عملاق النفط البريطاني وبئر المكسيك... تداعيات لم تكن بالحسبان

 

شبكة النبأ: أفضت كارثة بئر المكسيك الى عواقب وخيمة بالنسبة الى عملاق النفط البريطاني شركة بي بي، منها تداعيات سياسة واقتصادية أثارت العديد من القضايا بوجه القائمين على تلك الشركة.

وعلى الرغم من نجاح العمل في طمر البئر ووقف التسرب الا ان ذلك لم يقي من وقوع كارثة بيئية هي الأكبر في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، وتسعى بعض الجهات الرسمية والشعبية على حد سواء الى مقاضاة الشركة ووقف عمليات استخراج النفط من البحار لدرء تكرار مثل تلك الكارثة.

استجواب ومقاضاة

فقد كشفت وزارة العدل الأمريكية أنها قد تقاضي شركة النفط العملاقة "بي بي" BP بسبب الأضرار الناجمة عن غرق منصة النفط العائمة "ديبووتر هورايزن" وتسرب النفط منها، وفي الأثناء، كشفت تقارير أن الرئيس التنفيذي المنتهية ولايته، طوني هيوارد، سيمثل الأربعاء أمام لجنة برلمانية بريطانية للتحقيق في الآثار المترتبة على الكارثة ذاتها.

ففي الولايات المتحدة، كشفت وثائق قانونية أعدت عن طريق محكمة المقاطعة في مدينة نيو أورليانز بولاية لويزيانا الأمريكية أن وزارة العدل بصدد مقاضاة "بي بي" بسبب الكارثة التي نجمت عن غرق المنصة النفطية.

وجاء في وثائق المحكمة "بعد كل هذه المنعطفات، تتوقع الولايات المتحدة أن ترفع دعوى مدنية فيما يتعلق بكارثة منصة النفط الغارقة.." وطالبت الوزارة بفصل هذا الأمر عن الدعاوى الخاصة الأخرى ذات العلاقة بالكارثة نفسها.

وفي لندن، من المقرر أن يكون هيوارد قد مثل أمام لجنة برلمانية بريطانية خاصة للتحقيق في الآثار المترتبة على الكارثة في خليج المكسيك. بحسب السي ان ان.

وتسعى لجنة الطاقة والتغير المناخي إلى أن توقف الحكومة الحفر في المياه العميقة في بريطانيا، والحصول على إجابات حول ما إذا كانت إجراءات السلامة والمعايير البيئية القائمة بحاجة إلى تحديث في ضوء التسرب الهائل للنفط في خليج المكسيك.

وكان هيوارد قد تعرض لانتقادات حادة بسبب طريقة تعامله مع البقعة النفطية في خليج المكسيك والتي تعد  واحدة من أسوأ حالات التلوث والتسرب النفطي في تاريخ الولايات المتحدة.

يشار إلى أن هيوارد سيتنحى عن منصبه رئيساً تنفيذياً لشركة "بي بي" في الأول من أكتوبر/تشرين الأول المقبل.

وأصبح هيوارد موضع تنفيس عن الغضب الشعبي والسياسي منذ كارثة المنصة النفطية الغارقة التي تديرها شركة "بي بي" والتي تعرضت لحادثة انفجار في خليج المكسيك في إبريل/نيسان الماضي، وقتل جراءه 11 من العمال.

وقف صرف التعويضات

من جانبها اوقفت شركة "بي بي" BP قبول طلبات التعويضات من الأفراد وقطاع الأعمال المتأثرون بكارثة خليج المكسيك النفطية، بعد أن دفعت حتى الآن ما يصل إلى 368 مليون دولار كتعويضات، وفقاً لما ذكرته شرطة النفط المسؤولة عن المنصة النفطية الغارقة.

ومن المنتظر أن تتولى لجنة عيّنتها الحكومة الأمريكية، وحملت اسم "هيئة مطالبات تعويضات ساحل الخليج"، برئاسة المحامي كينيث فاينبيرغ.

وجاء في بيان صادر عن الشركة البريطانية العملاقة أنه اعتبارا من الثالث والعشرين من الشهر الماضي ستكون هيئة التعويضات المذكورة "هي الجهة الوحيدة المخولة بتنظيم إدارة مطالبات الأعمال والأفراد" المتعلقة بحادثة منصة "ديب ووتر هورايزون" النفطية الغارقة.

وسيكون فاينبيرغ مسؤولاً عن حساب بقيمة 20 مليار دولار خصصته شركة "بي بي" لتعويض الأضرار الناجمة عن كارثة الخليج النفطية. بحسب السي ان ان.

يذكر أن الشركة كانت قد أنشأت، مبدئياً، صندوقاً بمبلغ 3 مليارات دولار، من إجمالي 20 مليار دولار خصصتها لدفع التعويضات "المشروعة" للمتأثرين بالتلوث.

