مزايا العقل البشري وفترة صلاحيته

 

شبكة النبأ: بعد ان مرت العديد من حالات مرضية عجز الأطباء من معالجتها وفقدوا بذلك مرضاهم، وبسبب ذلك بدأ مجموعة من الأطباء والباحثين في مجال الطب ومن مختلف أنحاء العالم من إجراء البحوث والدراسات والتجارب لعدم تكرار ما حدث سابقا، وعليه توصل هؤلاء الباحثين وبمساعدة التطور التكنولوجي في الأجهزة الالكترونية الطبية الى إيجاد حلول لعديد من الحالات التي واجهتهم، بحيث تتيح هذه الاكتشافات الى السيطرة على الوضع الطبي للمريض وعدم تفاقم الحالة.

قراءة ما يدور في ذهنك

عمليات المسح الإشعاعي للعقل يمكن ان تتكهن بما تنوي ان تفعله أفضل من معرفتك الشخصية بنفسك.

هذا ما قاله باحثون يرون في هذه التقنية أداة قوية في يد مسؤولي الصحة وخبراء الإعلانات الساعين الى تحفيز المستهلكين.

توصل العلماء الى وسيلة لتفسير صور العقل ليعرفوا على سبيل المثال ما اذا كان الناس الذين قرأوا رسائل عن فوائد استخدام الكريمات الواقية من الشمس سيستخدمونها فعلا في الأسبوع التالي.

وقالت أميلي فولك وزملاء لها من جامعة كاليفورنيا في لوس انجليس بدورية علوم الأعصاب ان الأشعة كانت أدق من أقوال المتطوعين أنفسهم. وقالت "نحاول معرفة ما اذا كان بالعقل منطقة تحتوي على حكمة دفينة." وقال ماثيو ليبرمان استاذ علم النفس الذي قاد الدراسة في بيان "اناس كثيرون يقررون فعل شيء ثم لا يفعلونه."

لكن من خلال صور الرنين المغناطيسي تمكنت فولك وزملاؤها من التوغل الى ما وراء النوايا والتكهن بالسلوك الفعلي. ويستخدم الرنين المغناطيسي مجالا مغناطيسيا لقياس كمية تدفق الدم في المخ. ويمكن ان يظهر اي مناطق في المخ هي الاكثر نشاطا من الاخرى لكن ذلك يتطلب تفسيرا حذرا ودقيقا.

وشملت تجربة فولك 20 متطوعا من الرجال والنساء. وفي تجربة دارت حول الكريمات الواقية من الشمس توقع نصف المتطوعين بشكل صحيح سلوكياتهم في هذا المجال. وحلل الباحثون صور الرنين المغناطيسي في مسعى لرصد منطقة نشاط في العقل تعطي نتائج أفضل من 50 في المائة. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وقدمت أفضل المعلومات منطقة معينة في العقل موجودة في اللحاء الأمامي الأوسط. وقال ليبرمان "من هذه المنطقة من العقل تمكننا من التكهن بشكل صحيح بنسبة ثلاثة أرباع (75 في المئة) ما اذا كانوا سيزيدون استخدامهم للكريمات الواقية من الشمس كما يقولون."

وأضاف "هذه المنطقة لها علاقة بمعرفة الذات ويبدو انها تنتقد طريقة تفكيرك في نفسك وما تفضله." وصرحت فولك بأن فريقها يبحث الآن عن مناطق أخرى من العقل تزيد من دقة هذه التقنية.

ويعد الفريق تقريرا عن تجارب تتكهن بما اذا كان المتطوعون سيقلعون عن التدخين فعلا بعد قراءة رسائل تحفزهم على ذلك.

التواصل مع فاقدي الوعي

في حين تمكن باحثون في بلجيكا والمملكة المتحدة من التواصل مع مرضى مصابين بفقدان الوعي وذلك باستخدام طريقة جديدة لمسح المخ.

وتمت ملاحظة درجة من اليقظة في ثلاثة مرضى كان قد تم تشخيصهم بهذا المرض. وأظهرت الدراسة التي نشرت في مجلة نيو إنجلاند الطبية أن مسح المخ قد أظهر دلائل على الوعي في مرضى كان يعتقد أنهم في عزلة تامة عن هذا العالم.

