المحتجين مستخدما الاسم الذي تطلقه الصين على الجزر المتنازع عليها حيث احتجزت سفينة الصيد الصينية "قبطان السفينة رهينة وجئنا لكي نطلب من اليابان إعادته والخروج من جزر دياويو."

وتوافق الذكرى التاسعة والسبعين "لحادثة موكدن" التي كانت خطا فاصلا في احتلال اليابان لشمال شرق الصين.

الصين لن تكرر خطأ اليابان

من جانبه قال لي داوكوي مستشار بنك الشعب (المركزي) الصيني ان الصين لن تكرر الخطأ الذي ارتكبته اليابان في الثمانينيات بالسماح لعملتها بالصعود استجابة لضغوط أجنبية.

وأضاف " لي" أستاذ الاقتصاد بجامعة تسينجوا في بكين ان محاولات الدول الأخرى لي ذراع الصين بشأن اليوان مازالت في بدايتها. وقال أمام منتدى "الضغوط الخارجية على الصين لرفع سعر صرف اليوان ستتزايد خلال السنوات المقبلة."

لكنه قال ان سعر الصرف ليس سوى واحد من عدة أدوات يمكن أن تستغلها الصين لتعديل هيكل اقتصادها وخفض الفائض في المدفوعات الخارجية اذ أن الصين كدولة كبيرة لديها فرصة كبيرة لتعزيز الطلب المحلي.

وقال لي على هامش المؤتمر "لذلك لم يعد ضروريا بالنسبة للصين أن تحقق فائضا تجاريا فقط من خلال رفع سعر اليوان. يمكننا أيضا تحسين هيكلنا التجاري بزيادة الواردات وهو ما نفعله حاليا."

ومن المرجح أن تقل نسبة الفائض في ميزان المعاملات الجارية الصيني الى الناتج المحلي الإجمالي عن نصف مستوى الذروة الذي بلغه في 2007 عند 11 بالمائة.

وقال " لي" عضو لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي الصيني ان الأوضاع الاقتصادية في الصين اليوم تختلف عما كانت عليه في اليابان عام 1985. وصعد الين بقوة بعدما توصلت اليابان والدول الاقتصادية الكبرى لاتفاقية بلازا في 1985 لأحداث تراجع منتظم في الدولار لخفض عجز ضخم في ميزان المعاملات الجارية الأمريكي. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

ومع تدفق الأموال على اليابان لملاحقة صعود الين أدت السياسة النقدية المتراخية الى فقاعة في أسعار الأصول انفجرت في مطلع التسعينيات مما أدى لدخول اليابان في عقدين من الركود الاقتصادي ومعركة مازالت مستمرة ضد التضخم.

وقال لي "الصين لن تسلك مسلك اليابان وترضخ للضغط الأجنبي بشأن سعر صرف اليوان."

وحث المشرعين الأمريكيين الذين يبحثون سن تشريع لمعاقبة الصين بسبب ما يعتبرونه سعر صرف منخفض بشكل غير عادل لليوان على عدم توجيه اللوم لبكين بسبب سعر الصرف.

وأضاف "على الولايات المتحدة أن تولي مزيدا من الاهتمام لمشاكلها هي. ماذا فعلت الولايات المتحدة عندما كنا نخفض فائضنا التجاري.

قلق وزير الخارجية

فيما أعرب وزير الخارجية الياباني الجديد سيجي مايهارا عن "قلقه" بإزاء مستوى النفقات العسكرية الصينية، على خلفية تصاعد التوتر الدبلوماسي مع الصين بعد احتجاز طوكيو لسفينة صيد صينية.

وقال مايهارا في أول مؤتمر صحافي يعقده بصفته وزيرا للخارجية بعد ساعات على تبوئه هذا المنصب "من المهم النهوض بالعلاقات الإستراتيجية بين اليابان والصين والتي تعود بالمنفعة المتبادلة على كلي البلدين".

وأضاف "لكن، من جهة ثانية، انا قلق من ارتفاع النفقات العسكرية الصينية بنسبة 10% سنويا خلال السنوات العشرين الأخيرة. ارغب في أن تتحمل الصين بحزم مسؤولياتها وتشرح هذا الأمر". بحسب وكالة فرانس برس.

وأمل رئيس الوزراء الياباني ناوتو كان في استمرار العلاقات الودية مع الصين، في وقت تجتاز العلاقة الدبلوماسية بين البلدين أسوأ مراحلها منذ سنوات.

وتحفظ رئيس الوزراء عن أعطاء أي تعليق بشأن الخلاف الناشئ عن احتجاز اليابان لسفينة صيد صينية مطلع ايلول/سبتمبر على مقربة من جزر سينكاكو باليابانية ودياويو بالصينية، في منتصف الطريق بين تايوان واوكيناوا (جنوب اليابان). وتم اعتقال أفراد طاقم السفينة الذين أفرج عنهم لاحقا، بعد ان دخلت سفينتهم في اصطدام مع سفينتين يابانيتين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 22/أيلول/2010 - 12/شوال/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م