ودعت منظمة معنية بالبيئة إلى متابعة فحص الأطعمة البحرية المستخرجة من خليج المكسيك، حيث بدأ موسم حصاد الربيان، فيما فتحت ولاية ألاباما مياهها الساحلية أمام الصيد للمرة الأولى منذ وقوع الكارثة.

وكانت "بي بي" قد ذكرت في وقت سابق أن تكلفة تنظيف التلوث واحتوائه الذي تسبب به انفجار منصة "ديب ووتر هورايزون" في خليج المكسيك في إبريل/نيسان الماضي، بلغت، وحتى اللحظة، نحو 6.1 مليار دولار. كذلك قالت الحكومة الأمريكية إن الشركة النفطية تفي بالالتزامات التي قطعتها.

وأكد مسؤولون حكوميون في الولايات المتحدة على أهمية ارتقاء بي بي بالتزاماتها ، بما في ذلك دفع سريع للمطالبات التي قدمتها الدولة والحكومات المحلية ، وفقا لبيان صادر عن البيت الأبيض.

مسؤولية التسرب

الى ذلك حاولت شركة بي.بي توجيه أغلب اللوم في انفجار منصة حفر أدى الى أسوأ حادث تسرب نفطي في الولايات المتحدة الى شركتي ترانس اوشن وهاليبرتون المتعاقدتين معها.

وفي تقرير صدر عنها دافعت بي.بي أيضا عن بعض قراراتها التي وصفها سياسيون أمريكيون بأنها اجراءات لخفض التكلفة ساهمت في الكارثة التي وقعت بخليج المكسيك.

وشمل ذلك استخدام تصميم لبئر ذات غطاء واحد واستخدام عدد من أجهزة حفظ التوازن - التي تستخدم لضمان أن يكون الغلاف الاسمنتي موضوع بشكل منتظم حول البئر - أقل من الموصى به واستخدام مياه خفيفة بدلا من طمي الحفر الثقيل الذي كان يبقي البئر تحت السيطرة. بحسب رويترز.

وسلط التقرير الذي أعده مسؤول السلامة في بي.بي مارك بلاي الضوء على ثمانية مواطن خلل رئيسية أدت معا الى انفجار بئر ماكوندو والى الانفجار الذي أعقبه.

وأغلب تلك العوامل ستكون بشكل طبيعي ضمن المسؤولية الاساسية لترانس اوشن باعتبارها مشغلة لمنصات الحفر أو هاليبرتون التي قامت بعمل الغلاف الاسمنتي للبئر. وانتقدت ترانس اوشن التقرير.

وقالت في بيان "هذا تقرير يخدم صاحبه ويحاول اخفاء العامل الجوهري الذي هيأ لوقوع حادث ماكوندو.. وهو تصميم بي.بي المعيب بشكل قاتل للبئر. في كل من التصميم والانشاء اتخذت بي.بي سلسلة من قرارات خفض التكلفة زادت المخاطر."

وقال توني هايوارد الرئيس التنفيذي لبي.بي "سيتضح أن من المستبعد أن يكون تصميم البئر قد ساهم في وقوع الحادث."

ونفت بي.بي أن تكون تسعى لتحويل اللوم الى طرف اخر لكن تقريرها شمل بعض الانتقادات اللاذعة للشركتين المتعاقدتين. وقالت "على مدى 40 دقيقة فشل طاقم ترانس اوشن في ادراك والتعامل مع تدفق النفط والغاز من البئر."

ورفض متحدث باسم الشركة التعليق بشأن ما اذا كان من المفترض ان يراقب عمال من بي.بي الضغط في البئر أيضا.

وتراقب شركات مثل رويال داتش شل بشكل فوري جميع ابارها من مواقع مركزية حتى يتم رصد أي زيادة في الضغط كما حدث في بئر بي.بي قبل وقوع انفجار. ولم يتسن الحصول على تعليق فوري من مسؤولين في هاليبرتون.

ونفت بي.بي أيضا أن يكون اصراراها على أن تنجز هاليبرتون عملية انشاء الغلاف الاسمنتي باستخدام ستة أجهزة فقط لحفظ التوازن - بدلا من 21 وفق توصيات هاليبرتون - كان سببا في الانفجار.

وقالت بي.بي ان الخليط الاسمنتي "غير المستقر" الذي استخدمته هاليبرتون هو الذي تسبب في تسرب النفط. وخسرت شركة النفط البريطانية نحو 70 مليار دولار من قيمتها السوقية بسبب الكارثة.

وكان المستثمرون يترقبون التقرير من أجل الحصول على مؤشرات بشأن ما اذا كانت بي.بي ستكون قادرة على اقتسام التكلفة المحتملة للتسرب - والتي قدرها بعض المحللين بأنها ستتجاوز 50 مليار دولار - مع شركات متعاقدة أو شركاء.

وفي الساعة 1403 بتوقيت جرنتش جرى تداول سهم بي.بي مرتفعة 1.5 في المئة منسجمة مع مؤشر ستوكس يوروب 600 للنفط والغاز. ورفضت اناداركو بتروليوم التي تملك 25 في المئة من البئر دفع نصيبها من تكاليف تنظيف التسرب واتهمت بي.بي بالاهمال الجسيم.