ويكون المرضى عادة يقظين أي ليسوا في غيبوبة، إلا أنهم غير واعين بما حولهم بسبب إصابتهم بتلف شديد في المخ.

واستخدم الباحثون في مركز ولفسون لتصوير المخ في كامبردج طريقة المسح الوظيفي بالرنين المغناطيسي والذي يظهر نشاط المخ على عينة من المرضى والأصحاء.

وطلبوا من المرضى والأصحاء تخيل أنفسهم يلعبون كرة المضرب أثناء خضوعهم للمسح.

ولاحظ الباحثون وجود نشاط في منطقة في قشرة المخ تتعامل مع حركة الإنسان، في جميع المتطوعين وفي أربعة من المرضى.

وفي بلجيكا وجه باحثون في جامعة لييج أسئلة إلى مريض أصيب في حادث سيارة قبل سبع سنوات، وحصلوا منه على أجوبة بنعم أو لا باستخدام أفكاره فقط.

وطلب الباحثون من المريض تخيل صور حركية إذا ما أراد الإجابة بنعم، وصور تتعلق بالمكان كالتفكير بالتجول في الشوارع إذا ما أراد الإجابة بلا.

وأجاب المريض إجابات دقيقة عن 5 من 6 أسئلة وجهت إليه حول شخصه وأهله وأحداث مر بها كاسم والده. ولقيت هذه الدراسة ترحيبا من المختصين، إلا أن البعض يؤكد على ضرورة إجراء مسح أكثر تفصيلا.

القرار الصائب

بينما قال باحث أميركي إن الفكرة التقليدية السائدة عن ان الكهول يتخذون قرارات أقل صواباً من تلك التي يتخذها الأصغر سنا ليست صحيحة.

ورأى الباحث سكوت أي. هوتيل، وهو أستاذ مشارك في علم النفس وعلم الأعصاب في جامعة ديوك في دورهام بولاية نورث كارولاينا، أنه في بعض الأحيان يتخذ الكهول قرارات جيدة أو حتى أفضل من تلك التي يتخذها أشخاص أصغر سناً في قضايا لها علاقة بالمال.

وأضاف هوتيل " لا يتعلق الأمر بالعمر بحد ذاته وليس هذا هو الذي يجعلهم أكثر حذراً من المخاطر"، مشيرا إلى عاملين اثنين لهما تأثير في هذا المجال يتعلقان بالإدراك وبمستوى تراجع الذاكرة المرتبط بالتقدم في العمر، وبعدم القدرة على التعامل بسرعة مع المعلومات التي يحصل عليها المسن.

وقال هوتيل إن الأبحاث السابقة أشارت إلى فرضية مؤداها إن الإخفاق في اتخاذ القرارات عند المسنين لا علاقة له بالتقدم في العمر بل في البطء الذي تتميز به عملية التعامل مع المعلومات التي تكون بين أيديهم لاتخاذ القرارات المناسبة بشأنها.

وشملت الدراسة التي نشرت في دورية علم النفس والشيخوخة 54 بالغاً تتراوح أعمارهم ما بين 66 و 76 سنة ومجموعة أخرى من المتطوعين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و 35 سنة وطلب من الجميع المشاركة في لعبة من أجل اختبار قدرتهم على اتخاذ قرارات مالية صائبة فتبين أن الذين لديهم قدرات إدراك قوية اتخذوا قرارات صائبة وجمعوا الكثير من الأموال في المجموعتين.

وأضاف هوتيل إن الذاكرة والقدرة على تحليل المعلومات خلال الاختبارات كانت أساسية في النجاح، مشيرا إلى أنه عندما يتوفر للمسن واليافع القدرة على التفكير بشكل سليم و تعمل ذاكرة كل منهما بشكل جيد فأنهما "يستطيعان على الأرجح التوصل إلى القرارات ذاتها" مع فارق أن البالغين من الشباب وليس الكهول يتميزون بسرعة القيام بمهام أكثر من العجائز.

وقال مدير مركز الشيخوخة في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلس" من المنطقي القول إن الشيخوخة لا تؤثر على اتخاذ القرارات إذا لم تكن هناك تغيرات في عمل الذاكرة أو طالما ظل الدماغ يعمل بالسرعة المطلوبة للتعامل مع المعلومات التي بين يدي المرء".

ذكريات

في حين قال فريق من العلماء في جامعة كولدج لندن إنه صار بإمكانهم معرفة أحداث الماضي التي يستعيدها شخص ما، وذلك باستخدام جهاز يخضع الدماغ للمسح الضوئي.

وعرض العلماء على مجموعة من المتطوعين مقاطع سينمائية، وتمكنوا من التكهن بأي المقاطع كان يفكر فيها المشاهدون.

ويعطي المقال العلمي -الذي نشر في مجلة كرنت بيولوجي (Current Biology)- فكرة معمقة عن الكيفية التي تتكون بها الذكريات، وكيف تحفظها الذاكرة.

ويأمل العلماء أن يمكنهم هذا الاكتشاف من المساهمة في تطوير علاجات لفقدان الذاكرة. وأظهرت بحوث سابقة أن المسح الضوئي للدماغ يمكنه أن يساعد على التكهن بالطريقة التي يتم بها تكون الأفكار البسيطة، كما هو الشأن مع التمييز بين الألوان والأشياء والأماكن.

ويقول علماء جامعة كولدج لندن، إن تذكر أحداث ماضية عملية أكثر تعقيدا. واستفاد العلماء من تجربة أخرى قاموا بها، وتمكنوا بها من معرفة موقع شخص في غرفة متخيلة، بمجرد استخدام مسح ضوئي.

وطلب الباحثون من 10 متطوعين مشاهدة مقتطفات من 3 أفلام قصيرة تصور أنشطة يومية من قبيل وضع رسالة في صندوق البريد، أو إلقاء كأس من القهوة في صندوق القمامة.

ثم طُلب من المتطوعين أن يتذكروا كل شريط على حدة بينما كانوا داخل جهاز المسح بالرنين المغناطيسي، حيث تخضع أنشطة الدماغ إلى المسح الضوئي بمساعدة برنامج حاسوبي.

وتبين للعلماء من خلال الحلول الحسابية التي عرضها الجهاز أن بالإمكان معرفة أي شريط كان يفكر فيه المتطوع بمجرد معرفة نمط النشاط الدماغي.

الراحة تساعد

من جانبها أشارت ليلا دافاتشي، مساعدة بروفسور في علم النفس في جامعة نيويورك، إلى أن الدراسات السابقة أظهرت أن النوم يساعد على تخزين الذكريات ولكن لا يعرف بعد الكثير عن الدور الذي يلعبه أخذ قسط من الراحة أثناء النهار، كما يعرف بـ"الراحة النشطة"  في تقوية الذاكرة.

وتضمن البحث، ونشر في دورية "الأعصاب"، إجراء  مسح دماغي لـ 16 شخصاً بواسطة الرنين المغناطيسي بعد الطلب منهم النظر إلى صور وجوه وأشياء أو مشاهد مختلفة وأخذ فترة من الراحة، مؤكدين أن المنطقة الواقعة بين القشرة الجديدة (Neocortex) و"هيبوكامبوس" (hipocampus) - الحصين - الموجودة في النصف السفلي من الدماغ،  عملت بنشاط أكثر بعد أخذ فترة من الراحة.

وخلص الباحثون  إلى أن الدماغ يتذكر أكثر عند أخذه فترة من الراحة، بعد محاولة تعلم أشياء أو تخزينها، ولفتوا إلى أن الزمن لا يقضي على الذكريات التي تظل حية في الدماغ مع مرور الزمن. بحسب وكالة السي ان ان.

وقال د. بول سانبيرغ، مدير مركز الشيخوخة وتجديد الدماغ" بجامعة ساوث فلوريد إن الدراسة ترجح أهمية أخذ قسط من الراحة بعد تلقن معلومات جديدة، ولفت قائلاً: "القيام بعدة مهام بعد تعلم معلومة جديدة قد يربك الذاكرة التي تسعى لتعزيزها.