واذا ثبتت على بي.بي تهمة الاهمال الجسيم فلن تتمكن الشركة البريطانية من استرداد التكاليف من اناداركو أو ميتسوي اليابانية التي تملك عشرة في المئة في البئر. كما سيجعل ذلك بي.بي عرضة لغرامات اتحادية يحتمل أن تتجاوز 20 مليار دولار.

وانفجرت منصة الحفر في 20 ابريل نيسان مما اسفر عن مقتل 11 عاملا وغرقت بعد ذلك بيومين مما تسبب في تسرب للخام استمر الى أن تم وضع غطاء على البئر في 15 يوليو تموز بعد تسرب 4.9 مليون برميل الى البحر.

وقالت بي.بي الاسبوع الماضي انها انفقت ثمانية مليارات دولار حتى الان في اطار استجابتها للتسرب.

فشل الجهاز في وقف تسرب النفط

في سياق متصل اعلنت شركة بي بي النفطية انها قامت بفك جهاز مانع اندفاع النفط من رأس بئر خليج المكسيك المعطوبة تمهيدا لرفعه الى السطح.

وسيتم فحص الجهاز البالغ وزنه 300 طن وارتفاعه 15 مترا لمعرفة سبب فشله في وقف تدفق النفط من البئر اثر اندلاع حريق في منصة الحفر التي كانت تقوم بحفر البئر في 20 ابريل/نسيان الماضي بسبب تسرب غاز الميثان من البئر.

وقد ادى الحريق الى غرق المنصة ومقتل 11 من افراد طاقمها وتسرب نحو 208 مليون جالون من النفط الخام من البئر الى مياه خليج المكسيك.

من جهة اخرى اعلنت بي بي انها قد صرفت حتى الان نحو 8 مليارات دولار لتعويض المتضررين جراء تسرب النفط وعلى عمليات تنظيف المياه والسواحل التي تعرضت للتلوث النفطي.

كما اشارت الشركة الى ان الحظر الذي فرضته الحكومة الامريكية مؤخرا على عمليات التنقيب عن النفط في المياه العميقة سوف يحد من قدرتها على دفع التعويضات للجهات التي تضررت جراء الحادث.

واعلن الادميرال ثاد الان، المنسق الامريكي لعمليات مكافحة التسرب النفطي، ان الجهاز الذي جرى فكه سيرفع الى سطح المياه. بحسب بي بي سي.

وكانت بي بي قد تعهدت بتخصيص 20 مليار دولار للتعويض عن الخسائر التي لحقت بسكان خليج المكسيك الذين تضررت اعمالهم بسبب التسرب النفطي.

كما تعهدت الشركة برصد ملايين الدولارات لتقييم الاثار البيئية للحادث وللترويج للسياحة في خليج المكسيك والتي تضررت بشدة اثر الحادث.

وتجري حاليا الاستعدادات لاغلاق البئر المتضررة بشكل نهائي حسبما اعلنت الشركة ومن المتوقع ان يتم الانتهاء من ذلك خلال الشهر الحالي.

إخفاء معلومات حول انفجار البئر

وكان محامي شركة "ترانس أوشين" التي تمتلك الجهاز الذي كان يستخدم في حفر البئر النفطية، قد قال إن شركة بي بي ترفض تسليم معلومات هامة حول الانفجار. ونفت بي بي صحة هذه الاتهامات وأكدت أن الرسالة تضمنت استنتاجات خاطئة ومضللة.

ويتوقع أن يزيد نشر هذه الرسالة من الضغوط السياسية والشعبية التي تواجهها الشركة النفطية العملاقة نتيجة الانفجار الذي أودى بحياة 11 شخصا وتسبب بتسرب نفطي في 20 أبريل نيسان الماضي. وتوقف التسرب من البئر بعد ان ضخت 4.9 ملايين برميل من النفط في خليج المكسيك.

ويقول المحامي ستيف روبرتس في رسالته "بي بي تواصل التعبير عن عدم رغبتها إن لم يكن رفضها لتسليم المعلومات الأساسية لترانس اوشين".

وأضاف "إن هذا الأمر أمر مقلق خصوصا أن بي بي قالت في العلن أنها ملتزمة بالشفافية والتحقيق العادل، ولكن من الواضح أن بي بي تخفي أدلة لإعاقة قيام أية جهة أخرى بالتحقيق بالحادثة".

ووفقا لوكالة فرانس برس، فإن الرسالة وجهت لأعضاء في إدارة الرئيس باراك أوباما وأعضاء في الكونجرس.

وتواجه شركة ترانس اوشين 249 دعوى بالضرر نتيجة للانفجار والتسرب النفطي، إلا أنها تقدمت بطلب للمحكمة للإبقاء على التعويضات تحت سقف 27 مليون دولار نتيجة لكونها غير مسؤولة عن الحادثة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 19/أيلول/2010 - 9/شوال/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م