وأضاف بالقول: الدراسة تظهر أن "الراحة النشطة" هي الوقت الذي يتم فيه تحويل الذاكرة".

ويأتي البحث تلو آخر كشفت نتائجه مؤخراً، وجد أن الأشعة المنبعثة من أجهزة الهاتف النقال قد تساعد في تحسين الذاكرة والوقاية من الإصابة بالزهايمر.

ووجدت الدراسة التي أجريت على فئران ونشرت في دورية "أمراض الزهامير" أن التعرض لأشعة المحمول لها تأثير إيجابي على المخ وقد تعالج وتحد من تأثير الزهايمر."

وذكر الفريق العلمي أن تعريض فئران تم تغيير الجينات الوراثية لبعضها بشكل يجعلها عرضة للإصابة بالزهايمر لهذه الأشعة، حال دون تكون التكلسات البروتينية في المخ والتي تؤدي للإصابة بالمرض.

مادة كيميائية تزيل الذكريات المخيفة

من جانب آخر، اكتشف باحثون أمريكيون أن جسم الفئران ينتج مادة فعالة تخفف من مخاوف بعينها.

ويأمل الباحثون في استخدام هذه المادة مستقبلا لعلاج المصابين بصدمات نفسية عقب الأحداث المفزعة وغيرها من الاضطرابات الناشئة عن الخوف.

وأظهرت التجارب التي أجراها الباحثون على الفئران أن حقن الفئران بمادة "بي دي ان اف" يؤدي إلى زوال الذكريات المرتبطة بالمخاوف. ويؤكد الباحثون أن هذه المادة لا تزيل جميع محتويات الذاكرة ولكنها تعمل على أن تحل محل هذه الذكريات المخيفة ذكريات أخرى خالية من الخوف. ونشر الباحثون نتائج دراستهم في مجلة ساينس الأمريكية.

قام الباحثون جامي بيترز و جريجوري كويرك و غيرهم من باحثي جامعة بيورتو ريكو في بداية البحث باستخدام طريقة تقليدية لإزالة الخوف من ذاكرة الفئران من خلال تجارب مخبرية حيث أسمعوا الفئران صوتا ما وأعطوها صدمة كهربية في الوقت ذاته إلى أن أصبحت الفئران فيما بعد تتصلب من الخوف بمجرد سماع الصوت فقط.

وقال الباحثون إنه من المكن إزالة هذه الذكرى المخيفة من ذاكرة الفئران إذا أسمعت هذا الصوت مرارا بدون صدمة كهربية. ويصف الباحثون هذه الطريقة بالتدرب على مسح الذاكرة.

ثم أوضح الباحثون تحت إشراف البروفيسور بيترس بالتدليل على إمكانية إزالة الخوف باستخدام العقاقير حيث حقنوا الفئران مادة "بي دي ان اف" في منطقة "أي ال سي" بالمخ وهي المنطقة التي تشارك في مسح مضمون الذاكرة أو تكوينه.

فتبين للباحثين أن الفئران التي حقنت بهذه المادة لم تعد تبدي خوفا لدى سماع الصوت المرتبط بالألم شأنها في ذلك شأن الفئران التي أنسيت هذا الصوت وما يرتبط به من صدمة كهربائية بالطرق التقليدية.

ومادة بي دي ان اف مادة ينتجها الجسم بنفسه وهي إحدى عوامل نموه وتلعب دورا في الكثير من أشكال التعلم. كما تساهم هذه المادة في بناء روابط جديدة بين الخلايا العصبية وتقوية هذه الروابط. وهذا هو بالضبط المطلوب لبناء ذاكرة جديدة حسبما أوضح الباحثون.

وحاول الباحثون من خلال تجارب أخرى الإجابة على السؤال: لماذا لا تستجيب بعض الفئران للتدريب على مسح الذاكرة فوجدوا أن هذه الفئران لا تمتلك بطبيعتها كمية كافية من مادة بي دي ان اف في منطقة الحصين بالمخ وهي المنطقة التي تشارك مع منطقة "أي ال سي" في مسح مضمون الذاكرة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 20/أيلول/2010 - 10/شوال/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م